Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

موسوعة الغزو الفكري والثقافي واثاره على المسلمين 1-2

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • موسوعة الغزو الفكري والثقافي واثاره على المسلمين 1-2

    نحو محيط ثقافي ناضج (1)
    صفات المثقف بين الواقع والطموح
    خباب بن مروان الحمد
    كثيراً ما نرى أناساً يعدُّون أنفسهم بالمثقفين ، وكثيراً ما يكون بعض هؤلاء المثقفين عبئاً على الأمَّة المسلمة ، وكثيراً ما يكون المثقف أبعد عن الصفات المؤهلة لأن يكون مثقفاً !
    وفي خضم الكثير يوجد القليل من مثقفي هذه الأمَّة الذين كان لهم دور ريادي في الإيقاظ الصحوي ، والإيقاد الفكري ، والإقلاع الحضاري .
    وهكذا الدنيا يستحيل أن تجمع الناس في بوتقة واحدة ، بل إنَّك حتماً ستجد تلك المتناقضات والتجاذبات المتغايرة ، فيتأكَّد حينها أن يكون لدى المثقف صفات ترعاه ويرعاها ، ويُربِيها في ساحة العقل وحركات الأعضاء ....
    فقد صرنا ـ ويا للأسف ـ نلحظ في خطابات ومواقف وتحركات بعض المثقفين اختراقاً قيمياً أخلاقياً وفكرياً ، ولا غرابة إذا سمعنا وقرأنا لمثقفين يمهِّدون في خطاباتهم بأحاديث تشي بضرورة استدعاء المحتل إلى أقطار إسلاميَّة ، أو مثقفين يحاولون غرس قيم بلا قيم ، وبذور يتعاهدونها ويسقونها بأفكار الخبال، و مثقفين يشكِّكون في علماء الإسلام ويطعنونهم في خواصرهم ومن خلف ظهورهم متهمين ومقزِّمين لهم.
    ولست أستطرد بذكر الأمثلة فلعلِّي فتحت روزنة في ذهنية القارئ العربي والمسلم يلج من خلالها ليتفكر في جهود ثقافيَّة تطوِّح بقيم الدين الإسلامي باللمز والهمز ، بالتزامن مع السباق على الكارزمية للظهور عبر الفضائيات والبرامج الإعلاميَّة ، بتوصيفهم بأنَّهممثقفون مسلمون)!!
    لقد أعجبني ما ذكره المفكر الجزائري الإسلامي مالك بن نبي بأنَّ الثقافة تعني السلوك ! وصدق ؛ فإنَّ من لا يحمل السلوك الراقي ، ويندمج هذا السلوك في بنيته النفسية ، أياً كان مستوى النفس ومعرفتها ، فأولى به أن لا يكون مثقفاً فإنَّ ذلك أمر يحول دونه خرط القتاد !
    وعبر هذه الأكتوبة أحبّ أن أكتب حالة وصفية للمثقف المسلم...
    كيف يتحلَّى .....
    وبماذا يتحلَّى ...
    وما الأشياء التي يتميَّز ويتَّسم بها ..... لعلَّ الله أن ينفع بها ، ويجعلها مضيئة على دروب النهضة الثقافية ، وهي على النحو التالي :
    1ـ الأدب الجم ، الناشئ عن قيم الإسلام وتعاليمه العظيمة ، فالمثقف المسلم رجل مؤدَّب ، عفيف النفس ، دمث الخلق ، كريم السجايا ، متواضع ، لا يتكبر على الغير ، ولا يزدري قلَّة علمهم ، بل يتواضع للكبير والصغير ، ويعطف على الأمِّي ، ويستفيد من المتعلم.
    ولقد أخبر أهل السير أنَّه كان في عصر الإمام أحمد يجلس خمسة آلاف شخص يستفيدون من الإمام أحمد ، وأنَّ خمسمائة رجل منهم كان يكتب العلم ، والبقية (4500) رجل يلتمسون من الإمام أحمد الهدي الحسن ، والسمت الراقي ، والخلق الكريم.
    وكان الإمام ابن المبارك يقول : نحن إلى كثير من الأدب أحوج منَّا إلى كثير من العلم ، ولهذا فقد ابتدأ الله ـ سبحانه ـ في آياته حين إرسال رسله إلى الخلق بأنَّهم يربّون الناس على الأدب وتزكية النفس قبل العلم فقال ( ويزكِّيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ) فالتزكية والتربية للنفس ، قبل العلم والتعلم والثقافة والمعرفة.
    إنَّ المثقف عليه أن يعي ضرورة انسجام ظاهره وباطنه مع بعضهما البعض ، أمَّا إن كان ظاهره يخالف باطنه أو العكس ، فإنَّ ذلك يؤدِّي إلى انفصام بالشخصيَّة ، ويعني ذلك أنَّ المثقف لم يتشرَّب حقيقة الثقافة ومعانيها.
    2ـ التكامل والتوازن ، فالمثقف المسلم رجل متوازن في ثقافته ، متكامل في بنائه الثقافي والمعرفي ، فلا يقتصر على فن أو ثقافة بعينها ، بل يأخذ من كل فن شيئاً ، وإن أحبَّ أن يتخصَّص في علم فليأخذ من هذا العلم كل شيء ، كما يقوله الإمام أبو حامد الغزالي ـ رحمه الله ـ .
    وليعلم أنَّ هذا البناء المتواصل في ثقافته ، سيعود بالدرجة الأولى على تكامل شخصيته ، ويعرف أنَّ وراءه علماً ومعرفة وثقافة كثيرة يجهلها ، فكلَّما اتسعت دائرة المعلوم كلَّما اتسع من وراءها دائرة المجهول ، وقد أحسن من قال:
    كلَّما أدَّبني دهري *** أراني نقص عقلي
    وإذا ما ازددت علما *** زادني علماً بجهلي
    3ـ الصبر والمثابرة على نيل الثقافة ، فالثقافة تؤخذ من المهد إلى اللحد ، ومن المحبرة إلى المقبرة ، ولا يزال المرء يتعلم ويتثقف حتَّى إذا ظنَّ أنَّه لا يحتاج إلى العلم والثقافة والادَّخار المعرفي فقد جهل كما قاله علماؤنا.
    وقد قال تعالى والله أخرجكم من بطون أمَّهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة) وهذه الثلاثة ( السمع ـ الأبصار ـ الأفئدة) هي الأدوات التي تنال بها الثقافة وتستوعب ، والتي حثَّ الله ـ سبحانه ـ على الارتشاف من قبلها لأي ثقافة أو معلومة تهم المرء المسلم.
    فعلى من يريد استقاء الثقافة ، والارتشاف من بحرها المائج ألاَّ يقنط ولا يمل بل يصبر ويصابر ، ويجتهد في نيل المطالب الثقافية العلى ، ومرامي المعلومات العليا ، ليقوى باعه ، ويصلب فكره ، وتُصقل نفسه ، وقد سئل أديسون ـ مخترع الكهرباء ـ كيف نلت العلم والمعرفة فقال : 99% عرق جبين ، و1% ذكاء .
    لقد تعلَّم هولاكو من نملة وتثقَّف منها المضي والإصرار على نيل الهدف المرسوم ، فقد كان جيشه من أقوى الجيوش في عصره ، إلاّ إنَّه في معركة من معاركه التي خاضها هُزِمَ جيشه فرجع كئيباً يائساً ، وجلس يفكر في خلوة بينه وبين نفسه وهو جالس على الأرض ، وفي وقت تفكيره عن أسباب الهزيمة ، التفت عن يمينه فرأى نملة واقفة على صخرة ملساء وكلَّما صعدت انزلقت مرّة أخرى وتواصل صعودها وانزلاقها مدَّة 17 مرَّة، فتحرَّكت همَّة هولاكو وقال : ( لن أجعل هذه الحشرة الحقيرة تكون بهمَّتها أفضل منِّي) فقام وأكمل قتاله وهزم عدوَّه الذي كان يحاربه .
    فالقضيَّة تحتاج لمثابرة ومواصلة ، وبذل وعطاء من قبل نفسك ، لترى ما لديك من معلومات تفرحك وتسعدك إن احتجت إليها .
    4ـ الإيجابيَّة والفاعليَّة في العمل لهذا الدين ، والعملية في تطبيق الأفكار لتكون غير مختزنة في العقل ، بل تكون منتقلة ومتدحرجة (من عالم الأفكار إلى عالم الأشياء) كما كان يعبِّر الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله عن ذلك في الكثير من كتبه.
    والإشكالية في كثير من مثقفينا المسلمين قلَّة اندماجهم في عالم الواقع ودنيا الناس ، بل حديثهم وكلامهم مع النخب المثقَّفة ، وأحياناً ينشغلون في جدل لا طائل من ورائه.
    5ـ الاستقلاليَّة والبعد عن العصبيَّة الضيِّقة العمياء ، التي تعطي للمثقف ضيقاً في الأفق ، واضمحلالاً في التصور ، والسطحيَّة في الرؤية ، وقد شاهد بعضنا كيف أنَّ جماعة النور في تركيا تحظر على أتباعها والمنتمين لها ألاَّ يقرءوا إلاَّ في كتب قادتها ، فصارت في رؤاها وتصوراتها غير منضبطة ، ممَّا أدَّى لبعض منتسبيها إلى أن يستقلَّ عنها ليكمل بناءه الفكري ، وطوابقه الثقافيَّة.
    ومن الاستقلاليَّة أن يكون المثقف حرَّاً في آرائه بدون تأثيرات داخليَّة أو خارجيَّة أو جانبيَّة ، فله رأيه الخاص المنطلق من عمق معرفته ، وقوَّة ثقافته ، وسعة إدراكه ، فلا يكون للسلطة مثلا تأثير على رأيه ، ولا يكون لعوام الناس والجماهير الحاشدة تأثير على رأيه مادام أنَّه مبني على المنهجيَّة والموضوعيَة تحت ضابط الكتاب والسنَّة المطهرة.
    6ـ المنهجيَّة والموضوعيَّة والبعد عن العشوائيَّة والمزاجيَّة ، مع عمق التحليل، وأن تكون له عقلية التصور الناضج لآليات المعرفة والثقافة ، لتكون آراؤه ذات ضبط وانضباط ، بلا شطط أو انفراط .
    فمهم للمثقف أن يكون ذا معرفة بأصول التخطيط ، وهندسة الأفكار ، وإدارة نظم المعلومات ، ليستوي باعه ، وتنضح معرفته.
    ومن الحسن أن يربِّي المثقف في شجرة المعارف التي ينمِّيها في شخصيته ، مهارة التحليل والتركيب في عقليته ، وكيف يستقي المعلومة ، ومن ثمَّ يحلِّلها ويفقِّطها إلى عدَّة تراكيب ، ويفهم كل معلومة على حدة ، ومن ثمَّ يعيد بناء المعلومة في ذهنيته بالشكل الصحيح لتكون مبنيَّة ومستوعبة بتفكر وتدبر.
    أمَّا أسلوب التلقين الببغائي فإنَّ هذا أمر لا يصنع تلك العقليَّة المبدعة ، ذات النهج الموضوعي ، والفهم العميق ، بل لابد أن يمتلك المثقف العقلية التي تهتم بفرز الأفكار ودراستها ، واستخراج الحسن من الرديء الذي يلفًّها ، وقد قيل الإمام أبو حاتم الرازي : إذا سمعت فقمِّش ، وإذا حدَّثت ففتِّش .
    7ـ القراءة الواسعة في كتب المعارف والمعلومات بشتَّى أنواع العلم من شريعة وعلوم عربية ولغوية وفلكيَّة وهندسية وفكرية وتربوية ونفسية واجتماعية وتجارية وصناعية وطبية وعلوم الطاقة والتاريخ والجغرافيا وعلوم الأرض إلى غير ذلك من علوم رب الكون ، أو معارف الأرض التي اكتشفها بنو الإنسان.
    ومن الجدير بمكان التذكير بأنَّ المثقف ليس شرطاً أن يكون جامعياً فإنَّ 90% من حاملي الشهادات الجامعية غير مثقفين ، وقد نجد هناك من لا يحمل شهادة جامعية وعنده من العلم والثقافة أضعاف ما لدى بعض من يتَّسم بالثقافة والمعرفة من حاملي الشهادة الجامعيَّة ، وليس هذا يعني عدم أهميَّة نيل الشهادة الجامعية فإنَّ هذا أمر لا يُجادلُ فيه !
    إنَّ من المهم مواصلة اطِلاع المثقف على كنوز المعلومات ، وذخائر الكتب ، وزيارة قلاع المعرفة ، والاطِّلاع على ما فيها من كتب ومخطوطات .
    وحقَّاً فإنَّه كما قيل أمَّة اقرأ لا تقرأ) فقلَّة قليلة من الناس هي التي تقرأ ، وما دمنا نطلب ثقافة تزداد ولا تضمحل ، فيتأكَّد الحث على المواصلة في الاستقاء المعرفي والثقافي ، وعدم الإبقاء على المعرفة الذاتية التي أخذها الإنسان بعد برهة من الزمن ، فالعلم البشري كثيراً ما تتغيَّر أسسه وقواعده ومعلوماته ، فما البال بالثقافة فمن المؤكد أنَّ شيئاً منها سيتغيَّر فترة بعد أخرى ، ومن جميل الأقوال : إن الطبيب الذي لا يقرأ ويتابع الجديد في اختصاصه يصبح نجاراً !
    8ـ المحافظة على الهويَّة الإسلاميَّة ، والاعتزاز بهذا الدين العظيم ، فقد رأينا كثيراً من المثقفين العرب ، يكفرون بهويتهم ، وينقلبون على واقعهم الإسلامي بالهمز واللمز ، بل ويذوبون في المشروعات الغربيَّة المناهضة للمشروع الإسلامي.

