Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصة فتح مصر يرويها مؤرخ انجليزي بالوثائق

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة فتح مصر يرويها مؤرخ انجليزي بالوثائق

    جاء الفتح الإسلامي لمصر تحريرا لإرادة هذا البلد وأبنائه من عبودية الإحتلال الروماني.. كانت مصر في اشتياق حقيقي لهذا النور الآتي من الشرق، من بلاد العرب، ليحررها من الإستعمار الروماني الذي اضطهد الأقباط، وهو الاسم الذي كان يطلق على شعب مصر آنذاك، سياسيا ودينيا.. ولولا دخول الإسلام في مصر، أو دخول مصر في الإسلام، ما كانت مصر هذه التي نعرفها ويعرفها العالم، فالإسلام هو الذي أعطى لها شخصيتها وهويتها.
    ولعل من الإنصاف الإعتراف بأن أهم من قدم قصة الفتح الإسلامي لمصر بالوثائق هو المؤرخ الإنجليزي د. ألفريد بتلر في كتابه “فتح العرب لمصر” الذي يمثل المرجع الأساسي – تقريبا – لكل الكتب التي غطت المرحلة التاريخية للفتح من كافة جوانبها، وبتفصيل كامل، ورؤية علمية نقدية، تقترب كثيرا من الموضوعية والحياد. ومن المدهش أن هذا الكتاب صدر للمرة الأولى في سبتمبر عام 1902م.. ثم أصدرته الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1989م في سلسلة “تاريخ المصريين”، ثم غفلت عنه الهيئة على خطورته، وغفلنا نحن أيضا.
    والكتاب بجزأيه يمثل تحفة علمية وأدبية أبدعتها يد الباحث الإنجليزي المدقق د. ألفريد بتلر وقلم المترجم المصري المبهر الأستاذ “محمد فريد أبو حديد”، رحمه الله. ورغم ذلك فإن أول ما يتوقف أمامه قارئ الكتاب ذلك العنوان غير الموفق “فتح العرب لمصر”.. لأنه لايعبر عن الحقيقة.. ففتح مصر لم يكن إنجازاً عربياً، وإنما كان إنجازاً إسلامياً حول مجرى التاريخ.. ولذا فقد كان الأصوب والأصدق تعبيراً أن يكون عنوان الكتاب: “الفتح الإسلامي لمصر”.
    ما كان للعرب أن يفتحوا مصر إلا بالإسلام، لم يفتحوها تحت لواء العروبة، ولا القومية العربية “المستحدثة”، ولكن فتحوها بالإسلام، العقيدة الشابة اليافعة التي فتحت كل عواصم الشرق.. ومعروف تاريخيا أن جيش الفتح لم يضم العرب فقط؛ وإنما كان يضم العديد من الأجناس والألوان والألسن، لايجمعهم ولا يربط بينهم إلا عقيدة التوحيد. الإسلام إذن هو الذي فتح مصر، لم يفتحها طلبا لملك يتوسع، ولا لنشر لغة وفرض سيادة عرق، ولا طلبا لموارد مالية وبشرية، وإنما فتحها برسالة هداية لتحرير الشعوب من الظلم والإضطهاد، ولقد أثبت بتلر في أكثر من موضع في كتابه أن المصريين الأقباط كانوا واثقين أن الله قد بعث المسلمين لفتح مصر عقاباً للروم الذين كانوا يحتلونها آنذاك، وأذاقوها العذاب ألواناً.
    البداية
    يبدأ الكتاب بالحديث عن أحوال الإمبراطورية الرومانية التي كانت تملك الشام ومصر ومعظم بلاد العرب وإفريقية، والتي بدأ الضعف يدب في أوصالها مع بداية القرن السابع الميلادي، خاصة حين تولى أمرها جندي جاهل، مشوه الخلقة، هو “فوكاس” سنة 602م.. وما إن أتى عام 609م حتى كانت بلاد الدولة كلها هائجة تتهيأ للثورة، وكان على رأس الثائرين “هرقل” حاكم افريقية – 65 سنة – الذي قرر إرسال ابنه وسميه “هرقل” – 35 سنة – للقضاء على “فوكاس” والفوز بالتاج، ولم يكن في بلاد الدولة الرومانية ما هو أشقى حالا من مصر – هكذا يقول بتلر – فقد سعى الأباطرة إلى إجبار القبط الذين ليسوا على مذهب الدولة لإدخالهم في ذلك المذهب، ولم يكن عجبا أن تضطرب الأحوال في مصر فتصبح ميدانا للشغب والحرب الأهلية، بينما الحكام لا هم لهم إلا أن يجمعوا المال للملك البيزنطي، وأن يكون لمذهبهم الديني اليد العليا بين أهل البلاد، فصار الحكم على أيديهم أداة للظلم ونشر الشقاء، وصارت مصر جميعها تضطرم بنار الثورة ورغبة الخروج، لايغطيها إلا غطاء شفيف من الرماد. ويتوقف بتلر عند ملحوظة مهمة.. فيؤكد أنه لم يحكم مصر قبطي واحد طوال تاريخها المسيحي، بل كان الحكم المدني والجيش كلاهما في يد السادة المحتلين، ليس فيهم أحد من أقباط مصر أهل البلاد، فكان الحكم بذلك حكم الغرباء – وهذه تعبيرات وكلمات المؤلف – لايعتمد إلا على القوة، ولا يحس بشيء من العطف على الشعب المحكوم.
    وكانت أمور الدين في مصر إبان القرن السابع الميلادي، أكبر خطراً عند الناس من أمور السياسة، فلم تكن أمور الحكم هي التي قامت ليها الأحزاب، واختلف بعضها عن بعض فيها، بل كان كل الخلاف على أمور العقائد والديانة، وكان الناس لا يكادون يحسون بشيء اسمه حب الوطن، وما كانت عداوتهم لتثور بسبب الجنس والوطن، ولكن بسبب اختلاف المذهب الديني.
