Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تعال أخي .. وأقرأ القصة معي ...

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تعال أخي .. وأقرأ القصة معي ...

    بسم الله الرحمن الرحيم
    ايها الاخوة الاحباب الافاضل

    اشهدكم اني احبكم في الله جميعا
    اود ان اشترك بهذه القصة التي اسال الله ان يكون فيها العبرة وهي ليست مما خطت يمناي ولكن لي الشرف في ان انقلها ها هنا


    هذه القصة فيها الكثير من الحقيقة أكثر من 80% طبعاً الأسماء كلها مستعارة وكذلك الاماكن لاسباب امنية

    القصة تتحدث عن شاب مصري ذهب للبحث عن القسام في قطاع غزة

    البداية

    تخرج أحمد من كلية الإعلام من أحدى الجامعات المصرية
    أحمد مصري حتى النخاع ... فهو من أبوين وجدين مصريين... ولكنه كان من عشاق فلسطين ومن حبه لفلسطين تعرف على القسام من خلال موقع القسام على الانترنت
    قرأ أحمد كثيرا عن الشهداء وتأثر بهم كثيرا ...حتى وصل به الأمر أنه تعرف على جميع الشهداء وأصبح يحفظ أسمائهم عن ظهر قلب
    وفي يوم جلس أحمد في شرفة منزله ليأخذ قسطا من الراحة وأخذ ينظر إلى الشوارع المزدحمة ويرقب الناس
    لاحظ أحمد سرعة حركة الناس واستعجالهم وبدأ يفكر ما الذي يجعل هؤلاء يتحركون بهذه السرعة
    أكيد أنه السعي وراء الرزق .. فالحياة في القاهرة صعبة.. والشباب فرصتهم في الحصول على مكان سكن وبناء أسرة أصبح حلما بعيد المنال … وربما لا يتحقق إلا بعد أن يمضي الشاب سنين طوال في العمل ليلا ونهارا حتى يحقق هذا الحلم .. ولكن حينها سيكون أفنى عمره لمجرد الحصول على سكن
    الشباب يتطلعون اليوم للكسب السريع و بأية وسيلة .. فهم لا يريدون أن يضيعوا وقتهم في انتظار جواب القوى العاملة التي من الممكن أن تضعهم في مكان بعيدا عن تخصصهم
    سرح أحمد في أفكاره وأخذ يفكر في مستقبله فلقد مل من الجلوس في البيت وانتظار سعي والده وأقاربه في واسطة للحصول على وظيفة محترمة
    يعود أحمد مرة أخرى إلى الإنترنت ثم يقلب صفحات الموقع ويقرأ ما كان قد قرأه من قبل... شهداء القسام
    الشيء الوحيد الذي لم يمل منه أحمد هو قراءة سيرة هؤلاء الشهداء فهو يرى فيهم الصحابة الذين لم يعاصروا الرسول صلى الله عليه وسلم
    فتح أحمد مذكرات حسن سلامة الموجودة في الموقع وأخذ يقرأها ثم أندمج في القراءة وحين وصل للفصل الذي يتحدث فيه الأسير حسن سلامة عن الحديث الذي دار بينه وبين الإستشهادي
    وكيف رفض الإستشهادي تناول الطعام اشتياقا منه لتناوله في الجنة والرؤيا التي رآها قبل تنفيذه العملية بساعات... أجهش أحمد في البكاء لدرجة أن أخته سمعته من خارج الغرفة فأسرعت لتتبين الأمر
    دخلت عليه وهي في حالة من الجزع خوفا على أخوها وتسأله ما الذي حدث
    لم يجبها أحمد على سؤالها أو بالأحر لم يستطع أجابتها على أسئلتها وبدا كأنه لم يسمعها
    لولا أنها قالت له لقد نودي لآذان المغرب.. حرام عليك الجلوس على النت كل هذا الوقت
    قام أحمد ودون أن يتحدث مع أخته ولو بكلمة وذهب للوضوء للصلاة
    وبدورها استغلت ابتعاده عن شاشة الجهاز لتقرأ ما الذي قرأه أخوها فأبكاه إلى هذه الدرجة
    عاد أحمد ودخل غرفته وفرش سجادة الصلاة وبدأ الصلاة في خشوع لم يتعوده من قبل .. بينما أخته تقرأ النص الموجود على الشاشة
    أنهى أحمد صلاة المغرب وركعتي السنة ورفع يده إلى السماء يدعوا للمسلمين والمجاهدين ..ثم أنتبه أن أخته لازالت في الغرفة .. فلتفت إليها قائلا لو سمحت يا ريم أريد أن أبقى وحدي قليلا
    فنظرت إليه وكانت الدموع تملأ عينها وقالت له هل هذا ما أبكاك
    فقال لها : هل قراءتيه ؟
    قالت : نعم وهو مؤثر حقا
    إنهم أُناس من عالم آخر ..سبحان الله ما أقوى عزيمتهم
    ثم استطردت قائلة.. ولكن قراءة مثل هذه القصص ليست جيدة بالنسبة لك ... فقد تسبب لك حالة من الكآبة والحزن ..الأفضل أن تدعو الله بأن يحنن قلوب المسلمين عليهم وأن يهبوا لنصرتهم
    نظر إليها أحمد وقال : كل واحد في الأمة الإسلامية يقول قولك هذا .. وكل واحد يتكل على الأمة الإسلامية .. ونسي أن الأمة الإسلامية هي نحن ولا أحد سوانا.. فحين يفكر الجميع بهذه الطريقة كيف تصحوا الأمة الإسلامية وكل أبنائها يقولون متى تهب الأمة الإسلامية أليس هذا من عجائب الأمور ؟
    قالت وهل الناس البسطاء بيدهم شيء ؟؟ أليست هذه وظيفة الحكام
    قال أحمد متعجبا ساخرا ..حكام !
    اتركيني يا أختي وحدي .. فأنا أريد أن اختلي بنفسي
    قالت له الآن سيبدأ برنامج الأستاذ عمرو خالد … ألا تريد أن تشاهده ؟
    قال حين يبدأ نادي علي .. أريد أن أرسل رسالة إلى صديق على الإيميل
    مرت الأيام وأحمد بين النت وبين ما يراقبه في الحياة
    وفي يوم جاء والده وقال له .. وجدت لك وظيفة في إحدى المجلات المشهورة فلقد توسط لي فلان عند رئيس التحرير ورضي أن يجربك
    فرح احمد كثيرا بهذا الخبر فهذا ما كان يتمناه.. وظيفة صحفي
    ذهب احمد إلى عنوان المجلة وقابل رئيس التحرير الذي استقبله بحفاوة و حدثه عن تشجيعه للشباب الطموح
    وبين نصائح الخبير و السؤال عن الأقارب انقضى الحديث بينهما على أن يقوم احمد بإعداد تحقيق عن أحدى الممثلات المتهمات في احد القضايا
    وبالفعل قام احمد بهذا العمل وقد أُعجب رئيس التحرير بأسلوبه في تناول الموضوع
    وذات يوم قال أحمد لرئيس التحرير إن ما يحدث في فلسطين يشد العالم هذه الأيام وخصوصا العمليات التي يقوم بها الفلسطينيين من تفجير أنفسهم وسط اليهود .. فلماذا لا نكتب عنهم أو تسمح لي بتناول هذا الموضوع ؟
    قال له رئيس التحرير إن هذا من تخصص الجرائد والمجلات المهتمة بالسياسة وأنت تعلم أن مجلتنا خفيفة .. وقراءها من نوعية معينة لا تستهويهم هذه المواضيع
    قال أحمد أستطيع أن أتناول الموضوع بطريقة تجعله ملفتا للنظر فما يحدث في فلسطين على ألسنة الناس هذه الأيام
    تحدث أحمد في الموضوع مع مسئوله في العمل وقد أبدى حماسة كبيرة في حديثه حتى قال له رئيس التحرير ما لم يكن ليتوقعه منه
    فقد اقترح عليه رئيس التحرير أن يسافر إلى فلسطين ويقوم بعمل تحقيق صحفي هناك
    لم يكن يتوقع رئيس التحرير استجابة احمد لهذا الأمر.. فلقد خُيل إليه أنه من أنصار العمل والكتابة عن بعد.. فالسفر إلى فلسطين شاق والمجلة لا توجد لديها إمكانيات تغطية مصاريف سفره .. خصوصا وهي ما تزال مجلة ناشئة
    ولكن أحمد الذي لم يكن ليحلم بهذا الأمر تمسك بالفكرة وتحمس لها كثيرا لدرجة أنه عرض على رئيس التحرير أن يساهم في مصاريف السفر والإقامة على نفقته الخاصة وبينه وبين نفسه اعتبر أن بدايته كصحفي مشهور ستبدأ من هناك
    تتسارع الأحداث ويبدو أن حلم احمد أصبح قريبا من الحقيقة ... فلقد تم تحديد معاد سفره إلى غزة عن طريق معبر رفح الحدودي
    وبين إصرار احمد و نصائح الأهل والأصدقاء بعدم الذهاب وجد احمد نفسه أخيرا في المعبر يتمم الاجرائات في الجانب المصري ويدخل إلى الجانب الفلسطيني الذي يشرف عليه اليهود
    ولأول مرة في حياته يجد أحمد نفسه أمام اليهود وجها لوجه
    الموظفين في المعبر من رجال ونساء كلهم من الجنود ويرتدون الملابس العسكرية ويحملون أسلحة أتوماتيكية
    كأنه يدخل إلى قاعدة عسكرية وليس معبر حدودي
    ولكن أحمد أخذ انطباع خاطئ عن اليهود في المعبر .. فلقد عامله الموظفون بكل لطف وأدب حتى بدا له أن اليهود يختلفون عن ما سمع عنهم وقرأ
    خرج أحمد من مبنى المعبر الخاص باليهود وركب حافلة تقله أمتار معدودة لأنه لا يُسمح لأحد بالتنقل سيرا على الأقدام
    خرجت الحافلة من المعبر و سارت به مسافة ثلاثين متر تقريبا ثم توقفت بالقرب من بوابة المعبر وكما يفعل المسافرون نزل أحمد من الحافلة واخذ معه حقيبته واتجه نحو موقف السيارات الذي ينادي على الركاب
    في تلك اللحظة كان هناك شاب يقوم بتوصيل صديقا له مسافر نحو إحدى البلاد العربية مارا بمصر
    ولا حظ الشاب حديث أحمد مع السائق وانتبه للكنته المصرية الواضحة
    ويبدو أن السائق واحمد اختلفا على شيء .. فتدخل الشاب في الحوار وقال هل من مشكلة ؟
    نظر إليه السائق وقال له : يريد أن يأخذ السيارة طلب مخصوص إلى خان يونس ويدفع عشرة جنيهات فقط
    نظر الشاب إلى احمد وقال له هل لك أقارب في خان يونس قال أحمد لدي صديق يسكن هناك وهذا هو عنوانه
    قال الشاب أنا من خانيونس ... يمكنني أن أوصلك معي إلى عنوانك
    قال احمد أكون شاكرا لك ولكن كم ستأخذ مني
    ضحك الشاب وقال له لا عليك لن نختلف على هذا
    تقدم الشاب واحمد نحو السيارة ووضع حقيبته في الكرسي الخلفي ثم قال له هل أنت فلسطيني تسكن في مصر ؟؟
    رد احمد لا بل مصري وجئت هنا لزيارة احد الأصدقاء وهو من خان يونس
    نظر إليه الشاب وقال جميل أن يزور مصري صديقا له في غزة رغم صعوبة السفر
    قال احمد انه صديق حميم تعرفت عليه منذ وقت طويل
    ثم سأل احمد الشاب.. هل خان يونس بعيدة من هنا
    قال الشاب لا بل قريبة جدا حوالي سبعة كيلو
    احمد .. صحيح كم ستأخذ مني أجرة توصيل ؟
    قال الشاب لن أأخذ منك شيئا فانا لست سائق تكسي
    ركب الاثنان السيارة ثم تذكر احمد السائق وقال : هل رأيت ذلك السائق الذي لم يعجبه عشرة جنيهات في هذه المسافة
    ضحك الشاب كثيرا من كلام احمد وقال: الأسعار هنا تختلف عن عندكم
    فالعشرة جنيهات لا تساوي الكثير هنا
    ثم استطرد الشاب قائلا : عليك أن تبدل نقودك إلى نقود إسرائيلية حتى لا تتعب حين تحتاج شراء شيء
    احمد .. إذا كنت تعرف محل صرافة جيد فدلني عليه وأكون شاكرا
    قال الشاب هذه أول مرة تزور فيها القطاع أليس كذلك ؟
    أحمد .. نعم
    الشاب.. ما رأيك أن نمر على رفح في طريقنا وهناك تبدل نقودك في سوق العملة وبالمرة تشاهد رفح
    احمد وقد ارتاح للشاب كثيرا ثم مازحه قائلا أرجو أن لا أبدأ زيارتي لغزة بعملية نصب
    ضحك الشاب من مزحة احمد وقال : لا عليك هنا لا يوجد نصب والغريب له معاملة خاصة
    قال احمد ما غريب إلا الشيطان
    اقتربت السيارة من مفترق الطريق الذي يتجه يمينا إلى مدينة رفح أو قلعة الجنوب كما يحب أهلها أن يسموها
    ظل احمد والشاب صامتين لبعض الوقت
    وهنا نظر احمد إلى شريط تسجيل يخرج نصفه من مسجل السيارة فقام بإدخال الشريط إلى المسجل وأشعله
    كان شريط مجاهدون وكانت الأنشودة التي سمعها أنشودة رغم الموت والمذابح والتشريد
    أنتبه أحمد أن الشريط لحماس فقال للشاب ..هل هذه الأشرطة ممنوعة عندكم
    الشاب.. لا … ومن سيمنعها ؟
    أحمد .. السلطة… ألا تقوم بسجن رجال حماس ؟
    الشاب .. يحدث هذا أحيانا ولكن ليس بسبب شريط طبعا
    توقف الشاب بالسيارة أمام أحد محلات الصرافة وقال لأحمد هيا لكي تقوم بتبديل ما تريده
    نزل احمد والشاب من السيارة ودخلا المحل وطرح الشاب على صاحب المحل السلام
    فرد عليه الصراف وعليكم السلام.. كيف حالك يا علي
    الشاب أو علي ... الحمد لله كله تمام
    قال علي بكم يساوي سعر الجنيه اليوم
    الصراف .. الجنيه = 1 شيكل بالضبط
    علي .. صديقي لديه جنيهات يريد استبدالها
    قال الصراف موجها حديثه لأحمد …كم معك ؟
    احمد ..أريد أن استبدل مائتي جنيه ومائة دولار
    قال الصراف هذا يساوي 646 شيكل
    قال احمد حسنا تفضل هذه هي النقود
    لم يكد احمد يكمل كلمته حتى قطعها إطلاق الرصاص


    يتبع باذن الله تعالى


  • #2
    و هذه ستشوقنا أيضاً ... ننتظر البقية أخي الحسني و جزيت خيراً
    اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها
    و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة
    .

    الجنة لا خطر ( مثيل ) لها ، هي و رب الكعبة
    نور يتلألأ
    و ريحانة تهتز
    و قصر مشيد ...




