Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

قصة بعنوان ((( إليـــك أشتـــاق )))

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • قصة بعنوان ((( إليـــك أشتـــاق )))

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    بعد غياب عن هذا القسم أعود وفي جعبتي قصة كتبتها مؤخراً بعنوان ( إليك أشتاق) تمت في 19 / 4 / 2015

    سأرفعها بشكل أجزاء حتى تسهل قراءتها في أوقات فراغكم


    ***********************************

    إليــــك أشتـــــاق


    ***********************************

    الحب في قريتي يعتبر عيب وصل حد الحرمة ، نطق كلمة الحب بين أفراد العائلة الواحدة شيء نادر الحدوث، يكتفي البعض بالتعبير عن حبه ببعض الإشارات و الأعمال ، تجده في فنجان قهوة صباحية يشربه زوجين في الصباح الباكر قبل ذهاب رب الأسرة إلى العمل ، أو على يد امرأة أخذت تغسل ثياب أفراد عائلتها في جو بارد ، كذلك تجده في حفنة تراب في يد فلاح يستنشق عطر أرضه .لم ألمس يوماً في قريتنا حباً صريحاً كافتخار أب بابنته لأبوته لها ،ولم أر قط شاب يولي شقيقته الإهتمام - مجرد الإهتمام بالفتاة سيشعرها بالحب- ربما لأن كلمة حب ارتبطت بأذهانهم بشيء آخر من المخجل ذكره ( الشهوة) الحب موجود في كل مكان ويحمل أسمى المعاني ولكل شخص طريقته في تفسير معنى الحب .
    أما الحب بين الجنسين وإن حدث فهو في ستر حتى يجتمع الحبيبين تحت سقف واحد بعد إعلانهما زوجين وإما يموت ويندثر دون أن يعبر المحب عنه .
    لم أكن أعلم أن في يوم من الأيام سأخوض تجربة الحب مع الجنس الآخر، بالنسبة لي الحب وهم وخيال كخدعة بصرية يستخدمها الشباب لإطاحة الفتيات في شباكهم .
    عرفت الحب بصورته الأسمى والأجمل هنا في هذا البيت ، من خلال جدرانه التي حفظت همسات وضحكات أُم لم يسمح لي القدر بالتعرف عليها ، بيت سكنه حب أبي لأمي ،أحبني واهتم بي ورعاني ليعوضني عن حب وحنان أمي التي فارقتنا ،فأنا الذكرى التي تركتها له تكبر مع الأيام ،علمني وساعدني حتى وصلت لعنفوان شبابي ،اليوم أرد له الجميل فمنذ أربع سنوات وهو يرقد في فراشه بعد أن أصيب بشلل عطل أعضاءه هو الآن يسمعني ويتواصل معي بواسطة جفنيه .
    ليس من الصعب أن أكون ابنة بارة تحب والدها لأنه علمني المعنى الحقيقي لكلمة حب ، لم يخطر ببالي يوما من الأيام بأن اهتم وأفكر برجل غيره في حياتي لأنني لم أعرف سواه يتصف بأخلاق الرجولة حتى رأيتك ، الحب معك مرحلة تأتي بعد النظرة والإعجاب والتفاهم وهذا ما يدوم ومن الصعب نسيانه ، فحبي لك مرتبط بمواقف وأحداث صعب نسيانها .....
    الحب لمكان معين له ذكريات عزيزة ككرمة السيد نبيل هكذا عرف هذا المكان طوال سنين ، أذكر جيداً حين التقيتك أول مرة في طريقي إلى البيت بعد عمل يوم شاق في الكرمة ،طويل القامة عيناك العسليتان ووجهك المرهق وقميصك الملطخ بالدم حيث كُنتَ فاراً من مجموعة رجال مصاباً في كتفك إثر عيار ناري ، صُدفة ، لم تكن بالحسبان شعرت بالخوف حين رأيت أولئك الرجال بأجسادهم الضخمة ويكسو وجوههم الشعر وكيف لي أن أبعدهم وحدي ؟ قررت خداعهم وطلبت منك خلع حذائك وقد خلعته وأنت تمازحني رغم إصابتك : ليس مقاسك عدا عن الرائحة .
    لم أعتد التحدث للغرباء لذلك لم ألق بالاً لكلماتك أخذت الحذاء وابتعدت عن المكان ، لا أريد أن يعتدي هؤلاء الرجال على الكرمة ،انطلقت نحو بركة ماء تفصل بين قريتنا والطريق العام ، تركت أثر حذائك ينتهي هناك ليظن الرجال أنك قطعت البركة وهربت ، صدقوا ما رويته لهم حين وجدوا الأثر طرياً ، شعرت بالفضول حينها وسألتهم عن سبب وجودهم في المكان ، أجاب أحدهم وقد غطى شاربه الكثيف شفتيه :نلاحق لصاً .
    كان صوته أبشع من وجهه أخذت أتساءل أنت لص ؟!! لم أصدقه ... بدا لي من هيأتهم أنهم هم اللصوص وأنت مطارد لا أعرف سبب هروبك .
    أسعفتك في تلك الليلة وكنت نصف غائب عن الوعي ، مشاعري كانت مزيج من الخوف والحياء ، أول مرة أتواجد مع شخص غريب في مكان وحدنا ،تركتك لتنام بين صناديق كبيرة في بيت المؤن ؛حتى لا يراك أحد . خشيت على نفسي أم عليك في ذاك الوقت لم تكن الإجابة محددة.
    في الصباح الباكر أحضرت إليك وجبة الفطور كي تتمكن من المغادرة ،وجدتك مستيقظا تحاول النهوض ، لم أشأ أن تخرج أو تتحرك دون علمي فأمرتك بالبقاء مكانك فنظرتَ إلي باستياء وتكلمت عيناك ، نظرة تتمرد فيها على سلطتي للمكان ، لم أعر نظراتك أي اهتمام وضعت الطعام أمامك قائلة : تناول طعامك ثم غادر المكان .
    أنت بدوت متفاجأ ، أنا لا أعرفك وساعدتك والآن أريد منك المغادرة قبل أن يراك أحد ، لست وحدي أعمل في الكرمة ، الخالة مريم مربيتي امرأة في الستين من عمرها ، ترك الزمن أثره في تجاعيد وجهها ويديها وحكمة مخزّنة من تجارب مرت بها ، وحفيدها رضوان فتى نحيل مجعد الشعر لوحت الشمس بشرته ،قوي وجاهل نوعاً ما في فن التعامل مع الآخرين ، عيناه الغاضبتين تحدق بكل من يحاول الإقتراب من محيط بيتنا أو الكرمة حتى يختفي عن الأنظار .
    أردت منك أن تغادر لأن صديقتي العزيزة جهاد ستأتي لزيارتي مع ابنها الصغير ، انشغل تفكيري بكل من حولي إلا أنت ،كنتُ أبعدك عني ولم أعلم أنك مصيري المحتوم ونجاتي من وحدتي .


    يتبع...

  • #2
    الفصل الثاني

    وصلت صديقتي جهاد ،جميلة معتدلة القامة مرفوعة الرأس واثقة كما عهدتها وابنها الصغير حسان ،زيارتها تطول أحياناً ليومين أو ثلاثة ، لم أُرزق بنعمة الأشقاء فكانت هبة السماء لي ، أخت أنسجم معها وإن كانت من أم وأب لا صلة لي بهما ،تقاسمنا حلو الحياة ومُرّها كانت متكأي كلما ألقى بي القدر نحو الأرض كريشة تتطاير مع هبات الهواء، استقبلتها بحرارة ، حاولت إخفاء شعوري بالقلق والتخفيف من مفعول التخاطر الذي بيننا ، أمضينا وقتاً مسلياً معاً ولكن لم أنس وجودك أبقيت عيني مصوبة نحو النافذة المطلة على بيت المؤن انتظر خروجك ليس من المكان فقط بل من حياتي ، قبل الغروب تزينت السماء بلونها الأحمر ، جلست وجهاد في الشرفة المطلة على الكرمة لشرب كوب من الشاي ، هذا المكان تحدثنا فيه عادة عن أمور تخصنا إلا أن الحديث أخذ مجرى آخر بعد زواجها ، أظن أن القلق كان يدور حولها وهي تحاول إخفاؤه ،يا ترى هل تلاحظ قلقي أيضاً ؟ بادرت بالسؤال : ماذا فعلت بالنسبة لموضوع سكرتيرة زوجك ؟

    وضعت فنجانها على الطاولة ووقفت تتأمل الكرمة قائلة : تم طردها وطلبت منه تعيين شاب بدلاً من الفتيات .

    ابتسمت قائلة :جيد تمكنت من المحافظة على زواجك أنت إمرأة قوية .أجابتني بعد أن زمت شفتيها : لن أتنازل عن عائلتي أبداً وسأظل قوية أدفع عن عائلتي من يحاول التخريب .

    جهاد اسم على مسمى ،كنت أتعجب كونه اسم لفتاة ولكن مع الأيام اكتشفت أن هذا الإسم يناسبها أكثر من أي اسم آخر ، صاحت قائلة : حسان يركض نحو بيت المؤن... حساااااان.

    تسمرت في مكاني للحظة وأخذت ضربات قلبي تتسارع ، يا إلهي ! ما هذه الورطة ؟ نظرت جهاد إليّ وكأنها صفعتني لتوقظني من ذهولي قائلة : صفاء ،ما بك ؟أجبتها مبتعدة حتى لا تشعر بهالة القلق التي كانت تلفني : سأذهب لأحضر حسان ...

    لا أذكر كيف قادتني قدماي نحو ذاك المكان ، أذكر فقط حين رأيت حسان يقف أمامك وقد بلل ثيابه من الخوف ، قميصك الملطخ بالدم وشعرك الأشعث أخافه ، حسناً انفضح الأمر فلا بد من سين وجيم لمعرفة سبب خوف حسان ، أي ورطة هذه وكيف أفسر الأمر لرضوان والخالة مريم دون أن يسقط على رأسي وابل من الأسئلة والكلمات التي تستنكر ما فعلته، نظرتُ إليك بازدراء وصرخت في وجهك : ألم آمرك بالرحيل ، ماذا تنتظر ؟

    عيناك ... لن أنسى نظرتك وأنت تقترب مني قائلاً : انتظرت لأشكرك ، أعتذر عما سببته للطفل من ذعر . في تلك اللحظة ابتلعت لساني ولم أرد ، أدبك بالكلام أثر في نفسي ،قمت فقط بضم حسان إلى صدري وخرجت أنت واختفيت مع الظلال .

    كانت سهرة طويلة بين مواعظ الخالة مريم عن الأدب وشرف البنت وسمعتها وبين تجهم وتهكم رضوان الفتى النحيل ، ظلت جهاد صامته تحضن ابنها الصغير وتقبل رأسه ، أظنها رأتك ، يا ترى كانت تفكر بابنها أم بك أم أنني شغلت تفكيرها ؟ لم أفهم نظراتها ، هل انقطع التخاطر الذي بيننا في تلك اللحظة ؟ انتهيت من الجلسة الإلزامية التي اضطررت لها ، صعدت إلى الطابق العلوي اعتدت أن أصعد لغرفة أبي أجلس معه وأحدثه عن اهتمامي بالكرمة وما يحصل معي من أمور مختلفة خلال النهار، في تلك الليلة لم أجرؤ أن أنظر في عينيه وكأني ارتكبت ذنباً ،فهمت لأول مرة قلق كثير من فتيات القرية من العادات والتقاليد ، استمع عادةً لشكواهن من الآباء المسيطرين على زمام الأمور أو أشقاء يتدخلون في حياتهن ، حياتي مختلفة أنا الإبنة الوحيدة لرجل رحلت زوجته باكراً ، لم يرتبط بغيرها أراد الإعتناء بذكراها ورعايتها ، اعتنى بي كما اعتنى بأشجار الكرمة ، بذل جهداً في تعليمي وتثقيفي وأكد لي على ضرورة التعلم للفتاة وأنه سلاحها في مختلف ميادين الحياة ، نشأت أمامه وبين يديه ، كيف لي أن أخون ثقته؟ لا لن أفعل ذلك ، أعرف الخطأ والصواب . آسفة خالة مريم، آسفة رضوان ولكنني لن أستمع لتلك الكلمات التي تطلقانها كالرصاص في وجهي فأنا أعرف حدودي ، بالرغم من ذلك لم أصعد لغرفته ولم تلتقي عيوننا ربما تسممت بشيء من العار .

