Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حديث: " غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم "

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • حديث: " غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم "

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
    قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي سعيد الخدرى -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم أخرجه السبعة.
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن اهتدى بهداه.
    اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما وعملا يا أرحم الراحمين، ولا تكلنا لأنفسنا طرفة عين، فإنه لا حول لنا، ولا قوة إلا بك، اللهم نعوذ بك أن نزل، أو نزل، أو نضل، أو نضل، أو نجهل، أو يجهل علينا، أو نظلم، أو نظلم.
    ثم إن المسائل العلمية، والعملية لا بد لطالب العلم أن ينظر إليها كما نظر إليها أهل العلم من وقت الصحابة -رضوان الله عليهم- إلى وقتنا الحاضر، ونعني بالمسائل العلمية والعملية المسائل التي ميدان بحثها العلم، من حيث معنى الآيات، ومعنى الأحاديث، أو تقرير العقيدة، أو بيان أحكام الفقه، ونحو ذلك، والمسائل العملية التي يجري عليها العمل من حيث تطبيق الأحكام الفقهية على واقع الناس، لا شك أن المسائل العقدية في الجملة مما لا يقبل فيه الخلاف، ولا الاختلاف؛ لأن العقيدة أدلتها واضحة، وهي أمور غيبية أوجب الله -جل وعلا- فيها أن يعتقد المسلم الحق، وقد أوضح الله -جل وعلا- في كتابه الحق في هذه المسائل، وبين ما يجب أن يعتقده المسلم، وأن يعقد عليه قلبه، كذلك بينه المصطفى -عليه الصلاة والسلام- وبينه الصحابة -رضوان الله عليهم- ولهذا تجد أن هذه المسائل العقدية مسائل التوحيد، إذا قررها أهل العلم الذين على منهاج السلف الصالح -رضوان الله عليهم- كسادات التابعين، وأئمة المسلمين الأربعة، وغيرهم إلى زماننا الحاضر من العلماء، الذين تابعوا نهج السلف الصالح، تجد أن عرضهم لمسائل التوحيد، والعقيدة من جهة الحكم واحد، ومن جهة النظر واحد، لكن يختلف العلماء فيما بينهم في طريقة تقرير المسائل، وحسن الأسلوب، وكثرة الأدلة، ونوع الاستدلال، وأشباه ذلك من المسائل التي لا اختلاف فيها من جهة الحكم، وصورة المسألة، وإنما الاختلاف يأتي في عرض المسائل، ولهذا تجد أن جميع طلبة العلم، والطلاب لا يفرقون بين عالم وعالم، أو معلم ومعلم، أو بين درس ودرس، أو بين كتاب وكتاب من جهة سلامة الاعتقاد؛ لأن الجميع يعلمون منهج السلف الصالح في الاعتقاد ويقررونه.
    لكن يختلف العالم عن الآخر في طريقة تقرير المسائل، وعرضها، وهذه يتفاوت فيها العلماء من قديم الزمان، أما مسائل الفقه، فالفقه مورده الاجتهاد في أكثر مسائله، إذ المسائل المجمع عليها قليلة بالنسبة إلى عموم مسائل الفقه؛ ولهذا يحصل الاختلاف بين العلماء، وبين طلبة العلم في تقرير مسائل الفقه يحصل الاختلاف من الجهتين:
    الجهة الأولى: وهي اختلاف الاجتهاد، وأي الأقوال أرجح، وأي الأقوال أصوب، وما ينبغي أن يلتزم به من جهة العمل، وما عليه الفتوى هذا اختلاف في تقرير المسألة، بينما في تدريس التوحيد لا يختلفون بينما في تدريس العقيدة لا يختلفون، فتجد أن الاختلاف بين من هم على نهج السلف الصالح، ويعتنون بالعلم، والتوحيد، وعلى طريقة أئمة الإسلام تجد أن الاختلاف يحصل بينهم في المسائل الاجتهادية في الفقه، فهذا يقرر كذا، وهذا يقرر كذا إلى آخره.