    لم يكد الأمر يستقر لهرقل – الابن – الذي توج إمبراطوراً في القسطنطينية عام 610م، حتى فوجئ بحملة شعواء قادمة من بلاد فارس، استطاعت فتح الشام وبيت المقدس عام 615م، بعد أن هدمت الكنائس ونهبت الأديرة، وحمل الفرس الوثنيون الصليب المقدس الى عاصمة دولتهم مع آلاف من الأسرى معظمهم من القساوسة والرهبان والراهبات، وفي عام 617م فتح الفرس مصر، وخضع الأقباط للسيد الجديد، الذي قتل الرجال وحرق المدن وهدم الكنائس والأبنية، فظلت كذلك أطلالاً إلى ما بعد الفتح الإسلامي لمصر.. يقول بتلر: “كانت معاملة الفرس للقبط واحدة في كل مكان.. يحل الموت والخراب حيث حلوا..” ص75 . ويلاحظ - هنا – أن القبط رغم مقتهم للروم لم يرحبوا بالفرس الغزاة، ولم يروا فيهم الخلاص، بل كانوا يرونهم بعين الجذع، فقد خضعوا مرة أخرى لسيد جديد بعد زوال سلطان السيد القديم عنهم.. ويعلق بتلر على ذلك قائلا: “وقد كان هذا شأن تاريخهم السياسي من أقدم الأزمان أن تتبدل عليهم السادة وتتعاقب“.
    صحوة هرقل
    تقلصت الإمبراطورية الرومانية، ولم يبق للإمبراطور هرقل غير عاصمته القسطنطينية، بعد أن استولى الفرس على ممالكها الشاسعة، بل صاروا يهددون العاصمة ذاتها.. ولأسباب عديدة حدثت إفاقة مفاجئة لهرقل عام 622م، فكون جيشاً عظيماً، وبدأ أول حرب صليبية في التاريخ، ولم يأت عام 627 حتى كان قد استرد ملكه في بيت المقدس والبوسفور ومصر، وطرد الفرس منها، وتحققت نبوءة القرآن الكريم التي وردت في أول سورة “الروم”. وبعد أن استقرت الأمور لهرقل سيطرت عليه فكرة توحيد مذاهب المسيحية في مذهب واحد يوفق بينها، ويكون هو مذهب الدولة الذي تجتمع عليه كل الرعية.. ويقضي هذا المذهب الجديد بأن يمتنع الناس عن الخوض في الكلام عن كنه طبيعة المسيح، وعما إذا كانت له صفة واحدة أم صفتان، ولكن عليهم أن يشهدوا أن له إرادة واحدة أو قضاء واحدا، وعلى الرغم من أن نية الإمبراطور كانت حسنة إلا أن هذا الحلم كان مستحيلا، لأن معناه أن يجبر الناس جبراً على تغيير دينهم ومذهبهم ولو بالقوة، وهذا ماحدث بالفعل، خاصة في مصر، وأدى إلى اضطهاد الأقباط وقساوستهم، وعلى رأسهم البطريق بنيامين الذي فر بدينه إلى الصحراء ولم يخرج منها إلا بعد الفتح الإسلامي.
    ينقل بتلر عن قيدرينوس (ص135) قوله: “على حين كانت الكنيسة تحتوشها الملوك – أي تستحوذ وتسيطر عليها- ومن لايخشون الله من القسوس، خرج من الصحراء عملاق ليعاقبنا على ذنوبنا”.. ويعلق بتلر على ذلك قائلا: “وهي كلمات قليلة ولكنها تدل على أن المسيحيين كانوا يشعرون أن محمداً كان رسولا من الله، أو هو على الأقل “سوط” من الله أرسله عليهم” ثم يقول في الصفحة التالية (136): “وذلك أنه قد شاعت نبوءة بين بعض المسيحيين فارتجفت لها أفئدتهم وهي أن الإسلام حق، وأن نصره حق“.
    ونقل بتلر عن المؤرخ “أبو الفرج” قوله: “ولما شكا الناس إلى هرقل لم يجب جواباً، ولهذا أنجانا الله المنتقم من الروم على يد العرب، فعظمت نعمته لدينا أن أخرجنا من ظلم الروم وخلصنا من كراهتهم الشديدة وعداوتهم المرة، على أن كنائسنا لم ترجع إلينا لأن العرب أبقوا كل طائفة من المسيحيين على ما كان في يدها عند فتح البلاد“.
    نهاية هرقل
    في عام 635م توج انتصار العرب بفتح دمشق العاصمة القديمة لبلاد الشام، وجاءت أنباء هزيمة جيش الروم إلى هرقل وهو في انطاكية، فعرف أن الأمر قد أفلت من يده، وأن الله قد خذل الإمبراطورية، ومما زاد ألمه شدة، علمه أنه ارتكب خطيئة بزواجه من إبنة أخته “مرتينه” وأنه آخذ في الإعتلال، فبقي في شدته ثلاث سنين خبت فيها آماله، وذوت قوته، وعلا أمر الإسلام تحت بصره وسمعه ولم يتحرك لمقاومته، فما زال الإسلام يعلو حتى طوى دولته تحت ظله”.
    وكان هرقل قد أرسل البطريق قيرس – أو المقوقس – إلى مصر لحمل القبط على اعتناق المذهب الجديد الذي اخترعه الإمبراطور لتوحيد المذاهب، وكان المقوقس – على حد قول بتلر – عاتياً ومتكبراً، ومن الطبيعي أن يرفض القبط المذهب الجديد.. “فقد كان استقلالهم في أمور الدين أكبر ما تتعلق به نفوسهم، فإنهم لم يعرفوا الإستقلال القومي قط، ولعلهم لم يحلموا يوماً بمثل ذلك الأمل، وأما الاستقلال في أمر الدين فقد ناضلوا من أجله، وجاهدوا في سبيله، لم ينثنوا عن ذلك في وقت من الأوقات”.. وبسبب هذا الرفض من جانب القبط بدأ عهد الاضطهاد منذ عام 631م ولمدة عشر سنوات حتى جاء الفتح الإسلامي..
    وقد نقل بتلر عن “ساويرس” أحد مؤرخي ذلك العصر قوله: “لقد كانت هذه السنين هي المدة التي حكم فيها هرقل والمقوقس بلاد مصر، وقد فتن في أثنائها كثير من الناس لما نالهم من عسف الاضطهاد والظلم.
    Junior Architect-Ahmed Abdel Aziz
    Mansy

