الباب الثاني
فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب
من فضائل التوحيد :
1-أنه يمنع الخلود فى النار إذا كان القلب منه شىء وإنه إذا كمل فى القلب يمنع دخول النار بالكلية .
2-أن جميع الأعمال والأقوال متوقفة فى قبولها وفى كمالها وفى ترتيب الثواب عليها على التوحيد .
3-أن الله تكفل لأهله بالفتح والنصر فى الدنيا والعز والشرف وحصول الهداية وإصلاح الأحوال .
4-أن الله يدافع عن الموحدين أهل الإيمان شرور الدنيا والآخرة ويمن عليهم بالحياة الطيبة .
م/ ( وقول الله تعالى : ﴿ الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون )
معانى الكلمات :
يلبسوا : يخلطوا
بظلم : بشرك
ولذلك روى البخاري عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : ( لما نزلت هذه الآية ﴿ ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ﴾ قلنا يا رسول الله ، أينا لا يظلم نفسـه ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ليس الأمر كما تظنون ، إنما المراد به الشرك ، ألم تسمعوا إلى قول الرجل الصالح : إن الشرك لظلم عظيم" ) .
والظلم أنــــواع :
أولاً : الشرك بالله ، وهو أعظم الظلم كما قال تعالى : ﴿ إن الشرك لظلم عظيم ﴾ .
ثانياً : ظلم العبد نفسه بالمعاصي ، قال تعالى : ﴿ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ﴾ .
ثالثاً : ظلم العبد لغيره ، وهو ظلم العباد بعضهم لبعض . قال تعالى : ﴿ إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب عظيم ﴾ .
شرح الآية :
يقول الله تعالى هؤلاء الذين أخلصوا العبادة لله وحده ولم يشركوا به شيئا ً هم الآمنون يوم القيامة المهتدون فى الدنيا والآخرة .
فإن من مات على التوحيد ولم يصر على الكبائر فله الأمن من العذاب فى الآخرة وهذا من فضل التوحيد .
من فوائد الآية :
1- دلت الآية على فضل التوحيد وتكفيره للذنوب ، لأنه من أتى به تاماً فله الأمن والاهتداء التام ، ودخل الجنة بلا عذاب .
2- أنه كلما انتفى الظلم وُجد الأمن والاهتداء ، وكلما كمل التوحيد ، وانتفت المعصية ، عظم الأمن والاهتداء
3- أن الشرك أعظم الظلم .
4- أن الشرك يسبب الخوف في الدنيا والآخرة .
م/( عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه ، والجنة حق ، والنار حق ، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " متفق عليه
ولهما من حديث عتبان : " فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله "
( من شـهد أن لا إله إلا الله ) أي من تكلم بها عـارفاً لمعناها ، عـاملاً بمقتضاها باطناً وظاهراً ، كما قال تعالى : ﴿ فاعلم أنه لا إله إلا الله ﴾ وقوله : ﴿ إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ﴾ .
هل ينفع مجرد النطق بالشهادة ( ان لا إله إلا الله ) من غير معرفة لمعناها وعمل بمقتضاها ؟
ان الشهادة لا تصح إلا عن علم ويقين وإخلاص وصدق .
أما النطق بها من غير معرفة بمعناها ، ولا يتبين ولا يعمل بما تقتضيه من نفي الشرك وإخلاص القول والعمل ، فغير نافع بالإجماع.
معنى ( لا إله إلا الله ) :
أي لا معبود بحق إلا الله ( وحده ) تاكيد للاثبات ، ( لا شريك له ) تأكيد للنفى في كل ما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات .
وأما من فسرها : لا إله في الوجود إلا الله ، فهذا ليس بصواب ، لأن الله أخبـر عن وجود آلهة كثيرة للمشركين ، كما في قوله تعالى : ﴿ وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم ، فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء ﴾ .
وقوله ( لا إله بحق إلا الله ) توضح بطلان جميع الآلهة ، وتبين أن الإله الحق والمعبود بالحق هو الله وحده
ومن أدلة ذلك قوله سبحانه : ﴿ ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل ﴾ .
لا بد في شـهادة أن لا إله إلا الله من سـبعة شـروط ، لا تنفع قائلها إلا باجتماعها ، وهي :
1. العلم المنافي للجهل ، والدليل قوله تعالى : ﴿ إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ﴾ أي : بـ لا إله إلا الله ـ وهم يعلمون ـ بقلوبهم .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة ) . رواه مسلم
2. اليقين المنافي للشـك ، قال تعالى : ﴿ إنما المؤمنـون الذين آمنـوا بالله ورسـوله ثم لم يرتابوا ﴾ .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( أشـهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسـول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شـاك فيهما إلا دخل الجنة ) . رواه مسلم
تعليق