Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الاختيار ( قصة قصيرة )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    -10-
    أيام ثلاثة ، بعدها تقف ( نشوى ) وسط زملائها ، بينما تلتمع حول أصبعها الدبلة الذهبية ، التي وافقت أن يحيط ( حازم ) إياه بها حين كان حفل خطبتها البهيج ، و الذي دعت إليه جميع أصدقائها ، و ها هي الآن تقف معهم ، يمزحون و يثرثرون ، مدركة في ثقة أن أحدا لن يمكنه أن يتجاهلها بعد الآن ..
    و لا حتى ( حازم ) ..
    و كانت على حق ..
    فمنذ أن ذاع خبر خطبتها في الجامعة ، و هي تلحظ نظراته الحانقة و وجهه الشاحب ، و تقوقعه حول ذاته ، كلما تناهى إلى مسامعه حديث حول خطبتها ، أو لاحت له ، و هي تستقل السيارة بصحبة ( مجدي ) ، أو طاف بمخيلته قديم حبه لها .
    و تمر الأيام ..
    و كما يحدث دائما ، منذ تمت خطبتها ، يقوم ( مجدي ) بتوصيلها ، بسيارته الأنيقة ، من و إلى الجامعة ، تتبعه نظرات الغيرة من زميلاتها ، اللائي يتمنين أن يحظين بشاب مثله ، و نظرات الحسد من زملائها ، لارتباطه بها .
    لكنه لم يكن سعيدا ..
    و هن لم يعرفن مطلقا مقدار تعاسته ..
    فهما ، و خلال لقاءاتهما العديدة التالية ، لم يتبادلا إلا القليل من الكلمات ..
    بل الأقل ..
    فهي ترى انه لا يستحقها ..
    فكيف يحبها كل هذا الحب ؟ ، بينما هجرها حبيبها الوحيد ..
    و ما دامت لم تستطع الوثوق بـ ( حازم ) ، الذي احبته كل هذا الحب ، فهي لن تثق أبدا به ..
    بل تراه وسيلة للانتقام ..
    وسيلة ناحجة ..
    لكنها تخشى الغد ..
    تخشى اقتراب موعد قرانها ، الذي تأجل كثيرا ، و لأسباب عديدة ..
    مزيد من التعارف ..
    فرصة للتأقلم ..
    إتمام دراستها ..
    و هو وحده كان يعلم السبب الحقيقي ..
    إنها لا تحبه ..
    و بالرغم من رقته تجاهها ، حبه إياها ، و حرصه الدائم على إسعادها ..
    و قد كان يعلم هذا ، منذ اليوم الأول لارتباطهما ..
    حديثها الجاف ..
    تجاهلها إياه ..
    معاملتها السيئة ..
    و ذلك الحاجز الضخم ، التي تصر على أن يحول بينها و بينه ..
    حاجز من المقت ..
    كل هذا و هو يخفي في اعماقه ..
    و يصبر ..
    و يحتمل ..
    حتى أن أهليهما لا يعلمون بهذا الأمر ..
    و أسرتيهما تحسبان انهما في قمة سعادتهما ..
    كل هذا جال بخاطره ، فأوقف السيارة ، و ابتسم برقة ، موجها حديثه إليها :
    - عزيزتي ، ما رأيكِ أن نتوقف هنا ، و نتناول شيئا ما ؟
    أجابته بحدة ، من دون ان تلتفت إليه :
    كلا ، إنني متعبة ، و أريد العودة إلى المنزل .
    أطاعها من دون ان ينبس ببنت شفة ..
    بينما يحمل في اعماقه الكثير ..

