Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كيلو لحم بدوده "قصة أخرى"

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كيلو لحم بدوده "قصة أخرى"

    كيلو لحم بدوده
    --------------


    عجيب هو أمر شعبنا المطحون ...
    رضي بالعيش في ظروف لا يستطيع فرانكنشتين تحملها: راتب ضعيف لا يكفي نملة تأكل وجبة واحدة تُصرف لها من جمعيات المعونة، ومعاملة لا يرضى بها أحدب نوتردام نفسه، ومستقبل أشد ظلمة من لحظة انقطاع الكهرباء التي تستمر لساعات بدعوى "إصلاحات ع السريع" ...


    هو نفسه هذا الشعب الذي رضي أيضا أن يتوارثه الآخرون، بداية من أمين الشرطة الذي يعتبر جيب المواطن مصدر رزقه، وجسده مصدر سعادة تعذيبية سادية ... مروراً بسائق الميكروباص المستغل، ومدير العمل المفتري، وجاره ذو اللسان الطويل الذي ينافس في طوله ثعبان الأنكوندا، والبائع صاحب ألفاظ بير السلم التي يطلقها ليل نهار، ورجل الأعمال الذي يمتص من دمه بطريقة يتقزز منها دراكولا ذاته، ومحافظه الذي يصر على حفر الأسفلت عشر مرات يوميا لأنه ينسى مقصا كل مرة في معدة الشارع، ووزيره الذي يدعى أن الموازنة "تمام التمام" رغم أن نصف موارد البلد موجودة في بنوك سويسرا بأسماء حيتان ليسوا من أبناء وطننا الشرعيين، وأنه "مفيش بطالة" رغم أن الشعب كله يعمل في وظيفة البحث عن وظيفة طوال العمر، وأن "الشعب ينعم بأحلى أيام الديموقراطية المهلبية" رغم أن سجون بلدك "بتبظ" كتلاً بشرية وأجساداً فوق أجساد لأشخاص كل ما فعلوه هو أن قالوا "لا" ...


    ورغم ذلك كله ... لا يزال بعض هؤلاء التجار "الحنيين" يجدون أن شعبنا "لسه فيه حتة متهبرتش" ... لنفاجأ ذات يوم بخبر غريب فقد غرابته في بلد كل ما فيه أضحى غريباً، كمية كبيرة من اللحوم المدودة تدخل الأسواق المصرية، والحكومة تنفي ذلك بثقة شديدة كتلك التي تحس بها ممن ينفي وجود الشمس أساساً ...
    ثار المثقف المصري وصرخ، وأطلق غضبه المكبوت في كل مكان مبيناً اعتراضه، ثم انطلق ليعلن عن كل ذلك لدى الحكومة، مطالباً إياها بعمل حملة تفتيش على اللحوم في كل مكان وزمان وما بينهما من أبعاد، للحفاظ على معدة مواطن مصر المفحوت ... لكن الزمن كان يخبئ لبلدنا الكثير ...


    -----------------

    في أحد حواري مصر الشعبية التي تمتلئ بأحبال غسيل تحمل من الملابس ما يكفي لعمل مصنع جديد للغزل والنسيج، وفي أحد شوارعها التي أخرجت الحكومة "مصارينها" منذ زمن ونسيت وجودها على خريطة جمهوريتها ... رقدت تلك القهوة العتيقة والتي وُجدت منذ أن وُجدت تلك الحارة، وعلى أحد كراسيها -التي يفتخر صاحبها بأنها مصنوعة من أيام محمد علي- جلس رجلان بسيطان يتبادلان "طراطيف" الحديث ..

