جاء هذا الكائن المريخي على الأرض في مهمة إستطلاعية يجمع فيها أكبر قدر ممكن من المعلومات عن البشر .. كان هناك موضوع يشغل رأسه الأخضر الكبير بشده وعجز من نفسه أن يجد إجابة على تساؤلاته .. فلم يجد مفرا من أن يستعين بسؤال واحد من البشر يكون ذكيا حكيما متواضعا .. وبالتأكيد لن يجد شخصا على كوكب الأرض ذكيا حكيما متواضعا سواي أنا !! .. فأنتم تعلمون أنني أكثر البشر تواضعا .. أنا أعظم متواضع على وجه الأرض! .. عجزت النساء في الشرق أو الغرب أن تلد متواضعا مثلي .. إن تواضعي في عظمته لهو مثل الشمس التـــ .... أاااا .. أحم .. كفاية تواضع لغاية كده !
المهم .. جاء إلي هذا الكائن المريخي الأخضر - ( أي كائن مريخي يحترم نفسه لابد أن يكون لونه أخضر تبعا لقوانين الأفلام الأمريكية الصارمة ! ) - وبدأنا في حوار يتعدى حواجز الكواكب .. !
سألني في براءة مريخية واضحة .. ما هي هذه الأشياء الطويلة التي تتدلى من أفواهكم ؟
فأجبته بنظرة أرضية ساخرة .. إنها سجائر
- وما هي السجائر ؟
- حزر فزر ! ( فأنا بالطبع لن أبيح له أسرارنا الأرضية بهذه السهولة )
قدح زناد مخه المريخي وبعد الكثير من الشرر والتفاعلات الكيميائية داخل رأسه قال ..
- بالنظر لكل هذا الدخان المتصاعد من هذه الأشياء اعتقد أنها مواسير لطرد العادم .
- هذا إستنتاج لا بأس به لكنه غير صحيح .. يؤسفني يا سيدي أن أخبرك بأننا البشر لنا طريقة أخرى تختلف كل الإختلاف في التخلص من العادم .. وأرجو أن تعفيني من أن أذكرها لك في الطريق العام !
- إذن ما هي هذه الأشياء ؟
- قلت لك أنها سجائر
- هل هي نوع من الغذاء ؟
- لا طبعا
- هل هي مفيدة للجسم بشكل ما ؟
- لا بالعكس هي مضرة جدا .. فهي تسبب سرطان الرئة والبلعوم وتصلب الشرايين وتؤثر على ضغط الدم .. أساسا كل سيجارة يدخنها الشخص تختصر من عمره شيئا .. و ..و ...و .. كما أنها حرام شرعا
( واثناء شرحي المستفيض له عن اضرار التدخين أكون قد أخرجت علبة السجائر من جيبي وأشعلت واحدة !)
- أتعرف كل هذه الأضرار عن التدخين ومازلت تدخن ؟؟!
- حاولت الإمتناع عنها فلم أنجح
- لماذا ؟
- لأن من يعتادها يصبح عبدا لها عن طريق عنصر إسمه النيكوتين يألفه الجسم فلا يستطيع الإستغناء عنه
- ولماذا تبدأون التدخين أصلا ؟؟
- تختلف الاسباب .. هناك من بدأ التدخين لكي يقلد أباه .. وهناك من بدأه لكي يتحداه ! .. وهناك من بدأه لكي يثبت لبنت الجيران أنه أصبح رجلا فتقبل الخروج معه .. وهناك من بدأ التدخين لانه لم يجد شيئا أخر يفعله !!
- ولماذا يسمح الأباء لأبنائهم بالتدخين ؟
- هم لا يسمحون طبعا .. ولكن الأبناء يعرفون كيف يخفون هذا إلى حد يكون قد وصل فيه لدرجة يصعب الرجوع عنها .. فتجد الشاب أو الفتى منهم يخفي السيجارة في ملابسه .. ثم يتسلل إلى الحمام إو إلى غرفته بعد إغلاقها ويقوم بإشعال السيجارة بعدما يتأكد أن أحد لا يراه سوى الله فقط !!
