السلام عليكم هذه مسرحية جميلة اتمنى ان تعجبكم وان .....
الوقت نهار، منظر عشب وأشجار، يظهر الحمار وهو جالس بصمت تحت ظل شجرة توت؛ خارج سور البستان، يدخل الخروف، ينادي الحمار مرات عديدة، الحمار لا يرد، يقترب الخروف من الحمار، يصيح في أذنه بقوة، الحمار يجفل)..
الخروف: ماذا أصابك يا صديقي؟ لماذا لا ترد علي؟
الحمار: لم أسمعك.
الخروف: غريب! كيف لم تسمعني؟ الغابة كلها سمعت صوتي وأنا أنادي أيها الحمار..أيها الحمار.
الحمار: لكنني لست الحمار.
الخروف: (باستغراب) ماذا قلت يا.. أنت لست الحمار؟!
الحمار: نعم.
الخروف: غريب!(يتأمله بسخرية) هاتان الأذنان أذنا حمار، وهذه الحوافر حوافر حمار، وهذا الذَنَب ذنَب حمار.. وهذه الرأس رأس حمار مئة بالمئة. فمن تكون إذاً؟
الحمار: أنا، أنا كلب.
الخروف: (يضحك) كلب؟! هيا.. هيا إلى البستان أيها.. الكلب. فوجودنا هنا –خارج السور- خطر على حياتينا يا صديقي الكلب.
الحمار: لن أعود إلى البستان.
الخروف: لماذا؟ هل صدقت أنك كلب فعلاً؟ كف عن المزاح يا صديقي.
الحمار: إني جاد أيها الخروف.
الخروف: غريب. ما هذا الكلام يا صديقي؟!
الحمار: لماذا الاستغراب؟ حياة الكلب أفضل من حياتي، لا أحد يطلب منه أن يعمل، أما أنا فالجميع يطلب مني العمل صباح مساء.
الخروف: الكلب أيضاً يعمل مثل الجميع، وعمله الحراسة.
الحمار: بل عمله النباح، يأكل وينام ويلهو كما يحلو له مقابل أن ينبح (يحاول النباح، فينهق) هكذا. إنه عمل سهل ومريح كما ترى.
الخروف: إنك مخطئ يا صديقي، هل نسيت خطورة عمل الكلب؟
الحمار: (بتردد) لا، لكن.. (يصمت)
الخروف: لكن ماذا؟
الحمار: لكن أريد أن أكون أي شيء ، أي شيء، إلا أن أكون الحمار، أنا لا أحب عملي، بل لا أحب العمل أبداً. آه كم أحب أن أكون حراً. آكل وأنام وألهو كما يحلو لي.
الخروف: (بسخرية) ولِمَ لا تكون الذئب؟
الحمار: ( بسرور) أوه. لقد أصبت، لِمَ لا أكون الذئب؟ الذئب قوي. ويهابه الجميع (يحاول العواء، فينهق) (تزوغ نظراته، الخروف يقلد عواء الذئب، الحمار يتلفت حوله بخوف)
الخروف: ( بسخرية) هس.
الحمار: ماذا؟
الخروف: لا ترفع صوتك، إنه خلفك.
الحمار: من؟
الخروف: الذئب.
الحمار: الذئب؟!
الخروف: سِرْ بهدوء.
(الحمار يخطو بهدوء وخوف..)
تقدم بهدوء أكثر، هيا يا صديقي! إنه خلفك. اركض أيها الحمار (الحمار ينطلق هارباً) اركض أكثر. لقد وصل إليك. سيفترسك. انطلق صوب البستان. اركض، اركض. (يضحك بسخرية.. يخرج)
(يتغير المنظر. يظهر الثعلب خلف السور وهو يسترق النظر إلى داخل البستان)
الثعلب: (لنفسه) آه ما أجمل هذه البطة! بل ما ألذها، ما هذا؟ ما هذا الديك السمين؟! يا لها من وجبة دسمة. وهذه الدجاجات اللواتي يسرن خلفه كالجنود.. وهذه الحمامات الجميلات اللذيذات. يا إلهي ماذا أرى؟ إنها وليمة، وليمة حقيقية، بل ولائم.. ولائم دسمة وشهية (بخيبة) لكن كيف الوصول إليها؟ كيف يمكنني التسلل إلى البستان. أف. اللعنة على هذا السور، وعلى الكلاب، وعلى صاحب البستان (يعوي)
(يتغير المنظر، يظهر الأرنب والخروف والديك وهم يعملون ويغنون. يصمت الديك فجأة. يلتفت حوله باستغراب)
الديك: غريب!!