    إن من يختلف معك فكريًا في العالم العربي هو على الأرجح ملحد أو عميل أو شاذ جنسيًا،




  • #2
    جيش عمرو
    في الوقت الذي كانت مصر تموج بالإضطراب والاضطهاد، كان نور الفتح الإسلامي يشرق من جزيرة العرب على بلاد الشام في الشمال، وذهب الخليفة عمر بن الخطاب الى فلسطين وتسلم بيت المقدس، ثم سار إلى الشمال مع عمرو بن العاص الذي حدثه عن فتح مصر، فوافق بعد تفكير عميق، واستقر الخليفة لبعض الوقت في دمشق، بينما هبط عمرو في جيش صغير من الخيل إلى الجنوب حتى بلغ رفح ثم العريش، فأتته عند ذلك رسالة من الخليفة، ويقول المؤرخون إن عمرو تباطأ في تسلم الرسالة لعلمه أنها ربما لم تأته بالرضا، فلم يأخذ الرسالة حتى عبر مهبط السيل الذي يفصل بين مصر وفلسطين فصار في العريش، وهناك طلب الرسالة وفتحها وقرأ فيها أمر الخليفة بالعودة إن كان بعد في فلسطين، فإذا كان قد دخل أرض مصر فليسر على بركة الله، ووعده أن يدعو الله له بالنصر وأن يرسل له الإمداد، ثم سأل عمرو من حوله: “أنحن في مصر أم في الشام؟.. فقيل له: نحن في مصر، فقرأ على الناس كتاب الخليفة ثم قال: إذن نسير في سبيلنا كما يأمرنا أمير المؤمنين.. كان ذلك في ديسمبر 639م.