  • #2
    فمن المهم ألاَّ يكون المثقف متشبهاً بأعداء الإسلام ، بل يعتز بهويته وقيمه وخصوصياته ، ولا يرتضي التهجّم المناوئ للثقافة الإسلاميَّة أو أن تخترق حصونها ، أو تهدد قلاعها.
    ومن المزعج أن نجد بعض المثقفين المنتسبين للدين الإسلامي يمالؤون كفَّة أعداء الإسلام ، ويكونون مروجين ومؤيدين للفيل الأمريكي كحال أبي رغال مكَّة الذي مهَّد لجيش أبرهة الثرى لهدم الكعبة الشريفة بحجج ساقطة.
    ومن المؤلم أن نرى مثقفين ينتمون للإسلام ، من أشدِّ الناس طعناً في خاصرة المسلمين ، مع انعدام المحافظة على خصوصيات المسلمين ، واستقطاب الوافدات الغربيَّة المغايرة للمنهج الإسلامي، ولهذا فإنَّا نجد بعضهم يناكف الجدل، ويلاسن المحافظين على هويَّة الإسلام بقولهم : ليس هناك شيء اسمه الغزو الفكري بل ما يسمَّى بذلك فهو وهم لا حقيقة له ، ولا ينبغي في نظرهم أن نعبأ بهذه المصطلحات ؛ لأنَّنا بنظرهم نعيش في قرية واحدة و كل يستقي من الآخر، ويرتشف ويمتزج مع ثقافته!
    ولو نظرنا في ثقافة وتاريخ غيرنا من الأمم الكافرة لوجدنا أنَّهم من أحرص الناس على هويتهم ، فمثلاً بعض الدول الأوروبيَّة لم تدخل إلى الآن في الاتحاد الأوروبي بسبب محافظتها على هويتها وخصوصياتها.
    وهاهم اليابانيون حين ضربتهم أمريكا بالقنبلة النووية ودمَّرت ناجازاكي وهيروشيما ، رأوا أنَّ من أسباب ضعفهم عدم قدرتهم على مواجهة الأمريكان ، وقلَّة المعلومات التقنيَّة التي لديهم ؛ فأرادوا تحقيق المناعة واستقطاب المعلومات التي يجهلونها فأرسلوا البعثات للتعلم في بلاد الغرب والنهل من علومهم الطبيعية ، حتى يرجعوا إلى اليابان وينقلوا على أرضها تلك التجارب الغربية الطبيعية فتنهض دولتهم ، وحين بعثت أول بعثة يابانية إلى دول الغرب رجعوا إلى بلادهم متحللين من مبادئهم ، ذائبين في الشخصية الغربية ، فما كان من اليابانيين إلاَّ أن أحرقوهم جميعاً على مرأى من الناس في طوكيو ، ليروا عاقبة من تنكر لأمته وقيمه ، ولم يرعَ المسؤولية التي أنيطت به ، وبعد ذلك أرسل اليابانيون بعثة أخرى ، وأرسلوا معها مراقباً يراقبهم أولاَّ فأول ، من ناحية ثباتهم على عقيدتهم وخصوصياتهم البوذية ، ومراقبة انهماكهم في استقطاب واجتذاب المعلومات التي يجهلونها لينقلوها في واقع بلادهم ، وتمضي الأيام وتكون اليابان من أكبر الدول التقنية في العالم أجمع ، بل والمنافسة والمسابقة لأمريكا وأوروبا في كثير من التخصصات التقنية.
    فهل يعي مثقفونا أهمية المحافظة على الخصوصية والهوية الخاصَّة بالأمة الإسلامية ، ويرعوا هويتهم حقَّ رعايتها ؟!
    9ـ الشعور بهموم الأمَّة المسلمة ، والاعتناء بشأنها العام ، والانضواء تحت رايتها ، والعمل على تحريك واقعها لإيجابيَّة فعَّالة ، مع مناصرة المثقف لثقافة المقاومة ، و المجاهرة بأهميَّة مواجهة المحتل الذي يضرب بأطنابه يوماً بعد يوم في ديار الإسلام ، وفضح مخطَّطاتهم ، وتبيين سبيلهم الإجرامي ، ومكافحة كيدهم ، والمجاهدة له جهاداً كبيرا.
    وإذا كان جان بول سارتر يقول : مهمَّة المثقفين الأولى إزعاج السلطات والطغاة، فإنَّه سبحانه وتعالى يقول وجاهدهم به جهاداً كبيراً) ويقول فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرّض المؤمنين على القتال).
    فالمثقف يتبنَّى المقاومة ، وينضوي تحت لوائها لعلَّه يكون من أنصارها بالحجَّة والبيان ، إن لم يكن من أنصارها بالسيف والسنان ، وقد كان رسول الهدى عليه الصلاة والسلام يقول لحسَّان بن ثابت اهجهم وروح القدس معك) ويقول : ( إن شعرك أشد عليهم وقعاً من وقع النبال) فإنَّ لحديث ولكتابة المثقف المسلم الملتزم صدى قوياً وكبيراً في هذه الأيام عبر وسائل الإعلام بكافة أطيافها.
    10ـ التواصل مع الغير أو الآخر مع الحصانة الفكرية الراسخة عنده ، وبناء ثقافة الممانعة والمناعة في تكوينه الفكري ، وهذا ما يؤكِّد أهميَّة تلقي العقيدة تلقياً أوَّلياً قبل نيل أيَّة ثقافة ، وذلك لأنَّ كثيراً من المثقفين تكون القاعدة الصلبة العقدية لديهم ضعيفة ما يؤدِّي إلى الوقوع في مزالق فكرية خطيرة.
    ومن جميل ما أوصى به شيخ الإسلام ابن تيمية تلميذه الإمام ابن القيم قوله لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح إلاَّ بها ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها فيراها بصفائه).
    نعم ... من الحسن أن يكون لدى المثقف عقلية الاستيعاب لفكر الآخرين ، والارتشاف من علومهم ، والاستقطاب من أفكارهم ، ريثما أنَّه من المهم أن يكون على حذر من الوقوع في انحرافاتهم ، فيكون حاله كمن يبني قصراً ويهدم مصراً .
    ومن هذا القبيل ما ذكره ابن عبد ربه في العقد الفريد أنَّ ابن المبارك كان خارجاً للجهاد في سبيل الله ، وكان يتأسَّى على الأيام التي فوتها بقرض الشعر ، ويقول فوَّتنا أياماً في قرض الشعر ونظمه وتركنا هذا العمل العظيم ـ يقصد الجهاد في سبيل الله ـ ثمَّ مرَّ بجانبه سكران ، قد رفع صوته يغني قائلاً :
    أذلني الهوى فأنا الذليل * وليس إلى الذي أهوى سبيل
    فأخرج ابن المبارك رزنامجا( أي ورقة) فكتب البيت ، فقال له أصحابه : أتكتب بيت شعر سمعته من سكران ؟! فقال : أما سمعتم المثل : ربَّ جوهرة في مزبلة!
    وصدق ! فلا يضر أن يأخذ الإنسان من علوم غيره ومن أفكارهم مع ما عند بعضهم من فساد في الفكر وخلل في الاعتقاد وقصور في السلوك .
    وقد أخذ أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ آية الكرسي من الشيطان ، وحين علم رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ بذلك قال : صدقك وهو كذوب.
    وكفى بقوله عليه الصلاة والسلام الحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها كان أحق الناس بها) أخرجه الترمذي.
    11ـ المثقف صاحب فكر وهدف ، باحث عن الحقيقة شجاع في اكتشاف المجهول ، لا يرديه قول قائل ، ولا تخذيل مخذل ، بل يجهد نفسه للوصول إلى المطلوب ، ليحقق طموحاته وأهدافه ، وقد قيل :
    وما نيل المطالب بالتمنِّي * ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
    12ـ المواكبة للعصر ، والوعي لظروفه ، وتقديم الإسلام بلغة يفهمها أهل العصر بدون غلو وشطط ، أو تخاذل وغلط .
    لعل هذه بعضاً من صفات المثقف الحريص على شخصيّته لتتوائم مع فكره وسلوكه ، والله من وراء القصد ، وهو الهادي إلى سواء السبيل .
    ================

    تعليق


    • #3
      الوجوه التعبيريه لم اضعها وانما قد تشابهت مع الشكل المدخل
      ارجوا من المشرف حذفها