    والجهة الثانية للاختلاف في تدريس الفقه، والأحكام الأحكام الفقهية بعامة: يحصل من جهة صورة تقرير المسائل كيف يصور المسألة؟ كيف يعرض لدليلها؟ كيف يبين وجه الاستدلال؟ معرفة العالم أو المعلم بعلوم كثيرة تفيده في تقرير المسائل، مثلا في معرفة في مصطلح الحديث معرفة بالرجال إذا عرض للأحاديث أحاديث الأحكام، وأيضا بأصول الفقه؛ لأن أصول الفقه منزع الحكم من الدليل، كيف ينتزعه؟ كيف يستدل بالدليل على الحكم.. إلى آخره؟ فهذه يختلف فيها العلماء؛ لذلك الاختلاف في مسائل الفقه ومسائل فقه الحديث، وفقه الأحكام في كتب الفقه يأتي من الجهتين؛ لهذا طالب العلم ينبغي له أن يوطن نفسه على أنه في المسائل في فقه الحديث، وفي فقه الأحكام في مسائل الفقه، أن يكون هناك اختلاف ما بين عالم، وعالم، وطالب علم، وطالب علم، ولا يتصور أن الجميع سيتفقون على قول واحد؛ لأن مدراك الاجتهاد مختلفة، ومدراك الترجيح مختلفة؛ لهذا ذكرت مرة كلمة في بعض الدروس، وأعيدها مختصرة، وهي ما قد يظنه بعض طلبة العلم من أن قول القائل الراجح في المسألة كذا أنه راجح عند كل العلماء، هذا غلط، وليس بصحيح، بل إذا قيل الراجح في المسألة كذا إنما هو راجح نسبي منسوب إلى من رجحه، إذا قال مثلا في العصر الحاضر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز:
    والراجح كذا يعني: الراجح عنده في اجتهاده، لا معنى ذلك أن هذا هو الراجح عند شيخ الإسلام ابن تيمية، هو الراجح عند الإمام أحمد، هو الراجح عند فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين، هو الراجح عند العالم الآخر، ونحو ذلك.
    إذن فكلمة الراجح التي قد يظن بعض طلبة العلم أنه إذا حضر عند أحد، وقال: إن الراجح كذا، أو أن الدليل دل على كذا أن هذا معناه، أنه هو الراجح في نفس الأمر، يعني: هو الراجح المطلق، لا ترجيح مطلق في المسائل إلا ما اتفق العلماء على ترجيحه، أما ما اختلف العلماء في ترجيح أحد الأقوال على بقيتها، فإن هذا راجح نسبي إضافي يضاف، وينسب إلى من رجح فيقال: الراجح كذا عند الشيخ محمد بن إبراهيم، الراجح كذا عند الشيخ عبد العزيز بن باز، الراجح كذا عند الشيخ ابن العثيمين، ونحو ذلك في نظائرها من المسائل.
    لهذا بعض طلبة العلم قد يحضر، ويتشوش إذا سمع مثلا ترجيحا غير الذي ألفه، أو غير الذي حضر به عند العالم الفلاني، أو غير الذي سمع به الفتوى، ونحو ذلك، وهذا مما ينبغي تدراكه حتى لا يتشوش طالب العلم المسائل الفقهية، سواء إذا جاء تقريرها من جهة شرح الأحاديث، أو جاء تقريرها من جهة كتب الفقه، قد يختلف عرضها ما بين عالم، وآخر، وقد يختلف الترجيح -أيضا- ما بين عالم، وآخر.
    كذلك إذا نظرنا إلى جهة أخرى، وهي الجهة العملية يعني: المسائل العملية، يعني: إذا نظرت إلى العمل، فإن التعليم قد يختلف عن الفتوى، قد يرجح شيء من جهة الحكم في درس علمي، ولكن إذا جاءت الفتوى تختلف عن الترجيح، وهذا من قديم من وقت التابعين، وأئمة الإسلام قد يختلف تقريرهم للمسألة عن الفتوى، وهذا له أسباب كثيرة، ربما يضيق المقام عن بسطها، لكن كإشارة للسبب أن من أهم الأسباب: أن الفتوى هي تطبيق الحكم على الواقع، والواقع واقع المستفتي، واقع الحال هذا يحتاج إلى معرفة أشياء أخر من القواعد، ومن النظر، ومن العلل تختلف عن النظر النظري في المسألة.