- وما الذي يشعر الإنسان بأنه بحاجة للتدخين ؟
- أحيانا يدخن عندما تتكالب عليه الهموم فالسيجارة تساعده على النسيان .. وأحيانا يدخن عندما يكون عنده ضغط عمل فاالسيجارة تساعده على التركيز
- هذ تناقض واضح ! .. كيف تساعد السيجارة على النسيان وفي نفس الوقت تساعد على التركيز ؟!!
- لا أحد يهتم بهذه الملاحظات السخيفة !! .. فهو حتى عندما لا يكون مهموما أو تحت ضغط عمل يقوم بالتدخين أيضا إمتنانا لحالة السعادة التي يعيشها !!
- لكنك تعرف أن السجائر مضرة ؟
- نعم.
- وكلكم تعرفون ذلك ؟
- نعم .
- ومع ذلك تدخنون ؟
- نعم .
اخذ الكائن المريخي يصرخ وهو يشد في شعره المريخي - لو كان لأهل المريخ شعر - ويتسائل ..
- لماذا بحق توتو .. لماذا ؟
مستنتجا أنا أن توتو هذا قديس مريخي او ما شابه وجدت أنني مطالب إزاء هذه اللهفة أن أخبره بكل ما أعرفه عن ظاهرة التدخين
- يقول أحد علمائنا إسمه سيجموند فرويد أننا ندخن لأننا كنا نرضع .. أتعرف ما معنى نرضع ؟
- نعم قرأت هذا في تسجيلاتنا عنكم .. ولكنني لا أرى أي علاقة بين الأمرين ..
- يقول فرويد أن عادة الإغتذاء عن طريق الإمتصاص تترك في نفس الرجل مهما كبر حنينا إلى الثدي .. ونظرا لأنه من الصعب على الرجل البالغ أن يجد مرضعة - لو كنت تفهم ما أعنيه - فإنه يلجأ إلى السيجارة او البايب أو الشيشة كبديل للثدي المفقود وفقا لما ترسب في ذهنه الطفولي من انطباعات ثدييه !
- هذا كلام فارغ !
- هذا صحيح ! .. لكنك غير ملزم بأن تقبل هذا التفسير .. وعموما لم يعد أحد يعتد بكلام فرويد كثيرا بعد أن قال عنه الماركسيين بأنه برجوازي .. وقال عنه صبري جرجس بأنه صهيوني .. وقال عنه مصطفى محمود أنه حمار !!
- ولكني لا افهم كيف يقبل إنسان عاقل على شيء يضره وهو يعرف هذا ؟
- فرويد فسر هذا أيضا !
- ماذا قال هذه المرة ؟
- قال فرويد أن في أعماق النفس البشرية شيئا إسمه غريزة الموت .. وأن في كل الكائنات العضوية رغبة كامنة في العودة إلى الحالة اللا عضوية التي كانت عليها .. فلربما هذه الغريزة موجودة حقا والتدخين وكل العادات الضارة التي يفعلها الإنسان ما هي إلا صورة مخففة لهذه الغريزة ..
- إذا كان الأمر كذلك .. فلماذا لا تنتحرون وتريحون أنفسكم ؟
- كثيرون منا يفعلون ذلك في بعض اللحظات المدلهمة !
- أعني لماذا لا تنتحرون إنتحارا جماعيا يريح هذا الجنس المريض كله ؟
- أعتقد أن شيئا لم يمنعنا من ذلك إلا اننا لم نكن نملك الوسائل اللازمة .. فبالرغم من كل الحروب التي خضناها والدماء التي سفكناها لم تكن أسلحتنا تكفي إلا لقتل الأقليات المحظوظة ! .. ولكن الحال قد تغير بعد أكتشاف الأسلحة النووية .. ألم تسمع عنها ؟؟
- سمعت طبعا .. وهي أحد الأسباب التي جعلت حكومة المريخ ترسلني إلى هنا .. تلك القنابل على ما يقولون تكفي لإبادة جميع أصناف الحياة من على وجه الأرض
- نعم هذا صحيح .. ولو صح الكلام عن غريزة الموت هذه .. فلسوف تسجل مراصدكم في يوم من الأيام نوعا طريفا من الألعاب النارية والتفجيرات المطربة !
- هل تعتقد أنكم ستستخدمون هذه الأسلحة يوما ؟؟
- لا أدري .. ولكني اعلم جيدا أن الإنسان على مر تاريخه البائس لم يخترع يوما سلاحا جديدا ولم يستخدمه !