    تعليق


    • #3
      أخي الحسني
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      قصة رائعة ومنتظرين البقية بمشيئة الله
      www.2d4u.com
      فريق افتر افكت العربي
      اثبت للأخرين إننا قادرين أن نطيح بأي يد تكتب كلمة إساءة من فضلك صوت معنا لإغلاق غرفة بالبالتوك تهاجم الرسول صلى الله عليه وسلم
      http://www.petitiononline.com/Steyr/petition.html

      شارك معنا أخي الكريم في تنشيط المنبر الأدبي

      تعليق


      • #4
        اولا اخى الحبي و نحن نحبك فى الله الذى احببتنا فيه
        و قصه رائعه يا مان تحتوى على عشق هذا الشاب لفسطين .. و لمسجدها الاقصى . اول القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين
        اللهم انصر اهل فلسطين على اعدائهم
        (محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً سيماهم فى وجوههم من أثر السجود)
        صدق الله العظيم

        تعليق


        • #5
          السلام عليكم

          الصراحة هذه هي القصة الوحيدة التي سيطرت على فؤادي وزادة من حبي لفلسطين وشباب فلسطين وكذلك شباب مصر ...

          سبحان الله .. والله يا إخوه إنها قصة عجيبة فعلاً ..

          وأحببت أن أضعها لكم على أجزاء حتى لا تملوا كما مللتم من موضوع ( حينما قدت السيارة ) لطوله ..

          فأقول لكم كلمة موجزة طيبة .. أخي إذا كنت تقرأ ما يرضي الله عليك .. فلا تمل من القراءة وعلم وأنت تقرأ أنك في

          عبادة .. والله راضي عن وقتك الضائع في هذه القراءة ... فأقل إنشئت أو أكثر ..

          بصراحة بعد قرائتي للقصة زاد إيماني زيادة عجيبة .. فجز الله خيراً من كتب هذه القصة بهذا الأسلوب.. فحقاً إنه لمبدع

          تعليق


          • #6
            انا قرأت القصه كامله وكنت بنقلها لكن اخوي قالي انك نقلتها هنا


            النهايه مؤثره جدا



            تبغوني أقول مقاطع من القصه :d

            تعليق


            • #7
              آآآآآآآآآآآآآسف لقد جعلتكم تنتظرون ... نسيت الموضوع

              نكمل ما بدأنا به :

              ...................................................................
              الجزء الثاني
              بسم الله الرحمن الرحين

              قام الجنود في بوابة صلاح الدين بإطلاق النار بصورة مكثفة من موقع ترميد المقام على الحدود باتجاه شارع البوابة دون أدنى سبب
              فهم في هذه المنطقة يطلقون النار بصورة مستمرة ومتواصلة على أي حركة تبدو مريبة لهم
              وكم قتل هذا الموقع من سكان رفح من شباب وأطفال وشيوخ ونساء
              حتى أصبح اسم الشارع بوابة الموت بدلا من بوابة صلاح الدين
              هدأ علي من روع احمد الذي أصيب بحالة من الرعب والفزع لكثرة وكثافة النيران و قال له لا تخشى شيئا نحن مستورين عن إطلاق النار
              أراد احمد أن يستفسر عن الذي حدث ولكن قاطعه صوت الصراف الذي لم يبدو عليه أي علامات الاكتراث بما حدث وهو يقدم لأحمد وعلي القهوة
              احمد ..الرصاص مثل المطر وأنت تريد أن تشرب قهوة !؟

              الصراف وقد أضحكه حديث أحمد .. تعودنا على هذا ولم يعد يخيفنا
              احمد.. ولكننا قد نقتل إن بقينا هنا
              علي.. لا عليك فنحن بعيدين عن مرمى النيران
              أحمد.. أريد أن أغادر هذا المكان بسرعة
              قال علي موجها حديثه للصراف نشرب القهوة في مرة لاحقة ولا تنسى موضوع البزر السلام عليكم
              اسمك علي ؟ سأل أحمد علي وهو يركب السيارة
              قال علي : نعم .. وأنت ؟ لم أتشرف باسمك
              أحمد.. عاشت الآسامي .. اسمي احمد .. صحفي مصري
              قال علي : سعدت بالتعرف عليك ...عليك أن تتعود على ما يحدث هنا وإلا ستمل من القطاع بسرعة
              أحمد .. أريد تفسير لما حدث
              قال علي هذا شيء طبيعي يقع في كل المناطق الحدودية
              أحمد .. وهل كنا قريبين من منطقة حدودية
              قال علي نعم حدود بلدك لم تكن تبعد عن محل الصراف سوى أمتار قليلة
              ثم أردف علي قائلا ..السياج الذي يفصل بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية يعد من أكثر المناطق الذي استشهد فيها الفلسطينيون... ونحن كنا قريبين منه
              قال احمد : إن ما حدث شيء مخيف ...أول مرة اسمع إطلاق رصاص بهذه الطريقة في حياتي
              قال علي : ألم تدخل الجيش في مصر
              أحمد.. لا .. لأني وحيد وليس لي إلا أخت واحدة
              علي .. ستسمع مثل هذا الرصاص كثيرا وفي الليل يتحول الرصاص إلى قذائف دبابات
              قال أحمد الحمد لله أن صديقي يعيش بعيد عن الحدود المصرية
              ضحك علي وقال : أرجو أن لا يكون صديقك يسكن بالقرب من حدود المستوطنات
              نظر أحمد لعلي متعجبا وقال : هل يحدث هناك كما حدث الآن في رفح
              قال علي ليس بالضبط ولكنه أسوأ قيلا
              ثم أخذ علي يضحك بصوت عالي حتى انتقلت عدوى الضحك إلى أحمد فأخذا يضحكا سويا
              قطعت السيارة الطريق المحاطة بالأشجار العالية بين خان يونس ورفح في عشرين دقيقة تقريبا
              اقتربت السيارة من مدينة خان يونس وهنا قال علي.. أعطني عنوان صديقك واسمه فقد وصلنا خان يونس
              أعطى أحمد لعلي الورقة وتوجه علي نحو العنوان المكتوب على الورقة وهناك سأل الصبية الموجودين في المنطقة عن اسم صاحب العنوان فقال لهما أحد الصبية هذا هو البيت وأشار نحو منزل أيمن
              نزل علي وأحمد بعد أن وصلا إلى البيت ليسألا عن صديق أحمد
              طرق أحمد باب المنزل فخرج له شيخ كبير في السن فسلم عليه أحمد وسأله عن أيمن
              قال الشيخ.. أيمن خرج اليوم إلى الجامعة في غزة ولم يعد لأن اليهود أغلقوا الحاجز
              أحمد.. وهل سيطول غيابه
              الشيخ ..لا أحد يمكنه أن يعرف فهذا متعلق بفتح الحاجز
              أحمد للشيخ ..سأعود لأسأل عنه مرة أخرى
              سأله الشيخ .. حين يأتي نقول له من ؟…
              أحمد.. قل له صديقك المصري أحمد الذي يحدثك على المسنجر
              قال الشيخ مستغربا ..ماسنجر ؟
              هنا تدخل علي وقال للشيخ .. ممكن يا حج تعطيني رقم جواله
              الشيخ.. هو لا يحمل جوال .. فقد باعه منذ مدة
              علي .. حسنا يا حج نشكرك وسنعود لنسأل عنه مرة أخرى
              الشيخ.. لا يصح أن تمشوا هكذا على الأقل كوب شاي
              أعتذر علي من الشيخ وقال له.. مرة أخرى يا حج .. سنشربه حين يأتي أيمن
              ركب علي وأحمد السيارة ووجه علي كلامه لأحمد قائلا هل أفهم من كلامك أن صديقك هذا تعرفت عليه من الماسنجر؟
              أحمد .. نعم.. ولكنني أعرفه جيدا فأنا أحدثه منذ سنة تقريبا
              علي.. أرجو أن يكون شاب طيب وألا تذهب زيارتك أدراج الرياح
              أحمد.. في الحقيقة أنا هنا لأقوم بعمل صحفي ولكنني قلت أن صديقي أيمن سيساعدني في هذا العمل بالتأكيد
              ثم قال أحمد.. توجه بي نحو أقرب فندق من هنا
              علي.. لا يوجد في خان يونس ولا رفح فنادق ..وغزة الطريق إليها مغلق .. ثم أضاف علي.. ستبقى في ضيافتي حتى يعود صديقك
              أحمد.. لا أريد أن أثقل عليك
              علي .. لا تتحدث هكذا.. أنت ضيفي ابتداء من اليوم
              أحمد.. أشكرك كثيرا لقد أرهقني السفر واحتاج للنوم بشدة
              ذهب علي إلى أحد المطاعم وقام بشراء طعام الغداء ثم ذهبا إلى المنزل 0
              لاحظ أحمد أن المنزل خالي من الأثاث إلا من كراسي البلاستيك وغرفة بها فراش ارضي ومطبخ متواضع جدا خالي من أغلب مستلزماته
              قال أحمد مازحا أين أثاث المنزل تبدو الشقة خالية ؟
              علي .. هذه الشقة ستكون عش الزوجية وهي مقر عزوبية مؤقت وملتقى للأصدقاء
              أحمد .. ألا تسكن مع أهلك ؟
              علي .. بلى .. ولكن أحيانا آتي إلى هنا لأقيم يوم أو يومين فالمنزل مزدحم لا يصلح للقاء الأصدقاء

              أحضر علي طاولة من البلاستيك وأعد الطعام وجلس كلاهما يتناولان طعام الغداء وأثناء الغداء حدثه علي عن طبيعة مدينة خان يونس والمنطقة الجنوبية من قطاع غزة عموما
              فهم أحمد أنه في مدينة تختلف كثيرا عن مدن مصر من حيث العادات والتقاليد
              خان يونس مدينة نصف سكانها من اللاجئين .. تنقسم إلى بلد ومخيم .. والمخيم يختلف كثيرا عن المدينة ولكنهما متشابكين ومتداخلين
              قال أحمد .. لاحظت أن أغلب النساء هنا محجبات حتى طالبات المدارس الصغار يرتدين الإشارب
              علي .. هذا صحيح فخان يونس مدينة محافظة جدا و من الصعب ان تجد امرأة تسير في الشارع دون أن تغطي رأسها
              ناهيك عن أن عادات القبيلة تحكم الناس هنا أكثر من أي شيء آخر .. وربما تستغرب لو قلت لك أن مسألة الثأر هنا أقوى من ما هي عليه عند الصعايدة في مصر
              ضحك أحمد قائلا : كل جنوب له صعايدة
              علي ... ربما ... ولو أن خان يونس تعتبر جنوب القطاع وليست جنوب فلسطين .. سأتركك الآن لتأخذ قسطا من الراحة و أ نهي بعض المشاوير .. ثم أعود إليك بعد المغرب لكي نقوم بجولة في خان يونس
              ثم قال علي.. هناك هاتف نقال تستطيع أن تتصل منه على مصر لكي تطمئن الأهل في مصر على سلامة وصولك .. و هذا رقمي أن أردت أن تتصل بي أو احتجت لشيء
              خرج علي بعد أن أعطى أحمد الهاتف وبقي أحمد في المنزل يستريح من عناء السفر ويأخذ قسطا من النوم .. وفي المساء عاد علي لكي يصحب احمد في جولة داخل المدينة
              خرج علي وأحمد سيرا على الأقدام وتوجها نحو قلب المدينة وبعد أن صليا صلاة العشاء في الجامع الكبير توجها نحو أحد المطاعم التي تبيع الفول والفلافل
              جلسا في المطعم وبدأ أحمد يراقب الناس ويستفسر عن بعض الكلمات التي يصعب عليها فهمها من التي يتبادلها الصبية
              وأثناء تناولهم الطعام تقدم شاب يحمل كلاشن كوف واقترب منهما ثم قال : حلو .. ضمنا العشاء اليوم
              نظر كلاهما للمتحدث وهنا قال علي : حماتك بتحبك .. اجلس يا اشرف وتناول معنا العشاء
              قال أشرف ..و لو أني أكلت قبل قيل ولكن لا بأس
              ضحك علي قائلا .. اجلس وبلا كتر غلبة
              وجه أحمد حديثه لأشرف وسأله .. هل أنت من كتائب القسام ؟
              نظر أشرف إلى علي قائلا يبدو أن صاحبك يريد أن يدمر المطعم فوق رؤوسنا ثم وجه حديثه لأحمد ... لا يا أخي أنا من كتائب أحمد أبو الريش
              قاطع علي الحديث وبدأ يوضح لأحمد الأمر .. كتائب الشهيد أحمد أبو الريش هي تابعة لحركة فتح بينما القسام تابعة لحماس
              أحمد .. أعلم عن القسام الكثير ولكن أول مرة أسمع عن أبو الريش
              علي لأشرف.. أخونا أحمد من مصر واليوم هو أول يوم له في القطاع
              أحمد .. أريد أن ألتقي واحدا من مجاهدي القسام فأنا صحفي وأريد أن أقوم بعمل تحقيق صحفي عن كتائب القسام
              قال أشرف ضاحكا .. لو تقوم بهذا التحقيق الصحفي معي يكون أفضل لك على الأقل تضمن أنك لن تتعرض لقصف الطائرات وأنت تحدثني
              يبدو أن علي لم يعجبه هذا الكلام فأراد أن يغير الموضوع فقال لأحمد .. ما رأيك بالفلافل ؟
              أحمد طعمها جميل ولكنها ليست مثل الفلافل عندنا
              أجابه علي .. نعم هذا صحيح ..لأن الفلافل هنا مصنوعة من الحمص.. أما في مصر فهي مصنوعة من الفول ولهذا سألتك عن الفرق
              أحمد .. نعم الفلافل هنا طعمها أفضل .. ثم وجه حديثه لأشرف وسأله .. هل يمكن أن تساعدني في الوصول لكتائب القسام ؟
              أشرف.. من الصعب الوصول للقسام فهم لا يظهرون شخصيتهم لأحد .. ولكن ممكن أجعلك تصور عملية نقوم بها على المستوطنات
              فرح أحمد كثيرا وقال .. ومتى يمكنني هذا
              أشرف.. في أي يوم تريده
              أحمد حسنا فليكن غدا
              قال علي لأحمد .. لا تصدقه فهو يكذب
              أشرف لعلي .. هل تراهن ؟
              علي .. بدون رهان .. أصلا أنتم أهل السلطة لا ذمة ولا ضمير
              أشرف .. ملعون أبو السلطة .. أصلا لولا الراتب لحلقتلها على الناشف
              أحمد يسأل .. هل الأخ من السلطة ؟
              قال علي نعم .. يعمل في المخابرات
              ثم انهمكوا في الحديث عن السلطة والفساد والأجهزة الأمنية
              وفي آخر المطاف فهم أحمد أن أشرف لا يكن ولاء للسلطة و العلاقة بينه وبين السلطة هي الراتب الشهري فقط
              واتفق أحمد مع أشرف أن يقوم بتصوير عملية أطلاق نار على المستوطنات تقوم بها كتائب أبو الريش

              خرج أحمد وعلي من المطعم وتجولا في المدينة وبينما علي يحدثه عن قلعة برقوق وسوق الأربعاء وما تعرضه المحلات كان أحمد ينظر للمسلحين الذي يرتدون الملابس المدنية وكلما شاهد مسلح ملتحي سأل علي هل هذا من كتائب القسام؟ وكان علي يجيب بالنفي دائما

