Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

صناعة التقدم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صناعة التقدم

    تقليد الموتور.. سر التقدم!

    2005/06/02
    د. سيد دسوقي**






    في أحد مقالاته بمجلة أكتوبر القاهرية يحكي الدكتور حسين مؤنس عن الياباني الذي كان مبعوثًا في أوائل القرن العشرين للحصول على الدكتوراة في الهندسة من بريطانيا، ثم وجد نفسه يضيع وقته وجهده في دراسات نظرية لا طائل منها، وكيف أنه وزملاءه المبعوثين أغرقوا أنفسهم في المعادلات والتحليلات.

    سأل هذا الياباني نفسه: ما هو مفتاح التكنولوجيا الغربية التي صنعت التقدم الاقتصادي؟ وأجاب بأنه الموتور. إذن فليعد لبلاده بسر صناعته، واشترى بالفعل موتورًا من ماله الخاص الذي يأكل به، وعكف عليه يفكه قطعة قطعة، وكلما فك قطعة رسمها ورقّمها، حتى فك الموتور كاملا، ثم أعاد تركيبه، وأعاد ذلك عدة مرات حتى أدرك كل أجزاء الموتور ووعاها، ثم عاد للكتب يتفقه في بعض النظريات الحاكمة لعمل الموتور.

    بعد ذلك أراد الياباني أن يعمل في بعض المصانع التي تصنع الموتور، فذهب إليها عاملا يكتشف في هدوء أسرار صناعة هذه الأداة ودقائقها. ولما أيقن أنه عرف كل أسرار الموتور، وما بقي إلا أن ينقلها لبلاده كتب للملحق الثقافي الياباني بقصته، فنقلها لوزير التعليم الذي أخبر بدوره الإمبراطور الذي بعث لهذا المهندس بأموال ليشتري كل ما يلزمه من معدات لصناعة الموتور الياباني.

    ولما فرغ من مهمته بعد عدة سنوات ذهب لزيارة الإمبراطور ومعه عينة من هذه الموتورات التي استمع الإمبراطور إلى شرح حولها في نشوة، قائلا: هذه أعذب موسيقى سمعتها في حياتي.

    هذا الياباني العظيم لم يعد لبلاده بالدكتوراة، وإنما عاد إليها بعزتها ومجدها.. عاد إليها بتقليد مفتاح الصناعة الأوربية ومن ثم تقدمها الاقتصادي، وعاونه على ذلك الملحق الثقافي ووزير التعليم والإمبراطور، ولم يحاولوا أن يخذلوه أو يتهموه، وإنما ساعدوه وشجعوه.

    التقليد أهم من الدكتوراة

    لقد أدرك هذا الياباني أهمية التقليد الصناعي؛ فترك من أجله الدكتوراه، واكتفى بما تعلمه من نظريات تكفيه لنقل سر الصناعة، ولم يكن الإدراك عند هذا الفرد الياباني يكفي للوصول إلى الغاية إذا لم تتكاتف معه الثقة ويؤازره الوعي والوطنية عند الملحق الثقافي والوزير والإمبراطور.

    والحق أن التقليد الصناعي هو من أهم الدروب التي ينبغي أن تسلكها الشعوب في استنبات التكنولوجيا الوطنية التي هي سبيل التنمية الاقتصادية الحقيقية. وما فعله اليابانيون يجب أن يصبح نبراسًا لكل شعوب العالم الثالث تترسم خطاه وتمضي على هديه في سعيها للتصنيع.

    وللأسف الشديد فإن التقليد الصناعي يكاد يختفي تمامًا من حياتنا الصناعية العربية؛ فالصناعة في بلادنا تعتمد طريق رخص الإنتاج لا تحيد عنه، ولقد تعقدت عقود هذا الرخص بطريقة يستحيل معها نمو الصناعة الوطنية، وأصبحت شروط الصناعة معوقة تمامًا لأي استنبات تكنولوجي.

    وانظر إن شئت لمصنع سيارات عربي كمصنع نصر للسيارات.. فبعد أكثر من عشرين عامًا على بدء إنتاجه ما زال هذا المصنع يعتمد على الرخص في الإنتاج في كل شيء حتى في مواسير العادم التي يصنعها السمكرية في ورشهم الصغيرة.

    إن الدول الكبرى عن طريق المنظمات الدولية تُدخل الشعوب الصغيرة في معاهدات صناعية لحماية صناعاتها من محاولات التقليد. وأحسب أن ذلك عبث يجب أن نحيد عنه.

    نعم.. يجب أن نحصل على رخص الإنتاج، ولكن لا بد أن تكون الفلسفة الصناعية هي أن يقوم هذا الرخص بدور الشرارة الأولى، ومن أجل ذلك لا بد أن يكون في المصنع جهاز تقليد على أعلى مستوى تقني، وأن يكون هذا الجهاز متصلا بالجامعات ومراكز البحوث ليوزع عليها بحوث التقليد ومشكلاته، وفي نفس الوقت تحاسب الإدارة العليا في المصانع حسب برنامج زمني لا بد أن تنهي خلاله الاعتماد على رخص الإنتاج، وتعتمد بعده على التقليد ثم الابتكار.

    للتقليد فلسفة..

    وتقوم فلسفة التقليد أساسًا على فهم كامل لوظائف الأجزاء المختلفة لمنتج ما، مجتمعة أو متفرقة، ونظريات هذه الوظائف ونوعيات المواد المختلفة المطلوبة لهذه الأجزاء وخصائصها الطبيعية والميكانيكية.