      تعليق


      • #4
        نحو محيط ثقافي ناضج (2)
        دور المثقف .... جهود لا ركود
        خباب بن مروان الحمد
        كتبت في حلقة سابقة حول صفات المثقف ، مبيناً بأني أقصد مخاطبة المثقف المسلم ، وذكَّرت بأهمِّ الصفات التي يتأكد على المثقف المسلم أن يتحلَّى بها ، حتَّى يكون متميزاً عن غيره من المثقفين العاديين ، وهذه الحلقة مكمِّلة وموضحة لدور المثقف ومسؤوليته تجاه نفسه وأمَّته ومجتمعه ، والله من وراء القصد .....
        _______________________
        إن المثقف الحق هو من يقوم بدوره كاملا وذلك عبر التحمل والأداء فإن قيمة المعلومات التي اختزنها والمعرفة التي أتيح له الاضطلاع عليها = لن تظهر إلا حين يؤدي زكاة ما جمعه وما اكتنزه من ثقافة امتدت على طول سنوات الخبرة في جامعة الحياة ، ولن يشفع له أنه قارئ نهم أو مطلع بل عليه أن يعطينا ثمار معرفته وإلا كان علمه مما يتعوذ منه فقد استعاذ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من علم لا ينفع .
        إنَّ للمثقف دوراً كبيراً في واقع الناس ودنياهم ، لأنَّ المثقف الذي جمع من المعلومات قسطاً كبيراً ، ينبغي ألاَّ يقتصر على الجمع والاستقصاء والارتشاف والاستقاء للمعلومات فحسب ، بل يطمح بأن يكون له دور ريادي في إصلاح الواقع الذي يعايشه ، وعدم اعتزاله ، وفي هذا المقال أستكمل الحديث موضِّحاً لدور المثقف في المجتمع...
        ووظيفته في بثِّ أفكاره ...
        ومسؤوليته أمام الله حول المعلومات والعلم الذي استقاه ، و كيف يبلوره لواقع عملي ..........
        وما دور المثقف في الأزمات والملمَّات التي تقع على الأمَّة المسلمة .....
        وكيف يكون مساعداً في إخراج الأمَّة من كبوتها ، أو قل مبصراً لها بما هي مقدمة عليه ، وإنقاذها من الوقوع في أوحال الانزلاق.....
        فلهذا كانت هذه المقالة استمراراً في البحث عن حلول مفيدة ، لعلَّ الله يكتب لها القبول ، إنَّه خير مأمول .
        * الدور المأمول ، والأمل المنشود :
        لقد قال مرَّة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى المثقفون اليوم هم جنرالات المعركة المقبلة وقادتها ومحددو نتائجها ، لقد بات عليهم من الآن فصاعداً القيام بدور محوري في معركة الدفاع عن الأمة وحضارتها).
        وحديثه في محلَّه ـ بغض النظر عن سياق الكلام ـ فإنَّه إن لم يكن للمثقف المسلم وخصوصاً في هذه الحقبة الزمنيَّة دور فعَّال وأكيد في القيام بمهامِّه ومسئولياته = فإنَّ ثقافته وعلمه لن تفيد الواقع البشري ، بل قصارى ما يمكن أن يقال بأنَّه زادت نسخة ثقافيَّة جديدة في البلد ليس إلاَّ !
        وقبل البدء بعرض ما في جعبتي من الدور المأمول للمثقف السلم ، فإنِّي أنبِّه على قضية ذات أهميَّة للمثقف نفسه ، وهي أوَّل دور ينبغي أن يعتني به ، وذلك بإصلاح ذاته ، والقيام بالعبوديَّة لله ، والالتجاء لركنه الركين ، والتقرب منه بأنواع العبوديَّة ، فكثير من المثقفين ـ يغفر الله لي ولهم ـ مفرِّط في حقوق الله تعالى، أو على الأقل نصيبهم من العبادة ضعيف ، مع أنَّهم قدوة يقتدي الناس بفعالهم ، وأقوالهم وحركاتهم .
        * دور المثقف تجاه الأمَّة وقضاياها:
        من أولويات المثقف في القيام بدوره الريادي والقيادي تجاه أمَّته ما يلي :
        ـ تبصير الأمَّة بالحقوق والواجبات ، وتسليحها بالعلم والمعرفة ، ونشر الثقافة الإسلاميَّة بين المسلمين ، والدعوة إليها ، وتوعيتهم بما يجهلونه منها ؛ فإنَّ أمَّة تعيش على الاهتراء الثقافي ، والنسيان أو التناسي لعلمها وقيمها فضلاً عن التنكر لذلك ، مصيرها محتوم بالفشل وتكون بذلك قد حجزت لنفسها مقعداً بين الأمم المتخلفة وابتعدت عمّا من شأنه أن يرقى بفكرها وثقافتها.
        ـ أن يكون له وقع وأثر فعَّال في إدارة الأزمة التي تمرَّ بها الأمَّة الإسلاميَّة ، ومن أروع ما قاله "جيري سيكيتش" في كتابه كافة المخاطر) عن تخطيط إدارة الأزمات :"لا تختبر أي إدارة اختباراً جيداً إلا في مواقف الأزمات".
        فالرجل المثقف يستشعر وجوده في مجتمع الأزمة ، ويحاول قدر المستطاع ، أن يبذل قصارى جهده لبث الروح الفعَّالة ، وصدق طرفة بن العبد حين قال :
        فإن قِيل مَن فتى خِلتُ أنني *** عُنيتُ فلم أكسل ولم أتبلدِ
        والمثقف لا يكل ولا يمل في محاولة بذر روح الأمل والعمل في قلوب الأمَّة ، ورفع المعنويات للجماهير المسلمة ، التي أصيب بعضها بروح اليأس والقنوط.
        ـ الوقوف بجانب الحق ، ومقاومة الظلم ، ومصاولة الباطل ، وإذا كان المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي يرى أنَّ المثقف هو من يحمل الحقيقة في وجه القوَّة ، فإنَّ دين الإسلام أتى بمفهوم عجيب لنصرة الظالم والمظلوم ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" فقال رجل: أنصره إذا كان مظلوما أفرأيت إذا كان ظالما كيف أنصره؟ قال "تحجزه أو تمنعه من الظلم فإنّ ذلك نصره" أخرجه البخاري .
        فالمثقف له دوره الفعَّال في نصرة الحق ، والمجاهرة بقوله ، ولو على حساب نفسه ، ومن العجب أن يكون أصحاب الباطل جريئين في قول باطلهم ، وأهل الحق ضعفاء بالجهر بحقِّهم ، فعلى المثقف أن يحترم ذاته وعلمه ولا يسمح بأن يكون أداة مؤجرة مهما كان الثمن ، ولله درّ من قال :
        قد رشحوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل
        وضرورة أكيدة للمثقف بأن يضحي لنشر أفكاره بالغالي والنفيس ، وليس على الترزق والأكل والشرب بأفكاره ، أو أن تكون أفكاره مواداً يتاجر بها فحسب .
        وإذا أصبح المفكر بوقا يستوي الفكر عنده والحذاء
        إنَّ المثقف هو قلب الأمَّة النابض ، وهو الذي يشعر بهموم الأمة ، ولا بدَّ أن يكون له موقف أخلاقي نابع من دينه تجاه ما يحدث فيكسب رضا الله ورضا الناس ويمنح التخليد في التاريخ ، وتعجبني كلمة قالها المفكر الإسلامي محمد الأحمري حين قال مرة في إحدى مجالسه : المعرفة والموقف يرفعان أقدار الرجال ... وصدق لله درًّه !
        ـ المثقف يواجه عواطف الجماهير بروح عمليَّة حركيَّة وخصوصاً أنَّ العاطفة تكون سيدة الموقف في كثير من القضايا ، فهو في خطاباته لا يشحن العواطف ويحركها فحسب ، بل إنَّه يواجهها بعقلانيَّة وعمل مثمر بنَّاء ، وتسخير للطاقات في خدمة هذا الدين .
        وعليه فإنَّ من المهم أن يكون المثقف لديه وعي اجتماعي ويتبعه دور اجتماعي، يصلح به الواقع المعاش، ودنيا الناس ، ولا بأس ... فليكن مثقفاً ورجلاً شعبياً في الوقت نفسه .
        لهذا نجد أنَّ كفَّار قريش استغربوا كيف أنَّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ يعاشر الناس ويخالطهم في منتدياتهم وأسواقهم ، حيث كان رجل عامَّة مع أنَّه الرسول الذي يوحى له من قِبَلِ الله ـ سبحانه وتعالى ـ وكفى به من شرف ، ومع هذا فكان قريباً من الناس ، ممَّا دعى كفار قريش لأن يقولوا كما أخبر تعالى عنهموقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) !
        فالمثقف هو من يكون جامعاً بين نفع نفسه ونفع الناس ، مع علم وفكر ومعرفة، فهو كما يقول محمد إقبال :
        نيِّر الفكر يقود العملا *** مثل رعد بعد برق جلجلا
        والحقيقة أنَّ بعض الناس يظنُّ أنَّ المثقف يقتصر دوره على الكتابة أو الاستقاء الثقافي ، لذا صار كثير من المثقفين يعيشون في صومعة فكرية ، ودورهم في المجتمع ضامر ولا يظهر إلا من خلال كتاب أو مقالة أو رسالة فحسب ، ولا ريب أنَّ هذا خلل في المفهوم ، فالمثقف إن كان قصده المعرفة والثقافة فحسب ، فإنَّه لن يكون له دور إصلاحي ريادي في المجتمع وهو ما نسعى له !
        ـ من واجبات المثقف أن يجيب على تساؤلات الناس ، ويعالج مشكلاتهم ، فلا يكون كالكثير ممَّن يطرحون الإشكاليات التي يعجَّ بها العالم الإسلامي ، ولا يعطون لها حلاً ، أو يفكرون بطرق عملية تفيد السائل ، وتثري المجتمع ، وفي الحقيقة فإنَّ كثيراً من المثقفين يعيشون في أزمة وتكمن في إثارة الإشكاليات الثقافيَّة أحياناً في وجوه المخاطبين ، دون تبيين حلول لتلك الإشكاليات، لذا وصف كثير من المثقفين بأنَّهم يعيشون في واد والناس يعيشون في واد آخر.
        لكن ما نرجوه أن يكون المثقف كالطبيب الذي يعالج مشكلات الجسم ، وهو يعالج مشكلات الروح والمجتمع ، فضلاً عن تعزيزه لذوات الناس والمجتمعات ، وزرع روح التكافل والتضامن الروحي والاجتماعي فيما بينهم .
        فهو كما قيل "شخص همه أن يحدد ويحلل ويعمل من خلال ذلك على المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ نظام اجتماعي أفضل ، نظام أكثر إنسانية و أكثر عقلانية" انظر: محمد عابد الجابري : المثقفون في الحضارة العربية، مركز دراسات الوحدة العربية ، ص 25.
        ولا يعني ذلك أنَّ المثقف يجب عليه أن يجيب على كلِّ سؤال ، حتى يوصم بأنَّ لديه شهوة الكلام والجواب والخطاب ، وهو بهذا يظنُّ أنه يريد أن يحقق الموسوعية وهذه مشكلة قد يضر من خلالها أكثر ممَّا ينفع ، فبعضهم يريد أن يكون شيخاً وواعظاً ومفتياً ومحللاً سياسياً ومنظراً اجتماعياً وطبيباً نفسياً، وأتذكر بهم قول الشاعر :
        رام نفعاً فضرَّ من غير قصد *** ومن البر ما يكون عقوقاً
        إلاَّ أن المثقف الصادق يقول لما لا يعرفه لا أدري ويكثر من هذا القول ، ولا يتنافي هذا بأن يكون مثقفاً ألبتة.
        * دور المثقف حيال بناء الأمَّة الثقافي:
        لابدَّ وأن يكون للمثقف دور في بناء الهيكل الثقافي للأمَّة المسلمة ، وتزويدها بكلِّ ما يرفع من كيانها وقدراتها ، ومن ذلك :
        ـ ممَّا يلزم المثقف أن يكون له دور في الإصلاح الفكري والديني والاجتماعي وغيرها ، وأن يفرض رأيه بالإقناع لا بالإخضاع ، فهو ليس حاكم أو قاضي ، بل هو مبلغ وداعية وموصِّل للثقافة التي استقاها إلى شرائح المجتمع.
        مع أهميَّة أن يتسع صدره لمن يخالفه ، ويعامله بالحسنى ، ويعاشره بالمعروف، ويربي الناس على أهميَّة التخلٌّق بأدب الخلاف ، والتعامل مع الناس في طروحاتهم الفكرية والثقافيَّة بأدب ، ويخبرهم بأنهم الرابح الكبير من وراء ذلك ، وصدق الله إذ يقول ( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً).

