Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

يحكى أن.. وحكايات أخرى

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يحكى أن.. وحكايات أخرى

    يحكى أنه في إحدى شوارع المدينة أو بالذات عندما يجمع السكان إلى دورهم، وينصرفوا إلى تدبير أمر راحتهم من يوم شاق هو يوم معاشهم المعتاد، كان هناك "مأساة" تنتصب – إسوة بكل الشوارع – للفئران (إذ لا يكاد يكون هناك شارع أو زقاق) إلا وفيه قط أو اكثر، يعتاشون على الفتك بالفئران، ولكن في ذلك الشارع كان هناك قط "أسطورة" لا نظير له في البطش، ولا قرين له في الفتك، لم يكن ذلك القط مشهوراً بكثرة ضحاياه فقط، ولا بالطريقة التي يفتك بها – رغم كونها بالغة الفرادة في الشدة والقسوة، لكنه يمتاز عن بقية القطط بـ"قفزة" جبارة، حتى يقال أن نهاية فقزته عند نهاية مدى بصره.

    ... فكم من فأر شاهد بنى جنسه وهم مضرجين في الدماء، في قفزة واحدة من قفزات ذلك القط الرهيب، فكان يفتك بالفئران واحداً تلو الأخر، وعندما تنتهي قفزته يعود أدارجه، ويلتقط صيده، أو يترك بعضه لأتباعه من القطط التي قهرها، فظلت تعيش على بقاياه، وما يجود به.

    فرت مجموعات من فئران شارعه إلى الشوارع الأخرى بالرغم من وجود القطط فيها، " فالشر فيه ما تختار"، وكانت تتحرى أبعد شوارع المدينة عن مسقط رأسها، إذ لم يكن غريباً، أن يوسّع القط مدى قفزته ليدخل في حدود الشوارع الأخرى، رغم كونه مبدئياً مكتفياً بشارعه فقط، لكن مجموعة من الفئران لم تغادر، وظلت وفية للوطن، وتدبرت أمورها – رغم تزايد تناقض أعدادها – بين الجوع والخوف.

    .. أستمر الأمر على منواله حتى سمعت الفئران بشائعات مترددة ومرتبكة عن أمر ما قد وقع للقط، فهو رغم كونه سليماً معافي، إلا أنه على غير عاداته المزمنة، لم يعد يلاصق الفئران كما كان، إذا يؤكد شهود عيان – من الفئران وغيرهم – أنهم شاهدوا القط يتغافل عن فئران مؤكد أنه شاهدها، ثم قيل أن بعض الفئران الصغيرة مرت أمامه مباشرة، ولم يحدث له شئ، بل يبدو وكأنه منع أتباعه كذلك عن ملاصقة تلك الفئران.

    بعد ذلك بدأت كائنات ذلك "الزقاق أو الشارع" يتأكدون من تداول خبر عن توبة القط، ثم قيل أن القط "الرهيب" يستعد لتأدية مناسك الحج، وبعد ذلك قيل أنه ذهب فعلاً.. وتأكد الخبر يقيناً.. بما لا يدع مجالاً للشك، نعم لقد حج القط..!!!

    الحياة هي نتيجة للسيطرة على الرعب، فالحي هو الذي يكون رعبه محدوداً لدرجة لا تمنعه من الحياة الطبيعية، لذلك لم تكن الفئران تعرف معنى الحياة، وعندما أحست بأ،ها يمكن أن تكتسب هذا المعنى، داخلها رعب أخر، من الحياة نفسها. لم تصدق بعض الفئران ذلك وأرجعيته للمؤامرة، والكيد والمكر الخفي، وقال بعضهم أن كل شئ جائز، وأن الله يغير القلوب، ويقلبها كيف شاء، لكن بعض الفئران كانت تتمسك بحرفية النصوص – كما يبدو – وقالت ان المخالب لم ترد في النصوص، وأن الله قادر على تبديلها لكنه لم يخبرنا بأ،ه سيبدلها، ولم نسمع بقط بُـدّلن مخالبه إلى أظافر، أو قط تائب. ورغم نصيحة العقلاء من الفئران للأخرين بضرورة الصبر، وأنتظار لعل في ما هو قادم جلاء الامور، وبيان للحقيقة والمستور... رغم هذه النصائح، أستمر الجدل على اشده بين الفئران... فبعض الفئران لم ترد أن تصدق، وبعضها الأخر لم يستطع، وبعضها قال أن صدّق.. لكنه لم يتقين؟ وعموماً فضّل الجميع الإنتظار...