    حاولت النوم في تلك الليلة لكن وجه حسان الخائف لم يغب عن ذهني في تلك الأثناء سمعت طرقا ً خفيفاً على باب غرفتي ، نهضت وفتحت الباب فإذا بها جهاد ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها ،دخلت الغرفة واغلقت الباب خلفها ،ثم أمسكت يدي وقادتني أمام السرير وضمتني بقوة قائلة : آسفة لما سببناه لك سنغادر في الصباح ، حسان خائف جدا ً نام بصعوبة .

    جلستْ على طرف السرير وجلستُ بجوارها محاولة تغيير رأيها : أرجوك لا ترحلي حتى لا تظل رهبة المكان والحادثة عالقة في رأسه ، انتظري حتى الغد سآخذه معي ليطمئن قلبه ، أخبرتكم الرجل كان عابر سبيل ولن يعود – ربما كنت متأكدة حينها من عدم عودتك إلا أنك أثبت لي كم كنت مخطأة – وافقت جهاد على الإنتظار بعد الغداء وغادرت الغرفة ، ارتحت قليلاً وخلدت للنوم من شدة التعب الذي لازمني طوال اليوم .

    في الصباح لم أرغب بتناول طعام الإفطار مازالت بعض السموم مختلطة في مشاعري مسببة لي الحزن ، توجهت مباشرة نحو بيت المؤن أجمع الصناديق وأرتبها ليبدو المكان أكثر أمان من أجل حسان الذي حضر برفقة والدته لكنه وجد صعوبة بالدخول ، ملامح وجهه أكدت لي أن الخوف لم يغادره بعد ، فكرت بلفت انتباهه لشيء جديد لم يعرفه من قبل ، فأخذت أضغط على آلة ثقب الورق لتصدر صوتاً يجذبه وأقول له :هيا لنبدأ العمل. مددت يدي له وخطا بقدمه الصغيره للداخل وجلست أمامه لأعلمه كيف يستخدم الآله وتحدثنا قليلا ، رأيت بريق سعادة في عينيه أفتقده كثيراً كان يلمع في عيني كلما علمني والدي شيئا جديداً ، انسحبت جهاد متجه نحو البيت وبقيت مع حسان ، هذا الطفل في سن الثالثة ، اهتمامي به تعبير عن حبي له أضمه وأقبل خده الوردي أظنه نسي خوفه ورتب في ذاكرته أمر أحبّه وأشعره بالسعادة ، أمسك المثقاب وعمل بعض الثقوب في الكيس الورقي فنظر إليّ مبتسماً : سأخبر أمي .غادر المكان وهو يصيح بأعلى صوته : أمي ، أمي ساعدت صفاء في العمل . بعض الثقوب جعلته يشعر بالفخر لأنه أنجزها بنفسه . تأكدت حينها أنه نسي شبحك.

    انتهيت من ثقب الأكياس الورقية وأخذتها لتغليف العناقيد الخضراء ، وقفت مع رضوان في الكرمة ومازال العبوس في وجهه، لم أكلمه ولم ينظر إليّ بقينا في صمت حتى ظهرتَ فجأة من خلف الشجرة ، كدت أسقط حينها ولكنك أمسكت يدي ، فاقترب رضوان مقطباً جبينه يحمل فأساً والشرر يتطاير من عينيه بصوته الجهور قال: ماذا تريد ؟

    تركتَ يدي بعد أن اعتدلتُ في وقوفي وأجبته بصوت واثق:آسف لم أقصد إخافتها، جئت أعتذر ... صدقني لا أريد أن أؤذي أحد .مازال رضوان ينظر إليك بغضب ، انساب إلى قلبي صوتك بما يحمله من اعتذار فأحسست بصدقك، وأردت أن يهدأ رضوان لذا التفت إليه وأخبرته أن يخفض الفأس الذي كان يحمله لكنك اختفيت، صرخ رضوان في وجهي : أرأيت كيف يستغل الشباب الفتيات الطيبات ؟ أجبته وقد أغضبتني كلماته : إلزم حدودك وكلمني بأدب.

    نشأ رضوان يتيماً ومعاملتي له لم تختلف عن معاملة الأخت الكبيرة لأخيها الأصغر ، ولكنه استفزني حينها ، هل يريد أن يفرض قوته في السيطرة عليّ؟ لن أسمح بهذا، في نفس الوقت لم أرغب بأن أقطع كلامي معه في لحظة غضب ، طلبت منه زجاجة الماء لأشرب ، ناولني الزجاجة دون أن ينظر في عيني، لقد أحزنته أكثر مما أغضبته ، ها أنا أرتكب الأخطاء وتختلط علي الأمور وأعيش لحظة من التيه،رفعت فوهة الزجاجة وقربتها لشفتي لكن نظري وقع على بوابة المنزل حين سمعت هدير محرك سيارة يقترب ، ارتعشت يدي وانسكب الماء مني حتى شعرت به على صدري ، ولكن هول وصول المختار وابنه لمنزلنا كان صدمة غير متوقعة على الإطلاق ، وضعت الزجاجة بين راحتي رضوان وطلبت منه البقاء في الكرمة، أعرف مسبقاً بالصوت الهادر الذي قد يصدر عنه ،ولا أريد لوالدي أن يسمع شيئا مما قد يحدث ،أخذت أركض بأقصى سرعة محاولة اختصار المسافة الفاصلة بيني وبين البوابة ، أراهما يدخلان للمنزل لا وقت للتعثر فهما كالظلال السوداء أينما حلو تركوا البؤس خلفهم، سر كبير يخفيه المختار ، لا أعرفه فهو يشتري الكرمة تلو الأخرى ... لماذا عاد الآن؟ رفض والدي طلبه من قبل وأنا ابنة أبي ولن يتغير رأيي أبداً ، وصلت أخيراً لباب البيت فتحته على مصراعيه غاضبة - فكرة رؤيته تثير غضبي فكيف الموضوع الذي جاء من أجله- رأيت جهاد أولاً وسألتها : لم سمحت لهم بالدخول ؟وقفت مصدومة من ردة فعلي دون إجابة ، وقف المختار منتصب القامة وشارباه المفتولان يعتليان شفتيه : ألن ترحبي بنا؟ نظرت لعصاه ذات الرأس الكروي الأملس وهو يتحسسها ، لا أنكر دبت قشعريرة في جسدي فجأة ،تابع كلامه : يبدو أننا لسنا موضع ترحيب ،لقد جئت لأخبرك ، لاتتعبي نفسك هذه السنة أيضاً، يكفي ما تكبدته من خسائر في السنوات الثلاثة الأخيرة ،سأشتري المحصول منك كماهو وسأزيد لك في السعر.

    أجبته بصوتي الحاد : كم مرة أخبرتك ، لن أبيع الكرمة ، أبداً .

    تقدم ابنه بثيابه الثمينة وشكله الأنيق وقد حرك يده بشكل مائل قائلا: يالك من عنيدة أنت تهوين إلى اللا شيء . لم تعجبني كلماته ووجهه المتعجرف صحت به: اخرجا من هنا ولا تعودا .جلس المختار قائلاً: لن يسمح لك الشيوخ بدخول السوق ، ما فائدة تعبك ؟ ... أنصحك بالعمل في مجال الخياطة .أردف ابنه قائلاً: أو اعدلي عن رأيك وتزوجيني.

    دخل رضوان وقال بصوت قلق : صفاء هل أنت بخير ؟

    ما من كلمات تفسد عمراً قضيناه معاً بحلوه ومره ، هو ملاكي الحارس عاد ليدافع عني ،أجبته وأنا أغادر الغرفة : أخرجهما من هنا .صعدت نحو غرفة أبي لا بد أن شيئاً من الصراخ وصل سمعه الحاسة الثانية المتبقة بعد بصره ،حاستان فقط تعملان بعد اصابته بالحادث ،كان في طريقه للمدينة لبيع المحصول حين انحرفت الشاحنة عن الطريق ووقعت في أحد الأودية ، وبسبب انثناء في هيكل الشاحنة أعاق والدي عن الحركة وتسبب في تلف في النخاع الشوكي ، ها أنا أقف أمام غرفته المغلقة عليه ، كيف سأواجهه بعد تغيبي عنه أمس ولم أمر به صباحاً لإلقاء التحية، فتحت الباب بهدوء ودخلت وأنا أنظر في عينيه، وأرى فيهما انزعاجاً ، وبدأ التوتر يتدفق أريد ان أعرف سبب انزعاجه ، خرجت من صمتي بسؤال وأنا أقف أمامه :مابك؟ لم أنت منزعج ؟

    وجه نظره نحو المرآة ، وكأنني لم أفهم : تريد مني أن أنظر في المرآة ؟ أغمض عينيه وكانت إشارة بالموافقة، وقفت أمامها فإذا بي شاحبة بثياب العمل المغبرة وشعري الفوضوي على كتفي أخذت أفكر ، أين صفاء الجميلة مليحة الوجه ذات الشعر الطويل الأملس ؟ لا بد أنه فكر بهذه الكلمات. ضحكت قائلة : آسفة أبي ، لقد عدت للتو من العمل وأردت رؤيتك قبل الغداء.ظهر الرضا على وجهه وشعرت بسلام تغلغل في جسدي ، قد اتصالح مع نفسي يوماً ولكن كيف وأنا أخفي عنه أن الكرمة مهما تعبت فيها فهي لم تعد تدرّ علينا المال بعد إنشاء مجلس الشيوخ الذي منع وجود أي إمرأة في السوق للبيع لأنها محض شبهه، نظرة المجتمع الغبية فهم لا يرون النساء إلا بعين احتقار أو إشتهاء ، ألقيت نظرة نحو النافذة وكان المختار قد غادر.



    يتبع...

    تعليق


    • #3
      الفصل الثالث

      وقت الغداء اجتمعنا حول المائدة وقد وضعت الخالة مريم القدر أمامي قائلة :سأسكب لك كمية مضاعفة ، وجهك شاحب. رفعت طبقي قائلة: نعم من فضلك . سعيدة بوجود أشخاص أحبهم من حولي ،أشكر الله على هذه النعمة. دار بيننا حديث متذبذب بين الحزن والمرح استهل رضوان الحديث قائلا: سأكمل ما تبقى وحدي ، لا داع لتتعبي نفسك .أجبته : لا أستطيع ، إن لم أعمل أشعر بشيء ما ينقصني .تدخلت جهاد محاولة تغيير رأيي: أنت غريبة ، الفتاة في سنك تهتم بنفسها وتفكر بالزواج وإنجاب الأطفال ، أما أنت لا تفكرين إلا بهذه الأرض.