    فمثلا نأتي في شرح حديث نقول: وهذا الحديث دل على كذا، فإذا الراجح كذا، ولكن قد يأتي مستفتٍ ويرجح لك غير هذا بناء على الأحوال؛ لأن المسائل فيها تفاصيل، وفيها أحوال مختلفة؛ لهذا تنظر إلى أن عرض المسائل في كتب الحديث، وشرح الحديث غير عرض المسائل في كتب الفقه؛ لأن عرض المسألة في شرح الأحاديث، وقد يكون الحال إذا عرض لها من جهة دروس الفقه يختلف تقريرها، ويختلف تفريع المسائل عنها؛ لأن الحديث يكون مثلا مختصا بمسألة واحدة، وأما كتب الفقه، فهي تشمل المسألة التي دلت عليها السنة، وأيضا مسائل أخر دلت عليها عموم الآيات، أو دلت عليها أدلة أخرى من السنة، أو أقوال الصحابة، أو القياس أو القواعد، أو أقوال الإمام الذي صنف الكتاب في مذهبه، ونحو ذلك.
    إذا فالمسائل من جهة التفصيل، المسائل العملية من جهة التفصيل يختلف تقريرها بما بين كتب الفقه، وكتب الحديث، وأيضا من جهة الفتوى يختلف -أيضا- في تقرير المسائل النظري وبين تطبيقها العملي، أيضا ينبغي أن ينظر إلى المسائل العملية من جهة عمل العلماء أحيانا، العالم قد يرجح شيئا، ولكنه في نفسه قد يعمل بخلافه هذا لا يؤخذ مذهبا له، أو قولا له، أو يكون قولا مطردا حتى ينص عليه، مثل ما ذكرت لكم إن ابن تيمية -رحمه الله- عمل بقول الإمام مالك لما سافر إلى مصر في مسألة المسح على الخفين، ما تقيد بثلاثة أيام، بل زاد على ذلك إلى سبعة أيام، والعلماء يقولون: إن العالم قد يعمل بشيء خلاف ما يرجحه لأشياء يقتضيها الحال، أو يقتضيها المقام، ونحو ذلك، وهذا كثير، ونصوا عليه في مسائل، وما من إمام إلا وقد عمل ذلك.
    وابن عباس - رضي الله عنه - لما اشتكى عينيه، وقيل له إن هناك دواء نافعا، ولكن معه تمتنع من السجود، وقالوا: شهر أو نحو ذلك، هو لم ير في ذلك بأسا، ولكنه سأل أو استفتى أحد الصحابة، وأظنها عائشة -رضي الله عنها- فقالت له: لا، لا تفعل، فترك ذلك حتى عمي في آخر عمره -رضي الله عنه- هذا، لا من جهة الراجح، من جهة العمل أخذ بفتوى لأجل أن يخلص نفسه من الاجتهاد، الذي قد يكون للنفس فيه حظ، أو قد يكون له في الشأن، فإذا أحيانا يكون الواحد يرجح شيئا، ثم يأتي مسأله يحتاج فيها إلى العمل من جهة التخفيف تارة، ومن جهة براءة الذمة تارة أخرى، فيستفتي غيره ممن يثق به من أهل العلم فيعمل بفتواه.
    إذا فينبغي لطالب العلم أن يوسع نظره، وأن يوسع أفقه في النظر إلى المسائل، وفي تلقي العلم من أهله، وألا يجعل الاختلاف في الفروع مثل الاختلاف في العقيدة، العقيدة لا خلاف فيها بين علماء أهل السنة مسائل مجمع عليها، مقررة واضحة، خدمت كثيرا، أما المسائل الفقهية، شروح الأحاديث، والمسائل التي يدخلها الاجتهاد، هذه يختلف فيها، تختلف المسألة بين عالم وآخر، وما بين معلم وآخر، وكيف تقرير المسائل إلى آخره، والمقصود من العلم ليس هو أن يحصل الطالب على الترجيح، على النهاية من أول الطريق، المقصود هو تصور العلم من حيث هو، تصور المسائل، تصور الأدلة، كيف يتعامل العالم مع الأدلة؟ كيف يتعامل مع طريقة الاستدلال؟ كيف يرجح؟ كيف يعتني إلى كيف يتكلم.. إلى آخره؟