    يقول بتلر في ص 176: “إنه كان في جيش عمرو جماعة ممن أسلم من الروم والفرس الذين كانوا باليمن، ولعل هؤلاء جاءوا فيما بعد مع الأمداد التي بعث بها الخليفة إلى مصر“.. وهذا الذي أثبته بتلر يؤكد أن الفتح كان إسلامياً ولم يكن عربياً.. كان ينطلق من أساس عقائدي، وليس من أساس “عرقي”، ولم يكن الفاتحون مجرد قبائل عربية من بدو الصحراء كما يردد الجهلة. سار عمرو بجيشه من العريش إلى مدينة الفرما عبر تلال وكثبان من الرمال المتحركة، ولم يلق أحداً من جنود الروم حتى اقتربوا من أسوار المدينة المحصنة، ولم يكن لجيش عمرو خبرة بحرب الحصون والحصار، وما كان ليقدر على حصار الفرما من كل جوانبها، لذلك انتظر حتى يهبط فيها المحاربون طلبا للقتال، واستمرت الحرب متقطعة لمدة شهر إلى أن خرج جنود الفرما مرة للقتال ولما عادوا لائذين إلى مدينتهم تبعهم العرب فملكوا الباب قبل أن يغلقوه، وكان أول من اقتحم المدينة من العرب “سميعق بن وعلة السبأي” وقد تردد في الروايات أن القبط ساعدوا المسلمين في هذه الحرب لكن بتلر نفى ذلك.

    ويقال إن المقوقس بعث بإثنين من الأساقفة لمفاوضة العرب، ولكن بتلر يستبعد ذلك ثم يعود ويقول إنه قد جاءت جماعة عليها أحد الأساقفة، وأنهم فاوضوا عمراً وطلب عمرو إلى القبط أن يساعدوا المسلمين لما كان بينهم وبين العرب من قرابة في النسب، إذ تجمعهم هاجر، ولكن القبط قالوا إن هذه قرابة ما أبعدها [حقاً أنهم أنذال من يومهم – مشرف المدونة]، فأمهلهم عمرو أربعة أيام ليأتوا إليه بما استقروا عليه، ولكن ما كان قائد اروم “أرطبون” لينظر في مثل هذا القول، وقرر أن يباغت جيش العرب، إلا أن الدائرة دارت عليه فهزم وتمزق جيشه، ولبث العرب عند بلبيس مدة شهر حدث في أثنائه قتال كثير، وقتل من العرب فيه عدد ليس بالقليل، ويقال إن الروم خسروا ألف قتيل وثلاثة آلاف أسير.

    على أبواب الحصن
    يقول د. ألفريد بتلر في صفحة 220: “نحن نعرف أن مؤرخي العرب ومن قال قولهم إنما يسخرون الحقيقة ويقلبونها قلباً إذ يقولون إن جند حصن بابليون أو كل من كان به كانوا من القبط، فإن القبط لم يكونوا في شيء من القتال ولا الجيوش، وكان الإضطهاد في مدة السنوات العشر التي سبقت الفتح قد شطر مذهبهم وفرقهم، فكان منهم من ذهبوا أفراداً وجماعات فهربوا إلى الجبال والكهوف، أو أووا إلى الصحراء أو لاذوا بالأديرة الحصينة في الصعيد، وأما أقباط مصر السفلى وبابليون والإسكندرية، فقد اضطروا إلى الدخول في مذهب الدولة – أي الدولة الرومانية المستعمرة – ولم يغن عنهم شيئا ما كان في قلوبهم من كره لما دخلوا فيه، وقد كتب مؤرخو العرب بعد الفتح بقرون فكانوا يذكرون جيوش المصريين وقواد المصريين لا يميزون بين القبط والروم، فكثرت من ذلك زلاتهم وعظم خلطهم، فعلينا أن نبين هنا بيانا لا شك فيه أنه لم يكن في ذلك الوقت شيء اسمه القبط في ميدان النضال، ولم تكن منهم طائفة لها يد فيه، بل كان القبط إذ ذاك بمنجاة عنه، قد أذلهم قيرس – أو المقوقس – وأرغم أنوفهم، فليس من الحق في شيء أن يقول قائل إن القبط كانوا يستطيعون أن يجتمعوا على أمر أو ينزلوا إلى القتال أو يصالحوا العرب“.

