بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته؛
دعاني لكتابة هذا الموضوع أني تأملت حالات بعض من أعرفهم فوجدت تناقضاً و أعمالاً ظاهرة من غير إيمان قوي راسخ ، و من غير اسـتـشـعـار لما يقومون به .
قالت لي بعد أن أسندت ظهرها للوراء : ما أجمل ذكر الله لم يذهب الضيق الذي في صدري إلآ بعد ما قلت سبحان الله . ابتسمت و قلت لها : و هل في ذلك شك ؟ داومي على الذكر حتى تتخلصي من الضيق كله. ثم رأيتها بعد يومين تقول : لقد زرت صديقـتي و سمعـنا أغنية .... ! دهشت و قلت لنفسي كيف يجتمعان تسمعين أغنية فإذا ضاق صدرك ذكرتِ الله !! و الأعجب من هذا أنها لما فرغت من كلامها قامت لصلاة الضحى ؟
كيف لمن يذكر الله و يصلي و يقوم الليل و يصوم النهار و يحج و يعتمر مراراً أن يعـصي الله ؟
ذكر الله يعـني تعظيمه و تمجيده و تسبيحه ،
فإذا قلت ( سبحان ربي الذي يعلم السر و أخفى ) فاسـتـشـعـرها ؛ إنه موجود معك في كل الأحوال فلا تعـصه ، و إذا قلت ( الحمد لله على نعـمه ) فلا تستعمل نعـمه في عمل المعاصي ، و إذا قلت ( الله أكبر ) فلا تشرك بالله أحداً ،
قال تعالى ( و ما قدروا الله حقّ قدره )
إسأل نفسك هل قدرت الله حق قدره ؟ أم أنك تصلي في المسجد و تعـصيه في البيت ؟!
سـتـجد نفسك قد عصيت عظيماً قادراً ، فمالعمل ؟ و كيف الخلاص و النجاة من هذه الغـفلة؟
1- الاستغـفار ( دعـنا نتأمل هذه الكلمة و ما تحمله و نستشعرها سوية )
استغفر الله عن ما عملته من الذنوب عامداً أو ناسياً أو جاهلاً ، قل : ربي إني ظلمت نفسي فاغفرلي ، و امحُ خطاياي و ذنوبي ، ربّ إن لم تغفر لي لأكونن من الخاسرين ، ربِّ أتيتك ببابك تائباً نادماً فاغفر لي و تجاوز عني ، ربّ إنك عفوّ كريم حيي تحب العفو فاعفُ عني و تقبل مني توبتي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا غفور يا رحيم ... تخيل وقوفك بباب مَن يغفر الذنوب جميعاً و تذكّر ذنوبك و طغـيانك و إسرافك في أمرك و أنك عصيت من بيده ملكوت كل شيء و احمده أنه منّ عليك بالتوبة و هداك لطريقه و أنه لم يـقـبـض روحك و يحاسبك حساباً عسيراً.
2- ابكِ على ما فاتك :
فاتك خير كثير فابكِ عليه ، و ابكِ على ذنوب عملتها ، و ابكِ و أنت ساجد و ابكِ و أنت تناجي ربك و ابكِ عند القبور و المواعظ ... لا تحـبـس دمـوعـك فيقسي قلبك .
3- ساعة خلوة :
حاسب نفسك فيها ، و تأمل عظيم رحمة الله بك ، و اذكر الله كثيراً ، و تدبر كتابه ، و أطـل في قيام الليل ، و جاهد نفسك ، و اعزم على التوبة و الرجوع فقد تكون آخر ليلة لك و قد لا ترى غروب شمس اليوم ، و عاهد الله أن تذكره ذكراً كثيراً و تسبحه بكرة و أصيلاً و تعبده حتى يأتيك اليقين .
4- معاداة الشيطان :
فاتـخـذه عدواً ، و لا تجعل نفسك هينة سهلة كلما وسوس لك لبيته و أجبت و أغضبت الله ، كن ذكياً فطـناً مستعيناً بالله في كل حال ، و لا تجعـل له مجالاً يدخل منه ، فـعـفّ بصرك و سمعك و قلبك و جوارحك عن الحرام و أقبل على الله .
5- لا تغرنك الدنيا بألوانها :
فـليست حياة خلود فتسعى لها و لا مكان باقٍ فتستمتع به ، إنما هي ممر للآخرة و مكان عبادة و مجاهدة فاصبر و لا تطلب اللذات فيها ، ولا تكن ممن قال الله لهم ( أذهـبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا و استمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق و بما كنتم تفسقون )
6- سارع إلى الخير :
اعمل الخير و أحسن لأهلك و ساعد الناس و قدّم الصدقات و لو كانت صغيرة ، و انصح من تعرف و من لم تعرف ، اذكر ربك كثيراً ، احفظ لسانك فقد يقودك إلى هلاكك ، أحسن من خلقك ، و كف أذاك.
و أختم لكم بهذا الحديث الحسن ،
( اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك )
أسأل الله الرحمن الرحيم أن يغـفر لنا و لكم و أن يقبل توبتنا
وأن يوفـقـنا لكل خير و يكفينا شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا
ربنا أوزعـنا نشكر نعمتك التي أنعمت علينا و على والدينا
و أن نعمل صالحاً ترضاه و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
.
تعليق