    عن أنس رضي الله عنه قال
    : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)







  • #2
    فإذا ليس المقصود فقط العلم من حيث هو، المقصود تصوير المسائل، المقصود كيف ينزع إلى الاستدلال؟ كيف يعرض لأقوال الأئمة؟ كيف يحترم الأئمة والعلماء إذا عرض لخلافهم؟ فإذا العلم إذا تلقى في المسائل الاجتهادية فثم فوائد كثيرة في تلقيه من أهل العلم، ولو كان بعض العلماء يرجح مسائل هو يرجحها لا يوافقه عليها غيره، أو المسائل تكون مختلف فيها؛ لهذا ينبغي على طالب العلم بعامة أن يعتني بهذا الأصل، وألا يقلقه هذا الاختلاف في تقرير المسائل، أو في الترجيح؛ لأن هذه مسائل اجتهادية ليست هي مثل مسائل العقيدة؛ التي الكلام فيها واحد، والأمر جلي، وتقريرها بأدلتها واضح، وإنما تحتاج إلى بسط في الاستدلال، أو بيان، أو حسن عرض.
    أخيرًا أسأل الله جل وعلا أن يوفقني وإياكم إلى ما فيه رضاه، وأن يوفق قلوبنا إلى ما فيه صلاحها بالعلم والعمل، وأن يجعلنا وإياكم ممن وفق لعلم نافع، وعمل صالح، إنه سميع قريب. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
    قَالَ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وعن أبي سعيد الخدري -رضي تعالى الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم أخرجه السبعة.
    معنى الحديث:
    النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الحديث يبين أن الغسل الذي هو تعميم البدن بالماء، وتنظيف البدن، أن هذا واجب يوم الجمعة على كل بالغ، وهذا الحديث له سبب، وهو أن الصحابة كانوا يأتون مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- من أماكنهم، وبعضهم يسكن جهة قباء، وبعضهم يسكن في العوالي، وبعضهم يزاول مهنا مختلفة، يكون معها في أيام الحر شدة روائح، وبعضهم قد يكون ملابسه يكون فيها روائح، ونحو ذلك؛ لهذا النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر بالاستعداد ليوم الجمعة، وهو اجتماع يغص فيه المسجد، وقد يحصل مع عدم التنظف، والتطهر يحدث تأذى بالروائح؛ لهذا لما رآهم النبي -عليه الصلاة والسلام- يأتون ربما صار من بعضهم روائح كريهة أمرهم بالغسل، وذلك لعدة أحاديث منها:
    أنه أوجب عليهم الغسل في قوله: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم وقال لهم في أول الأمر: لو اغتسلتم ليومكم هذا ونحو ذلك.
    لغة الحديث:
    قوله: "يوم الجمعة" غسل يوم الجمعة، هذه الإضافة إلى يوم الجمعة تسمى إضافة تخصيص في اللغة، يعني: الغسل المختص بيوم الجمعة، وفي اللغة هذا يشمل جميع اليوم كما ذكرنا لكم من قبل، وأن اليوم يطلق من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، فهذا يوم، فإذا هذا الغسل الذي أضيف إلى الجمعة تخصيصا أضيف إلى يوم الجمعة.
    فإذا مقتضى قوله، يعني: من جهة اللغة "غسل يوم الجمعة" أن هذا يشمل يوم الجمعة، إما في أوله أو في آخره هذا من جهة دلالة اللغة، أما من جهة الحكم، سيأتي بيانه إن شاء الله.
    قوله: "واجب" كلمة واجب في الشرع غير معناها في اللغة، وهذا معروف تقرير المسألة في كتب الأصول، عند العرض للأحكام التكليفية التي منها الإيجاب، وهو صفة للواجب، والمقصود هنا من كلمة واجب تقتضي أن هذا الفعل يأثم من تركه، وأنه متأكد؛ لأن كلمة الوجوب تعني الحق أن هذا حق، والحق يجب أداؤه، يعني: من جهة الشرع، أما من جهة اللغة فإن كلمة وجب الشيء: بمعنى أنه صار لازما، وهنا اللزوم يختلف من جهة نوع الشيء، ومن جهة من له هذا الشيء. .إلى آخره.
