إنَّكَ لا تَنْزلُ النَّهْرَ مَرَّتَيْنِ أَبَدا
هذه القصيدة كتبتها منذ ما يزيد على خمسة أعوام أو أكثر و ذلك إبان ضرب إمريكا للعراق و قد أحزنني ذلك جدا و كتبت هذه القصيدة و بعد القصيدة تتكلم عن رجل يريد أن يستحم فوقف بشاطئ
النهر و هم بالقفز فشاهد في النهر جثة امرأة تشبه أمه فقال ليست هي تشبهها و كلما مرت عليه جثة تشبه فرد من عائلته قال ليس هو بل يشبهه حتى قفز في النهر ووجد جثته هو بين يديه و حينها أيقن أن السابقين في النهر جثثا هم أهله فندم أن لم يحاول إنقاذهم ربما لو أنقذهم أنقذ نفسه و عنوان القصيدة مأخوذة من جملة لفيلسوف اليوناني القديم أعتقد أنه أرسطو العظيم و كان يقول أنك لا تنزل النهر مرتين أبدا لأن ماء النهر الذي مضى لا يعود و لذا فالماء الذي نزلت به منذ فترة لن تنزل به ثانية و عليه فأنت لن تنزل النهر مرتين أبدا و أنا أضع القصيدة عل أحد يقرأها و يعلم أن ضرب العراق اليوم يؤدي لضرب من بعده و هكذا حتى تدور الدائرة علي الساكتين
مهداة إلى أختي إيمان يحيى في الكاظمية في بغداد لعلها لا تزال بخير لعلها لا تزال تذكرني لعلها
لا تزال على قيد الحياة
أَتَيْتُ للنَّهْرِ لِكَيْ أَسْتَحِمّ
بَدَأْتُ في خلْعِ الثّيابِ ، كِدْتُ أنْ أَهُمّ
رأيْتُ فجْأَةً على سطْحِ المياهْ
سيّدةً يَجْرِفُها التَّيّار للمَصبِّ فارقَتِ الحياةْ
و قُلْتُ : عَلَّها
قتيلةٌ للجوعِ في بلادِها !
جلسْتُ كيْ تَذْهبَ في الغيابْ
(2)
و عنْدما هممْتُ بالقفْزِ فَزِعْتُ
رَأَيْتُ مُشْبِهًا لوالِدي فقُلْتُ
ـ و كانَ طافيا ـ :
لَعَلَّهُ ليْسَ أَبي
لأنّهُ لو كانَ والدي لما طفا على سطْحِ المياهْ
هذا لأنَّ والدي يجْهلُ فنَّ العوْمِ
تركْتُهُ في النّومِ
تركْتُهُ يُقاتلُ الحياةْ
أو لو أردْتَ صحَّةَ الكلامْ :
تركْتُهُ بلا طعامْ
و قُلْتُ : دَعْ أَباكَ في أَحْزانِه
لو ماتَ والدي لماتَ في مكانِه
*****
ثُمَّ اسْترحْتُ
أَشْفَقْتُ أنْ أَتْعبَ في التّفْكيرْ
و قالَ لي الضّميرْ :
نَفْسُكَ أَغْلى ، ليسَ ذاكَ والدَكْ
(3)
وعِنْدَما هَمَمْتُ ... كِدْتُ أنْ أموتْ
رَأيْتُ ولَدًا جزأينْ
أَخْفيْتُ عنْ منْظرِه العيْنينْ
و قُلْتُ بعْدما مضى :
لَعلَّني رأيْتُ ولديْنْ :
رَأْسَ غُلامٍ جِْسْمُه في القاعِ
و جَسَدًا من دونِ رأْسٍ أو ذراعِ
قدْ غَرِقا في القاعِ
و قالَ لي قلْبي : لعلَّه الصَّغيرْ
لاقى كَمِثْلِ مَنْ يَمُرُّونَ المَصيرْ
أَلََسْتَ تَعْرفُ الثّيابَ يا أباهُ ؟
فصرخَ الضّميرْ :
ليْستْ ثيابَ ولدي الصّغيرْ
فالطّفْلُ نائمٌ تركته في البيتِ يرْكلُ الحياةْ
(4)
و عِنْدما هممْتُ من جديدْ
رأيْتُ رأْسَ سيّدي أبي العلاءِ
يَبْسمُ لي
أَوَّاهُ ليسَ سيّدي !