هكذا ينظر لي الكائن المريخي نظرة يملؤها الأسى .. نفس الأسى الذي لابد أنه يراه في نظرتي له .. معلنين معا ما يمكن ان تسميه الإستسلام الفلسفي لقدر محتوم !
( ملحوظة : أنا لم أدخن يوما في حياتي أي نوع من أنواع التدخين ولا أشرب القهوة حتى ! .. ولن أفعل بإذن الله .. )
المهم .. جاء إلي هذا الكائن المريخي الأخضر - ( أي كائن مريخي يحترم نفسه لابد أن يكون لونه أخضر تبعا لقوانين الأفلام الأمريكية الصارمة ! ) - وبدأنا في حوار يتعدى حواجز الكواكب .. !
سألني في براءة مريخية واضحة .. ما هي هذه الأشياء الطويلة التي تتدلى من أفواهكم ؟
فأجبته بنظرة أرضية ساخرة .. إنها سجائر
- وما هي السجائر ؟
- حزر فزر ! ( فأنا بالطبع لن أبيح له أسرارنا الأرضية بهذه السهولة )
قدح زناد مخه المريخي وبعد الكثير من الشرر والتفاعلات الكيميائية داخل رأسه قال ..
- بالنظر لكل هذا الدخان المتصاعد من هذه الأشياء اعتقد أنها مواسير لطرد العادم .
- هذا إستنتاج لا بأس به لكنه غير صحيح .. يؤسفني يا سيدي أن أخبرك بأننا البشر لنا طريقة أخرى تختلف كل الإختلاف في التخلص من العادم .. وأرجو أن تعفيني من أن أذكرها لك في الطريق العام !
- إذن ما هي هذه الأشياء ؟
- قلت لك أنها سجائر
- هل هي نوع من الغذاء ؟
- لا طبعا
- هل هي مفيدة للجسم بشكل ما ؟
- لا بالعكس هي مضرة جدا .. فهي تسبب سرطان الرئة والبلعوم وتصلب الشرايين وتؤثر على ضغط الدم .. أساسا كل سيجارة يدخنها الشخص تختصر من عمره شيئا .. و ..و ...و .. كما أنها حرام شرعا
( واثناء شرحي المستفيض له عن اضرار التدخين أكون قد أخرجت علبة السجائر من جيبي وأشعلت واحدة !)
- أتعرف كل هذه الأضرار عن التدخين ومازلت تدخن ؟؟!
- حاولت الإمتناع عنها فلم أنجح
- لماذا ؟
- لأن من يعتادها يصبح عبدا لها عن طريق عنصر إسمه النيكوتين يألفه الجسم فلا يستطيع الإستغناء عنه
- ولماذا تبدأون التدخين أصلا ؟؟
- تختلف الاسباب .. هناك من بدأ التدخين لكي يقلد أباه .. وهناك من بدأه لكي يتحداه ! .. وهناك من بدأه لكي يثبت لبنت الجيران أنه أصبح رجلا فتقبل الخروج معه .. وهناك من بدأ التدخين لانه لم يجد شيئا أخر يفعله !!
- ولماذا يسمح الأباء لأبنائهم بالتدخين ؟
- هم لا يسمحون طبعا .. ولكن الأبناء يعرفون كيف يخفون هذا إلى حد يكون قد وصل فيه لدرجة يصعب الرجوع عنها .. فتجد الشاب أو الفتى منهم يخفي السيجارة في ملابسه .. ثم يتسلل إلى الحمام إو إلى غرفته بعد إغلاقها ويقوم بإشعال السيجارة بعدما يتأكد أن أحد لا يراه سوى الله فقط !!
- وما الذي يشعر الإنسان بأنه بحاجة للتدخين ؟
- أحيانا يدخن عندما تتكالب عليه الهموم فالسيجارة تساعده على النسيان .. وأحيانا يدخن عندما يكون عنده ضغط عمل فاالسيجارة تساعده على التركيز
- هذ تناقض واضح ! .. كيف تساعد السيجارة على النسيان وفي نفس الوقت تساعد على التركيز ؟!!
- لا أحد يهتم بهذه الملاحظات السخيفة !! .. فهو حتى عندما لا يكون مهموما أو تحت ضغط عمل يقوم بالتدخين أيضا إمتنانا لحالة السعادة التي يعيشها !!
