بقلم: المهندس فهد الرفاعي
موضة الليزر الأخضر
المهندس فهد الرفاعي، مدير عام موقع التقنية الهندسي www.tkne.net/vb
تصور أنك راكب في طائرة متوجه من مدينة إلى أخرى ، وفجأة وقبل الهبوط بدقيقة او دقيقتين تتأرجح الطائرة وتحصل كارثة لا قدر الله !
وتصور أنك في ملعب كرة قدم تشاهد مباراة بين فريقي الهلال والنصر .. و اثناء المباراة يسقط حارس مرمى فريقك المفضل مصابا على الارض دون اي احتكاك مع اللاعبين نتيجة احتراق عين هذا اللاعب !
الحالتين اعلاه ذكرتهما لانه من المشاهدات و المسموعات التي بتنا نعايشها هذه الأيام مع ظهور تقنية جديدة قديمة أدخلت وبشكل غير مدروس السوق السعودية وربما الأسواق العربية لتباع على الأفراد العاديين دون أدنى مسؤولية او إجراء رسمي او ترخيص. إنها أجهزة شعاع الليزر بعيدة المدى التي تصل أحيانا الى أكثر من 5 كلم في أي اتجاه.
كعادتي وأنا أتصفح جرائدنا السعودية كل يوم ، تفاجأن منذ نحو أسبوع او أكثر بورود أخبار عن محاولات عبثية لبعض المراهقين الغير مسئولين بتوجيه شعاع الليزر الى الطائرات وخاصة مقدمة الطائرات حيث يقبع الطيارون مستعدون للهبوط . وتعد عملية الهبوط من اعقد الاعمال التي يقوم بها الطيار رغم قصر الفترة التي يحتاجها للهبوط الا ان هذه اللحظات البسيطة التي لا تتجاوز الدقيقة او الدقيقتين احيانا الا انه يكون مستحضرا هو ومساعده كل حواسه لتنفيذ الهبوط على افضل وضع وبدون مشاكل. تخيل لو انه خلال هذه الثواني المعدودة التي يحاول الطيار فيها تنفيذ عملية الهبوط تم تسليط شعاع ليزر على عينيه او حداهما لمدة ثانيتين فقط .. ماذا سيحصل ؟
يقول العلماء .. ان تسليط شعاع الليزر الى العين قد يسبب حالة عمى مؤقتة تماما كما لو كان الشخص ينظر الى الشمس مباشرة .. وقد يدوم هذا العمى الى أكثر من دقيقة في بعض الحالات. تصور في هذه اللحظات أن طائرة بها 200 راكب ويقودها طيار أعمى .. يحاول الهبوط بها .. ماهو شعورك تلك اللحظة ؟
ان ما يقلق كثيرا هو انتشار مثل هذه الأجهزة او ما تسمى بـ Laser pointers للاستخدام الشخصي في الأسواق في المحلات التجارية او بيعها عبر الانترنت. قديما كنا نرى البروفسور او الأستاذ الجامعي او أي محاضر يحمل مؤشر ليزر صغير للتأشير على ما يشرحه في محاضراته وكان لونه المؤشر احمرً في الغالب أضف إلى ان شدة إضاءته كانت متواضعة ولا تصل الا لمسافات محدودة طبقا للمواصفات. عادة مثل هذه المؤشرات والتي تباع بشكل شرعي ورسمي محلات القرطاسية وتجهيزات الكمبيوتر ونحوها لا تتجاوز خرجها او طاقتها الواحد ميقا وات – 1 mW. هذه الايام انتشرت مثل هذه المؤشرات وبنفس الحجم أحيانا ولكن اختلفت الطاقة التي تنتجها ومدى الشعاع الناتج منها.