لكنّني لشدّةِ التّشابُهِ ارْتبكْتُ
فكيفَ رأْسُ سيّدي مُبْتسِمًا ... في الماء ؟
و كانَ صوتُ سيّدي
يدورُ بي في المَسْجدِ
" إنَّ أُولي الفضْلِ على الدّوامِ في أوطانهم لغُرباءْ
" هاتِ الحديثَ لي عنِ الزَّوْراءْ "
هلْ تعْلمُ الشّعْرَ إذنْ يا أيُّها الرّأْسُ ؟
مرَّ ، و لمْ يَرْسُ !
فَلْتَهْدَئي قدْ مرَّ يا نَفْسُ
لو كانَ رأْسَ سيّدي أجابني
و قالَ لي الضّميرْ :
بَكيْتُ
عِشْ ، فالزّمانُ ما بهِ بأْسُ
(5)
وفجأةً رأيتُ في النهرِ
ثغراً حبيباً يا لذا الثغرِ
شعراً حبيباً يا لذا الشعرِ
جسماً , أصولُ الوردِ والنضرِ
عذراً إذا ما قلت كالبدرِ , البدورُ حبيبتي زينبْ
قنديلُ نوري لو أتى ليلٌ عليَّ , ونسمةٌ تُطْرِبْ
وحفيفُ صفصافٍ على زغبِ الصباحِ يعيدني لحبيبتي زينب
يا ليْتَ زَيْنبَ جانبي
تلْكَ الفتاةُ تكادُ تُصْبِحُ صورةً منها
أَعْطتْ فؤادي نَفْحةً عنها
لكنْ و يا عَجَبي ، جَبينُ حبيبتي يا صَحْبُ لمْ يُثْقَبْ
لكنّ قلبي قالَ لي :
أَرَأَيْتَهُ ؟ .. هذا الوشاحَ الأخْضَرا ؟
عاتبْتُ قلبي .. قُلْتُ :
إنّني اشْتريْتُه وِشاحًا أَحْمرا !
(6)
نَسِيتُ ، أو حاولْتُ
و عنْدما هممْتُ مرّةً أخيرةً قفزْتُ
لكنّني فَزِعْتُ
فَزِعْتُ
رأيْتُ جُثّةً خبيثةً دَنَتْ إليّْ
تشُدُّني إذا ابْتعدْتُ
و كلّما حاولْتُ منها مَبْعَدًا قَرُبَتْ
تُشْبهُني كأَنّها نَفْسي
و لكنّي أُحاولُ الفرارَ ... ما اسْتطعْتُ
و عنْدما وَصلْتُ عِنْدَها صُعقْتُ
رَأيْتُ رَأْسي في يَدي !! ... بَكَيْتُ
و عنْدَها أَدْركْتُ
أنَّ الذينَ قدْ مَضَوْا جَميعَهُمْ أَحبَّتي
حاولْتُ أنْ أَتْبَعَهُمْ في النّهْرِ ... ما اسْتطعْتُ
و عنْدما أدْركْتُ أنّ نهْْرِيَ الذي به نزلْتُ
ليسَ هو النّهْرَ الذي به مَضَوْا .. بَكيْتُ
في حينِ ليسَ ينْفعُ البُكاءْ
يا ربُّ ألْحقْني بهمْ يا سيّدَ السّماءْ
فلنْ يردَّني لأهْلِيَ البُكاءْ
و لَسْتُ لاِحقًا بهم لو كلَّ أَدْمُعي ذَرَفْتُ
سامح النجار
هذه القصيدة كتبتها منذ ما يزيد على خمسة أعوام أو أكثر و ذلك إبان ضرب إمريكا للعراق و قد أحزنني ذلك جدا و كتبت هذه القصيدة و بعد القصيدة تتكلم عن رجل يريد أن يستحم فوقف بشاطئ
