Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الطريق إلى الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الطريق إلى الله

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أخوتى فى الله
    الحمد لله
    من منا لم يعص الله يومــا
    وعاد وتاب ولكنه عاد ثانية وهو يشعر بخطأ ما فى تكوينه وتفكيره وطريقة نظره للأمور
    نسأل الله العفو والعافيه
    لن أطيل عليكم فى الكلام فهذا هو شرح مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين
    والشرح للشيخ محمد حسين يعقوب
    والشرح ه فوائد جمه لتصحيح الأفهام وإصلاح القلوب فى نقاط كثيره ويعرض منهج عملى تربوي حكيم
    نسأل الله الإستفاده
    الحلقة الأولى

    ليينك الفيديو

    وتفريغ الحلقة نصـا نسأل الله النفع والإنتفاع

    أحبتي في الله .. ابتداءً لأننا نبدأ هذه الرحلة و هذه حلقتها الأولى ، فلابد أن أؤكد تماماً أنني أحبكم في الله ، إخوتي هذا التأكيد له أهميته في هذا الموضع اليوم ، أن كلمة إني أحبكم في الله ليست لزمة من لوازم المشايخ ، أنه كلما بدأ قالها ، وإنما أنا أحبكم في الله حقيقةً و الله .. و حين أقسم لا يمكن أن أحنث أو أتأثم ، فحبي لكل مسلم في الله هذا ثابت و حبي لمن أخاطبهم الآن و يسمعونني فلا شك أنه حب أخص لأننا نجتمع على هدف و هو كيف نصل إلى الله ، كيف ندخل الجنة ، كيف نقيم الدين في أنفسنا ، و لذلك أيها الأخوة فإنني – و سامحوني – سأبدأ معكم من البداية الصحيحة من البداية الحقيقية سأبدأ معكم فعلاً من أول الدين .. لماذا خلقنا الله ؟! لا شك أيها الأخوة كل الناس يعرف إجابته كل الناس بلا إستثناء يدرك أهميته أقصد كل المسلمين ، كل المسلمين يجيبونك بفطرة على هذا السؤال لماذا خلقنا الله ؟! يقولون : لقد خلقنا الله لكي نعبده والدليل قال سبحانه و تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) [الذاريات : 56] فبناءً على إجابة هذا السؤال يأتي السؤال التالي مباشرة : هل نحن قوم نعبد الله ؟! ، هل أيها الأخوة أنت الذي خلقك الله لعبادته تعيش عبادة لله ؟! هل تعيش حياتك عبادة ؟! هل نحن قوم نعيش لله ؟! ، سؤال و ينبغي ألا أطرح السؤال بصفة إجمالية أو بصفة عامة و إنما أخص كل إنسان يسمعني الآن أو يراني بهذا السؤال تحديداً .. هل أنت تعيش حياتك لله ؟! هل حياتك جميعها لله سبحانه و تعالى ؟! أم أن حياتك هذه تعيشها لشهواتك لأهوائك ؟! سؤال لك شخصياً أنت تحديداً .. نعم .. هل أنت و أنت و أنت و أنت .. هل أنت تعيش لله ؟! أم أنك تعيش لأمل عريض رسمته في حياتك و أنت تعيش له أن تكون كذا أو تملك كذا أو أن تصير كذا ؟!



    إخوتي .. إنها قضية الفهم ! لأنني حين قلت هذا الكلام الآن سيبتدرني بعضهم ليقول : يا شيخ هل تطالبنا أن نجلس في المساجد و نلبس المرقعات و نترك الدنيا ؟!



    ماذا يريد الدين منا تحديداً هذا هو السؤال ؟! إذن تحديداً أن يسأل كل منا ماذا يريد الله مني ؟! .. أيها الأخوة ضربتها أمثلة ، ما هو المطلوب من المسلم أن يكون غنياً أو أن يكون فقيرا ؟! .. ما هو المطلوب من المسلم أن يكون خاملاً أو أن يكون مشهوراً ؟! ما هو الأفضل عند الله للمسلم أن يكون ممّكناً أو يكون مستضعفاً ؟! ما هو المراد من المسلم أن يكون ملكاً أو أن يكون عبداً ؟! هذه هي القضية ، قضية فهم الدين ، إنما نعاني في زماننا الحاضر كمسلمين من مشكلة في الفهم ، نعاني من أزمة في الفهم ، سؤال .. هل نحن نملك فهماً عميقاً للإسلام نعيش به ؟! هذا هو السؤال .. الملايين من المسلمين الجغرافين الذين يعيشون على ظهر الأرض اليوم هل هم يملكون فهماً عميقاً للإسلام ؟! ما هو الدين ؟! ما هو التدين ؟! ما هو التمسك بالدين ؟!