    فمثلا يقال: وجبت الشمس إذا غربت، يعني: صار غروبها لازما يعني: متحققا، وجب الأمر يعني: أنه صار متحققا، وصار لازما يعني: بوقعه، وجب على أن أفعل كذا يعني: صار لزاما على هذا من جهة استعمال العرب؛ لهذا قوله هنا -عليه الصلاة والسلام- "غسل يوم الجمعة" الأصل في الألفاظ أن تحمل على الحقيقة الشرعية، فيعنى بالوجوب هنا الوجوب الشرعي، وهو الذي يأثم من تركه.
    قوله: "محتلم" يعني: من بلغ سن الاحتلام، وهذا من الوصف الغالب؛ لأنه يقال للبالغ محتلما، يقال للبالغ إنه محتلم لأجل بلوغه السن التي يكون فيها الاحتلام عادة، وإلا فقد يبلغ المرء بأحد أوصاف البلوغ، ولا يكون قد حصل منه الاحتلام، ومن جهة اللغة محتلم، والاحتلام مر معنا في شرح حديث أم سلمة السابق: هل على المرأة من غسل إذا احتلمت وهو رؤيا أو أن يرى في المنام كذا، وكذا.
    درجة الحديث:
    الحديث ذكر أنه متفق على صحته، بل أخرجه السبعة، والسبعة مر معنا في خطبة الكتاب أنهم: أحمد، وأصحاب الكتب السته: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وبالمناسبة كتاب البخاري يقال له: الجامع المسند الصحيح، وكتاب مسلم يقال له: الجامع الصحيح، وكتاب أبي داود: سنن أبي داود، وكتاب الترمذي: جامع الترمذي، لا سنن الترمذي، وكتاب النسائي: سنن النسائي، وابن ماجه: سنن ابن ماجه، فإذا عندنا ثلاثة من الستة باسم الجامع، وثلاثة من الستة باسم السنن: البخاري، ومسلم، والترمذي هذه جوامع، وليست سننا وأما النسائي، وأبو داود، وابن ماجه فهذه سنن.
    من أحكام الحديث:
    دل الحديث على إيجاب غسل الجمعة على كل بالغ، وذلك لقوله: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم" وهذه المسألة، وهي وجوب غسل الجمعة مما اختلف فيها أهل العلم على ثلاثة أقوال:
    القول الأول : من يوجب الغسل، وهذا مذهب كثير من أهل العلم، منهم الإمام أحمد في رواية، وجماعة، وكذلك الظاهرية، وهؤلاء اختلفوا هل الغسل لأجل اليوم؟ أو لأجل حضور الصلاة؟ فالأكثرون ممن أوجبه يقولون: إنه لأجل الصلاة لأجل حضور الخطبة، لا لأجل اليوم.
    والقول الثاني: أنه لأجل اليوم لا لأجل الصلاة، ولم ينظروا فيه إلى سبب الحديث لأجل ما صح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: إن لله حقا على كل مسلم، أن يفيض الماء على بشرته، كل سبعة أيام فجعلوا ذلك غير متقيد بما قبل الصلاة، أو بعد الصلاة، واستدلوا على هذا بأن الحديث فيه تخصيص الغسل باليوم، قال: غسل يوم الجمعة واجب، ويوم الجمعة يشمل أول النهار، وآخر النهار، وهذا هو اختيار طائفة من الظاهرية، وهو المشهور من مذهبهم.
    القول الثاني: أن غسل يوم الجمعة مستحب لا واجب، ومتأكد، وذلك لأن الوجوب هنا مصروف إلى الاستحباب بالتخفيف، الذي جاء في حديث الحسن عن سمرة الآتي أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال في الوضوء للجمعة: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل وهذا الحديث صححه جماعة كما سيأتي، قالوا: دل على أن الغسل مستحب وأفضل، وأن الوضوء كاف، وأن عثمان - رضي الله عنه - أتى الصلاة يوم الجمعة، وسأله عمر لما تأخرت؟ فقال: شغلني كذا، وكذا فعجلت على نفسى، فتوضأت، فأتيت. قال: والوضوء أيضا؟!!
