بعد فقدي لعملي منذ أكثر من 3 أشهر وأنا أصارع للبقاء في دبي وعدم السفر خارجاً إلى بلدي الذي ينتظري لإلباسي بدلة الخدمة العسكرية التي أنا متأكد أنها ستتمزق من أول عقوبة مشية البطة وبشكل تلقائي من الخلف
أو صراع لعدم السفر إلى جزيرة الأحلام كيش بارك الله في سرها فهي جزيرة المنفيين بلا شك والمطرودين من بلادهم وبلاد غيرهم
رغم كل ما قمت به حان وقت السفر
اتصلت قبل يوم من السفر على مكتب طيران كيش في دبي وسألته عن أسعار الفنادق هناك فلم يكن مني إلا أن طلبت منه أن يدلني على فندق ذو نجمة بدون أطراف أو بنصف نجمة رغم أن الأسعار شبه رخيصة
إلا أن شكاً حاك في صدري أنني ذاهب إلى ...
اليوم التالي توجهت الى المطار وأخطأت بالمبنى الذي سأغادر منه
عاودت المحاولة للالتفات حول مبنى مطار دبي رغم الازدحام الذي لا يرحم
وبعد دخولي الى المطار حاولت أن أخفي العار الذي أحمله ( بطاقة الطيران الخاصة برحلة كيش ) وأنا ألبس لباس أشبه بلباس رجال أعمال رغم أن الحذاء الذي ألبسه اشتريته ب 30 درهم والأكثر من هذا الجوارب التي ألبسها هي بنفس اللون لكن كل فردة من شركة مصنعة مختلفة ويتضح الفرق بينها عند الجلوس متلفلف ومتكشفاً لجمال أسفل الساقين
وعند التفتيش في المطار لقيت من الذل الذي يعتبر مبرراً نوعاً ما حفاظاً على سلامة المسافرين
خلعت حزام البنطال والحذاء عند التفتيش وأجبرت على السير حافياً في مشهد ذكرني بعقوبة الفلق التي أكلتها من المعلم عندما كنت في الصف الرابع ( فالمشهد تكرر ثلاث مرات وعند كل بوابة أخلع )
حاولت البحث عن صديق للرحلة ولم أجد إلا شخص إيراني مسافر إلى بلاد الأباد وحيدر وسألني عن البوابة التي سيغادر منها , ولم يكن منه إلا أن شكرني بعدها وقال لي أنت من الإمارات فقلت له لا أنا من سوريا وكانت كلمة السر لأن يسألني عن باب الحارة ويغني لي ( بليلة بلبلوكي إلى آخر المقطع السخيف )
فابتسمت له ابتسامة عريضة وأنا أومئ له بأن يذهب وإلا أدخلت الخنجر الخاص بباب الحارة في خاصرته
وبعد ذهابة لا زلت أبحث عن شريك سفر فوقع الاختيار أخيراً دون إرادة مني ( فلبينية ) .... قلت في نفسي لا بأس المهم أن تمر الرحلة على خير فقمت بمساعدتها على اتمام اجراءات السفر إلا أنه وبعد الانتهاء استقر رأيها أن تذهب مع بنات جلدتها بعد أن وجدتهم
وأنا في نفسي قلت يا للخيانة سأنتظر قليلاً ريثما تغير رأيها لأنني لم أستطيع التآلف مع المسافرين الآخرين
ولكن في هذه الأثناء كان أحد المسافرين ينظر إلي وأنا أتجاهله خلال الفترة السابقة , إلا أن النصيب الاجباري للسفر كان معه
.