      أرادت الخالة مريم قطع الحديث تماماً : هيا لنبدأ تناول الطعام . كل منا أسقط نظره في طبقه ، لا يسمع سوى صوت الملاعق تضرب قعر الأطباق ،هدوء ممل لا يتيح مساحة للراحة أو التفكير ، لم يدم طويلاً،كانت جهاد تسعى جاهدة كي تحمل معي بعض العبء الذي خلّفه المختار بزيارته : منذ متى وأنت تعانين من مضايقات المختار ؟ ذهب نظري إلى الخالة مريم التي رأت عتاباً يقصدها ، من غيرها أخبر جهاد ؟ إجابتي كانت مختصرة جداً :منذ أربع سنوات .

      رافق الذهول سؤالها الثاني : لم لم تخبريني من قبل ؟ جوابي لها كان عفوياً وصادقاً:كنا مشغولتين بمشاكلك الزوجية. سرت في بدنها رعشة نظرتْ في طبقها وساد صمت قصير ، أظنها تذكرت شيء جاءت لتنساه هنا ، قالت : سأغادر بعد ساعة من الآن . لم أقصد أذية مشاعرها أردت تلطيف الأجواء : سيوصلك رضوان للمدينة.

      قالت : دعك من هذا ، شاحنتك معطلة.

      إنها فرصتنا لنعود بالعمر للوراء نلقي كلمات استفزازية اعتدنا أن نمازح بعضنا بها : سأصلحها بعد الغداء .

      _لا تتعبي نفسك سيمر زوجي لإصطحابي .

      _ ستخسرين التوصيلة بالشاحنة .

      _سمعت هذا الكلام كثيراً .

      بعد ساعة وقفت مع رضوان عند بوابة المنزل لوداع جهاد قالت وهي تعبر البوابة : سأدبر لك موعداً لعلي أجد لك زوجاً يخرجك من همومك. أجبتها بصوت مسموع : ألا تلاحظين بأنك مزعجة ؟ أجابتني وهي تصعد السيارة : أتعمد ذلك .

      غادرت جهاد وابتسامة تعلو وجهها - هذا ما يهمني- قمنا بإغلاق البوابة معلنين عن عدم رغبتنا باستقبال أحد رضوان يوافقني الرأي فقد أُجهد تفكيرنا ليومين متتاليين ، وصلنا إلى المرآب حيث الشاحنة القديمة تنتظر إزاحة الستار عنها ، وضعت يدي على كتف رضوان وسألته : ما رأيك بإصلاحها؟ كان جوابه مخيباً : لم تعمل منذ سنوات إنها خردة .

      _ أرجوك كن متفائلاً.

      ابتسم وكأنه استلم زمام الأمور : سأحاول ، هيا نرى ما هي الأعطال ونشتري قطع غيار من السوق . صعدتُ للشاحنة فقد علمني والدي بعض الأمور عنها ، رفع رضوان الغطاء الأمامي ثم سمعت تنهيدته وهو يقول : يا إلهي . دبّ الذعر بداخلي : ما الأمر ؟ ! أجابني بعفوية: لا أعرف شيئاً عن المحركات .وقفت بجانبه ننظر إلى المحرك الصامت وقد أصابتنا عدواه ، لكن التفكير هو عجلة لا تكف عن الدوران وقد أحببت دورانه هذه المرة أردت الخروج من دائرة التأجيل وانتظار الفرص الأنسب : لا بد من وجود كتيب أو أوراق سجّل فيها والدي بعض المعلومات . مضى الوقت ونحن نبحث نعمل بلا توقف ، قمنا بتسجيل ما نحتاج إليه من قطع ، أردنا أن ننجز الأمر اليوم ولكن علينا الإسراع قبل أن يغلق السوق أبوابه.شاء القدر أن ينشغل رضوان مع الخالة مريم في شؤون البيت ، وكادت فكرة الذهاب إلى السوق تلغى إلا أن شيئاً ما حثني للذهاب ، مضيت في طريقي تقودني قدماي على الدرب ، انشغل عقلي بأمور أكثر أهمية ، هذه الأدوات حمل زائد ولم أخطط له جيداً ، ولم أقطف العناقيد بعد إنها مجازفة ، وصلت إلى وجهتي ، أخذت أنقل نظري إلى واجهات المحلات ، أدهشني وجودك في تلك اللحظة ، تقف بقامتك الطويلة ومنكبيك العريضين مرتدياً قميصاً جديداً وشعرك المرتب كنت وسيماً ، لم يسبق أن لفت انتباهي رجل من قبل لأنني لم أهتم أو لأنني أردت رجلاً يشبه والدي الذي اعتلى عرش الرجولة بصفاته وأخلاقه وكل من هم دونه ليسوا رجالاً بل أجساد رتيبه بلا أخلاق ... ما الذي أفكر به ؟ وجودك محض صدفة لأنك مسافر ، لماذا اشغل تفكيري بك ؟ أنت غريب عن المكان ولن أكلمك. هل كنت متأكدة من قراري الذي تراجعت عنه حين سمعت صوتك بقربي : يا آنسة ... مرحباً ، اسمي أمين .أجبتك بشيء من التوتر : نعم سيد أمين ؟ صوتك الدافيء انقض على بقية حواسي وأصابها بشلل مؤقت : آسف حقاً، نظرات ذاك الشاب أبعدتني بسرعة ، لحسن حظك لديك أخ قوي يحميك. ابتسمت لأن نظرات رضوان أتت مفعولها معك ، سألتك ولم أخش الحديث معك : أليس من الخطر وجودك في مكان عام وأنت فارّ ؟ نظراتك الوادعة وأنت تقول : لا تقلقي أنا بخير في قريتكم .

      اعتراني شعور غريب بالسعادة في تلك اللحظة ، وجودك قربي أشعرني بالأمان، أمر لم أعتد عليه فأنا لا أثق بالجنس الآخر ، لأن الرجال برؤيتهم الخاصة المرأة متاع ليس إلا، إمتلاكها لتزيين حياتهم وربما وجود فتاة في حياتهم فكرة عبثية عابرة ، إلا أنت أراك مختلفاً، مضيت معي نحو محل قطع السيارات وقد لاحظت ابتسامة غريبة على وجهك مما استفزني لسؤالك: لماذا تبتسم؟ أجبتني بوضوح : أنت فتاة تسيرين نحو محل قطع السيارات أظنه أمراً غريباً ، ألا تودين الذهاب للناحية الأخرى؟ أعلم أن محال كثيرة في الجانب الآخر وأعرف تماماً ما نوع البضاعة فيها ولكن لمَ نظرت إلى ذاك الإتجاه في تلك اللحظة؟ إنه أنت ... سحرك يتسلل إليّ ويتحكم بي. وصلت للمحل المطلوب وأخرجت الورقة التي سجلت عليها ما أحتاجه وأعطيتها لصاحب المحل، نظر فيها برهة بوجه قاسي السمات ثم ألقى نظرة عابسة علينا وقال بصوت يشبه صوت آلة قديمة تحتاج عناية فائقة : لماذا لم تطلبي مني الحضور إلى بيتكم لإصلاح الشاحنة ؟ لا أريد أن تتعبي نفسك بالقدوم إلى هنا .

      وإن ذكر سبب سؤاله أنا أعرف أنه ليس مهتماً بعنائي فالرجال هنا نوعان لا ثالث لهما إما يكره وجود امرأة في السوق وإما هو إنسان وقح حتى وجودك لم يردعه عن التفكير في الأمر أم أنه ظنك...؟ تباً ، أي ورطة هذه ؟ استوقفتني الذاكرة عند قصة الفتاة التي قتلت لأن رجلاً مخبولاً رآها تقف على مقربة من شاب أمام أحد المحال، وأخذ ينشر خبر خروجها برفقة عشيق لها ، ولا ذنب لها كانت ضحية إشاعة في مكان الحق فيه أعمى. عاد صوت البائع الخشن إلى مسامعي :هذه القطع تكلفتها سبعمئة دينار ، هل تستطيعين الدفع ؟ سؤاله مخيب للآمال ، استرقت النظر نحوك، كنت َ مشغولا بالنظر إلى ماركة إحدى القطع المعروضة وقلت في نفسي : الحمد لله لم يسمعه . فإذا بك تقترب مني وتهمس : يمكنك شراء قطع مستعملة بسعر أقل وأداء أفضل –عدت بنظرك نحو العلب المعروضة- إنها بضاعة تعيسة يتم بيعها هنا ، ألا يوجد محل آخر؟ أجبتك مباشرة : نحن في قرية صغيرة وأصحاب السيارات بعدد أقل من أصابع اليد ، ما حاجتنا لكثرة المحلات ؟

      أحدثك وكأني أعرفك منذ زمن غمامة كونك رجل غريب تلاشت ، خرجنا من المحل بعد أن أخذتَ الورقة من البائع وناولتني إياها قائلاً: سأدلك على محل في المدينة بضاعته مضمونه وأسعاره معقولة .

      انكشف خيط من لغزك، لا يوجد من شباب القرى من يجرؤ على الحديث مع فتاة في وضح النهار، وإن كان قريبها، وأسلوبك في الحديث مختلف عنهم ، أنت ابن المدينة ... فرحتي باستنتاجي عمرها قصير فقد خبت الإبتسامة حين التقينا المختار وهو يقف أمام الناس يلقي أحد خطاباته :... وبالمحافظة على قيمنا وعاداتنا التي ورثناها عن الآباء نحافظ على سمعة قريتنا من الشبهات والتخريب لا إختلاط وهذه هي شريعتنا التي يجب علينا التمسك بها .أنهى كلماته واقترب منا بابتسامته الخبيثة: قرر مجلس الشيوخ إرسال محصولي للبيع في المدينة ، هذا قرار نهائي لامنافس لي. أجبته وقد نسيت وجودك للحظة لم أرغب أن تراني في حالة الغضب: لا منافس لك غيري بعد أن قمت بشراء كرمة أبو أمجد والسيد نائل ، لم يبق سواي عقبة في طريقك . أجابني وقد اعتلى عرش قوته : شراء الكرمتين أفضل من تركهما للموت ، سافر أبناء أبو أمجد للعمل في المدينة والسيد نائل صار مسناً وليس له ولد كوالدك تماماً.

      كان حشد من الناس يراقبون بأعينهم شعرت بأني أقف عارية أمام الجميع قلت في نفسي لن أستسلم، انتهى الحوار حين استدار مبتعداً وتركني في ثورة غضب ، أما أنت كنت ثابتاً نظرت إلي وكأنك تدعوني لملجأ من هذا الموقف ،بقيت معي وسرنا في طريق العودة ودار بيننا حديث أطفأ لهيب جرحي.

      _ من ذاك الرجل ؟ ... وما هو مجلس الشيوخ؟

      _ إنه مختار القرية ... قرر وجود مجلس للشيوخ لسن قوانين تنظم أمور القرية ، إنهم مجموعة من كبار السن .

      _ووالدك؟

      _أبي ما به؟

      _قال أنه مسن .

      _والدي ليس مسناً بالمعنى الحرفي للكلمة ،والدي ... مصاب بشلل إثر حادث وهو يرقد في فراشه منذ ذاك الوقت، وحاول المختار شراء الأرض... لم ولن أقبل أبداً ، هذا رأي والدي أيضاً.

      _كيف تعرفين رأيه ؟

      _لغة العيون هكذا نتفاهم.

      ارتسمت على شفتي ابتسامة حينها تذكرت والدي، وشعرت بسرور يغمر قلبي.

      _أنت وحيدة والدك ! أليس صاحب الفأس شقيقك؟

      _إنه حفيد الخالة مريم المربية – تبادلنا نظرات دافئة – أخبرني من أين أتيت وماذا تفعل هنا ؟ ... وسبب إصابتك ؟

      _أسكن في العاصمة ،أما عملي ... كابتن طيّار.