        تعليق


        • #5
          ـ من الأمور المهمة للمثقف المسلم أن يبني نظاماً ثقافياً لمن يريد أن يزداد من رصيده الثقافي ، ولو تنادى جمع من المثقفين لعقد جلسات بين أرباب الثقافة وأولو الفكر والمعرفة الذين يمتازون بالتنوع في التخصصات فيما بينهم ، مع الاتساع المعرفي ، والعمق المنهجي ، واختطوا منهجاً ثقافياً شاملاً عاماً يجمع بين القراءة والتدبر والتحليل والتأمل والدورات والتجارب والأشرطة والمحاضرات والندوات والأفلام الوثائقية والمناهج المتغايرة المختلفة ، وحاولوا أن يضعوا للمبتدئين وكذا للمتوسطين والمتقدمين ، منهجية ثقافية شاملة ، لكان أمراً متميزاً ، ويكون ذلك عبر خطة شمولية منهجية متكاملة في جميع العلوم والتخصصات .
          وقد يقول قائل : قد يحصل هناك اختلاف ما بين الرؤى والتصورات في النظر إلى تلك المنهجية الثقافية الصاعدة ، ويكتب آخرون منهجيَّة أخرى تغاير وتخالف ، فجواباً على ذلك : لا بأس .... فليكن مثل هذا فإنَّا نريد أن تكون قضايانا الثقافية موضع نقاش وفائدة وتبادل للخبرات والمعارف وتنوع في الفهم والتحليل وهو ما يمكن أن يطلق عليه التلاقح الثقافي ، وقد قيل : العقول ينقح بعضها بعضاً ، ولا يعني ذلك إقرار التضارب بين المناهج المرسومة لذلك ، بل هذا من قبيل اختلاف العقول المحمود ، وقد قيل : اختلاف العقول ثراء واختلاف القلوب وباء.
          ـ مخاطبة كل فئة بما يناسبها من الخطاب الثقافي ، فليخاطب كبير السن ، خلاف ما يخاطب صغيره، وحين يخاطب ويتحدث إلى النخب ، غير حديثه لرجل الشارع العامي ، وهكذا ... فليعط لكل مقام مقاله الذي يخصَّه ، ويتحدث بالحديث المناسب للرجل المناسب في المكان المناسب ، اقتداء بما قاله علي بن أبي طالب ( حدثوا الناس بما يعقلون أتحبون أن يكذَّب الله ورسوله) وبقول عائشة ( ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلاَّ كان لبعضهم فتنة).
          ـ تعميق الحس النقدي لدى آحاد الأمَّة ، وتربية العقول على أن تكون موضوعيَّة في التلقي والاستماع ، ودراسة القضايا بروح المنهجية لا العواطف غير المؤصَّلة.
          لهذا عرَّف مجمع اللغة العربيَّة بأنَّ الثقافة ( كل ما فيه استنارة للذهن وتهذيب للذوق ، وتنمية لملكة النقد والحكم لدى الفرد والمجتمع) مجمع اللغة العربية ، المعجم الفلسفي ، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية ، القاهرة ، 1979 ، مادة ثقف.
          فمهم وحسن أن يكون لدى المثقف دور في تنمية ملكات النقد البنَّاء لدى المجتمعات المسلمة ، وكيف تتلقَّى الأخبار وتمحِّصُها قبل أن تشيعها وتذيعها.
          ـ تشجيع روح الإبداع والابتكار في قلوب الشباب اليافع ، ومحاولة الإشراف على مراكز تعتني بهم ، وترفع من قدراتهم الإبداعيَّة ، والسعي لتمويلها وتشغيلها ، وحتماً فستنتج تلك المراكز كفاءات عالية نشيطة وذات همم وطموحات ، تفيد الأمَّة المسلمة .
          ـ إشعار الناس بأهمية اللغة العربية، والتحدث والاعتزاز بها ، وأن يغرس المثقف في المسلمين حب اللغة العربية ، لأنَّها اللغة التي نزل بها القرآن فهي لغة الإسلام ، وممَّا يؤسف له أن نجد أناساً من مفكري الإسلام ومثقفيه لم يتعلموا اللغة العربية ، بل كتبوا كتبهم بلغاتهم الخاصة بهم ، كأبي الأعلى المودودي ، ومحمد إقبال ، بل كان مالك بن نبي وهو من كبار مثقفي الإسلام ، يكتب كثيراً من كتبه باللغة الفرنساوية !
          وعلَّة ذاك الاهتمام باللغة العربية ؛ أنَّها تلاقي الآن وقبل الآن حرباً ضروساً بلا هوادة من دعاة العامية ، أو من المستشرقين ، والمستغربين ، ولا ننسى ما كان يردده سلامة موسى وغيرهم من أذيال الغرب بالتحاكي والتلاسن باللغة العامية ، متحججين بأن اللغة العربية لا تستوعب الأشياء الحديثة ، وأنَّها لغة ضعيفة مهلهلة ، كانت تصلح لزمن حجري ، وليس لزمن النهضة.
          فهم يحاولون صرف المسلمين عن لغتهم بتشجيعهم على الدخول للمدارس العالمية ، ويشجعون على أن تكون اللغة الانجليزية لصيقة بالتلميذ منذ دخوله للمدرسة ، ونجد كثيراً من الناس يصفقون لذلك الأمر ، وهم لا يعلمون أن المسألة ينظر لها الغربيون بمنظار آخر ، وإن كان تعلم اللغات مهم ، وقد قيل : من تعلم لغة قوم أمن مكرهم .
          ولنلاحظ اليهود كيف أنَّهم شجَّعوا لغتهم العبرية مع أنها كانت ميتة ، بل إنَّ اليهودي العربي لا يرطن ولا يتكلم إلاَّ بها ، فضلاً عن أنَّها هي اللغة العلمية التي يتعلم بها الطلاَّب في جامعاتهم في الأعم الأغلب.
          وبما أنَّنا نتحدث عن موضوع اللغة ، فمن مهمات المثقف السعي إلى إيجاد مؤسَّسات تعنى بترجمة الكتب غير العربية ، والتي يجد بها معلومات مهمَّة تفيد عموم الشعوب العربية المسلمة ، وكذلك ترجمة ما لدى غير من المسلمين من أفكار بثوها في كتبهم ، وحرمناها في واقعنا العربي المسلم ، بسبب عدم ترجمتها !
          ـ محاولة تقديم البديل الإسلامي المنضبط بقيم الإسلام وتعاليمه ، فالله تعالى يقول لمحمد ـ صلَّى الله عليه وسلم ـ ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً) وقد كتبت في ذلك دراسة مختصرة وافيه ـ بإذن الله ـ سميتها البديل الإسلامي بين الانضباط والتسيب) من الحسن الرجوع لها ، وقد نشرت على العديد من مواقع الإنترنت.
          * دوره حول ثقافات الغير:
          ـ تحصين الأمَّة وحمايتها من الغزو الفكري أو الثقافي الذي يراد لها من خلاله أن تنسلخ من عقيدتها وقيمها وثوابتها.
          ومن القضايا التي يجب على المثقف المسلم أن ينتبه لها ما يسمَّى بأسلمة المصطلحات ، فهذه القضيَّة يريد المثقفون الليبراليون أن يمرروا من خلالها كثيراً من المصطلحات الغربيَّة والمهترئة التي مجَّ بعضها الغرب فقذفوه لنا ، ليتلقفها الليبراليون ويبشِّروا بها ويدندنوا على أهميتها في الواقع الإسلامي .
          كما أنَّ بعض الإسلاميين يحاولون أن يحققوها في الوجود الإسلامي ولكن بغير (فلترة) لما فيها أو إصلاح خللها فينتج من ذلك مفاسد في التصورات ، وعطب في المفاهيم.
          ومن أروع من كتب عن ذلك محمود شاكر في كتابه (رسالة في الطريق إلى ثقافتنا)، ومحمد قطب في كتابه (نحو تأصيل إسلامي للعلوم الاجتماعية) ، ومحمد محمد حسين في كتابه (حصوننا مهددة من داخلها).
          ـ تنقية الثقافات ممَّا يعتريها من خلل ، أو تشويش ، فنحن نعيش في زمن الانفجار المعرفي والذي جعل الكم الهائل من المعرفة والمعلومات متاحة لنا في كل وقت ، ومن المؤكَّد أنَّها تحوي الغث والسمين ، ووظيفة المثقف حيال ذلك أن ينقي المعلومات من مصدرها ، ويقدمها بصورة جيدة سلسة خالية من العيوب والنقائص ، وهذا ما نحتاجه في زمن الاتصال الفكري = أن يكون هناك علاج للثقافة الوافدة إلينا وتمييز طيبها من خبيثها ، فثقافة الأرض لكلِّ الأرض ، ومن المهم الانفتاح عليها ، ولكن الدور الذي على كاهل المثقف هو التنقية والتصفية لجميع الثقافات وإدخال الحسن منها إلى دائرة المحيط الإسلامي واستبعاد رديئها.
          ـ التحذير ممَّا يسمَّى بـ عولمة الثقافة) وإشعارهم بخطورة هذه الفكرة ، وأنًَّ فحواها ومحتواها طمس الخصوصيات الإسلاميَّة ، وإشغال الأمًَّة المسلمة بما لدى الأمم الغربيَّة والأمريكيَّة على وجه الخصوص من ثقافات جديدة ، وإغراقهم في المستنقع الثقافي لما يسمَّى بالقرية الكونية [وإذا كانت وزيرة الثقافة الدنماركيَّة اشتكت من هيمنة الثقافة الأمريكيَّة ، وقالت :"لم يعد يحتمل هذا الغزو" وإذا كان الرئيس الفرنسي السابق (فرانسو ميتيران) وقف يخطب في الجموع المحتشدة محذِّراً من تفشِّي ظاهرة لبس الجينز بين الشباب الفرنسي لأنَّه مظهر من مظاهر الغزو الأمريكي)مقطع مأخوذ من كتاب العولمة : للدكتور : إبراهيم النَّاصر صـ27ـ صـ11.
          فإنَّا كمسلمين يلزمنا ، أن نحذر من ذلك ونكون أشدّ إصراراً على المحافظة على هويتنا وخصوصياتنا وقيمنا ، وعدم التشبه والاقتداء بأعداء الإسلام ، كيف ورسولنا ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ حذَّرنا من ذلك وقال من تشبَّه بقوم فهو منهم) أخرجه أحمد وجوَّد إسناده ابن تيمية وحسَّنه ابن حجر.
          ـ من مهمَّات المثقف ( استرداد المصطلحات المغتصبة ) وتعديل المفاهيم عند الناس ، ومنازعة المثقفين في بعض المصطلحات ، ومن ذلك كلمة (المثقف) فقد كانت تطلق في السابق على أتباع الفكر الماركسي الشيوعي ، والآن تطلق على أصحاب الفكر الليبرالي العلماني المتحرر من ربقة العبودية لله، فكلمة المثقف هي أولى بالمثقف المسلم

