تويت
ملابس الإمبراطور
كان في قديم الزمان ، امبراطور له ولع بالملابس الجديدة ، ينفق عليها من امواله شيئا كثيرا ، ولم يكن يكلف نفسه الخروج في مواكب الجند والمملكة والصيد الا لكي ينتهزها فرصة يعرض فيها ملابسه الجديدة ، وكان له في كل ساعة من ساعات النهار لباس ، وكان الناس اذا تحدثوا عنه لا يقولون انه في مجلس الحكم كما اعتادوا ان يقولوا عن غيره من الملوك بل يقولون ان المبراطور في خزانة ملا بسه .
وسمع بامره المحتالون ، فاقبل على المدينة محتالان يزعمان انهما نساجان ، وانهما يحسنان نسج نسيج ذي الوان زاهية متناهية في الجمال ورسوم بديعة غاية في الاتقان وان الملابس التي تصنع منه تمتاز بميزة عجيبة هي انها لا تراها عين من ليس قادرا على القيام بواجبات منصبه او من كان ساذجا متناهيا في السذاجة ، فانخدع الإمبراطور بما زعماه وأمر ان ينسجا له هذا النسيج فورا ليتجمل به ويختبر جدارة رجال دولته ويميز العامل من الخامل والرشيد من البليد .
واقام المحتالان نولين ، وتظاهرا بالانكباب على العمل وان كانا في الحقيقة لم يعملا شيئا قط وطلبا ارقّ الحرير واحسن الخيوط الذهبية ووضعاها في حقيبة ثم تابعا عملهما المزعوم على النولين العاريين الى منتصف الليل .
حتى اذا مضى عليهما زمن احب الامبراطور ان يطلع بنفسه على ما فعلا ، لكنه لأمر ما آثر ان يرسل بعض حاشيته ليتحرى ما صنعا ، ووقع اختياره على وزيره الشيخ فهو خير من يستطيع الحكم على النسيج لانه رجل عاقل خبير ، فلما دخل عليهما وجدهما يحركان ايديهما على النولين المعطلين بيد انه لم ير شيئا ، وطلب اليه المحتالان في ادب وخشوع ان يقترب من النولين ، ثم سالاه وهما يشيران الى الاطارين الخاويين : (( أأعجبه الرسم ؟ أليست الالوان فائقة في الحسن ؟ )) ، وتأمل الوزير واطال التأمل فلم يستطع ان يرى شيئا على النولين ، لانه لم يكن عليهما شيء ، وعاد يفكر ، ويسال نفسه : (( ما هذا ؟ أممكن أن اكون ابله ؟ ان هذا لم يجل قط في هذا في ذهني ، ويجب ان لا يعلم هذا احد اذا كنته ، او لعلي غير اهل لمنصبي ، وهذا ايضا يجب ان ألاّ يقال ، لن اعترف باني لم ار النسيج )) .
وقال احد الخبيثين وهو ما يزال يتظاهر بالعمل : (( أي سيدي الوزير ، لم تقل لنا أأعجبك النسيج ؟ )) ، فأجاب الوزير وهو ينظر الى النول من وراء منظاره : (( انه بديع ، ما اجمل هذا الرسم ، وهذه الالوان ، اجل ساخبر الامبراطور دون إبطاء برأيي في جمالها الفاتن )) .
فاعرب الدعيّان عن امتنانهما ، وأخذا يصفان رسم النسيج المزعوم وروعة ألوانه ، وطلبا مزيدا من الحرير ليكملا ما بدآه ، وارسل العاهل رجلا اخر من رجال بلاطه لينظر ما فعل الرجلان فوقع له ما وقع للوزير ، عاين النولين من كل جانب فلم ير شيئا قط ما عدا النولين العاريين ، وسال الدعيّان سفير الامبراطور : (( الا يلوح لك النسيج جميلا كما لاح لسيدنا الوزير ؟ )) ، ثم مثلا الاشارات التي مثلاها من قبل وتحدثا عن الرسم والالوان التي لم يكن لها اثر ، ومر بخاطر هذا الرسول ما مر بخاطر الوزير من افكار فاثنى على النسيج الذي لم يره لئلا يتهم بالبلاهة او يرى غير اهل لمنصبه ، وقال لمولاه حين رجع اليه : (( حقا يا صاحب الجلالة ان النسيج الذي يعده النساجان فاخر جدا )) .
