ظن الجميع وارتسمت الابتسامات علي الوجوه ابتهالاً بعصر الأعشاب . مهللين أنها الطبيعة وأنها الشفاء الآمن وان عصرها سيكون عصر المعجزات . رد أصحاب الدواء الكيميائي أنهم يعملون وفق علم ودراسة وصناعه وتطوير .. ضحك أصحاب الأعشاب وعايروهم بالأعراض الجانبية .
ما بين هذا وذاك نعرض الحقيقة
ما هي العقاقير ؟
اصطلاح يعبر عن الأدوية المستخلصه من مصدر نباتي خصوصا .. إصطلح عليها عندعامة الناس بإسم الأعشاب إذا ما استخدمت في صيغة النبات نفسه وليس مستخلص .
ما هو الأفضل استخدام العشب نفسه أو استخدامه في شكل مستخلص أو حبة دواء ؟
من وجهة نظري ودراستي أجد انه ليس من المفضل استخدام النبات في شكله الطبيعي إلا في حالات قليلة سأذكرها فيما بعد . وذلك للتالي:
* استخدامك للنبات أو أي جزء منه بطريقة عشوائية فيه بعض الخطورة حيث أن كمية المادة الفعالة التي ستتناولها غير معروفه . كما انك لا تضمن مصدر العشب أو كمية الغش الموجودة فيه أو طريقة حصاده أو استخدام الملوثات أثناء الزراعة وغيرها كثير من المشاكل التي لا يضمنها لك بائع الأعشاب .
لكن يمكننا التغاضي عن بعض الأعشاب التي تعارف الناس عليها وأصبح لديهم خبره في استخدامها ونتائجها مثل الحلبة والينسون والشمر والكراويا والشاي.. الخ.
أريد أن أتخيل كيف يصبح العشب كبسولة أو حقنه ؟
سأعطيك مثال : هناك نبات يسمي السنامكي Senna هذا النبات يحوي مادة ملينة , بعد دراسة النبات صيدلانياً اكتشفوا قوة هذه المادة وان المبالغة في تناول العشب يؤدي إلي تأثير ملين كبير قد يكون له تأثير ضار جدا علي الجسم وانه يجب عدم استخدام هذه المادة لإنسان عمره ه اقل من 10 سنوات . لهذا جاءت فائدة تحويلها لكبسولة مدروسة الفعالية والكميه والتصنيع .
في خطوات :
1-أول شئ بعد اكتشاف تأثير الدواء طبيا ( عادة ما يكون مصادفة ) يبدأ العلماء في تحليل النبات لمعرفة أين تتركز المادة الفعالة وأين تصنع وتخزن في النبات .
مثال : الشاي والسنامكي ( المادة الفعالة تتركز في الأوراق ) .
* من الممكن أن تتركز المادة الفعالة في الزهرة ( مثل البابونج ) أو في البذرة أو الساق أو حتى مواد دفاعية تفرزها الأشجار .
2- بعد ذلك يقوم العلماء باستخلاص هذه المادة إما بمستخلص مائي أو عضوي .
** مثال بسيط للاستخلاص المنزلي : الشاي والحلبة والينسون والنعناع يتم استخلاص المادة الفعالة منهم بالماء الساخن في براد .
- لكن الشركات تستخدم أجهزة استخلاص كبيرة وحديثه لكنها تعتمد علي نفس الفكرة البسيطة هذه .
الآن أصبح لدينا كوبا من النعناع وبه مادة المنثول وكل المواد التي تذوب في الماء الساخن من النعناع .
في المنزل : نقوم بالتناول ونتوقف عند هذه النقطة .
3- لكن شركات الأدوية تستمر في الاستخلاص حتى تحصل علي المادة الفعالة التي تريدها فقط . بعد ذلك تقوم بتبخير المذيب إن احتجنا أو نخلطه مباشرة مع مواد أخري ( مثل اللاكتوز ) ليتحول إلي بودر يتم ضغطها لتتحول إلي قرص محسوب الكميات به J .