    تجد أحدهم يقول : لحية و قميص قصير !!
    أخر يقول لك : لا .. المسألة ليست مسألة لحية ، انا اعبد الله أصلي ، أقرأ قرآن ، أقوم الليل ، أصوم ، أتصدق و أبر الوالدين هذا هو الدين !!
    و ثالث يقول لك : لا الموضوع ليس موضوع صلاة .. طالما القلب طيب و أبيض فأهم شيء القلب !!
    و رابع يقول لك : لا قلب و لا صلاة .. انا لا أؤذي أحداً .. هذا هو الدين !!



    ما هو الدين في وسط كل هذا الكلام و اللغط ؟! خصوصاً بعد أن حدثت ثورة الإتصالات ، أن كل الناس ترى كل شيء و تسمع كل شيء .. فأنت اليوم تسمع الآلاف المؤلفة الذين يتكلمون عن الدين في الفضائيات و في الجرائد و المجلات و الإذاعات و الأشرطة و على الإسطوانات المدمجة و على شبكة الإنترنت .. مولد .. أين الدين - دين الإسلام - ؟! أين الفهم الصحيح لهذا الدين ؟! أيها الأخوة أنا لا أزعم إحتكار هذا الفهم كشخص و إنما نقول أين فهم النبي للدين ؟! أين فهم أصحابه للدين ؟! هذا هو الفهم الملزم ... كثير من الشباب يفرح بالدليل .. الكتاب و السنة .. و هذه القضية أيها الأخوة ليست مجرد : هذا هو الدليل الكتاب و السنة !! و إنما بفهم السلف .. هذا القيد مهم و خطير .. فهم الرسول و أصحابه و التابعين و أتباع التابعين ليس لأنني أقول ذلك و لكن لأن الله قال ذلك ..
    قال الله تعالى : ( فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) [البقرة : 137]

    و قال : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) [التوبة : 100]

    و قال رسول الله : << فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة >> [سنن أبي داوود ، قال الشيخ الألباني : صحيح]

    و قال رسول الله : << تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله وسنتي >> [صحيح و ضعيف الجامع الصغير ، تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 2937 في صحيح الجامع]


    أخوتي إذا وضعنا هذه الركائز في الفهم فكيف نفهم الدين ؟! ، أنا أحبكم في الله هذه مقررة مكررة .. ولذلك لا تغضب مني إذا أخشنت عليك الكلام ، لأنه من منبع الحب في الله ، فلذلك أقول أيها الأخوة لكي نفهم الدين لابد أن نملك خارطة للفهم – خريطة – هذه الخارطة هي خارطة الدين ، إن لهذه الخارطة شروط ثلاثة :

    أولها: يوضع عليها الدين بالكلية فلا ينتقص من الدين شيء:
    أيها الأخوة إن بعض المسلمين أثناء رسم هذه الخارطة في ذهنه أو عقله أو أمام عينيه يلغي أجزاء من الدين تكون خارج خارطة فهمه .. لسبب أو لأخر .. قد ينزع من الدين أشياء لهوى أو لضغوط أو لخوف أو لعجز .. كل هذا يؤثر في أزمة الفهم .. إذا أردنا أن نفهم دين الإسلام .. فلابد أن نضع خارطة للدين و أن نضع فيها كل عناصر الدين ..

    ثانيها: ان نضع كل عناصر الدين كل عنصر في موضعه الصحيح:
    لكي تضح لنا المسألة .. إذا وضعنا خارطة مكة المكرمة مثلاً .... فلابد أن يظهر عليها كل الجبال الموجودة في مكة و كل الطرق و كل المباني و كل المعالم .. خارطة لمكة لا تترك شيء في مكة إلا و ظهر فيها .. و يكون كل شيء في موضعه الصحيح .. الكعبة في موضعها الصحيح .. و المسجد الحرام أين تحديداً ؟! .. و أين منى بالنسبة للكعبة ؟! .. يجب أن يتضح فيها كل شيء و كل شيء في موضعه الصحيح ..

    ثالثهما: ان يظهر كل شيء على هذه الخارطة بحجمه الطبيعي الصحيح

    لأن أزمة الفهم في الإسلام لأسباب :
    إما لأن الخارطة تكون في رأس المسلم ناقصة .. كأن يرسم الدين بدون لحية !! أو يرسم الدين و يحذف منه الجهاد !! أي يحذف منه ما يكون خارج نطاق فهمه !!
    و قد يحدث الخطأ في الفهم لعدم وضع الأشياء في أماكنها الصحيحة ، كأن يضع أشياء في غير موضعها الصحيح ، كأن يضع بر الوالدين مقدم على الصلاة !! ومن الناس من يظن أن جمع المال أهم من الصلاة !! ، فلابد حين فهم الدين أن نضع الصلاة أين ؟ و التوحيد أين ؟ و بر الوالدين أين ؟ وقيام الليل أين ؟ و كسب المال أين ؟ و الأولاد أين ؟ و إحساني إلى زوجتي أين ؟ كل شيء في مكانه الصحيح على خارطة فهم الدين .
    و قد يحدث الخطأ في الفهم لعدم وضع الأشياء في أحجامها الصحيحة ، فإن بعض الناس حين يفهمون الدين يضخم مسألة ، فعند تضخيم مسألة على حساب أخرى ، تصغر مسألة أخرى ، فالتضخيم و التصغير ليس من حقك !!