              عاد الاثنان إلى المنزل ولكل منهما انطباع عن الآخر
              علي لا يرتاح لأسئلة أحمد المتكررة عن كتائب القسام وليس راضيا عن الاتفاق الذي حدث بين أحمد وأشرف
              وأحمد بدء يشعر أن علي يتعمد تضليله أو يخفي عنه شيء .. وتمنى أن يعود أيمن من غزة بأسرع وقت .. وربما علي كان يتمنى ذلك أيضا
              قال أحمد نسينا أن نذهب إلى بيت أيمن لنسأل عنه
              علي .. لازالت الطريق بين غزة والجنوب مغلقة وما من سبيل أن يعود حتى تفتح الطريق أحمد .. هل تتضايق من وجودي معك ؟
              علي .. لم تقول ذلك ؟
              أحمد .. أرى أن هناك تغير طرأ على معاملتك لي.. فلم تعد تمزح كما كنت في السابق
              علي .. أسئلتك عن القسام وحديثك عن المقاومة والفصائل قد يسبب لك المتاعب فهذه الأمور لا يتحدث فيها أحد على الملأ
              أحمد .. أنا لم أتحدث إلا معك ومع صديقك فقط
              علي .. أولا أشرف ليس صديق .. فعلاقتي به مجرد معرفة وجيرة فقط .. ثم أنك يا رجل تكاد تسأل كل من يحمل قطعة سلاح هل أنت من القسام
              أحمد.. وما الضير في هذا .. أليسوا يحملون سلاح.. إذا فهم من المقاومة
              علي .. ليس كل من يحمل سلاح يعتبر مقاومة .. أغلب من رأيتهم هم مثل أشرف وأفراد الأجهزة الأمنية وبعض المتسلقين .. يجب أن تعرف أن المقاومين الحقيقيين لا يسيرون في الشوارع بهذه الطريقة الاستعراضية لأنهم سيعرضون أنفسهم للخطر
              أحمد .. أليس أشرف من المقاومة
              علي .. سترى هذا غدا .. الم تتفقا سويا على أن تصور عملية لهم غدا ؟
              أحمد .. بلى
              علي .. حسنا إن غدا لناظره قريب
              ولكن كن حذراً وحتى لا تتعرض لخطر إلزم الشباب ولا تفارقهم أبدا ..فهم أدرى بالمنطقة وكيف يتصرفون حين تستصعب الأمور
              أحمد.. سأعمل بنصيحتك فلا تحمل هما
              علي مازحا .. فعلا.. الصحافة مهنة البحث عن المتاعب



              يتبع =

              تعليق


              • #8
                قضى كلاهما الليلة وكل منهما يتحدث عن نفسه فأحمد لم يكن لديه شيء يخفيه حدث علي عن كل شيء تقريبا حتى عن تصفحه لموقع القسام والشهداء والعمليات والشهيد المصري أبو جندل رحمه الله منفذ عملية القدس
                ربما كان هذا التوضيح من أحمد قد خفف قليلا من ريبة علي
                ولكن أحمد شعر أن علي لا يثق به ولهذا سأله عن سبب استضافته له وهو لا يعرفه
                قال علي أنا اعرف مصر جيدا و لدي فيها أصدقاء وحين رايتك وسمعت لهجتك تذكرت مصر والأصدقاء لهذا عرضت عليك التوصيل و الباقي أنت تعرفه
                أحمد مازحا .. تقصد أنك تورطت في استضافتي
                علي .. ليست ورطة .. ولكن ظروف عملك وعدم إلمامك بطبيعة الناس هنا قد يسبب لك المشاكل ..خصوصا وأنت على ما يبدو ستخوض مغامرة الله أعلم إلى أين تنتهي
                ليس من حقي أن أتدخل في عملك ولكن الموضوع ليس سهل كما تتصور وبما أنك ضيفي فأنا أشعر تجاهك بالمسؤولية

                أحمد .. هل أنت مقاوم يا علي ؟
                علي.. سؤال غريب .. وما الذي جعلك تقول هذا ؟
                أحمد.. مجرد سؤال عابر
                علي .. في الحقيقة أنا أقاوم النوم الآن فلدي عملي غداً .. تصبح على خير
                أحمد .. وأنت من أهل الخير

                في الصباح أتصل أشرف بعلي واخبره انه ينتظره بجوار مسجد السنة في وسط المدينة لكي يقوم أحمد بتصوير بعض الشباب الملثمين ويجري حوار معهم قبل أن يذهب معهم في الليل ليصور العملية
                وبالفعل ذهب أحمد وعلي إلى أشرف .. وأوصى علي اشرف أن يهتم بأحمد جيدا .. وشدد على أحمد انه لو احتاج شيئا فليستعمل الهاتف الذي معه ويتصل عليه.. وافترق علي عنهما
                قضى احمد نهاره كله مع أشرف وقام بالفعل بتصوير بعض الشباب الملثمين وأجرى معهم حوار صحفي وحين حل الظلام توجه أشرف و أحمد ومعهم ثلاثة من الشباب إلى منطقة النمساوي خلف مستشفى ناصر
                دخل الجميع المقبرة القريبة من الحي النمساوي وكان الجميع يحمل الأسلحة باستثناء أحمد الذي كان يحمل كاميرة الفيديو الصغيرة
                لم يكن يعرف أحمد أين الهدف الذي سيطلق عليه الشباب النار ولكنه وجه الكاميرا نحو الشباب الذين اتخذوا وضع الاستعداد لإطلاق النيران
                صمت مطبق ولحظات صعبة بالنسبة لأحمد الذي بدأ يشعر بشيء من القلق والتوتر خصوصا عندما فهم أن هناك دبابات في المنطقة ولم يكن صوت هذه الدبابات ببعيد مما زاد حالة التوتر والقلق عند أحمد
                وفجأة أطلق الشباب النار نحو المستوطنة بكثافة
                ولم تكد تمر لحظات حتى ردت جميع نقاط المراقبة الموجودة على السياج النيران بصورة عشوائية ومكثفة
                وهنا قال أشرف لأحمد هيا اتبعنا علينا أن نغادر المنطقة فورا
                بالكاد استطاع أحمد أن يحرك قدميه فما شاهده كان شيء يحدث له لأول مرة في حياته
                ألاف الطلقات تطايرت هنا وهناك وهو يراها بكل وضوح .. ألاف الجمرات الحمراء تحك الهواء بصرير مخيف وقد بدا لأحمد أن دوي الطلقة يعتبر من الأصوات الشاعرية بالنسبة لصوت احتكاك الطلقة في الهواء لأن هذا الصوت يعني أن الطلقة تمر قريبا جدا منه
                ولقد حدث ما كان يخشى منه احمد... بدأت الدبابات بإطلاق القذائف على منطقة المقابر
                حالة من الإرباك سببتها القذائف جعلت الجميع يفر كل واحد في مكان مختلف إلا أحمد الذي أخذ وضع الانبطاح ..ثم رفع رأسه ليجد نفسه وحيدا بين القبور بينما نيران اليهود مازالت متواصلة تضرب في كل مكان على غير هدى
                لم يعد يعرف أحمد أين يتجه فالظلام دامس والرصاص ما يزال ينهمر على المنطقة
                ثلث ساعة تقريبا وبدا له أن الدبابات باتت أقرب إلى المكان فلقد أصبح صوت محركاتها قريبا جدا
                توقف عقل أحمد عن التفكير وبدا له أن نهايته قد حانت وتذكر أهله في مصر وآخر مرة كانت توصيه والدته بأن يأخذ حذره في آخر كلماتها له
                وفجأة أنقطع تفكيره حين تذكر الهاتف المحمول الذي أعطاه إياه علي
                فما كان إلا أخرجه من جيبه لكي يتصل بعلي
                ولكن ضوء الهاتف في الظلام يبدو أنه كشف مكانه بالنسبة لليهود

                --------------------------------------------------------------------------------------------------------
                يبدوا أن نقاط المراقبة الموجودة على السياج الحدودي ميزت ضوء هاتف أحمد وهو يحاول الاتصال بعلي ..ولأن شاشات المراقبة الإلكترونية مرتبطة كلها بشبكة واحدة .. قامت جميع نقاط المراقبة بتوجيه صالياتها نحو مصدر الضوء ..ولكن أحمد كان يختبئ خلف أحد القبور وهو في منطقة منخفضة قليلا لا تسمح بأن يصله الرصاص.. وطبعا أحمد لم يكن يعرف هذا … فاختياره للمكان الذي كان يختبئ فيه كان بمحض الصدفة
                تحركت إحدى ناقلات الجند لتتخذ مكان يمكنها من ضرب الهدف بصورة أفضل … و هذا التحرك جعلها تقترب أكثر من منطقة المقابر... ولكن كان هناك من ينتظر هذه اللحظة.. مجموعة من كتائب القسام كانت ترابط في المنطقة .. وقد رأت الناقلة اقتربت من العبوة المزروعة منذ ثلاثة أيام .. وحين قدر المجاهد وصول الناقلة إلى مكان العبوة.. قام بتفجير العبوة بواسطة سلك كهرباء
                في هذه اللحظة سمع أحمد صوتا كأنه يصدر من أعماق الجحيم … صوت الانفجار كان قويا للغاية .. فعبوات القسام كبيرة الحجم ومتقنة الصنع .. وصوت انفجارها يُسمع من على بعد أميال ..فكيف يكون الأمر وأحمد بعيد عن مكان الانفجار مسافة لا تزيد عن مائتي متر
                لم يعد أحمد يسمع شيئا على الرغم من حالة الهستيرية التي انتابت جميع نقاط المراقبة وأخذت تطلق النيران بكل أنواع العيارات والقذائف وينقلب مجمع المقابر إلى كتلة من النار بسبب ما تساقط عليه من قذائف و طلقات الرصاص المختلفة الأنواع
                أيقن أحمد أنه أصبح هالكا لا محالة .. و أن نهايته قد حُسمت في هذا المكان ولكنه شعر بيده تهزه وتجذبه نحوها ..نظر أحمد إلى صاحب اليد فتبين له أنه علي وكان الأخير يتحدث إليه ببعض الكلمات ولكن أحمد لم يكن يسمع ولا كلمة واحدة بسبب تأثير صوت الانفجار على أذنيه
                أمسك علي أحمد بيد والحقيبة والكاميرا باليد الأخرى و تسللا بين القبور حتى خرجا من سور المقبرة
                ومن مقبرة لأخرى حتى أصبح حي النمساوي قريبا منهم .. وقبل أن يقطعا الشارع ليصلا خلف إسكان النمساوي لاحظ علي اقتراب ظلين منهما في الظلام .. فاخرج مسدسه وصوبه نحو الظلين ثم ما لبث أن أعاد المسدس حين تبين له أن الشخصين ملثمين ويضعون على رؤوسهم شارت كتائب الشهيد عز الدين القسام .. وفي نفس اللحظة التي اقترب فيها الملثمين أطلقت دبابة قذيفة عملاقة من القذائف المضيئة فأحالت المنطقة على نهار حقيقي.. فأشار علي على الجميع أن يلزموا مكانهم وأن يحتموا في ظل السور حتى تنطفئ القنبلة المضيئة.. وفي ضوء القنبلة لمح أحمد شارات الكتائب الموضوعة على جباه الملثمين ولكن الظرف لم يكن يسمح له بالكلام
                قطع أحمد وعلي الشارع الفاصل بين المقابر ومنطقة إسكان النمساوي بسرعة وفي المنطقة السكنية أفترق الملثمين عن هما
                وصل أحمد وعلي إلى مستشفى ناصر حيث تقف سيارة علي.. وكان هناك اشرف بانتظارهم
                أراد أشرف أن يشرح لعلي الموقف ولكن علي قال سنتحاسب فيما بعد .. أ هذا ما وصيتك عليه؟
                ركب علي وأحمد السيارة عائدين إلى المنزل وفي الطريق حكى أحمد لعلي كل ما حدث من ساعة دخولهم منطقة المقابر
                وحين دخلا المنزل قال علي لأحمد ادخل الحمام لكي تستحم فأنت مليء بالغبار
                أحمد .. لازالت أذني تصفر و بالكاد أسمعك
                علي .. سيزول هذا قريبا المهم أنك بخير
                دخل أحمد الحمام لكي يستحم.. ثم رن جرس هاتف علي فرد على الهاتف قائلا حسناً سأفتح الباب لك
                فتح علي باب المنزل ليجد صديقه خالد وهو يقول له .. ماذا حدث لقد شاهدك الشباب في منطقة المقابر
                علي .. حكى لخالد عن ما حدث وطلب من خالد معلومات عن أيمن بأسرع وقت ممكن
                خالد .. أسأل عنه أصدقائي في منطقة سكناه وأخبرك بما يتوفر لدي من معلومات
                ثم غادر خالد المنزل ودخل علي المطبخ ليقوم بإعداد الشاي
                وقف أحمد على باب المطبخ قائلا .. تصور أن جسمي مليء بالجروح والخدوش ولم انتبه إلا الآن

                علي وهو يبتسم .. أرجو أن تكون بسيطة
                أحمد خدوش بسيطة ولكن يبدو أن الكاميرا قد انتهت
                علي… هل انكسرت ؟
                أحمد .. بعض الأجزاء مكسورة والكاميرا مليئة بالرمال
                علي .. لا تحمل هما .. سنجد من يصلحها
                أحمد .. كيف عرفت بمكاني ؟ لقد حاولت أن أتصل بك ولكن الرصاص كان كثيفا لولا القبر الذي أحتمي خلفه لقد كنت في عداد الأموات
                علي .. أتصل بي أشرف وأخبرني أنهم افتقدوك في مقبرة عائلة (…)
                فذهبت لأبحث عنك والحمد لله وجدتك بسرعة .. فأنا أعرف هذه المنطقة جيدا
                أحمد .. أنا مدين لك بحياتي .. فأنت عرضت نفسك للخطر من أجلي ولولاك…
                علي مقاطعا .. أولا أنا أعرف المنطقة جيدا وأعرف المناطق التي يمكن أن يصلها الرصاص دون غيرها .. ولهذا قلت لك أن تلزم الشباب لأنهم يعرفون كيف يخرجون من المنطقة وربما تستغرب لو قلت لك أن هناك من يبيت في هذه المنطقة حتى بعد كل ما شاهدته هناك فما حدث شيء يحدث كل يوم من بداية الانتفاضة دون انقطاع
                أحمد .. تخيلت أن الدبابة وصوتها يقترب أنها ستصبح فوق رأسي بين لحظة وأخرى
                علي ضاحكا .. من الصعب أن تتقدم الدبابة إلى المنطقة التي كنت فيها ..فالمنطقة هناك مليئة بالعبوات ..واليهود يعرفون هذا جيدا .. ودائما هناك من يرصد تحرك الدبابات لكي يفجر العبوات
                أحمد .. ليلة لن أنساها في حياتي .. تعرف ؟… كنت أتمنى أن يكون معي سلاح أطلق الرصاص عليهم ولا أموت هكذا أعزل
                علي وهو يبتسم .. أنت شجاع يا أحمد ولكن متهور أيضا
                أحمد .. معك حق تسخر مني
                علي .. لا والله لا أسخر .. بل هذه هي الحقيقة .. لقد دخلت منطقة كان يمكن أن تموت فيها ودخولك هذه المنطقة دون أن تعرف طبيعتها يعتبر تهور منك
                ولكن مجرد أنك فكرت في الخروج لتصوير اشتباك وأنت تعلم أنه قد تُقتل مع المنفذين يُعد شجاعة كبيرة
                أحمد .. وهل يفسر أشرف هذا هكذا ؟
                علي .. اشرف هذا لي حساب معه .. ما كان ينبغي له أن يتركك وحدك وقد نبهته لهذا كثيرا
                أحمد .. في الحقيقة أنا المحق لقد انبطحنا عندما انفجرت قنبلة قريبة منا ولكنني رفعت رأسي ولم أجد أحد .. كان يجب أن أبقى بجوار أحدهم ولكن الموقف كان مخيف بالنسبة لي
                علي .. لو كنت تعرف المنطقة جيدا كان يمكنك الاعتماد على نفسك
                أحمد مقاطعا .. تعرف يا علي وأنا في تلك المنطقة كنت أتمنى أن أكون في أي مكان آخر في الدنيا غير ذلك المكان .. ولكن بعد أن عدت إلى هنا أتمنى أن أكرر التجربة مرة أخرى ولكن يجب أن يكون معي سلاح ... ثم قال مبتسما ..لكن عليك أن تكون قريبا مني حينها .. لكي تتدخل مرة أخرى
                علي وهو يضحك .. نعم.. ولم لا.. أنت تقوم بعملية وأنا أصورك.. وبدلا من أن تقوم بتحقيق صحفي عن المقاومة تقوم بكتبة مغامراتك في القطاع
                ضحك أحمد وعلي وتبادلا المزاح وتذكر أحمد بعض النكات المصرية وكان علي يقول ما يعرفه من نكات فلسطينية ، ثم صليا الفجر وأثناء النوم قال أحمد غامزا .. لقد رأيتك وأنت تتحدث مع ملثمين من القسام وشاهدت معك مسدس أيضا
                علي .. نم يا أحمد ليس كل من يحمل سلاحا مقاومة
                أحمد .. تتهرب كعادتك .. تعرف يا علي ..فكرت في أختي وتحذيرها لي من المجيء إلى هنا حين كنت بين الحياة والموت في تلك المنطقة …لن تصدق لو قلت لها ما حدث .. ولكن لا تقنعني أنك لست من المقاومة
                علي .. نم يا أحمد .. خليني أعرف أنام
                أحمد .. حسنا حسناً .. ولكن من أين يأتي النوم ..