* الآن تحول نبات السنامكي إلي قرص بين يديك يسمي في مصر Sennalax® وهي أقراص ملينه .
** يمكنني الآن أنصحك بتناول العشب في هذا الشكل المدروس المعروف أعراضه الجانبية والمصنع في شركة معروفه تراقبها الدولة .
إذا لم تكن مقتنع بهذه النقطة وتريد استخدام العشب كما هو انظر لهذه الأمثله :
* نبات ست الحسن Belladona أو الداتورا Datura تستخلص منهم ماده لعلاج المغص موجودة في Buscopan® لكن لهذه المادة بعض الآثار الجانبية, لهذا فإنها محسوبة في البوسكوبان ولا أفضل تناول العشب ذاته .
*نبات الديجيتاليس Digitalis هذا النبات تستخلص منه اشهر ماده لعلاج مرض القلب تسمي Digoxin والموجودة في دواء الــ Lanoxin® وهذه المادة تضر بكميه قريبة جدا من الكميه التي تعالج . يعني حد الأمان فيها قليل جدا علي القلب لذا فانه يجب استخدامها في شكل أقراص حيث يتم تناولها طوال الأسبوع ماعدا الخميس حتى يتسنى للجسم التخلص منها .
من هنا يا أخواني فقط ثبت لكم بالدليل القاطع أن الأعشاب في الصيغة الخضرية إن نفعت فأنها كثيرا ما تضر . لكن لو تم دراستها او تقنينها بشكل صيدلي معين فأنا اول المشجعين , لكن المتعارف عليه عند الناس والاستخدام العشوائي لا اتوقع منه فائدة عامه .
هل اقترب عصر الأعشاب ؟
ثورة الطبيعة الموجود الآن واتجاه العالم للأعشاب ربما لن تكتسح العالم - عكس ما اتمني - كما يتخيلها الكثيرون لأن الطب البديل بكل أشكاله مازال يحبو و يحاول النمو ومازالت الأدوية الكيميائية هي الأكثر انتشارا رغم عيوبها الكثيرة وارتفاع أسعارها عن العشب الخضري .
لكن أليس للأعشاب تاريخها الناجح ؟
طبعا الأعشاب استخدمها الإنسان قديما منذ عصر الفراعنة لكن مع وجود علوم العقاقير التي بدأت توظف هذه الأعشاب في مستحضرات صيدلية أكثر دراسة فإننا نكون قد وظفنا التاريخ مع العلم .
هل يمكن غش الأعشاب ؟
هناك علم كبير يعني بغش الأعشاب adulteration والغش عادة ما يكون مقصود إذا ما كان العشب من النوع الغالي أو يكون غير مقصود لجهل القائمين علي حصاده .
مثلا : استئصال جزء من العشب فقير بالمادة الفعالة أو حصاد النبات في موسم أو وقت خلال اليوم غير مناسبين . فبعض النباتات يفضل حصادها صباحا أو في موسم الربيع مثلا .
معلومة : النبات الذي يستخلص منه الحشيش و البانجو و الماريجوانا واحد , لكن المادة الفعالة فيه تكون مركزه ونقية في جزء زهري بالنبات وباستخلاصها في هذه الصورة نسميها الحشيش ( مادة فعاله بكمية جيده مع خليط خضري قليل ) أما لو استخلصناها من باقي النبات بكميتها القليلة نحصل علي الماريجوانا والبانجو ( المجموع الخضري أكثر من المادة الفعالة ) لهذا فالحشيش أفضل من البانجو والماريجوانا لنقائه .
* أما إذا كان العشب سيستخدم تجاريا فان خلطه ببعض الأعشاب القريبة من لونه وشكله علي أن تكون رخيصة أشهر حيلهم . لكن هذه يكتشفها متخصص بسهوله وتحت الميكروسكوب بأخذ عينة من العشب أو ببعض التحليلات الكيميائية .