الأرنب: ما هو الغريب أيها الديك؟!
الديك: أين الحمار؟ لم أره منذ الصباح.
الخروف: لا بد أنه نائم الآن.
الديك: نائم حتى هذا الوقت؟!متى سيستيقظ؟
الخروف: عندما ينتهي حلمه يا صديقي.
الديك: عندما ينتهي حلمه؟! ماذا يعني هذا؟
الأرنب: (بسخرية) يعني أن الحمار لن يستيقظ أبداً.
(يضحك الأرنب والخروف بسخرية..)
الديك: لن يستيقظ ؟! لم أفهم.!(الخروف والأرنب يضحكان ) أريد أن أفهم الآن، وحالاً.
(يتغير المنظر، يظهر الحمار وهو واقف بغرور، يسير بثقة يؤدي حركات عنيفة، يقاتل عدواً وهمياً، يعوي كالذئب. يكرر العواء مرات عديدة، يردد الصدى عواءه. يصمت، يتلفت حوله باستغراب وخوف. يعوي بصوت خافت، يسمع صوت عواء، ينسحب بهدوء.. ثم يركض خائفاً).
(يتغير المنظر، يظهر الديك فوق مرتفع، يدخل الأرنب وهو مضطرب).
الأرنب: هل شاهدت الحمار أيها الديك؟
(الديك لا يرد..)
قلت: هل شاهدت الحمار أيها الديك؟
(الديك لا يرد)
هل أصابك الصمم أيها الديك؟
الديك: لا.
الأرنب: لماذا لا تجيب ؟ هل شاهدت الحمار؟
الديك: لن أجيبك قبل أن أسمع منك التحية والسلام.
الأرنب: (بضيق وسخرية) أعتقد يا صاحبي الفهمان أننا لن نجد السلام ما لم نجد الحمار.
الديك: ماذا؟! هل أصبح السلام بيد الحمار؟
الأرنب: نعم.
الديك: أتقول نعم ؟! كيف؟
الأرنب: لقد أغضب الحمار صاحب البستان، وأنت تعرف ماذا يعني غضب صاحب البستان؟
الديك: نعم، لكن ماذا فعل الحمار؟ لا بد أنه رفسه. أليس كذلك؟
الأرنب: لا، لم يرفسه. هل رأيته؟
الديك: لاشك أنه رفس ابن صاحب البستان، ذلك الولد الشقي الذي لا يكف عن مضايقتي صباح مساء.
الأرنب: لا لم يرفس ابن صاحب البستان. هل رأيته؟
الديك: غريب (يروح ويجيء وهو يفكر) آه وجدته.
الأرنب: عظيم. أين هو؟
الديك: (يشير إلى رأسه) هنا.
الأرنب: ماذا يفعل الحمار في رأسك؟!
الديك: لم أجد الحمار في رأسي يا صديقي. بل وجدت السبب. السبب الذي أغضب صاحب البستان: اسمع يا صديقي.
الأرنب: (بضيق) بل اسمع أنت أيها الصديق الثرثار.لقد غضب صاحب البستان من الحمار، لأن صاحبنا المحترم والنشيط لم ينقل الفاكهة فجر هذا اليوم إلى المدينة.
الديك: لماذا؟
الأرنب: لا أعرف. لا أحد يعرف لماذا.
الديك: لماذا لا تعرف؟
الأرنب: (بغضب) لأن الحمار لم يظهر حتى الآن. فهل وجدته أيها الحمار؟ أقصد أيها الديك.
الديك: لا.
الأرنب: لا؟ لماذا لم تقل ذلك منذ البداية؟ أف (لنفسه) أين اختفى؟ (ينادي الحمار) لماذا أنت صامت؟ نادِ الحمار.
الديك: لا أستطيع.
الأرنب: لماذا؟
الديك: ألا تعرف؟
الأرنب: آه. تذكرت. سأبحث عنه بنفسي وإلا..
(ينادي الحمار.. يخرج)
(يتغير المنظر. يظهر الخروف وهو يعمل، يدخل الأرنب)
الأرنب: ماذا تعمل يا صديقي؟
الخروف: كما ترى.
