-10-
أيام ثلاثة ، بعدها تقف ( نشوى ) وسط زملائها ، بينما تلتمع حول أصبعها الدبلة الذهبية ، التي وافقت أن يحيط ( حازم ) إياه بها حين كان حفل خطبتها البهيج ، و الذي دعت إليه جميع أصدقائها ، و ها هي الآن تقف معهم ، يمزحون و يثرثرون ، مدركة في ثقة أن أحدا لن يمكنه أن يتجاهلها بعد الآن ..و لا حتى ( حازم ) ..
و كانت على حق ..
فمنذ أن ذاع خبر خطبتها في الجامعة ، و هي تلحظ نظراته الحانقة و وجهه الشاحب ، و تقوقعه حول ذاته ، كلما تناهى إلى مسامعه حديث حول خطبتها ، أو لاحت له ، و هي تستقل السيارة بصحبة ( مجدي ) ، أو طاف بمخيلته قديم حبه لها .
و تمر الأيام ..
و كما يحدث دائما ، منذ تمت خطبتها ، يقوم ( مجدي ) بتوصيلها ، بسيارته الأنيقة ، من و إلى الجامعة ، تتبعه نظرات الغيرة من زميلاتها ، اللائي يتمنين أن يحظين بشاب مثله ، و نظرات الحسد من زملائها ، لارتباطه بها .
لكنه لم يكن سعيدا ..
و هن لم يعرفن مطلقا مقدار تعاسته ..
فهما ، و خلال لقاءاتهما العديدة التالية ، لم يتبادلا إلا القليل من الكلمات ..
بل الأقل ..
فهي ترى انه لا يستحقها ..
فكيف يحبها كل هذا الحب ؟ ، بينما هجرها حبيبها الوحيد ..
و ما دامت لم تستطع الوثوق بـ ( حازم ) ، الذي احبته كل هذا الحب ، فهي لن تثق أبدا به ..
بل تراه وسيلة للانتقام ..
وسيلة ناحجة ..
لكنها تخشى الغد ..
تخشى اقتراب موعد قرانها ، الذي تأجل كثيرا ، و لأسباب عديدة ..
مزيد من التعارف ..
فرصة للتأقلم ..
إتمام دراستها ..
و هو وحده كان يعلم السبب الحقيقي ..
إنها لا تحبه ..
و بالرغم من رقته تجاهها ، حبه إياها ، و حرصه الدائم على إسعادها ..
و قد كان يعلم هذا ، منذ اليوم الأول لارتباطهما ..
حديثها الجاف ..
تجاهلها إياه ..
معاملتها السيئة ..
و ذلك الحاجز الضخم ، التي تصر على أن يحول بينها و بينه ..
حاجز من المقت ..
كل هذا و هو يخفي في اعماقه ..
و يصبر ..
و يحتمل ..
حتى أن أهليهما لا يعلمون بهذا الأمر ..
و أسرتيهما تحسبان انهما في قمة سعادتهما ..
كل هذا جال بخاطره ، فأوقف السيارة ، و ابتسم برقة ، موجها حديثه إليها :
- عزيزتي ، ما رأيكِ أن نتوقف هنا ، و نتناول شيئا ما ؟
أجابته بحدة ، من دون ان تلتفت إليه :
كلا ، إنني متعبة ، و أريد العودة إلى المنزل .
أطاعها من دون ان ينبس ببنت شفة ..
بينما يحمل في اعماقه الكثير ..
يتبع ...
تعليق