هذه بطاقات أضعها بين يديك أخي وأختي، بطاقات من وحي السنة النبوية، تحمل في طياتها حديثا عن القرآن الكريم وفضله... عساها تدفعنا إلى مزيد من التعلق بهذا الفرقان المبين فيكون كل واحد منا أهلا لأن يقول:
أنا مسلم قولا وفعلا **************
ميزان التفاضل بين الناس
1- عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" خيركم من تعلم القرآن وعلمه " .
رواه البخاري وأبو داوود والترمذي
هذا الحديث يعضد أحاديث أخرى مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " العلماء أمناء الله على خلقه " (1) . فالعالم الذي يتعلم القرآن ثم يعلمه غيره قد أصبح خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في إبلاغ وتعليم كتاب الله بل خليفة الله في إبلاغ أوامر الله تعالى لعباده . وهو بذلك يرشدهم إلى خير الدنيا والآخرة فكان خليقا به أن يكون من خير عباد الله تعالى فإن أحب خلق الله إليه أنفعهم لعباده .
وهذا الحديث لا يعارض غيره من الأحاديث التي تحدد خير الناس مثل : " خير الناس أنفعهم للناس " (2) . أو " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " (3) . بل إن هذه الأحاديث كلها يعضد بعضها بعضا في معانيها فخير الناس من تعدى نفعه إلى غيره وفضله على غيره بقدر زيادة فضله على الآخرين .
وتعلم القرآن وتعليمه يحب أن يقصد به وجه الله تعالى وأن يعمل المعلم بالقرآن قبل أن يعلمه غيره لكي لا يكون من الذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم . فمن تعلم العلم ليباري به السفهاء أو ليجاري به العلماء أو ليفتخر به ابتغاء المديح والثناء والشهرة أو اكتساب الأموال فليس ذلك من الله في شيء وأولئك حبطت أعمالهم وهم في الآخرة خاسرون . وأما من تعلمه ابتغاء وجه الله فعمل به وعلمه الناس وتلا القرآن تقربا إلى الله تعالى فذلك ممن يرجون ثواب الله والله عنده حسن الثواب .
إن الحث على تعلم القرآن وتعليمه في هذا الحديث يزيد عليه الأمر الصريح الذي ورد في قوله صلى الله عليه وسلم " بلغوا عني ولو آية " (4) . فكل من تعلم آية هو عالم بها ويقع عليه إبلاغها وعلى المسلم أن لا يحتقر عمله بقلة ثواب إبلاغ الشيء اليسير فلا يجوز احتقار شيء من المعروف مهما كان يسيرا .
قارئ القرآن في سمو دائم
" يقال لصاحب القرآن إقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها " .
رواه الترمذي وأبو داؤد
يدخل المؤمنون الجنة بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولكن منازلهم في الجنة تتفاوت بحسب أعمالهم ومن ذلك تلاوتهم لكتاب الله وحفظهم له فكلما كان المؤمن أكثر إتقانا لكتاب الله تعالى كلما كانت منزلته أعلى ودرجته أرفع يوم القيامة . ويؤكد هذا الحديث على أهمية ترتيل كتاب الله وتجويده .
فضل كلام الله
3- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" يقول الله تعالى : من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين . وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله على خلقه " .
رواه الترمذي
الحديث القدسي : هو الحديث الذي يأتي بلفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه . وهذا حديث قدسي .
اتصف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يحوي جوامع الكلم رغم أنه بشر . فبلفظة واحدة ترى معان عديدة تجمع جوانب شتى من الحكمة . فالاشتغال بالقرآن المذكور في هذا الحديث يضم تلاوته وتعلمه وتعليمه وتطبيقه والدعوة لما جاء فيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المنهي عنه في القرآن وهكذا بلفظ موجز شملت كل تلك الأعمال .
وللدعاء مكانة خاصة ؛ فالله يحب أن يَدعُوَه الناس لكي يستجيب لهم { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } (6) ومع ذلك فإن من شغله شيء متعلق بالقرآن من الأمور التي ذكرناها من تلاوة وتعلم وتعليم وتطبيق فإن ثوابه بين السائلين محفوظ فهو يحصل على أفضل ما يحصلون عليه . وهكذا الحال بالنسبة للذاكرين الله كثيرا والذاكرات .
وثواب الدعاء يكون إما بإجابة الدعاء الذي يسأله العبد أو بأن يصرف الله عنه ضررا أو يسوق له ما يقابه من جزاء حسن في هذه الحياة الدنيا وإما أن يؤخر الله ثواب ذلك إلى يوم القيامة فيعطيه من الحسنات أو يحط عنه من السيئات .
وأفضل الدعاء ما كان دعاء لمنفعة عامة للناس في أمر يخص آخرتهم مثل الدعاء للرسول صلى الله عليه وسلم أن يؤتيه الله الدرجة الرفيعة العالية والشفاعة يوم القيامة فإن في ذلك نفع للبشر جميعا في أشد الساعات صعوبة وشدة .
ويلي تلك المرتبة من الدعاء ما كان دعاء خاصا لأمر يخص الآخرة مثل قول العبد اللهم اغفر لي ولوالدي . ثم يلي ذلك ما كان دعاء لمنفعة عامة يخص الدنيا مثل اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ورابع هذه الدرجات ما كان خاصا بالسائل ومتعلق بأمر دنيوي مثل قوله رب ارزقني . فلكل دعاء مرتبته من الثواب سواء أجيب كما طلب السائل أم لا . فالله يعطي المشغول بالقرآن وبذكر الله تعالى أفضل ما يعطي هؤلاء .
ويحدد هذا الحديث القدسي أمرا هاما يصلح أن يكون أساسا قويما لحياة المسلمين فإذا ما وضع المسلمون كلام الله تعالى فوق كلام الناس وفضلوه على ما سواه كانت أمور دنياهم بخير وأمور آخرتهم أفضل من ذلك ففضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه . وهذه هي المنزلة التي يجب على المسلمين أن يضعوا بها القرآن الكريم وأحكامه وأوامره . قال الله تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ } (7) .
وقال أيضا : { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (8) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه القضاعي وابن عساكر عن أنس وصححه السيوطي .
(2) رواه القضاعي عن جابر وصححه السيوطي .
(3) رواه الترمذي عن عائشة وابن ماجة عن ابن عباس وصححه السيوطي . (4) رواه الإمام أحمد والبخاري في التأريخ والترمذي وصححه عن ابن عمرو .
(5) هو عبد الله بن عمرو بن العاص من زهاد الصحابة . كان أحد الصحابة القلائل الذي سمح لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة الحديث في حياته وقد أسلم قبل أبيه وتوفي عام 68 هـ بمكة .
(6) سورة غافر الآية 60 .
(7) سورة الأنفال الآية 24 .
(8) سورة النور الآية 51 .**************************
استمتع بجلسات قرآنية على: http://http://www.maxforums.net/showthread.php?
t=34338&page=27&pp=30
ولاتنسانا في دعائك
</SPAN>
تعليق