الأرنب: ألا تملَّ من العمل؟ ألا تتعب يا صديقي؟
الخروف: بل أتعب وأملُّ حين لا أجد عملاً أقوم به. ما بك يا صديقي؟ أراك قلقاً.
الأرنب: صاحب البستان يا صديقي. إنه غاضب جداً.
الخروف: لماذا؟
الأرنب: لأن الحمار لم ينقل الفاكهة إلى المدينة هذا الصباح.
الخروف: وأين الحمار؟
الأرنب: إني أبحث عنه منذ الصباح.
الخروف: (يفكر) لابد أنه هناك.
الأرنب: أين؟
الخروف: تحت شجرة التوت الأحمر.
الأرنب: خارج السور؟!
الخروف: نعم. لقد اعتاد ارتياد هذا المكان منذ زمن بعيد.
الأرنب: إنه مكان خطر. كيف يغادر الحمار البستان؟
الخروف: لا تخف يا صديقي. الحمار لم يعد حماراً.
الأرنب: كيف؟!
الخروف: لقد صار ذئباً.
الأرنب: الحمار؟!
(الخروف يضحك..)
(يتغير المنظر. يظهر الحمار وهو يؤدي بعض الحركات الغريبة. يهاجم عدوا وهمياً. يسير بكبرياء وغضب. ينهق)
الحمار: (لنفسه) وأخيراً أنا ملك الغابة. (يحاول الزئير. ينهق. يسمع أصواتاً تناديه. يصمت) اللعنة. (يفكر) لكنني لست الحمار. أنا الملك الذي سيغير هذه الغابة. لكن كيف، كيف ستغيرها أيها الأسد العظيم؟ (ينهق. تزوغ نظراته..)
(يتغير المنظر. يظهر الأصدقاء وهم يعملون داخل البستان بسعادة..)
الأرنب: (للخروف) انظر إلى الحمار، إنه يعمل كسيد.
الخروف: وهل الحمار غير ذلك.
الأرنب: الحمار؟!
(يتقدم الديك، يهمس في أذن الخروف)
الديك: ما قصة صاحبنا الحمار؟ إنه يتصرف كملك.
الخروف: قد يصير الحمار ملكاً.
الديك: الحمار؟!
الخروف: نعم. هل تريد التأكد من ذلك.
الديك: كف عن السخرية أيها الخروف.
الخروف: اسمع إذن. (ينادي الخروف الحمار) أيها الحمار. أيها الحمار. (الحمار لا يرد.. يتبادل الأصدقاء نظرات الاستغراب) أيها الذئب، أيها الملك.
(الحمار يقف.ينظر إلى الخروف بسرور. يتبادل الجميع نظرات الاستغراب، يضحكون).
(يتغير المنظر، المشهد يجسد حلم الحمار، حيث يظهر متربعاً على عرش و أمامه الوزراء وهم الديك والأرنب والخروف) و إلى جانبه يقف كل من الذئب والثعلب..)
الحمار: يا وزير الراحة والبطالة.
الخروف: أمر مولاي.
الحمار: هل الرعية مرتاحة؟
الخروف: نعم يا مولاي.
الحمار: اسمع أيها الوزير. لا أريد في مملكتي راكباً أو مركوباً.
الخروف: أمرك يا مولاي.
الحمار: لا حاملاً ولا محمولاً.
الخروف: أمرك يا مولاي.
الحمار: لا عاملاً ولا صاحب بستان.
الخروف: أمرك يا مولاي. إننا ننفذ شعاركم الحكيم: الراحة أولاً وأخيراً.
الجميع: عاش مولانا الحكيم.
الحمار: وماذا أعد وزير الأفراح لحفل تتويجنا؟
الديك: فقرات فنية رائعة يا مولاي.
الحمار: عظيم. أريد مشاهدة فقرة واحدة منها.
الديك: أمر مولاي.
(يشير الديك إلى مجموعة من الراقصين. يرقصون رقصة غريبة، يشترك الديك والأصدقاء في الرقصة.يومئ الحمار إليهم، فيتوقفون عن الحركة).
الحمار: (يصفق) رائع. ما اسم هذه الرقصة الجميلة يا وزيرنا؟
الديك: إنها رقصة ذيل الحمار يا مولاي.
الحمار: لا بأس.
الديك: ولدينا سمفونية النهيق الخالد يا مولاي. هل تريد سماعها؟
الحمار: لاشك أنك تقصد سمفونية الزئير الخالد.
الديك: نعم يا مولاي.