النهر و هم بالقفز فشاهد في النهر جثة امرأة تشبه أمه فقال ليست هي تشبهها و كلما مرت عليه جثة تشبه فرد من عائلته قال ليس هو بل يشبهه حتى قفز في النهر ووجد جثته هو بين يديه و حينها أيقن أن السابقين في النهر جثثا هم أهله فندم أن لم يحاول إنقاذهم ربما لو أنقذهم أنقذ نفسه و عنوان القصيدة مأخوذة من جملة لفيلسوف اليوناني القديم أعتقد أنه أرسطو العظيم و كان يقول أنك لا تنزل النهر مرتين أبدا لأن ماء النهر الذي مضى لا يعود و لذا فالماء الذي نزلت به منذ فترة لن تنزل به ثانية و عليه فأنت لن تنزل النهر مرتين أبدا و أنا أضع القصيدة عل أحد يقرأها و يعلم أن ضرب العراق اليوم يؤدي لضرب من بعده و هكذا حتى تدور الدائرة علي الساكتين
مهداة إلى أختي إيمان يحيى في الكاظمية في بغداد لعلها لا تزال بخير لعلها لا تزال تذكرني لعلها
لا تزال على قيد الحياة
أَتَيْتُ للنَّهْرِ لِكَيْ أَسْتَحِمّ
بَدَأْتُ في خلْعِ الثّيابِ ، كِدْتُ أنْ أَهُمّ
رأيْتُ فجْأَةً على سطْحِ المياهْ
سيّدةً يَجْرِفُها التَّيّار للمَصبِّ فارقَتِ الحياةْ
و قُلْتُ : عَلَّها
قتيلةٌ للجوعِ في بلادِها !
جلسْتُ كيْ تَذْهبَ في الغيابْ
(2)
و عنْدما هممْتُ بالقفْزِ فَزِعْتُ
رَأَيْتُ مُشْبِهًا لوالِدي فقُلْتُ
ـ و كانَ طافيا ـ :
لَعَلَّهُ ليْسَ أَبي
لأنّهُ لو كانَ والدي لما طفا على سطْحِ المياهْ
هذا لأنَّ والدي يجْهلُ فنَّ العوْمِ
تركْتُهُ في النّومِ
تركْتُهُ يُقاتلُ الحياةْ
أو لو أردْتَ صحَّةَ الكلامْ :
تركْتُهُ بلا طعامْ
و قُلْتُ : دَعْ أَباكَ في أَحْزانِه
لو ماتَ والدي لماتَ في مكانِه
*****
ثُمَّ اسْترحْتُ
أَشْفَقْتُ أنْ أَتْعبَ في التّفْكيرْ
و قالَ لي الضّميرْ :
نَفْسُكَ أَغْلى ، ليسَ ذاكَ والدَكْ
(3)
وعِنْدَما هَمَمْتُ ... كِدْتُ أنْ أموتْ
رَأيْتُ ولَدًا جزأينْ
أَخْفيْتُ عنْ منْظرِه العيْنينْ
و قُلْتُ بعْدما مضى :
لَعلَّني رأيْتُ ولديْنْ :
رَأْسَ غُلامٍ جِْسْمُه في القاعِ
و جَسَدًا من دونِ رأْسٍ أو ذراعِ
قدْ غَرِقا في القاعِ
و قالَ لي قلْبي : لعلَّه الصَّغيرْ
لاقى كَمِثْلِ مَنْ يَمُرُّونَ المَصيرْ
أَلََسْتَ تَعْرفُ الثّيابَ يا أباهُ ؟
فصرخَ الضّميرْ :
ليْستْ ثيابَ ولدي الصّغيرْ
فالطّفْلُ نائمٌ تركته في البيتِ يرْكلُ الحياةْ
(4)
و عِنْدما هممْتُ من جديدْ
رأيْتُ رأْسَ سيّدي أبي العلاءِ
يَبْسمُ لي
أَوَّاهُ ليسَ سيّدي !
