Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

العمل العسكري البري مازق واستراتيجيه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • العمل العسكري البري مازق واستراتيجيه

    عليك ان تقرء المقال بالكامل ففيه توضيح شامل
    منقول من موقع الجزيرة

    العمل العسكري البري على غزة ومأزق إستراتيجية الخروج

    ماذا يمكن قوله عند انتهاء مبكر لبنك الأهداف العسكرية الرئيسة لإسرائيل في غزة وبعد ثلاثة أيام على أبعد تقدير من بدئها حيث لم يهيئ لإسرائيل إلا: الاستمرار فترة في ضرب المدنيين لإضعاف الروح المعنوية والرواق الخلفي الداعم للمقاومة، أو الذهاب بعيدا في الدخول البري لمنطقة انفجار سكاني فيها عشرات الآلاف من المقاومين لطالما حلم رابين أن يستيقظ صباح ذات يوم ليراها وقد ابتلعها البحر.
    فرقتان مدرعتان إسرائيليتان حشدتهما إسرائيل من أجل الهجوم البري المفترض أنه سيحسم الحرب ولكن السيناريوهات مفتوحة:
    "
    هذا الدخول لا يفسح المجال أمام البقاء بل يضع دبابات إسرائيل وقواتها في منطقة مكشوفة، وهذا سيعني دخولا استعراضيا أمام الفضائيات ولكنه لن يحدث أي إنجاز عسكري وبالتالي سياسي
    "التقدم صعب جدا من قطاعات عمليات متعددة ولكنه ممكن من الشرق إلى الغرب في منطقة سهلية مفتوحة تبعد سبعة كيلومترات عن غزة، ولكن هذا الدخول لا يفسح المجال أمام البقاء بل يضع دبابات إسرائيل وقواتها في منطقة مكشوفة، وهذا سيعني دخولا استعراضيا أمام الفضائيات ولكنه لن يحدث أي إنجاز عسكري وبالتالي سياسي.

    التقدم الأمثل يكون إسرائيليا عبر جباليا شمالا، إلا أن منطقة جباليا أصبحت أشد تمنّعًا بعد اغتيال الدكتور نزار ريان صاحب نظرية الستار البشري، حيث صعد سكان بيته إلى السطح على أمل ألا يتجرأ الجيش الإسرائيلي على مهاجمته حين يكون في المكان مدنيون. وهو ما تمخض عنه تمسك من المقاومة بجباليا سيؤثر نوعيا على المواجهة البرية هناك، حيث إنها أصبحت خزانا عسكريا وبشريا سيجعل الدخول البري الإسرائيلي مكلفا إلى أبعد الحدود.
    الواضح أن ترسانة مخزون حماس الإستراتيجية لم تصب بأذى، ومجرد استمرار الحرب واستمرار سقوط الصواريخ سيعني أن الإسرائيليين قد دخلوا في حلقة مفرغة، حاولوا أن يتهربوا منها عندما لم يعلنوا أهدافا مسبقة للحرب خشية من عدم تحقيقها في بدايات عملياتهم ومن أن يبدو الأمر بمثابة هزيمة إستراتيجية في خواتيمها.
    ففي التقرير الذي أصدرته قيادة جهاز المخابرات الإسرائيلية (الشاباك) بمناسبة نهاية السنة أن منظومات صاروخية متطورة ومقرات عسكرية أنشئت تحت الأرض خلال فترة التهدئة، وقد تبين مؤخرا أن هذه المنظومات ومنظومات الربط والاتصال والحماية لم تتأثر. وهذا يعني قدرة حماس على الاستمرار وهو ما سيوقع قيادة إسرائيل في مأزق يفتح احتمالات العمل العسكري بصورة لافتة، فهي ستستمر في عدوانها الجوي ولن تقوم بأكثر من دخول استعراضي بين كر وفرّ.
    هل سيوقف الإسرائيليون الحرب دون نتائج أم سيستمرون فيها إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية وسط احتمالات مفتوحة إما أن تقضي على الاتجاه اليميني المتشدد وإما أن تأتي به بديلا عن حكومة الهزائم الإسرائيلية وذلك وفقا لما ستسفر عنه مجريات الحرب وخاصة عند الانتقال من صواريخ أرض-أرض إلى الصواريخ المضادة للدروع؟
    المعضلة التي تقف أمام الجيش الإسرائيلي هي أنه أمام خيارين أحلاهما مدمّر: أحدهما الدخول الآن بثمن واضح يتمثل في أن جنودا كثرا سيقتلون في مثل هذه الحملة ويدعي المؤيدون للحملة البرية أن فضائلها عديدة وتتضمن ضربا حقيقيا لمناطق إطلاق الصواريخ، وللبنى التحتية والأنفاق، والآخر هو التوجه نحو الإنهاء السريع للحملة على خلفية الضربة الشديدة التي تلقتها حماس.
    ويقول الإسرائيليون إن الرجل الذي وقع الاختيار عليه لتحويل حماس إلى جيش هو أحمد الجعبري، الذي يُعتبر اليوم قائد الذراع العسكرية.
    "
    جيش حماس الذي يبلغ عدده حسب التقدير الإسرائيلي نحو عشرين ألف مقاتل، يعمل اليوم حسب سلسلة قيادية مرتبة نسبيا
    "وقد بدأ الجعبري عملية تحويل الخلايا "الإرهابية" الصغيرة إلى وحدات عسكرية مرتبة: شمال القطاع تحت قيادة أحمد غندور، مدينة غزة بقيادة رائد سعد، وسط القطاع بقيادة أيمن نوفل (معتقل الآن في مصر)، خان يونس بقيادة محمد سنوار وجنوب القطاع بقيادة محمد أبو شمالة. وبالتوازي مع هذه الكتائب تعمل قوة بحرية تضم مائتي ناشط، وقوة تنفيذية لزرع العبوات وإطلاق الصواريخ وجمع المعلومات، وتعد بمئات النشطاء.