المهم لحظة رؤية الطائرة الخاصة بالرحلة
طائرة بمراوح روسية غريبة الشكل
أحد العاملين في شركتهم يحاول قحط ذبابة ملتصقة على المروحة , وأنا أنظر إليه وأستغفر ربي وأدعو الله أن تكون هذه الطائرة من النوع الذي يطير
المهم قبل الصعود
تذكرت مقالة لأحد الاخوة في نفس الموضوع يقول فيها
يحتشد المسافرون في طوابير تتشكل بين ثلاث إلى خمس مرات في اليوم. وجوه ملفوحة بالحيرة مقفلة على تساؤل مكظوم، وخوف مبهم من الوقوع في فخ المجهول بعد عدة أسئلة ومحاولات لتخمين مهن شركاء الرحلة ستجد أنك تقف في طابور يضم مندوبي مبيعات، رجال أعمال بجوارب مثقوبة، صغار الكسبة، نادلات، محلل نظم، أطباء من جامعات مشبوهة، ممرضين بلا شفقة، سماسرة بورصة وعقارات، حالمات بالزواج من يَعْرُبي ثري، راقصات شرقيات لا يعرفن العربية، خادمات بشهادات جامعية، أفاقين، محاسبي شركات مع آلات حاسبة، هاربين من الخدمة الإلزامية، رعاة إبل، ساسة خيل، منظفي مخلفات بشرية، قراصنة أقراص صلبة، بائعي مواد تجميل، سائقي شاحنات، مغني نوادي ليلية، ومعد برامج تلفزيونية ...
طائرة المؤمنين
كومة خردة من مخلفات الاتحاد السوفيتي، تجثم على أرض المطار، فقط المراوح الهادرة على الجناحين الكالحين، تؤكد أن هذا الشيء الجاثم هو طائرة.
يبدأ الشعور بالخوف يتلبس أكثر المسافرين رباطة للجأش، ومع الدخول العشوائي والجلوس أينما وجِدَ مقعد، يكتمل مشهد الرعب بالطاقم الذي لا يتحدث إلا الفارسية.طاقم من وجوه معطوبة خالية من التكافل والتعاضد الذي تقتضيه مثل هذه اللحظات الحاسمة من التاريخ الشخصي لكل من أودى به القدر إلى هنا.
دقائق معدودات تتحرك الماكينة معلنة التوجه إلى جزيرة "كيش" وأن الوصول يحتاج إلى عشرين دقيقة، دون أن يضيف الكابتن إنها عشرون دقيقة من الرعب الخالص، تاركا للمسافرين اكتشافه ثانية بثانية.
يلف الصمت المكان، لا يقطعه سوى تمتمات سورة الكرسي، ودعاء السفر وتراتيل هندوسية وإشارات الصليب، وتعويذات بوذا وصلوات كريشنا، وميثاق ولي الزمان صلى الله على شرفه، علَّ هذا الحشد من الأتقياء يقنع هذه الخردة بألا تفكر بالاستراحة خلال العشرين دقيقة القادمة. فتتحول الطائرة إلى مكان يجتمع فيه المؤمنون من كل بقاع العالم، يطلبون العفو والمغفرة عن الذنوب المقصودة وغير المقصودة، وتزداد شطحات الإيمان طردا مع كل مطب هوائي يمتحن فيه صبرهم وقدرتهم على ضبط غثيانهم. تتقطع الصلوات وتصبح أقرب للتهدج برفقة معزوفات انصفاق واهتزاز أبواب النجاة وهياكل المقاعد البالية.
ليفاجىء المؤمنون - بعد عشر دقائق - بانتصاب المضيفة بوجهها الثلجي توزع عليهم عنوة، قطعة من الكيك وعلبة عصير، وقد لفها الملل والتأفف، لتبدأ برمي الوجبات على المقاعد كلاعبة كرة سلة لا تتقن التصويب. يُقدمُ البعض على التهامها كآخر وجبة في الحياة، ويشيحُها الآخرون جانبا، خوفا من أن تكون آخر وجبة في الحياة.
تهبط الماكينة رويدا رويدا، يتلبس الجميع رغبة سرية في بقاء الطائرة في الجو فذلك أرحم من هذا الهبوط البهلواني ويسلم الجميع أمرهم لله وتتوجه الدعوات أن يكون "سائق الطائرة " بكامل عافيته، كيما يهبط في المكان المناسب.
تلامس العجلات المدرج وينطلق كونشيرتو الضوضاء، ضجيج وأزيز، طرق ودق، انصفاق متسارع، كلها علامات حيوية، الطائرة على كوكب الأرض.