لكنّني لشدّةِ التّشابُهِ ارْتبكْتُ
فكيفَ رأْسُ سيّدي مُبْتسِمًا ... في الماء ؟
و كانَ صوتُ سيّدي
يدورُ بي في المَسْجدِ
" إنَّ أُولي الفضْلِ على الدّوامِ في أوطانهم لغُرباءْ
" هاتِ الحديثَ لي عنِ الزَّوْراءْ "
هلْ تعْلمُ الشّعْرَ إذنْ يا أيُّها الرّأْسُ ؟
مرَّ ، و لمْ يَرْسُ !
فَلْتَهْدَئي قدْ مرَّ يا نَفْسُ
لو كانَ رأْسَ سيّدي أجابني
و قالَ لي الضّميرْ :
بَكيْتُ
عِشْ ، فالزّمانُ ما بهِ بأْسُ
(5)
وفجأةً رأيتُ في النهرِ
ثغراً حبيباً يا لذا الثغرِ
شعراً حبيباً يا لذا الشعرِ
جسماً , أصولُ الوردِ والنضرِ
عذراً إذا ما قلت كالبدرِ , البدورُ حبيبتي زينبْ
قنديلُ نوري لو أتى ليلٌ عليَّ , ونسمةٌ تُطْرِبْ
وحفيفُ صفصافٍ على زغبِ الصباحِ يعيدني لحبيبتي زينب
يا ليْتَ زَيْنبَ جانبي
تلْكَ الفتاةُ تكادُ تُصْبِحُ صورةً منها
أَعْطتْ فؤادي نَفْحةً عنها
لكنْ و يا عَجَبي ، جَبينُ حبيبتي يا صَحْبُ لمْ يُثْقَبْ
لكنّ قلبي قالَ لي :
أَرَأَيْتَهُ ؟ .. هذا الوشاحَ الأخْضَرا ؟
عاتبْتُ قلبي .. قُلْتُ :
إنّني اشْتريْتُه وِشاحًا أَحْمرا !
(6)
نَسِيتُ ، أو حاولْتُ
و عنْدما هممْتُ مرّةً أخيرةً قفزْتُ
لكنّني فَزِعْتُ
فَزِعْتُ
رأيْتُ جُثّةً خبيثةً دَنَتْ إليّْ
تشُدُّني إذا ابْتعدْتُ
و كلّما حاولْتُ منها مَبْعَدًا قَرُبَتْ
تُشْبهُني كأَنّها نَفْسي
و لكنّي أُحاولُ الفرارَ ... ما اسْتطعْتُ
و عنْدما وَصلْتُ عِنْدَها صُعقْتُ
رَأيْتُ رَأْسي في يَدي !! ... بَكَيْتُ
و عنْدَها أَدْركْتُ
أنَّ الذينَ قدْ مَضَوْا جَميعَهُمْ أَحبَّتي
حاولْتُ أنْ أَتْبَعَهُمْ في النّهْرِ ... ما اسْتطعْتُ
و عنْدما أدْركْتُ أنّ نهْْرِيَ الذي به نزلْتُ
ليسَ هو النّهْرَ الذي به مَضَوْا .. بَكيْتُ
في حينِ ليسَ ينْفعُ البُكاءْ
يا ربُّ ألْحقْني بهمْ يا سيّدَ السّماءْ
فلنْ يردَّني لأهْلِيَ البُكاءْ
و لَسْتُ لاِحقًا بهم لو كلَّ أَدْمُعي ذَرَفْتُ
سامح النجار
تعليق