    جيش حماس الذي يبلغ عدده حسب التقدير الإسرائيلي نحو عشرين ألف مقاتل، يعمل اليوم حسب سلسلة قيادية مرتبة نسبيا.
    في السنوات الأخيرة، كاستخلاص للدرس من الاشتباكات مع جنود الجيش الإسرائيلي تعلمت المنظمة كيفية استخدام القوات المساعدة مثل مطلقي قذائف الهاون للتغطية على القوات المقاتلة. وقد نجحت في أن تهرب وسائل أكثر تطورا كالصواريخ المضادة للدبابات من طراز كونكورس، ورشاشات ثقيلة تستخدم لإطلاق النار على الطائرات وكميات كبيرة من المواد المتفجرة ذات المواصفات العالية.
    وأعدت حماس المنطقة لحملة برية من الجيش الإسرائيلي. فرجالها حفروا الأنفاق المتفجرة، وزرعوا العبوات الناسفة الكبيرة في محاور السير وأجروا تدريبات على القتال في منطقة مبنية.
    وإضافة إلى ذلك تحسنت بشكل جوهري قوة الخلايا المضادة للدبابات لدى المنظمة وبنت خنادق تحت أرضية تستخدم مخازن للوسائل القتالية، والقيادات ومواقع إطلاق النار، والرقابة وإطلاق الصواريخ. ولا تزال في انتظار قوات الجيش الإسرائيلي منازل مفخخة، وأنفاق طعم مفخخة، و"مخربون انتحاريون".
    وقد روى ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي قبل بضعة أشهر أنه لا ينبغي أن يستخف أحد بقدرات حماس. وقال الضابط: "في السنة الأخيرة عُنِيت حماس كل الوقت بزرع العبوات على طول القطاع. بعضها في حفر عميقة لا تمر عليها دبابة حتى تنفجر. كما توجد حفر لاختباء المقاتلين. نحن نتوقع شبكة قناصين مدربة مع معدات نوعية. ما يوجد عند حزب الله في لبنان هرب إلى غزة أيضا".
    "
    العامل الضاغط على إسرائيل يتمثل في أن الصواريخ قد أصابت عمقا لم تشهده إسرائيل من قبل
    "
    المعروف أنه بعد ثلاثة أيام من بدء حملة ما أسماه الإسرائيليون "الرصاص المصهور" في قطاع غزة، بدأت إسرائيل البحث عن مخرج سياسي من الحرب.