    منقول للإفاده

    يتبع
    Eslam Amin
    3D Generalist_Supervisor

  • #2
    إذا إتضحت هذه المسألة وجود خارطة للفهم و هذه الخارطة عليها كل شيء و كل شيء في موضعه الصحيح حيث خلق و وجد و كل شيء في حجمه الحقيقي .. فسنفهم الدين.

    أيها الأخوة بعد هذا المدخل ، و بمنتهى الهدوء ، أريد أن أضع التزكية على خارطة الدين ، فأين تقع التزكية على خارطة الدين و ما حجمها في الدين ؟

    يقال لي : و ما معنى تزكية أولاً ؟!

    التزكية أيها الأخوة ، كما يقول العلماء :
    في اللغة : هي التطهير و النماء ، وهو معناها في الشرع.

    قال سبحانه : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [التوبة : 103]

    و قال سبحانه و تعالى : ( ... وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ ، الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) [فصلت 6-7]، أي الذين لا يزكون أنفسهم بالتوحيد .
    التزكية : هي تطهير القلب و تنمية الإيمان ، هذا هو معنى التزكية . والتزكية عنصر أساس من عناصر الدين ، سنضعه في موضعه الصحيح و حجمه الصحيح على خارطة فهم الدين ، عندما نعرف ما هي حجم التزكية في الدين ؟!

    أيها الأخوة .. لما دعا إبراهيم ربه طالباً من يخلفه في الدعوة إلى الله من ولده قال: ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ) [البقرة : 129]

    فمن أهم أعمال الرسل التزكية و من مهمات الرسل التزكية ، حدد إبراهيم مهمة الرسول:
    تلاوة آيات الله
    تعليم الكتاب و الحكمة
    التزكية

    استجاب الله هذا الدعاء بل و امتن به على المؤمنين في ثلاثة مواضع من القرآن :
    في سورة البقرة:
    ( كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ ) [البقرة : 151]
    وسورة آل عمران:
    ( لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ) [آل عمران : 164]
    وسورة الجمعة:
    ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) [الجمعة : 2]

    هل لاحظت شيء ؟!!

    ترتيب سيدنا إبراهيم في وظيفة الرسول هو: تلاوة الأيات ثم تعليم الكتاب و الحكمة ثم التزكية
    أما ترتيب الله جل و علا في الثلاث آيات هو: يتلو عليكم آياتنا ثم ويزكيهم ثم ويعلمهم الكتاب و الحكمة


    يتبع
    Eslam Amin
    3D Generalist_Supervisor

    تعليق


    • #3
      جزاك الله خيرا .

      في انتظار التتمة ان شاء الله.


      عن أنس رضي الله عنه قال
      : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)






      تعليق


      • #4
        جزاك الله خيرا .

        تعليق


        • #5
          جزاك الله كل خير اخى وجعله الله بميزانك يوم القيامة
          ________________________________________
          ولو كنت واثقا من رحمته تمام الثقة ,لما يئست من الفرج
          ولو كنت موقنا بحكمته كل اليقين ,لما عتبت عليه في قضائه وقدره
          ولو كنت مطمئنا إلى عدالته بالغ الاطمئنان, لما شككت في نهاية الظالمين

          _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
          اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا


          My 3D Visualization Work

          فيس بوك
          Freelancer

          تعليق


          • #6
            جزانا وإياكم
            وهنا نصل لنهاية الحلقة الأولى ومازلنا فى المقدمه