    يتبع ...
    Mr Professional

    تعليق


    • #17
      -11-
      حينما حان موعد عودتها إلى المنزل ، سارت ( نشوى ) بمفردها ، في رواق الكلية ، في هدوء ، لكن شهقة مكتومة لم تخرج من حلقها ، حين فوجئت بمن يجذبها نحو أحد الجوانب ، فالفتت نحوه ، و ...
      و خفق قلبها في عنف ..
      فقد كان هو ..
      ( حازم ) ..
      و كادت تنادي باسمه ، من وقع المفاجأة ، إلا أنه أشار إليها بالصمت ، و اقتادها نحو ساحة قد خلت من الطلبة ، و أخيرا استطاعت أن تنطق ، بقلب مضطرب ، و شفتين مرتجفتين :
      - ( حازم ) .. ؟
      أجابها ، بنفس الرقة التي عهدتها منه دائما :
      - نعم ، أنا ، يا حبيبتي .
      شعرت بقلبها يختلج بشدة لكلماته ، و أن جل مقاومتها قد تحطمت بغتة ، بينما استطرد هو بلهفة :
      - لقد عدتُ إليكِ ، يا حبيبتي ، أنا أحبكِ ، و لا أحتمل الحياة بدونكِ ، سامحيني .
      قالها ، قبل أن يتناول أناملها الرقيقة بين كفيه ، و يلثمها ، حتى أنها شعرت بقشعريرة تسري في بدنها ، و بدمعة تترقرق في عينيها ، و ودت لو ألقت بنفسها بين ذراعيه ، لا مانع لها إلا حياؤها و كبرياؤها ، فهمهمت في خفوت ، في لوم ، بينما سالت العبرات من مقلتيها في غزارة :
      - ما الذي فعلتـَه ، يا حبيبي الوحيد ؟ ، ما الذي فعلتـَه بي ؟ ، و انا التي لم تحب سواكَ .
      فأتتها همساته الخافتة المتهدجة :
      - لا أريد أن ينتهي حبنا هكذا ، زهرتنا الجميلة ، التي حيت بمشاعرنا ، و ارتوت بآمالنا و أحلامنا ، هل سيكتب لها ان تذبل و تموت هكذا ؟ ، الا تسامحينني ؟
      افتر ثغرها عن كلمة بغت قولها ، إلا أن صوتا مألوفا لآلة تنبيه سيارة أتاها ، فصمتت ، و لم يفت ( حازم ) أن يلمح ذلك الاضطراب ، الذي كسا ملامحها ، فسألها في انفعال :
      - خطيبكِ ؟
      اومأت برأسها إيجابا ، و الدمع يتساقط على وجنتيها ، و الحزن يطفو من أعماقها ، ليتبدى على ملامحها ، فترك كفيها ، و هو يردد سؤاله :
      - ألا تسامحينني ؟
      أجابت بكل مشاعرها ، و ما يعتمل في أعماقها :
      - إنني أسامحكَ ...
      ثم صمتت برهة ، قبل أن تستطرد :
      - يا حبيبي الوحيد .
      قالتها ، و تشابكت أكفهما ، إلا أن صوت آلة التنبيه قد قطع عليهما ذلك الفيض من المشاعر ، فجذبت كفيها ، و تراجعت ببطء ، و هي تنظر إليه نظرة حملت كل الحب ، قبل أن توليه ظهرها ، ذاهبة إلى خطيبها ، الذي انتظرها بعضا من الوقت ..
      و كثيرا من المشاعر ..

      يتبع ...
      Mr Professional

      تعليق


      • #18
        -12-
        من حفلة انيقة عادا ، و وسط الأمطار المنهمرة بغزراة ، و التي خذت ترتطم بالسيارة في عنف ، فترتد عنها بنفس العنف ، جلسا بداخلها ، ( مجدي ) ، الذي انصب اهتمامه على الطريق المظلم ، الذي امتد على مرمى بصره ، و ( نشوى ) ، بخواطرها المضطربة ، و التي كانت تسترجع ذكرى آخر لقاء لها مع ( حازم ) ..