    - شفت يابو محمد، بيقولولك في لحوم مدودة نزلت السوق
    - لحوم ؟؟ ... يعني مفرد لحمة يا عم سعيد ؟؟
    - أيوه يابومحمد .. صحصح كده أومال ... اللحمة اللي بنجيبها أول كل شهرين دي ... الحمرا بنت الحـ ... ما علينا
    - أيوه أيوه ... افتكرت .. مش اللي بنجيبها من عند الراجل الإتم أبو شنبات مفرودة بجيل ده اللي اسمه "عطوة" ؟؟
    - عفارم عليك ... أهي اللحمة دي ... بيقولوك إن في منها نزل مدود ... بدوده يعني
    - يا حفيظ ... معقولة؟ .. لحم مدود ؟ ... هي الناس فرمت ضميرها ولا إيه ؟؟
    - أيوه يا عم ... ده استهبال ... أنا قولت لزكية مراتي اللحمة حرمت على بيتنا من النهاردة ... صحيح إنها لقحت بكلمتين عن "هي فين اللحمة دي يا حسرة" ، بس أنا أقنعتها إننا مش هنجيب لحمة خالص ... خصوصا إنها مش عايزة عينها التانية تورم عشان تعرف تذاكر للعيال
    - طيب ... كويس ... الموضوع مش مشكلة خالص ... هوه في حد هنا عاد بياكل لحمة ... بلا بتاع
    - لأ ... ده الموضوع أحسن من كده بكتير

    التفت عم سعيد وأبو محمد لصاحب الجملة الأخيرة، ليجدا أستاذ حسين الموظف بمجمع التحرير، يتناول كرسياً يقربه من طاولتهما وهو يجلس متابعاً :
    - ده هوه ده أحسن وقت ناكل فيه لحمة

    رد أبو محمد في استنكار :
    - انت اتجننت يا جدع ... بيقولك لحمة مدودة ... دوووووود يا عم ... دود
    - يا عم وفيها إيه يعني ... انت بتاكل المش بإيه ؟؟
    - بدوده وبواقيه وعفانته وبلاويه و ...
    - احم ... خلينا في الاولانية بس ... بإيه ؟؟ ... بدوده ! ... يعني هيه هيه
    - إزاي يا أستاذ حسين ... ده دوود وده دوود ...
    - يعني إيه الفرق
    - الفرق في الشعر
    - أفندم ؟!!
    - لا ... قصدي، أكيد في فرق بين دودنا ودودك ودودهم
    - يا عم ... كله في الآخر بيصب في المجاري ... وبعدين على رأي السيد الوالد: المعدة بتجيب ده على جنب وده على جنب ...

    أطرق كلا الرجلان برأسيهما في تفكير صامت يشبه صمت السرير، بينما البخت يلعب برأسيهما الأعاجيب ... فقد بدأ العقل المصري يعمل من جديد بأقصى طاقته، محاولاً استغلال تلك الأزمة ... أنسب استغلال

    ----------------------

    صاح المعلم "عطية" في صبيه بشراسة :
    - واد يا زفت يا "رأفت" ... طلع ياض كيلو لحمة للأفندي هنا

    أسرع "رأفت" من أول المحل إلى آخره جرياً – حيث ترقد المغفور لها الثلاجة – واضعاً جلبابه في فمه فبدا كما لو كان يطير راقصاً بحيرة البط ... وقبل أن يصل إلى الثلاجة كان الأفندي قد مال على المعلم هامسا له بكلمة السر "ادي القطائيط لأبوكلوة حديد" ... فما كان من المعلم إلا أن أبلغ "رأفت" عبر السرينة إياها أن : هاتها حتة مقطئطة ...

    أخرج "رأفت" القطعة في حذر شديد، لفها في عشرة أكياس سوداء، ثم ناولها إلى المعلم، الذي ناولها بدوره للأفندي وهو يتلفت يمنة ويسرة في حذر الإبل التي تتاجر في "الحشيش" ...
    ما إن تناول الرجل اللفة حتى همس : مش دي برضه لحمة مدودة عشـــ ...
    قاطعته نظرة صارمة من عين المعلم كادت "تفلقه" نصفين، بينما المعلم يهمس بصوت الأموات المرعب: احنا مبنقولش الكلمة اللي بحروف الدال هنا ... دي كلمة محرمة دولياً
    ازدرد الرجل ريقه المتحجر كحجر الصوان بينما المعلم يتابع :
    - وطبعا زي مانتا عايز ... تمنها ربع التمن الأصلي ... اتكل بقى وارحمنا
    تناول الرجل اللفة بيد مرتعشة ... أدار ظهره ... ثم انصرف