ينفتح الباب، ويهرول المسافرون منكوشي الشعر مترنحي الخطوات مبتعدين قدر المستطاع عن السُلّم، شاكرين العناية الإلهية على اجتياز المرحلة الأولى بسلام.
ممر الرجال يكدسهم في طابور يستردون به أنفاسهم، وآخر للنساء يفضي بهنَّ إلى غرفة الاحتشام يخرجنَ منها متشابهات لدرجة التظليل.
ُيطلب من رجل الأعمال ذو الجورب المثقوب نزع ربطة عنقه، وُينهر"نانو" الفلبيني كي يكف عن التقصع، فيتجمد مكانه منتظما في الصف، ويسألني بعربية مكسرّة هل أزور السيدة زينب في دمشق أجبته أن أسكن بالقرب منها. فخصني بابتسامة عريضة متواطئة حظيت بها أنا وحسين لـمّا أخبره أنه من جنوب لبنان
.
لحظة الوصول:
الحمد لله كانت رحلة موفقه لأننا وصلنا
مدخل المطار كمدخل فيلا صغيرة وممر طويل
وعند الدخول وأنا فرح بأنني سألتقى الاحترام لأن أهل إيران يحبون سوريا
ولكن تفاجأت بالتمييز الذي لا يعرف صديقاً ولا عدواً إلا أبناء بلدهم ( والحمد لله ما كان من نصيبنا حجز أو ضرب )
عند البوابة سرني منظر أضحكني جداً وهو كيف أن كل الإناث أجبروا على لباس الحجاب والعباءة الكحلية اللون
صندوق عند مدخل المطار مليء بهذه الأمور والحمد لله لم ينزعوا الكرافة التي ألبسها ( فقد عرفت أنها ممنوعة بعض الشيء)
حاولت التعاطف مع الفرس إلا أنني لم ألق إلا جلافة في التعامل والمشكلة الأكبر واحد من عشرة يتكلم الانجليزية و2 من سبعة يطقطقون بالعربية وفق احصائياتي الدقيقة فلا مجال كبير للتفاهم
بعد وصولي إلى مرحلة تفتيش الأمتعة
كان المفتش يتكلم العربية بطلاقة فسألني ( أنت مصري ) فجاوبته ببديهة سريعة حتى لا يحسم القرار بعمل مخرب يضر بالمصلحة الوطنية ( أنا سوري ) رافعاً يدي إلى الأعلى إشارة إلى النصر على إسرائيل وتحدياً لجميع القرارت الدولية الظالمة .
فقال لي : أحسن مرددها عدة مرات
فقلت الحمد لله عدت على خير , وسألني عن دبي قلت له لا يوجد عمل للأسف فضحك ضحكة شريرة وقال ( أمريكا مافي فلوس ههههههه )
خرجت من بوابة الإجراءات مستعجلاً وإذا بشخص يلبس لباس أشبه بملابس السيكيوريتي , أشر لي ومد يده إلى جواز السفر , فأعطيته إياه طواعية وأشر لي أن أجلس
قلت في نفسي أكيد هالمرة رحنا فيها مع المشروع النووي
جلست وأخذت أنظر النظرات الأخيرة للمكان وأنا أحاول ابتلاع رمقي و حبس الرجفة التي في يدي من قلة النوم والتعب ( أو الأصح من الرعب )
فنظرت إلى الشخص الذي بجانبي( وهو يمني أصبح صديق الرحلة من وقتها بعد مغادرة السابق وإرجاعه من باب المطار ) وقلت له : ماذا يريد هذا الرجال ؟
فقال لي هذا من الفندق ؟؟؟؟؟ يخرب بيته رعبني
سألت الأخ اليمني عن سبب قدومه فقال لي سياحة ( فصرخت عالياً عيب يارجل احجز الآن وارجع أشرفلك نحن جايين نتبهدل انت شو جابك )
المهم في الموضوع أننا تبهدلنا للآخر
عوملنا أسوأ معاملة في معتقل الفارابي ( الفندق يعني ) وهو يشبه معسكر طلابي أو مدينة جامعية في أحد الدول النائمة
فقد كنت صاحب أفضل حظ في الرحلة تقريباً لأن رجوعي مؤمن إلا أنه كان لا بد من النوم ليلة مع الفسفس والصراصير والبرغش وحرارة جو مزعجة
( الجزء الأول خلص )
أو صراع لعدم السفر إلى جزيرة الأحلام كيش بارك الله في سرها فهي جزيرة المنفيين بلا شك والمطرودين من بلادهم وبلاد غيرهم
رغم كل ما قمت به حان وقت السفر
اتصلت قبل يوم من السفر على مكتب طيران كيش في دبي وسألته عن أسعار الفنادق هناك فلم يكن مني إلا أن طلبت منه أن يدلني على فندق ذو نجمة بدون أطراف أو بنصف نجمة رغم أن الأسعار شبه رخيصة
إلا أن شكاً حاك في صدري أنني ذاهب إلى ...