        بلطف يحتضنها ، فتبتسم له ، ثم تعود ببصرها ، لترمق المياة الزرقاء الصافية ، و التي أخذت تنكسر لطماتها على الجسم المعدني للباخرة السياحية ، فتتناثر منها قطرات غزيرة ، لتتجاوز الإفريز المعدني ، الذي أمسكت به ، و لتغرق ثيابهما ، فما يزيدهما هذا إلا حبورا على حبور ..
        إلا أن شيئا واحدا كان يقف في طريق سعادتهما ، إنه الشيء الذي أدركت ( نشوى ) كنهه ، حينما رأت الحزن الذي ارتسم على وجه ( حازم ) ، فصمتت ، و قد انتقل إليها حزنه ، و صاحبهما الصمت هنيهة ، حتى قطعه ( حازم ) بقوله الخافت :
        - أواه يا ( نشوى ) ، لم اتصور أنه سيأتي اليوم الذي نفترق فيه .
        ضاقت عيناها ، و هي تردد في استنكار :
        - نفترق ؟
        اومأ برأسه ، و هو يجيبها في انكسار :
        - أنسيتِ أنكِ مرتبطة و ستتزوجين يوما ؟
        قالها ، ثم أولاها ظهره ، و هو يرمق الأفق البعيد ، فأمسكت كتفيه ، و أردفت بعينين دامعتين :
        - كلا يا ( حازم ) ، إنني لم امكنه مني مطلقا ، فأنا لن أكون لسواكَ .
        قالتها بينما انحدرت دمعة أشد سخونة في قلبها ، و هي تتابع :
        - أعدكَ يا ( حازم ) أنني لن أكون لسواكَ .. أعدكَ يا ( حازم ) .. أعدكَ ..
        و حتى ذلك الحين ظلت أصداء تاك الكلمة تتردد في عقلها ، حتى اتاها صوت ( مجدي ) الرقيق :
        - إلى أين شردتِ ؟
        انتبهت فجأة إلى وجوده بجوارها ، فأجابته في صرامة :
        - لا شيء .
        و كالعادة صمت ، لكن حشرجة خافتة عن السيارة ، أعقبتها توقفها ، جعلته يقطع صمته ، بقوله في حنق :
        - رباه ، لقد نسيتُ أن أزود السيارة بالوقود .
        استطردت في عصبية :
        - و ماذا سنفعل ؟
        قال و هو يفتح باب السيارة :
        - ليس أمامنا سوى أن أوقف سيارة توصلنا .
        أردفت في دهشة مستنكرة :
        - في مثل ذلك الطقس ؟
        أومأ برأسه أن أنه مضطر ، قبل أن يبتعد بضعة خطوات عن السيارة ، إلا أن صوتها المرتجف أتاه ، فعاد أدراجه ، و هي تقول :
        - إنني أشعر بالبرد ها هنا .
        و لم أن أتمت جملتها ، حتى كان قد خلع سترته ، و أحاطها بها بذراعين حانيتين ..
        و للمرة الأولى نظرت نحوه ، فالتقت عيناهما برهة ، أخذ يعب خلالها من بحر عينيها الجميلتين ..
        و للمرة الأولى شعرت برجفة عجيبة تنتابها ، حينما احست بذراعيه تحوطانها ..
        لأنها - و للمرة الأولى - استشعرت دفئه و حنانه ، اللذين لم تحس بهما مطلقا ..
        لكنه سرعان ما قطع عليهما تلك اللحظة ، فأطرق ببصره ، و غادر السيارة ، بعد ان اوصدها بإحكام ، تاركا إياها ترمقه ، من خلال الزجاج المبتل ، و قد و قف مرتجفا وسط الطقس البارد ، و الأططار الغزيرة ، دون أية ملايس ثقيلة ، بعدما أحاطها بها منذ لحظات ، ترمقه و قد وقف متحاملا على نفسه .. فقط من أجلها ..
        ترمقه بقلق ..
        و بإعجاب ..
        و بحب ..