    في أول اكتوبر 640م كان قد مر على حصار المسلمين لحصن بابليون شهر كامل، وخوفاً من أن يستمر الحصار أكثر من ذلك، جمع المقوقس من كان معه في الحصن من رؤوس الحرس والأساقفة سراً، وأقنعهم بضرورة التفاوض مع المسلمين دون أن يعلم الجند المرابطون، وقدم لهم خطة تقضي بأن يفدوا أنفسهم بالمال فيعطوا أعداءهم – المسلمين - مقداراً منه ليرحلوا عنهم ويتركوا مصر، وأرسل رسلاً بهذه الخطة إلى عمرو بن العاص، لكن عمرا لم يرد، وحبس الرسل عنده يومين حتى يروا حال المسلمين إذ أبيح لهم أن يسيروا في العسكر، ثم بعث عمرو برده مع الرسل وقال: “ليس بيني وبينكم إلا إحدى ثلاث خصال، إما أن دخلتم في الإسلام فكنتم إخواننا، وكان لكم مالنا، وإن أبيتم فأعطيتم الجزية عن يد وأنتم صاغرون، وإما أن جاهدناكم بالصبر والقتال حتى يحكم الله بيننا وهو أحكم الحاكمين”. عاد الرسل إلى المقوقس، وقد وقع في نفوسهم ما عند المسلمين من بساطة وإيمان فقالوا: “رأينا قوماً الموت أحب إلى أحدهم من الحياة، والتواضع أحب إلى أحدهم من الرفعة، ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا تهمة، إنما جلوسهم على التراب، وأكلهم على ركبهم، وأميرهم كواحد منهم، مايعرف رفيعهم من وضيعهم، ولا السيد منهم من العبد، وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد، يغسلون أطرافهم بالماء ويخشعون في صلاتهم“. [هذا هو ميثاق شرف الحكم والقيادة يا مسلم حاكما ومحكوما وبغيره انهزمنا – انسخ هذه العبارة واحفظها]

    فرح المقوقس بعودة الرسل، وطلب من عمرو أن يبعث إليه وفداً من المسلمين للتفاوض، فأرسل عمرو عشرة من رجاله أحدهم عبادة بن الصامت، وكان عبادة أسود شديد السواد، وأمرهم أن يكون هو المتحدث، بشرط ألا يتجاوز البدائل الثلاثة، فلما دخل عبادة على المقوقس هابه وقال: “نحوا عني ذلك الأسود وقدموا غيره يكلمني”.. فقالوا: “إن هذا الأسود أفضلنا رأياً وعلماً، وهو سيدنا وخيرنا والمقدم علينا، وإنما نرجع جميعا إلى قوله ورأيه، وقد أمره الأمير دوننا بما أمره، وأمرنا ألا نخالف رأيه وقوله”.. ثم قالوا فكان قولهم عجيباً عند المقوقس، أن الأبيض والأسود سواء عندهم، لا يفضل أحد أحداً إلا بفضله وعقله وليس بلونه.. فقال المقوقس لعبادة أن يتكلم برفق حتى لا يزعجه، فقال له عبادة: “إن من خلفت من أصحابي ألف رجل أسود، كلهم أشد سواداً مني، وإني ما أهاب مائة رجل من عدوي لو استقبلوني جميعاً، وكذلك أصحابي، وذلك إنما رغبتنا وهمتنا في الجهاد في الله واتباع رضوانه، وليس غزونا عدونا ممن حارب الله لرغبة في دنيا ولا طلباً للاستكثار منها.. لأن غاية أحدنا من الدنيا أكلة يأكلها يسد بها جوعه لليله ونهاره وشملة يلتحفها، لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم، ورخاءها ليس برخاء، إنما النعيم والرخاء في الآخرة“..

    فلما سمع المقوقس ذلك رد قائلا: “أيها الرجل الصالح.. لعمري مابلغتم مابلغتم، وماظهرتم على من ظهرتم عليه إلا لحبهم الدنيا ورغبتهم فيها“.. ثم أخذ يخوفه من المدد والحشود التي ستأتي من الروم، وعرض عليه أخيراً المصالحة على أن “نفرض لكل رجل منكم دينارين، ولأميركم مائة دينار، وخليفتكم ألف دينار، فتقبضوها وتنصرفون إلى بلادكم”.. فقال عبادة: “ياهذا لا تغرن نفسك وأصحابك، ما كان هذا الذي تخوفنا به من جمع الروم وعددهم وكثرتهم، وإن كان ما قلتم حقا فذلك والله أرغب ما يكون في قتالهم، وما منا رجل إلا وهو يدعو ربه صباحاً ومساءً أن يرزقه الشهادة“..