    بعد فترة قبل أن القط عاد من الحج، وان مظاهر الاستكمانة تبدو واضحة عليه، وأنه لا يكف عن التسبيح بمسبحته التي لا تفارقه منذ عودته، ووُصِف لباسه الناصع البياض الطويل المهيب، أما عمامته فكانت تكتمل إقناع كل من يشاهده بأنه قط أخر، ليس هو بحال ذلك القط "الرهيب"

    ... وقد أقام القط "الحاج" سرداقاً كبيراً للإحتفال، وإقامة الولائم للضيوف والمرحبين والمهنئين، وكذلك للمريدين الذين قدموا للإستئناس بفيوض البركة، والإشتمال على فوائد العرفان من القط "الحاج".

    ... وحدها الفئران ظلت في صيدتها، ومما زاد تلك الحيرة، وفود بعض من الفئران المهاجرة للتشاور مع فئران الداخل، في إمكانية الإعتماد على ما حدث، وطي صفحة الماضي، ونسيان الأمر، فشارع يحكمه قط تائب، خير من شارع يحكمه قط أضعف لم يتب بعد!!!
    ----------------------------------------------------
    يستغرق نقاش الاشياء التافهة وقتاً طويلاً , لاننا نعرف عنها أكثر مما نعرفه عن الاشياء الهامة
    اللهم اعز الاسلام والمسلمين
    --------------- -----------------

  • #2
    تجددت الخلافات، أو زادت سخونتها، ونشبت معارك محدودة بين الفرقاء من الفئران كل ينصر لرأيه، ويؤيده بالخطاب، والفعل "أحياناً" وكان لابد من تدارك الأمر، فلجأ عقلاء الفئران، إلى حكيم الفئران وهو فأر عجوز، مضي به الزمن طويلاً، حتى أنه – وكما يقال – صفر بدايات عهد ذلك القط الرهيب وسمع وشاهد مجازره بالفئران، وخصومه من القطط قبل أن يفتك بها جميعاً.
    أرادت الفئران أن تحافظ على نفسها بالإتفاق وقرروا أنه لابد من الحديث العلني والصريح، فمهما كانت العواقب، لاشك أن الحرب الأهلية، أشد فتكاً من كل القطط – مهما كانت – والفأر شقيق الفأر – مهما تابت القطط أو بالغت في الإجرام.

    ... وفي الإجتماع لم يكن أحداً محتاجاً لبيان أو التساؤل عن ما تريده الفئران، فالجميع يعرف أن المطلوب كان أمراً وحداً فقط، عليه مدار الأمر، وإليه تشرئب كل المهج والافئدة "هل تاب القط فعلاً...؟؟"، هذا هو المطلب الحيوي للفئران المجتمعة خوفاً وقلقاً، وتفاؤلاً وتشاؤماً وأملاً ويأساً طمعاً وقنوطاً... لكن ما يجعلها في حيرتها تتخبط، وتنسج حول نفسها بيوت التردد والضياع، "هو كيف يمكن الإجابة عن هذا السؤال..؟؟".

    هذا هو السؤال الذي لم تطرحه الفئران بصراحة لكنها ألقت به في كل إتجاه من ضلال الموافقة أو الرفض، القبول والإحتجاج، التصفيق إبتهاجاً والصفير إستهجاناً كلما أرتقى أحدها وقال رأيه وعبر عن مخاوفه أو إطمئنانه...

    ... الوقت كان يمضي... والفئران يزيدها خلافها قسوة على بعضها... وحدة "حكيم الفئران العجوز" ظل ممسكاً بتلابيب صمته، مراقباً الأمر، والنقاش والإصتدام، دون أن ينبس بينت شفة.. ودون أن يظهر أي علامة أو حالة تعبر عن رضى أو غضب لأي رأي يقال. وفي اللحظة التي أدرك فيها أن الفئران تعبت... وكلت وملّت، وأن الوقف قد حان لتدخله، فعند منتهى الحيرة، وعمق الضياع، وعدم الحيلة: - ربما تكون كل نصيحة وكل أمر رشيد، وكل رأي سديد...

    آنذاك طلب الهدوء، وأمر بالإنصات: - ثم قال دون أن ينظر لأحد بل ظل بصره معلقاً بالسماء: - سأذهب وحدي إلى سرداق القط، ولا تخافوا عليّ فأنا بلغت من الكبر ما يعرفه القط، وتعرفونه فو غدر بي فإنني أنتظر موتي من الشيخوخة كل يوم، وتكونون قد عرفتم ما تريدون وإن رجعت إليكم جئتكم من السرداق بالخبر اليقين، .. لم توافق الفئران ولم ترفض.. ظلت واجمة... صامتة... ونهض الفأر الحكيم ومضى في طريقه إلى السرداق، حيث بيت القط... وحكمان إحتفالاته.. وتهانيه وتبريكاكته.. وحيث كل قطط المدينة على الارائك بجوار القط الحاج...