        يتبع ...
        Mr Professional

        تعليق


        • #19
          جميل إستمر
          كل أقوالي وأفعالي وأعمالي أضعها بين أيديكم للنقد
          لا تقل بغير تفكير ، ولا تعمل بغير تدبير

          أخوكم
          .. .-. -. ...- ..-. -.. ..- ...- -.

          تعليق


          • #20
            -13-
            بمكان هادئ ، و بنفس مضطربة ، جلست ( نشوى ) تفكر فيما هي مقدمة عليه من أمرها ، حتى قطعت عليها والدتها هذا التفكير ، حينما تركت الباب ، قبيل ولوجها الحجرة ، فالفتت إليها ( نشوى ) بعينين أطل منهما التعب جليا ، عاكفة على تلك الحال ، التي فجرت قلق والدتها أنهارا ، و قالت بصوتها الواهن المكدود ، الخالي من أية انفعالات :
            - خير يا أمي .
            استطردت والدتها ، بلهجة من اعتاد هذا الاستطراد ، منذ عدة أيام :
            - إن ( مجدي ) هنا ، و يريد اصطحابكِ إلى الجامعة ، ألن تذهبي معه ؟
            أجابت باقتضاب و حزم :
            - كلا .
            سألتها والدتها بقلق :
            - لماذا ؟
            أجابت ( نشوى ) بنفس الحزم :
            - قولي له أن أنني متعبة ، و لن أذهب إلى الجامعة اليوم أيضا .
            و لم تطل الأم حديثها معها ، فقد ألفت هي و زوجها ، أن أحدا لا يمكنه الإتيان بما تعتمل به نفس ابنتهما ، فغادرت الحجرة في هدوء .
            و هكذا عادت ( نشوى ) إلى خضم أفكارها من جديد ..
            إنها لا تريد أن تقابل أيا من الإثنين ..
            الآن على الأقل ..
            ( حازم ) ، بحبها الجارف له ، و الذي اختطف قلبها و عقلها ، كبرياءها و هوانها ، قوتها و ضعفها ..
            و ( مجدي ) ، بحبه الجارف لها ، و الذي سلب احترامها و إعجابها ، حاضرها و مستقبلها ..
            و جزءا من حبها ..
            أيهما تختار .. ؟
            أيهما تربط حياتها بحياته ، تـُخضِعها له ، و تقضيها في كنفه و رعايته ؟
            عندما تقابل ( حازما ) تنسى الدنيا بأسرها ، و كل ما عداه .
            و عندما ترى ( مجدي ) تشعر أن مستقبلها الحقيقي في حماه ..
            أيهما تختار .. ؟
            إنها لا تريد أن تضع قلبها في خضم من امشاعر متلاطم الشطآن ، يقذف به تارة هنا و تارة هناك ..
            أيهما تختار .. ؟
            أيهما .. ؟
            قطع عليها رنين الهاتف شرودها ، فأجابته ، فأتاها صوت ( حازم ) الرقيق :
            - مرحبا يا أميرتي ، لماذا تغيبتِ هكذا ، و اختطفت معكِ جمال حياتي ؟
            أحست ( نشوى ) بقلبها يختلج ، و بقشعريرة تسري في أعماقها ، إلا أنها تمالكت نفسها ، و قالت بصوت مرتجف ، لم تنجح في تمالكه مثلها :
            - أنا آسفة حقا يا ( حازم ) ، لن آتي إلى الكلية اليوم ، فأنا متعبة للغاية .
            اصطبغ صوته بجدية قلقة ، و هو يقول :
            - و لكنكِ تعلمين أن مجيئكِ ضروري ، في هذه الأثناء ، لابد أن تأتين .
            أردفت بصوت واهن :
            - نعم ، أعلم ، لكن ليس اليوم ، إلى اللقاء .
            قالتها ، قبل أن تنهي الاتصال ، ثم تلتفت نحو نتيجة الحائط ، التي أشارت ، مع عدد الأيام التي تغيبتها ، إلى اقتراب موعد اختبارها النهائي ، و أهم أيام دراستها .
            و كان على حق ..
            كان لابد لها أن تذهب ..
            و أن تختار ..