      _جميل !

      _ كان حلم الطفولة وحققته.

      _ولكن من العاصمة إلى هنا مع الإصابة !؟ وما علاقة عملك بأولئك الرجال؟

      _ سأخبرك ...حصلت على فرصة عمل جيدة وهي نقل بضائع خارج البلاد مقابل مبلغ كبير من المال ،كان علي الحذر ... إلا أني وافقت كوني شاب في بداية حياتي أردت نقلة في عالم الثروة ، عند تحميل البضاعة ساورني الشك بشأنها ، تحليت بالجرأة وفتحت أحد الصناديق ووجدت فيه ملابس للأطفال وبادرني سؤال ، مبلغ كبير لنقل الملابس لماذا؟ فتشت أسفل الصندوق فوجدت أكياس محكمة الإغلاق وشكلها يوحي بالريبة فعرفت أنها لمواد ممنوعة ،رفضت الصفقة على الفور ولم يكن الأمر سهلاً، بما أني عرفت سرهم صار دمي مباحاً ، ولن يتركوني حتى ينالوا مني .

      اعتلى وجهك حينها حزن وساد صمت قطعته بسؤال : ماذا ستفعل؟

      _سأنتظر بعض الوقت ، ثم انتقل خارج البلاد هذا ما أفكر به في الوقت الحالي ولكنه ليس الحل الأمثل.

      _ لِمَ لا تبلغ الشرطة؟

      _ أخشى على عائلتي ... أبي وأمي وشقيقتي، الأمر ليس سهلاً.

      خالجني شعور بالراحة حين ذكرت شقيقتك ، أنت تهتم لأمرها ، خيط آخر ينكشف لسر رقتك ، ما أجمل وجود شقيق للفتاة يستمع إليها وينصحها ، شعرت بلطف معاملتك لها ، وبدأت أحسدها .

      كان هذا اللقاء الأول رسمياً بيننا ،إلا أن المختار أفشى خبر رؤيتك في السوق لأولئك الرجال الذين عادوا للبحث عنك في كل أرجاء القرية وكان قرارك الإبتعاد حماية لي وعائلتي ، مع مرور الأيام كان شيء ما ينمو بداخلي أحتضنه بدفء وأرعاه ، لا أتجاهله ولا أوليه جل الإهتمال فقط استمتع بوجوده ، لأنه يرسم الإبتسامة على شفتاي ، كنت أذكر حديثنا البسيط الذي أثّر بي . ولم أشبع من تلك العينين أتأملهما بشغف وأحفظ تفاصيلهما ، ارتحت لنظراتك التي كانت ملقاة نحو الأفق تارة ونحوي تارة أخرى ، ارتحت لكلامك ،أنت مختلف ، ليست الملامح الوسيمة ولا طريقة الكلام بل شيء واضح للعيان ، لا توجد لديك عقدة الحاجبين أسفل الجبين ، بين حضورك وغيابك مازلت موجوداً في ذاكرتي، تراني وجدت فيك شيئاً من عطف أبي ؟



      يتبع...

      تعليق


      • #4
        الفصل الرابع

        تجدد لقاءنا مرة أخرى حين فاجأتني بوجودك صباحا برفقة رضوان في المرآب وهدير محرك الشاحنة القديمة يملأ المكان ، ركضت نحو الباب لم أصدق عيناي ،من بعد غياب تعود فجأة بمفاجأة أكبر ... وجودك وتشغيل الشاحنة .

        بادرتَ بالكلام وأنت تمسح يديك بقطعة قماش وكأنك أنهيت ما جئت لأجله :آسف لتدّخلي في أمر الشاحنة ، اعتبريها هدية شكر منّي ، ورد لمعروفك معي حين أنقذتني .

        خيّم صمت في المكان ، الكلمات جاءت مسمومة ولم أستسغ طعمها ، سألتك: هل أنت مضطر للمغادرة ؟

        أجبتني بصوتك الحنون : تعرفين ظرفي جيداً ،ولا أريد توريط أحد معي.

        اختصرت الكلام قائلة: نعم ، فهمت .

        هتف رضوان من خلفي: يمكنك البقاء هنا وتناول الغداء معنا. دعوة رضوان غريبة فهو يكره الغرباء ، ربما شعر بأنك مختلف ورآك بعيناي.

        كان ردك الموافقة ، ودخلت بيتنا لأول مرة ،إلى أي حد قد يشغل الحب عقل إنسان عن روتين اعتاد عليه على مرّ السنين؟ لقاء واحد ، جرف مشاعري نحو شخص واحد ، التفكير بك ، لم يعد يشغل بالي سوى رؤيتك ولو نظرة صغيرة من بعيد ، وجودك أحيا بي الأمل وأشعل شمعة ظننت أنها انطفأت منذ مدة .

        جلستَ إلى المائدة وأنت تتأمل الطعام في الأطباق ورفعت نظرك إلينا قائلاً : يا لها من مائدة ، اشتقت للجلسات العائلية.

        لم تستطع الخالة مريم أن تخفي نظرتها الحانية ، اقتربت منك وسكبت لك بعض الطعام :لا تخجل يا بنيّ، تناول طعامك.

        تناولنا الطعام معاً ، بالنسبة لي كنت أحتسي حواراتكم ، وضحكاتكم و ارتشف دفء الحب الذي كان يحيط بنا ، استيقظت من صمتي على سؤالك : هل يمكنني التعرف إلى والدك ؟

        عدوى الصمت انتقلت للبقية محفوفة بالذهول ،أجبتك بسؤال مغلف بالدهشة : أبي؟!!

        _آسف إذا كان الأمر يزعجك.

        _على العكس ، سيسر والدي لرؤيتك ؛ فهو لم يقابل أحد منذ سنوات .

        أيدتني الخالة مريم ورضوان وبدت من نظراتهما الرضا ، ما هو سر هذا التغيير؟ ظل هذا السؤال يجول في خاطري حتى صعدنا لغرفة والدي ، دخلت ووقفت أمام سريره وأظنه لاحظ إشراقة وجهي وما لبث حتى عرف السبب حين رآك تدخل باب الغرفة ، رأيت بريقاً في عينيه ، بريق سعادة انتظرها كل يوم وهو راقد في هذا الفراش ، الآن فهمت سر اهتمام الخالة مريم ورضوان واتضح لي سر اهتمامهما بك.... تبادر لذهني سؤال جديد هل وجودك معنا اليوم لأجلي؟

        الأوقات السعيدة تمضي بسرعة ،ها قد شارفت الشمس على المغيب ذهبت مع رضوان للمشي في الكرمة ، أما أنا مازلت أحاول تصديق وجودك معنا وقفت أراقب من النافذة إلا أني سمعت صوت خطوات خلفي ، إذ بها الخالة مريم ،ربتت على كتفي قائلة :إنه رجل طيب،صفاء ...

        كانت الخالة مريم تخبرني مزيداً من خبرتها وتجاربها :الفتاة بلا حب كالزهر بلا ماء ، الحياة تتغير من جيل إلى جيل وما كان مرفوضاً بالأمس يجب علينا تقبله اليوم ،في الماضي لم تكن الفتاة لتحصل على ثقة أهلها أبداً وذلك لأنها فتاة ، أهل هذه القرية أمرهم أشبه بمن عاش سنوات في الظلام وتوسع بؤبؤ عينيه ليرى بوضوح وحين لمح الضوء آلمه ذلك وأغمض عينيه للأبد ...

        جدَف بي خيالي لعالم آخر تملأه التساؤلات ، يا ترى ماذا يخسر الأب إن اهتم بابنته ؟ وماذا يخسر الأخ لو استمع لشقيقته ونصحها بدلاً من زجرها وحبسها ؟ ماذا تخسر الأم لو أحبت ابنتها؟ ماذا يخسرون لو توقفوا عن تحميل الفتاة إثم كونها أنثى؟ انتهى وأد البنت حديثة الولادة ولكن مازالت توأد الفتاة بأكثر من طريقة والأكثر شيوعاً تزويجها ... أيقظتني الكلمة الأخيرة ولكن بصوت الخالة مريم وتابعت حديثها :الزواج سنة الحياة يا ابنتي ولا بد أن تتزوجي يوماً ما ، لتعيشي أفراحك في ظل زوج يحبك ويحنو عليك ، ستحتاجين من يربت على كتفك ويمسح على رأسك ويقف إلى جانبك في مختلف الأحوال ...نظراتك توحي لنا بأهمية وجوده.

        كلماتها غذاء لروحي ألتقطها بتأني لتسقط في أذني وأترجمها في عقلي خيال وردي جميل ، نسجت حينها مشهداً احتوانا معاً وأنا بين يديك ، ترفرف حولنا الطيور المزقزقة ، وحده حضورك يبعث الفرح في سمائي .

        انتشلني صوت رضوان حين قال : أمين يريد المغادرة . نهضت عن مقعدي وسرت باتجاه الباب حيث تقف أنت، تأملتك قليلاً وأظنك فعلت الشيء نفسه ،التقت روحينا في حين بقيت الأجساد بعيدة ، رأيت في عينيك الرغبة بالبقاء بالرغم مما نطقه لسانك مودعاً ،بقيت في مكاني أنظر إليك حتى تواريت في الظلام ولا أعرف وجهتك.



        يتبع...

        تعليق


        • #5
          الفصل الخامس


          مضت بي الأيام متقلبة كموج البحر كان الصمت رفيقي والدموع مؤنستي ،أرسل لك التحية كل يوم مع النسمات ،ومن فرط اشتياقي لحضورك ، أخذت أنصت لتغريد الطيور وكأنها توصل رسالة منك تبعث الهدوء في نفسي.

          مزاجي الهاديء المشرق أثَر بمن حولي حتى أبي يوماً بعد يوم بدأ يستجيب للعلاج ،وكانت المفاجأة التي انتظرتها سنوات ، نطق أبي بأول حرف من اسمي...

          _صـ... صـ...

          التفت إليه ولا أصدق نفسي أجبته بلا وعي : نعم نعم .

          _صفاء ...

          أخذت أضحك وأبكي في نفس الوقت من شدة سعادتي اقتربت منه ووضعت رأسي على صدره باكية .

          _ لا ... تبكي... يا صفاء .

          رفعت رأسي وأنا أنظر إليه وهو يبتسم لا أكاد أصدق نفسي ، مسحت دموعي قائلة :سأذهب لأخبر الخالة مريم ورضوان.

          خرجت أركض لأزف إليهما الخبر السار ، رأيتك تقف عند عتبة الباب تنظر إليَ متعجباً من حالي ، كان رضوان بقربك والخالة مريم ،اقتربت منكم ولم أستطع كتمان الإبتسامة ما زالت رغبتي بالقفز فرحاً تشتعل بداخلي ، إلا أني خجلت لوجودك ، ضممت الخالة مريم وقلت بصوت مسموع يمتزج بصوتي الباكي : أبي نطق باسمي ...

          كان الخبر مفرحاً للجميع حتى أنت أخذت تهنئني ، في تلك اللحظة أردت ان أضمك لصدري من شدة الفرح .صعدنا لغرفة والدي ووقفنا أمامه والدموع تملأ المقل ، لم ألتفت إليك حينها لأرى تعابير وجهك لأنني انشغلت في تلك اللحظة بأبي هو فقط المسيطر الآن على تفكيري ،نظر أبي لحالنا وابتسم ابتسامة صغيرة ثم قال : توقفوا عن البكاء أرجوكم .

          كانت ردة فعلك سريعة حيث أخذت بيد رضوان وقلت :لنساعده على الجلوس .