الحمار: حسن. سنسمعها في حفل التتويج.
الجميع: عاش مولانا السعيد.
الحمار: ماذا جهزت من طعام وشراب يا وزيرَ أطايبِ الطعام؟
الأرنب: (بخوف وتردد) لا، لاشيء يا مولاي. أقصد..
الحمار: (بغضب) ماذا تقول أيها الغبي الكسول؟
الأرنب: المعذرة يا مولاي. المغفرة يا مولاي. أنا..
الحمار: أيها النؤوم الخمول. يجب أن تعاقب (يحمحم..)
(يرتجف الجميع خوفاً. يهربون. الثعلب والذئب يركعان تحت قوائم الحمار. يدلكانها..) أيها الأحمقان.
الذئب والثعلب: أمر مولانا.
الحمار: أنا.. أنا حزين.
الثعلب والذئب: حاضر يا مولانا.
(يرقصان. بعد لحظات يرفع الحمار يده. يأمرهم بالكف عن الرقص. فيطيعان)
الحمار: قلت: أنا حزين.
الذئب والثعلب: أمر مولانا.
(يغنيان. يحس بالانزعاج، يأمرهم بالكف عن الغناء)
الحمار: أريد أن أضحك أيها الغبيان، أن أضحك لا أن أسمع أصواتاً منكرة.
(يتبادل الثعلب والذئب النظرات. يقتربان منه، يدغدغانه، الحمار يبدأ بالضحك والقهقهة) ( يتغير المنظر. يشاهد الحمار وهو نائم. يدخل الثعلب، يقترب منه بحذر، الحمار يتمتم).
الحمار: ما هذه الأنامل الرقيقة أيها الثعلب اللطيف (الثعلب يتراجع باستغراب) كفى. كفى دغدغة أيها الذئب المهذب.. (ُتسمع أصوات تنادي الحمار، يتوارى الثعلب خلف تلة، يدخل الأصدقاء، الحمار يقهقه بسرور وهو نائم)
الأرنب: وأخيراً وجدتك أيها الكسول.
الديك: إنه يقهقه وهو نائم.
الخروف: لا شك أنه الآن ينعم في أحلام وردية.
الحمار: (يتمتم) كف عن الدغدغة أيها الثعلب اللطيف.
الجميع: ماذا؟!
الحمار: (يتمتم)سلمت يداك أيها الذئب المهذب، أنت خير من يدلك جسدي.
(يتبادل الجميع نظرات الدهشة)
الديك: (بهلع) الذئب. الذئب سيفترس الحمار يا أصدقاء.
الخروف: الحمار يحلم أيها الديك.
الديك: ألم تسمعه ماذا قال؟ الذئب قريب منه.يجب أن ننقذه.
الخروف: ماذا حدث لك أيها الحمار؟ كف عن الثرثرة.
الديك: الحمار؟! أنا لست الحمار، هذا هو الحمار..
الخروف: أقصد أيها الديك. الحمار نائم أيها الديك.
الديك: أعرف، لكن يجب أن ننقذه، سأنقذه بنفسي.
(ينقر الديك الحمار.. الحمار يتململ بإنزعاج)
أيها الحمار. أيها الحمار. استيقظ يا صديقي.
الحمار: (يستيقظ) من؟ ما هذا؟! أين ..
(ينادي) أيها الحاجبان، أيها الحاجبان. اقبضا على هذا الوزير الغبي.
(الديك يتلفت حوله بخوف. الأرنب والخروف يتبادلان نظرات الاستغراب والسخرية. يضحكان)
الخروف: هذه طرفة جديدة. الديك أصبح وزيراً.
الأرنب: إنه أخف وزير ستعرفه الغابة.
الخروف: وأكثر وزير قدرة على الطيران.(يضحكان).
الحمار: كفا عن الضحك أيها الوزيران الغبيان.
الخروف والأرنب: نحن أيضاً؟!
الخروف: ومن تكون أنت؟
الحمار: أنا الملك أيها الغبيان.
الأصدقاء: الملك؟!(يضحكون).
الحمار: (بغضب) أين ذهب الحاجبان.(ينادي) أيها الحاجبان.
الأرنب: من هما حاجباك أيها الملك؟
الخروف: لا بد أن يكون الكلب أحدهما؟
الديك: أو النمر أو الفيل.(يضحكون..)
الحمار: لا، إنهما الذئب والثعلب أيها الأغبياء .