    فاقتصر عثمان على الوضوء دون الاغتسال، واستدلوا على ذلك بأدلة متعددة، فقالوا: إن غسل يوم الجمعة مستحب، وأنه ليس بواجب.
    وهذا القول الثاني بالاستحباب قول جماهير العلماء، بأن غسل يوم الجمعة ليس بواجب، بل مستحب.
    القول الثالث: قول من نظر إلى سبب الحديث، والعلة من إيجاب الغسل، وهو تأذي الناس بالروائح الكريهة، وهذا القول هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أن غسل يوم الجمعة يجب في حق من في بدنه روائح كريهة يتأذى الناس بها، وكذلك من في ثيابه أشياء كريهة يتأذى الناس بها، فإنه يجب عليه أن يغتسل، وأن يغسل ما به يتأذى الناس، وهذا القول نصره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو اختيار من اختياراته، ونظر فيه إلى العلة من إيجاب الغسل، وهذا فيه توسط ما بين القولين السابقين.
    والظاهر من هذه الأقوال الثلاثة: هو أن الغسل متأكد يوم الجمعة على كل مسلم، وأنه واجب في حق من فيه روائح يتأذى الناس بها، فيجب عليه أن ينظف نفسه؛ لأن الناس يتأذون، والملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم، فإذا كان الذي يأكل ثوما، أو بصلا نهي عن أن يقرب المسجد لأجل الرائحة، وكذلك من به رائحة كريهة، فإنه لأجل حضور هذه الفريضة التي لا يعذر أحد في التخلف عنها لأجل الروائح، فإنه يجب أن يخلص نفسه من الروائح بالاغتسال، فإذا نقول في حق عامة الناس في حق المجموع: إن هذا يتأكد واستحبابه استحباب مؤكد، وهو آكد من مثل الوتر، وركعتي الفجر، ونحو ذلك، وأنه يجب -كما قال شيخ الإسلام- على من له رائحه يتأذى الناس بها.
    الثاني: يعني: الحكم الثاني هنا قال: "غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم" وهذا يعني: أن هذا الإيجاب لمن بلغ، والبلوغ يحصل كما هو معلوم في الذكور بأحد ثلاثة أشياء:
    إما ببلوغ الخامسة عشرة، وأما بإنبات الشعر، شعر العانة، وإما بالاحتلام. فهنا في هذا الحديث ذكر ما يدل على البلوغ، وليس قيدا، وهو حصول الاحتلام؛ لأن هذا غسل ليس بسبب الاحتلام، وإنما هو غسل بسبب الجمعة لا بسبب الاحتلام لهذا البالغ؛ فإنه يتأكد عليه هذا الغسل، وهو مخاطب بالغسل.
    فإذا الصغار فإنهم لا يؤمرون بذلك، يعني: أمر مؤكد، ومن هو دون البلوغ لا يخاطب بذلك لتأكده، وإنما لأجل تعليمه، وتعويده.
    المسألة الثالثة والأخيرة : أن هذا الغسل هو غسل تنظف، لا غسل رفع حدث، لكنه إن اجتمعا يوم الجمعة: الحدث الأكبر، فأراد أن يغتسل للجنابة، ويكون اغتسال -أيضا- للجمعة فإنه يدخل الأصغر في الأكبر، وذلك للقاعدة المقررة في هذا، وهي: أنه إذا اجتمعت عبادتان: صغرى وكبرى، دخلت الصغرى في الكبرى، فالغسل غسل الجمعة لا لأجل الحدث؛ لهذا إذا اغتسل للحدث الأكبر، فإنه يجزئ عنه، ويدخل هذا في هذا بمعنى أنه يؤجر على رفع الحدث، ويؤجر بنيته على الاغتسال ليوم الجمعة، وهذه قاعدة في كل العبادتين المجتمعتين، إذا دخلت الصغرى في الكبرى، فإنه إذا نوى الثنتين معا، فإن معنى ذلك أنها تحصل له هذه وهذه، أو دخلت إحداهما في الأخرى أنه يؤجر على الجميع بنيته، يؤجر على اغتساله للجنابة، ويؤجر على أغتساله ليوم الجمعة، فيؤجر أجر الواجب في الجنابة، والأجر أجر فعل المستحب المتأكد في غسل الجمعة نعم.