          حمل رضوان وسادتين واقتربت أنت من سرير والدي وانخفضت نحوه ، رأيت يديك وهي تلف حول كتفه بحنان ومحبة وكأنه والدك ، ساعدته على الإعتدال في الجلوس ثم قبلت جبينه .

          قال أبي : شكراً لك يا بني .

          في هذه اللحظة تذكرت مدى اشتياقك لوالدك لابد أنك تفتقده ووالدتك وشقيقتك ...تلك العصابة اللعينة تقف حاجزاً بينك وبينهم أنت لا تريد العودة للبيت حتى لا يتعرضوا للأذى ، السؤال الذي يجول في خاطري ألا يوجد طريقة ما لردع هذه العصابة وحماية عائلتك .

          جلستُ بجانب أبي وجلستم على المقاعد حول السرير تحدثنا بأمور عديدة كلام كان يختزنه أبي منذ سنوات أخذ يحدثنا ما بداخله من تفكير بنا وبالأرض ولما ستؤول إليه الأمور حتى وصل لسؤالك : أخبرني يا بني ما حكايتك ؟

          توجهت أنظارنا نحوك تأملتُ شفتاك و هي تروي حكاية وجودك بيننا وعيناك التي كان بها بريق جميل ، كنت تنظر إليَ بخجل كلما نطقت باسمي ، كان له لحن مميز ، أجمل ما في الأمر أنني سمعت اسمي اليوم من أبي ومنك .

          بعد وقت الغداء خرجت للمشي بين الكروم متأملة العناقيد المتدلية كحبات اللؤلؤ ، من الخسارة أن تذبل وهي تنتظر التسويق ولكن هذا المجلس يقيد حركة البيع ولن أحصل على ربح جيد لأغطي مستلزمات المزرعة وكي أدفع لك ثمن القطع التي أصلحت بها الشاحنة ،أظن بأنني كنت أفكر بصوت مسموع لأنك أجبتني مباشرة قائلاً :لست مضطرة للدفع لي أخبرتك سابقا إنها هدية شكر وامتنان.

          _ولكن يا ...

          سكت قليلا أنا أعرف اسمك ولكن لم أناديك به من قبل ، شعرت أنه من العيب أن أناديك بدون لقب سيد ، لماذا الرسميات بيننا ؟ لأني لم أعرفك سوى من مدة قصيرة .

          _اسمي أمين .

          _نعم أعرف اسمك ، سيد أمين .تعمدت قولها أردت أن أسمع رأيك بذلك .

          _ بدون سيد ، هل ترغبين بأن أناديك يا آنسة ؟ أم أناديك باسمك ... صفاء.

          أحببتُ سماع اسمي بصوتك، يطربني ذلك ،ولكن لم أخبرك أومأت برأسي موافقة، فابتسمت لي كنت سعيدة جداً بوجودك ولم أرغب أن تبتعد ثانية ،حاولت تغيير الموضوع وبدأت بسؤال : أخبرني هل ذهبت لرؤية عائلتك ؟

          تنهدت ثم قلت :لا ، أبقى بعيدا ً ... لا بد أنهم يعرفون عنوان سكني ويراقبونه أوكلت أحد أصدقائي بالإهتمام بعائلتي ، أخشى أن أظهر قريباً منهم ويتعرضون للأذى ولا أريد أن أقتل أمامهم.

          _ولا أنا ، أكره أن أراك تتعرض لمكروه . نطقت بها بلا وعي ولكنك لم تعلق على كلامي . سألتك بقلق :إلى متى ستهرب لا بد من تبليغ الشرطة .

          _بعض أفراد الشرطة جزء من العصابة ،ورطت نفسي في قضية معقدة .

          _ما زلت تفكر في السفر خارج البلاد ؟

          نظرت إليَ قائلاً : أفكر في الأمر ولم أقرر بعد ... في الحقيقة ، لو شئت المغادرة لسافرت منذ ذلك اليوم الذي عالجتني فيه .

          احمر وجهي خجلاً فأنا لست معتادة على هذا النوع من الحديث ، التفت نحو المنزل قائلة : لقد مشينا دون أن ننتبه وابتعدنا عن المنزل، يجب أن أعود الآن .

          _صفاء ، انتظري ...

          _ نعم.

          _لقد حضرت اليوم لأمر مهم ....

          لم تكمل كلامك ، لا أعرف كيف يجدك هؤلاء الرجال ؟ كانوا يسيرون نحو الكرمة ولكن الأشجار الحرجية الكبيرة حولها لم تمكنهم من رؤيتنا .

          _لا بد أنهم سيتوجهون للمنزل ليبحثوا عنك ، لدي فكرة ، أعرف مكاناً لن يفتشوه أبداً،اتبعني.

          أخذنا نسير في طريق مختصرة بعيدة عن أعينهم ، حتى وصلنا إلى بيت المختار .

          _لماذا هنا؟

          _لا بد أن المختار يبلغهم بوجودك ، لن يفتشوا بيته.

          _والآن ماذا ؟

          _انتظر هنا في بيت المؤن ، لا بد لهم أن يمروا هنا قبل مغادرة القرية ، وستتمكن من معرفة تفاصيل ما يحدث وربما تجد ثغرة تمكنك من القبض عليهم .

          ابتسمت لي ، أخذت غصناً يابساً عن الأرض وأخفيت آثار أقدامنا، حيلة قديمة علمني إياها أبي حين كنا نلعب لعبة الإختباء ، غادرت المكان مسرعة أريد أن أطمئن على أبي ، وصلت البيت وكانوا قد غادروا مخلفين خلفهم فوضى قصدوا بها التهديد، دخل رضوان منزعجاً : لقد أتلفو بعض العناقيد وهددوا بحرق الكرمة إن لم نخبرهم بمكانه .

          وقفت الخالة مريم أمامي باكية : عزيزتي، أنت بخير؟

          _نعم بخير ،ما هي حال أبي؟ صعدت مسرعة لم انتظر الإجابة ، وجدته على سريره إلا أن أثر حذاء أحدهم واضحة على الغطاء وقد حرك السرير من مكانه ، ليست مشكلتك وحدك أمين بل أنها مشكلتي الآن أيضاً.

          اقتربت منه وأمسكت يداه كان يرتعش :أبي ،هل أنت بخير ؟ أجبني .

          أجاب بصوت خائف : بخيـ ... بخيـر.

          _أبي هدأ من روعك لقد غادروا ، كلنا بخير ... لا تقلق أرجوك .

          قبل قليل كنت أشهد أجمل لحظات حياتي وكنت أتمنى أن تستمر ولكن لا تتحقق الأمنيات دائماً وهناك حاجز يقف في طريقي ،المختار، ما عدت أطيقه أبداً، لم أخبر والدي بما مررت به خلال الأربع سنوات الماضية بسبب المختار عدا عن ازعاجه المتواصل لي، تبادرت لذهني فكرة الخروج عن قوانين مجلس الشيوخ سأحمل المحصول وأذهب به إلى المدينة لدي الآن الشاحنة تسهل عليَ التنقل بحرية ، لاقت الفكرة الترحيب من الخالة مريم ورضوان ولكن أبي رفض ذلك : لا يا ابنتي ، لا تفعلي ذلك .

          _ولكن يا أبي ،مجلس الشيوخ يمنع وجود النساء التي تعمل في السوق .

          _صفاء ، هل تأكدت أن وجود مجلس الشيوخ قانونياً.؟

          _لا.

          _اذهبي إلى مكتبي ستجدين دفتر ملاحظات صغير في الدرج الأول ، مكتوب فيه أرقام هواتف لأصدقائي ،اتصلي بالسيد تيسير إنه محامي ، واطلبي منه الحضور .

          حضر السيد تيسير وكان أبي سعيداً لرؤيته، تأملت وجهه وقد أشرق مبتهجاً لرؤية صديقه القديم الذي كان مسافراً خارج البلاد ، عاد بالأمس فور اتصالي به ،اغرورقت عيناه بالدموع حين رأى أبي ممدداً في سريره غير قادر على الحركة أمسك بيده وانحنى نحوه باكياً، هذا هو الحب بين الأصدقاء مهما طال الفراق ذكريات الشباب محفورة في الذاكرة ، لم تتلوث علاقتهما بالمصلحة لأنها ذات أساس متين يحمل أسمى قيم .

          يتبع...

          تعليق


          • #6
            اعتذر القصه طويله للغايه لا يمكننى قرائتها او متابعتها

            اتمنى ان تجتهد بالقصص القصيره

            تحياتى وبالتوفيق
            مصر انتى أغلى درة
            فـوق جبين الدهـر غرة
            يا بلادي عيشي حرة واسلـمي رغـم الأعــادي




            تعليق


            • #7
              نصيحة لمن يريد وضع قصة طويلة في المنتدى
              هناك نقاط مهمة وجب لكل من يريد وضع قصة
              وبالخصوص في المنتديات منها :

              المساحة و الفراغات
              إنها نقطة مهمة فبها يستطيع القارئ أن يقرأ بكل راحة
              فشيء مهم أن تكون الجمل و الفقرات متباعدة
              ففي كل 4 ،5 إلى 6 كلمات العودة للسطر

              الخط ونوع وحجم ولون الخط
              يستحسن إختيار خط جميل مع حجم مناسب
              وأحيانا لون يناسب و يتأقلم مع لون الخلفية


              يستحسن دمج صور وتصاميم تناسب القصة
              فهذا سيزيد من جمال القصة ويخلي القارئ يندمج مع أحداث القصة

              وأخيرا هناك من يدمج القصة بأكملها في شريط أو أشرطة فيديو
              لكن هذا يتطلب لمجهود كبير و لو أنه ممكن و بالخصوص في منتدى
              متخصص بالتصاميم
              هذا و الله أعلم
              ليس مهم أن تتعلم برنامج ولكن الأهم أن تعرف ماذا ستفعل به

              تعليق


              • #8
                المشاركة الأصلية بواسطة BelievICan مشاهدة المشاركة
                اعتذر القصه طويله للغايه لا يمكننى قرائتها او متابعتها

                اتمنى ان تجتهد بالقصص القصيره

                تحياتى وبالتوفيق
                اعتذارك مقبول BelievICan

                لا أجبرك على القراءة ... وأنا على يقين تام أن المشكلة ليست طول القصة وإنما أمة إقرأ لا تحب أن تقرأ

                هناك من قرأ القصة كاملة دون توقف حتى النهاية ولم يعترضوا على طولها .. بل تمنوا لو أنها استمرت ...

                جربت كتابة القصة القصيرة ... ليست أسلوبي ...