                تابع =

                تعليق


                • #9


                  في الصباح ..أفاق علي على جرس هاتفه وكان المتحدث خالد الذي قال.. أن أيمن قد عاد وهو طالب في كلية التربية جامعة الأزهر وليس له أي ميول تنظيمية .. سأله علي.. والجانب الأمني والأخلاقي ؟
                  خالد .. أخلاقه لا بأس بها والناحية الأمنية مبدئيا لا يوجد عليه شيء
                  علي .. حسناً ..شكرا يا خالد .. سأقوم بعمل اللازم.. ثم أنهى المكالمة
                  خرج أحمد وعلي من المنزل.. وقد علِم أحمد بوصول أيمن .. وبعد صلاة الجمعة توجه علي وأحمد نحو أحد المطاعم وتناولا طعام الغداء ..ثم عادا إلى المنزل وجمع أحمد أغراضه وحقيبته وتوجها نحو بيت أيمن
                  وفي الطريق نبه علي أحمد أن لا يخبر أحد بما حدث معه مهما كان حتى أيمن ..وقد وعده أحمد بذلك

                  رحب أيمن بكل من علي وأحمد ودعاهما للدخول.. وفي المنزل شكر أيمن علي على استضافة أحمد أثناء غيابه
                  وبعد تناول الشاي.. أستأذن علي من الجميع ووصى أيمن على أحمد.. خرج أيمن وأحمد من المنزل لكي يوصلا علي ..وسلم علي على أحمد وقال له ..كن حذرا وانتبه لنفسك جيدا .. وركب علي السيارة ولكن أحمد نادى عليه فتوقف علي ونزل من السيارة .. فقال له أحمد .. نسيت أن أعطيك الهاتف.. ضحك علي وقال اعتبره هدية مني لك.. فلدي هاتفي ولست بحاجة له .. أصر أحمد أن يعطي الهاتف لعلي ولكن علي رفض قائلا .. أبقيه معك حتى تنهي زيارتك …وحين تحتاج إلى شيء اتصل بي .
                  قال أحمد.. بالتأكيد لن أسافر قبل أن ألقاك وأودعك
                  وتعانق علي وأحمد الذي جمعت بينهم الصدفة صداقة من نوع غريب
                  تغيب أحمد عن علي حوالي أحد عشر يوما وكان أحمد يتصل بعلي من وقت لآخر
                  وقد علم علي أن أحمد استطاع أن يقابل الشيخ ياسين واجري معه حوار وقابل عددا من قيادات الحركة .. وفي يوم اتصل أحمد بعلي وأخبره أنه في الطريق من غزة إلى خان يونس ولكنهم أغلقوا الحاجز من الطرفين .. وبقي محجوز بين الحاجزين في السيارة مدة لا تقل عن تسعة ساعات
                  وصل أحمد إلى خان يونس بعد أن فُتح الحاجز والتقى بعلي الذي اصطحبه إلى المنزل

                  أحمد.. تخيل أنني كدت أموت وأنا محشور في السيارة مع سبعة ركاب دون أي حركة.. تسع ساعات.. مع أن في رحلة الذهاب أخذت الطريق تقريبا ساعة ونصف
                  علي.. أحيانا يتم احتجاز السيارات يوم بليلة والركاب داخلها دون أن يُسمح لهم بالخروج من السيارات
                  أحمد مستغربا .. لهذه الدرجة ؟
                  علي .. قبل أن يقيموا هذا الحاجز كانت الرحلة تأخذ من خان يونس إلى غزة بالسيارة نصف ساعة تقريبا .. فالمسافة من هنا إلى هناك تقريبا 35 كيلو أو أقل
                  أحمد .. لو كنت ذاهبا إلى القاهرة لوصلت في أقل من تسع ساعات
                  علي مازحا ..حتى تعرف أن القطاع كبير .. فكنا نشعر قبل الانتفاضة بضيق المساحة .. حتى أن الواحد منا كان يجوب القطاع من طرف جنوبه لطرف شماله بالسيارة في أقل من ساعة .. أما الآن ..فالتنقل بين الشمال والجنوب يُعد سفرا طويلا .. ضحك علي ساخرا .. هل ترى كم يحبنا اليهود ؟ يريدون أن يشعرونا أن القطاع كبيييير.. فلا تضيق صدورنا ونفكر في بقية فلسطين أو الذهاب إلى الضفة الغربية
                  حكى أحمد لعلي كيف أغلقوا الحاجز من كلا الطرفين وحجزوا عشرات السيارات بين الحاجزين .. والدبابات التي كانت تتحدث من خلال مكبرات الصوت مع السيارة المراد تفتيشها بأن تدخل في مكان محاط بمكعبات الأسمنت حتى لا يراها أحد وحتى يستطيعوا السيطرة على ركاب السيارة لو أن أحدهم أراد أن يقوم بشيء ما
                  قال أحمد.. لقد سمعت عشرات القصص من الركاب عن الحاجز وأنا في السيارة وشاهدت كيف الجنود يأمرون السيارات بالسير أو التوقف من خلال برج المراقبة بلغة الرصاص ..
                  وسمعت أن الحاجز استشهد فيه عدد كبير من المسافرين على الطريق … ولكن نحن نرى في التلفزيون الحواجز تختلف عن هذا .. فكنا نشاهد الجنود يقفون ويتحدثون مع الناس ويأخذون هوياهم وهكذا

                  علي .. يحدث هذا في الضفة أو القدس وليس هنا في القطاع .. فاليهود لا يتعاملون مع الناس على الحواجز بصورة مباشرة في القطاع .. وهم يخشون من الاحتكاك بالناس هنا بصورة مباشرة ولهذا يتعاملون بالطريقة التي رأيتها
                  أحمد ولم يخلوا حديثه من السباب والشتائم تجاه اليهود قائلا .. في المعبر كانت المعاملة في غاية اللطف .. حتى تخيلت أن اليهود مظلومين في الصورة التي ينقلوها عنهم
                  ولكن ما شهدته خلال إقامتي هنا تبين لي أنهم أحقر بكثير من الوصف الذي اعرفه
                  علي .. انقل هذا في تحقيقك الصحفي..
                  أحمد بنبرة حزن … تحقيق .. يبدو أني لم أنجح في رحلتي
                  علي .. كيف ؟
                  أحمد لقد كان في خاطري وأنا هنا أن ألتقي بالقساميين واجري معهم حديثا.. وربما أصور لهم عمليات على غرار تحقيقات الجزيرة في افغانستان .. ولكن يبدو أن الأمر أصعب مما تخيلت
                  علي .. ألم تجري حوار مع الشيخ ياسين ؟
                  أحمد .. بلى .. و مع قيادات أخرى من مختلف الفصائل … ولكن في كل مرة يقولون أن الجناح العسكري ينفصل عن الجناح السياسي ..وعليك أن تقوم بنفسك في البحث عن القسام
                  ثم أضاف أحمد قائلا.. تخيل يا علي أنني التقيت بكل أطياف الفصائل هنا ومنهم من كان يطلبني كي اجري معه حوار .. ولكن لم أشاهد ولا مرة أحدا من كتائب القسام أو أحدا يستطيع أن يوصلني أليهم

                  علي .. لا يختلف القسام عن بقية الأجهزة العسكرية التي التقيت بها فتقريبا كلهم يعملون بنفس الطريقة ولكن القسام لا يُظهر من تواجده كثيرا
                  أحمد .. يا رجل.. كتائب القسام تقريبا تقوم بأكثر من نصف العمليات وقد تكبد اليهود الكثير من الخسائر بسبب عملياتها..وهذا دليل على أنهم ليسوا مثل كل الفصائل
                  علي .. ان لقاء القساميين ليس بالسهولة التي تتصورها .. فهم لا يوجد لهم مقر ولا مكان تجدهم فيه.. إلا إذا ذهبت إلى مناطق التماس والتقيت بهم صدفة وهم يفجرون العبوات أو يطلقون الهاون
                  أحمد .. علمت من أيمن أن الأجهزة التي تعمل هنا بإخلاص هي كتائب القسام و المقاومة الشعبية وسريا القدس وكتائب أبو الريش في الجنوب
                  ولكن كل هؤلاء التقيت بهم إلا كتائب القسام
                  علي .. يبدو أنك نويت الرحيل أليس كذلك ؟
                  أحمد.. لا.. لن أرحل سأقيم هنا بعضا من الوقت
                  علي .. مهما طالت إقامتك هنا ستكون في عيوننا
                  أحمد .. على الرغم إني التقيت الكثيرين لكني لم أجد أحدا هنا بقوة شخصيتك ولا ثقتك بنفسك ولدي إحساس كبير انك تستطيع أن تساعدني في مهمتي
                  علي .. أنا ؟.. وما الذي يدعوك لتقول هذا
                  أحمد .. حسناُ لنتحدث بصراحة .. أنت يا علي لست شخص عادي فكل الدلائل تشير إلى أنك تخفي شيء عني ولا تريد الإفصاح عنه .. ولكن على ما يبدو أنك لا تثق بي

                  علي مقاطعا ..تأكد يا أحمد لو بإمكاني مساعدتك لما تأخرت عنك.. وعلى الرغم من الوقت القليل الذي قضيته معك فأنني أشعر أنك شخص جدير بالثقة .. و إلا ما استضفتك هنا
                  أحمد .. حين قابلت أيمن ساعدني بكل ما يستطيع فقد عرفني على شباب الكتلة في الجامعة.. ومن خلالهم تعرفت على شباب كثيرين وكانت ثقته في بلا حدود ... ولو كان يعرف شيئا عن القساميين لما خبأه عني .. . ثم قال.. والله يا علي أني أحببتك على الرغم من قلة الوقت الذي قضيته معك ..ولم أشعر بهذا الحب تجاه أحد ممن قابلتهم إلا لشخص واحد قابلته في غزة.. وقد وثق في هذا الشخص أيضا .. حتى أنه علمني كيف استخدم الكلاشن كوف والإم 16 .. فكنت أخرج معه ومع بعض الشباب في التدريب على القنص
                  علي .. من أي فصيل ؟
                  أحمد .. طبعا لا أستطيع أن أقول لك.. فهذا سر بيني وبين الرجل وأنت أدرى بهذه الأمور
                  علي .. صدقت وهذا يجعلك تكبر في نظري
                  أحمد .. هل تتخيل أني قلت لأحد شيء عنك أو عن أشرف ؟
                  علي .. أنا متأكد أنك تتفهم الأمور جيدا .. وهذا يدل على مدى ذكائك وحسن تصرفك ولو أن الحديث عني ليس خطرا ..فأنا أمشي جنب الحيط

                  استمر الحوار بين أحمد وعلي وتحول كما العادة إلى مزاح وضحك وأراد أحمد أن يستأذن من علي لأنه وعد أيمن بالمبيت عنده .. ولكن علي قال له نذهب لتعتذر منه.. فكما تعلم بيته ضيق ..و هو بيت الأسرة و لن تأخذ راحتك هناك مثل هنا ...ثم أنني اتفقت مع بعض الأخوة على نزهة نقوم بها بشواء الدجاج واللحم في أرض أحد الأصدقاء.. وجيد أنك جئت لكي تأتي معنا
                  وافق أحمد وذهبا إلى بيت ايمن .. وبالفعل اعتذروا منه.. وفي الطريق أراد أحمد أن يذهب إلى اشرف لأنه اشتاق إليه .. فذهبا إلى مقر المخابرات في خان يونس.. وأصر أشرف على أن يصطحبهم إلى منزله في مخيم خان يونس وعزمهما على العشاء... وبين منازل المخيم وشوارعه الضيقة جدا.. قال أحمد كأنني في مخيم الشاطىء بالضبط.. نفس الشوارع ونفس البيوت .. فحدثه علي عن المخيمات في كل ربوع الوطن والشتات وأنها لا تختلف عن بعضها ..وأن المخيمات هي وقود المقاومة ومنها دائما تكون الشرارة الأولى

                  و في بيت أشرف.. أنتبه أحمد أن أشرف يعلق صور كثيرة لشهداء مسلحين أغلبهم من القسام وكتائب أبو الريش ..وحدثه اشرف عن الشهيد( ن) الذي تتوسط صورته الشهداء ببرواز مميز .. وكيف أنه لم يكن يعلم أنه من القسام حتى استشهد وهو يقوم بإعداد عبوة