    ---------------------

    وفي بيت آخر جلست العائلة على الغداء على سفرة بسيطة، يتوسطها طبق شوربة يحتوي حتى قمته مكعبات من اللحم، بينما الأب يردد وهو يمسح كفيه في استعداد حربي للـ "فرتكة":
    - يلا يا ولاد ... طاقة القدر اتفتحتلنا ... عايزكو تفرمو اللحمة دي
    ردت الام في قلق :
    - بس يابو علي مش البتاعة دي مدودة ... وممكن تعيي العيال
    - يا ولية متبقيش فقرية ... ماحنا بقالنا عشرين سنة بناكل لحمة وفي النهاية اكتشفنا إنها لحم حميري ... وأدينا أهوه صحتنا زي البمب وبنخلف
    ثم ربت على كتف ابنه الأصغر "ممدوح" مداعبه :
    - يلا يا دوحة ... عايزك تاكل اللحمة دي عشان تطلع راجل
    - بابا ... هوه ... مينفعش أبقى راجل إلا باللحمة
    - لأ يا حبيبي ... اللحمة مش شرط للرجولة ... حتى اسأل البهايم اللي ... احم ... بترعى في مراعي البلد
    - بس ... يا بابا
    - ولا ... أنا مش فاضيلك ... اخلص ... في إيه ؟؟
    أطرق الفتى لحظةً في تفكير نسبي ... ثم رفع رأسه سائلاً في براءة الحملان المصابة بالأنيميا :
    - هوه ... اللحمة ... بتتاكل منين ؟؟

    ---------------------

    في عيادة خارجية :
    العيان : ها يا دكتور ... إيه الأخبار ؟
    الدكتور : لا ... متقلقش ... كله تمام ... شوية إرهاق وصداع .. هكتبلك على اسبرين و ...
    - بقولك يا دكترة
    - خير ؟
    - هوه ... في مشكلة من اللحمة الجديدة اللي نازلة السوق ؟
    - المدودة ؟؟
    - لأ ... المقطئطة ... أصل المدو ... احم ... الكلمة اللي بالدال حرام
    - حرام ؟؟ ... ماشي ياخويا ... على العموم أنا عملت تجاربي الخاصة، وشايف إن مفيهاش حاجة ... ممكن تاكل منها براحتك وانت مطمن
    - ربنا يعمر بيتك يا دكتور .. يا مفرح قلوب الغلابة ... هوه بس ... فاضل طلب بسيط
    - إيه تاني ؟؟؟
    - ممكن تكتبلي روشتة بكام كيلو لحمة ... عشان الجزار مبقاش يصرف بقيقي كده
    - ماشي يا عم ... وآدي روشتة للحبايب وعليها كارع هدية
    بعد انصراف المريض ... دخل "رأفت" على الدكتور متخفيا، ثم مد يده بظرف وكيس أسود مرددا :
    - المعلم بيقولك عفارم عليك ... الزباين عمالة ترخ
    - ده الواجب وشرف الدكترة ... المهم ... اللحمة دي سليمة ولا مضروبة ؟
    - لا يا دوك ... عيب عليك، سليمة بضمان عينيا
    - بلاش عينيك عشان بتبربش ... خلي الضمان في حاجة أضمن