          تعليق


          • #6
            * المثقف والمستقبل :
            ـ على المثقف أن ينتهز فرص قراءة المستقبل ، والرؤى القادمة ، ودراستها ، واستنباط وإبراز القضايا التي قد ينشأ منها إشكاليات في واقع الثقافة ومصادرها، وأن يسبق الباطل بخطوات قبل وقوعه ، بالإصلاح والنصح المبكر، لا أن ينتظر وقوعه حتى يبدأ بالإصلاح والنصح وربما يتحول هذا الإصلاح بسبب بعد نظره إلى حق دون أدنى خسارة فيتحول الباطل إلى حق لحسن تدبير المثقف وعلمه وأسبقيته بمعرفة وقوع الخطر قبل قدومه .
            فيكون بهذا مقتدراً على توعية الشعوب بالمخاطر التي قد تواجهها ، وإعطائها اللقاحات الثقافية المضادة ، والأمصال الواقية من التأثر بقضايا تسبب فيما بعد مشاغبات ثقافية مؤثرة على الجو الثقافي والبيئة العامة .
            وذلك حتى لا تكون أفعال المثقفين أو قراءاتهم في الواقع أو دورهم في المجتمع ناشئ عن ردود أفعال فحسب ، بل لابد أن يكون للمثقفين دور في قراءة مستقبلية للفعل والتشخيص له قبل علاجه وصناعة الدور الذي يناسبه.
            * وأخيراً : هل المثقف داعية ؟!
            قد يقول بعض القرَّاء : إنَّ بعضاً ممَّا كتبت حول دور المثقف يشترك مع دور الداعية ، والجواب عن ذلك : بأنَّ المثقف إن قصدنا به ذلك الشيء المركَّب الذي يطلق على شخص حمل العلم والمعرفة وازدان بالسلوك الراقي الذي اختلط بشخصيته فحسب ... أي باختصار ... ذلك المثقف الذي تكونت لديه معلومات فصار شبيه قوالب جامدة !
            إن كان هذا ما يدور في بال ويسنح في خيال كثير من القرَّاء فليس ذلك هو المقصود ... إنَّ المثقف الذي تريده أمتنا ذلك المثقف الداعية لأفكاره وثقافته التي يحملها ، فهو داعية بقوله ، وداعية بفعله ، وداعية بتصرفاته ، وأي مثقف ليس داعية فإنَّ أمتنا لن تستفيد منه شيئاً .
            تلك ومضات مهمَّة لعلَّها تكون مفيدة ، ونوراً يضيء ، وسراجاً يشتعل ، ونجوماً تضيء ؛ للمثقف المسلم مريد الثقافة والعمل معاً ، فالمثقف رائد والرائد له دور في مجتمعه ، وهو لا يكذب أهله ..
            =================
            طاش ؟ طاش "
            ( اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ ( الآية (64) سورة التوبة
            قرأه واطلع عليه أصحاب الفضيلة:
            الشيخ: صالح بن فوزان الفوزان
            الشيخ: عبدالرحمن بن ناصر البراك
            وقدّم له صاحب الفضيلة:
            الشيخ: عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين
            الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
            من بدر بن نادر المشاري إلى من يراه ...
            السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته أما بعد؛ ؛ ؛
            فمن المعلوم عند المتتبعين والمتابعين أن أهل العلم والناصحين ـ وفّقهم الله ـ قد أفتوا وبيّنوا الموقفَ الشرعيَّ من البرنامج السافر الساخر: (طاش ما طاش)الذي يبث ـ ومع الأسف مرئيًّا ـ عبر الشاشات، وقد استعرض أهل العلم ما فيه من المخالفات للشرع المطهَّر والآداب والقيم منتهين إلى القول بتحريمه؛ لما اشتمل عليه من مخالفات خطيرة، وفيما ذكروه إن شاء الله مقنع وهداية,وعظة وكفاية لمن نوَّر الله بصيرته،وأراد هدايته وتثبيته،وقد أبلغوا وبلَّغوا وحسبهم الله ونعم الوكيل .
            ورغبة مني في ضم الصوت إلى أصواتهم،والقول إلى أقوالهم، وإدراكٍا أنه لابد من كلمة حق تعضد أختها، وأن نعلنها ونجهر بها لنرفع الضيم عن إعلامنا وندفع شر المستهزئين الساخرين المعتدين عن ديننا وأمتنا، ونذكّر الجميع بما تعبّد اللهُ به المسلمينَ من إقامة الحق والعدل وحفظ الدين والدفاع عنه.
            فأقول مستعينًا بالله منبهًا ومحذرًا السالكين الغافلين من أعمال الجاهلين المستهزئين :
            اللهُ أكبرُ في الدفاع سأبتدِي
            وهو الَّذِي نصرَ النبيَّ محمدًا
            وبِهِ أَصُولُ على جميع خصومِنَا
            سَأَسل سَهماً مِنْ كنانةِ وَحْيهِ
            وَبِهِ سأجدعُ أنفَ كلِّ مكابرٍ
            وسأَسْتجِيرُ بِذِي الجلالِ وذِي العُلاَ
            وسأستمد العون منه على الذي
            حتى أُشتت شملهم بأدلة
            وبنور وحي الله أكشف جهلهم
            ... ... وهو المعينُ على نجاحِ المقصدِ
            ولأنصرن التابعينَ لأحمدِ
            وأعدّه عوناً علَى مَنْ يعتدِي
            وَبِهِ أشدّ علَى كَتَائب حُسّدِي
            وَبِهِ سأرصدُ للكَفُورِ الملحدِ
            لا لن أضام إذا استجرت بسيدِي
            لمز الأحبة بالكلام المفسدِ
            مثل الصواعق في السحاب الأسودِ
            حتى يبين على رؤوس المشهدِ
            والناظر في عالمنا اليوم يدرك أن مناطق الصراع المنتشرة على مساحة واسعة كلها بُئر صراع فكري الطابع، عقائدي المحتوى، إنها سنة الله في الصراع بين الحق والباطل.ومن هنا تأتي هذه الأسئلة ، أين دور إعلام المسلمين؟! وما أهدافه؟! وماذا عن خططه؟! ،وهل الأعمال والأفكار والآراء المطروحة في الإعلام تتفق مع الإسلام وأصوله ومبادئه وتعاليمه وأحكامه، أم أن الإسلام من أفعالها براء؟
            إذًا لابد أن يجلَّى هذا الأمر ويفضح ويبين فكر أصحابه وتوجههم من أجل صيانة الأمن الفكري ومن هنا جاءت هذه الرسالة.
            ( 1 )
            (محفوفة بالأخطار)
            من المعلوم أن حياة المسلمين المتمسكين بدينهم اليوم محفوفة بالأخطار من كل جانب تعرض لها أمراض الشبهات والشهوات أمراض يروجها ويعمقها في حياة المسلمين دعاة الباطل والرذيلة حتى تحوّل كثير من المسلمين إلى سائمة تُسام , وقطيعٍ مهزوز اعتقاده, غارق في شهواته, مستغرق في ملذاته , متبلد في إحساسه , لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا, إنهم يسعون إلى لف الحبال حول الأعناق لجرّ الناس نحو أعدائهم جرًّا، وهي نذر سوء تنال من الأمن الفكري ومن انتماء النفس المسلمة و تقود إلى إفراز مجتمع ممسوخ متذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء،حتى انقلب من غلبت عليه الشقاوة على عقبيه خاسرًا؛ فارتد عن دينه فالحذر منهم } وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا{ [الكهف: 28].
            ( 2 )
            (أشأم المساعي)
            لنعلم جميعًا أن مِنْ أشأم المساعي الهدَّامة وأشدها خطرًا في تمييع الأمة وإفسادها فكرًا وخلقًا الإعلام الفاسد وسعي دعاته الذين لم يقولوا خيرًا ولم يصمتوا؛ بل ولم يألوا جهدًا في إشاعة الشر والانحراف والرذيلة في مجال من أخطر المجالات تأثيرًا على الناشئة والجيل والأمة ألا وهو مجال الإعلام المرئي، فهم يتنافسون تنافسًا غير شريف في ترفيه غير بريء، وتسلية غير عفة، فضائيات وإعلام فيه يعكر صفو المؤمنين، ويؤدي إلى انحراف المشاهدين والمتابعين متلبسين بقناعات وأفكار تسربت إليهم وتشربت بها قلوبهم فجعلوا أيام الناس ولياليهم أوقاتًا ضائعة وحياة لاهية وسمرًا عابثًا يبث فيه الفكر الملحد والتطاول على الدين مع السلوك المنحرف، واللقطات الراقصة، والحركات الفاتنة، والأحوال المزرية وكأن في آذانهم صممًا عن النداء الإيماني، يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ماذا دهاهم ليجعلوا من وسائلهم وقنواتهم مشروعات تجارية بحتة في صور محرمة، وبضائع ممنوعة، وسلع فاسدة، ومن المؤلم والمحزن أن بعضها بل أكثرها تؤدي بلا شك إلى التمرد على الدين وإفساد الخلق ) لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ( [التوبة: 37] .
            (3)
            (ديمومة الصراع بين الحق والباطل)
            نحن نؤمن بأن من سنن الله سنةَ التدافع بين الحق والباطل، وأنهما في صراعين دائمين دائبين إلى قيام الساعة؛ ولكن لأن التكليفَ الشرعيَّ يقتضي منَّا أن نطبَِّق أحكام ديننا الحنيف، وأن نقفَ في وجه أي إلحاد فيه أو تحريف لنصوصه أو تعطيل لأحكامه أو تعدٍّ عليه بغض النظر عن الموقع الذي نكون فيه أو الحالة التي نكون عليها، وفي خضم هذا العبث ظهرت نداءات متبصرة من بعض الغيورين المتبصرين ينادون بها وهم فيها محقون إنهم ينادون بضرورة النظر الجاد في الأمن الفكري والتحصين للعقول من الوافد، والحفاظ على خصوصية المسلم في عقيدته الخالصة وشخصية المسلم .
            نداء صادق لتحصين الأفكار من كلِّ ما يلطخها ويدنِّسها، وإلا ستغزى العقول، وتغير المفاهيم، وتنسلخ الشعوب عن معتقداتها، وينتشر الباطل، والقوي العزيز لا ينصر إلا من نصره، وبالمدافعة يكون النصر ) وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ( [الحج: 40]
            (4)
            (حذو النعل بالنعل)
            إن هذا البرنامج الهابط الذي يبث مرئيًّا هاجم الساخرون الفاسقون فيه ومن خلاله دينَ الله، والمتمسكين به ،وثوابت المجتمع وأعرافه التي دانت الأمة باحترامها،وهو نموذج واضح وصريح لما يبثه الإعلام من فساد، والعجب كل العجب أنه إعلام ينطلق من ديار أهل الإسلام ويدعم بأموال المسلمين مردِّدًا كالصدى كلَّ ما ينعق به أعداء هذا الدين؛ ليعلن تبعية قاتلة لا يرجى فيها تحصين فكر ولا حفظ دين؛ بل إن هذه الفئة المسكينة هزيلة مهزومة قتلها اللهث وراء ما يسمونه: المنافسة الإعلامية، وهنا تأتي قاصمة الظهر حين تكون المنافسة في الهزيمة حتى يدخلوا معهم جحر الضب الخرب ويسيروا خلفهم حذو النعل بالنعل، والذيل بالذيل، وهذا من العيب والأمر المشين، أن تعيش وسائل إعلام الأمة في هذا التنافس البائس لبث الفكر المنحرف وتأكيد التبعية للإلحاد الغربي والمادية المعاصرة .
            ولقد طفحت كثير من هذه الوسائل بنشر الفلسفات التي تعزز المادية وتضعف الجوانب الإيمانية، وهي ـ باختصارـ لفيف وخليط وأمشاج من المعتقدات والتصورات بدءًا من الوثنية اليونانية ثم ديانات محرفة من يهودية ونصرانية وانتهاء بالمذاهب المادية المعاصرة، ) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ {12} وَإِذَا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ {13} وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ {14} ( [الصافات :12 ـ 14] .
            (5)
            (شعارات مضلِّلة)
            من المؤلم حقًّا أن كل هذا الهجوم والاعتداء والسخرية والاستهزاء كان من خلال دعوات آثمة وشعارات مضلِّلة يطلقونها تارة باسم ( معالجة القضايا الاجتماعية ) وتارة باسم (المشاركة الوطنية) وتارة باسم ( الترفيه البريء) , وتارة باسم ( مقاومة الفكر الجامد أو الرجعي ) وتارة باسم ( الإسهام في بناء الوطن من خلال النقد البناء ) زعموا أو كما يحلو لهم أن يسموها } بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ{ [الحجرات: 11].
            وهي في الحقيقة ليست سوى أفلام وبرامج وأقلام عربية الحرف أجنبية الفكر ضالة المعتقد مترددة الولاء ، عقولٌ مسترقة، ونفوس مستعبدة، وأفكار مستوردة، التحرر عندهم: الخروج من الدين، والتقدم في فهمهم: الجري في ساحة الإلحاد، والتغيير المنشود عندهم: هو التقلب في عرصات الجاهلية الوثنية القديمة والحديثة } إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ{ [النجم: 23]، ومع هذا كله يدّعون الإصلاح.
            وَغَيْرُ تَقِيٍّ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالتُّقَى طَبِيبٌ يُدَاوِي النَّاسَ وَهْوُ عَلِيلُ
            ) وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ( [التوبة: 101].
            (6)
            (خوض ولعب)
            لقد طفح الكيل وبلغ السيل الزبى في هذا البرنامج الهابط وغيره من البرامج الفاسدة، وكشَّر دعاة الرذيلة عن أنيابهم، وأفرزوا توجهاتهم خلال السنوات الماضية كلها في بثهم الجريء في الباطل، وازداد ذلك بعد الأحداث الأخيرة التي حصلت في بلاد الحرمين مؤخرًا ـ حماها الله ـ إذ صيروها واستغلوها لصالح فكرهم وأهدافهم، وكان من الطبعي أن تلتفت الأنظار للاستهزاء اللامحدود ،والمطلق وبدون قيود بدين الله، والعلماء، والصالحين من عباد الله، وحِلَق القرآن، والمساجد، والقضاة، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والحكام، والمسئولين، وثوابت، ومبادئ، وعادات الناس وأعرافهم، دون خوف من الخالق، أو حياء من المخلوقين فصنعوا ماشاءوا خوضًا ولعبًا } وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ { [التوبة: 65]،هذا بعض الواقع من الهجمات التي تسمُّ العقول، وتحرف السلوك، وتسيء إلى الدين، وتقضي على الأصالة، وتشكك في الولاء وصدق الانتماء } أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُواْ السَّيِّئَاتِ أَن يَخْسِفَ اللّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ { [النحل: 45].
            (7)
            (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ)
            لنعلم أن أولئك الساقطين والعصبة المستهزئة الساخرة ترتدي قفازًا من حرير، وتحتمي وراء مظاهر الوطنية؛ لتعمل عملها، وتبث سمومها؛ لتدفع الجيل إلى التمرد وتمييع دينه وثوابته؛ ليكون لقمة سائغة في فم التغريب الذي هو من أخطر أسلحة الدمار لتخريب مجتمعات المسلمين،ووسائل الإعلام بهذه الصورة تخلط بين الحق والباطل، ولا تميز بين الصالحين الغيورين على الإسلام ومجتمعاتهم وبين الفئات الضالة المنحرفة العلمانية والإلحادية والحداثية ومن على شاكلتهم من أصحاب الفكر المنحرف بطرفيه: الإفراط والتفريط الذين يسعون لإطفاء نور الله ـ زعمواـ بأفعالهم وأقوالهم،) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ ( [ الصف : 8].
            أتطفئ نور الله نفخة ساخرٍ تعالى الذي بالكبرياء تفرَّدا
            )اسْتِكْبَارًا فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلا سُنَّتَ الأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلا( [فاطر: 42].
            (8)
            (الإعلام بوابته)
            هل يليق بهؤلاء السخفاء ومن على شاكلتهم وفي ظل ما تعيشه الأمة المسلمة اليوم عمومًا وما تعيشه بلاد الحرمين ـ حماها الله ـ على وجه الخصوص أن يقوموا بهذه الأعمال التي تؤدي إلى إيغار صدور الناس وتأليبهم وتأجيج ما في نفوسهم من غيره مما قد ينعكس سلبًا على غير المتأني ويصل به إلى أمور لا تحمد عقباها ) إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا ( [الفرقان: 4].
            كيف يُطْمَأنُّ على الأمن الفكري وهناك من يجوس خلال الأمة بأفكار ضالة ومنحرفة، أفكار تدميرية ثائرة تجأر بالتطاول على مقام الألوهية والربوبية والإسلام؟! كيف يُطْمَأنُّ على الأمن الفكري وهناك من يجاهر بالقول بفصل الدين عن الدولة بعقول وأفكار وكتابات ونداءات تأبى أن يكون لدين الإسلام موقع في تصريف شؤون الحياة ؟!
            هل يليق بهم ـ ونحن في فترة إخماد الفتن ـ ولله الحمد ـ وجمع الكلمة وتوحيد الصف ـ أن يهيجوا مشاعر الناس مما يؤدي إلى البلبلة والقلق وغرس الوساوس والمخاوف في الصدور فهذا البرنامج وغيره يدعو إلى تفكك الصف وإثارة الناس، فهو برنامج متطرف إرهابي ساخر داعٍ وداعم للإرهاب جملةً وتفصيلاً ) فَقَدْ كَذَّبُواْ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ ([الأنعام :5] .
            إن الأمن الفكري يجب أن يأتي في مقدمة الاهتمام بمفهوم الأمن كله؛ لأن فيه أمنَ الأرواح، وأمنَ الأعراض، وأمنَ الأموال، وأمنَ الغذاء، وأمنَ الصحة، وأمنَ العمل .
            وماذا يرجى من أمة أصيبت في فكرها، واضطربت في توجهها، واهتزت في قيمها، وتزعزت في عقيدتها؟!!