وكانت المدينة تتحدث عن النسيج البديع الذي امر الامبراطور بنسجه على نفقته ، واحب الامبراطور ان يرى النسيج وهو ينسج ، فتوجه الى الدعييّن الماكرين تحف به نخبة من رجال بلاطه ، وفي جملتهم العظيمان اللذان اعجبا من قبل بالنسيج ، فلما شعر الرجلان المحتالان بقدوم الامبراطور أبديا في عملهما حركة فائقة ، وان كانا ما يزالان على حالهما لم يدخلا في النول خيطا واحدا ، واقترح رجلا الدولة على الامبراطور ان يشمل النسيج بنظره واشارا الى النولين الفارغين ، اذ تصورا ان كل من عداهما يستطيع رؤية هذه القطعة الطريفة ، وخشي العاهل ان يتهم بانه رجل ابله او يرى غير اهل لان يكون عاهلا ، فصاح : (( نعم ، ان النسيج لشائق واني لأتقبله أحسن قبول )) ، وابتسم مبالغا في التلطف ونظر في النولين الفارغين لانه ما كان ليقول انه لم ير ما اثنى عليه اثنان من رجاله هذا الثناء الكبير ، ونظرت الحاشية فلم تر شيئا ، ومع ذلك صاحوا جميعا : ما اجمل هذا ! وأشاروا على صاحب الجلالة ان يوصي بملابس تصنع له من هذا النسيج البديع ليرتديها في الموكب المقبل ، ورددت جوانب القاعة : (( شائق .. جميل .. بديع !! )) وكان الجميع فرحين على غير عادة ، وشاطرهم الامبراطور هذا الابتهاج ، وانعم على الدعييّن بوسامين وبلقب " نساجي صاحب الجلالة " .
وسهر الخبيثان طوال الليلة السابقة ليوم الموكب ، وزادا المصابيح ، ليعلم كل انسان مبلغ اهتمامهما باتمام ملابس العاهل الجديدة ، وتظاهرا بانهما يخرجان النسيج من النولين ، وطفقا يقصان الهواء بمقصيهما ويخيطان بابرة لا خيط فيهما ، ودنوا من الامبراطور في رفق رافعين اذرعهما كأنما يعرضان شيئا وقالا : (( هذه ملابس جلالتكم ، انها خفيفة كنسيج العنكبوت ، حتى ليخال المرء اذا ما ارتداها ان ليس على جسمه شيء ، وهذه هي الصفة الكبرى لهذا النسيج الرقيق )) ، وايد رجال البلاط جميعا قولهما وان لم ير احد منهم هذه الملابس الرقيقة .
وقال الخبيثان للامبراطور : (( هل يتفضل صاحب الجلالة بخلع ملابسه لكي نلبسه الملابس الجديدة امام المرآة ؟ )) ، فاستجاب لهما وتظاهر الشقيان بانهما يلبسانه ملابسه الجديدة ، وجعل الامبراطور ينظر في المرآة وهو يتلفت ذات اليمين وذات الشمال ، فصاح الحاضرون : ما ابدع منظر صاحب الجلالة في هذه الملابس وما اليقها به ، هذه حقا ثياب ملكية !
وسار الامبراطور في شوارع عاصمته وسط الموكب تظلله مظلة ، ووراءه الحشم والجند ، وقد تظاهروا بانهم يحملون اطراف ثيابه الواسعة لانهم لم يكونوا يريدون ان يظهروا بلها ، او ليسوا اهلا لمناصبهم ، ووقف الناس على جانبي الطريق ، وفي النوافذ وعلى شرف المنازل يهتفون : ما اجمل الامبراطور في هذه الملابس الجديدة ! وقصارى القول ان احدا لم يسلّم بانه لم ير هذه الملابس التي لقيت الاعجاب الكثير ، لانه ان فعل حكم على نفسه بانه ابله او غير اهل لعمله ، الا طفلا صغيرا هتف حين وقع بصره على الامبراطور : (( ان الامبراطور لا يرتدي شيئا !! )) .
فصاح ابوه : (( استمعوا الى الصوت البريء )) ، وتهامس الناس جميعا بما قال الطفل الصغير ، واخيرا صاحت الجماهير : (( ان الامبراطور عار لا يرتدي شيئا )) ، فغيظ الامبراطور مع انه كان يعلم ان الناس جميعا على حق ، لكنه راى ان يمضي الموكب في سيره ، وعني الحشم اكثر من قبل ان يظهروا رافعين ذيل ثوبه ، وان لم يكن هنالك ذيل قط !!