على سبيل المثال ، في الولايات المتحدة الامريكية توجد منظمتان مسؤلتان عن مواصفات مثل هذه المؤشرات ، وهما الهيئة الوطنية للمواصفات او American National Standard و ومنظمة الاطعمة والادوية Food and Drug Administration (FDA) ، وقد قامتا هاتين المؤسستين بتصنيف اشعة الليزر بناء على طاقته على نوعين ، فهناك شعاع الليزر ذا الطاقة الاقل من واحد ميقا واط ويسمى Class 2 ، و الشعاع ذا الطاقة من 1 الى 5 ميقا واط ويسمى Class 3a وهما المسموح لهما في صناعة المؤشرات التي تباع في الاسواق للمستخدمين العاديين ، وهناك تصنيف اخر وهو لشعاع الليزر من 5 الى 500 ميقا واط ويسمى Class 3b وهو غير مسموح به في صناعة المؤشرات نظرا لخطورة استخدامه من قبل المستخدمين العاديين ونظرا لما هذا الشعاع من الاثار على الانسان عند تسليط الشعاع بشكل مباشرة على العين او البشره حتى لو كان لمدة ربع ثانية من الوقت.
ظهر حديثا ما يسمى بمؤشرات الليزر الاخضر ، وقد دخلت الى الاسواق منذ عام 2000 م وشعاع الليزر في هذه المؤشرات يصل الى 300 ميقا واط ويختلف اللون نتيجة اختلاف الدايود الالكتروني المستخدم في انتاج هذا الشعاع وتركيبه ويتم انتاج هذا الشعاع عادة لاستخدامه في العروض المسرحية او السينما ونحو ذلك.
في عالمنا العربي وفي السعودية بالذات ، تستطيع الحصول على مؤشر ليزر ذا اللون الاخضر بمبلغ لا يتجاوز 200 ريال سعودي اما عن طريق الانترنت او عن طريق الباعة الغير محترفين في السوق السوداء بالقرب من محلات الكمبيوتر او الحراج والاسواق الشعبية التي عادة لا تخضع لحملات التفتيش المستمرة من قبل بلديات المناطق. وتبلغ خرج مثل هذه المؤشرات ما يفوق 200 ميقا واط اي مايجعلها تدخل في النطاق المحظور في امريكا وهو النطاق Class 3b .
وقد صادف ان وجدت عدد من المواقع العربية التي تسمح لعرض مثل هذه المؤشرات للجميع وباسعار رخيصة جدا كماهو موضح من الصورة ادناه. وعلى الرغم من الاعلانات التي تقول ان مثل هذه المؤشرات تصل الى 100 ميقا واط او 200 ميقا واط الا انه في الحقيقة مثل هذه الارقام هي وهمية مقابل الاسعار الزهيدة التي تطلب مقابلها الا فهي اقل من هذه الارقام ولكن ماهو اكيد انها اكثر من 5 ميقا واط اي انها من النوع المحظور عالميا.
صحيفة الرياض السعودية نشرت صورة للحارس السعودي الدعيع وشعاع الليزر موجه مباشرة على احدى عينيه وهو مستعد لتلقي كرة من الفريق الخصم ، ماذا لو حصل ان فقد الحارس نظره مؤقتا و دخلت الكرة الهدف .. فهل سيحتسب حكم المباراة الهدف .. !! من يدري ربما تصدر الفيفا يوما ما قانونا يجرم مثل هذه التصرفات في الملاعب الرياضية هذا اذا لم يكن فعلا قد اصدروه سابقا ويبقى العتب على مسؤولينا الرياضيين في السعودية.
اختم أخيرا بمقطع فيديو من موقع يو تيوب العالمي لاحد الأشخاص الذي يختبر ليزرا اخضرا بقدرة 125 ميقا واط ، وكم كانت النتيجة مخيفة ، حيث استطاع احراق ورقة وجعلها تشتعل ، وقد استطاع اشعال اعواد ثقاب بتسليط الشعاع مباشرة عليها ، كما استطاع قطع شريط لاصق .. اترككم مع المقطع ، مع امنياتي ان نكون اوعى في استخدام التقنية .. التي لم تعد شيئا معقد الاستخدام لكنها حتما ستكون كذلك حين نسيء استخدامها.
لمشاهدة مقطع فيديو:
http://www.youtube.com/v/CeMpdiDZ1iI
المراجع
- ويكبيديا
- جريدة الرياض
- مراجع اخرى
المصدر : البوابة العربية .
تعليق