    هل فكرت يوماً في ما سيحدث لو وقع ما يفوق أقصى التوقعات.. أعتقد أن الذهول الذي يجعل الأمور عادية وكأن شيئاً لم يحدث، هو ما سيكون سيد الموقف... وهذا هو ملخص ما حدث مع الفئران.. لم تتوقع يوماً ولم يدر نجلدها أن يقف فأر أمام قط دون أن ينتظر الإلتهام أو دون رغبة في الفرار، فكيف بأن يذهب الفأر نفسه إلى حتفه ولا يكتفي بالسلام على القط، بل أن ينقل له تحية ودعوات الفئران...

    لم تستطع الفئران "المسكينة" أن تستوعب إنخرام السنن الكونية، إذا حدث ذلك فلن يعود الفأر فأراً.. ولن يعود القط قطاً... لن تموت الفئران... بل ربما لن تعرف هل هي حية أم ميتة...

    ولم يكن الفار العجوز أحسن حالاً منذ أن وضع قدمه في السرداق... كل القطط التي سمع عنها والتي لم يسمع تجلس على مد البصر، وتضح مبتهجة، وعندما رأته لم تصمت ولم تتحفز، لم يدري "الفأر العجوز".. هل كان هو من يمشي أم أن البساط هو الذي يمشي تحته ليقرب له المسافات حت يصل "للحاج"؟؟. لم يدري أصلاً هل سيصل أم لا... ذهولاً من جراء ما يفوق أقصى التوقعات...

    ولكن القدر لا يزال في جعبته المزيد... نهض القط وسار صحبة مقربيه إلى الفأر الحكيم... وعانقوه، ورشوا عليه العطر، ومرروا عليه المباخر، أجلسوه مكاناً علياً.. لم يدخروا جهداً في دفع كل وساوسه، ثم بعد قبول "الحاج" للتهاني وشكره خالص الدعوات من الفئران... أوحى الفأر العجوز أن لا خوف عليهم ولاهم يحزنون، وأن فئران هذا الشارع لن تكون آمنة في شارعها فقط بل في كل شارع تذهب إليه أو تقيم فيه... وشيّع الفأر العجوز "حكيم الفئران" بوداع من القطط مهيب...

    لقد طال الزمن وأستطال حتى جاء اليوم الذي يسير فيه الفأر وسط الشارع "زي العالم والناس".. دون خوف من قط ولا قطة...

    وصل الفأر إلى فئرانه المتلهفة، القلقة – فأنهالت عليه الأسئلة من كل حدب وصوب... كان ممتقماً.. فأختلفت التأويلات حول ذلك، ونشب الخلاف مجدداً بين الفئران.. لكن "الحكيم" أرتقى صخرة عالية ورفع علامة طلب الإنصات: - وفي خمس كلمات "تقريباً" لخص الأمر عندما قال: يا جماعة صوا عالنبي.. هو التوبة تاب... والحجة حج.. لكن النطة مازال فيه؟!!



    هذا عن يحكى أن.. أما الحكاية الأخرى:
    فكانت "العزوز – أمي".. عندما تطيل إحدى جاراتها في وصف حادث ترحيله مثيراً، أو مأساة وقعت.. تنتظر أمي جارتها حتى النهاية.. وبعد أن يخيم الصمت عقب نهاية الحكاية تقول أمي بتنهيدة حارة "إن شاء الله العقبة السلامة"... والسلام عليكم...
    ----------------------------------------------------
    يستغرق نقاش الاشياء التافهة وقتاً طويلاً , لاننا نعرف عنها أكثر مما نعرفه عن الاشياء الهامة
    اللهم اعز الاسلام والمسلمين
    --------------- -----------------

    تعليق


    • #3
      السلام عليكم

      أخي الأجدابي أشكرك على هذه المشاركة الرااائعه ، لقد أضحكتني بالفعل .. شكرا لك و بانتظار المزيد من القصص الرائعة

      و جزاك الله خيراً
      اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها
      و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة
      .

      الجنة لا خطر ( مثيل ) لها ، هي و رب الكعبة
      نور يتلألأ
      و ريحانة تهتز
      و قصر مشيد ...




      تعليق


      • #4
        شكرا لك اخي الكريم فالمشاركة جد رائعة
        ونحن في انتضار المزيد .
        الصبر خير ...واشوى ذنب ....واكثر جميل ...واولى من البكى.

        تعليق

        يعمل...
        X