                  قضى الشباب الثلاثة سهرتهم في بيت أشرف والرصاص والقذائف تنهال على أطراف المخيم بين لحظة وأخرى كما يحدث كل ليلة
                  وتذكر أحمد ما حدث معه في المقبرة وتبين أن ما حدث يومها يحدث كل ليلة دون انقطاع في منطقة النمساوي والمقابر والدلتا والتفاح
                  عاد علي وأحمد إلى المنزل وفي الصباح أتى أصحاب علي إلى المنزل ..وذهب الشباب الستة في رحلة إلى ريف القطاع وهناك قاموا بصلاة الجمعة في مسجد صغير .. وبعد الصلاة قاموا بشواء الدجاج على طريقة (المندي) التي لم تعجب أحمد وفضل اللحم المشوي على الفحم
                  قضى الشباب اليوم وتناولوا كل الأمور التي يمكن أن يتحدثوا فيها .. وكان المزاح والمرح له نصيب كبير في الرحلة
                  أُعجب أحمد بأصدقاء علي وشبههم بالشباب المثالي .. وقد تعرف على أسمائهم جميعا وأعطاهم عنوانه في مصر وإيميله على النت
                  وفي آخر النهار جاء اتصال لعلي يخبره أن اليهود يريدون اقتحام مدينة خان يونس .. وهناك إشتباكات عنيفة عند حاجز التفاح
                  وعلى الفور قام علي وأصدقائه بالعودة إلى المدينة وافترقوا هناك ..وذهب علي إلى المنزل مع أحمد وقال لأحمد سأذهب إلى الحاجز لأستطلع الأمر
                  وفتح علي باب غرفة كانت دائما مغلقة .. وكان في الغرفة ملابس للملثمين وعددا من الرشاشات وبعض الأشياء الأخرى التي تنفي براءة علي من ما كان يوهم به أحمد
                  ارتدى علي ملابسه بسرعة ووضع المقنع على وجهه ولكن أحمد أستوقفه قائلا لن تذهب وحدك سآتي معك
                  وأمسك أحمد ببندقية كلاشن كوف وقال لعلي لن يستطيع أحد أن يمنعني من الخروج معك أو حتى الخروج لوحدي
                  فهم علي انه من المستحيل إقناع أحمد بالعدول عن رغبته أمام تصميمه ولم يكن الوقت يسمح بالجدال واليهود يضربون المخيم بعنف
                  وبالفعل ارتدى أحمد مقنع وحمل سلاحه مع علي وخرجا كلاهما سيرا على الأقدام متجهين نحو مخيم خان يونس الذي تنهشه القذائف.. وكلما اقترابا من حي التفاح كلما علت أصوات القذائف والرصاص أكثر
                  ونكمل الاكثر بعد= حين

                  تعليق


                  • #10
                    في الطريق إلى المخيم شاهد أحمد أعدادا كبيرة من الشباب المسلحين وغير المسلحين تسير باتجاه منطقة الاشتباكات وعندما وصلا إلى مسجد بلال قال علي لأحمد.. سندخل لنتوضأ ونصلي ركعتين لله ..حتى إذا لقينا الله وحظينا بالشهادة نكون على وضوء
                    وبالفعل دخلا المسجد توضأا وصلا ركعتين لله ..خرج علي وأحمد من المسجد ووقف علي على الباب قائلا …سننتظر إخوة لنا سيأتون .. ولكن لا تتحدث مع أي واحد منهم
                    تفهم أحمد الأمر جيدا
                    وبعد فترة وصل خمسة شباب ملثمين يحملون بعض العتاد من أسلحة خفيفة و ماسورة هاون
                    دخلوا جميعهم المسجد واخرج الجميع شارات كتائب القسام الخضراء ووضعوها على جباههم وأعطى علي أحمد شارة ليضعها فوق المقنع
                    تسلم أحمد الشارة ووضعها على جبهته وهو في حالة شبه ذهول تام ولكنه لم يتحدث بكلمة واحدة
                    خرج الجميع من المسجد قاصدين منطقة حاجز التفاح وجميعهم يذكر الله في نفسه

                    في الطريق إلى منطقة التفاح لاحظ الشباب تجمهر الناس على أبواب مستشفى ناصر بينما سيارات الإسعاف والسيارات المدنية تدخل وتخرج من المستشفى بسرعة
                    فهم الشباب أن اليهود يقصدون مجزرة حقيقية في المخيم وليس الأمر كما يحدث كل يوم
                    لم تأخذ الطريق من المشفى إلى منطقة التفاح أكثر من عشر دقائق وهناك كان عشرات المسلحين و أعدادا كبيرة من الناس تتجمهر في المنطقة والجميع يستتر من الرصاص في الشوارع الضيقة

                    يبدو أن الاشتباك قد ازداد ضراوة واليهود عاقدون العزم على اقتحام المخيم بمجنزراتهم ودباباتهم ولكن المقاومة كانت بالفعل عنيفة

                    طلب علي من الشباب أن ينصبوا مدفع الهاون في مكان مناسب ويطلقوا القذائف نحو معسكر الجيش ونحو المستوطنات

                    لم يكد يرى الناس والمسلحين المتواجدين في المنطقة كتائب القسام في المنطقة حتى أفسحوا لهم المجال فمن المعروف أن وجودهم سيعطي المكان طابع آخر غير الذي كان عليه
                    أطلق القساميين قذائف الهاون باتجاه الأهداف مما حذا بنقاط المراقبة وجميع الدبابات بتوجيه نيرانها نحو المنطقة التي تخرج منه قذائف الهاون
                    وصلت مجموعة أخرى من القساميين يحملون عبوات التوجيه إلى المجموعة الأولى ثم انفصل علي وأحمد عن المجموعة الأولى وذهبوا مع المجموعة الثانية نحو المخيم الغربي

                    فهناك رتلا من الدبابات وناقلات الجند يصحبه عددا من الجرفات ويبدو أنهم عازمون على هدم بعض المنازل
                    قال علي لأحمد ..سندخل الآن منطقة خطرة جدا فلا تفارقني والتزم بما أقوله لك جيدا ..أومأ أحمد برأسه متفهما …وحين دخلت المجموعة ووصلت أطراف المخيم
                    تقدم القساميون يحملون العبوات نحو البيوت المهدمة سابقا ليزرعوا فيها العبوات بينما تسلل أحمد وعلي منطقة أخرى ليقوما بالتغطية على الشباب الذين ذهبوا لزراعة العبوات


                    لا حظ أحمد شجاعة أطفال المخيم الذين كانوا يرشدون القساميين والمسلحين على المناطق الأكثر أمناً في المنطقة والأماكن التي تدخلها الدبابات
                    ولاحظ أيضا شراسة اليهود الذين لا يتورعون عن قصف المنازل المتواضعة في المخيم

                    ربما يبدو الأمر للوهلة الأولى أن المنطقة ساحة من ساحات الحرب تدور فيها معركة غير متكافئة بالمرة بين سكان مدنيين ومسلحين بأسلحة متواضعة..أمام دبابات عملاقة مصفحة ونقاط مراقبة محصنة تحصيناً جيدا

                    ولكن منظر المقاومة في المنطقة كان يدل على أن المخيم تحول إلى خلية نحل منظمة
                    فهناك من كان يسعف الجرحى ويوصلونهم إلى سيارات الإسعاف.. والبعض يساعد المقاومين .. وهناك من يساعد الأسر التي لم تستطع الخروج من منازلها وحاصرتها النيران

                    قال علي لأحمد.. سنكمن هنا ونقوم بإطلاق النيران على برج المراقبة لنشغله عن الشباب …

                    وبالفعل أطلق علي وأحمد النيران نحو البرج الذي رد بدوره على مصدر النيران.. وأخذ علي وأحمد يتنقلون من منطقة إلى منطقة حتى وصلوا إلى أقرب نقطة من أطراف المخيم
                    وبين المنازل المهدمة أخذ علي وأحمد يطلقون الرصاص نحو البرج تارة ونحو الدبابات تارة أخرى وكان هناك بعض المسلحين المتواجدين في المنطقة ينضمون إليهم تارة وينفصلون عنهم تارة أخرى
                    في هذه الأثناء جاء أحد الصبية وأخبر علي وأحمد أن هناك دبابة تقترب جدا من المنطقة
                    طلب علي من أحمد أن يبقى مكانه.. ثم فك علي مخزنه من سلاحه وأعطاه لأحمد وثبت عليه المخزن الخاص بقذائف الأنرجا
                    تقدم علي نحو المنطقة التي أشار إليها الصبي وثبت قذيفة أنرجا في بندقيته وصوبها نحو الدبابة التي اقتربت من المكان ثم أطلق عليها قذيفة الانرجا وغادر المكان فورا
                    كانت هذه القذيفة كفيلة بأن توقف تقدم الدبابة على الرغم من أنها لم تصبها بضرر كبير وعلى الفور تراجعت الدبابة وصوبت فوهة المدفع باتجاه المكان الذي خرجت منه القذيفة
                    في نفس الوقت عاد علي مرة أخرى إلى أحمد وطلب منه أن يتبعه للخلف في مكان أكثر أمنا
                    ثم أخذت الدبابات تطلق قذائفها وعياراتها الثقيلة نحو المنطقة

                    اقتربت الساعة من الواحدة بعد منتصف الليل ومازلت المقاومة تحاول صد التوغل في المخيم
                    عشرات المسلحين من مختلف الفصائل استماتوا في الدفاع عن المخيم واعطوا لليهود درسا في التضحية والفداء ورسالة واضحة تقول لليهود ..ان دخول المخيم ليس بالنزهة

                    وبينما يحاول المقاومين صد الاجتياح وتختلط أصوات التكبيرات وسيارات الاسعاف بهدير المروحيات ودوي القذائف وأزيز الرصاص المختلف الأنواع .. حدث أنفجار كبير مميز يعرف صوته الجميع .. أنه صوت القسام الذي يدل على أن هناك دبابة أو ناقلة جند أو جرافة وقعت ضحية لعبوات القسام .. ثم تلا الانفجار تكبيرات عالية من كل المناطق زادت من حماسة المقاتلين والمدافعين عن المخيم.
                    لم يكن يعرف أحمد ما الذي حدث .. ولكن صوت التكبير جعله يشعر بشعور غريب وأن هذا الانفجار لم يكن من اليهود.. أو كأنه انفجار صديق
                    تقدم علي و أحمد نحو برج المراقبة مرة أخرى وعاودا إطلاق النيران عليه
                    ولكن البرج المعدني الميكانيكي ارتفع عن الأرض أكثر من عشرة أمتار إضافية مما صعب التعامل معه من نفس المنطقة
                    تراجع علي واحمد مرة أخرى نحو أحد أزقة المخيم الضيقة
                    وأطلق البرج نحوهم زخات كثيفة من الرصاص كانت كلها تضرب في الجدار الذي خلفهم

                    وبينما هم يحتمون خلف جدار أحد المنازل سقطت عليهم كمية كبيرة من الماء دفعة واحدة .. فقلد أصابت الطلقات خزانات الماء الموجودة فوق المنزل وتدحرج الماء فوق رأسيهما

                    لم يستطيعا التحرك من مكانهما بينما استمرت الطلقات تمر من فوق رئسيهما والماء ينساب عليهم
                    ضحك علي وهو يخلع المقنع قائلا .. تحولت الحرب من حرب شوارع لحرب مستنقعات
                    أحمد .. ألا تتوقف عن هذه التعليقات حتى في مثل هذه الظروف ؟
                    قال علي .. انزع المقنع واعصره وضعه على رأسك مرة أخرى
                    أحمد .. بالعكس هكذا أفضل فهذا الكيس يشعرني بالحر والآن أصبح أفضل
                    علي .. اسمع .. المكان صار خطرا جدا..فتوقف البرج عن إطلاق الرصاص ناحيتنا لا يطمئنني أبدا ..سأتوجه نحو طرف المنزل أطلق الرصاص تجاهه وعندما تسمعه يرد اتجه نحو ذاك المنزل وادخل في الزقاق الضيق
                    أحمد .. حسنا ولكن انتبه لنفسك

                    توجه علي نحو طرف المنزل و أطلق الرصاص ناحية البرج بحيث يرى البرج ضوء لهب البندقية فيرد على مكان النيران
                    وبالفعل رد البرج على زاوية المنزل واستغل احمد الفرصة واتجه نحو الزقاق المتفق عليه
                    فانهالت الطلقات على المكان و أخذ علي يحمي وجهه بيده من أثر شظايا الأسمنت التي تتناثر بفعل الطلقات
                    حاول أحمد أن يخفف الحمل قليلا على علي فأطلق صلية نحو البرج من مكانه ولكن البرج المتحرك والمصفح لم يتوقف عن إطلاق النيران نحو مكان علي
                    تدخل بعض المسلحين الذين كانوا في المكان وبادروا بمشاغلة البرج من مناطق مختلفة وتعالت أصوات التكبيرات في المنطقة
                    ثم أطلقت دبابة قذيفة نحو الزقاق الذي يختبئ خلفه علي وارتطمت بجدار أحد المنازل محدثة غيمة من الغبار الكثيف .. استغل علي الغبار واتجه نحو أحمد عائدا بسرعة
                    أحمد .. حمد لله على السلامة .. أكان يجب أن تطلق الدبابة قذيفة حتى تتحرك من مكانك
                    علي .. غبار القذيفة ساعدني على الخروج من المكان فهم يستخدمون مناظير الرؤية الليلية
                    أحمد .. شاهدت أشرف في المنطقة مع بعض المسلحين وكانوا يطلقون النار معي نحو البرج
                    علي .. طبعا لم تكلمه؟
                    أحمد .. شاهدته من بعيد ولم يعرفني ولم يكن الوقت يسمح بالكلام
                    علي .. لا تتحدث مع أحد حتى لا يُكشف أمرك فلهجتك مميزة جدا
                    أحمد كن مطمأن .. أنا لا أفتح فمي إلا معك وعند التكبير
                    علي ضاحكا .. ولو أنك تكبر بالمصري ..لكن لا بأس
                    أحمد ..حتى التكبير تختلف فيه اللهجات ؟
                    علي .. منظرك مضحك جدا وانت مبلل بالماء
                    أحمد .. هل نحن نقاتل مع كتائب القسام
                    علي.. نعم
                    أحمد .. لو قدر لي الله ان أخرج من هنا حيا سيكون حسابي معك كبير
                    علي .. ضاحكا إن شاء الله تخرج أنت وأحظى أنا بالشهادة وأفر من حسابك
                    ثم قال علي .. كم بقي معك من الذخيرة ؟
                    أحمد .. لا ادري .. ولكني لم أضيف للمخازن طلقة واحدة
                    علي ..حسنا ..سنملأ المخازن هنا ثم نعود للمنطقة التي افترقنا فيها عن الإخوة
                    أحمد .. ولكني لا اعرف كيف أضع الرصاص في المخزن
                    علي .. انظر ألي كيف أفعل وافعل مثلي
                    أنتهي علي وأحمد من تعبئة المخازن ونبه علي أحمد أن لا يبدد الذخيرة وأن لا يطلق النيران إلا في حالة الضرورة
                    لم يجد أحمد جهدا في وضع الرصاص في مخزن السلاح فقال لعلي .. تعلمت كيف أطلق النار ولكن لم اتعلم كيف أعبىء المخازن بالرصاص .. ثم صمت قليلا واضاف قائلا .. لم ارى جندي واحد من اليهود في المكان ... الا ينزلون من الدبابات ؟ أو حتى يطلون برؤوسهم ؟
                    علي.. ليتهم يفعلون .. هم لا يجرؤون على هذا إلا إذا تأكدوا ان المنطقة خالية من المقاومة تماما
                    خرج أحمد وعلي من المخيم الغربي نحو الشارع الرئيسي لحي التفاح