                أحب هذا النوع من القصص حين أعيش الأحداث وكأنها حقيقة وأسردها بعفوية

                أشكرك على وقتك

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة NACBEN07 مشاهدة المشاركة
                  نصيحة لمن يريد وضع قصة طويلة في المنتدى
                  هناك نقاط مهمة وجب لكل من يريد وضع قصة
                  وبالخصوص في المنتديات منها :

                  المساحة و الفراغات
                  إنها نقطة مهمة فبها يستطيع القارئ أن يقرأ بكل راحة
                  فشيء مهم أن تكون الجمل و الفقرات متباعدة
                  ففي كل 4 ،5 إلى 6 كلمات العودة للسطر

                  الخط ونوع وحجم ولون الخط
                  يستحسن إختيار خط جميل مع حجم مناسب
                  وأحيانا لون يناسب و يتأقلم مع لون الخلفية


                  يستحسن دمج صور وتصاميم تناسب القصة
                  فهذا سيزيد من جمال القصة ويخلي القارئ يندمج مع أحداث القصة

                  وأخيرا هناك من يدمج القصة بأكملها في شريط أو أشرطة فيديو
                  لكن هذا يتطلب لمجهود كبير و لو أنه ممكن و بالخصوص في منتدى
                  متخصص بالتصاميم
                  هذا و الله أعلم
                  شكراً

                  على فكرة عدت وألقيت نظرة للقصة ووجدت أن لا جديد فيما ذكرته
                  يوجد فراغات والخط واضح ... الصور في القصة تكون مناسبة أكثر في قصص الأطفال

                  تعليق


                  • #10
                    الفصل السادس


                    لم أشأ أن أخبر السيد تيسير بمشاكل المزرعة أمام أبي ، إلا أن أبي أصر على البقاء في غرفته وإتمام حديثنا ،ارتحت كثيراً لوجود السيد تيسير فقد خفف من وطأة الأخبار المؤلمة على والدي وأسدل ستاراً من الطمأنينة لفني بحنان وطلب مني جمع المحصول وتجهيزه للتحميل ،بعد أن اتصل بأحد التجار ، أما موضوع مجلس الشيوخ فهو قانوني من حيث الحفاظ على نظام القرية حتى لا تسود الفوضى ولكن لا يحق لهم منع النساء من كسب لقمة العيش ، فمن حقهن العمل بالمزارع وبيع المحاصيل لسد حاجاتهن وخصوصاً إن لم يكن هناك من يعيلهن. انتهت زيارته لنا وطلب منا الإنتظار حتى يبت القانون في هذا الأمر وسيقدم شكوى ضد مجلس الشيوخ .

                    مرت الأيام بغيابك كأنها سنوات طويلة أنتظر صباحاً مساءً سماع أي خبر عنك دون فائدة ، أولئك الوحوش البشرية لم يطأوا قريتنا بعد ذلك اليوم ،هل عثروا عليك ؟هل أنت بخير ؟ هل سافرت ؟ أين أنت ؟ أظن أن اهتمامي بك ليس له داعٍ ، وجودك في الآونة الأخيرة أفسد أولوياتي ، حب أبي هو الأول ثم صديقتي والخالة مريم ورضوان أربعتهم كانوا وما زالوا أساس حياتي ... ولم لا تكون الأساس الخامس ؟ الحنين إليك موجود مهما طال غيابك أتخيل رؤية ظلك عند حدود الكرمة ، تطل من بعيد تنظر لشرفتي وتذهب.وصل اشتياقي لك حد الجنون والمرض ؟ تدمع عيناي لذكراك ، معرفتي بك قليلة ولكنك وضعت بصمتك باحتراف في حياتي، أغرقتني في بحر حبك وتسللت مبتعداً دون أن تترك أي أثر ، في ليلتي هذه سأدفن أشواقي المثقلة في وسادتي لعلك تعود يوماً وتفاجئني بابتسامتك .

                    استيقظت صباحاً وأشعة الشمس تملأ غرفتي على صوت جهاد التي كانت تزيح الستائر عن النوافذ قائلة : الطبيعة آسرة لطالما جذبتني ،سأودعها اليوم معلنة اشتياقي لها قبل أن أغادرها .

                    فتحت عيناي بصعوبة مع محاولات حسان بسحب الوسادة من تحت رأسي ، هو لا يعلم بأنني دفنت فيها شوقاً كبيراً. اقتربت جهاد مني: هيا انهضي ... حضرت اليوم لأمضي معك النهار بطوله .

                    تمتم حسان بكلمات لم أفهمها في البداية ولكنها كانت واضحة جداً حين استفقت من دهشتي : سنذهب إلى باريس.

                    سألت والخوف يحيط بي : صحيح ما يقول؟

                    أجابتني والإبتسامة لم تفارق محياها : نعم ، سأقيم في باريس .

                    صدمة الخبر المفاجيء جعلتني أفقد توازني للحظات ثم نهضت متجه نحو نافذتي أحدث أسراب الطيور : أنشدي يا طيور لحن صباح الشوق والفراق الحزين. قصة صداقتي مع جهاد هو نوع نادر من الحب ، جمعتنا طفولة ومراحل مدرسية وافترقنا عند المرحلة الجامعية حيث تابعت دراستها وبقيت أنا مع والدي للإعتناء به ، وعادت من جديد بعد زواجها لزيارتي من حين إلى آخر ، أما السفر فلم يخطر لي يوماً.

                    سألتها والحزن يخيم على صوتي : لماذا السفر ؟

                    اقتربت من النافذة وألقت بنظرها نحو السماء قائلة : الحرية، وربما الهروب ، لم لا نسميه حياة جديدة .

                    جلسنا حول المائدة لتناول الإفطار، هدوء خيّم عليّ ما زلت لا أصدق ولا أريد أن أصدق قصة سفر جهاد التي أخذت تعبث بالفطائر الساخنة وتقلب إحداها بيديها ثم قضمتها قائلة : فطائرك الشهية يا خالة لا أستطيع مقاومتها .

                    لم أحتمل اللا مبالاة التي تعيشها :أنت مصرة على الإبتسام والإستمتاع .

                    التفتُ نحو الخالة مريم وأخبرتها عن رحيل جهاد.تركتْ ما يشغلها من غسل الأطباق واقتربت منها، سألت والدهشة تملؤها : وزواجك وحياتك هنا ؟

                    أجابت بابتسامة استهزاء :تقصدين الكذبة التي أعيشها رغماً عني ، وحاولت مراراً الحفاظ على كمال الصورة أمام الجميع ،لقد سئمت تمثيل دور الزوجة السعيدة .

                    سألتها : أولست سعيدة بزواجك وحياتك ومنزلك الفخم ؟أي فتاة تتمنى أن تحيا حياتك .

                    أعادت جهاد الفطيرة للطبق : ليست المادة ما أصبوا إليه بل أبعد من ذلك،حب بلا شروط ... تعبت من التيه والإهتمام بحياة ليست لي ،سأبدأ من جديد في مدينة أحبها وسأحب كل ما فيها حتى لو تعثرت سأقف وحدي وأتابع تحقيق حلمي لعليَ أبلغ أسباب السعادة التي طالما حلمت بها .

                    أيَ جرح ينزف من قلبك هذه المرة ،هل هي نسمات الخريف الجافة القاسية مرة أخرى ، رأيت الدمع في عينيك مراراً ولكن كنت صامدة كصمود الجبال في وجه الريح العاتية.

                    _ما الذي جرى يا جهاد ؟

                    أجابت بحزم : انفصلنا .

                    حملتنا الكلمة لبعض الوقت إلى الدهشة حتى الخالة مريم لزمت الصمت كانت تحدثني عن حاجة الفتاة لزوج أظنها اكتشفت أن زمنها يختلف عما نعيشه اليوم ، لا تحتاج الفتاة لزوج بل إلى إنسان ،أحياناً الزواج كابوس تعيشه الفتاة ليلاً صباحاً ، أصعب زواج حين تضحي الفتاة بحياتها من أجل مصالح عائلية ، وتزداد صعوبة حين ترزق بطفل يقيدها بهذه المعاهدة وتناضل للبقاء من أجله .نسيت أمر غيابك برهة ، المواضيع النسائية لا تخلو من ذكر الرجال محاسنهم أو مساوئهم، ها أنت تعود لرأس القائمة تتجول في مخيلتي كيف تشاء تسكن ثناياها تاركاً أثراً جميلاً وابتسامة على وجهي فضحتني أمام صديقتي .

                    _أخبريني ما سر هذه الإبتسامة؟

                    رن جرس الهاتف قبل أن أجيب على سؤالها ونهضت لأجيب رفعت سماعة الهاتف فإذا بصوت ليس غريب عليَ بل شعرت بدفئه إنه أنت : ألو .... منزل السيد نبيل....

                    أجبت بسؤال وكأني لم أعرفك : من يتكلم ؟

                    _صفاء ...

                    سمعت اسمي بصوتك الدافيء حاولت منع نفسي من البكاء .

                    _نعم ...

                    _أنا أمين ...الموضوع مهم للغاية .

                    _ما الأمر ، لقد أخفتني ...

                    _صفاء .. آسف لأنني لم أمر للإطمئنان عليكم ولكن هناك أسباب منعتني ، أهمّها ... لا أريد أن أسبب الأذى لك أو لعائلتك .

                    _تكلم ...

                    _صفاء ... حين أصلحت الشاحنة اكتشفت بأنها ليست معطلة بالمعنى الحرفي بل أن الحادث الذي أصاب والدك كان مفتعلاً .

                    _كيف؟

                    _وجدت بعض الأسلاك مقطوعة أتعجب أن الشرطة في ذلك الوقت لم تنتبه لهذه النقطة .

                    _هل أنت متأكد ؟

                    _سأمر لألقاك في المساء الأمر مهم .... إلى اللقاء .

                    أغلقت سماعة الهاتف وكأني أحلم شرد ذهني مع كلماتك من يريد أن يؤذي أبي من له مصلحة في ذلك، تقدمت جهاد نحوي تتساءل عما يحدث .

                    أجبتها بهدوء : سيأتي ضيف في المساء .

                    _ هل أعرفه ؟

                    _ نوعا ً ما ، إنه الشاب الذي أخاف حسان قبل مدة .

                    _ ولماذا ؟ هل عاد مجدداً؟هيا لنجلس أخبريني عن التطورات ...

                    بماذا سأخبرها بحب من طرف واحد أشغل نفسي به ،اهتمامك بي لا يعني بأنك تحبني ربما أرسلك القدر لتكون منقذاً لي من وسط الدوامة التي أعيشها ، وجودك لحمايتي ومساعدتي ولا يجب أن يأخذني خيالي لأكثر من ذلك.

                    جلسنا في الشرفة كالمعتاد وقدمت الخالة مريم الشاي ثم غادرت.

                    _هيا ابدئي الكلام ...

                    أردت الحديث بلا توقف ، لم أفعل بل اكتفيت بقول : عاد لرد الجميل .

                    _كيف ؟ هيا تكلمي ...

                    جهاد لن تستسلم ستظل جالسة تنظر إلي بانتباه حتى أجيب : عاد ليرد جميل انقاذي لحياته وقام بإصلاح الشاحنة .

                    كانت جهاد مهتمة لمعرفة المزيد ولكن شيء من القلق تسلل إليها :كيف عرف بأمر الشاحنة؟ إنها في المرآب منذ وقت طويل ،حتى أنا نسيت أمر وجودها، هل كان يتسكع في المكان في تلك الليلة لا بد أنه لص كيف سمحت له بالدخول؟ ماذا حدث لعقلك؟

                    _ أرجوك توقفي ، ليس لص ...

                    _وكيف تعرفين؟

                    ها هي جهاد تستخدم أسلوب جذب الكلام وأنا أخبرها بما تود سماعه: بعد أن غادرتي توجهت للسوق لشراء بعض القطع للشاحنة وصادفته هناك وعرف بأمر الشاحنة ، ثم عاد وأصلحها دون مقابل .

                    _ حسناً ، رد لك الجميل ، ماذا يريد الآن ؟ أخبريني هل هناك أمر تخفيه عني ؟ أجاباتك المتقطعة لا توحي بأن الأمر رد جميل فقط .

                    _ أرجوك جهاد توقفي عن طرح الأسئلة ، أخبرتك بكل شيء أعرفه .

                    _ وهناك ما تجهلينه .

                    نعم ، فأنا أجهل أهميتي عندك ولكن إجابتي كانت مختلفة عما أفكر به ،بل هو الأمر الأهم : سيعود اليوم لنتحدث بأمر الشاحنة لأنها ليست معطلة بل أراد أحدهم أن يؤذي أبي .