الأصدقاء: من؟!!
يتبع ....
الوقت نهار، منظر عشب وأشجار، يظهر الحمار وهو جالس بصمت تحت ظل شجرة توت؛ خارج سور البستان، يدخل الخروف، ينادي الحمار مرات عديدة، الحمار لا يرد، يقترب الخروف من الحمار، يصيح في أذنه بقوة، الحمار يجفل)..
الخروف: ماذا أصابك يا صديقي؟ لماذا لا ترد علي؟
الحمار: لم أسمعك.
الخروف: غريب! كيف لم تسمعني؟ الغابة كلها سمعت صوتي وأنا أنادي أيها الحمار..أيها الحمار.
الحمار: لكنني لست الحمار.
الخروف: (باستغراب) ماذا قلت يا.. أنت لست الحمار؟!
الحمار: نعم.
الخروف: غريب!(يتأمله بسخرية) هاتان الأذنان أذنا حمار، وهذه الحوافر حوافر حمار، وهذا الذَنَب ذنَب حمار.. وهذه الرأس رأس حمار مئة بالمئة. فمن تكون إذاً؟
الحمار: أنا، أنا كلب.
الخروف: (يضحك) كلب؟! هيا.. هيا إلى البستان أيها.. الكلب. فوجودنا هنا –خارج السور- خطر على حياتينا يا صديقي الكلب.
الحمار: لن أعود إلى البستان.
الخروف: لماذا؟ هل صدقت أنك كلب فعلاً؟ كف عن المزاح يا صديقي.
الحمار: إني جاد أيها الخروف.
الخروف: غريب. ما هذا الكلام يا صديقي؟!
الحمار: لماذا الاستغراب؟ حياة الكلب أفضل من حياتي، لا أحد يطلب منه أن يعمل، أما أنا فالجميع يطلب مني العمل صباح مساء.
الخروف: الكلب أيضاً يعمل مثل الجميع، وعمله الحراسة.
الحمار: بل عمله النباح، يأكل وينام ويلهو كما يحلو له مقابل أن ينبح (يحاول النباح، فينهق) هكذا. إنه عمل سهل ومريح كما ترى.
الخروف: إنك مخطئ يا صديقي، هل نسيت خطورة عمل الكلب؟
الحمار: (بتردد) لا، لكن.. (يصمت)
الخروف: لكن ماذا؟
الحمار: لكن أريد أن أكون أي شيء ، أي شيء، إلا أن أكون الحمار، أنا لا أحب عملي، بل لا أحب العمل أبداً. آه كم أحب أن أكون حراً. آكل وأنام وألهو كما يحلو لي.
الخروف: (بسخرية) ولِمَ لا تكون الذئب؟
الحمار: ( بسرور) أوه. لقد أصبت، لِمَ لا أكون الذئب؟ الذئب قوي. ويهابه الجميع (يحاول العواء، فينهق) (تزوغ نظراته، الخروف يقلد عواء الذئب، الحمار يتلفت حوله بخوف)
الخروف: ( بسخرية) هس.
الحمار: ماذا؟
الخروف: لا ترفع صوتك، إنه خلفك.
الحمار: من؟
الخروف: الذئب.
الحمار: الذئب؟!
الخروف: سِرْ بهدوء.
(الحمار يخطو بهدوء وخوف..)
تقدم بهدوء أكثر، هيا يا صديقي! إنه خلفك. اركض أيها الحمار (الحمار ينطلق هارباً) اركض أكثر. لقد وصل إليك. سيفترسك. انطلق صوب البستان. اركض، اركض. (يضحك بسخرية.. يخرج)
(يتغير المنظر. يظهر الثعلب خلف السور وهو يسترق النظر إلى داخل البستان)
الثعلب: (لنفسه) آه ما أجمل هذه البطة! بل ما ألذها، ما هذا؟ ما هذا الديك السمين؟! يا لها من وجبة دسمة. وهذه الدجاجات اللواتي يسرن خلفه كالجنود.. وهذه الحمامات الجميلات اللذيذات. يا إلهي ماذا أرى؟ إنها وليمة، وليمة حقيقية، بل ولائم.. ولائم دسمة وشهية (بخيبة) لكن كيف الوصول إليها؟ كيف يمكنني التسلل إلى البستان. أف. اللعنة على هذا السور، وعلى الكلاب، وعلى صاحب البستان (يعوي)
(يتغير المنظر، يظهر الأرنب والخروف والديك وهم يعملون ويغنون. يصمت الديك فجأة. يلتفت حوله باستغراب)
الديك: غريب!!