    ---------------------

    المكان : وزارة التجارة
    اقتحم السكرتير مكتب الوزير بطريقة مفاجئة جعلت سيادته "يتنطر" من الخضة ... مما دفعه للصراخ في غضب تنيني :
    - إيه اللي انت بتهببه ده يابني آدم ؟ ... انت داخل مراحيض عامة ؟
    التقط السكرتير أنفاسه بالكاد وهو يردد بصعوبة :
    - الناس ... يافندم ... عاملة تحت ... مظاهرات
    - ناس ؟؟ ... ناس مين ؟؟
    - الشعب يافندم
    - الشعب المصري ؟
    - أيوه سعادتك
    - يابني المصريين دول أغلب من الغلب ... مش ممكن يعملوا ربع مظاهرة صامتة حتى ... انت متأكد إنك مغلطتش في نمرة الشعب ... يمكن كانوا ناس تانيين ولا حاجة
    - همه يافندم ... وعاملين مظاهرة عشان اللحمة المدودة
    - كمان ؟؟؟ ... غريبة ... همه مش عارفين إننا أحبطنا شحنتين لحم فاسد، وبنلم المغشوش من السوق ... يعني الدنيا تمام
    سكت السكرتير للحظة قبل أن يتمتم في حذر :
    - ماهو ... ده اللي مضايقهم يافندم
    - هوه إيه ده اللي مضايقهم ؟
    - إنك بتلم اللحمة المدودة وبتمنع استيرادها ... وعاملين مظاهرة مخصوص بيطالبوا فيها حضرتك إنك "تخلي بينهم وبين اللحمة المدودة"
    - نعم ؟؟
    - يعني بالبلدي ... رجعلهم اللحمة ... وملكش دعوة

    ---------------------

    في جزارة الحاج "عطوة" :
    المعلم (بينما يسحب نفس الشيشة الكنتالوب) : وديت للدكتور الحاجة ياض
    رأفت : زي ما قلت يا معلمي ... جبت اتنين كيلو مدودين .. بعتهم لـ "شكرية" اللي بتنقي الرز، شالت الدود وخلت اللحم ... وقلتله إنه لحم سليم
    - عفارم ياض ... والمظاهرات ؟
    - زقينا كام واحد أرزقجي كده، قوّم الناس على الوزارة، وطلبوا منها تسيب اللحمة ... والوزارة وافقت
    ضحك المعلم في نصر ... ثم سعل حبتين ... قبل أن يلقي بكوب الشاي بتفله في فمه الواسع ... ويتابع "كركرة" الشيشة ... ثم ردد :
    - شغل على مية بيضة، هوه ده الرزق ولا بلاش
    - بس يا معلم ... في مشكلة بسيطة
    - خير ؟؟
    - الحكومة لما لقت في إقبال على اللحمة المدودة، وافقت تستوردها، بس عملت عليها ضرايب بضعف الثمن
    هنا ... انتفض المعلم "عطوة" كثورٍ مصاب بالبارانويا، ملقياً بليّ الشيشة في قوة، وهاتفاً :
    - حرام عليهم يا جدع ... ده كلام ميرضيش ربنا !!




  • #2
    حرام يا راجل ^_^

    أعانكم الله أخواني المصريين

    بس بدنا تكملة لقصص الزواج ^^
    التعديل الأخير تم بواسطة ZAIZOOM; 22 / 09 / 2010, 01:14 PM.
    سبحان الله و بحمده . سبحان الله العظيم

    تعليق


    • #3
      وأنا كمان احجزولي مقعد....طالع معاكم

      تعليق


      • #4
        حلوة يا يوسف.....بس برضو سلسلة "يوميات باحث عن عروسة" لا تزال هي الأفضل ...

        تعليق


        • #5
          ده كلام ميرضيش ربنا !!

          رهيبة والله ..جزيل الشكر لك
          اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ أنْ أُشْرِكَ بِكَ وأنَا أعْلَمُ، وأسْتَغْفِرُكَ لِـمَا لا أعْلَمُ


          ربي اغفر لى ولوالدى وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات

          تعليق


          • #6
            الله يعيننا احنى العرب نعتبر بشر من الدرجة الثانية
            والغلط مننا احنا رضينا بهذول الحكام ولا زمن الثورات وبدا زمن الاستعباد

            تعليق


            • #7
              يخرب عقلك القصة دي جامدة طحن .. تسلم ايدك
              فيلم مشروع تخرجي ( Hope )

              تعليق

              يعمل...
              X