                    تفاجأت جهاد : من يريد أن يؤذي السيد نبيل إنه أنبل رجل على وجه الأرض ؟؟!!!.

                    _ سأذهب لإجراء مكالمة هاتفية ، سأطلب من المحامي الحضور إنه صديق والدي .

                    _ هيا بنا .

                    وصل السيد تيسير وجلسنا ننتظر قدومك ،عقارب الساعة تدور ببطء، الكل مشغولون بتفكير صامت ، ركزت تفكيري بسؤال واحد : من يريد أن يؤذي أبي؟

                    رضوان مندفع بتفكيره إلا أنه نطق اليوم بأمر مهم : أظن أن المختار له ضلع في هذه الحادثة .

                    نظر السيد تيسير باهتمام نحوه : هل لديك دليل ؟ ماذا تعرف عنه ؟

                    _ إنه شخص جشع يحب إمتلاك الأراضي ولا يحب أن يتفوق عليه أحد .

                    لم تصبر جهاد وانضمت للنقاش : معه حق ، لقد قلت بأنه يضايقك ببيع المحصول ويضيق عليك الخناق كي تستسلمي وتبيعي الأرض له .

                    كنت مشوشة في تلك اللحظة :نعم إنه يضايقني .

                    وأكملت جهاد : وابنه يريد الزواج بك ، أنت الوريثة الوحيدة للسيد نبيل .

                    وقف السيد تيسير واضعاً يده اليسرى خلف ظهره وقبضة يده اليمنى أسفل ذقنه أظنه يفكر بجدية ، ساد الصمت لبرهة ، سمعنا طرق الباب وتوجهت الأنظار نحوه ، ها أنت تظهر ،لهفي لرؤيتك ومعرفة ما لديك من أخبار .

                    رحب رضوان بك وعرّفك على السيد تيسير وجهاد وعرفهما بك قائلاً: السيد أمين هو من اكتشف أمر الأسلاك المقطوعة في الشاحنة .

                    ردت جهاد : أهلا بك . لم تعجبني نظرتها لك ، لا بد أنها تذكرت ما أصاب حسان في ذاك اليوم.

                    ولكنك ابتسمت قائلاً : تشرفت بمعرفتكما ، إذا سمحتم لي أرغب أن يشاركنا السيد نبيل هذا الإجتماع .

                    تفاجئني في كل مرة وربما هذا ما يشدني إليك سألتك : كيف ذلك ؟

                    _ أحضرت كرسي مدولب ، سيجلس معنا ويشاركنا الحديث لعله يعرف أمراً صادفه يوم الحادثة يمكننا من الوصول للفاعل .

                    قالت جهاد بأسلوب تهكم : الأدلة كلها تشيرإلى المختار هذا ما وصلنا إليه .

                    حسناً ، أسلوبها في الكلام معك لا يعجبني أبداً ، ولكنك ابتسمت مرة أخرى وقلت : هذا جيد ، كنت أفكر بأنه الفاعل أيضاً .

                    سألتك جهاد : وكيف عرفت ؟ أنت غريب عن القرية ولا تعرف شيئاً .

                    _ أخبرتني صفاء ، كنت معها حين قابلناه وبدا أنه لا يتمنى الخير لهذه العائلة .

                    التفت نحوي : هل تسمحين لي بالصعود ؟

                    _ نعم تفضل ، رضوان رافقه لو سمحت .

                    بعد أن صعدتما لاحظ السيد تيسير توتر جهاد فتبعكما وتركنا بمفردنا.

                    لم تتمكن جهاد من الهدوء : هل بقي ما تخفيه عني ؟ عاد لرد الجميل ؟!! منذ متى تخفين عني أخبارك ؟ ألم تجدي سوى هذا الرجل ؟

                    _ جهاد ما بك؟ حدث سوء تفاهم وهو شخص نبيل لم أر منه سوء.

                    _ توقفي ولا تتكلمي كالبلهاء إنه صديق زوجي ...

                    توضحت الأمور الآن ، عرفت سبب النبرة الحادة التي تكلمك بها .

                    تابعت حديثها :إنهما صديقان منذ زمن كانا يرتادان نفس المدرسة ، لم أعرفه في ذاك المساء لأنه كان أشعث وهندامه غير مرتب .

                    _إهدئي جهاد ، صديق زوجك هذا لا يعني بأنه يشبهه ، آسفة لأني لم أخبرك بكل ما حدث معي ولكن أرجوك أن تتماسكي بوجوده ولا تدعي مشاعرك تؤثر في قراراتك.

                    وجهت نظري نحو الدرج ، إطلالتك خلف المقعد وأنت تقوده جعلتني أشعر بالأمان والدي بين يديك ، هو أغلى ما أملك ،أنا ممتنة لوجودك معنا لقد أثرت بشكل إيجابي في حياتي وكل يوم أشهد شيئاً جميلا ، أنت تنثر السعادة في حياتي وهي ما أفتقده منذ مدة، وصلتم للصالة اقتربت من والدي وقبلته على جبينه هذه أول مرة يخرج من غرفته بعد الحادثة فرحتي بوجوده كبيره ، كادت دموعي تنهمر ،ولكنك اقتربت مني حاملاً منديلا ً ناولتني إياه وهمست في أذني : لقد مهدت له الموضوع لنتكلم الآن .

                    بدأ والدي بسؤالك : كيف عرفت بأنها لم تقطع بسبب الحادث ؟

                    بدت الثقة في كلماتك : من شكل القطع ، لأنه منتظم ... لو كان بسبب الحادث لما كان بهذا الشكل ، أخذت الأسلاك معي وعرضتها على صاحب محل تصليح وأخبرني بذلك ثم قام بتجربة الأدوات التي يتم بها قطع الأسلاك وعرفنا الأداة التي نبحث عنها ، في آخر مرة رأيت فيها صفاء ...

                    سكوتك فجأة هذا يعني أنك لم تكن مستعداً لقول التالي ، فهمت صمتك ، أمر العصابة التي تهددك يجب ألاّ ينتشر ، أردت منك أن تتابع الحديث دون خوف :تابع كلامك ربما يجد السيد تيسير حلاً لمشكلتك أيضاً.

                    أيدني السيد تيسير قائلاً: أكمل كلامك ولا تقلق ...

                    _حين اختبأت في بيت المؤن الخاص بالمختار هرباً من العصابة التي تطاردني وجدت شيئاً لم أتوقعه في هذه القرية المحافظة والتي تهتم بالحفاظ على الأخلاق والعادات والتقاليد السائدة من عدم الإختلاط في السوق وما إلى ذلك من أمور يتحدث بها المختار ...

                    سألك والدي : ماذا وجدت ؟

                    _ أليس بيت المؤن لحفظ ما يحتاجه الشخص لمزرعته وبيته ؟وجدت فيه براميل كبيرة كانت تفوح منها رائحة مركزة وقوية ، اكتشفت بأنه يصنع الخمر من محصول العنب وعرفت بأنه يقوم بهذا العمل منذ مدة من تخمّر العنب لأنه ليس جديداً .

                    تيسير : وما علاقة الخمر بالأسلاك ؟

                    أمين : الأداة التي استخدمت لقطع الأسلاك هي نفس الأداة التي وجدتها بين البراميل .

                    نبيل : من صفاته اللؤم والخبث ، ولكن لا أتوقع أن يصدر منه هذا التصرف.

                    الخالة مريم : شكك أغلب أهل القرية بأن تكون وفاة والده عادية ، لا أتعجب من تصرفه .

                    نبيل : لا نريد ظنون وأحاديث يتناقلها الناس .

                    الخالة مريم : هل نسيت أمر زوجته وبناته ؟

                    صفاء : ما الأمر ؟

                    الخالة مريم : لو كانت بناته على قيد الحياة لكانت أصغرهن تكبرك بخمس سنوات .

                    تيسير : ماذا أصابهن ؟

                    الخالة مريم : أراد أن يرزق بولد ، وكانت تنجب زوجته بنتاً في كل حمل ،وقبل أن تلد زوجته المولود الجديد كانت تموت البنت السابقة، ألا يدعو هذا الأمر للريبة أيضاً.

                    جهاد : يا إلهي !

                    تيسير :ما تقولينه حصل منذ زمن ألم يسأل أحد أو يبلغ الشرطة مثلاً؟

                    نبيل : أهل القرية بسطاء جداً ويتناقلون الإشاعة دون التأكد منها ، ولا نعرف إن كانت وفاتهن طبيعية أم جريمة .

                    تيسير : والأم ؟

                    الخالة مريم : ماتت بعد أن أنجبت ولداً بثلاث سنوات تقريباً.

                    تيسير :بدون أدلة لا نستطيع أن نتهمه بأي شيء ، ولا حتى الحادث الذي أصابك نبيل .

                    أمين : القطاعة بحوزتي ربما نجد بصمات عليها إذا عرضناها لمكتب تحقيقات .

                    تيسير : هذا ليس دليلاً ، أي شخص لديه مثل هذه القطاعة في بيته يستخدمها في أعمال مزرعته.

                    أمين : إن كان الأمر كذلك لم لا يحفظها في مكان العدة كانت تغطيها الأتربة ، ولولا أني دست عليها لما عرفت بوجودها .

                    تيسير : وإذا سألت عن سبب دخولك لمزرعته ، بماذا ستجيب ؟ هنا ندخل في موضوع مشكلتك هل أنت جاهز للحديث ؟

                    كانت أطول ليلة تمر عليّ طال الحديث فيها بين أسئلة واستنتاجات ،قضيتنا ضد المختارتتوقف على الأدلة إذا توفرت استطعنا وضع حداً له ،أما قضيتك فهي معقدة كما قال السيد تيسير ومن الصعب القبض على عصابة تتفرع جذورها في أكثر من دولة وهناك من يتستر عليها في قسم الشرطة ستحتاج إلى الإنتظار لكشف رجال الشرطة الفاسدين ومن ثم رجال العصابة وربما تضطر للبقاء بعيداً عن الأنظار .



                    يتبع ...