الأرنب: ما هو الغريب أيها الديك؟!
الديك: أين الحمار؟ لم أره منذ الصباح.
الخروف: لا بد أنه نائم الآن.
الديك: نائم حتى هذا الوقت؟!متى سيستيقظ؟
الخروف: عندما ينتهي حلمه يا صديقي.
الديك: عندما ينتهي حلمه؟! ماذا يعني هذا؟
الأرنب: (بسخرية) يعني أن الحمار لن يستيقظ أبداً.
(يضحك الأرنب والخروف بسخرية..)
الديك: لن يستيقظ ؟! لم أفهم.!(الخروف والأرنب يضحكان ) أريد أن أفهم الآن، وحالاً.
(يتغير المنظر، يظهر الحمار وهو واقف بغرور، يسير بثقة يؤدي حركات عنيفة، يقاتل عدواً وهمياً، يعوي كالذئب. يكرر العواء مرات عديدة، يردد الصدى عواءه. يصمت، يتلفت حوله باستغراب وخوف. يعوي بصوت خافت، يسمع صوت عواء، ينسحب بهدوء.. ثم يركض خائفاً).
(يتغير المنظر، يظهر الديك فوق مرتفع، يدخل الأرنب وهو مضطرب).
الأرنب: هل شاهدت الحمار أيها الديك؟
(الديك لا يرد..)
قلت: هل شاهدت الحمار أيها الديك؟
(الديك لا يرد)
هل أصابك الصمم أيها الديك؟
الديك: لا.
الأرنب: لماذا لا تجيب ؟ هل شاهدت الحمار؟
الديك: لن أجيبك قبل أن أسمع منك التحية والسلام.
الأرنب: (بضيق وسخرية) أعتقد يا صاحبي الفهمان أننا لن نجد السلام ما لم نجد الحمار.
الديك: ماذا؟! هل أصبح السلام بيد الحمار؟
الأرنب: نعم.
الديك: أتقول نعم ؟! كيف؟
الأرنب: لقد أغضب الحمار صاحب البستان، وأنت تعرف ماذا يعني غضب صاحب البستان؟
الديك: نعم، لكن ماذا فعل الحمار؟ لا بد أنه رفسه. أليس كذلك؟
الأرنب: لا، لم يرفسه. هل رأيته؟
الديك: لاشك أنه رفس ابن صاحب البستان، ذلك الولد الشقي الذي لا يكف عن مضايقتي صباح مساء.
الأرنب: لا لم يرفس ابن صاحب البستان. هل رأيته؟
الديك: غريب (يروح ويجيء وهو يفكر) آه وجدته.
الأرنب: عظيم. أين هو؟
الديك: (يشير إلى رأسه) هنا.
الأرنب: ماذا يفعل الحمار في رأسك؟!
الديك: لم أجد الحمار في رأسي يا صديقي. بل وجدت السبب. السبب الذي أغضب صاحب البستان: اسمع يا صديقي.
الأرنب: (بضيق) بل اسمع أنت أيها الصديق الثرثار.لقد غضب صاحب البستان من الحمار، لأن صاحبنا المحترم والنشيط لم ينقل الفاكهة فجر هذا اليوم إلى المدينة.
الديك: لماذا؟
الأرنب: لا أعرف. لا أحد يعرف لماذا.
الديك: لماذا لا تعرف؟
الأرنب: (بغضب) لأن الحمار لم يظهر حتى الآن. فهل وجدته أيها الحمار؟ أقصد أيها الديك.
الديك: لا.
الأرنب: لا؟ لماذا لم تقل ذلك منذ البداية؟ أف (لنفسه) أين اختفى؟ (ينادي الحمار) لماذا أنت صامت؟ نادِ الحمار.
الديك: لا أستطيع.
الأرنب: لماذا؟
الديك: ألا تعرف؟
الأرنب: آه. تذكرت. سأبحث عنه بنفسي وإلا..
(ينادي الحمار.. يخرج)
(يتغير المنظر. يظهر الخروف وهو يعمل، يدخل الأرنب)
الأرنب: ماذا تعمل يا صديقي؟
الخروف: كما ترى.
الأرنب: ألا تملَّ من العمل؟ ألا تتعب يا صديقي؟
الخروف: بل أتعب وأملُّ حين لا أجد عملاً أقوم به. ما بك يا صديقي؟ أراك قلقاً.