كان في قديم الزمان ، امبراطور له ولع بالملابس الجديدة ، ينفق عليها من امواله شيئا كثيرا ، ولم يكن يكلف نفسه الخروج في مواكب الجند والمملكة والصيد الا لكي ينتهزها فرصة يعرض فيها ملابسه الجديدة ، وكان له في كل ساعة من ساعات النهار لباس ، وكان الناس اذا تحدثوا عنه لا يقولون انه في مجلس الحكم كما اعتادوا ان يقولوا عن غيره من الملوك بل يقولون ان المبراطور في خزانة ملا بسه .
وسمع بامره المحتالون ، فاقبل على المدينة محتالان يزعمان انهما نساجان ، وانهما يحسنان نسج نسيج ذي الوان زاهية متناهية في الجمال ورسوم بديعة غاية في الاتقان وان الملابس التي تصنع منه تمتاز بميزة عجيبة هي انها لا تراها عين من ليس قادرا على القيام بواجبات منصبه او من كان ساذجا متناهيا في السذاجة ، فانخدع الإمبراطور بما زعماه وأمر ان ينسجا له هذا النسيج فورا ليتجمل به ويختبر جدارة رجال دولته ويميز العامل من الخامل والرشيد من البليد .
واقام المحتالان نولين ، وتظاهرا بالانكباب على العمل وان كانا في الحقيقة لم يعملا شيئا قط وطلبا ارقّ الحرير واحسن الخيوط الذهبية ووضعاها في حقيبة ثم تابعا عملهما المزعوم على النولين العاريين الى منتصف الليل .
حتى اذا مضى عليهما زمن احب الامبراطور ان يطلع بنفسه على ما فعلا ، لكنه لأمر ما آثر ان يرسل بعض حاشيته ليتحرى ما صنعا ، ووقع اختياره على وزيره الشيخ فهو خير من يستطيع الحكم على النسيج لانه رجل عاقل خبير ، فلما دخل عليهما وجدهما يحركان ايديهما على النولين المعطلين بيد انه لم ير شيئا ، وطلب اليه المحتالان في ادب وخشوع ان يقترب من النولين ، ثم سالاه وهما يشيران الى الاطارين الخاويين : (( أأعجبه الرسم ؟ أليست الالوان فائقة في الحسن ؟ )) ، وتأمل الوزير واطال التأمل فلم يستطع ان يرى شيئا على النولين ، لانه لم يكن عليهما شيء ، وعاد يفكر ، ويسال نفسه : (( ما هذا ؟ أممكن أن اكون ابله ؟ ان هذا لم يجل قط في هذا في ذهني ، ويجب ان لا يعلم هذا احد اذا كنته ، او لعلي غير اهل لمنصبي ، وهذا ايضا يجب ان ألاّ يقال ، لن اعترف باني لم ار النسيج )) .
وقال احد الخبيثين وهو ما يزال يتظاهر بالعمل : (( أي سيدي الوزير ، لم تقل لنا أأعجبك النسيج ؟ )) ، فأجاب الوزير وهو ينظر الى النول من وراء منظاره : (( انه بديع ، ما اجمل هذا الرسم ، وهذه الالوان ، اجل ساخبر الامبراطور دون إبطاء برأيي في جمالها الفاتن )) .
فاعرب الدعيّان عن امتنانهما ، وأخذا يصفان رسم النسيج المزعوم وروعة ألوانه ، وطلبا مزيدا من الحرير ليكملا ما بدآه ، وارسل العاهل رجلا اخر من رجال بلاطه لينظر ما فعل الرجلان فوقع له ما وقع للوزير ، عاين النولين من كل جانب فلم ير شيئا قط ما عدا النولين العاريين ، وسال الدعيّان سفير الامبراطور : (( الا يلوح لك النسيج جميلا كما لاح لسيدنا الوزير ؟ )) ، ثم مثلا الاشارات التي مثلاها من قبل وتحدثا عن الرسم والالوان التي لم يكن لها اثر ، ومر بخاطر هذا الرسول ما مر بخاطر الوزير من افكار فاثنى على النسيج الذي لم يره لئلا يتهم بالبلاهة او يرى غير اهل لمنصبه ، وقال لمولاه حين رجع اليه : (( حقا يا صاحب الجلالة ان النسيج الذي يعده النساجان فاخر جدا )) .