    ولذلك فإن تنفيذ خطوة برية في القطاع سيكون بهدف تشديد الضغط على حماس ولكن إلى جانب ذلك يتبلور رأي آخر في القيادة الأمنية يرى أن الحملة قريبة من استنفاد أهدافها وأنه إذا كان ممكنا فرض تسوية مريحة نسبيا لإسرائيل على حماس فمن الأفضل تبنيها بسرعة.
    يعترف الإسرائيليون بأن منظمة حماس بدأت تنتعش من الضربة التي ألحقها بها الهجوم الجوي يوم السبت، وامتصت الصدمة الأولى كما تؤمن حالة الطقس الشتوية حماية جزئية لخلايا إطلاق الصواريخ من خطر الطائرات.
    العامل الضاغط على إسرائيل يتمثل في أن الصواريخ قد أصابت عمقا لم تشهده إسرائيل من قبل مما يعزز مبدأ انهيار المذهب العسكري الإسرائيلي الذي يقوم على نقل الحرب إلى أرض الآخرين ومقايضة عمق إسرائيل (المدني) بالعمق المدني لدى أعدائها، حيث يؤكد الإسرائيليون أنه في منطقة أسدود أُصيب -لأول مرة- مستوطنون بكاتيوشا بعيد المدى. وفي ناحل عوز قتل شخص وأصيب آخرون جراء سقوط قذيفة هاون... والبقية تأتي كالمسبحة.
    وإذ يمتنع الإسرائيليون بشكل معلن رسميا عن بحث وقف النار الذي ينهي القتال، فإنهم عمليا يحاولون بشكل حثيث خلق آلية تسمح باتفاق سريع على التهدئة. ويدور مع حماس حوار غير مباشر ومتردد.
    ويبدي الإسرائيليون خشية مما يسمونه المفارقة: حيث إن الإصابات في منظومة الاتصال بين قيادات الخارج وقيادات الداخل التي تضع المصاعب في وجه المنظومة العسكرية لحماس للعودة إلى أداء مهامها على نحو تام، تعرقل أيضا تحقيق الهدوء، وقد يكون ذلك أمرا ظاهريا تستفيد منه حماس لزحلقة الإسرائيليين نحو حرب استنزافية ونحو جنون الحرب البرية.
    ويفتي الإسرائيليون بأنه عندما تتحقق تسوية، ستطالب إسرائيل بهدوء كامل على مدى الزمن. وفي المدى الأبعد يبدو أنها ستوافق على إعادة فتح معابر الحدود.
    ولكن الموقف الإسرائيلي الحالي لم يتبلور نهائيا بعد؛ إذ بينما يعتقد بعض من الوزراء أنه تجب مواصلة ضرب حماس، يبدو وزير الدفاع إيهود باراك ورئيس الأركان غابي أشكنازي أكثر حذرًا من الذهاب بعيدًا، فالمطلوب اليوم هو إستراتيجية خروج وليس مزيد من الانغماس وهذا هو الفرق بين إدارتي حربي 2006 و2008-2009.
    "
    سيكون لنتائج الحرب الحالية، تماما مثلما كان لحرب لبنان الثانية، آثار بعيدة المدى على ميزان القوى في الشرق الأوسط. وعليه يقول الإسرائيليون بوضوح: في لبنان بات واضحا من انتصر. أما في غزة، فسنحصل على الجواب في الأيام أو الأسابيع القريبة القادمة
    "فالإستراتيجيون من أصحاب القرار في إسرائيل من متضرري فينوغراد لا يزال الفشل الذريع في لبنان يؤثر على مواقفهم، ويريدون هروبًا إلى الأمام، أما العسكريون الإستراتيجيون أمثال باراك فيبدو أنهم لا يريدون أكثر من خروج بماء وجه فاتر!

    إن هدف الحملة في غزة، كما صيغ في المجلس الوزاري الإسرائيلي وفي الجيش الإسرائيلي هو "خلق واقع أمني آخر في الجنوب، على مدى الزمن، في ظل تحسين الردع الإسرائيلي"، وهذا هدف مطاط لأنهم لم يعلنوا عن أهداف إستراتيجية للحرب. إذ يستطيعون أن يقولوا إنهم قد أخرجوا الترسانة الصاروخية من العمل ولا يكون هذا صحيحا ولكنه سيكون مخرجا قد تسمح به حماس تكتيكيا.
    إن إستراتيجيين من أمثال باراك يعرفون أن دخولا بريا سيترافق مع إصابات غير قليلة. وهو قد ألمح إلى ذلك في خطابه في الكنيست، حين قال إن "كل مقاتل يوجد له وجه واسم وخصال خاصة به" والأمر يقف جزءا من الاعتبارات بالنسبة لاستمرار المعركة.
    باراك بوصفه إستراتيجيا ليس غريبا على هذا الحساب العاقل؛ ففي 12 يوليو/تموز 2006، بعد بضع ساعات من اختطاف الجنديين في جنوب لبنان، اتصل برئيس الوزراء إيهود أولمرت وحذره قائلا: "من المهم جدا تحديد كيف ومتى تنتهي (الحملة) إذ كلما مر الوقت يزداد احتمال التورط"، وهذا التقدير بالتأكيد صحيح اليوم أيضا.
    وسيكون لنتائج الحرب الحالية، تماما مثلما كان لحرب لبنان الثانية، آثار بعيدة المدى على ميزان القوى في الشرق الأوسط. وعليه يقول الإسرائيليون بوضوح: في لبنان بات واضحا من انتصر. أما في غزة، فسنحصل على الجواب في الأيام أو الأسابيع القريبة القادمة.
    ــــــــــــــــ
    رئيس مركز المعطيات والدراسات الإستراتيجية بدمشق
يعمل...
X