            فقدم التزكية قبل العلم

            و العلماء يقولون : أن كل الشرع إنما ابتني لتزكية هذه النفس و تزكية القلب.
            • فالتوحيد تزكية: بدليل الآية التي ذكرناها : ( ... وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ ، الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) [فصلت 6-7] يعني لا يزكون أنفسهم بالتوحيد ، فالتوحيد تزكية ، قال الله تعالى : ( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) [الزمر : 29] فتأمل !! وأنت تتأمل في هذا العصر والله عجب !! ألم تسمع عن عبدة الشيطان ؟! ألم يبلغك نبأ قوم وصلوا في التكنولوجيا الحديثة و الإختراعات إلى أفق شامخة ثم هم يعبدون البقر و تمثال بوزا ؟! وشكله كئيب ولا يمت للجمال بصلة !! ألم تر إلى هؤلاء الذين يزعمون أنهم وصلوا إلى القمر في زمن الوصول و هو يعبدون أنفسهم ؟! ويعبدون فرج المرأة و الرجل ؟! هذه الشركيات دليل على قذارة النفس من الداخل و لذلك و قد رأيت في تجارب شخصية أن هؤلاء في الدول الأوروبية ، حينما كانوا يعدون لنا برنامجاً لزيارة السجون أحياناً تجد أكثر المسجونين يسلم و هذه الظاهرة هم يعترفون بها في إحصائياتهم أن هؤلاء حين يحال بينهم و بين الشهوات حين يسجن فلا خمر و لا نساء و لا مال وينفرد فيطهر !! و لذلك كان الأنبياء ينفردون بأنفسهم للعبادة ، فقد كان رسول الله ينفرد بنفسه في غار حراء هذا الإنفراد يعني التطهير، الخروج بالنفس من ربقة عبادة الذات ، فالتوحيد تزكية .
            • والصلاة تزكية: قال سبحانه و تعالى : ( ... وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ) [العنكبوت : 45]
            • والزكاة تزكية: قال سبحانه و تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاَتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) [التوبة : 103]
            • الصيام تزكية: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) [البقرة : 183] ، وقال رسول الله : << إذا إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إني أمرؤ صائم >> [متفق عليه]
            • الحج تزكية: قال الله تعالى : ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ ) [البقرة : 197]



            إذن الشرع كله تزكية



            إنني أريد أن نعرف التزكية لكي نضعها في موضعها الصحيح على خارطة الإسلام و نعطيها حجمها الصحيح على خارطة الإسلام ، فعرفت الآن ما هي التزكية و ما هو موضعها و أهميتها من الدين !!

            أخي الحبيب : التزكية أين نضعها في خارطة الإسلام ؟ و ما هو حجمها ؟ لكي نعمل بها و لها ، إن كثيراً من الشباب يضع موضوع التزكية في الوعظ و التذكير و يظن بعض طلبة العلم أنه تخطى هذه المرحلة إنما الوعظ و التذكير يصلح للعوام !!

            إنظر إلى هذا الحديث : << صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا ... >> [في سنن أبي داوود ، قال الشيخ الألباني : صحيح]

            موعظة مودع تعني أنه في أخر حياة النبي ، بعد أن صلى القوم و صاموا وحجوا وهاجروا وجاهدوا وأنفقوا .. وما زالت المواعظ تعمل عملها التي زهد كثير من أخواننا في هذا الزمان !!



            قضية التزكية ليست مواعظ إنه علم ، إنه أصل أصيل لهذا الدين



            • فلذلك إذا أردنا أن نضع التزكية في موضعها الصحيح على خارطة الإسلام:
            فسنضعها في أعلى موضع .
            • وإذا أردنا أن نعطيها حجمها الصحيح على خارطة الإسلام:
            فسنعطيها الحجم الذي يتداخل مع كل شريعة الإسلام ، في التوحيد تزكية و في الصلاة تزكية و الصيام و الحج و في الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و القدر، ستأخذ التزكية حجماً من كل فرع من فروع الشريعة .

            و لذلك أخي في الله و أنا أحبك في الله ، أنا أبدأ معك هذه الرحلة في شرح كتاب :



            مدراج السالكين .. بين منازل إياك نعبد و إياك نستعين

            وهو شرح لكتاب أبي اسماعيل الهروي : منازل السائرين إلى رب العالمين

            لماذا إخترنا هذا الكتاب ؟! لماذا نركز عليه ؟! لماذا ننطلق منه ؟!



            هذا ما سيكون معنا في الحلقة القادمة ، ألتقي معك على خير، إصطبر معي ، و افهم القضية و ضعها في حجمها الصحيح ، ننطلق على خير و بركة بإذن الله ، أحبكم في الله .



            و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


            والحقلة الثانيه إن شا ءالله تزداد أهميه ويدخل أكثر فى منهج الكتاب
            والله المستعان
            Eslam Amin
            3D Generalist_Supervisor

            تعليق


            • #7
              سلمت بنانك
              ماقصرت حبيبي الغالي
              ربنا يبارك فيك
              ويحفظك من كل سوء



              بأبي أنت وأمي يا رسول الله



              فدتك نجد و طيبة ومكة وأرض الأسراء


              اللهم احشرني مع نبيك يوم يكون اللقاء


              اجمل شئ في الحياة حينما تكتشف اناس قلوبهم مثل اللؤلؤ المكنون في الرقة والبريق والنقاء قلوبهم مثل افئدة الطير
              اللهم اني احبهم فيك

              لك نصحي وما عليك جدالي ........وافة النصح ان يكون جدال

              دعوة لحفظ القرآن الكريم عن طريق المنتدى









              تعليق


              • #8
                مازلت متابع
                وإن شا ءالله تعالى كل يوميين سأضع حلقة جديده
                والله المستعان
                Eslam Amin
                3D Generalist_Supervisor