الأرنب: صاحب البستان يا صديقي. إنه غاضب جداً.
الخروف: لماذا؟
الأرنب: لأن الحمار لم ينقل الفاكهة إلى المدينة هذا الصباح.
الخروف: وأين الحمار؟
الأرنب: إني أبحث عنه منذ الصباح.
الخروف: (يفكر) لابد أنه هناك.
الأرنب: أين؟
الخروف: تحت شجرة التوت الأحمر.
الأرنب: خارج السور؟!
الخروف: نعم. لقد اعتاد ارتياد هذا المكان منذ زمن بعيد.
الأرنب: إنه مكان خطر. كيف يغادر الحمار البستان؟
الخروف: لا تخف يا صديقي. الحمار لم يعد حماراً.
الأرنب: كيف؟!
الخروف: لقد صار ذئباً.
الأرنب: الحمار؟!
(الخروف يضحك..)
(يتغير المنظر. يظهر الحمار وهو يؤدي بعض الحركات الغريبة. يهاجم عدوا وهمياً. يسير بكبرياء وغضب. ينهق)
الحمار: (لنفسه) وأخيراً أنا ملك الغابة. (يحاول الزئير. ينهق. يسمع أصواتاً تناديه. يصمت) اللعنة. (يفكر) لكنني لست الحمار. أنا الملك الذي سيغير هذه الغابة. لكن كيف، كيف ستغيرها أيها الأسد العظيم؟ (ينهق. تزوغ نظراته..)
(يتغير المنظر. يظهر الأصدقاء وهم يعملون داخل البستان بسعادة..)
الأرنب: (للخروف) انظر إلى الحمار، إنه يعمل كسيد.
الخروف: وهل الحمار غير ذلك.
الأرنب: الحمار؟!
(يتقدم الديك، يهمس في أذن الخروف)
الديك: ما قصة صاحبنا الحمار؟ إنه يتصرف كملك.
الخروف: قد يصير الحمار ملكاً.
الديك: الحمار؟!
الخروف: نعم. هل تريد التأكد من ذلك.
الديك: كف عن السخرية أيها الخروف.
الخروف: اسمع إذن. (ينادي الخروف الحمار) أيها الحمار. أيها الحمار. (الحمار لا يرد.. يتبادل الأصدقاء نظرات الاستغراب) أيها الذئب، أيها الملك.
(الحمار يقف.ينظر إلى الخروف بسرور. يتبادل الجميع نظرات الاستغراب، يضحكون).
(يتغير المنظر، المشهد يجسد حلم الحمار، حيث يظهر متربعاً على عرش و أمامه الوزراء وهم الديك والأرنب والخروف) و إلى جانبه يقف كل من الذئب والثعلب..)
الحمار: يا وزير الراحة والبطالة.
الخروف: أمر مولاي.
الحمار: هل الرعية مرتاحة؟
الخروف: نعم يا مولاي.
الحمار: اسمع أيها الوزير. لا أريد في مملكتي راكباً أو مركوباً.
الخروف: أمرك يا مولاي.
الحمار: لا حاملاً ولا محمولاً.
الخروف: أمرك يا مولاي.
الحمار: لا عاملاً ولا صاحب بستان.
الخروف: أمرك يا مولاي. إننا ننفذ شعاركم الحكيم: الراحة أولاً وأخيراً.
الجميع: عاش مولانا الحكيم.
الحمار: وماذا أعد وزير الأفراح لحفل تتويجنا؟
الديك: فقرات فنية رائعة يا مولاي.
الحمار: عظيم. أريد مشاهدة فقرة واحدة منها.
الديك: أمر مولاي.
(يشير الديك إلى مجموعة من الراقصين. يرقصون رقصة غريبة، يشترك الديك والأصدقاء في الرقصة.يومئ الحمار إليهم، فيتوقفون عن الحركة).
الحمار: (يصفق) رائع. ما اسم هذه الرقصة الجميلة يا وزيرنا؟
الديك: إنها رقصة ذيل الحمار يا مولاي.
الحمار: لا بأس.
الديك: ولدينا سمفونية النهيق الخالد يا مولاي. هل تريد سماعها؟
الحمار: لاشك أنك تقصد سمفونية الزئير الخالد.
الديك: نعم يا مولاي.
الحمار: حسن. سنسمعها في حفل التتويج.