    شرح بلوغ المرام (الجزء الأول) - إيجاب غسل الجمعة -
    موقع جامع شيخ الإسلام ابن تيمية: www.Taimiah.org


    عن أنس رضي الله عنه قال
    : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)






    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا
      موضووع طويل جدا
      بالتوفيق
      الأول : يتحدث كثيرا , ولا يقول شيء ..
      الثاني : يتحدث قليلا , ويقول كل شيء ..

      تعليق


      • #4
        جزاك الله خير اخي
        في داخلك منجم للإبداع فتش عنه ولكن قبل ذلك تعلم التنقيب حتى لا تكسر الألماس.
        الحياه أشبه بصندوق مغلق ، ومفتاحه هو العمل ، وإن أداء الأعمال بإتقان عال يفتح الباب أمام الحصول على أعمال أرقى وأكبر .
        لنركز على الحقيقة والمحتوى في النقد ، لا على لغة الخطاب ونبرة الكلام ، فقد يكون الناقد محباً وصادقاً لكنه لم يوفق لإلباس نصحه غلافاً هادئاً ومناسباً
        اللهم اعطهم ضعف ما يتمنون لي

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة أبو دبابة مشاهدة المشاركة
          جزاك الله خيرا
          موضووع طويل جدا
          بالتوفيق
          وأنت من أهل الجزاء أخي الكريم .

          عادي جدا ... لأنه لشيخ الاسلام ابن تيمية رحمة الله عليه .

          وفقك البارئ .

          شكرا على المرور الكريم .


          عن أنس رضي الله عنه قال
          : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)






          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة MiND ViSiON مشاهدة المشاركة
            جزاك الله خير اخي
            و أنت من أهل الجزاء أخي الكريم .


            عن أنس رضي الله عنه قال
            : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)






            تعليق


            • #7
              بارك الله فيك اخي صقر موضوع مفيد وجميل
              مــن كثــر كلامه كثــر خطــأه
              ومـن كثــر خطـأه قــــل حيــاه
              ومـن قــــل حياـه قـــل ورعــه
              ومـن قـــل ورعه مات قلبـــــه

              تعليق


              • #8
                جزاك الله خيرا أخينا ورحم الإمام ورضى عنه وجمعنا به بحبه يوم الجمع إن شاء الله

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة مزايا مشاهدة المشاركة
                  بارك الله فيك اخي صقر موضوع مفيد وجميل
                  وفيك بارك أخي مزايا .

                  مرورك أجمل .


                  عن أنس رضي الله عنه قال
                  : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)






                  تعليق


                  • #10
                    المشاركة الأصلية بواسطة abukatada مشاهدة المشاركة
                    جزاك الله خيرا أخينا ورحم الإمام ورضى عنه وجمعنا به بحبه يوم الجمع إن شاء الله

                    وجزاكم أخي الكريم .

                    يــــــــــــــــــــــا رب .


                    عن أنس رضي الله عنه قال
                    : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)






                    تعليق

                    يعمل...
                    X