    فإذا ملكنا معرفة النظام ومعرفة جيدة عن وظائف أجزائه، وتوقعنا ضرورة وجود خصائص طبيعية وميكانيكية معينة لهذه الأجزاء نكون قد حصلنا على جزء كبير من المطلوب معرفته، ولكن ستظل هناك خبايا تقنية تعتبر من دقائق التكنولوجيا الحديثة، وليس الحصول عليها بسهل أو ميسر حتى لو أخذنا رخص الإنتاج سبيلا.

    فمثلا إذا كنا نعرف أن جزءًا من المنتج يجب أن يؤدي وظيفة معينة بمواصفات معينة تحتاج إلى خواص بعينها.. فإن هذه المعرفة تمكننا من توقع مادة هذا الجزء أو بدائلها في حدود 95% بطرق معروفة في علوم المواد.. ولكن سيبقى هناك آثار وإضافات في هذه المواد لا يمكن أن تعرف إلا بمحاولات معملية حتى نصل إلى الصفات المرجوة.

    ولا بد للمقلد كذلك أن يجري بحوثًا تطبيقية لدراسة النواحي الوظيفية من حيث المتانة والاعتمادية والعمر الافتراضي على المنتج المقلد، ولقد شاهد بعض زوار اليابان -عندما زاروا مصنعا للسيارات هناك- باب سيارة أمريكية تحت الاختبار ليقيسوا عمر الباب وعمر أجزائه المختلفة.

    وحتى نحول التقليد الصناعي إلى ابتكار تنموي في عالمنا العربي يجب أن نمتع أنفسنا بفترة حضانة بعيدًا عن هذا التسارع المذهل في عالم ما بعد الصناعة، ونحتاج حينئذ إلى ترشيد في اختيار رخص الإنتاج؛ فهناك صناعات أساسية ومنتجات بذاتها نستطيع بتقليدها أن ننبت في بلادنا التكنولوجيا المعاصرة التي تخلق لنا تنمية متواصلة.

    ولأن العالم الصناعي الغربي يخرج من جعبته كل يوم سلعا لتلبية احتياجات استهلاكية شرهة؛ فإن تقليدها كلها لن يكون أمرا عمليا أو حتى منطقيا، وبالتالي فلن يحمينا من هذا التسارع إلا عدة أمور، أهمها الاختيار النفسي لمنهج الحياة الكلي، الذي يحد من حبنا للتكاثر واللهث وراء أشياء لم تصنعها أيدينا.

    ومن هنا يجب أن نركز على تقليد أدوات الإنتاج الضرورية قبل أن نقلد الأشياء الترفيهية، كما يجب أن يكون التقليد موجهًا لاستغلال الطبيعة المحيطة.. فمثلا عندما تتوفر الشواطئ والبحيرات والثروة السمكية يجب أن تتجه الجهود إلى تكنولوجيا الصيد كمصدر أساسي من مصادر العيش، ومن هنا يجب أن نهتم بتقليد كل أدوات الصيد.

    دور الدولة مهم

    وفي هذا السياق لا بد أن تدرك الدولة دورها في منظومة التقليد كمنظم ورابط للجهود الصناعية المختلفة في الأمة، سواء قام بها الأفراد أو قامت بها الدولة نفسها التي من المهم أن تسعى لخلق المناخ المواتي للتقليد وتحويله إلى ابتكار، عبر توفير عناصر المنتجات التي سيتم تقليدها لمن يريد دراسات عن الصناعات المطلوبة وطنيًا.

    وفي الوقت نفسه تقوم الدولة بإعداد الأمة تعليميًا لتصل بها إلى مستوى علمي يناسب المستوى التكنولوجي المرجو، ثم التخطيط لمستوى آخر علمي وتكنولوجي.

    وهذا الدور للدولة يجب أن يصبح مادة بحث في مراكز البحوث والجامعات، ويجب ألا يترك في أيدي السياسيين والاقتصاديين وحدهم؛ حتى لا نظل واقفين دون أي تقدم على أصعدة التنمية.

    من ولاه الله شيئا من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله تعالى دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة

  • #2
    مقالة جميلة جدا ..
    بارك الله فيك .
    اذكر الله
    my page

    تعليق


    • #3
      لما كان أبو غزالة هو وزير الدفاع كان بيعمل كده
      انا فاكر إن ولدي كان بيحكيلي إن كل المعدات العسكرية القادمة من الخارج كان بيقوم على تطورها في المصانع الحربية وكانوا بيصنعوا المواتير للألات الكهربائية انا فاكر لم كنت بدرس في معهد التكنولجيا كان عندنا في معامل وورش المعهد معدات من صنع المصانع الحربية وكانت ذات جوده عالية ..... بس للاسف راح رامي وعليك وعلى صناعة معدات الحرب السلام دلوقتي الجيش مش فاضي إلا لعمل المستشفيات ومصانع المياه الطبيعية و صناعة البوتجازات إلي هنشعلل بها قلب العدو إن شاء الله

      كفايا علينا صناعة السينما في مدينة الانتاج الإعلامي
      ومصانع الدخان والسجاير
      كل اناء بما فيه ينضح
      إذا جائتك الضربات من اليمين ومن اليسار فاعلم انك من أهل الوسط

      تعليق


      • #4
        هذه القصه سمعتها كثيرا .. مع الاختلاف في بعض المراحل .. ولا اعرف أيهم الصح .. ولكن بشكل العام هي نفس المضمون ..

        تشكر اخي العزيز ..

        وان شاء الله يأتي يفتحوا العرب عقلهم شوي للصناعه ..


        تحياتي
        حمني90

        :My Company
        H90films.com


        تعليق

        يعمل...
        X