                    وهناك رأى علي المجموعة الاولى تقف على الجهة الأخرى من الشارع
                    فاتجه اليهم هو وأحمد قاطعين الطريق بسرعة كبيرة
                    التقى علي بالمجموعة مرة أخرى وتبين أنهم أطلقوا جميع القذائف التي بحوزتهم باستثناء قذيفة واحدة لم تخرج من ماسورة الإطلاق بسب خلل فيها
                    فحص علي القذيفة وتبين أنها سليمة وأن الخلل في الماسورة بسبب انحناء مسمار الاطلاق
                    قام علي بمعالجة ماسورة وعدل من مسمار الطرق حتى يصل لصاعق القذيفة
                    ثم تطوع أحد القساميين بإطلاق القذيفة من مكان متقدم نحو المعهد الديني الموجود في وسط المستوطنة
                    تقدم القسامي ومعه رفيق آخر بينما قام البقية بمراقبة الطريق والتغطية عليه
                    وبالفعل نجحت عملية الإطلاق وشقت القذيفة السماء باتجاه قلب المستوطنة وانفجرت هناك بدويها المميز
                    وعلى الفور قامت طائرة الأياتشي بإطلاق صاروخ نحو المكان ثم أعقبته إطلاق كثيف من مدفعها الرشاش ذي العيار الثقيل .. وطبعا لم تقف الدبابات موقف المحايد تجاه الحدث فبادرت بدورها بتوجيه قذائفها نحو المنطقة التي خرجت منها قذيفة الهاون
                    خرج القساميان من المنطقة وحاول الجميع الاحتماء في مكان أكثر أمناً

                    ولكن كما هي العادة … وكما يحدث كل مرة تقريبا .يقف إيمان المقاوم وجها لوجه أمام الآلة العسكرية الضخمة المزودة بأحدث تكنولوجيا العصر في التدمير والقتل والفتك
                    أطلقت إحدى الدبابات قذيفة من النوع الذي ينفجر في الهواء مطلقة آلاف الرماح الصغيرة التي تتوزع في جميع الاتجاهات بصورة عشوائية
                    انفجرت القذيفة بدوي عالي وتوزعت السهام الصغيرة التي تشبه المسامير في جميع الاتجاهات فتخترق كل شيء أمامها
                    أسقطت القذيفة عددا كبير من الجرحى القريبين من المنطقة التي يتواجد بها القساميين وقام أفراد المجموعة يتفقدون بعضهم ليجدوا أن أحدهم قد أصيب إصابة بالغة ببعض المسامير في أنحاء جسمه
                    تابع =

                    تعليق


                    • #11
                      وعلى الفور قاموا بنزع الزي القسامي عنه وقام علي واحمد ومعهم بقية أفراد المجموعة بحمل المصاب والتنقل به من منزل لمنزل ومن زقاق لزقاق حتى وصلوا إلى إحدى سيارات الإسعاف الموجودة في المنطقة
                      حمل الشباب أخوهم المصاب ووضعوه في السيارة وعلى ضوء السيارة لمح أحمد وجه المصاب ليتبين له أنه أحد الشباب الذين خرج معهم في رحلة الأمس
                      لم يتمالك احمد نفسه من المنظر فوجد نفسه يبكي وهو يرى مشهد شاب تعرف عليه من مدة بسيطة وكان معه قبل ساعات قليلة فاقد الوعي و غارقا في دمائه
                      غادرت سيارة الإسعاف المكان على وجه السرعة وهي تحمل عددا من المصابين بينهم القسامي
                      في نفس الوقت كان ينادي مؤذن الصلاة بالآذان الأول لصلاة الفجر
                      توقفت حدة الاشتباكات وتراجعت الدبابات أمام شراسة المقاومة والمدافعين عن المخيم ويفشل الاجتياح بعد أن أثبت الإيمان للآلة العسكرية الفتاكة مهما قويت وتجبرت .. أنها ستبقى ضعيفة عاجزة أمامه
                      تفرق القساميين بعد أن أخذا سلاح علي وأحمد وغادروا المكان

                      في الطريق قال أحمد لعلي .. هل نذهب للمشفى لنطمئن على الأخ
                      علي .. نعم.. ولكن سننزوي في مكان بعيد عن الناس لنخلع المقنع عن وجوهنا
                      دخل أحمد وعلي زاوية مظلمة وأثناء تفحص علي للمكان والتأكد من خلوه من الناس قبل أن يخلع المقنع عن وجهه… قال أحمد .. أشعر بالبرد الشديد والدوخة
                      علي .. ربما لأن ملابسك مبللة كذلك الجو بارد فعلا
                      أحمد.. ربما .. ولكن بالكاد افتح عيني وأشعر أن قدمي لا تحملاني
                      علي ..نعم.. هذا سببه الإرهاق والسهر وما ماريت به اليوم

                      خلع كل منهما قناعه وشارته وسارا نحو الشارع الرئيسي باتجاه المشفى ولكن أحمد لم يستطع أن يكمل السير فتوقف وقال لعلي .. فعلا لا أستطيع الوقوف .. تعال نجلس هناك قليلا

                      أراد علي أن يقوي من عزيمة أحمد لكي يكمل الطريق لولا أنه شاهد ظهره مغطى بالدماء ويبدو انه قد نزف كثيرا .. لم يتحدث علي مع أحمد ولكنه أشار لسيارة بالتوقف وطلب من السائق أن يحملهما بسرعة الى مستشفى ناصر
                      استغرب السائق من علي وقال المشفى على بعد أمتار من هنا ..قاطعه علي في عصبية.. معي مصاب
                      فتح السائق باب السيارة وحمل علي أحمد الذي بدا عليه الذهول
                      وقال أحمد لعلي وهو يركبه السيارة .. ماذا تفعل ؟..أنا متعب حقا ولكن ليس لهذه الدرجة
                      لم يتحدث معه علي وانطلق السائق على الفور نحو المشفى ودخلت السيارة المشفى بسرعة فوجه علي كلامه لأحمد .. بسرعة انزل ولكن احمد لم يكن يتحرك فقام علي على الفور وانضم إليه عدد من الموجودين من ممرضين ومتواجدين في المشفى المزدحم وحملوا أحمد الذي لم يكن يحرك ساكنا

                      --------------------------------------------------------------------------------------------------------
                      رافق علي أحمد إلى غرفة الاستقبال وتبين أن أحمد مصاب بثلاثة أسهم في ظهره أحدهم قريب جدا من العمود الفقري وقد نقله الأطباء إلى غرفة العمليات لإجراء عملية عاجلة
                      المستشفى لم تكن في حالتها الطبيعية فلا يوجد ركن من أركانها إلا ومليء بالجرحى و الأهالي الذين توافدوا عليها للبحث عن ذويهم
                      باختصار المشفى الوحيد في المدينة لم يكن مشفى بل كان أقرب إلى المسلخ بسبب الفوضى وقلة الإمكانيات

                      للأسف الشديد مستشفى خان يونس صغير جدا إذا ما قيس حجمها بعدد سكان المدينة الذي تخطى المأتي ألف
                      وهي قديمة جدا في كل شيء سواء كان مباني أو المعدات.. كيف لا وهي قد بنيت في عهد جمال عبد الناصر ولم يتم تطوير أي شيء فيها باستثناء جزء صغير أضيف أليها كنوع من ذر الرماد في العيون .. طبعا والسلطة مشغولة في بناء مقراتها وسجونها التي تنفق عليها الملايين وكأي مؤسسة من المؤسسات التابعة للسلطة فهي أيضا يعشش فيها الفساد حتى العصب

                      تذكر علي كل هذا وزاد هذا من عصبيته وربما مشهد الجرحى الذين يعالجون على سلالم المستشفى و وأروقتها جعله يزداد غضبا وقد دفعه هذا لافتعال أكثر من مشكلة وهو يتابع حالة أحمد تارة وحالة أخوه المصاب الآخر تارة أخرى
                      التقى علي برفاقه في المستشفى واطمأن منهم على حالة المصاب الأول وشرح لهم ما حدث مع أحمد وأخبرهم أنه كان أحد الموجودين معهم أثناء الاشتباك وهناك ضرورة للحصول على ملابس أحمد لأن فيها المقنع وشارة الكتائب وربما ما يثبت شخصيته
                      طلب علي من رفاقه متابعة الموضوع على أن يعود للمنزل ويستبدل ثيابه ويفتش في حقيبة أحمد عن جواز سفره .. فهو يخشى انه كان يحتفظ به في جيبه ومنه يكشف أمره
                      وبالفعل لم يأخذ الأمر أقل من ساعة فقد صلى علي الفجر في المنزل وتضرع إلى الله أن يلطف بأحمد وصديقه الآخر .. ووجد علي جواز سفر أحمد موجود بالفعل في حقيبته وطمأنه هذا إلى حد ما وعلى الفور عاد إلى المستشفى مرة أخرى وكان ما يزال أحمد في غرفة العمليات بينما اقتضى الأمر نقل المصاب الآخر إلى مستشفى الشفاء في غزة لخطورة حالته
                      بقي أحمد في غرفة العمليات حوالي ساعتين ثم خرج الطبيب الذي كان يعرف علي جيدا وطمأنه على أحمد وأن حالته أصبحت مستقرة و قد يفيق من البنج بين دقيقة وأخرى ولكن كانت المفاجأة كبيرة بالنسبة لعلي عندما عرف من الدكتور بيانات احمد واخبره الدكتور انه مصري واسمه وعمره
                      فلقد كان يحمل علي في محفظته كارت فيه صورته واسمه وبعض البيانات عنه ناهيك عن شارة الكتائب الخضراء والمقنع واخبره الطبيب أنه استنتج أن أحمد من كتائب القسام بسبب وجود الشارة والمقنع الأسود في جيبه … أراد علي أن يوضح الأمر للطبيب أو يلفق قصة عن أحمد ولكن الطبيب كان على عجلة من أمره بسبب كثرة الإصابات في المستشفى وحالة الطوارئ الموجودة فيها

                      فهم علي أن الأمر أصبح معقد بالنسبة لأحمد وأنه ربما يتم اكتشاف أمره بالنسبة لليهود فيعتقل أثناء مغادرته القطاع .. فعلي يعلم أن الصهاينة لن يفوتهم تجنيد عملاء المستشفى لينقلوا أخبار الجرحى الذين يصلون أليها
                      أُخرج أحمد من غرفة العمليات ونُقل إلى غرفة أخري ووجه أحد الممرضين سؤالا لعلي قائلا.. هل المصري قريبك ؟
                      علي .. نعم
                      الممرض هذه الأشياء كانت موجودة معه في جيبه
                      أخذ علي من الممرض متعلقات أحمد التي كانت عبارة عن محفظة بها مبلغ من المال وكرنيه عضوية في أحد النوادي المصرية وأوراق تثبت أنه صحفي في أحد المجلات
                      بالإضافة إلى الثلاثة مسامير كانت في جسد أحمد
                      بقي علي ورفاقه حول أحمد حتى الظهر وكانوا يطمئنون على رفيقهم الموجود في غزة من خلال الاتصال بمرافقيه على الهاتف
                      فرح علي بخبر من غزة يخبره أن أخوه المصاب قد تخطى مرحلة الخطر وأنه الآن في العناية المركزة وزادت فرحته أكثر حين أفاق أحمد من تأثير البنج وهو يطلب الماء للشرب
                      تناوب علي ورفاقه البقاء بجوار أحمد طيلة اليوم وعاد علي إلى احمد في المساء وجلس معه فترة قصيرة طمأنه فيها على الأخ المصاب وطلب منه أن لا يتحدث مع أحد مهما كان وسيكون معه دائما أحد الإخوة يتدخل إذا لزم الأمر ..
                      وفي الصباح عاد علي لزيارة أحمد الذي تحسنت حالته كثيرا عن الأمس وفهم من الطبيب أنه يمكنه الخروج من المستشفى آخر النهار بعد أن يجروا عليه بعض الفحوص الطبية وصور الأشعة .. ويرجع هذا إلى كثرة الجرحى في المستشفى مع التشديد على لزوم أحمد للفراش أسبوع على الأقل دون أن يقوم بأي مجهود