                تعليق


                • #9
                  ملف الفيديو الخاص بالحلقة الثانيه

                  أحبتي في الله .. مازلنا في قضية التزكية و أهميتها من الدين و لكي نصل إلى فهم حقيقي لموضوع التزكية ينبغي أن أبسط لك القول قليلاً في :

                  أنك إلتزمت بمعنى أنك أعفيت لحيتك أو بمعنى أنك تركت المعاصي ، كنت تتابع ((أفلام و مسلسلات)) في التلفاز فتركت كنت تتابع أشرطة أغاني و ((موسيقى)) فتركت كنت تصاحب نساء أو تخرج في معاصي ظاهرة فتركت كنت تدخن فتركت كنت لا تصلي فتركت .. تبت من المعاصي هذا معنى إلتزمت .

                  تركت المعاصي و أقبلت على الطاعات بدأت تصلي و تقرأ القرآن و تفهم دين ، سرت في هذا الطريق قليلاً او كثيراً سنة أو سنتين أو ستة أشهر، أكثر أو أقل ، ما الذي حصل ؟! كيف حال قلبك الآن مع الله ؟! هذا هو السؤال ؟! أنت تركت المعاصي و أقبلت على الطاعات كيف حال قلبك ؟!

                  ضع هذا مبحثاً نتكلم فيه :
                  ما هو القلب ؟ و ما علاقته بالأعمال ؟ و ما السبيل إلى إصلاحه ؟ و كيف نعرف مدارجه و مسالكه ؟

                  هذه هي قضية التزكية التي هي متعلقة بهذا القلب ، أنت سرت في هذا الطريق قليلاً أو كثيراً أين أنت من الله ؟! إلى أين وصلت ؟!

                  ضع هذه مبحث أخر مسألة أخرى:
                  الطريق إلى الله

                  إننا حين إلتزمنا أو و إن لم نلتزم سائرون إلى الله ..

                  جلس أحد الناس أمام عالم فرأي شيب لحيته ، فقال : كم عمرك ؟
                  قال : ستون سنة.
                  قال : ستون سنة و أنت إلى الله سائر أوشكت أن تدركه !!
                  فقال الرجل : إنا لله وإنا إليه راجعون
                  قال : من علم أنه إلى الله راجع علم أنه موقوف و من علم أنه موقوف علم أنه مسئول و من علم أنه مسئول أعد لكل سؤال جواباً ، فهل أعددت لكل سؤال جواباً ؟!

                  هذا الكلام أيها الأخوة لا يوجه إلى من بلغ الستين ، بمعنى أنك بلغت عشرون عاماً أو خمسة و عشرون عاماً أو أكثر أو أقل فأنت سائر إلى الله عز و جل هذه المدة ، كون أن ينتهي الخط وتسقط في القبر ليس مرتبطاً بالسن فليس معروفاً عند سن كم يموت الإنسان ، هناك من يموت من الشباب في العشرينات كثير جداً سواء في حادث سيارة أو في غرق أو في مرض أو في غيرها أو بدون أسباب ينام فيموت ، إذن أنت إلى الله سائر نهاية هذا السير ستسقط في القبر إذا سقطت في القبر ، سيحاسبك فوراً.

                  قال الله تعالى : ( ... أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) [النور : 39]

                  إذا سقطت في القبر فوجدت الله فوفاك حسابك .. تُرى .. إلى أين سيأمر بك ؟!

                  ( خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ) [الحاقة]

                  أو ستقول :

                  ( ... هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيهْ (19) إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) ) [الحاقة]


                  أي الرجلين أنت ؟!


                  هذه هي قضية التزكية أن ينفتح في القلب عين ترى بها أين أنت من الله ؟ أين أنت في الطريق إلى الله ؟ إذن القضية ليست : أنا إلتزمت منذ كم سنة .. وطول لحيتي .. وقدر مطالعاتي .. وإنما القضية ماذا فعل هذا في قلبك ؟!

                  قلت لكم في اللقاء الماضي أننا سننطلق في مدارج السالكين و لا يعرف قيمة المدارج إلا من درج ، مدارج السالكين كتبه ابن القيم أظنه في أصفى أيام حياته في أعلى درجة إيمانية وصل إليها ابن القيم كتب هذا الكتاب القيم في أحوال القلوب.

