رسالة من ابن إلى أبيه
أبتاه : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
والدي العزيز : أدام الله عزك ، وجعلك من عباده الصالحين الذين إذا مرّوا باللغو مروا كراما .
إبي الحنون : إنني أعرف مدى محبتك لي ، وأعرف أنك تحب أن تفتخر بي أمام الناس برجولتي ، ولكن يا أبتِ لا أعتقد أن ذلك يصل بك أن تلقي بنا في النار.
أبتاه : هل تعتقد أنك عندما فكرت أن تحفظنا من الشارع وتشتري لنا (الدش) لكي نشاهد أفلام الكرتون والمغامرات ، هل تعتقد أنك حفظتنا من الشارع ، ووفرت لنا سبل الراحة والمتعة ؟؟؟ لا…لا…لا يا أبتاه، بل هو الانشغال عن القرآن الذي كان له وقعٌ في قلوبنا، والالتفاف إلى الأفلام الكرتونية التي ضررها أكبر من نفعها ، فلا أدرى هل ستكون من حسناتك أم من سيئاتك يوم القيامة ؟ مع اعتقادي أن الله لا يجزي من يكافئه في خلقه إلاّ النار . إنني أشعر بضلالتي مع (الدش) وأخشى أن تقذف في النار بسبب ضلالتي .
والدي : هل تذكر قبل أن يدخل (الدش) إلى بيتنا ؟ هل تذكر؟ هل تذكر كم كنت تقرأ القرآن ؟ وكيف كنت تحافظ على الصـلاة في المسجد في وقتها ، بل كنت تأمرنا بذلك ، وكيف أنت الآن ، كيف تساهلت عن الصلاة ، وأصبحت تصلي في المنزل بدلاً عن المسجد ، وكيف كنت تسخر مني عندما كنت أصلي في المنزل ، وتشبهني بأمي وأختي
أبي : ماذا ستفعل يوم القيامة عندما تشهد عليك عيناك بأنك استعملتهما في مشاهدة الممثلات والمغنيات مع علمك بقوله تعالى:-{ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم }، أم ماذا ستفعل عندما يشهد عليك سمعك بأنك استعملته في الاستماع إلى ما حرّم الله من الأغاني والموسيقى .
والدي الحبيب : هل تذكر عندما قلت بأنك لن تشتري (الدش) إلاّ لاستماع أخبار العالم ، وكي نشاهد نحن أفلام الكرتون، ثم أصبحنا نشاهد المسلسلات والأفلام العربية والأجنبية الماجنة الخليعة ، وتعلمنا التقاليد الغربية ، وتعلمتُ أنا أن الحيوانات تتكلم ، وأن الحشرات نظيفة وجميلة .
أبتاه : هل تعتقد أنني سألبسك تاجاً فوق رأسك يوم القيامة لأنك علمتني القرآن ؟ أم سأقودك إلى النار بسبب (الدش) الشيطاني .
والدي الحبيب : يا من تتمنى لي السعادة ، ليست السعادة بشراء هذا (الدش) الذي تعبت في جمع المال وربما تديّنت في شرائه، ولكن التقي هو السعيد .
أبي : أرجو المعذرة إن كنتُ قسوت عليك أيها الأب ، ولكن يا أبت لم تشاهد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا ، يا أبت لا تدخل الشيطان إلى بيتنا إن الشيطان كان للرحمن عصيّا ، يا أبـت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليّا ، يا أبت لماذا لا تكون مثل إسماعيل عليه السلام :{ وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيّا}.
والدي :لقد نسيت القرآن بسبب (الدش) ، وعندما دخلت المسجد لكي أدرس القرآن في مدرسة التحفيظ تفاجأت أنني أتلعثم في القرآن وكأنه غريب عليّ ، وكم خجلت عندما سمعت معلم القرآن وهو يقول : ( إن الرجال الذين يمتلكون الدش لهم أولاد مـثل البنات محبوسون في المنازل يحفظون أسماء المغامرات الكرتونية، والمسلسلات ، وأنتم يا أولاد المسجد تحفظون كلام رب العالمين ، فهنيئاً لكم ) لقد خجلت من نفسي وخجل كل شاب معنا معه (دش) في بيته .
وأثناء جلوسي مع الطلاب في المسجد رأيت رجلاً يعلّم الناس القرآن ، ورأيت حوله رجالاً مع كل رجل منهم قرآناً يقرأ فيه ، وفي لحظة خاطبني صديقي الذي بجانبي قائلاً : هل تعرف أين أبي ؟ فقلت له : أين هو ؟ فقال : ذاك الذي بيده القرآن ، ثم همزني صديقي الآخر قائلاً : وهل تعرف أين أبي ؟ فقلت : أين هو؟فقال: ذاك الذي ينتظر الصلاة ، وبيده قرآناً يقرأ فيه . فتبادر إلى ذهني سؤال وهو : أين أبي ؟؟؟؟ فتذكرت أنك معتكف عند الدش تقلب القنوات الفضائية،فعرفت أن الفرق كبير بين من يُقلّب صفحات القرآن وبين من يقل يقلب ….... .
وأخيراً أرجو أن تسامحني إن كنت قسوت عليك في هذه الرسالة ، ولكني لم أستطع أن أنصحك مباشرةً ، فكتبت إليك هذه الرسالة العاطفية المملوءة بالحب والود والطاعة والبر بك ، ونحن يا أبت أمانة في عنقك إلى يوم القيامة ، وأنت المسؤول عنا ، [ فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ]{ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا..} والله يحفظك ويرعاك وجعلني الله باراً بك .
منقول
تعليق