* لهذا قلت مرارا أن الأعشاب ( خصوصا التي تستورد من الخارج ) ربما يكون هناك خطورة من استخدامها عشوائيا .
إذن لماذا لا يتم تعليب الأعشاب بصيغتها الخضرية لتباع في الصيدليات العامه ؟
هناك في مصر شركة تسمي Isis تقوم بهذه العملية لبيع الينسون والشاي وبعض الأعشاب الملينة أو التي تعالج البرد في شكل أكياس تشبه الشاي الفتلة , وهي تلقي رواجا ونجاحا لكن ارتفاع سعرها - مقارنة بالعشب - ومع استخداماتها البسيطة في العلاج لا تجعلنا نتفاءل باكتساحها للسوق .
لكنها تظل ناجحة في الأعشاب المعروفة للعامة والتي لا تعالج أمراضا خطيرة أو مزمنة .
أعطني أمثله لأعشاب ثبت نجاحها كعلاج ؟
الحلبة : مدرة للبن الأم , الكركدية : خافض لضغط الدم , الشطة : فاتحه للشهية
الشاي : منشط , النعناع: لعلاج القولون العصبي , الشمر والكراويه : المغص والانتفاخات
السكران المصري : المغص , السنامكي : ملين , الينسون : مهدئ , زيت الزيتون : ملين
جوزة الطيب : لزيادة كمية السائل المنوي , اليوهمبين : مقوي جنسي للرجال وعلاج لبعض الامراض
الجنسانا : مقوي , الجوز المقئ : كمية كبيرة منه تفرغ المعدة .
مع ملاحظة : زيادة أي شئ عن حده يؤدي الي اعراض جانبيه .
هل المصادر الطبيعية تقتصر فقط علي النبات ؟
لا أبدأ فان لإستخراج المواد الفعالة من الحيوان انتشارا كبيرا أشهرها ( زيت كبد الحوت – والمسك من الغزلان - كسوة الكبسولات من بروتين الحيوانات – والأنسولين قديما من الخنازير - والعسل من النحل ) .
نتناول الأعشاب كطعام أو شراب وأنت حولتها إلي دواء فأيهما أصح ؟
أكبر منظمه في أمريكا والعالم لمراقبة الأدوية تسمي منظمة الأغذية والأدوية الأمريكية F D A لاحظ اجتماع الأدوية مع الأغذية في منظمة واحده , لمعلوماتك الجسم يتعامل مع الطعام كماده كيميائيه وكذلك الدواء .
لهذا لا يفضل أبدأ إنهاك الجسم بالدواء أو الطعام أو الأعشاب مادام لم يصرخ لك طالبا ذلك J ولنا في رسولنا الكريم ( صلي الله عليه وسلم ) عبره .
هل للعرب والمسلمين مستقبل في صناعة الأدوية العشبية ؟
منطقتنا وتاريخنا وحضارتنا وأبناؤنا يؤهلونا لذلك لكن مستوي البحث العلمي والتنظيمي عندنا والخرافات تعرقل كل شئ . بينما يتطور جنوب شرق أسيا في هذا المجال ظللنا نحن فقط نصفق لهم .
للعلم : تم اكتشاف دواء من أحد النباتات , هذا الدواء معروف في مصر باسم ميرازيد Mirazide® أثبت نجاحه في علاج البلهارسيا تم استخلاصه في جامعه المنصورة (مصر) .
وإن كانت هذه تجربه علي استحياء لكنها تعطينا الأمل في تطور هذا النوع من العلم , لكننا نحتاج خطه مدروسة لتشجيع علماء الصيادلة الذين يقضي عليهم الروتين ويرميهم في أحضان الغرب ثم نشتري بعض أدويتهم الآن بالدولار بعدما أضعناهم من أيدينا .
تحياتي :
صيدلي / حسام ماهر
( رجاءا : حقوق النقل محفوظه © )
تعليق