رِفْقاً أهلَ السُّنَّة بأهلِ السُّنَّة
إعداد
الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر
إعداد
الشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر
الحمد لله الذي ألف بين قلوب المؤمنين، ورغبهم في الاجتماع والائتلاف، وحذرهم من التفرق والاختلاف، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، خلق فقدر، وشرع فيسر، وكان بالمؤمنين رحيماً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي أمر بالتيسير والتبشير، فقال: " يسروا لا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا "، اللهم صلى وسلم وبارك عليه، وعلى آله المطهرين، وأصحابه الذين وصفهم الله بأنهم أشداء على الكفار رُحماء بينهم، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم اهدني واهد لي واهد بي، اللهم طهر من الغل جناني، وسدد لإصابة الحق لساني، اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أُضل، أو أزِل أو أزَل، أو أظلم أو أُظلم، أو أجهل أو يُجهل علي.
أما بعد:
فأهل السنة والجماعة هم المتبعون لِما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ونسبتهم إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم التي حث على التمسك بها بقوله: " فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليه بالنواجذ "، وحذر من مخالفتها بقوله: " وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة "، وقوله: " من رغب عن سنتي فليس مني "، وهذا بخلاف غيرهم من أهل الأهواء والبدع، الذين سلكوا مسالك لم يكن عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأهل السنة ظهرت عقيدتهم بظهور بعثته صلى الله عليه وسلم، وأهل الأهواء ولدت عقائدهم بعد زمنه صلى الله عليه وسلم، ومنها ما كان في آخر عهد الصحابة، ومنها ما كان بعد ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن من عاش من أصحابه سيُدرك هذا التفرق والاختلاف، فقال: " وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً "، ثم أرشد إلى سلوك الصراط المستقيم، وهو اتباع سنته وسنة خلفائه الراشدين، وحذر من محدثات الأمور، وأخبر أنها ضلال، وليس من المعقول ولا المقبول أن يُحجب حقٌ وهدى عن الصحابة رضي الله عنهم ويُدخر لأناس يجيئون بعدهم؛ فإن تلك البدع المحدثة كلها شر، ولو كان في شيء منها خير لسبق إليه الصحابة، لكنها شرٌ ابُتلي به كثير ممن جاء بعدهم ممن انحرفوا عما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم، وقد قال الإمام مالك رحمه الله: " لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها "، ولذا فإن أهل السنة ينتسبون إلى السنة, وغيرهم ينتسبون إلى نحلهم الباطلة كالجبرية والقدرية والمرجئة والإمامية الإثنى عشرية، أو إلى أسماء أشخاص معينين، كالجهمية والزيدية والأشعرية والإباضية، ولا يقال إن من هذا القبيل (الوهابية)، نسبة إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، فإن أهل السنة في زمن الشيخ محمد – رحمه الله- وبعده لا ينتسبون هذه النسبة؛ لأنه – رحمه الله – لم يأت بشيء جديد فيُنسب إليه، بل هو متبعٌ لما كان عليه السلف الصالح، ومظهرٌ للسنة وناشرٌ لها وداع إليها، وإنما يُطلق هذه النسبة الحاقدون على دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله – الإصلاحية للتشويش على الناس، وصرفهم عن اتباع الحق والهدى، وأن يبقوا على ما هم عليه من البدع المحدثة المخالفة لما كان عليه أهل السنة والجماعة.
قال الإمام الشاطبي في الاعتصام [1/79]:
" وقال عبد الرحمن بن مهدي: قد سئل مالك بن أنس عن السنة؟ قال: هي ما لا اسم له غيره السنة، وتلا: (( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) ".
" وقال عبد الرحمن بن مهدي: قد سئل مالك بن أنس عن السنة؟ قال: هي ما لا اسم له غيره السنة، وتلا: (( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) ".
وقال ابن القيم في مدارج السالكين [3/179]:
" وقد سئل بعض الأئمة عن السنة؟ قال: ما لا اسم له سوى السنة. يعني أن أهل السنة ليس لهم اسم يُنسبون إليه سواها ".
" وقد سئل بعض الأئمة عن السنة؟ قال: ما لا اسم له سوى السنة. يعني أن أهل السنة ليس لهم اسم يُنسبون إليه سواها ".
وفي كتاب الانتفاء لابن عبد البر (ص:35) : أن رجلاً سأل مالكاً فقال: من أهل السنة؟ قال: " أهل السنة الذين ليس لهم لقبٌ يُعرفون به؛ لا جهمي ولا قدري ولا رافضي ".
تعليق