            يتبع ...
            Mr Professional

            تعليق


            • #21
              - 14 -
              " ماذا ؟ ، المدير يريد مقابلتي لأمر هام و عاجل ؟ "
              رددها مجدي ، بينما حاجباه منعقدان في دهشة ، قبل أن يسمح لسكرتيره بالانصراف ، ليسمح لعقله بالتفكير في أمر تلك المقابلة المفاجئة ، قبل أن تتم .
              في العادة ، فأن كل الأمور المتعلقة بالعمل ، يتم إعلامهم بها مسبقا في جدول العمل ، و لم يقم مطلقا بأية مقابلات شخصية مع مديره ، و لم يسبق أن حدث هذا من قبل ..
              ثم إنه لم يقم بارتكاب أية مخالفات وظيفية ، منذ توليه منصبه الهام بوزارة الخارجية ..
              الجميع يؤكدون أنه مثال للموظف الجاد الكفء ، و هو خير من يتولى مثله ..
              فلماذا يريده بهذه العجلة .. ؟
              لماذا .. ؟
              و في النهاية ، قرر أن يحسم تردده هذا ، و أن يقطع الشك باليقين ، فعدل من هندامه ، و غادر حجرة مكتبه ، و اتجه بخطى ثابتة نحو حجرة المدير ، الذي أعلمه سكرتيره ، بواسطة جهاز الاتصال الداخلي ، فأمر بدخوله على الفور .
              و على الفور ، دلف ( مجدي ) إلى حجرة مديره ، الذي استقر خلف مكتبه الأنيق ن و الذي ابتسم بود ، و قال مرحبا به :
              - أهلا بك يا ( مجدي ) ، تفضل بالجلوس .
              أطلق ( مجدي ) تنهيدة ارتياح من أعمق أعماقه ، لذلك الاستقبال الودود ، الذي أزاح كل توتره و قلقه جانبا ، و جلس ، قبل أن يستطرد :
              - أهلا بكَ يا سيدي ، فيم كنتَ تريدني ؟
              صمت المدير لحظة ، و ابتسم حين رأى نظرة التساؤل ، التي أطلت من عيني الشاب ، ثم أزاح بعض الأوراق جانبا ، و تناول مجموعة من الأوراق من بينها ، ثم تنحنح ، و اعتدل في مجلسه ، و هو يسأل ( مجدي ) :
              - أتعلم ما هذا ؟
              أجاب ( مجدي ) ، بكل ما اعتمل داخله من لهفة ، و هو يحدق في مجموعة الأوراق :
              - ملف .
              أومأ المدير برأسه ، و هو يجيب :
              - ملفك ..
              خفق قلب الشاب قلقا ، شاعرا بان كافة قلقه و توتره قد استحالا أمام عينيه بغتة ، قبل أن يتابع المدير ، و قد ارتسم الأسف على ملامحه :
              - لقد كنتَ موظفا نشيطا .. نعم ، مجدا .. نعم ، فعالا .. نعم ، و عندما وجب علينا أن ننتقي واحدا من أكفأ موظفينا ، لم يكن أمامنا سواكَ ..
              قطب الشاب حاجبيه تساؤلا ، بينما تابع المدير ، و هو يشير نحو الملف :
              - إن ملفكَ لهو واحد من أفضل ملفات العاملين لدينا ، و لهذا وقع اختيارنا عليكَ لهذا المنصب .
              سأل الشاب ، في لهفة مشوبة بالحذر :
              - أي منصب ؟
              أجاب المدير ، و هو يشدد على كلماته :
              - مندوبا بسفارتنا في ( مونتريال ) .
              كان الخبر مفاجئا لـ ( مجدي ) ، الذي صمت هنيهة ، و احترم المدير ذلك الصمت ، لكنه سأله في النهاية :
              - ما قولكَ ؟
              أجاب ( مجدي ) في هدوء :
              - أنا آسف يا سيدي .
              و قد كان الجواب مفاجئا أيضا للمدير ، الذي اتسعت عيناه دهشة ، قبل أن يستعيد هدوءه ، و يقول لـ ( مجدي ) ، متسائلا :
              - لماذا ؟
              ثم صمت لحظة ، قبل أن يستطرد :
              - إن موظفينا قلما تتاح لهم مثل تلك الفرصة ، إنها تعني نفوزا أكثر ، و راتبا أكبر ، هذا بخلاف العمل الدبلوماسي ، و ما يضفيه من خبرة على المشتغل به .
              أجاب الشاب :
              - أما النقود و النفوذ ، فلا يحتلان مكانا كبيرا في آمالي ، بقدر ما ...
              ثم كف ( مجدي ) عن الاستطراد ، فسأله المدير ، و قد تملكه الفضول :
              - بقدر ماذا ؟
              أردف ( مجدي ) ، موجها حديثه لمديره :
              - سيدي ، إنني سأتزوج قريبا ، بإذن الله ، و خطيبتي هي أهم من في حياتي الآن ، و لا أحفل إلا بأن أوفر لها حياة مستقرة ، حيث يمكنها أن تضع قدمها ، من دون أن تـُسئل عن أوراقها ، و لو كانت حمراء ، لذلك فأنا أفض ذلك المنصب و بكل إصرار .
              ابتسم المدير ، و استرخى على مقعده ، و هو يقول :
              - قليلون هم من يضحون بمثل تلك الفرصة ، من أجل أي إنسان كان ، لذلك فانا معجب بكَ ، و بكل من هم مثلكَ ، و سيسرني ، بالتأكيد ، أن تظل تعمل تحت رئاستي ، ففي خلال المرات القلائل ، التي جمعتنا سويا ، عهدتـُكَ موظفا كفئا ، و من خيرة من عملوا معنا .
              ابتسم ( مجدي ) بود ، قائلا :
              - أشكركَ كثيرا يا سيدي ، و أعدكَ بأن أكون دوما عند حسن ظنكَ بي .
              ثم صمت لحظة ، قبل أن يسأله :
              - سيدي ، هل تريدني لأمر آخر ؟
              قال المدير بود :
              - كلا ، يمكنكَ أن تعود إلى عملكَ .
              ابتسم الشاب ، و قام لمغادرة الحجرة ، إلا أنه لم يكد يمس الباب ، حتى تناهى النداء إلى مسامعه :
              - ( مجدي ) .
              التفت ( مجدي ) إلى حيث يجلس مديره ، الذي عاود سؤاله :
              - هل أنتَ واثق من قراركَ هذا ؟
              أجاب ( مجدي ) في ثقة :
              - بكل تأكيد .
              استطرد المدير :
              - سأمهلك أياما ثلاثة ، قبل أن أرفع رفضكَ هذا إلى سيادة الوزير ، و خلال تلك المدة ن يمكنكَ أن تعيد التفكير ، قبل أن تضيع تلك الفرصة من بين يديكَ .
              ابتسم الشاب ، قائلا :
              - - أشكركَ ياسيدي ، و لو أنني لن أتراجع عن موقفي هذا قط .
              ابتسم المدير ، مردفا :
              - يمكنكَ أن تنصرف الآن .
              أومأ الشاب برأسه بنفس الابتسامة ، قبل أن يغادر الحجرة .

