ذكر ابن الجوزي رحمه الله في كتابه صيد الخاطر قصة منأروع قصص المحبة التي تكون ثمارها جنة عرضها السماوات والأرض .. يقول رحمهالله :
كان بالكوفة فتى جميل الوجه شديد التعبد والاجتهاد فنزلفي جوار قوم ، فنظر إلى فتاة منهم جميلة فهواها وهام بها عقله، ونزل بالفتاة ما نزلبه فأرسل يخطبها من أبيها، فأخبره أبوها أنها مسماة لابن عم لها ، فلما اشتد عليهماما يقاسيانه من ألم الهوى أرسلت إليه الفتاة : قد بلغني شدة محبتك لي وقد اشتدبلائي بك، فإن شئت زرتك وإن شئت سهَّلت لك أن تأتيني إلى منزلي، فقال لرسولها : ولاواحدة من هاتين الخلتين ، "إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍعَظِيمٍ" (الأنعام: آية 15)، أخاف نارا لا يخبو سعيرها ولا يخمد لهيبها ...
فلماأبلغها الرسول قوله قالت : وأراه مع هذا يخاف الله ؟! والله ما أحد أحق بهذا من أحد – أي بالعبودية لله والخوف منه سبحانه – وإن العباد فيه لمشتركون ..
ثم انخلعت منالدنيا وألقت علائقها - أي ما يجعلها تتعلق بالدنيا - خلف ظهرها،وجعلت تتعبد وهي مع ذلك تذوب وتنحل حبا للفتى وشوقا إليه حتى ماتت على تلكم الحال، فكانالفتى يأتي قبرها فيبكي عنده ويدعو لها، فغلبته عينه ذات يوم على قبرها فرآها فيمنامه في أحسن منظر ..
فقال : كيف أنت؟ وما لقيت بعدي؟
قالت : نعم المحبة - يا سؤلي – محبتكم **** حب يقود إلى خير وإحسان
فقال : على ذلك إلام صرت؟
فقالت : إلى نعيم وعيش لا زوال له **** في جنة الخلد ملك ليس بالفاني
فقاللها: اذكريني هناك فإني لست أنساك ...
فقالت : ولا أنا والله أنساك ، ولقد سألتمولاي ومولاك أن يجمع بيننا، فأعني على نفسك بالاجتهاد -أي في العبادة- فقال : متىأراك؟
فقالت: ستأتينا عن قريب فترانا ..
فلم يعش الفتى بعد الرؤيا إلا سبع ليالحتى مات رحمه الله تعالى ...
تعليق