                      تابع =

                      تعليق


                      • #12
                        عاد احمد إلى المنزل ومكث فيه أسبوع كفترة نقاهة وكان علي وأصدقائه يبدلون مع بعض في البقاء بجوار أحمد ..ولقد عزز بقائهم بجوار أحمد صداقة مميزة وتوطدت بينهم علاقة أخوة قوية
                        وقد تعلم أحمد من أخوته الجدد كيف يتواصلون مع بعضهم البعض من خلال صلاة التهجد وقيام الليل في وقت واحد يتفقون عليه
                        وتفاجئ كثيرا حين علم منهم أن كل ما يربطهم بالقسام هو علي فقط وأنهم لا يعرفون غيره
                        حتى من يلتقون بهم من مجموعات أخرى تكون حلقة الوصل الوحيدة هي علي فقط
                        مر أسبوع كامل على أحمد زاد فيه تعلقه كثيرا بالشباب
                        وقد كان يقول أن الله يحبه لأنه رزقه بأخوة مثلهم فهو لم تكن له سوى أخت واحدة أصغر منه في العمر ولم يعرف طعم أن يكون له أخوة على الرغم من كثره أصدقائه
                        وخلال الأسبوع أتصل أحمد بأهله في مصر عدة مرات ولكنه لم يخبرهم عن إصابته حتى لا يقلقهم عليه .. ولكنه كان يقول لهم أنه يفكر في البقاء في غزة مدة طويلة وكان هذا يقلقهم بالفعل
                        فقد كانت معظم مكالماتهم له تحثه على العودة وإلغاء فكرة بقاءه في غزة
                        في أحد الأيام دخل علي المنزل وكان موجود فيه ثلاثة من الإخوة مع أحمد فقال لهم
                        لدي خبران سعيدان
                        فبادره أحد الإخوة قائلا.. الأول عملية في القدس قبل قليل
                        علي .. نعم هذا صحيح ..ولكن العملية للقسام .. فرح الجميع بالخبر وحمدوا الله وأثنوا عليه
                        علي .. الخبر الثاني خروج أخونا حسام من العناية المركزة وهو في صحة جيدة الآن
                        أحمد .. الحمد لله .. وبمناسبة هذه الأخبار الجميلة فأنتم مدعون جميعا على الغداء على حسابي
                        علي ممازحا .. من الغد أذهب لشراء عجل على حسابك
                        احمد وهو يضحك .. أعتقد أن لدي مواعيد كثيرة هذه الأيام ولهذا نؤجل الدعوة الشهر القادم
                        علي .. حسناً .. الدعوة على حسابي .. لكن لن تكون عجل .. بل سمك
                        أحمد.. إن كان الحديث عن سمك فمن الممكن أن أؤجل مواعيدي وأدعوكم أنا
                        علي .. لا بأس .. إذا سأذبح علبتي تونة الآن للعشاء
                        تناول الشباب عشائهم واستمر الحديث فترة من الوقت بين المزاح والجد والسياسة والمقاومة
                        غادر الجميع المنزل وبقي أحمد وخالد وعلي
                        ثم وجه أحمد حديثه لعلي قائلا .. أريد أن أنفذ عملية استشهادية .. فانا أستطيع الدخول بجواز سفري إلى المدن اليهودية والقدس
                        علي مبتسما .. جواز سفرك ؟
                        أحمد ..نعم
                        علي .. يبدو أنك لا تشعر أنك أصبحت مطلوب الآن .. فهناك احتمال كبير أن تكون تسربت عنك معلومات للمخابرات الصهيونية
                        أحمد .. وهل تأكدت من هذا ؟
                        علي .. اسمعني جيدا يا أحمد .. أولا تطوعك بالإقدام على عملية استشهادية سيقابل بالرفض حتما لأنك وحيد أبويك .. الأمر الآخر هناك شكوك كبيرة أن اليهود لديهم معلومات عن إصابتك وعن قتالك بجوار قساميين .. ومن المؤكد أنك لو خرجت عن طريق المعبر إلى مصر سوف يقبضون عليك ويحققوا معك
                        خالد ممازحا .. ابشر أصبحت مطلوب ومطارد
                        أحمد.. لا يهمني هذا لقد حزمت أمري على البقاء هنا وقد أخبرت أهلي هناك بهذا
                        علي .. ليست لدينا مشكلة في الاستشهاديين والحمد لله..
                        خالد مقاطعا .. كل القساميين استشهاديين .. فمن يزرع العبوة ويفجرها أو يطلق الصواريخ أو يقوم بإعداد المتفجرات هو استشهادي أيضا
                        أحمد .. حسنا لقد أصبحت منكم وسأبقى معكم حتى يأذن الله لي بالشهادة
                        علي .. أنت منا فعلا ولك مالنا وعليك ما علينا ولكن سنحتاجك في عمل آخر لا يستطيع القيام به غيرك
                        أحمد .. أنا على استعداد تام لتنفيذ أي عمل مهما كان
                        علي .. حسنا يا أحمد أنصت إلي جيدا ..تعلم أن حركة المقاومة الإسلامية حماس وجناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام ليس لديهم وسائل إعلام
                        أحمد مقاطعا.. ولكن الجميع يعرف من هي جماس ومن هو القسام
                        علي .. ليس بالصورة التي تتصورها … إن ما تنقله وسائل الإعلام في الغالب يكون العمليات الإستشهادية وكذلك الاغتيالات التي تنفذ بحق القساميين
                        أما الحديث عن الحركة ومبادئها وأهدافها والحديث عن شهداء الحركة وحياتهم وأسراهم فهو مغيب تماما .. خصوصا في وسائل الإعلام الأكثر انتشارا في الشارع العربي.. ناهيك عن الهدف الرئيسي في توعية الجيل المسلم كافة وضرورة الجهاد لتحرير الأقصى وإقامة دولة إسلامية في فلسطين
                        أحمد .. ولكن هناك المكاتب السياسية للحركة في الدول العربية
                        علي مقاطعا .. لا يوجد للحركة مكاتب سياسية في الدول العربية … ربما يكون هناك رموز للحركة في بعض العواصم العربية .. ولكنهم مقيدون بقوانين الدولة التي يقيمون فيها
                        حتى المقابلات التي تراها على الفضائيات مع مسئولين الحركة هي عبارة عن إجابات على أسئلة يسألها المحاور .
                        أحمد .. أليس لديكم هنا وسيلة إعلام يمكنكم من خلالها إيصال صوتكم للعالم ؟
                        علي .. لدينا على المستوى المحلي فقط .. ولكن أيضا ليس على المستوى المطلوب.. فالسلطة تحارب صوت الحركة أينما كان وتتجنب الحديث عن القسام أو حماس في وسائل إعلامها .. فهي تخصص فضائيتها لتناول أخبار عرفات وعرابي السلطة ولا تكف عن إغلاق الصحف التابعة للحركة
                        أحمد … هناك نشاط ملحوظ للحركة في الإنترنت وهناك الكثير من المواقع تتعاطف معها وتعتبر مصدر معلومات ممتاز لمن يبحث عن أخبار فلسطين
                        علي .. كل هذا جيد ولكن ماذا عن الدعوة للجهاد و تخليص المسجد الأقصى .. ماذا عن تحرير فلسطين التي هي في الأصل وقف إسلامي … نحن لا نريد إطلاع العالم العربي والإسلامي على ما يدور هنا فقط بل نريدهم أيضا أن يفهموا أن عليهم حق ويجب أن يبادروا بتحرير الأقصى ثالث مقدس إسلامي ولا يتم هذا إلا من خلال صحافيين يكتبون في صحف يقرأها عامة الناس
                        وهذا هو دورك ودور أمثالك ممن يمكنهم إيصال صوتنا ودعوتنا للمسلمين في كل أنحاء العالم
                        أحمد .. أخشى أن يكون ما تقول هو لإقناعي بالعودة إلى مصر
                        علي .. عندما تعلم ما هو المطلوب منك ومدى صعوبته ستتأكد بأن المطلوب منك شيء جدي

                        حكى علي لأحمد ما هو المطلوب منه بالضبط وشرح له أهمية الأمر
                        و تفهم أحمد دوره جيدا ووعد علي أن يبذل قصارى جهده في تحقيق هذه الغاية

                        تماثل أحمد للشفاء وأصبح بإمكانه أن يخرج ويمشي ويمارس حياته بصورة طبيعية وكان يغتاظ كثيرا عندما يعلم أن الشباب خرجوا في عملية زرع عبوات أو إطلاق قذائف الهاون دون أن يدري
                        وفي مرة شدد على علي أنه يريد أن يخرج معهم يوما ويحمل كاميرا التصوير
                        وقد وعده علي بذلك و سيخبره في حينه
                        مرت أيام قليلة وواصل أحمد تدوين كل ما يسمح به علي بتدوينه عن القساميين وحياتهم وظروف معيشتهم وكيف تتم عملية التنظيم والتجنيد للقسام وعلى أي أساس يتم انتقاء المقاتل القسامي
                        وفي يوم جاء علي لأحمد واخبره أنه سيقوم معه بمشوار سيفرحه كثيرا




                        تابع=




                        تعليق


                        • #13
                          ودع أحمد وعلي حسام ثم خرجا من المنزل ..كان كلاهما يسير وكل واحد في رأسه أفكارمختلفة ..ساد الصمت بينهما قليلا بينهما وقطعه أصوات الطلقات التي تطلقها نقطة المراقبة الصهيونية على المنازل في حي المشروع

                          أحمد .. ألا يمر يوم إلا ويطلقون النار في الليل ؟

                          علي ضاحكا .. تعرف ...كثير من السكان هنا يقولون ساخرون.. لو مر يوم واحد من دون إطلاق نار ربما لا يعرفون النوم

                          أحمد .. ولكن لماذا يطلقون النار .. أهو نوع من ترهيب السكان

                          علي .. ربما كان هناك من يسأل سؤالك هذا حين ذهبت مع أشرف في منطقة المقابر ..ثم أردف علي قائلا ... هم لا يحتاجون لمبرر لإطلاق النيران على منازل السكان فهم يشعرون بالخوف والرعب ويطلقون النار على كل شيء حتى لو كان خيالا أو كيس من النايلون يحركه الهواء

                          أحمد .. أتذكر يوم سمعت الرصاص هنا أول مرة في رفح ؟

                          علي .. نعم وقلت لك أنك ستتعود هذا

                          أحمد .. بالفعل لقد تعودت على هذا فعلا ..فلم تعد أصوات الرصاص تخيفيني كما كان في السابق

                          علي .. هل اتصلت بأيمن مؤخرا ؟

                          أحمد .. كان يتصل بي هو .. وهو لا يعرف أني في خان يونس

                          علي .. ربما عليك أن تودعه فقد حان وقت الرحيل

                          أحمد .. ماذا ؟

                          علي .. لقد قال لي اشرف وبعض الأصدقاء الذين يعملون في الأجهزة الأمنية أن أسمك تردد هناك كثيرا وهذا يدل على أن اليهود قد علموا بأمرك



                          أحمد..وكيف يمكنني الخروج واليهود يسيطرون على المعابر

                          علي .. لا تشغل بالك كثيرا بهذا ..إن شاء الله سنجد طريقة



                          في اليوم التالي قضى أحمد معظم النهار مع أيمن وفي اليوم الذي يليه طلب منه علي أن يجمع كل أغراضه لأنه سيغادر المنزل ويسلم مفاتيح البيت لصاحبه

                          وبالفعل جمع أحمد كل متعلقاته وركب مع علي السيارة

                          احمد .. إلى أين نذهب الآن ؟

                          علي .. سنتوجه إلى بيت أحد الأصدقاء في رفح سيكون هناك محل أقامتك المؤقت

                          أحمد .. وهل ستتركني وحدي هناك ؟

                          علي .. لا .. سابقى معك حتى يحين ميعاد رحيلك

                          أحمد .. ولكن ماذا عن العملية التي وعدتني بها

                          علي .. أدائماً انت متسرع هكذا ؟.. لن أخلف وعدي معك إن شاء الله .. ولكن لكل شيء حين

                          وصل أحمد وعلي إلى مخيم الشابورة في رفح ووقفت السيارة بجوار أحد المنازل

                          وكان ينتظرهم صديق علي بجواره

                          رحب ياسر بأحمد وعلي .. وفي المنزل المتواضع جلس أحمد يتفحصه جيدا

                          ثم همس في أذن علي قائلا .. المنزل شبيه جدا بمنزل اشرف .. حتى صور الشهداء تملأ المكان

                          علي .. كل منازل المخيمات تقريبا متشابهة ومن هذه المنازل يخرج الأبطال

                          احضر ياسر الشاي ومعه بعض البسكويت وقال لعلي .. كل شيء جاهز وبقيت اللمسات الأخيرة

                          علي .. نسأل الله التوفيق ..ثم وجه حديثه لأحمد قائلا ما رأيك أن نخرج في جولة في مدينة رفح ؟

                          أحمد .. بكل سرور

                          خرج الشباب الثلاثة جولة في المدينة القريبة من الحدود المصرية وتوجهوا نحو شارع بوابة صلاح الدين

                          وهناك قال علي لأحمد .. أتذكر هذا الشارع ؟

                          احمد ..لا

                          علي .. هذا شارع البوابة الذي أخذتك عليه حين جئنا أول مرة في لرفح

                          أحمد .. ولكنه لم يكن بهذا الزحام حينها

                          علي .. اليوم هو يوم السوق ففي كل سبت يتجمع التجار هنا منذ عشرات السنيين

                          احمد .. نعم .. ربما الزحام هو الذي استجد على المكان

                          علي .. حين نقترب من محل الصراف ستذكره جيدا

                          سار الشباب الثلاثة في السوق يتفرجون على البضائع وحين اقتربوا من سوق العملة أشار علي على محل الصراف وقال له... محل الصراف على يمنينك ..وهذا الموقع الذي أطلق النار يومها

                          أحمد وقد ذهل من منظر الموقع العسكري .. إلا يخشى الناس هنا أن يطلق عليهم النار وهم في السوق ؟

                          علي .. يحدث هذا أحيانا .. ولكن التشبث بالأرض أقوى من رصاصهم ومن غطرستهم

                          تعجب أحمد من منظر الموقع المبالغ في تحصينه و الذي لا يبعد عن السوق إلا أمتار معدودة وهو يقف وحده بين عشرات المنازل المدمرة ويرف فوقه علم اليهود ومن خلفه مباشرة علم مصر



                          توجه الشباب الثلاثة نحو مسجد العودة بعد أن تجولوا في السوق الشعبي وصلوا هناك صلاة الظهر ثم عادوا إلى المنزل في مخيم الشابورة وهناك تناولوا طعام الغداء وطلب علي من أحمد أن ينام جيدا لأنه أمامهم عمل طويل وشاق

                          وبعد أذان العصر خرج ثلاثتهم للصلاة مرة أخرى في مسجد العودة وتوجهوا سيرا على الأقدام نحو منطقة تل زعرب وهناك شاهد أحمد مدى الخراب والدمار الذي ألحقه اليهود بالمنازل القريبة على الشريط الحدودي ..

                          دخل الشباب الثلاثة احد المنازل المدمرة جزئيا وهناك فوجئ أحمد أن حقيبته موجودة في المنزل

                          أحمد .. ما الذي أتى بها إلى هنا ؟

                          علي .. اليوم سنقوم بتنفيذ عملية وبما أنك لن تعود إلى نفس المنزل مرة أخرى وفرنا عليك حملها وجئنا بها إلى هنا فربما تحتاج للكاميرا

                          أحمد .. أكان من الضروري أن لا أعرف إلا ساعة الصفر ؟

                          علي .. خشيت أن أقول لك ذلك فيشغل تفكيرك ولا تستطيع النوم خصوصا ونحن مقبلون على سهرة طويلة

                          أحمد .. ما هو نوع العملية ؟

                          علي .. الإخوة الذين يرصدون المنطقة أخبرونا أن هناك دبابة تابعة للسلاح الهندسي في جيش العدو تقوم يوميا بالاقتراب من منطقة معينة ... وقد استطاع الإخوة في اللجنة العملية بعون الله وتوفيقه من ابتكار نوع معين من العبوات فقلنا لم لا تلتقي اللجنة العلمية للكتائب وسلاح الهندسة الصهيوني

                          ياسر .. ضاحكا .. سيكون لقاء صاخب

                          علي .. سنصلي المغرب في هذا المكان وعند حلول الليل سنبدأ بالعمل إن شاء الله



                          وبالفعل خرج الشباب الثلاثة متسللين في جنح الليل بين المنازل المدمرة جزئيا وأكوام الحجارة متجهين نحو منطقة محاطة بجدار من الأسمنت تفصلهم عن الإسفلت الذي تقوم عليه الدبابات بأعمال الدورية ومن منطقة قريبة بجوار الجدار أحضر ياسر أدوات حفر يدوية

                          وبدأ الشباب الثلاثة يحفرون نفق تحت الجدار بهدوء وصمت

                          حفر الشباب الثلاثة حفرة عرضها مترين وبعمق متر تقريبا ومن عمق متر واصلوا الحفر بطريقة رأسية ليسهل زرع العبوة تحت الإسفلت مباشرة

                          وبعد أن انتهى الشباب الثلاثة من حفر الحفرة قاموا بدحرجة العبوة الكبيرة المعدة سلفا في مكان قريب من الجدار وواجهتهم صعوبة كبيرة في إدخال العبوة في مكانها بسبب ثقل وزنها وكبر حجمها

                          وأثناء عملية إدخال العبوة في نفقها سمع الشباب الثلاثة صوت إطلاق نار باتجاه نقطة مراقبة من النقاط الموجودة على الحدود .. لم تمر أكثر من لحظات معدودة حتى قامت النقاط الموجودة على الحدود بإطلاق زخات كثيفة من الرصاص بصورة عشوائية في كل الاتجاهات

                          قال ياسر .. أهذا وقته ؟

                          أحمد .. ما الذي حدث ؟ هل كشفوا أمرنا

                          علي.. أرجو أن لا يضيع تعبنا هدرا ...لقد قام أحدهم بإطلاق النار على نقطة الحدود وغادر المكان وتركهم في حالة تحفز وانتباه وهذا ليس جيد

                          ياسر.. سنبقى هنا دون إحداث أي حركة حتى يتوقفوا نهائيا عن إطلاق الرصاص ثم نستأنف عملنا

                          مر الوقت بطيء واليهود يطلقون النار نحو المدينة من نقاط المراقبة بصورة عشوائية في كل الاتجاهات

                          بصورة متواصلة أحيانا ومتقطعة أحيانا أخرى

                          ثم ساد الصمت المكان إلا من صوت محركات الدبابات المزعج

                          عاد الشباب الثلاثة يحاولون إدخال العبوة في مكانها المناسب حتى نجحوا أخيرا بعد مجهود شاق

                          نزل علي في الحفرة ليتأكد من أسلاك العبوة أنها باقية في مكانها ثم قرأ عليها ما تيسر من آيات الله ليكلل الله عملهم بالتوفيق

