تويت
في غزة، رسوم تتحرك !
وجه آخر للقطاع المحاصر يتوشّح طموحا ً
لم يكن انتاج الرسوم المتحركة في غزة، سوى طموحاً لعدد من الفنانين الذين وجدوا في الفرشاة وفضاء التكنولوجيا طريـــــقاً آخر للخروج من ضيق الحصار. آخر تلك الإنتاجات كان فيلماً قصيراً ثلاثيَّ الأبعاد، أنتجهُ فريـــــــــقُ مشروع الرسوم المتحركة بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، بعنوان " الحلم "، وهو فيلم تجريبيّ يجسد امكانيات الفريق، التي وصفوها بأنها " تنافس الانتاج العربي ".
علاء أبو سمعان - مدير مشروع الرسوم المتحركة والألعاب الإلكترونية بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية - قال للجزيرة توك : " لقد نشرنا مقاطع من فيلم الحلم، وهو فيلم قصير ثلاثي الأبعاد، مدته 7 دقائق، استغرق العمل عليه ما يقارب ستة شهور، وتدور أحداثه مع طفل فلسطيني يخيل إليه أثناء متابعته للتلفاز أن وحشاً يخرج من الشاشة ليهاجمه، ليبدأ بينهما عراك خيالي في إشارة للتفريغ العاطفي لأطفال غزة".
وأضاف أبو سمعان بأنّ الفريق خاض تجربة أخرى هي الأولى من نوعها في فلسطين، حيث أنتج لعبة إلكترونية ثنائية الأبعاد أسموها " الطريق إلى القدس "، شخصيتها المحورية طفل فلسطيني يواجه عقبات رمزية في الوصول إلى القدس، يلتقط أثناء سيره حبات من الزيتون تتحول إلى كمية من زيت الزيتون هي مدة حياة الشخصية في اللعبة. وهي جميعاً رموزٌ من التراث الفلسطيني. مؤكداً أن الفريق يعمل حالياً بشكل حثيث على انتاج لعبة ثلاثية الأبعاد، حيث قام بتطوير محرك ألعاب خاص باللعبة.
وأكد أبو سمعان أن المشروع يتفرد بأفضل الكوادر الفنية في قطاع غزة، بالإضافة إلى امتلاكه استوديو صوت وآخر للتصوير، وشاشات رسم متطورة، وأجهزة متقدمة تمكنه من انتاج الأفلام كاملة من ألفها إلى يائها، مشيراً إلى " أن المشروع يمتلك بدلة التقاط الحركة motion capture وهي الأولى من نوعها في الإقليم ، لكن سلطات الإحتلال تحول دون وصولها إلى غزة حتى الآن " .
وأوضح أبو سمعان بأن الفريق طوّر نفسه بنفسه، بعد أن حالَ إغلاقُ المعابر المتكرر دون تدريب الفريق في الخارج منذ بداية المشروع، فاضطر لتعويض ذلك بالتعلم الذاتي عن طريق الإنترنت، مشيراً إلى انعدام الموارد العربية التعليمية في هذا المجال مما صعّب المهمة. وأكد في السياق ذاته على استمرار محاولات الفريق لتلبية عدد من الدعوات الخارجية للتدريب والمشاركة في معارض دولية.
وذكر أبو سمعان أن مشروع الرسوم المتحركة والألعاب الإلكترونية بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، أصيب بأضرار بالغة أثناء الحرب الأخيرة على غزة جراء سقوط عدد من القذائف الإسرائيلية، مما أدى إلى احراق عدد من الأجهزة والمرافق التي أعيد بناؤها وترميمها، في تحدٍ يقوده الطموح.
وتجدر الإشارة إلى أن تجارب الرسوم المتحركة في قطاع غزة بدأت منذ عام 2002، عندما انشأت الجامعة الإسلامية "وحدة الرسوم المتحركة"، وأنتجت عدداً من الأفلام منها " ثوب من قوس قزح "، و" الأسد الصغير " و" الممحاة والقلم "، و ثلاث حلقات من مسلسل " حكايات من الغابة ".
وتعتبر مؤسسة جحا تون التي تأسست عام 2005 ، أول شركة فلسطينية متخصصة في إنتاج رسوم الكارتون، وقد أنتجت فيلم " حكاية مفتاح "، وفيديو " لا تحرموني الطفولة " و " جانا العيد " و " أقصانا "، ومسلسل " أذكار الصباح والمساء".
وقد صدر في شهر يوليو من هذا العام في رام الله فيلم ثلاثي الأبعاد بعنوان " فاتنة "، من إخراج الشاب أحمد حبش، ويروي الفيلم قصة فتاة فلسطينية من إحدى مخيمات اللاجئين في قطاع غزة تعاني من سرطان الثدي، ويعرض كفاحها في مواجهة المرض العضال في بلد خاضع بالكامل للاحتلال.