                  أيها الأخوة سيأتي معنا في المدارج قول ابن القيم : ( بين العمل وبين القلب مسافة و بين القلب و بين الرب مسافة ) ، فقد تجد الرجل كثير العمل يصوم و يقرأ قرآن و يذكر الله و يتصدق و يصلي و ما وصل إلى قلبه من عمله شيء.
                  كما يقول بن القيم : ( فقد تجد الرجل أقوم الناس اطوع الناس و هو أبعد الناس عن الله ) ،فأنت صليت معنا الآن ثم خرجت من الصلاة ، ماذا صنعت هذه الصلاة في قلبك ؟! قرأت جزءاً من القرآن ماذا صنعت هذه القراءة في قلبك ؟! تصدقت بدراهم ماذا صنعت هذه الصدقة في قلبك ؟!


                  هذه هي : الأثر في القلب !!


                  بين العمل و القلب مسافة و بين القلب و بين الرب مسافة ، في هذه المسافات – كما يقول بن القيم – : ( قطاع طرق يقطعون الطريق على العمل أن يصل إلى القلب ، و على القلب أن يصل إلى الرب )
                  يقول بن القيم : ( و قد تستولي النفس على العمل الصالح فتصيره جنداً لها ، فتصول به و تطغى فترى الرجل أعبد ما يكون و أطوع ما يكون و هو عن الله أبعد ما يكون )


                  هذه هي النقطة : قد تستولي النفس على العمل الصالح !!


                  أنت صليت فهل هذه الصلاة وصلت لقلبك ، لو وصلت لقلبك تنهاك عن الفحشاء و المنكر ، لكنك تجد إنسان يصلي و على باب المسجد ينظر إلى إمرأة متبرجة ، على باب المسجد يكذب كذبة ، على باب المسجد يتكلم مع أخر و يغتاب غيبة ، فماذا فعلت الصلاة ؟!


                  هذه هي التزكية ، كيف يصل العمل إلى القلب ؟! بإزالة قطاع الطرق بين العمل و بين القلب ، والمدارج هي قضية الترقي درجة درجة.


                  المأساة يا شباب أن الشباب إلتزموا اليوم بالآلاف ، بعشرات الآلاف ، بمئات الآلاف ، لكن من رباه ؟ من أخذ بيده ؟ من علمه ؟ من فهمه الطريق إلى الله ؟

                  إلتزم .. فقرأ صفحتين من كتاب ، وسمع شريطين ، و شاهد حلقتين ، و إنتهت القضية عند هذا الحد!! لا ، أنا أريدك أخي الكريم أن تفهم أن المسألة هي : درجة درجة ، كم كانت الزيادة اليوم في الطريق إلى الله ؟ كم تقدمت ؟ ماذا فهمت ؟ أحسست بماذا ؟ هذا هو الموضوع.


                  المدارج هي القضية درجة درجة


                  فعندما سنتحدث عن أول درجة تجدها :اليقظة.
                  ما هي اليقظة ؟ هي إنزعاج القلب لروعة الإنتباه من رقدة الغافلين.
                  وما هي أركان اليقظة ؟



                  أرجو من الأخوه إبداء الرأى فى الموضوع ؟
                  فأنا أجده مفيد جدا
                  ولكن أنا لست وحيدا فى المنتدى

                  والله المستعان
                  Eslam Amin
                  3D Generalist_Supervisor

                  تعليق


                  • #10
                    – لحظ القلب إلى النعمة.
                    2 – مطالعة الجناية.
                    3 – معرفة الزيادة و النقصان من الأيام.

                    سنفهم الدين .. سننطلق في الدين .. لا بد أن ننطلق هذه الإنطلاقة بالتدرج درجة درجة ، منزلة اليقظة .. ثم منزلة الفكرة .. ثم منزلة البصيرة .. ثم منزلة العزم .. منزلة منزلة ... ثم سنصل للمحاسبة ثم الإنابة ثم التذكر ثم الإعتصام .. منزلة منزلة .. كل منزلة من هذه المنازل نعيشها نحياها حياة حقيقة ، فكم نحن بحاجة إلى هذا الفهم للتزكية المؤصل سلفياً.

                    لأن كثيراً من الشباب يعيش مع شديد الأسف الصحراوية الروحية ، يعيش في صحراء قاحلة ، خشونة و يبس و قسوة للقلب ، هذه القسوة التي تصيب القلب فتجمد العين.

                    إني أريد أن أسألك :
                    متى كانت أخر مرة دمعت فيها عيناك من خشية الله في خلوة ؟!

                    إنني أريد أن أسألك :
                    إن الإيمان له لذة و له طعم ، فقال رسول الله : << ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا>> [(صحيح) انظر حديث رقم: 3425 في صحيح الجامع]

                    إذن أثبت رسول الله أن للإيمان طعم .. هذا الطعم يذاق .. ما هو طعمه ؟! إن طعمه حلو .

                    فقال رسول الله : << ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار >> [(صحيح) انظر حديث رقم: 3044 في صحيح الجامع]

                    فلو كان إيمانك عالياً ، لذقت حلاوة طعم الإيمان ، هل ذقت هذا الطعم ؟! يمكننا ألا نصارح أنفسنا ، يمكنك أن تخدعني ، يمكنك أن تهرب من السؤال ، لكني أريدك في مواجهة صريحة مع نفسك


                    هل ذقت طعم الإيمان ؟!