            تعليق


            • #7
              إنها لا تفقد الأمن وحده ولكنها ـ والله ـ تفقد الوجود كلَّه، نعم تفقد الوجود كلَّه وتخسر الكيان كلَّه دفعةً واحدة دون سابق إنذارٍ أو وعيد، وهي إذ تخسر ذاك إنما تفقد في الوقت نفسه هويتها وإنسانيتها بين سائر الشعوب والأمم .
              هاجس الأمن الفكري هاجس الجميع، والإعلام هو بوابته،وإذا راق لبعض الناس المرح واللعب في زمن من الأزمان؛ فينبغي في هذا الزمان ألاّ يخطر لنا على بالٍ، في زمان داهمنا فيه الأعداءُ من فوقنا، ومن تحت أرجلنا، وحاصرونا من كل مكان،وخرّبوا ـ ولا يزالون يخرّبون ـ بلاد المسلمين في فلسطين وأفغانستان والعراق وهكذا دواليك دواليك, وقد كشرت الصليبية الحاقدة عن أنياب الغدر والوحشية الهمجية بعداوتها حتى على هذه البلاد حماها الله بالإسلام والإيمان ) وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ ( [الأنفال : 71].
              أتضحكون وصوت القدس منتحبُ
              طيّشتم الفكر في لهو وفي لعبِ
              طفل الحجارة تحت القصف منتفضٌ
              وعيشكم ضحك قد طاش من ضحكِ
              أرى على وجهه المجهود أسئلةً
              ماذا دهى أمة الإقدام فانخذلتْ
              أما لكم في نشيج الأم من شجنٍ
              ... ... والقردُ مستبسلٌ في ساحة الحَرمِ
              فطاشت القدسُ بين الخصم والحكمِ
              ضاعت نداءاته في نشوة النغمِ !!
              وأرضهم لغمٌ قد ثار من لغَم ِ
              تستمطر الدمع في حزنِ وفي سقم ِ
              أين الإخاءُ ؟! أما أشجاكم ألمِي ؟!!
              والقردُ يُذكي لظى أحقاده بدمِي
              إذًا فلنعرف إلى أي أمة ننتمي؟! وأي فكر يجب أن نحمل؟! ومن أي المعارف نستقي؟! فأمتنا تنتمي إلى خير فكر، معارفنا هي أصح المعارف، وقرآننا وحده هو الذي يهدي للتي هي أقوم، وهو الذي يثير هذا السؤال } فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ { [الأنعام: 81] فيأتي الجواب فيه صريحًا قاطعًا } الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ{ [الأنعام: 82]، فلنلتزم كتاب ربنا، ولنسر على نهج نبينا محمد y، وبهما تحفظ بوابة أمننا، ونتميز عن غيرنا.
              (9)
              (هل راق لكم فعلكم؟)
              هل يروق لهؤلاء وغيرهم من السخفاء في مثل هذا الشهر والموسم العظيم أن يلهوا عباد الله عن دين الله ويبعدوا الخلق عن الخالق ويزرعوا في نفوسهم الشُّبه وحب الشهوة )لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ([الأنفال : 27] .
              إذا كان أسلاف الأمة وصالحوها كانوا يعكفون بكل صدق وإقبال على الطاعات منشغلين بالقرآن والقيام لإدراكهم ومعرفتهم بقيمة وخصائص وفضائل هذا الشهر حتى قطعوا المفاوز ففازوا ولفضل السبق في تنافس الخيرات في مواسم النفحات نالوا وحازوا، صونٌ عن فضول الطعام والكلام، وكفٌّ عن الحرام ليس فقط في رمضان بل في سائر الشهور والأعوام والحياة كلها فيجب أن تصوم الجوارح عن الأذى، وتنفطم المشاعر عن الهوى ألا يكفي هؤلاء ضياعًا وسخرية طوال أحد عشر شهرًا خلال كل عام, وهم يستقبلون الشهر كغيرهم من فئات وفئام من المفرِّطين بالضياع ويعيشونه كأنهم لا يستقبلون ركنًا من أركان الإسلام، ركنًا يقيم الدين من أقامه، ويهدم الدين من هدمه، إنهم لا يعيشونه إلا باعتباره تقليدًا موروثًا وموسمًا مقررًا يتكرر كل عام، يقطعونه ـ وسائر السنة ـ باللهو بالاستعدادات المبكرة، والوعود المخزية لبث اللهو المقيت، والأفكار المنحرفة، والأهداف التي يرونها بأعينهم صغيرة حقيرة فالله } لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا {.
              قال ابن عباس: (( الصغيرة: التبسم. والكبيرة: الضحك على حالة الاستهزاء )) وهذا تصريح بأن ذلك من الكبائر.
              وقال الغزالي في قول ابن عباس: هذا إشارة إلى أن الضحك على الناس من الجرائم والذنوب )وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ( [الأنعام :55], فهلاّ صفدتم شياطينكم الذين يوحون إليكم؛ لتريحون العباد من شركم وطيشكم .
              يا طاش طيّشت أعمال العباد فهلْ
              كل الشياطين قد باتت مصفّدةً
              سخرت بالحق واستحللت في صخب ٍ
              ... ... يلقون منك سوى الغفلات واللممِ
              وطيشك اليوم وثّاب على قدم ِ
              قتل الفضائل في ساعاتها الحُرم ِ
              وقد أخرج البيهقي في شعب الإيمان برقم ( 6757) عن الحسن البصري ـ رحمه الله ـ عن النبي r قال: ( إن المستهزئين بالناس ليفتح لأحدهم باب الجنة فيقال: هلم فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاء أغلق دونه، ثم يفتح له باب آخر فيقال: هلم هلم فيجيء بكربه وغمه، فإذا جاء أغلق دونه، فما يزال كذلك حتى إن الرجل ليفتح له الباب فيقال: هلم هلم فلا يأبه من اليأس ) , ) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ ( [يونس: 50]
              (10)
              (لماذا طاش ما طاش ؟)
              لأنه جمع من المعايب مايقيم على أهله الحجة، ومنها:
              1. العمل على تهوين الأخذ بأحكام الشرع المطهر والاحتكام والأخذ بغيره } أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ { [ المائدة : 50]. ناهيك عن ترويج الاستعداء والشحناء والتعويد على رؤية المنكرات وعدم التفكير في إنكارها فضلاً عن إنكارها .
              2. السخريه بأهل الخير والصلاح وإلصاق المعايب بهم, لا لذوات الأشخاص على ما فيها من مخالفة شرعية ولكن لديانتهم وصلاحهم ويحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم ) زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ ( [البقرة : 212].
              3. لمز المتصفين بالغيرة على محارمهم ونسائهم، والمعارضة الصريحة لحجاب المرأة المسلمة، وترويج الاستحسان للتأخر في الزواج، ومحاربة التعدد المشروع.
              لقد أخرجوا المرأة من عفتها وكرامتها وحجابها وطهرها، وكل ما نخشاه أن تصبح الخمور والعهر الصريح ـ كما أصبحت لغيرهم ـ من الأمور اللازمة لموادِّهم الإعلامية الساقطة ولاحول ولا قوة إلا بالله } وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ {38} فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ{ [ هود: 38، 39].
              4. خروج المرأة مع الرجال الأجانب والدعوة للاختلاط والتبرج والسفور وخضوعًا بالقول وغير ذلك } إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ { [الأحزاب :53].
              5. إثارة الشهوات في مشاهد بشعة تقتل الحياء، وتقضي على العفة بتفجير الغرائز، والعريّ الفاضح، وعرض المفاتن لاستمالة النشء وضياعه }وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا{ [ النساء 27].
              6. القيام بأفعال رعونة وسخرية وخرم مروءة وخيانة وإفلات من العقاب فأين تحصين أفكار الشباب من كل دخيل وشاذ ؟! }أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا{ [ الفرقان: 44].
              7. تناول عادات بعض البلدان والمناطق ومحاكاة لهجاتهم على وجه التحقير لأهلها وإظهار معايبهم؛ لبث الفرقة والانقسام بين طبقات الأمة والمجتمع } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ {[الحجرات: 11] , وقد حكى القرطبي في تفسير قوله تعالى: }بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ{ أن من لقّب أخاه وسخر منه؛ فهو فاسق .
              8. إثارة النعرات والعصبيات الجاهلية عن طريق السخرية وهذا منافٍ لمقاصد الشريعة من الحث على المحبة والألفة والإخاء والصفاء بين المسلمين } وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ{ [الحجرات: 13] , وقوله: } إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ{ [الحجرات: 10] وليعلم أن من معاني السخرية والاستهزاء والاستهانة التنبيه على العيوب والنقائص على من يضحك منه، وقد يكون ذلك بالمحاكاة في الفعل والقول،وقد يكون بالإشارة والإيماء، وقد يكون بالضحك كأن يضحك على كلام إذا تخبط فيه أو غلط، أو على بيان صنعه، أو قبح صورته ونحو ذلك.
              (11)
              ( هل طاش ما طاش هو المعني بهذا الرد وحده؟)
              إن تخصيص الكلام في هذا المسلسل والرد على من يشارك فيه لا يعني سلامة غيره من البرامج والمسلسلات التي تنقل الفجور وتبث الرذيلة والسخرية سواء أكانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة أو بأي وسيلة أخرى، فكل ما قيل في حق (طاش ما طاش) يقال في حق غيره إذا خالف الشرع، وانتهك الحرمات، وأفسد الأخلاق، وقتل الغيرة، وحطم المروءة الإنسانية، ودعى إلى الانحراف والضلالة بشتى أنواعها، حتى ولو كان ذلك على سبيل الضحك واللعب } إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ {29} وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ {30} وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ {31} وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاء لَضَالُّونَ {32} وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ {33} فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ {34} عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ {35} هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ{ [المطففين: 29 - 36]
              (12)
              (شبه النقد)
              الانتقاد البنَّاء ومعالجة المشاكل والقضايا الاجتماعية:
              قد يفهم من كلامي هذا أنني ضد الانتقاد البنََّاء أو معالجة المشاكل والقضايا الاجتماعية وهذا غير صحيح؛ بل إنني على يقين أن الأمة المسلمة وهي تعيش اليوم أحطَّ عصورها، وأردى أيامها، وتعيش في تخلف مطبق من أقصاها إلى أقصاها سواء من الناحية العلمية أو الدعوية، أو الناحية الاجتماعية والاقتصادية، أو من الناحية السياسية على مستوى الفرد والجماعة هي في أمس الحاجة إلى النقد الصحيح الصادق الهادف .
              والناقد والمراجع والمصحح المتقيد بشروط وضوابط وأبواب وأصول النقد يقبل منه بشرط أن يكون النقد بمعناه الحقيقي وهو كما قيل: اختيار الخير وتميز الزيف، ولا يسلم أحد من النقد كما قال أبو الدرداء رضي الله عنه "الناس إن نقدتهم نقدوك، وإن تركتهم لم يتركوك، فلا سلامة منهم "
              سلمت وهل حي من الناس يسلمُ
              إذًا فليكن النقد تمييز الطيب من الخبيث، والصالح من الطالح، والحسن من القبيح، والزيف من الحقيقي، والعاقل المنصف يقبل النقد بهذا المعنى الذي ينطبق على المفهوم الشرعي ألا وهو معرفة الخطأ والصواب بمعنى الثناء على الخير ومدحه وذم الشر وقدحه سواء أكان هذا الخير والشر في شخص أو كتاب أو في عمل أو دولة أو جماعة أو غير ذلك، وهذا هو المعروف لدى أهل الإيمان والخوف من الله أفرادًا أو جماعات خاصة لدى أهل القرون الأولى المفضلة الذين يعملون بقول رسول الله y في الحديث الحسن ـ كما يقول الحافظ بن حجر في بلوغ المرام الذي يرويه أبو داود: " المؤمن مرآة أخيه المؤمن" .
              فإن الغالب على نقدهم أنهم كانوا ينقدون لبيان الحق والأمر به، ولبيان المنكر والنهي عنه .
              فالعين تبصر منها ما دنى ونأَى
              ... ... ولا ترى نفسها إلا بمرآةِ
              فهذا من باب المراقبة للنفس على جميع المستويات وهو عين القوة وعين الصواب، ولذلك قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ كما في سنن الترمذي: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غدًا عند الله ـ عز وجل ـ أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتهيئوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية" والحديث رواه ابن أبي الدنيا في كتابه: محاسبة النفس والإزراء عليها.