اليوم التالي توجهت الى المطار وأخطأت بالمبنى الذي سأغادر منه
عاودت المحاولة للالتفات حول مبنى مطار دبي رغم الازدحام الذي لا يرحم
وبعد دخولي الى المطار حاولت أن أخفي العار الذي أحمله ( بطاقة الطيران الخاصة برحلة كيش ) وأنا ألبس لباس أشبه بلباس رجال أعمال رغم أن الحذاء الذي ألبسه اشتريته ب 30 درهم والأكثر من هذا الجوارب التي ألبسها هي بنفس اللون لكن كل فردة من شركة مصنعة مختلفة ويتضح الفرق بينها عند الجلوس متلفلف ومتكشفاً لجمال أسفل الساقين
وعند التفتيش في المطار لقيت من الذل الذي يعتبر مبرراً نوعاً ما حفاظاً على سلامة المسافرين
خلعت حزام البنطال والحذاء عند التفتيش وأجبرت على السير حافياً في مشهد ذكرني بعقوبة الفلق التي أكلتها من المعلم عندما كنت في الصف الرابع ( فالمشهد تكرر ثلاث مرات وعند كل بوابة أخلع )
حاولت البحث عن صديق للرحلة ولم أجد إلا شخص إيراني مسافر إلى بلاد الأباد وحيدر وسألني عن البوابة التي سيغادر منها , ولم يكن منه إلا أن شكرني بعدها وقال لي أنت من الإمارات فقلت له لا أنا من سوريا وكانت كلمة السر لأن يسألني عن باب الحارة ويغني لي ( بليلة بلبلوكي إلى آخر المقطع السخيف )
فابتسمت له ابتسامة عريضة وأنا أومئ له بأن يذهب وإلا أدخلت الخنجر الخاص بباب الحارة في خاصرته
وبعد ذهابة لا زلت أبحث عن شريك سفر فوقع الاختيار أخيراً دون إرادة مني ( فلبينية ) .... قلت في نفسي لا بأس المهم أن تمر الرحلة على خير فقمت بمساعدتها على اتمام اجراءات السفر إلا أنه وبعد الانتهاء استقر رأيها أن تذهب مع بنات جلدتها بعد أن وجدتهم
وأنا في نفسي قلت يا للخيانة سأنتظر قليلاً ريثما تغير رأيها لأنني لم أستطيع التآلف مع المسافرين الآخرين
ولكن في هذه الأثناء كان أحد المسافرين ينظر إلي وأنا أتجاهله خلال الفترة السابقة , إلا أن النصيب الاجباري للسفر كان معه
.