الجميع: عاش مولانا السعيد.
الحمار: ماذا جهزت من طعام وشراب يا وزيرَ أطايبِ الطعام؟
الأرنب: (بخوف وتردد) لا، لاشيء يا مولاي. أقصد..
الحمار: (بغضب) ماذا تقول أيها الغبي الكسول؟
الأرنب: المعذرة يا مولاي. المغفرة يا مولاي. أنا..
الحمار: أيها النؤوم الخمول. يجب أن تعاقب (يحمحم..)
(يرتجف الجميع خوفاً. يهربون. الثعلب والذئب يركعان تحت قوائم الحمار. يدلكانها..) أيها الأحمقان.
الذئب والثعلب: أمر مولانا.
الحمار: أنا.. أنا حزين.
الثعلب والذئب: حاضر يا مولانا.
(يرقصان. بعد لحظات يرفع الحمار يده. يأمرهم بالكف عن الرقص. فيطيعان)
الحمار: قلت: أنا حزين.
الذئب والثعلب: أمر مولانا.
(يغنيان. يحس بالانزعاج، يأمرهم بالكف عن الغناء)
الحمار: أريد أن أضحك أيها الغبيان، أن أضحك لا أن أسمع أصواتاً منكرة.
(يتبادل الثعلب والذئب النظرات. يقتربان منه، يدغدغانه، الحمار يبدأ بالضحك والقهقهة) ( يتغير المنظر. يشاهد الحمار وهو نائم. يدخل الثعلب، يقترب منه بحذر، الحمار يتمتم).
الحمار: ما هذه الأنامل الرقيقة أيها الثعلب اللطيف (الثعلب يتراجع باستغراب) كفى. كفى دغدغة أيها الذئب المهذب.. (ُتسمع أصوات تنادي الحمار، يتوارى الثعلب خلف تلة، يدخل الأصدقاء، الحمار يقهقه بسرور وهو نائم)
الأرنب: وأخيراً وجدتك أيها الكسول.
الديك: إنه يقهقه وهو نائم.
الخروف: لا شك أنه الآن ينعم في أحلام وردية.
الحمار: (يتمتم) كف عن الدغدغة أيها الثعلب اللطيف.
الجميع: ماذا؟!
الحمار: (يتمتم)سلمت يداك أيها الذئب المهذب، أنت خير من يدلك جسدي.
(يتبادل الجميع نظرات الدهشة)
الديك: (بهلع) الذئب. الذئب سيفترس الحمار يا أصدقاء.
الخروف: الحمار يحلم أيها الديك.
الديك: ألم تسمعه ماذا قال؟ الذئب قريب منه.يجب أن ننقذه.
الخروف: ماذا حدث لك أيها الحمار؟ كف عن الثرثرة.
الديك: الحمار؟! أنا لست الحمار، هذا هو الحمار..
الخروف: أقصد أيها الديك. الحمار نائم أيها الديك.
الديك: أعرف، لكن يجب أن ننقذه، سأنقذه بنفسي.
(ينقر الديك الحمار.. الحمار يتململ بإنزعاج)
أيها الحمار. أيها الحمار. استيقظ يا صديقي.
الحمار: (يستيقظ) من؟ ما هذا؟! أين ..
(ينادي) أيها الحاجبان، أيها الحاجبان. اقبضا على هذا الوزير الغبي.
(الديك يتلفت حوله بخوف. الأرنب والخروف يتبادلان نظرات الاستغراب والسخرية. يضحكان)
الخروف: هذه طرفة جديدة. الديك أصبح وزيراً.
الأرنب: إنه أخف وزير ستعرفه الغابة.
الخروف: وأكثر وزير قدرة على الطيران.(يضحكان).
الحمار: كفا عن الضحك أيها الوزيران الغبيان.
الخروف والأرنب: نحن أيضاً؟!
الخروف: ومن تكون أنت؟
الحمار: أنا الملك أيها الغبيان.
الأصدقاء: الملك؟!(يضحكون).
الحمار: (بغضب) أين ذهب الحاجبان.(ينادي) أيها الحاجبان.
الأرنب: من هما حاجباك أيها الملك؟
الخروف: لا بد أن يكون الكلب أحدهما؟
الديك: أو النمر أو الفيل.(يضحكون..)
الحمار: لا، إنهما الذئب والثعلب أيها الأغبياء .
الأصدقاء: من؟!!
يتبع ....
تعليق