                          ثم قاموا بدفن الحفرة مستخدمين أيديهم حتى لا يحدثوا صوت يتسبب في كشف أمرهم بعد ما أنجزوه من عمل .. وحين انتهوا من ذلك قام علي بفك لفة السلك الكبيرة وأخذ يمررها من بين أكوام الحجارة الموجودة في المنطقة وينتهي بطرفها إلى المكان الذي يتم منه عملية التفجير

                          غادر ياسر المكان بعد أن أخذ معه حقيبة احمد وبقي أحمد وعلي في المكان معهم كاميرا الفيديو وجهاز التفجير ينتظرون اقتراب الصيد

                          أحمد مازحا .. لماذا لا تدعني أقوم بعملية التفجير وتصور أنت ؟

                          علي .. لك هذا .. فكل ما عليك أن تفعله هو أن تضغط على هذا الزر حين أعطيك الإشارة

                          أحمد .. حقا ؟ .. ولكن أخشى أن يحدث معي خطأ فتفشل العملية

                          علي .. الأمر بسيط هو مجرد ضغطة زر فقط .. أنا أعطيك الإشارة وأنت تقول بسم الله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وتضغط على زر التفجير

                          بعد قليل مرت ناقلة جند من فوق العبوة تقريبا ولكن علي لم يعطي الإشارة لأحمد فلتفت أحمد لعلي قائلا .. لقد مرت من فوق العبوة بالضبط

                          علي ..ليس هذا هدفنا .. هدفنا سنكون على علم بوصوله حين يقترب منا بمدة كافية

                          أحمد .. كان بودي أن أضغط على الزر وهي تمر من فوق العبوة

                          علي .. لم أشبك الأسلاك كلها في البطارية فلو ضغط لما حدث شيء

                          أحمد .. أرجو أن لا أنتظر كثيرا فلقد كاد قلبي ينخلع من مكانه وأنا انتظر اقتراب الهدف من العبوة وأنت لم تعطني الإشارة

                          علي ضاحكا .. كنت أعلم هذا .. ولو كنت ضغطت على زر التفجير لأعفيتك من المهمة

                          احمد .. أكنت تختبرني؟

                          علي .. لا ولكن أحب أن أراقب تصرفات كل من يقوم بمثل هذه الأعمال كأول مرة.. فهذا يذكرني بنفسي.. ثم أردف علي قائلا ..اجلس وارتاح قليلا فحين يأتي الصيد سنكون على علم بوصوله

                          أحمد .. وما الفرق بين هذا الدبابة وتلك أليسوا كلهم نفس الشيء

                          علي .. صيدنا دبابة من نوع خاص تابع لسلاح الهندسة وهو مزود بأجهزة حديثة في الكشف عن الأنفاق وكذلك من يكون بداخله معظمهم من الضباط

                          أحمد .. الآن فهمت ..ولكن أخشى أن يتعثر حظنا ولا يمر الصيد اليوم فكلما مر الوقت يكاد قلبي يقفز من مكانه

                          علي .. حينها نصطاد أي شيء فالنقلات والدبابات الأخرى كُثر .. ولكن ربما تتصور مدى قلقي لو أننا نضغط على زر التفجير ولا تنفجر العبوة .. فحينها يكون الشعور لا يوصف

                          أحمد .. إن شاء الله ستنفجر ولن يضيع الله عملنا سدى

                          علي .. ولهذا أنا لا أكف عن ذكر الله ودعائه فدعك من الكلام واذكر الله وادعوه أن يكلل عملنا بالنجاح والتوفيق





                          يتبع=

                          تعليق


                          • #14
                            الجزء الأخير

                            مر الوقت بطيئا وصلى علي واحمد صلاة الفجر وجلسوا يدعون الله أن يوفقهم
                            وبعد مدة من الزمن أهتز تلفون علي والذي فهم من خلال مشاهدته للرقم أن الهدف على وصول
                            قام علي على الفور بتثبيت طرف السلك الأخر في البطارية وأعطى لأحمد قطعة من القطن ليضعها على أذنه وقال له... الإشارة ستكون بيدي وانتبه جيدا لحركة يدي وضع إبهامك على الزر لتضغط حين أعطيك الإشارة
                            أقترب صوت الدبابة العملاقة من المكان وكان علي يمسك بكاميرا التصوير بيد واحدة وقد أعد اليد الأخرى ليعطي أشارة التفجير مرت الدبابة مقتربة من العبوة ثم توقفت فوقها تماما
                            وهنا ترك علي الكاميرا وانحنى يفك سلك التفجير من البطارية مرة أخرى
                            أحمد .. ما الذي حدث ألم تكن هي ؟
                            علي .. بل هي وتقف فوق العبوة مباشرة .. ولكن هناك ثلاثة جنود من حرس الحدود المصريين يقفون قريبا جدا من المكان
                            أحمد .. أين ؟
                            علي .. تعال وانظر ولكن بحذر .. هل ترى تلك النخلة ؟
                            أحمد نعم .. هناك ثلاثة أشخاص على ما يبدو أنهم يجمعون شيء من على الأرض
                            علي .. نعم شاهدتهم بزوم الكاميرا يبدو أنهم يجمعون الحطب ليشعلوا النيران
                            احمد.. ولكن أعتقد أن موقعهم بعيد عن العبوة
                            علي .. العبوة كبيرة جدا وهي قوية الانفجار ومكانهم خطر جدا
                            أحمد غاضبا .. أهذا وقته
                            علي أرجو أن يغادروا المنطقة قبل أن تتحرك الدبابة من مكانها
                            احمد... وهو يتطلع للجنود تارة وللدبابة العملاقة تارة أخرى ثم قال .. معك حق... الدبابة فعلا عملاقة كأنهم بنوا فوقها عمارة ... الأولى حين مرت كانت أعلى من السور قليلا ولكن هذه أضخم وأعلى كثيرا
                            علي .. الحمد لله لقد غادر الجنود المكان .. ثم نزل علي مرة أخرى وربط سلك التفجير في البطارية وأمسك بالكاميرا وثبتها نحو الدبابة وقال الآن يا أحمد
                            أحمد .. بسم الله وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى
                            ثم دوى الانفجار بصوت عالي مخيف سمعته كل خلايا الجسم قبل أن تسمعه الآذان
                            اهتزت الكاميرا من علي بسبب اهتزاز المكان وصوت الانفجار القوي العنيف وعاد يسيطر عليها مرة أخرى ولكنه لم يجد اثر للدبابة فكانت عبارة عن كتل متطايرة في كل مكان وشعلة كبيرة من النيران مكان العبوة
                            علي .. الله اكبر ولله الحمد
                            احمد والذي لم يكن يسمع شيئا ولكنه فهم من تعبيرات علي أن العملية نجحت فأخذ ينظر من الفتحة على مكان الانفجار الذي تغير كثيرا بفعل العبوة فشاهد فتحة كبيرة في السور تقف خلفها قطعة من الخردة تندلع بها النيران
                            لقد نسي علي وأحمد أن يعيدا قطعة القطن لأذنهم مرة أخرى ولم يكن يسمع كل منهما الأخر
                            غادر أحمد وعلي المكان على الفور وأخذوا معهم الكاميرا وجهاز التفجير تاركين خلفهم دبابة عملاقة تحولت إلى أشلاء
                            وصل كلاهما الشارع الرئيسي ليجدوا ياسر ينتظرهم في سيارة فركبوا جميعا وانطلقت بهم السيارة
                            وفي الطريق سأل ياسر عن الذي حدث
                            علي .. الحمد لله لقد أصبحت كومة من الخردة مستحيل أن يبقى بها أي خنزير حي
                            ياسر الحمد لله والشكر لله ..ثم قال .. سنذهب الآن إلى أحد المطاعم لتناول الفطور
                            نزل الشباب الثلاثة من السيارة بجوار أحد المطاعم وقد بدأت الشمس في الشروق
                            وطلب ياسر من صاحب المطعم أن يعد لهم صحن مسبحة من الفاخر وفول وفلافل
                            صاحب المطعم الذي يعرف ياسر .. اجلسوا حتى يحمى الزيت وأقوم بالقلي
                            تناول الشباب الثلاثة طعام الفطور وكان أحمد سعيدا جدا بما يقوله الصبية عن الدبابة التي دمرت كليا وسقطت منها قطع كبيرة داخل الحدود المصرية
                            حتى صاحب المطعم لم يفته أن يخبر ياسر بالانفجار الذي سمعه وهو يقوم بفتح باب المطعم
                            أحمد .. لا تنسى يا علي أن تعلمني كيف يصنعون الفلافل هنا فربما أفتح مطعم في مصر
                            فرت دمعة من عين علي على الرغم منه فهو كان يشعر أن ميعاد رحيل أحمد قد أقترب كثيرا.. أكثر مما يتصور أحمد
                            غادر الشباب الثلاثة المطعم وركبوا السيارة وفي الطريق قال أحمد .. إلى أين سنذهب الآن
                            ياسر .. إلى البرازيل
                            أحمد متعجبا .. البرازيل ؟؟
                            علي .. حي أسمه البرازيل في رفح
                            أحمد .. لزالت أذني تصفر حتى الآن
                            علي .. وأنا كذلك .. ثم أردف قائلا .. سنذهب الآن إلى مكان جديد ولكن لا تحدث أي احد هناك
                            احمد مستغربا .. لن أفتح فمي أبدا وإن أردت أخبرهم أنني لا أسمع ولا أتكلم .. ثم تابع ضاحكا أنا الآن بالكاد أستطيع السمع ..في المرة القادمة لن أنسى أبدا أن أضع القطن في أذني

                            لم يكن يعرف أحمد سبب حزن علي وحتى أنه لم يسأله عن الدمعة التي رآها في عينه في المطعم ولكنه كان يشعر أن علي حزين ولهذا سأله .. هل بك شيء يا علي ؟
                            علي .. لا .. كل شيء على ما يرام والحمد لله
                            لم يقتنع أحمد بكلام علي الذي لم يكن يكف عن المرح والمزاح ولكنه آثر الصمت

                            وصلت السيارة لحي البرازيل المحاذي أيضا للحدود المصرية وهناك نزل علي وأحمد من السيارة وتابع ياسر مسيره
                            وصل أحمد وعلي لباب أحد المنازل وطرق علي الباب ففتح لهم شاب لم يشاهده أحمد من قبل
                            طرح علي السلام وسأله ..هل خالد موجود ؟
                            أجابه الشاب... نعم هو ينتظركم في الداخل منذ وقت طويل
                            علي .. راحت علينا نومة فتأخرنا
                            دخل الجميع إلى المنزل وتفاجئ أحمد بوجود خالد هناك وكان مع خالد حقيبة أحمد
                            رحب خالد بالجميع وعانق أحمد الذي لم يتكلم كلمة واحدة
                            وهنا تدخل الشاب قائلا .. سأذهب لأرى هل كل شيء جاهز أم لا
                            غادر الشاب المنزل وترك علي وخالد وأحمد وحدهم
                            علي لأحمد ... لقد حان وقت الرحيل الآن ستغادر إلى مصر عن طريق نفق تحت الحدود
                            أحمد .. لماذا لم تخبرني من قبل ؟ .. ألا يحق لي وداع الأخوة الذين عشت معهم هذه الفترة ثم انفجرت الدموع من عين أحمد
                            لم يتمالك علي نفسه وهو يصارع دموعه قائلا .. لقد أخبرتك منذ يومين أن ميعاد رحيلك قد آن والأخوة يبلغونك سلامهم وقد ترك كل منهم رسالة لك وضعها خالد في حقيبتك وكذلك لكل منهم هدية تذكارية وهاهو خالد جاء ليودعك بالنيابة عنهم
                            أحمد .. أنت قاسي القلب يا علي .. كأنك تنتزع روحي .. لقد تخيلت كل شيء لكن أن لا ارحل هكذا فجأة
                            علي .. كن قويا وتمالك نفسك جيدا فالجماعة هنا يعرفون أنك تاجر ولا يعرفون عنك شيء أخر وتذكر أن لا تتحدث أمامهم بأي كلمة

                            دخل في هذه الأثناء الشاب قائلا .. كل شيء جاهز .. ثم التفت إلى أحمد قائلا .. لماذا يبكي صديقكم
                            علي .. لأنه أول مرة يمر من النفق لذلك هو مضطرب قليلا
                            الشاب .. لا تحمل هما.. لا يوجد أي صعوبة .. ثم انه سيرافقك أحد الإخوة حتى تصل إلى الجانب الآخر من الحدود
                            خرج الجميع من المنزل وتوجهوا نحو احد المنازل القريبة ومن منزل إلى منزل إلى حتى وصلوا المكان الموجود به النفق
                            وعلى باب النفق وقف أحمد وعينه لا تكف عن الدموع ...ثم أعطاه علي هاتفه النقال وورقة وقال له افتح هذه الورقة حين تخرج للطرف الآخر عانق أحمد علي طويلا ثم عانق خالد الذي تأثر كثيرا فقال علي لأحمد ..ستجد أشياء كثيرة في حقيبتك ستستفيد منها
                            طلب الشاب منهم أن يعجلوا لأن الحدود اليوم متوترة وهناك دبابة انفجرت وفيها قتلى
                            توجه أحمد نحو بوابة النفق وهم بالنزول ولكنه عاد ليعانق علي مرة أخرى وتعلق به طويلا حتى تدخل خالد ليفك العناق قائلا لا يوجد وقت عليك أن تغادر الآن
                            نزل أحمد إلى النفق بالفعل وكان بالأسفل ينتظره أحد الشباب ثم غادر علي وخالد المنزل وتوجها نحو مخيم الشابورة وفي الطريق قال علي أرجو أن يلتزم بكل ما كتبته له في الورقة
                            خالد .. ماذا كتبت له ؟
                            علي .. نبهته أن لا يتحدث مع أحد في الطرف الآخر وأن لا يثق إلا بالشخص الذي سيقول له أنا من طرف علي وحين يوصله الشخص إلى السيارة التي ستأخذه إلى القاهرة يتصل بي على هاتفي ولكن لا ينتظر مني رد لأن الاتصال يعني أنه قد تم كل شيء على ما يرام
                            وقبل أن يصل خالد وعلي مخيم الشابورة جاء الاتصال من هاتف أحمد ولكن علي لم يرد على الاتصال وواصل سيره ثم التفت إلى خالد قائلا... أرسل له رسالة على هاتفه لأنني لا أستطيع أن أتمالك نفسي
                            خالد .. ماذا تريدني أن أكتب ؟
                            علي .. وصلني اتصالك.. في رعاية الله وحفظه







                            انتهت القصة
                            اللهم ارحم شهداءنا والحقنا بهم يا رب العالمين



                            منقوووووووووول

                            أخوكم الحسني

                            تعليق


                            • #15
                              والله اخى الحسنى قرأت القصه وبكيت
                              وسال الله ان يرزقنا الشهاده فى سبيله
                              لن تركع امه قائدها محمد(صلى الله عليه وسلم)

                              بارودتى بيدى وبجعبتى كفنى ياامتى انتظرى فجرى ولا تهنى
                              بعقيدتى اقوى ابقى على الزمن ...حصنى اذا عصف به موجة الفتن
                              والصبر لى زاد فى شده المحن

                              تعليق

                              يعمل...
                              X