              يتبع ...
              Mr Professional

              تعليق


              • #22
                رائع أخي ،،

                اكمل ..
                اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها
                و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة
                .

                الجنة لا خطر ( مثيل ) لها ، هي و رب الكعبة
                نور يتلألأ
                و ريحانة تهتز
                و قصر مشيد ...




                تعليق


                • #23
                  -15-
                  بجدية وجهت ( نشوى ) كل اهتمامها و انتباهها إلى متابعة ما يقوله المحاضر ، بعد أن انتقت لها مكانا قصيا عن ( حازم ) ، على عكس ما اعتادت دائما ، الجلوس بجواره ، و قي الوقت ذاته يكون في استطاعتها اختلاس النظرات إليه ، من حين لآخر .
                  و مر الوقت ، و انتهت المحاضرة ، و ما أن همت ( نشوى ) بالقيام ، حتى فوجئت بـ ( حازم ) يقف إلى جوارها ، و يقول باسما :
                  - مرحبا يا حبيبتي ؟ ، لم تأخرتِ ؟
                  أجابته في جفاف :
                  - معذرة يا ( حازم ) ، فلابد لي أن أذهب الآن .
                  قالتها ، قبل أن تذهب ، و تتركه يتابعها بعينين اتسعتا من فرط دهشته .
                  و لم تكن الدهشة من نصيبه وحده ، فما كادت ( نشوى ) تجتاز بوابة الجامعة ، حتى صكّ مسامعها صوتا مألوفا ، فالتفتت نحوه ، فإذا به ( مجدي ) ، مستقلا سيارته ، يتوقف أمامها ، و يقول لها :
                  - مرحبا بكِ ؟ ، لماذا لم تخبرينني أنكِ ذاهبة إلى الجامعة لأوصلكِ ؟ ، من حسن حظي انني مررتُ من هنا .
                  و مضطرة ، استقلت ( نشوى ) السيارة إلى جواره ، مردفة في ضيق ، ظهر على ملامحها واضحا :
                  - أرجوكَ ، اذهب بي إلى المنزل سريعا .
                  لم يعلق ( مجدي ) على قولها ، و استدار بسيارته ، عائدا بها إلى منزلها ، و ما كاد يمر بمنتصف المسافة ، حتى توقف يالسيارة على جانب الطريق .
                  تعجبت ( نشوى ) لتوقفه ، و زوت ما بين حاجبيها دهشة ، و هي تسأله :
                  - لماذا توقفتَ ؟
                  صمت ، و لم يحر جوابا ، فنظرت إليه ، فإذا به يحدجها بنظرة ثابتة ملأى بالحب ، فخفذت عينيها خجلا ، لكنه التقط كفها الرقيقة بين أنامله ، قائلا بكل حنان الدنيا :
                  - ( نشوى ) ..
                  انتفض قلبها بين ضلوعها بين ضلوعها ، بينما تابع ، و هو يضغط كفها برقة :
                  - لا أريدكِ أن تهربي منى يا حبيبتي ، فأنا أحبكِ ، و أتمنى لو أستطيع أن أفعل أي شيء ، من أجلكِ ..
                  ابتلت عيناها بالدموع ، بينما أضاف هو :
                  - أنا لا أعلم لم تحولين بيني و بينكِ هكذا ، على الرغم من لهفتكِ السابقة لإتمام خطبتنا ..
                  و دت ( نشوى ) لو أن خفقات قلبها المرتجف لم تصل إلى مسامعه ، و هو يتابع بصوت مضطرب ، و قد اكتسى بنبرة حزن عميق :
                  - أنا أعلم أننا مخطوبان فعليا ، و في طريقنا للزواج قريبا ، بإذن الله ، لكنكِ ، و خلال معرفتي بكِ ، لم أجد لديكِ لمحة واحدة من الحب تجاهي ، ( نشوى ) ، إنني لا أريد أن أجبركِ على الزواج بشخص ترغبين عنه ، لا أريد سوى ...
                  ثم صمت لحظة ، قبل أن يستطرد بصوت متهدج :
                  - حبكِ وحده يا ( نشوى ) .. حبكِ وحده ..
                  و ودت ( نشوى ) أيضا لو أنها صرخت بكل كيانها ، بأنها تحبه ، لولا ...
                  " كلا يا ( حازم ) ، إنني لم امكنه مني مطلقا ، فأنا لن أكون لسواكَ . "
                  " أعدكَ يا ( حازم ) أنني لن أكون لسواكَ .. أعدكَ يا ( حازم ) .. أعدكَ .. "
                  و فجأة ، و بلا مقدمات ، و جدت نفسها تصيح فيه بغضب :
                  - هلا توقفتَ عن صبّ تلك الكلمات السخيفة ، التي لا تنتهي ، في أذني ؟
                  لم تدر كيف قالت هذا ، و لماذا ، كل ما درت به هو عيناه ، اللتان اتسعتا دهشة ، تلتها تلك المنظرة المتجهمة و الوجوم ، اللذان ارتسما على ملامحه ، و هو يتابع طريقه ، من دون أن ينطق بحرف واحد ، حتى استقرت السيارة أمام منزلها ، فأردف في صرامة :
                  - تفضلي .
                  غادرت ( نشوى ) السيارة ، التي انطلق بها على الفور ، تاركا إياها تتمتم بعينين اتسعتا ارتياعا ، و أغروقتا بالدوع :
                  - رباه ، ما الذي فعلتـُه ؟ ، ما الذي فعلتـُه ؟
                  وقتها لم تشعر ( نشوى بسقوط دفتر محاضراتها من بين يديها ، لكنها ، عندما انحنت تلتقطه ، استطاعت من خلال الدموع ، التي كست مقلتيها ، أن ترى دبلة فضية ، قد سقطت إلى جواره ..
                  دبلة تحما اسما مألوفا ..
                  ( نشوى ) ..


