بسم الله الرحمن الرحيم
إنني أعني ما أقول وليس هذا من التلاعب بالألفاظ
فسوف أمضي في هدفي لأتذوقني .. لأني ببساطة جائع
ثم إن بطني يقرقر يريد أن يأكل شيئا نفسه فيه !
ونفسي فيني .. نعم نفسي فيني
إذن سوف آكلني !
لقد أكلت أكثر الأشياء التي أحبها
ومع أنني أحبني أكثر من تلك الأشياء التي تناولتها
إلا أنني لم أأكلني حتى الآن!
قد يتسائل البعض
لا لن يتسائل أحد بل سيبصمون بالعشرة
بأنك إما مجنون .. أو مجنون
لكن لا علي من كلام الناس
وسأروي لكم القصة منذ البداية :
كنت اتسامر مع أحد الأصدقاء نتجاذب أطراف الحديث .. يشد لي وأقطع له قطعة ثم أشد له ويقطع علي كلمة .. وهكذا حتى انتهى بنا الحوار وأوصلنا إلى الشاي الذي كنا نرتشفه
عندما سألته : مالذي في الإبريق
أجاب بعفوية تامة بأن الذي فيه الشاي ..
قلت له بصرامة وحزم : غلط ..
بل أنا وأنت الذان في الإبريق
!
فلم يستطع أن يكتم ضحكته التي سبقتها قهقهتي ..
و قال : كيف نكون أنا وأنت في الإبريق
!! ؟
قلت لا عليك سوف أخبرك
وطلبت منه أن يسكب لي كوبا وله مثله ..
ثم سألته : مالذي في بيالتك ( الكوب )
قال فيها شاي
قلت خطأ .. الذي فيها أنت .
ثم سألته مالذي في بيالتي
قال : أنت الذي في بيالتك !
ولم نستطع إلا أن نقهقه حتى آلمتنا أمعائنا
قلت له وتلك الضحكات لم تغادرنا بعد :
أحسنت لقد بدأت تفهم ..
قال : لكني لم أفهم
أرجوك أن تشرح لي
قلت لا عليك ستعرف بعد قليل
ثم عدنا نتجاذب حواف الحديث يشد لي وأقطع عليه كلامه وأشد له ويقطع علي كلامي
حتى انتهينا من شرب أنفسنا
ثم سألته : ما أخبار الشاي
قال : لقد صار في بطننا .
فقلت : خطأ .. بل أصبح الشاي أنا وأنت ..
قال : كيف والضحكات تملأ المكان
فقلت له بأننا قبل ساعة كنا نشتهيه وبعد أن شربناه أصبحنا نحسه
ثم بعد ذلك ربما سوف يؤلمنا ..
أليس كذلك ؟ قال .. بلى
قلت له حسنا .. إذا آلمك تقول :
الشاي يؤلمني أم تقول معدتي تؤلمني ؟
قال : أقول الثانية .. قلت :
إذن لقد كنت تشربك وأنت لا تدري .
:
قال .. أووووف ...
فقاطعته قائلا :
و قس على ذلك أصناف المأكولات والمشروبات .. ثم تعالت الضحكات
فقال : ياأخي يكفي لقد أوجعت بطني ..
فقلت له خطأ .. لقد أوجعت فطائرك
فقال : لقد قطعت تميسي وفولي يا أخي ارحمني ..
وهو لا يستطيع أن يكتم تلك الضحكات
وسألته مالذي يضحك ويتكلم فيك
قال يا أخي لا أدري .. أهو كبستي أم بانادولي ..
قلت له بل الذي يضحك فيك روحك الطيبة ونفسك المرحه والذي ينطق فيك عقلك الراجح
..
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده
فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
لقد وعى زهير بن أبي سلمى أن الإنسان مكون من شقين : المادة وهي اللحم والدم والعظام ...
والشق الآخر غير مادي مكون من العقل والنفس والإنفعالات ... إلخ
فهل تؤثر تلك الأطعمة التي يتكون منها الجزء المادي في بنائنا الجسدي في الجزء الآخر ؟
الذي يؤثر في سلوكنا ؟
وهذا الأمر ليس فيه شك إذ أن المسكرات والمخدرات تؤثر على السلوك بكل تأكيد , لكن الذي أريده هل الطعام الذي نأكله من الطيبات يؤثر على سلوك المرء ؟ والحقيقة إنه قد يؤثر في مصيرنا إما إلى جنة أو نار .. فكيف لا يؤثر على سلوكنا وهذا شاهد من قصة حدثت لأبي بكر الصديق عندما أتاه غلام بطعام فأكل منه رضي الله عنه لقمة , وعندما سأله من أين لك هذا الطعام ؟ قال بأنه من كهانة تكهنتها في الجاهليه . فما كان من أبي بكر رضي الله عنه إلا أن أدخل أصبعيه في فمه لإخراج تلك اللقمة التي أتت من باب محرم حتى كادت أن تخرج روحه معها فلامه أصحابه على ذلك فقال لهم :
( والله لو لم تخرج إلا وروحي معها لأخرجتها ) فقد سمعت الرسول عليه الصلاة والسلام يقول ( أيما لحم نما على السحت فالنار أولى به ) وفي هذا دليل على أن الحم ينموا من الطعام , ولكن عندما يكون هذا الطعام محرما كأكل الربا ( الذي أدناه مرتبة كأن ينكح الرجل أمه ) والسرقة والتهاون في العمل والرشوة وما إلى ذلك ...
إنه يؤثر على مصير الإنسان في الآخرة ولنا في تصرف أبي بكر الصديق شاهد على أن الطعام يؤثر على السلوك ولو افترضنا أنه رضي الله عنه لم يستطع إخراجها من جوفه لأثرت تلك اللقمة الحرام على تصرفاته لأنه سيبادر بعدها بالتوبه وعمل الخيرات والصلوات ليكفر عن تلك اللقمة المحرمه ...
كذلك فإن الذي يأكل الحرام فإنه لن يحصل على هذا الحرام إلا بالغش أو الكذب والخداع والمراوغة حتى تصبح مساوء الأخلاق سجية فيه والعياذ بالله وقد قيل إن الحسنة تقول أختي أختي والسيئة تقول أختي أختي .
رزقنا الله وإياكم المال الحلال الطيب المبارك .
أيها الموز
__________________
تعليق