    وأخيراً اختار المقوقس أن يدفع الجزية بعد أن طمأنه عبادة بن الصامت على أنه “إن دفعتم الجزية كنتم آمنين على أنفسكم وأموالكم وذراريكم، مسلطين في بلادكم على ما في أيديكم وما تتوارثونه، وحفظت لكم كنائسكم ولا يتعرض لكم أحد في أمور دينكم”.. وعقد المقوقس الصلح على ذلك مع عمرو بن العاص ثم سافر إلى الإسكندرية ليبعث بالاتفاق إلى هرقل في القسطنطينية كي يقره، لكن هرقل رفض الصلح، وبعث إلى المقوقس يستدعيه على عجل، فلما وقف أمامه يشرح أسباب الرضوخ والقبول بدفع الجزية قال: “إن العرب قد يحملون على الخروج من مصر بعد ذلك، وأما الجزية التي سندفعها فما أسهل أن نجبي مقدارها من تجار الإسكندرية فلا تنقص موارد الدولة، وأما عن المسلمين فإني لا أرى موضعا للأمل، فالعرب قوم لايشبهون سائر الناس في شيء، فهم عند حد قولهم، لا يعبأون بأمر من أمور هذه الدنيا ومتاعها، لا يطلبون منها إلا لقمة يسدون بها رمقهم، وشملة يسترون بها أبدانهم، فهم قوم الموت، يرون ربحاً في أن يقتلوا، لأنهم ينالون بذلك الشهادة ويدخلون الجنة، في حين أن الروم يحبون متاع الدنيا ويحرصون عليه، لو رأيت هؤلاء العرب وبلاءهم في القتال لعرفت أنهم قوم لا يغلبون، فليس لنا من سبيل غير الصلح مع عمرو قبل أن يفتح حصن بابليون عنوة، وتصبح البلاد غنيمة له”.

    بلغ العرب نبأ رفض هرقل للصلح، وحكمه على المقوقس بالنفي، فانتهى بذلك عندهم أمر الهدنة وبدأت المناجزة، يقول بتلر: لم يكن للعرب مهارة في حرب الحصون والحصار، لذلك لم يكونوا على ما ينبغي من الحذر واليقظة، وقرب نهاية عام 640م خرج جماعة من حرص الحصن ففاجأوا عبادة بن الصامت والزبير في صلاتهما فوثب الرجلان إلى فرسيهما وحملا على الروم، فلما رأى الروم أنهم مدركون جعلوا يلقون حليهم وذهبهم ودروعهم على الأرض ليشغلوا بها الفارسين عن طلبهما لكنهما لم يلتفتا حتى دخلا الحصن وأصيب عبادة إصابة طفيفة من حجر رمي به، ورجع الفارسان دون أن ينظرا إلى ما ألقى جنود الروم، بل عادا إلى موضعهما وأتما الصلاة، وخرج الروم إلى متاعهم يجمعونه.. فلما كان المسلمون في يوم جمعة قد اجتمعوا للصلاة سار بينهم عمرو بن العاص يحرضهم على القتال فرآهم ربيئة الروم، وحمل إلى قومه في الحصن نبأ اجتماعهم، فلما انتهى عمرو من خطبته وأم المسلمين في الصلاة، وفيما هم كذلك هبطت عليهم جنود الروم بغتة وهم عزل ليس معهم سلاح فأوقعوا بهم واستشهد منهم عدد كبير.

    الفتح الأعظم
    انتظر جنود الروم كثيراً داخل حصن بابليون أن يأتيهم المدد من الامبراطور لكن شيئا لم يصل فاستحكم بهم اليأس، وتملك منهم المرض إلى أن سمعوا يوما تكبيرا عاليا في عسكر المسلمين في أوائل شهر مارس عام 641م، فلما استطلعوا الأمر عرفوا أن هرقل قد مات، فخارت بذلك قواهم، أما العرب فقد زادت جرأتهم وتضاعفت همتهم في فتح الحصن. بقي الحصن بعد ذلك شهراً لم يسلم، فلما أبطأ الفتح قيل إن الزبير وهب نفسه وأقبل مع جماعة يقودهم لفتح الحصن بعد أن أعد للأمر عدته، فلما جاء الموعد المحدد أقبل الناس سراعا تحت جنح الليل ووضع الزبير سلما على السور، فما شعر جند الروم إلا والبطل العربي – هكذا قال بتلر – على رأس الحصن يكبر، وسيفه في يده، وتحامل الناس إليه من داخل الحصن لكن سهام المسلمين أمطرتهم من الخارج، واستطاع بذلك أصحاب الزبير أن يصلوا إليه فوق السلم ويطأوا أسوار الحصن بأقدامهم، ويمتلكوا رؤوس الأسوار.. فلما رأى ذلك كبار قادة الروم في الحصن أدركوا أن الأمر قد انتهى، وأسرعوا في طلب الصلح من عمرو، وعرض “جورج” قائد الجند في الحصن أن يسلم على أن يأمن كل من هناك من الجند على أنفسهم فقبل عمرو وخالفه الزبير خلافاً شديداً في ذلك.. وقال: “لو صبرت قليلاً لنزلنا من الأسوار إلى داخل الحصن ولكان الأمر على ما تشتهي” لكن عمراً لم يلتفت وكتب عهد الصلح على أن يخرج جند الروم من الحصن في ثلاثة أيام.. وكانت حملة الزبير في يوم الجمعة السادس من أبريل عام 641م، وكان خروج الجند يوم الإثنين التاسع من أبريل وهو يوم عيد الفصح.