- لكنك تعرف أن السجائر مضرة ؟
- نعم.
- وكلكم تعرفون ذلك ؟
- نعم .
- ومع ذلك تدخنون ؟
- نعم .
اخذ الكائن المريخي يصرخ وهو يشد في شعره المريخي - لو كان لأهل المريخ شعر - ويتسائل ..
- لماذا بحق توتو .. لماذا ؟
مستنتجا أنا أن توتو هذا قديس مريخي او ما شابه وجدت أنني مطالب إزاء هذه اللهفة أن أخبره بكل ما أعرفه عن ظاهرة التدخين
- يقول أحد علمائنا إسمه سيجموند فرويد أننا ندخن لأننا كنا نرضع .. أتعرف ما معنى نرضع ؟
- نعم قرأت هذا في تسجيلاتنا عنكم .. ولكنني لا أرى أي علاقة بين الأمرين ..
- يقول فرويد أن عادة الإغتذاء عن طريق الإمتصاص تترك في نفس الرجل مهما كبر حنينا إلى الثدي .. ونظرا لأنه من الصعب على الرجل البالغ أن يجد مرضعة - لو كنت تفهم ما أعنيه - فإنه يلجأ إلى السيجارة او البايب أو الشيشة كبديل للثدي المفقود وفقا لما ترسب في ذهنه الطفولي من انطباعات ثدييه !
- هذا كلام فارغ !
- هذا صحيح ! .. لكنك غير ملزم بأن تقبل هذا التفسير .. وعموما لم يعد أحد يعتد بكلام فرويد كثيرا بعد أن قال عنه الماركسيين بأنه برجوازي .. وقال عنه صبري جرجس بأنه صهيوني .. وقال عنه مصطفى محمود أنه حمار !!
- ولكني لا افهم كيف يقبل إنسان عاقل على شيء يضره وهو يعرف هذا ؟
- فرويد فسر هذا أيضا !
- ماذا قال هذه المرة ؟
- قال فرويد أن في أعماق النفس البشرية شيئا إسمه غريزة الموت .. وأن في كل الكائنات العضوية رغبة كامنة في العودة إلى الحالة اللا عضوية التي كانت عليها .. فلربما هذه الغريزة موجودة حقا والتدخين وكل العادات الضارة التي يفعلها الإنسان ما هي إلا صورة مخففة لهذه الغريزة ..
- إذا كان الأمر كذلك .. فلماذا لا تنتحرون وتريحون أنفسكم ؟
- كثيرون منا يفعلون ذلك في بعض اللحظات المدلهمة !
- أعني لماذا لا تنتحرون إنتحارا جماعيا يريح هذا الجنس المريض كله ؟
- أعتقد أن شيئا لم يمنعنا من ذلك إلا اننا لم نكن نملك الوسائل اللازمة .. فبالرغم من كل الحروب التي خضناها والدماء التي سفكناها لم تكن أسلحتنا تكفي إلا لقتل الأقليات المحظوظة ! .. ولكن الحال قد تغير بعد أكتشاف الأسلحة النووية .. ألم تسمع عنها ؟؟
- سمعت طبعا .. وهي أحد الأسباب التي جعلت حكومة المريخ ترسلني إلى هنا .. تلك القنابل على ما يقولون تكفي لإبادة جميع أصناف الحياة من على وجه الأرض
- نعم هذا صحيح .. ولو صح الكلام عن غريزة الموت هذه .. فلسوف تسجل مراصدكم في يوم من الأيام نوعا طريفا من الألعاب النارية والتفجيرات المطربة !
- هل تعتقد أنكم ستستخدمون هذه الأسلحة يوما ؟؟
- لا أدري .. ولكني اعلم جيدا أن الإنسان على مر تاريخه البائس لم يخترع يوما سلاحا جديدا ولم يستخدمه !
هكذا ينظر لي الكائن المريخي نظرة يملؤها الأسى .. نفس الأسى الذي لابد أنه يراه في نظرتي له .. معلنين معا ما يمكن ان تسميه الإستسلام الفلسفي لقدر محتوم !
( ملحوظة : أنا لم أدخن يوما في حياتي أي نوع من أنواع التدخين ولا أشرب القهوة حتى ! .. ولن أفعل بإذن الله .. )
تعليق