الرسوم المتحركة العربية
يقدّر أسامة خليفة - أبرز منتجي أفلام الكرتون العرب - أن نسبة ما ينتج من الأفلام العربية مقارنة بما يأتي من الخارج أقل من 0.5%. ويمتلك أسامة خليفة شركة آلاء للانتاج الفني التي أنتجت أول فيلم رسوم متحركة عربي عام 1988 بعنوان "جزيرة النور" وهو فيلم مقتبس من قصة "حي بن يقظان".
وقد أنتجت الشركة حتى الآن 14 فيلمًا من أفلام الرسوم المتحركة، جميعُها ناطق باللغة العربية، وتروي حقبا مختلفة من التاريخ العربي الإسلامي، وتعكس الثقافة الإسلامية بروح منفتحة ومتسامحة ومنها مثل فيلم " محمد الفاتح " و " طارق بن زياد". ويعد فيلم " حلم الزيتون " آخر أفلام شركة آلاء وقد بلغت تكلفته 2 مليون دولار، واستغرق انتاجه 5 سنوات، وخرج في العام 2009، وقصة الفيلم تدور حول عائلة فلسطينية هجّرت من عين كارم سنة 1948 واستوطنت في جنين، وأثناء الهجرة قتل الأب وسلم المفتاح و"الكوشان" ( شهادة الميلاد) لعائلته، و تنتقل المشاهد مباشرة من سنة 1948 إلى سنة 2002 في قصف على جنين سنة 2002 لتتذكر الجدة الأحداث السابقة وتطلب من حفيدها الخروج، ليرد عليها بالرفض والثبات على الأرض.
ويشار إلى وجود عدد من الانتاجات العربية التي شارك في تنفيذ بعضها فنانون غير عرب، ومنها: " فريج " و"جدار في القلب" و" المفتش كرومبو " و " دمتم سالمين " و " كليلة ودمنة " و " كرتون أحكام القرآن " و " سوبر هنيدي " و " بكار ".
الرسوم المتحركة العالمية
أما عالمياً فقد بدأت محاولات انتاج أفلام الرسوم المتحركة في الغرب في نهاية القرن التاسع عشر، أي قبل ما يزيد عن قرن، واستمرت المحاولات حتى بلغ الانتاج ذروته في العقدين الثالث والرابع من القرن العشرين حيث شهدت هذه الحقبة انتاج أفلام مثل Tom and jerry ( القط والفأر) ، و woody woodpecker (نقار الخشب)، و bugs bunny.
وتشهد أفلام الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد في عصرنا هذا رواجاً كبيراً في السينما العالمية، وحتى لدى جمهور الكبار، في دلالة هامة على أن الرسوم المتحركة لم تعد حكراً على الأطفال، إذ تقف تلك الأفلام بجانب الأفلام السينيمائية الأخرى سواء بسواء، تنافسها في دور العرض حتى وصلت إلى أعلى قائمة الأفلام الأكثر إيرادا.
ومن الأفلام التي أُطلقت مؤخرا، فيلم Cloudy with a Chance of Meatballs والذي نشر في 18 سبتمبر 2009، بلغت ميزانيته: مئة مليون دولار أمريكي، فيما وصلت إجمالي إيراداته وفقا للبوكس أوفيس إلى 108,201,645 دولار أمريكي.
ومن الأفلام التي تلاقي نجاحاً كذلك، فيلم Up ، وقد عرض لأول مرة في 29 مايو من هذا العام، بلغت ميزانيته $175 مليون، فيما بلغ إجمالي إيراداته وفقا للبوكس أوفيس 292,810,074$.
وجه آخر
ومن بين تلك الرسوم، والألوان، والصور المتحركة، تتحرك في النفس صورة حيّة لقطاع غزة، يصر الغزّيون على إبقائها زاهية تنطق بالحياة - برغم الحصار والحرب-، صورة في تفاصيلها نساء ورجال يلملمون الأمل من بين الركام، ترنو أعينهم لحلم نهضة، يرونه تحت كل حجر، وفي روح كل فقيد، وفي دمعة كل أرملة، وفي صرخة كل طفل ولد من رحم الحصار، صورة غُمّيت عن كثيرين، لكنها حية في قلوب الغزيين.. إنها روحٌ أخرى ، ووجه آخر لغزة يتوشّح طموحا وأملا وإرادة ونهضة!
ومن بين تلك الرسوم، والألوان، والصور المتحركة، تتحرك في النفس صورة حيّة لقطاع غزة، يصر الغزّيون على إبقائها زاهية تنطق بالحياة - برغم الحصار والحرب-، صورة في تفاصيلها نساء ورجال يلملمون الأمل من بين الركام، ترنو أعينهم لحلم نهضة، يرونه تحت كل حجر، وفي روح كل فقيد، وفي دمعة كل أرملة، وفي صرخة كل طفل ولد من رحم الحصار، صورة غُمّيت عن كثيرين، لكنها حية في قلوب الغزيين.. إنها روحٌ أخرى ، ووجه آخر لغزة يتوشّح طموحا وأملا وإرادة ونهضة!
تعليق