    يروي المؤرخ الإنجليزي د. ألفريد بتلر في ص 239 واقعة عجيبة أثناء تسليم الحصن تدل على غدر الروم وخستهم.. يقول إن جند الروم كانوا قد سجنوا معهم في أول الحصار كثيراً من القبط الذين كانوا في الحصن لأنهم شكوا في أمرهم، فلما جاء يوم الفصح الذي فيه الخروج من الحصن جعله الروم يوم نقمة على هؤلاء المسجونين التعساء فسحبوهم من سجونهم وضربوهم بالسياط وقطعوا أيديهم.. أمرهم بذلك كبيرهم أودوقيانوس، ولا عجب مع هذا أن نجد الأسقف المصري حنا النقيوسي يسبهم في ديوانه، ويسميهم “أعداء المسيح” الذين دنسوا الدين برجس بدعهم وفتنوا الناس عن إيمانهم فتنة شديدة لم يأت بمثلها عبدة الأوثان ولا الهمج، وعصوا المسيح وأذلوا أتباعه، فلم يكن في الناس من أتى بمثل سيئاتهم، ولو كانوا من عبدة الأوثان. ويختتم بتلر هذا المشهد البائس بقوله: “وإنه ليس بغريب من مثل الأسقف المصري أن يقول إن فتح الحصن للمسلمين لم يكن إلا عقابا من الله على ما فعله الروم من الأفاعيل في القبط”.
    Junior Architect-Ahmed Abdel Aziz
    Mansy

    إن من يختلف معك فكريًا في العالم العربي هو على الأرجح ملحد أو عميل أو شاذ جنسيًا،



    تعليق


    • #3
      موضوع جميل و شيق وكم حببت لو تم تجزأته كي يتسنى للقارئ مناقشة كل نقطة على حدة

      واتمنى منا كأمة استخدام مصطلع الثورة فما حصل مع بزوغ شمس الاسلام كان ثورة بكل ما تعنية الكلمة للشرق على المستعمر الروماني ولا ننسى ان الثورة بدأت بفتح مكة المكرمة على يد جيش لا يجمعه عرق فقد كان منهم الحبشي والفارسي والرومي ايضا

      واتمنى ان يدرك القارئ ان مصطلح العرب لا يعني عرقية بل امه

      وتم الاصطلاح على تسمية من يتكلم العربية و يدين بالاسلام بالعربي

      نبذة عن الاصل القديم لكلمة عرب
      اختلف الكثير من المؤرخين في معنى (عرب) فقد قيل انها نسبه الى يعرب ابن قحطان و قيل انها نسبه الى اسم المكان الذي كان يسمى اصلا (العربية ) وقيل انها كانت تعني باللغة الدارجة بالجزيرة (ناس)

      ومهما اختلفت الاقوال فقد ذهب الكثير من المؤرخين الى ان تلك العرقية قد بادت لذلك سميت فيما بعد (بالبائدة ) و منهم عاد و ثمود

      ثم ظهرت القبائل المستعربة من العدنانية والذين منهم رسول الله صلى الله علية و سلم فقد كان من نسل ابراهيم (العراق) من هاجر القبطية (مصر) اسماعيل الذي بدورة صاهر جرهم (جرهم من العاربه و ينسبون الى قحطان من اليمن)

      وبعد الاسلام تخالطت و تناسلت قبائل الشرق فاصبحت تحوي من الاعراق الحبشية و الارامية لذلك تسمى الامة العربية و ليست العرقية العربية

      ولا تزال تلك التسمية تشكل ارقا لكل من يكرة و حدة الامة فلا تزال الاقليات من الديانات الاخرى تستميت في محاربتها في سبيل القطرية

      وليس اشهد من ذلك بكاء ونواح تلك الاقليات المثبت تاريخيا عند زوال الاستعمار الغربي

      وشكرا
      قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته "

      قالو عن يسوع " تعال اليّ ايها الخروف الضال "

