تويت
المعتوه والقرية الصغيرة
بسم الله الرحمن الرحيم
وصل المعتوه إلى فرن القرية الصغيرة - وكان شابا ضخما مفتول العضلات -
طلب من صاحب المخبز أن يهبه خبزة ليسكت بها جوعه
احتار الرجل هل يعطيه أو يمنعه ؟
فهو شاب مجنون وفوق هذا قوي مفتول العضلات .. و نظراته كانت توحي بالشر ... !!
لم ينتظر المجنون كثيرا وسحب رغيفا بفوضوية وهمجية كبيرة , ثم أشار بيده الأخرى للخباز
أن أعطني رغيفا آخر ..!!
كل هذا وصاحب الفرن يفكر : هل يعطيه الخبز فيكون ضعيفا جبانا ؟؟ أو يمنعه ويقطع مطامع الطامعين من بعده ؟ لقد خشي أن يتعود ذلك المجنون على الأكل عنده بالمجان .. ومن يدري ربما يطلب منه الأموال في المرة القادمة .. بعدها قد يطلب منه أن يقيم معه في بيته !! .. فتنازل واحد في غير محله قد يقود إلى سلسلة من التنازلات .. وذاك الشاب مجنون لا يميز بين الخير والشر وبين الق والباطل ..
ماذا يفعل صاحب المخبز !
قرر أن يطرد ذلك المعتوه فثار فيه بقوة بحزم ودفعه إلى خارج الفرن
فتغير وجه المجنون وتطاير الشرر من عينيه الجاحظتين وانتفض كما ينتفض العصفور إذا بلله المطر
وانقض على الخباز بسرعة شديدة !! كما ينقض الضبع على فريسته و ضربه ضربا شديدا حتى فقد الوعي
ثم قلع عينه !! وتركه مرميا داخل فرنه ..
وخرج المجنون يجر رجليه الثقيلتين وفي يديه أربع خبزات .. أكل واحده ورمى الباقيات !
(( القانون لا يعاقب المجانين !! ))
لم تفلح مساعي زوجة الخباز في الحصول على حقها من ذلك المجنون
لا تعويض فالجاني مجنون !! .
اشتهرت شراسة المجنون العملاق عند أهل القرية , وعلموا بأنه خطير , ومدمر !!
وصارت النساء يتناقلن أخباره , ويحذرن الأطفال والشباب من الاقتراب منه أو التشاجر معه
حتى شاع ذكره بين أهالي القرية فهابوا سطوته , وخشوا بطشه , وتجنبوا إغضابه ! ..
(( و القانون لا يحمي من المجانين !! ))
تسور ذلك المجنون بوما حائطا لمزارع ضعيف !!
فلما رآه صاحب البستان وتذكر قصة الخباز الذي فقد عينه
توجه إليه مرحبا مهللا وفرش له رداءه فجلس المجنون وقال للمزارع بحروف لا تكاد تبين
أريد تلك الشتلة الجميلة .. قال المزارع لنفسه : شجرة صغيرة يأخذها
أفضل من أن يأخذها وفوقها عيني , فأعطاه إياها , و خرج المعتوه والشجرة في يده
وفي طريقه رماها في النهر !!
أحس المجنون بقيمته وعرف قدره عند المزارع فصار يعوده و في كل يوم يقلع زهرة صغيرة
أو شتلة جديدة أو يطلب من المزارع أن يعصر له البقرة !! وأحيانا يصرخ ويضرب رأسه الكبيرة
في رأس المزارع الضعيف
(( والقانون لا يعاقب إلا العقلاء ))
صار المجنون يدخل على منازل القرية يشاركهم في طعامهم ولباسهم يأخذ ما شاء ويترك ما شاء
حتى بلغ السيل الزبى وقرر بعض العقلاء الاجتماع والوقوف يدا واحدة في وجه هذا المجنون
وتداعت القرية لذلك , وقبيل التطبيق خشي بعض الجبناء أن يخذلهم الآخرون وأن لا يثبتوا في مواجهة المجنون فيكونون لقمة سائغة له , فقرروا التزلف للمجنون بإخباره عن مكر أهل القرية له ..
خشي المجنون من هذا الاجتماع فعمد إلى أجبنهم وأضعفهم وأمام أعينهم ضربه ضربة طار منها لب الشجاع فيهم , فتقهقر الشجعان وتركوا له البساط يمشي فوقه حيث أراد !!
وتكرر التداعي من أهل القرية للاجتماع وفي كل مرة يتخاذل الذين يفضلون العيشة الذليلة على المقاومة لرفع الذل والهوان عن ديارهم وأبنائهم ونسائهم , حتى نفذ صبر بعض الأسود الضارية وقرر أن يعمل بمفرده حتى يكون في حرز من المتخاذلين الخونة , فصار يترصد للمجنون في الطرقات فإذا مر المجنون في مكان مظلم رماه بحجر يكاد أن يثلغ رأسه , ومرة بعد مرة دخل المجنون شعور الخوف والوجل ودخل الناس الأمل في سقوط ذلك المجنون وإبعاده عن التحكم في شؤونهم , فكثر الذين يعملون بمفردهم لمقاومته , وأصبح المجنون خائفا وجلا لا يستطيع أن يدفع عن نفسه الأذى بمفرده لكثرة المتربصين به , فبحث عن أضعف اهل القرية و ضربه بشكل وحشي وقال : أنت أيها الإرهابي أنت الذي كان يرميني بالأحجار !! وأنتم يا أهل القرية إن لم تكونوا معي في الحرب على الإرهاب فأنتم ضدي
قال أهل القرية الصغيرة بل نحن معك يا أمريكا فقودينا إلى الهاوية ...
__________________
تعليق