              تعليق


              • #8
                والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هؤلاء السخفاء في هذا المسلسل الماجن يتقيدون بهذه الأصول والضوابط في النقد أم أنهم استهدفوا دين الله سخرية واستهزاء وتنقصًا واستهانة وتباعدوا وابتعدوا عن جادة الصواب حين اعتبروا الإبداع والتجديد والنقد هو نبذ العقيدة والتنكر للشريعة، والفن هو استكثار صور العفن .
                ومما يقترح في باب الإصلاح والنقد:
                1)أن يكون لدينا نقد بنَّاء يشمل جميع مجالات الحياة بلا استثناء فلا يستهدف النقد جانبًا ويدع آخر لاعتبارات شخصية ,وهذا النقد لابد منه لكي لا نقف موقف الدفاع، أو موقف التلاوم والتشكِّي وبث الأحزان والتأوهات من وسائل الإعلام أو غيرها؛ بل الواجب يقتضي توظيف وسائل العصر للاستفادة في غرس القيم وحماية العقول وتدعيم الثوابت الإيمانية .
                2)يجب أن تُعرَّى أساليب كل من يستغل الإعلام لنشر الفساد من أعداء الدين وكشف أصحاب القلوب المريضة أتباع كل ناعق للحذر من شرهم.
                3)يجب ترسيخ مفهوم حق السمع والطاعة، وحفظ حقوق ولاة الأمور في المنشط والمكره، والارتباط بالثقات من أهل العلم وكبارهم وحماية سياج الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عبث العابثين.
                4)فتح باب الحوار المنضبط بالضابط الشرعي لمناقشة ما نحتاجه ووضع حلول لمشاكلنا.
                5)رفض الغلو ونبذ التعصب والتحزب والانغلاق المذهبي دون سخرية أو تلبس بمحرم أو دخول في شهوة وشبهة .
                6)الاعتراف بالخطأ والنقص على كافة المستويات من الناس، وعدم الخوف من النقد الهادف سواء أكان عالمًا أو حاكمًا أو داعية أو غيره.
                7)يجب أن ننتقل من مرحلة الاعترافات المجمَّلَة العامة بالنقص والتقصير إلى مرحلة التشخيص الدقيق للأخطاء وتحديدها والاعتراف بآحادها ونوعياتها وعينياتها،ومن ثَمَّ السعي إلى التصحيح،وبدون ذلك فالنقدُ لايسمن ولا يغني من جوع، ولا ينفعنا في قليل ولا في كثير.
                8) الاستفادة ممن سبقونا في متابعة الأخطاء ومراقبتها و مراجعتها لتصحيحها وتعديلها كنوع من المحاسبة على مستوى الفرد والجماعة على أن تجعل الدول مؤسسات وأجهزة تقوم بهذه المهمة حقيقة ً لا على سبيل التغطية أو التورية والتسكيت.
                9)وضع قنوات واضحة إعلامية دعوية وغيرها للنقد الهادف البنَّاء على جميع المستويات بالضابط الشرعي، وبغير ذلك سيتحدث كل أحد صغر أم كبر، وينفلت الزمام للمهرِّجين والمستهزئين والحمقى، فمن يوقف سيل السخفاء, ويعالج داء الحمقى الذي ـ في الغالب ـ لا علاج لحماقتهم.
                لكل داء دواء يستطب بهِ إلا الحماقة أعيت من يداويهَا
                (13)
                (يا علماء المسلمين)
                لقد أخذ الله منكم العهد والميثاق على مقالة الحق وعدم كتمان العلم فلا تسكتوا عن باطل رأيتموه وتبيين حق عرفتموه، ولا تبيعوا دينكم بدنيا غيركم، فأنتم القدوة الحقيقيون للأمة إن اتقيتم الله في وراثتكم للنبوة وبينتم للأمة طريق الفلاح والسعادة على ضوء الكتاب والسنة، فلا خير فيكم إن لم تقولوا للمنحرف عن شرع الله: قف واستقم على منهج الله، وناصحوا حكَّامَ المسلمين وأصحاب القرار فيما يستوجب النصيحة خاصة وأنتم ترون وتشاهدون في هذا العصر ما يحتم على كل صادق وناصح ويوجب على كلِّ مسؤول في أي موقع أن يرى بعين باصرة وفكر ثاقب مداخل الشر الكثيرة ومنافذ التلوث المتنوعة وما يتسرب عن طريقها من فكرٍ منحرف مما يُحتاج معه إلى عناية خاصة واهتمام متميز، وإن المسؤولية لتتركز أول ما تتركز عليكم وعلى جميع الجهات الشرعية والإسلامية المباشرة في جميع الدول الإسلامية من وزارات الشؤون الإسلامية، ودور الإفتاء، ومراكز الدعوة، والجامعات والمدارس الإسلامية.
                وقولوا لكل أحد إننا :
                ندعو إلى التوحيد طول حياتنا
                ونحارب الشرك الخبيث وأهلهُ
                وكذلك البدع الخبيثة كلّها
                هذي طريقتنا وهذا نهجُنا
                لِمَ تطعنون وتلمزون كأننا
                ... ... في كل حين في الخفا والمشهدِ
                حربًا ضروسًا باللسان وباليدِ
                نقضي عليها دون باب المسجدِ
                فعلام أنتم دوننا بالمرصدِ
                جئنا برأي للعقيدة مفسدِ
                ولا يثنينكم عن الصدع بالحق استهزاء مستهزئ وسخرية ساخر فالله كافيكم إياهم،وتذكروا قول الله: } فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ {94} إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ {95}{ [ الحجر: 94 ـ 95].
                (14)
                (إلى حكام المسلمين و صناع القرار)
                إلى حكام المسلمين ،اتقوا الله في رعاياكم التي استرعاكم الله إياها وأنتم مسئولون عنها يوم القيامة، وكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعيته، واعلموا أن الله جعلكم أوصياء على هذه الأمة لترعوا مصالحها الدينية والدنيوية فتكونوا بمثابة وصي اليتيم، وجنبوهم الأرض المجدبة والمسبعة.
                ولئن أحاطت بكم ظروف لم تستطيعوا معها الدفاع عن بلاد المسلمين وتحرير الأوطان المضطهدة فلا أقلَّ أن تحافظوا على إقامة دين الله في بلدانكم ولا تفرطوا فيها؛ بل عليكم القيام بالأمانة التي جعلها الله في أعنقاكم بالحفاظ على ما تحت أيديكم من البلاد من الشرك والبدع والمعاصي كلها؛ لتكونوا سببًا لجلب الأمن والأمان لبلدانكم ورعاياكم بعدم لبس الإيمان بشوائب تشوبه }الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ{ [الأنعام: 82].
                ومثل هذه البرامج الهابطة تهدم عقيدة الناس وسلوكهم وأخلاقهم وتوغر صدروهم، فإذا فسدت الرعية؛ تزعزع الأمن، ودبَّت الفوضى، وانتشرت الفواحش، واختلت الطاعة التي أوجبها الله لكم في المعروف فأدركوا رعيتكم وفَّقكم الله قبل فوات الأوان، واعلموا أن هذه الوسائل إن لم يحسن توجهها فهي كفيلة بأن تخرج أجيالاً لا ترى الخير ولا التقدم إلا فيما عند الأعداء، ولا ترى الشر والتخلف إلا فيما عند أهلها وذويها، فيجب أن يفهم الجيل ـ وقبلهم أولئك الساقطون ـ أن الأمن الفكري هاجس يحظى بمكانته لديكم خصوصًا في جزيرة الإسلام ومهبط الوحي ومهاجر رسول الله y؛ لأن الجزيرة معقل الإيمان وما لم يرسخ هذا المنهج في أذهان الناس فسيتجرأ هؤلاء وغيرهم من المتربصين على انتهاك حرمة الأمن الفكري لبلدانكم؛ فالعمل منكم واجب في تقييم المفاهيم المدخولة والأفكار المغلوطة بأن تدافعوا عن دين الله وتقاوموا كلَّ دخيل وشاذ، وأهم منطلقات هذا التصحيح الاعتقاد الجازم بأن أمة الإسلام لن يعزها الله إلا بالإسلام، ومهما ابتغت العزة في غيره فهي إلى الذلة والتبعية تصير وتسير .
                والإعلام في بلاد الحرمين المباركة له رسالته الخاصة ودوره المتميز ومسؤوليته الكبرى بما يجسد الاهتمام بالحفاظ على الدين والمواطنة الصالحة فلا يرضى لنفسه ولا يقبل منه أهله ومحبوه أن يجاري الأبواق الناعقة ويسير في ركاب المنافسة الإعلامية الهزيلة والتبعية المهينة أبدًا } يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ { [ ص: 26].
                (15)
                (إلى القائمين على إعلام المسلمين)
                على القائمين على إعلام المسلمين أن يتقوا الله وأن يقوموا بحصانة الفكر من كل شر وأن لا يغالطوا أنفسهم وهم لا يبثون ولا يكتبون إلا ما يثير الفتن في تفسيرات مفرطة للأحداث ـ من خلال التحليلات الإخبارية والتعليقات الإعلامية ـ تسير في تيار مكشوف يولد البلبلة والقلق، ولا أدلَّ على ذلك من مقابلاتهم ونداءاتهم وترَّهاتهم التي تُدَوَّى في مجاملات لمن يحبون ومحاكمة لمن يكرهون فاقدة للمصداقية ومحكومة بالهوى والمذهبية والتوجهات السياسية؛ بل يقال ـ وبكل صراحة وجرأة ووضوح ـ: لقد بدأت وجهة الحياة الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في كثير من البلاد والشعوب تتخذ مسارًا؛ بل مسارات مغايرة لما يجب أن تكون عليه من استقامة على طريق الحق كل ذلك لتأثرها بهذا الطرح الموجة والمدروس لترسيخ جذور الاستعمار، إنه استعمار له تلامذته من ضحايا الغزو الفكري والاختراق الأمني العقائدي وسائل وتوجيهات وكأنها متكفلة وملتزمة بإيجاد أجيال مبتورة الصلة بدينها وأمتها مستنقصة بتراثها وحضارتها ملتصقة بالعدو الكافر الذي لا يرضى ولن يرضى إلا أن يكون الأجيال أداة لتنفيذ كلِّ المآرب ـ ناهيك بما تقوم به هذه الوسائل من تخدير الشعوب بوسائلها الخطيرة .
                أين تحصين فكر الشباب عن كلِّ دخيل وشاذ؟! وأين حفظ الدعوة إلى الله على بصيرة؟! وماذا قدمتم لنشر العقيدة الإسلامية الصافية النقية؟!
                أين البسط لسيرة النبي y ؟! أين إبراز صور الحضارة الإسلامية وأخلاقياتها؟! أين دور وزارات الإعلام والجهات المسؤولة المعنية بالشباب والتربية للحفاظ على الناشئة من الانحراف والشذوذ في طرفيه: الإفراط والغلو والتفلت؟! فلا تكونوا باب شر على الأمة، ولتكونوا صادقين ناصحين لدينكم وأمتكم، ولا تعينوا أهل الباطل عليها } قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ{ (17) [ القصص: 17].
                (16)
                (يا معشر المؤمنين ويا أهل الإسلام)
                أهكذا تكون حياة المسلمين هزل لا جدَّ فيه، وفراغ لا شغل نافع فيه، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة، أرضيتم أن يهزأ بكم الساقطون ويضيعوا دينكم ويحطُّوا من قدركم ويهدروا أوقاتكم، وقبل ذلك يستهزئوا ويسخروا بدينكم } وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا { [النساء.: 140]
                إنه لحري بكم أن تعمروا أوقاتكم بالطاعات وتربأوا أن تكون عمارتها بالباطل وسفاسف الأمور، قوموا بحق الله في أنفسكم وبيوتكم وأبنائكم وتربية جيلكم على الحق والفضيلة وجنِّبوهم العبث والفساد والرذيلة وتذكروا }إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ { [البقرة: 166]، وكفى تبعية واتباع لهؤلاء .