المهم لحظة رؤية الطائرة الخاصة بالرحلة
طائرة بمراوح روسية غريبة الشكل
أحد العاملين في شركتهم يحاول قحط ذبابة ملتصقة على المروحة , وأنا أنظر إليه وأستغفر ربي وأدعو الله أن تكون هذه الطائرة من النوع الذي يطير
المهم قبل الصعود
تذكرت مقالة لأحد الاخوة في نفس الموضوع يقول فيها
يحتشد المسافرون في طوابير تتشكل بين ثلاث إلى خمس مرات في اليوم. وجوه ملفوحة بالحيرة مقفلة على تساؤل مكظوم، وخوف مبهم من الوقوع في فخ المجهول بعد عدة أسئلة ومحاولات لتخمين مهن شركاء الرحلة ستجد أنك تقف في طابور يضم مندوبي مبيعات، رجال أعمال بجوارب مثقوبة، صغار الكسبة، نادلات، محلل نظم، أطباء من جامعات مشبوهة، ممرضين بلا شفقة، سماسرة بورصة وعقارات، حالمات بالزواج من يَعْرُبي ثري، راقصات شرقيات لا يعرفن العربية، خادمات بشهادات جامعية، أفاقين، محاسبي شركات مع آلات حاسبة، هاربين من الخدمة الإلزامية، رعاة إبل، ساسة خيل، منظفي مخلفات بشرية، قراصنة أقراص صلبة، بائعي مواد تجميل، سائقي شاحنات، مغني نوادي ليلية، ومعد برامج تلفزيونية ...
طائرة المؤمنين
كومة خردة من مخلفات الاتحاد السوفيتي، تجثم على أرض المطار، فقط المراوح الهادرة على الجناحين الكالحين، تؤكد أن هذا الشيء الجاثم هو طائرة.
يبدأ الشعور بالخوف يتلبس أكثر المسافرين رباطة للجأش، ومع الدخول العشوائي والجلوس أينما وجِدَ مقعد، يكتمل مشهد الرعب بالطاقم الذي لا يتحدث إلا الفارسية.طاقم من وجوه معطوبة خالية من التكافل والتعاضد الذي تقتضيه مثل هذه اللحظات الحاسمة من التاريخ الشخصي لكل من أودى به القدر إلى هنا.
دقائق معدودات تتحرك الماكينة معلنة التوجه إلى جزيرة "كيش" وأن الوصول يحتاج إلى عشرين دقيقة، دون أن يضيف الكابتن إنها عشرون دقيقة من الرعب الخالص، تاركا للمسافرين اكتشافه ثانية بثانية.
يلف الصمت المكان، لا يقطعه سوى تمتمات سورة الكرسي، ودعاء السفر وتراتيل هندوسية وإشارات الصليب، وتعويذات بوذا وصلوات كريشنا، وميثاق ولي الزمان صلى الله على شرفه، علَّ هذا الحشد من الأتقياء يقنع هذه الخردة بألا تفكر بالاستراحة خلال العشرين دقيقة القادمة. فتتحول الطائرة إلى مكان يجتمع فيه المؤمنون من كل بقاع العالم، يطلبون العفو والمغفرة عن الذنوب المقصودة وغير المقصودة، وتزداد شطحات الإيمان طردا مع كل مطب هوائي يمتحن فيه صبرهم وقدرتهم على ضبط غثيانهم. تتقطع الصلوات وتصبح أقرب للتهدج برفقة معزوفات انصفاق واهتزاز أبواب النجاة وهياكل المقاعد البالية.
ليفاجىء المؤمنون - بعد عشر دقائق - بانتصاب المضيفة بوجهها الثلجي توزع عليهم عنوة، قطعة من الكيك وعلبة عصير، وقد لفها الملل والتأفف، لتبدأ برمي الوجبات على المقاعد كلاعبة كرة سلة لا تتقن التصويب. يُقدمُ البعض على التهامها كآخر وجبة في الحياة، ويشيحُها الآخرون جانبا، خوفا من أن تكون آخر وجبة في الحياة.
تهبط الماكينة رويدا رويدا، يتلبس الجميع رغبة سرية في بقاء الطائرة في الجو فذلك أرحم من هذا الهبوط البهلواني ويسلم الجميع أمرهم لله وتتوجه الدعوات أن يكون "سائق الطائرة " بكامل عافيته، كيما يهبط في المكان المناسب.
تلامس العجلات المدرج وينطلق كونشيرتو الضوضاء، ضجيج وأزيز، طرق ودق، انصفاق متسارع، كلها علامات حيوية، الطائرة على كوكب الأرض.
ينفتح الباب، ويهرول المسافرون منكوشي الشعر مترنحي الخطوات مبتعدين قدر المستطاع عن السُلّم، شاكرين العناية الإلهية على اجتياز المرحلة الأولى بسلام.