                  يتبع ...
                  Mr Professional

                  تعليق


                  • #24
                    -16-
                    كان الفجر قد ولى ، و لم تكن الشمس قد صعدت إلى كبد السماء ، لكنها كانت عاكفة على نسج خيوط النهار الأولى ، عندما وقفت تلك الفتاة الوحيدة ، التي أطل الحزن من عينيها الجميلتين مليا ، و بدت على وجنتيها قطرات دمع متجمدة ، لمن اقترب منها ، أما من ابتعد ، فقد كفاه وجهها الممتقع لإدراك مدى حزنها ، و قفت ترمق سفينة ضخمة ، تمخر عباب البحر ، بينما تلتفت حولها في عصبية و توتر ، من حين لآخر ، حتى لمحت ذلك الشاب ، الذي أخذ يقترب منها في سرعة ، حتى اتضحت ملامح كل منهما للآخر ، و كان الشاب هو من نطق أولا :
                    - ( نشوى ) ، لم طلبتِ مقابلتي هنا ؟ ، و بهذه العجلة ؟ ، و نحن نتقابل دوما بالجامعة .
                    عادت عيناها تفيضان من جديد ، و هي تهتف به :
                    - ( حازم ) ، لقد أصبحتُ لكَ وحدكَ يا ( حازم ) .. كما وعدتـُكَ ..
                    و لم يكن بحاجة إلى الكثير من الذكاء ، ليفهم ما تقصده بحديثها ، فتهاا وجهه لحظة ، و هو يتمتم بفرحة :
                    - أحقا .. ؟
                    ثم ما لبثت الجدية أن اعترته ، حين رأى العبرات و قد راحت تنهمر من عينيها كالسيل ، و غمغم برقة :
                    - حسنا ، اهدئي .
                    وجدها وقد اندفعت نحوه ، تحتضنه ، متشبثة أظافرها بثيابه ، مستندة رأسها إلى صدره ، آخذة في البكاء ، فربت على شعرها بلمسات حانية ، بينما هي تنتحب ، و تستطرد من بين دموعها الغزيرة :
                    - ( حازم ) ، لا تتركني وحدي ، أرجوكَ ، أنا لا أحب أحدا في هذه الدنيا سواكَ ، أرجوكَ ، لا تتركني وحدي أبدا .
                    ثم عادت إلى انتحابها من جديد ، بينما أخذ يربت على ظهرها بحنان ، قائلا برقة :
                    - أعدكِ أنني لن أترككِ أبذا ، يا حبيبتي ..
                    قالها ، من دون ان يعلم أن دموعها لم تكن دموع فرحة كما اعتقد ..
                    بل كانت دموع حزن ..
                    حزن عميق ..

                    يتبع ...
                    Mr Professional

                    تعليق


                    • #25
                      فعلا لقد تأثرت بهذه القصة
                      الأسلوب ما شاء الله جميل جدا والقصة جميلة جدا ووصلت لمرحلة التعقيد
                      ولكنها ليست قصيرة كما هي معنونة إنما هي قصة طويلة أو رواية
                      وانتظر التكملة إن شاء الله
                      بالتوفيق
                      اذكر الله
                      my page

                      تعليق


                      • #26
                        أشكركَ جدا أيها العضو العزيز ، و على كل القصة شارفت على الانتهاء ، تابع نهايتها ، و قل لي رأيكَ فيها ..
                        Mr Professional

                        تعليق


                        • #27
                          -17-
                          " بنيتي ، ألا تعلمين لماذا امتنع خطيبكِ عن القدوم ؟ ، إن له بضعة أيام لا نعلم عنه شيئا . "
                          نطق والد ( نشوى ) بهذا القول ، الذي أخذ يمزق نياط قلبها تمزيقا ، و يملأه حزنا ..
                          فهو لم يكن يعلم شيئا أبدا عما حدث ..
                          و هي لم تجرؤ أبدا على مصارحته ..
                          كل ما يمكنها فعله هو اختلاق أعذار واهية له ..
                          أو تجاهل تساؤلاته تلك ..
                          و التي ، ما أن تصك مسامعها و أشجانها ، حتى ترمق بعينين دامعتين تلك الدبلة ، التي أحاط ( مجدي ) أصبعها بها يوما .
                          و تلك الأخرى ، التي استقرت في كفها ، بعدما كانت حول أصبعه يوما ..
                          و تنتظره أ، يعاود الاتصال بها .. فلا يفعل ..
                          أو تترقب سيارته ، لتوصلها إلى الجامعة .. فلا تأتي ..
                          أو تحادثه هاتفيا .. فلا يجيبها أبدا ..
                          فتبكي ..
                          و تبكي ..
                          و تبكي ..

                          يتبع ...
                          Mr Professional

                          تعليق


                          • #28
                            أظن أنها أحبت مجدي ولكن بعد فوات الأوان .. كما أظن أنها تشكك بحبها لحازم .. فمجدي أحبها ويضمن لها مستقبلها أما حازم فلقد صفعها مرة لسبب بسيط .. فما المانع من أن يصفعها أخرى وثالثة .. ولقد بدأت العلاقة بينها وبين حازم تشوب بعض الشيء ... هذه هي وجهة نظري ولكن لا أعلم .. ولا أريد أن أحرق القصة
                            وبالفعل هذه القصة تدل على أنك professional
                            اذكر الله
                            my page

                            تعليق


                            • #29
                              أشكرك جدا صديقي max ghost ، خاتمة القصة اقتربت .
                              Mr Professional