وكانت المدينة تتحدث عن النسيج البديع الذي امر الامبراطور بنسجه على نفقته ، واحب الامبراطور ان يرى النسيج وهو ينسج ، فتوجه الى الدعييّن الماكرين تحف به نخبة من رجال بلاطه ، وفي جملتهم العظيمان اللذان اعجبا من قبل بالنسيج ، فلما شعر الرجلان المحتالان بقدوم الامبراطور أبديا في عملهما حركة فائقة ، وان كانا ما يزالان على حالهما لم يدخلا في النول خيطا واحدا ، واقترح رجلا الدولة على الامبراطور ان يشمل النسيج بنظره واشارا الى النولين الفارغين ، اذ تصورا ان كل من عداهما يستطيع رؤية هذه القطعة الطريفة ، وخشي العاهل ان يتهم بانه رجل ابله او يرى غير اهل لان يكون عاهلا ، فصاح : (( نعم ، ان النسيج لشائق واني لأتقبله أحسن قبول )) ، وابتسم مبالغا في التلطف ونظر في النولين الفارغين لانه ما كان ليقول انه لم ير ما اثنى عليه اثنان من رجاله هذا الثناء الكبير ، ونظرت الحاشية فلم تر شيئا ، ومع ذلك صاحوا جميعا : ما اجمل هذا ! وأشاروا على صاحب الجلالة ان يوصي بملابس تصنع له من هذا النسيج البديع ليرتديها في الموكب المقبل ، ورددت جوانب القاعة : (( شائق .. جميل .. بديع !! )) وكان الجميع فرحين على غير عادة ، وشاطرهم الامبراطور هذا الابتهاج ، وانعم على الدعييّن بوسامين وبلقب " نساجي صاحب الجلالة " .
وسهر الخبيثان طوال الليلة السابقة ليوم الموكب ، وزادا المصابيح ، ليعلم كل انسان مبلغ اهتمامهما باتمام ملابس العاهل الجديدة ، وتظاهرا بانهما يخرجان النسيج من النولين ، وطفقا يقصان الهواء بمقصيهما ويخيطان بابرة لا خيط فيهما ، ودنوا من الامبراطور في رفق رافعين اذرعهما كأنما يعرضان شيئا وقالا : (( هذه ملابس جلالتكم ، انها خفيفة كنسيج العنكبوت ، حتى ليخال المرء اذا ما ارتداها ان ليس على جسمه شيء ، وهذه هي الصفة الكبرى لهذا النسيج الرقيق )) ، وايد رجال البلاط جميعا قولهما وان لم ير احد منهم هذه الملابس الرقيقة .
وقال الخبيثان للامبراطور : (( هل يتفضل صاحب الجلالة بخلع ملابسه لكي نلبسه الملابس الجديدة امام المرآة ؟ )) ، فاستجاب لهما وتظاهر الشقيان بانهما يلبسانه ملابسه الجديدة ، وجعل الامبراطور ينظر في المرآة وهو يتلفت ذات اليمين وذات الشمال ، فصاح الحاضرون : ما ابدع منظر صاحب الجلالة في هذه الملابس وما اليقها به ، هذه حقا ثياب ملكية !
وسار الامبراطور في شوارع عاصمته وسط الموكب تظلله مظلة ، ووراءه الحشم والجند ، وقد تظاهروا بانهم يحملون اطراف ثيابه الواسعة لانهم لم يكونوا يريدون ان يظهروا بلها ، او ليسوا اهلا لمناصبهم ، ووقف الناس على جانبي الطريق ، وفي النوافذ وعلى شرف المنازل يهتفون : ما اجمل الامبراطور في هذه الملابس الجديدة ! وقصارى القول ان احدا لم يسلّم بانه لم ير هذه الملابس التي لقيت الاعجاب الكثير ، لانه ان فعل حكم على نفسه بانه ابله او غير اهل لعمله ، الا طفلا صغيرا هتف حين وقع بصره على الامبراطور : (( ان الامبراطور لا يرتدي شيئا !! )) .
فصاح ابوه : (( استمعوا الى الصوت البريء )) ، وتهامس الناس جميعا بما قال الطفل الصغير ، واخيرا صاحت الجماهير : (( ان الامبراطور عار لا يرتدي شيئا )) ، فغيظ الامبراطور مع انه كان يعلم ان الناس جميعا على حق ، لكنه راى ان يمضي الموكب في سيره ، وعني الحشم اكثر من قبل ان يظهروا رافعين ذيل ثوبه ، وان لم يكن هنالك ذيل قط !!
تعليق