      تعليق


      • #4
        عاد الرسل إلى المقوقس، وقد وقع في نفوسهم ما عند المسلمين من بساطة وإيمان فقالوا: “رأينا قوماً الموت أحب إلى أحدهم من الحياة، والتواضع أحب إلى أحدهم من الرفعة، ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا تهمة، إنما جلوسهم على التراب، وأكلهم على ركبهم، وأميرهم كواحد منهم، مايعرف رفيعهم من وضيعهم، ولا السيد منهم من العبد، وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد، يغسلون أطرافهم بالماء ويخشعون في صلاتهم“. [هذا هو ميثاق شرف الحكم والقيادة يا مسلم حاكما ومحكوما وبغيره انهزمنا – انسخ هذه العبارة واحفظها]

        علي ما اعتقد دي اهم نقطه في الموضوع كله
        .......................................

        شكرا يا اخ محرر علي مرورك و ردك الجميل
        فعلا معلومات قيمه
        شكرا مره اخري
        Junior Architect-Ahmed Abdel Aziz
        Mansy

        إن من يختلف معك فكريًا في العالم العربي هو على الأرجح ملحد أو عميل أو شاذ جنسيًا،



        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محرر سابق مشاهدة المشاركة
          موضوع جميل و شيق وكم حببت لو تم تجزأته كي يتسنى للقارئ مناقشة كل نقطة على حدة

          واتمنى منا كأمة استخدام مصطلع الثورة فما حصل مع بزوغ شمس الاسلام كان ثورة بكل ما تعنية الكلمة للشرق على المستعمر الروماني ولا ننسى ان الثورة بدأت بفتح مكة المكرمة على يد جيش لا يجمعه عرق فقد كان منهم الحبشي والفارسي والرومي ايضا
          لا نطلق إلا ما أطلقه القرآن الفتح وما أعظمها من كلمة لإن الثورة تعني أنهم ثورة التابع على المتبوع والمسلمون أبعد ما يكونون عن ذلك فالصراع كان صراع عقيدة في مكة أما في مصر فكان الاثنين معاً تحرير وعقيدة لإن الرومان كانوا يريدون أن يفرضوا ملتهم بحد السيف "ولاحظوا هنا من الذي يستخدم السيف لنشر الدين" اتق الله ولا داعي أن تأتي بأفكار تعتقد بها أنك ستأتي بما لم تأت به الأوائل
          (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) لقمان :21

          الرد على من قال بحل المعازف

          http://www.abumishari.com/

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة mmnoor مشاهدة المشاركة
            لا نطلق إلا ما أطلقه القرآن الفتح وما أعظمها من كلمة لإن الثورة تعني أنهم ثورة التابع على المتبوع والمسلمون أبعد ما يكونون عن ذلك فالصراع كان صراع عقيدة في مكة أما في مصر فكان الاثنين معاً تحرير وعقيدة لإن الرومان كانوا يريدون أن يفرضوا ملتهم بحد السيف "ولاحظوا هنا من الذي يستخدم السيف لنشر الدين" اتق الله ولا داعي أن تأتي بأفكار تعتقد بها أنك ستأتي بما لم تأت به الأوائل
            رب احلل عقدة من لساني

            يا اخي الكريم لا تسئ النية

            فحتى الجزيرة العربية كانت مطوقة بالروم واذنابها من الغساسنة والمناذرة والفرس لذلك شئنا ام ابينا فلم نكن سوى شعوب مستضعفة اعزها الله و مكن لها بالاسلام

            و لفظ ثورة هو مصطلح لغوي ليس فقط حول التابع و المتبوع بل يستخدم عند الطفرة او الظهور الكثيف المفاجئ كمصطلح الثورة التكنلوجية و ثورة البراكين مثلا فلماذا لا يجوز استخدام هذا اللفظ هل ؟

            فلا تفتي بما لا تعلم جزاك الله خير ولا تستهن بالتحريم كما يفعل بعض المارقه بحسن نيه

            وعلى فكرة لست انا اول من استخدم هذا الوصف فقد سبق استخدامة في كتابات سابقه وانما انا فضلت استخدامة لانه دقيق فالثورة الاسلامية دكت الامبراطورية الرومانية بل و تبعت فلولها الى اوروبا ..فلا اصلح من هذا الوصف (سياسيا )


            اما ما تقوله اخي الفاضل بان كلمة فتح و صفت فتح مصر بالقرآن فاسمح لي فلا اذكر انني قرأت ذلك بالقرآن الكريم .. وجل من لا يسهو

            اللهم اهدنا فيمن هديت
            ويسرنا الى ما تحب و ترضى
            قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته "

            قالو عن يسوع " تعال اليّ ايها الخروف الضال "

            تعليق

            يعمل...
            X