Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أبو حيان التوحيدي- مأساة عصره

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أبو حيان التوحيدي- مأساة عصره

    قصة حياة الأديب العباسي الكبير أبو حيان علي بن محمد التوحيدي مأساة مؤلمة، تكشف عن معاناة الفقراء في ذلك العصر،حتى لو وصلوا إلى أعلى درجات الثقافة الموسوعية آنذاك أبصر أبو حيان النور في مطلع القرن الرابع الهجري من أب فقير كان يشتغل ببيع نوع من التمر يسمى (التوحيد) وهذا سبب تسمية أبو حيان ب(التوحيدي).
    كان أبو حيان ذا همة عالية وطموح واسع دفعه إلى الإقبال على العلم والثقافة رغم فقره الشديد،درس الفقه الشافعي وسمع الحديث ودرس النحو وعلوم اللغة وكان له شغف خاص بالفلسفة والمنطق،وحتى عندما اضطر لاتخاذ حرفة يتعيش منها فقد أختار حرفة النسخ - نسخ الكتب بخط اليد - مهنة له، وقد أمدته هذه الحرفة بزاد وافر من المعرفة وعرفته إلى ألوان الثقافة المتداولة في عصره، ولكن هذه الصناعة لم تكن تدر عليه ما يصلح به حاله،فبقي على فقره وفاقته. وفي الوقت الذي كانت تغدق فيه عشرات الألوف ومئات الألوف من الدراهم والدنانير على الجواري والعبيد في قصور الخلافة والسلطنة، كان التوحيدي يكتب متوسلا إلى الوزراء ورجال الدولة يلتمس منهم ان يجروا عليه - بلغة ذلك العصر- درهمين في اليوم ليتمكن من التفرغ للكتابة والتأليف فلم يظفر بهذا المطلب الزهيد.
    ورغم هذا كله، رغم الظلام الذي لف حياته القاسية ورغم صراعه المروع مع الفقر والحاجة فقد واصل التأليف متشبثا بأهداب الأمل في ان ينال حقه المشروع من العناية والتكريم، رغم إن الحاجة كانت تدفعه أحيانا إلى الخروج إلى الصحراء، يقتات بالعشب وبالثمار البرية ليدفع عن نفسه ألم الجوع.
    وأخيرا بعد أن يئس من بغداد،عاد إلى مسقط رأسه فارس بحثا عن أمل جديد حيث قابل وزيرين من اعظم الوزراء دراية بالأدب ورعاية للعلم، ابن العميد ثم الصاحب بن عباد،لكن حظه السيئ لاحقه إلى هناك،فلم ينل منهما خيرا يذكر، فعاد إلى بغداد حزينا مقهورا ليؤلف كتاب (أخلاق الوزيرين) ورغم خيبة أمله في هذين الوزيرين الأديبين فان ذلك الفقير النبيل انصفهما في هذا الكتاب ووصف علمهما وفضلهما في مواقع كثيرة منه، ويعد هذا الكتاب أثرا فريدا في الأدب الذاتي الخالص،والتعبير عن شجون النفس وآلامها.
    وواصل التوحيدي حياته القاسية الشاقة الموزعة بين تأليف كتبه الرائعة البديعة وبين مكافحة الموت جوعا، إلى أن ساعدته الظروف على الاتصال بالوزير الحسين بن احمد بن سعدان حيث نسخ له كتاب (الحيوان) للجاحظ وألف له رسالة (الصداقة) وحاضره بما في كتابه (الامتاع والمؤانسة) وعاش التوحيدي أياما طيبة في صحبة الوزير،لكن سعادته لم تطل فقد انصرف عنه الوزير كما انصرف عنه ابن العميد والصاحب بن عباد من قبل، ويبدو أن اعتزاز التوحيدي بعلمه الغزير ومؤلفاته الرائعة واحترامه لنفسه وكرامته كان السبب في إفساد علاقته مع هؤلاء الوزراء الذين كانوا يريدون منه أن لا ينسى كونه فقيرا معدما عندما يحضر مجالسهم ويتحدث إليهم.وفي خريف عمره وبعد أن طحنه الفقر والهم طحنا،أقدم التوحيدي على فعلة لا يقوم بها إلا يائس،فقد جمع كتبه كلها – وكانت تعد بالعشرات من انفس وأبدع ما كتب-وأحرقها لئلا يتركها من بعده للناس الذين أذاقوه العذاب والهوان أكثر من ستين عاما، ولولا وقوع نسخ من بعض هذه الكتب بأيدي الناس لما وصل إلينا منها شيء . وبعد هذه المأساة الأخيرة في حياته سكن التوحيدي إلى حياة الزهد بعد أن يئس من الدنيا ليكون كتابه الأخير (الإشارات الإلهية ) في أكثره مناجاة لربه وخالقه لترتاح روحه المعذبة أخيرا بعد أن يئس من كل مخلوق وقد أناف على السبعين من سني حياته الشقية البائسة، رحم الله أبا حيان رحمة واسعة وعوضه عن دنياه الأليمة بجنة الخلد حيث لافقر ولاأحزان.

    الدكتور اسامة الحاتم

  • #2
    السلام عليكم
    شكراً لك د.اسامة شمس الدين على سردك لمسيرة حياة ابو حيان التوحيدي الموجزة .
    هل تدخل في صلب مواضيع ابو حيان التوحيدي , لنرى لعل الله ينفعنا بما تكتب عنه

    تعليق


    • #3
      شكرا اخي عدنان على مرورك وتعليقك الجميل
      وسارى ان كان بامكاني نشر بعض من ادب التوحيدي رحمه الله وخاصة ادبه الديني الخالص الذي كتبه بعد ان نبذ الدنيا واتجه بكليته الى خالقه ومولاه
      الدكتور اسامة الحاتم

      تعليق

      يعمل...
      X