تويت
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد فهاذا هو الباب الثاني من أبواب كتاب التوحيد وهو بعنوان ( باب التوحيد وما يكفر من الذنوب ) والباب الأول كان بيان التوحيد و في هذا الباب يبين المصنف رحمه الله فضل التوحيد
قال المصنف رحمه الله : وقوله تعالى (( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ))
"يلبسوا" بمعنى يخلطوا , "بظلم" أي بشرك(1)
يخبر المولى عزوجل بأن أصحاب التوحيد الخالص الذي لم يخالطة شرك لهم الأمن و الاهتداء التام في الدنيا والآخره وهم على الصراط المستقيم (2)
قال المصنف رحمة الله: وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده ورسوله و أن عيسى عبد الله ورسوله و كلمته ألقاها إلى مريم وروح منه و الجنة حق و النار حق, أدخله الله الجنة على ما كان من العمل))
في هذا الحديث بيان لعظم التوحيد و شرفه و أن من نطق بالشهادتين عارفا معناهما عاملا بمقتضاهما ظاهرا وباطنا و تجنب الغلو في الأنبياء أو جحد حقهم وفضلهم و أيقن بأن الجنة والنار حق فاز بالجنة (3).
وقوله ((أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)) يحتمل معنيين:
الأول: أدخله الله الجنة و إن كان مقصرا وله ذنوب, لأن الموحد لابد أن يدخل الجنه و إن دخل النار.
الثاني: أدخله الله الجنة وتكون منزلته فيها على حساب عمله.
قال المصنف رحمة الله: ولهما في حديث عتبان : (( فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله))
الرسول صلى الله عليه وسلم يخبر خبرا مؤكدا أن من قال لاإله إلا الله خالصة من قلبة و انقاد إليها ونفى الشرك ومات على ذلك الحال لم تمسه النار.
ومعنى "حرم" تأتي بمعنيان:
المعنى الأول: أنه حرم عليه الخلود في نار جهنم وهذا لا يكون إلا للموحد الذي لديه ذنوب دون الشرك
المعنى الثاني: أنه حرم عليه دخول النار وهذا للموحد غير العاصي
وفي هذا الحديث دلالة واضحه على فضل التوحيد و أنه يوجب لمن مات عليه النجاة من النار وتكفير السيئات
قال المصنف رحمة الله: وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((قال موسى : يا رب علمني شيئا أذكرك به وأدعوك به. قال : قل يا موسى لو أن السموات السبع وعامرهن غيري, والأرضين السبع في كفة, ولا إله إلا الله في كفة, مالت بهن لا إله إلا الله)) (4)
هذا الحديث يبين عظم شأن وفضل التوحيد, وما لـ ( لا إله إلا الله ) من ثواب عند الله إن أتى بشروطها (5)
قال المصنف رحمة الله وللترمذي وحسنه, عن أنس رضي الله عنه :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول))قال الله تعالى: يابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا,ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا, لأتيتك بقرابها مغفرة ))
هذا الحديث عظيم وهو يدل على سعة فضل الله وكبير مغفرته حيث إنه يغفر الذنوب التي دون الشرك مهما كثرت وهذا الحديث له نظير من القرآن وهو قوله تعالى (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء لمن يشاء)) وفيه رد على بعض الفرق الضاله التي تكفر صاحب الكبيره وما ذاك إلا لقلة علمهم وعدم تدبرهم للقرآن وعدم التمعن فيه وفهم معانيه والله المستعان
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وجزاكم الله عنا خير الجزاء
--------------------------------------------------------------------------
(1) عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: لما نزلت (( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم)) قلنا: يا رسول الله : أينا لا يظلم نفسه؟ قال: (( ليس كما تقولون : ( لم يلبسوا إيمانهم بظلم ) بشرك, أو لم تسمعوا إلى قول لقمان لابنه: (يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم) )).
(2) ويشهد لهذا حديث ابن مسعود أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة و على الأبوب ستور مرخاه و عند رأس الصراط داع يقول استقيموا على الصراط ولا تعوجوا و فوق ذلك الداعي داع يدعوا كلما هم عبد أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه. ثم فسر فأخبر أن الصراط هو الإسلام و أن الأبواب المفتحة محارم الله و أن الستور المرخاه حدود الله و أن الداعي على رأس الصراط هو القرآن و أن الداعي من فوقه واعظ النفس في قلب كل مؤمن)) و معنى واعظ القلب هو الضمير
(3) هذا الحديث فيه رد على النصارى الذين قالوا إن عيسى أبن الله , سبحانه و تعالى عما يصفون.
(4) الحديث ضعيف ويغني عنه ما رواه الإمام أحمد عن عبدالله بن عمر وعن النبي صلى الله عليه وسلم (( أن نوحا عليه السلام قال لابنه عند موته: آمرك بلا إله إلا الله, فإن السموات السبع و الأرضين السبع لو وضعت في كفه ولا إله إلا الله في كفه رجحت بهن لا إله إلا الله, ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة لقصمتهن لا إله إلا الله )) السلسه الصحيحة /124
(5) وشروطها مجموعة في قول الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمة الله....
وبشروط سـبعة قد قـيـدت **** وفي نصـوص الوحي حـقـا وردت
فـــإنه لم ينتـــفع قــائلهـــا **** بالنطق إلا حــيث يســـتكملهـــــا
العــلم واليـــقين والقـــبــول **** والانقـــيـــاد فــأدر مــا أقــــول
الصـدق والإخــلاص والمحــبــة **** وفـــــــقك الله لما أحــبـــة
وسيأتي تفصيل الشروط إن شاء الله في الدروس القادمة.....
تعليق