                    تعليق


                    • #11
                      يا رجاء الفرح هذا منتدى خاص بالمصممين
                      أتحدى أي شخص هنا لديه الوقت الكافي لقراءة ما كتبتيه
                      فكل منتدى وله أصحابه لذلك فعلا وكما ذكرت هناك من يقرأ القصة بكاملها
                      نظرا لعدة أسباب و ضروف لا داعي لذكرها
                      لكن في منتدى خاص بالتصاميم فعليك الأخذ بعين الإعتبار أين تكتب
                      ثم من قال أنه من يدمج تصاميم أو صور في قصة يصلح للأطفال
                      نفسي أعرف كيف إستنتجت ذلك ؟
                      لأن علماء النفس و المتخصصين في السمعي البصري يقولون العكس
                      فأرجو الإنتباه وأخذ النصيحة
                      ولا تدخلي شعارات بالكوبي بست كأمة إقرأ لا تحب أن تقرأ
                      فمش بالعفية نقرأ
                      ثم أن عرض القصة مثل البضاعة يجب حسن تغليفها و تزيينها
                      بما ذكرته سابقا وحتى هذا التغليف و التزيين يختلف من منتدى لآخر
                      لو في منتدى الأدباء و كتاب القصص ما في بأس
                      لكن كمنتدى المصممين ؟ إيه هنا يحتاج لوقفة و تأمل

                      لأن المصمم يقضي وقت كبير في التصاميم
                      فمن أين يجد الوقت لقراءة القصص الطويلة
                      لذلك قال لك الأخ ألي من قبلي أنه حبذا لو كانت القصة قصيرة
                      هذا لا يعتبر نقص أو تقليل من القصة و الجهد المبذول
                      ولكن يجب مراعاة أين و مع مين و نوعية القراء
                      أتمنى لك التوفيق وأتمنى أن أجد وقت لقراءة كقصتك وشكرا
                      ليس مهم أن تتعلم برنامج ولكن الأهم أن تعرف ماذا ستفعل به

                      تعليق


                      • #12
                        المشاركة الأصلية بواسطة nacben07 مشاهدة المشاركة
                        يا رجاء الفرح هذا منتدى خاص بالمصممين
                        أتحدى أي شخص هنا لديه الوقت الكافي لقراءة ما كتبتيه
                        فكل منتدى وله أصحابه لذلك فعلا وكما ذكرت هناك من يقرأ القصة بكاملها
                        نظرا لعدة أسباب و ضروف لا داعي لذكرها
                        لكن في منتدى خاص بالتصاميم فعليك الأخذ بعين الإعتبار أين تكتب
                        ثم من قال أنه من يدمج تصاميم أو صور في قصة يصلح للأطفالنفسي أعرف كيف إستنتجت ذلك ؟
                        لأن علماء النفس و المتخصصين في السمعي البصري يقولون العكس
                        فأرجو الإنتباه وأخذ النصيحة
                        ولا تدخلي شعارات بالكوبي بست كأمة إقرأ لا تحب أن تقرأ
                        فمش بالعفية نقرأ
                        ثم أن عرض القصة مثل البضاعة يجب حسن تغليفها و تزيينها
                        بما ذكرته سابقا وحتى هذا التغليف و التزيين يختلف من منتدى لآخر
                        لو في منتدى الأدباء و كتاب القصص ما في بأس
                        لكن كمنتدى المصممين ؟ إيه هنا يحتاج لوقفة و تأمل

                        لأن المصمم يقضي وقت كبير في التصاميم
                        فمن أين يجد الوقت لقراءة القصص الطويلة
                        لذلك قال لك الأخ ألي من قبلي أنه حبذا لو كانت القصة قصيرة
                        هذا لا يعتبر نقص أو تقليل من القصة و الجهد المبذول
                        ولكن يجب مراعاة أين و مع مين و نوعية القراء
                        أتمنى لك التوفيق وأتمنى أن أجد وقت لقراءة كقصتك وشكرا
                        يا nacben07 هذا قسم أطراف الحديث ( استراحة الأعضاء ) أي نتبادل الحديث في مواضيع خارج التصميم .

                        أنا في المنتدى منذ خمس سنوات ولي قراء في المنتدى ساهموا في تقديم النصيحة لي وكانوا سبباً في تقدمي وتطور أسلوبي .

                        بالنسبة للصور ولما تعرفه أنت من رأي علم النفس ... بالنسبة لي قرأت كتب عن كتابة القصة ولم يذكر فيها وضع صور ... حين أقرأ لا أحب أن تستوقفني صورة ، الصور لتوضيح فكرة الكاتب أما القصة لك حرية تخيل الشخصية والأحداث.

                        تتهمني بادخال شعارات !!!! أنت لا تعرفني فلا تحكم عليّ... عن أي شعار تتحدث كتبتها بشكل عفوي هل نسيت أنك في موضوع قصتي التي كتبتها أنا ؟؟؟؟ لست بحاجه للكوبي بيست .

                        القصة ليست بضاعة كما تصفها لأنها تفقد قيمتها ....بل هي مشاركة مع أعضاء المنتدى كأي موضوع آخر .

                        أمضيت سنة في كتابة قصتي وأردت رفعها في المنتدى لأني اعتدت على ذلك منذ سنوات وهناك أعضاء يقدمون النصيحة بأسلوب راقي محبب بعيداً عن الإجبار ...

                        أكرر القصة القصيرة ليست أسلوبي ... عفواً ... أنا كتبت القصة وانتهيت ثم تأتي لتقول لو كانت القصة قصيرة ؟؟؟!!!!!!
                        شكراً على وقتك ....

                        ملاحظة :
                        ياريت تنتبه لكلماتك باللون الأحمر ... لأنها منفره ... وأمر آخر ... كنت أتمنى أن تعلق على القصة بعد قراءتها وليس قبل ذلك ... واضح أنك تحكم على الأمور من مظهرها الخارجي.

                        تعليق


                        • #13
                          المشاركة الأصلية بواسطة NACBEN07 مشاهدة المشاركة

                          من قال أنه من يدمج تصاميم أو صور في قصة يصلح للأطفال
                          أنت فعلت....

                          أما ما كتبته أنا :الصور في القصة تكون مناسبة أكثر في قصص الأطفال ... لا تحرف كلامي ...

                          تعليق


                          • #14
                            الفصل السابع الأخير

                            مع بزوغ فجر جديد توجه الجميع للنوم ولو لبضع ساعات بحثاً عن الراحة ، شعرت بالأرق ولم أستطع النوم كانت أشعة الشمس تحاول اختراق ستائر غرفتي ، فسمحت لها بالدخول انتشرت أشعتها وكأنها تخبرني أمراً ما ،فتحت باب الشرفة وتقدمت أنظر نحو الكرمة فإذا بك تدفع الكرسي المدولب أنت وأبي تتجولان في الكرمة ابتسمت ودمعة في عيني :أبي العزيز اشتاقت هذه الأرض لخطوات أقدامك .

                            وصلت إليكما وكان الإنزعاج واضحاً على وجه أبي : صباح الخير، أبي هل أنت على ما يرام؟

                            إن الموقف صعب جداً عليه بعد سنوات من الإعتناء بكرمته اليوم لا يستطيع أن يدوس ترابها كمن وقف أمام من يحب بعد غياب ولا يستطيع أن يضمه . قاطعت أفكاري قائلاً: صباح الخير صفاء، يبدو أن السيد نبيل متعب لنأخذه إلى غرفته .

                            بعد أن صعدنا للغرفة واستلقى أبي على سريره رأيت كلاماً في عينيه لكنه لم يبح بشيء منه ، اقتربت منك وسألتك : ما الأمر أبي ليس على ما يرام ؟

                            أجابني بصوت حزين : يا ابنتي ... تبادلت الحديث مع أمين ، لن نسكت على هذه الحال ، سأطلب من تيسير أن يبلغ مكتب التحقيقات ، أما أنت يا بني ... اذهب من هنا وكن حذراً .

                            ستغادرنا سيعود الفراغ كما كان قبل أن ألقاك ،في عينيك نظرة حزن ، تودعني بها من بعيد .

                            _ وداعاً.

                            قلت تلك الكلمة وخرجت من الغرفة ، ألم تفكر بأن قلباً ينبض بوجودك ؟ تناسيت الخطر المحدق بك لعلّي كنت أنانية وأردت السعادة لنفسي على حساب الأمان الذي تنشده ،لا أستطيع أن ألومك فأنا من اخترعت كذبة حبك ، قادتني هواجسي نحوك أردتك حبيباً وزوجاً تسرعت بحبك تسرعت لدرجة أنني فقدت بصيرتي وقادتني جوارحي نحو نهاية حزينة شوهها الألم، شعرت بفراغ أحتاج وجود أمي ،أمي لم لست معي؟ أحتاج حضنك أريد البكاء على صدرك ، أريد إخبارك عمن أحبه .ما أصعب أن أحب إنسان لا أستطيع البقاء معه !!

                            مر شهر بأكمله تم فيه البحث والتدقيق في أمور كثيرة تخص القرية وجمع المحققون أقوال أهل القرية لن تصدق ما حدث بعد العثور على بعض الأدلة اختار ابن المختار الإعتراف مقابل تخفيف العقوبة ، فقد أرسله والده لقطع أسلاك شاحنة أبي، وأبشع جرائمه قتل زوجته وبناته، استتر تحت غطاء العادات والتقاليد يظهر للناس ما ليس عليه ، وقد انكشف أمره، حياته تخلو من الحب لا شيء مهم سوى المنصب والمال حتى إنه خسر حب أقرب الأشخاص له ابنه .

                            تمت مصادرة أملاكه ، سيمضي ابنه وقتا في السجن ، أما المختار فمصيره الإعدام كيف استطاع أن يقتل بيديه من أمنته على روحها ؟كيف أطاعته نفسه على قتل بناته الصغيرات ؟لم يجد الحب طريقاً إلى قلبه بل حقد على كل ذي مال وعيال ، أما مجلس الشيوخ تم الحكم عليه بغرامة مالية كبيرة يتم دفعها للأرامل والمطلقات لتعويضهن عن سنوات من الحاجة .هذا ما حكمت به المحكمة ، حاجة المرأة لا تتوقف عند المال فقط بل إن اهتمام المحكمة بحقهن هو السبب الحقيقي وراء سعادتهن فلا بد للظلم أن ينجلي ، كنت برفقة السيد تيسير ورضوان عند اصدار الحكم ، خرجنا والإبتسامة تعلو وجوهنا ، التفت نحو الأشجار التي على جانب الطريق ، كنت تقف خلف إحداها رأيتك وتوجهت نحوك أردت إخبارك بما حصل لكنك فاجأتني بقبلة قوية على شفتي ، أبعدتك بكلتا يدي وقد اغرورقت عيناي لم أستطع الرؤية أمامي .سمعتك تناديني : صفاء أنا أحبك.

                            لم أهتم لكلماتك،أنت ابن المدينة ربما تكون معتاد على هذا الأمر وربما لك تجربة سابقة أما أنا ابنة القرية لست كما تظن أنا مختلفة تماماً أنا لست من ذاك النوع، تلقيت تربيتي على يد رجل محترم ومحافظ وعشت أحفظ نفسي من كل ما يشوبها ،هذا الأمر أصابني بقشعريرة سرت في جسدي تقودني قدماي على غير هدى ، سمعت صوت سيارة تقترب مسحت دموعي ونظرت إليها فإذا به السيد تيسير ورضوان فتحت الباب الخلفي وجلست ، السيد تيسير كان يطمئن علي من خلال المرآة أما رضوان لم يتكلم ، لم يعلق ،تبادر لذهني كلماته في ذاك اليوم حين ظهرت فجأة : أرأيت كيف يستغل الشباب الفتيات الطيبات ؟ أظنه قد انخدع بك أيضاً ربما يحمل نفسه المسؤولية لأنه سمح لك بدخول البيت كيف سأخبره بأنه ليس مسؤولاً عما جرى بل أنا التي يجب أتحمل كامل المسؤولية ما كان علي أن أذهب إليك وحدي ، صراع في داخلي بين الكراهية والمحبة تائهة نحو أيّهما أميل ، أكره ما فعلته وأحبك إنسان ،تساؤلات ملأت عقلي هل كانت ابتسامتك مزيفة؟ هل حبك مجرد هفوة سطرت على دفتر حياتي؟ هل حقاً لا وجود للحب ؟!!!



                            النهاية.

                            تعليق


                            • #15
                              نعمش.. اشك ان صاحب الشارب هو اللص فغالبا الهارب في النهار هو من يكون اللص خصوصا اذا اختبأ انتبهي منو احسن ما تندمي :-d
                              عفكرة استغرقت قراءة اول مقطع دقيقتين وثلاث وخمسين ثانية اذا ضربناها بسبع مقاطع اشك ان تعتبر هذه قصة طويلة :-)
                              ((وقل رب زدني علما))

                              التاريخ ليس سوى كذبة متفق عليها !
                              (نابليون بونابرت)

                              إن لَم تشعُر بتناقُض فيما يدُور حولك فاعلم أنّ المسافة التي تُبعِدك عن كوكب الأرض ليست بالقليلة !
                              (مارلن كلافر)
                              chidory سابقا

                              تعليق

                              يعمل...
                              X