                    إنني أريد أن أسألك :

                    متى كانت أخر مرة اشتقت فيها إلى رؤية وجه الله الكريم ؟!

                    لطالما اشتقت أن ترى فلان ، واشتقت أن تجلس مع فلان ، الآن أنت لا تحتاج مني أن أذكر لك معنى كلمة شوق ، تخيل كأنك مشتاق لرؤية أولادك بعد أن كنت غائب عنهم لمدة ،أو مشتاق لرؤية زوجتك أو والدك إن كان مسافراً لمدة أو متوفياً فكيف يكون إحساسك ؟! هذا الإحساس بذاته ، هل نفس الإحساس أحسسته هو هو و اشتقت لرؤية وجه الله الكريم ، هل اشتقت أن يكلمك ؟

                    إن هذه المعاني غائبة غير موجودة في وسط الماديات التي نعيش فيها ، فتجد أحدهم يتمنى أن يأكل أو ينام أو يتزوج أو يسكن أو يذهب أو يأتي ، لكنه لا يشتاق إلى هذه المعاني ؟!

                    هذا هو عمل التزكية ، صناعة القلب ، لكي يحس لكي يفهم لكي يشعر لكي يعيش.

                    أخوتي .. إذا قلنا إن الإنسان عبارة عن جسد و روح ، الجسد أصله حفنة تراب فقد قال الله تعالى : (.... وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ ) [السجدة : 7] فالجسد حفنة من تراب و قال الله تعالى : ( ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ ..... ) [السجدة : 9] إذن الروح شيء أخر غير الجسد ، الجسد من تراب و طين أما الروح فقد قال الله تعالى : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ) [الإسراء : 85] فإذن الجسد عندما يجوع ، من أين يأكل ؟ لأن الجسم من تراب فعندما يجوع يأكل من تراب فالطعام مرده إلى الأرض ، عندما يظمأ نسقيه من ما هو مرده إلى الأرض ، لأن الإنسان مرده إلى الأرض لذا دائماً الطعام و الشراب مردوده إلى الأرض.
                    وكما أن الجسد يجوع و يأكل من شيء مردوده إلى الأرض ، ويظمأ فنسقيه من شيء مردوده إلى الأرض ، ويتعرى فنكسيه من شيء مردوده إلى الأرض ، ويتعب فينام على الأرض ، كذلك الروح تظمأ و تجوع و تتعرى و تتعب و تمل ، لكن علاجها ليس من شيء مردوده إلى الأرض كالجسد !!

                    كثيراً ذكرت أن من يعالج الناس نفسياً عن طريق أدوية مخطيء لأنه بهذا الشكل لا يعالجوهم بل يمرضوهم لأن علاج النفس لا يمكن أن يكون بمادة لكن :


                    علاج النفس يكون بإصلاح النفس بالمعاني

                    كثيراً ذكرت هذا المثال فاعذروني و إسمعوه مرة أخرى:
                    بعض الناس يأتيك قائلاً : ((أنا تعبان)) .
                    تسأله : ما بك ؟
                    يرد : ((مضايق)) .
                    تسأله : من ماذا ؟
                    يرد : ((مش عارف ، أرفان حاسس إني أنا مخنوق صدري مقفول )).
                    تسأله : هل تحتاج مالاً ؟
                    يرد : (( لا و الله .. يا عم الشيخ إنتا مش عارفني الموضوع مش موضوع فلوس )) .
                    تسأله : هل يوجد مشاكل مع زوجتك ؟
                    يرد : (( بالعكس دي تتمنالي الرضا أرضى )).
                    تسأله : هل هناك مكروه مع أولادك ؟
                    يرد : ((و الله زي الفل)) .
                    تسأله : هل هناك ظروف في عملك ؟
                    يرد : ((و الله كله تمام)) .
                    تسأله : ماذا إذن ؟!
                    يرد : ((مش عارف مش عارف مش عارف تعبان أنا تعبان )) .
                    تسأله : من ماذا إذن ؟
                    يرد : ((معرفش !!)).

