Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قتلوه بدم بارد ... قصة قصيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قتلوه بدم بارد ... قصة قصيرة

    رحلت بي الذكريات إلى يوم مولده و خروجه إلى الدنيا باكياً... و أنا استقبلت صرخته بفرحة كبيرة ... فاليوم أنا أصبحت أباً ... وملئت المستشفي بالحلوة ولم تفارقني الابتسامة و أنا عائد به إلى البيت ......
    كان يكبر كل يوم و تكبر معه أحلامي ... أعطيه حباً وحناناً ويعطيني فرحة ومستقبل مشرق أعده له ....
    كنت أسابق عمري و أتخيله رجلا يافعا يقف بجانبي ... ناجحا طموحا اعتز به و افتخر به بين أقراني ....
    و كم كانت فرحتي و هو يحمل الحقيبة لأول مرة و ينتظر سيارة الروضة.. ويتعلم الحروف الأولي....
    و تجادلنا كثيرا ان نسجله بمدرسة عادية أو مدرسة خاصة.. وكان الخوف من المدرسة الخاصة بعدها و ما يفصلها عنا من حواجز إسرائيلية... و كان القرار الأخير ان سجلناه بمدرسة خاصة... و كل يوم كانت تسافر معه قلوبنا حتى يعود.. ملئ البيت فرحة وسرور... وتعلمنا منه ان حروف الأبجدية لها طعم أخر و هي تخرج من شفتاه الصغيرتين.. وفرحنا به وهو يخط اسمه لأول مرة دون مساعدتنا....
    و في صباح يوم ثلاثاء و أنا جالس في عملي اشرب قهوة الصباح قفز إلى أذني خبر من المذياع .. خبر عاجل " قذيفة إسرائيلية تصيب حافلة تحمل أطفالا إلى مدرسة كذا وهناك عدد من الشهداء بينهم "..... صُعقت وخرجت مسرعاً من المكتب و لم تسعفني يدي بالتحكم بمقود السيارة فتركتها وركبت سيارة أجرة إلي مستشفي الشفاء.....
    كان قسم الاستقبال كخلية نحل وتفوح منه رائحة الدم... والأسرة ملئ بالمصابين... فتشت بين الوجوه فلم أجده... أمسكت احد الممرضين وسألته.. ابني أصيب بالحادث.. قال : جميعهم هنا ابحث عنه .. قلت : بحثت و لم أجده ... قال : اذهب إلي ثلاجة الموتى فهناك عدد من الشهداء ...
    قالها وتابع عمله....
    دارت الدنيا كلها أمامي.. اختلطت رائحة الحلوى برائحة الدم... تساوى الموت بالحياة.. تساقطت كل الحروف أمامي.. و غادرت قسم الاستقبال بخطى ثقيلة...
    كانت جموع حاشدة تسد مدخل غرفة الشهداء... وصلت الباب بصعوبة... كان هناك عدد من الثلاجات الكبيرة... كل ثلاجة مقسمة إلى ثمانية أقسام كل قسم عبارة عن درج كبير يسحب سحبا ويسجى فيه جسد الشهيد...
    و بدأت هذه الأدراج تسحب أمامي .. و في الدرج الرابع في الثلاجة الثانية كان يسجى احمد ...كان يسجى هنا في مكان لا يبعد سوي أمتار عن مكان ولادته قبل سبع سنوات ....
    وجهه لا زال يحمل نكهة الطفولة تعلوه ابتسامة... يده اليمنى تحمل رسمة " ساعة " أصر الليلة الماضية ان ارسمها له بقلم الحبر....الليلة الماضية رفض النوم قبل ان ينتزع موافقتي على اصطحابه برحلة شرق المخيم ليصيد العصافير...
    الليلة الماضية كانت تلك الشفاه الباردة تقبل وجنتي... الليلة الماضية كان هذا الجندي القادم مع الفلاشا لا زال يتجرع الحقد على الفلسطينيين قبل تعلم حروف العبرية... الليلة الماضية صرح مسئول فلسطيني ان السلام خيار استراتيجي... الليلة الماضية... الليلة الماضية...
    تمت
    سعيد حماد sh_sun_77@hotmail.com


  • #2
    قصة مؤثرة

    تحياتي

    .

    تعليق

    يعمل...
    X