                تعليق


                • #9
                  والحذر كل الحذر أن يأتيَ أحدكم الموت على هذه الحال وتذكروا عظم الشهر؛ بل واحذروا المعصية في سائر الأيام }وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ{ [إبراهيم: 99]
                  يا باغي الخير أقبل في قرى ملكٍ
                  كم ضحكة همجية في غمض شاردةٍ
                  هذي طيوف من الإشفاق صادقةٌ
                  ... ... فصاحب اللغو لم يفطر ولم يصمِ
                  لكنها حسرة في ساعة الندمِ
                  وربما يعصف الإفساد بالنعمِ
                  أيها المسلمون؛ اتقوا الله في أنفسكم فلا تكونوا كقطعان الماشية تساق إلى حتفها بظلفها، فأنتم الذين فتحتم لهم المجال بتشجيعكم وسكوتكم على المنكر وقبولكم للباطل، فاتقوا الله في أنفسكم وفيمن ولاَّكم اللهُ أمرَهم، قال الفضيل بن عياض: (اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين) [الاعتصام :1/ 83].
                  ابدأ بنفسك وبمن تعول بالتغيير الذي تستطيعه بلا تصرف عشوائي هائج ولا سكوت مقيت مائج ولكن بتقوى الله ومناصحة أهل الشأن والأمر بالأسلوب الأمثل وإرجاع الأمر إلى أهله من أهل العلم وولاة الأمر ورفع المقترحات في البدائل النافعة ومناصحة الإعلام وأهله لتحصين الأمة من كل سوء بكل الطرق المعتدلة الصحيحة المستقيمة بعيدًا عن الإثارة والبلبلة والتصرفات التي لا تحمد عقباها وتجر على الأمة الويلات.
                  (17)
                  (أيها العابثون اتقوا الله)
                  إلى كل ساخر من دين الله وعابث بثوابت الحق . . . اتقِّ الله ولا تأخذك العزة بالإثم أما سرت في الأرض أما نظرت عاقبة الذين سخروا } أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ {82} فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون {83} فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ {84} فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ { [غافر: 82 ـ85].
                  احذر واسمع قول الله } وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون {33} وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ {34} ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْهَا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ {35} فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ {36} وَلَهُ الْكِبْرِيَاء فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {37} { [النحل: 33 -37].
                  أيها القائم على مثل هذا العمل ممثلاً كنت أو مخرجاً أو مصوراً أو باثاً وناقلاً ومؤيداً ماذا تريد من هذا العمل؟ أتريد مالاً وتطمح لشهرة؟! فبطاقتك وقوتك وحيويتك ومواهبك إذا سخرت في الخير واتقيت الله جعل لك مخرجًا ورزقك من حيث لا تحتسب، فلا تغرنك الحياة الدنيا ولا يغرنك بالله الغرور.
                  فأعظم واعظ كتاب الله، فيه وعد ووعيد، وتخويف وتهديد، فقف الآن مع هذه الآيات: } قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا {103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا {104} أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا {105} ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا {106}{ [الكهف: 103- 106] .
                  وقول الله تعالى:} وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ {5} فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون { [الشعراء: 5 :6]. ألست ترى من هذه الأعمال وبعد هذه الأقوال أنك كنت أو ستكون سببًا في انحراف الناس رجالاً ونساءًَ صغارًا وكبارًا، واعلم أن عليك وزرها ووزر من عمل بها إلى قيام الساعه وقد تعاقب في زوجك إذا ضلت زوجة، وفي ولدك إذا ضل أولاد المسلمين، وفي نفسك ومالك وحياتك إذا انخرط في عملك المتأثرون. . . ثم ما الذي سينفعك ومن الذي سيقف معك وخصوصًا يوم تعرضون على الله لا تخفى منكم خافية } قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ{ [التوبة: 64] .
                  ولا يلبسن الشيطان عليكم بشبه واهية تنطلي عليكم وتظنون أنكم قادرون على إقناع الناس ـ وأعني العقلاء منهم ـ بأنكم تؤدون أدوارًا صحيحة القصد هادفة المحتوى !! } لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ { [النحل: 23] ،وكل عاقل يعلم أن الحق خلاف ما تقولون وتفعلون، وأمة رسول الله yلا تجتمع ولن تجتمع بإذن الله على ضلالة وخطأ.
                  فيا أيها الممثلون . . . و يا أيها المستهزئون ها نحن ندعوكم إلى النجاة وتدعوننا إلى الضياع والاستهزاء والسخرية والنار ولكن لا جرم أنما تدعوننا إليه ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة }وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ {41} تَدْعُونَنِي لأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ {42} لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ {43} فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ{ [ غافر 41 ـ 44]، إذًا }اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ{ [الشورى: 47]. واحذروا من عذاب الله فإنه وإن تأخر لإمهالكم فلا تكثر عليكم سيئاتكم }وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ { [هود: 8].
                  أسألكم بالله أهذا حق أمتكم عليكم، وهذا هو الوفاء لها ولبلادكم ولولاة أمركم الذين وضعوا في أعناقكم أمانة؛ فخنتم الأمانة، وضيعتم حق الله تعالى وحق ولاة أمركم عليكم وأنتم تنتسبون إلى أعظم ملة، وتحملون أشرف ديانة، ولكن هداكم الله وردكم للصواب .
                  أخيرًا أيها الناس جميعًا ثقوا بنصر الله وإن تسلط الأعداء في الخارج أو في الداخل وكما يجاهد الكفار بالسنان فجاهدوا المنافقين باللسان والبيان } يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ{ [التحريم.: 9] ،ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ومعصية الرسول، واعلموا أن العاقبة لدين الله والنصر لأوليائه وإن استبطأنا ذلك فهذه طبيعة البشر } أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ { [البقرة.: 214]
                  يا معشر الإخوان سيروا وأبشرُوا
                  سيروا على نهج الرسول وصحبِهِ
                  ولتعلنوها للبرية كلِّها
                  لا نطلب الدنيا ولا نسعى لها
                  ليس المناصب همَّنَا ومرادَنَا
                  إنا لنسعى في صلاح نفوسِنَا
                  ونحب أن نهدي البرية كلَّها
                  وبواجب المعروف نأمر قومَنَا
                  ... ... وثقوا بنصر الواحد المتفردِ
                  لا تعبأوا بالآثم المتمردِ
                  إنا بغير محمد لا نقتدِي
                  الله مقصدنا ونعم المقصدِ
                  كلا ولا ثوب الخديعة نرتدِي
                  بعلاج أنفسنا المريضة نبتدِي
                  ندعو القريب قبيل نصح الأبعدِي
                  ونقوم صفًّا في طريق المفسدِ
                  سدَّد الله الخطى، وبارك في الجهود، وتقبَّل من الجميع،وحفظ الجوارح، وأصلح القلوب، وجمع الكلمة، ووحَّد الصف، وهدانا إلى الطريق المستقيم، وأتم علينا النعمة، وزادنا أمنًا وتوفيقًا.
                  كتبت هذا إبراء للذمة، ونصحًا للأمة، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولاحول ولا قوة إلا بالله، ألا هل بلغت اللهم فاشهد، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
                  كتبه
                  بدر بن نادر المشاري
                  حرر في شهر رمضان للعام الخامس والعشرين بعد الأربع مائة والألف من هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
                  تقديم سماحة الوالد الشيخ:عبدالله بن جبرين
                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  الحمد لله الولي الحميد المبدئي المعيد الفعال لما يريد أقرب الى العبد من حبل الوريد أحمده وأشكره وأسأله من فضله المزيد
                  وأشهد إن لا اله إلا الله وحده ولا شريك ولا نديد واشهد إن محمدا عبده ورسوله الذي فند الشرك واظهر التوحيد صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه وإتباعهم من صالحي العبيد
                  إما بعد فقد قرأت هذه المقالة التي أنشأها أخونا الشيخ بدر بن نادر بن مشاري حمله على كتابتها ما تذيعه إذاعاتنا الإسلامية الوطنية في اشرف الأزمنة شهر رمضان المعظم زعما إن فيه تسلية وترفية وتفكه مع احتوائه على استهتار بالدين الصحيح والعلم النافع وأهل الصلاح وأهل الخير من المتعبدين والصالحين لقصد شغل الوقت وأضاعته في هذا العمل الممقوت وقصد ا ضحك والإعجاب بهذا التركيب والابتداع مع العلم الخاص والعام بأنة كذب وبتهان وقول على أهل الخير بالظن والتخمين وقد عاب الله من استهزأ بالصالحين كما في قوله تعالى (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله واياته ورسوله كنتم تستهزون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) فنصيحتنا للمعدين لذلك المقالات إن يتوبوا ويمنعوا نشره وإذاعته على جمهور المسلمين كما ننصح كل مسلم غيور إن يمنع أهله وولده من سماع هذا البرنامج (طاش ما طاش) وما أشبهه لما يحتويه من سخرية بحملة الشرع وعيب خفي لبعض شرائع الإسلام لتسلم العقائد من الانحراف ولا يعلق بأذهانهم شيء من الأفكار الرديئة التي تولدها تلك الكلمات والجمل الساخرة ونعوذ بالله من كيد الكائدين ومكر الماكرين والله حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله على محمد واله وصحبة وسلم 18/10/1425هـ
                  عبدا لله بن عبدا لرحمن الحبرين

                  تعليق


                  • #10
                    جزاك الله خير على الموسوعة ..
                    مــن كثــر كلامه كثــر خطــأه
                    ومـن كثــر خطـأه قــــل حيــاه
                    ومـن قــــل حياـه قـــل ورعــه
                    ومـن قـــل ورعه مات قلبـــــه

                    تعليق


                    • #11
                      العفو ابو خالد

                      تعليق


                      • #12
                        مستحيل لو ايه ما اقراها كذا ...

                        بتصفحها على عجل ان اعجبتني راح اطبعها واقراها وانا في طريق السفر المتعب

                        تعليق

                        يعمل...
                        X