ممر الرجال يكدسهم في طابور يستردون به أنفاسهم، وآخر للنساء يفضي بهنَّ إلى غرفة الاحتشام يخرجنَ منها متشابهات لدرجة التظليل.
ُيطلب من رجل الأعمال ذو الجورب المثقوب نزع ربطة عنقه، وُينهر"نانو" الفلبيني كي يكف عن التقصع، فيتجمد مكانه منتظما في الصف، ويسألني بعربية مكسرّة هل أزور السيدة زينب في دمشق أجبته أن أسكن بالقرب منها. فخصني بابتسامة عريضة متواطئة حظيت بها أنا وحسين لـمّا أخبره أنه من جنوب لبنان
.
لحظة الوصول:
الحمد لله كانت رحلة موفقه لأننا وصلنا
مدخل المطار كمدخل فيلا صغيرة وممر طويل
وعند الدخول وأنا فرح بأنني سألتقى الاحترام لأن أهل إيران يحبون سوريا
ولكن تفاجأت بالتمييز الذي لا يعرف صديقاً ولا عدواً إلا أبناء بلدهم ( والحمد لله ما كان من نصيبنا حجز أو ضرب )
عند البوابة سرني منظر أضحكني جداً وهو كيف أن كل الإناث أجبروا على لباس الحجاب والعباءة الكحلية اللون
صندوق عند مدخل المطار مليء بهذه الأمور والحمد لله لم ينزعوا الكرافة التي ألبسها ( فقد عرفت أنها ممنوعة بعض الشيء)
حاولت التعاطف مع الفرس إلا أنني لم ألق إلا جلافة في التعامل والمشكلة الأكبر واحد من عشرة يتكلم الانجليزية و2 من سبعة يطقطقون بالعربية وفق احصائياتي الدقيقة فلا مجال كبير للتفاهم
بعد وصولي إلى مرحلة تفتيش الأمتعة
كان المفتش يتكلم العربية بطلاقة فسألني ( أنت مصري ) فجاوبته ببديهة سريعة حتى لا يحسم القرار بعمل مخرب يضر بالمصلحة الوطنية ( أنا سوري ) رافعاً يدي إلى الأعلى إشارة إلى النصر على إسرائيل وتحدياً لجميع القرارت الدولية الظالمة .
فقال لي : أحسن مرددها عدة مرات
فقلت الحمد لله عدت على خير , وسألني عن دبي قلت له لا يوجد عمل للأسف فضحك ضحكة شريرة وقال ( أمريكا مافي فلوس ههههههه )
خرجت من بوابة الإجراءات مستعجلاً وإذا بشخص يلبس لباس أشبه بملابس السيكيوريتي , أشر لي ومد يده إلى جواز السفر , فأعطيته إياه طواعية وأشر لي أن أجلس
قلت في نفسي أكيد هالمرة رحنا فيها مع المشروع النووي
جلست وأخذت أنظر النظرات الأخيرة للمكان وأنا أحاول ابتلاع رمقي و حبس الرجفة التي في يدي من قلة النوم والتعب ( أو الأصح من الرعب )
فنظرت إلى الشخص الذي بجانبي( وهو يمني أصبح صديق الرحلة من وقتها بعد مغادرة السابق وإرجاعه من باب المطار ) وقلت له : ماذا يريد هذا الرجال ؟
فقال لي هذا من الفندق ؟؟؟؟؟ يخرب بيته رعبني
سألت الأخ اليمني عن سبب قدومه فقال لي سياحة ( فصرخت عالياً عيب يارجل احجز الآن وارجع أشرفلك نحن جايين نتبهدل انت شو جابك )
المهم في الموضوع أننا تبهدلنا للآخر
عوملنا أسوأ معاملة في معتقل الفارابي ( الفندق يعني ) وهو يشبه معسكر طلابي أو مدينة جامعية في أحد الدول النائمة
فقد كنت صاحب أفضل حظ في الرحلة تقريباً لأن رجوعي مؤمن إلا أنه كان لا بد من النوم ليلة مع الفسفس والصراصير والبرغش وحرارة جو مزعجة
( الجزء الأول خلص )
تعليق