                              تعليق


                              • #30
                                -18-
                                في محاولة للنسيان ، و لاستجماع شتات نفسها الممزقة ، جلست ( نشوى ) قبالة المرآة ، تمشط شعرها بعناية ، و تعدل زينتها ، استعدادا للقاء ( حازم ) ، كعادتها دائما ، بينما تحاول افتعال ابتسامة على شفتيها الجميلتين ، عالمة أن قلبها لا يمكنه أن يهبها إياها أبدا .
                                و للمرة الأخيرة ، تتأمل جسدها الممشوق و ثوبها الأنيق في المرآة ، قبل أن تغادرها .
                                و ما أن همّت بمغادرة المنزل ، حتى ارتفع رنين الهاتف ، فالتقطت السماعة ، و ألصقتها بأذنها ، قائلة في عجلة ، و هي تنظر نحو ساعتها :
                                - مرحبا ، من المتحدث ؟
                                و لم يجبها أحد ، فرددت في عصبية هذه المرة :
                                - من المتحدث ؟
                                و في النهاية اتاها صوتا مترددا ..
                                صوتا ارتجف له قلبها ، و دمعت له عيناها ..
                                صوت ( مجدي ) ..
                                " ( نشوى ) .. "
                                قالها بكا الرقة ، بكل الحزن ، فتمتمت في خفوت ، في لهفة :
                                - ( مجدي ) .. ؟
                                عاد للاستطراد ، بصوت اعتراه الحزن :
                                - أردتُ أن أسمع صوتكِ لآخر مرة .
                                - قالت من بين دموعها ، و القلق يكاد يعصف بفؤادها :
                                - لآخر مرة ، ماذا تعني .. ؟
                                غمغم بنفس الحزن :
                                - دقائق قليلة ، و تصل طائرتي ، و أكون قد غادرتُ ( مصر ) ، إلى عملي الجديد ، في ( كندا ) ، و لا أعلم متى سأعود ، ربما بعد عام ، عشرة ، أو أكثر ، و ربما لا أعود أبدا ..
                                دوى الخبر على رأسها كالصاعقة ، بينما صمت قليلا ، يبتلع غصة مريرة في حلقه ، قبل أن يضيف :
                                - لقد أحببتـُكِ يا ( نشوى ) ، كما لم أحب احدا أبدا في حياتي ، لذا ، فقد قررتُ أن أبتعد عن قلبكِ ...
                                ثم تهدج صوته ، متابعا :
                                - أن اترككِ لمن تحبين ..
                                اتسعت عيناها ارتياعا ، و هي تتمتم بصعوبة :
                                - إذن فأنت تعلم ..
                                قال في حزن :
                                - نعم أعلم ، و منذ البداية أحسستُ بذلك ، لكنني كذبتُ نفسي ، الشيء الوحيد الذي لا أعلمه ، هو أن لماذا وافقتِ على الارتباط بي ، مادمت واقعة في هوى غيري ...
                                انتظر أن تنطق ، فلم تجبه ، فأكمل :
                                - على كل ، كل ما أردتُ منكِ معرفته ، أنني ، حين تركتـُكِ ، ما فعلتُ هذا ، إلا من أجل سعادتكِ ، حتى و لو كان قلبي هو الثمن ، و أنني لن أنساكِ أبدا ...
                                ثم أضاف بصوت أشد حزنا و شجنا :
                                - و لسوف أتحمل وحدي مرارتي من أجلكِ ، من أجل ألا ترينني بعد ذلك أبدا ...
                                استطردت ، و قد أبت الكلمات ان تغادر شفتيها ، إلا بصعوبة :
                                - ( مجدي ) ، و لكنني ...
                                قاطعها بصوته المتهدج :
                                - الوداع يا ( نشوى ) ، يا حبيبتي الوحيدة ..
                                صرخت بكل ما تعتمل به نفسها من حزن ، و كل ما تفيض به مقلتاها من عبرات و كل ما يعتري جسدها من ارتجاف :
                                - كلا يا ( مجدي ) ..
                                و لكنه كان قد أغلق الاتصال ..
                                و جمدت ( نشوى ) في موضعها لحظة ، بفم فاغر ، و عينين متسعتين ، و دموع منهمرة ..
                                لحظة لم تشعر ( نشوى ) خلالها بسقوط سماعة الهاتف من يدها ..
                                و لا بحلول موعد لقائها مع ( حازم ) ..
                                و لا بأي شيء آخر ..
                                سوى ...
                                " لكنكِ ، و خلال معرفتي بكِ ، لم أجد لديكِ لمحة واحدة من الحب تجاهي "
                                و سوى ...
                                " هلا توقفتَ عن صبّ تلك الكلمات السخيفة ، التي لا تنتهي ، في أذني ؟ "
                                و هنا وجدت نفسها تصرخ بكل جوارحها :
                                - كلا يا ( مجدي ) ، كلا .
                                و انفجرت بالبكاء ..
                                لكنها تذكرت شيئا ما ..
                                " دقائق قليلة "
                                و على الفور التقطت حقيبتها ، و غادرت المنزل ..
                                و فجأة ، وجدت نفسها وجها لوحه مع ( حازم ) ، الذي ابتسم لها ، قائلا برقة :
                                - مرحبا يا حبيبتي ، لماذا تأخرتِ عني كل هذا الوقت ؟
                                لم تجنه ( نشوى ) ، و إنما ابتعدت عنه في سرعة ، و استوقفت سيارة أجرة ، قائلة للسائق بعصبية :
                                - إلى المطار ، و أسرع من فضلكَ .
                                و انطلقت السيارة تطوي الطريق ، تاركة ( حازم ) يرمقها في ذهول ، و هي تبتعد في سرعة .

                                يتبع ...
                                Mr Professional

                                تعليق

                                يعمل...
                                X