                    إن هذا التعب هو تعب الروح ، ما يشتكي منه هذا الشخص ليس جسده إنما هي الروح ، و لهذا تجد أصحاب الهوى يخبروه قائلين : ((طيب غير جو ، روح صيف ، إمشي مع واحدة ، إسمع أغاني)) بالفعل يقوم بعمل هذه الأشياء فيزداد النكد و يزداد الهم و يزداد الألم و يزداد الضيق ، إن روحه من الداخل تصرخ ، إنها جوعانة ظمآنة ، ولكنه لا يدري فيظل يبحث في الماديات في الطعام في الشراب في الملابس في السماع في الضحك لكنه يضحك من فمه و فقط ليس من قلبه !! الروح تحتاج علاجاً من المكان الذي أتت منه ، قال الله تعالى : (... مِنْ أَمْرِ رَبِّي ...) [الإسراء : 85]


                    هذا هو عمل التزكية أن نبدأ في معرفة أمر ربنا جلا و علا في الروح

                    هنا يجب التنبيه على أمر هام إن هذا الأمر لا يكون في يوم و ليلة كأن يقول أحدهم عندما يسمع هذا الكلام : (( أه يا سلام و الله هو ده الكلام إللي أنا عايزه ، فعلاً إنتا كنت فين !! )) ، هو يريد من الغد أن يحس و أن يذوق وأن تدمع عيناه ، كل هذه الأمور تحتاج جهد كبير ووقت طويل ، هذه هي قضية المدارج.

                    معنا بقية من وقت فهيا نكمل فيها فقط مدخل لقضية التدرج ، نحن نريد أن نفهم أصل السير إلى الله سبحانه و تعالى .

                    أيها الأخوة .. إني أحبكم في الله ... انتبه معي ..


                    الطريق إلى الله تقطع بالقلوب لا بالأقدام !! أثبت هذا الأصل ، إن الموضوع بداية و نهاية هو موضوع القلب ، أين قلبك يا عبد الله ؟!

                    و لكي أستطيع الكلام معكم اليوم لابد أن يحضر قلبك ، هناك كثير من الناس تعيش في هذه الدنيا بلا قلب حقيقي قلبه مات منذ زمن ، إنني أريدك أن تحضر قلبك ، كثير في هذا الزمان - حقيقة و الله حقيقة- يعيش بدون قلب ، يصلي و قلبه غير حاضر، يقرأ قرآن أو يسمعه مثل الجرائد ، ينظر إلى الناس و هم يبكون و يسأل على ماذا يبكون ؟! ليس هذا فقط !! بل يأكل بلا قلب و يشرب بلا قلب و يعامل زوجته وأولاده بلا قلب !! قلبه ضاع .. مات قلبه !! هذا الإنسان يحتاج إلى إحياء قلبه مرة أخرى ..


                    قد كان لي قلب أعيش به *** ثم ضاع مني في تقلبه
                    رب فــــاردده عـــلـــــــيّ *** فقد أعياني في تطلــبـه

                    نعم .. أحبتي هذا القلب الذي يحتاج إلى إحياء و بداية الحياة هي صدق اللجوء إلى الله و هذا ليس كلامي .. و لكن كان أكثر دعاء النبي : << كان أكثر دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك >> [(صحيح) انظر حديث رقم: 4801 في صحيح الجامع]

                    وقال رسول الله : << لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن >> [(صحيح) انظر حديث رقم: 7707 في صحيح الجامع]
                    قال أبو هريرة وهو يشرح : ( ينزع منه الإيمان كما يخلع أحدكم القميص من رأسه)

                    فتجد واحداً مرت به متبرجة فنظر إليها ثم دخل صلى وقال إني تبت ، إذن عندما نظر إليها خلع الإيمان و لما تاب لبس الإيمان مرة كأخرى كالقميص .
                    و تجد آخراً كذب كذبة و بعدها تاب و دخل المسجد يقول يارب إغفرلي فلما كذب خلع الإيمان و لما تاب لبس الإيمان مرة أخرى .. و هكذا ،،

                    و مع كثرة نزع الإيمان هكذا ماذا سيحدث ؟! يبلى الإيمان .. يتقطع .. يخلق ..

                    قال رسول الله : << إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم>> [(صحيح) انظر حديث رقم: 1590 في صحيح الجامع] ‌ ، ويخلق تعني : يبلى و يتقطع و يقدم.

                    قلبك يحدث له مثل هذا بالضبط من إستهلاكه في غير ما صنع له ، يفسد يتقطع ينتهي ، و يموت و لا يصبح لديك قلب !! يصبح ما بداخلك هواء !!

                    قال الله تعالى : ( ... وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ) [إبراهيم : 43] كما كان في الدنيا يصبح في الآخرة هواء


                    الشاهد أنك تحتاج إلى تجديد القلب لكي ننطلق يا أخوة لابد من حضور القلب

                    هذا شرط إنني أريد قلبك لكي ننطلق في هذه المدارج درجة بعد درجة ، لكي ننزل في منزلة منزلة و نعيشها ، كما قال ابن القيم : ( كأن العبد في نوم الغفلة .. قلبه نائم و طرفه يقظان ) إن الإنسان يعيش عينه مفتحه و قلبه نائم.
                    قال رسول الله : << ... ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل المجل ... >> [(صحيح) انظر حديث رقم: 1584 في صحيح الجامع] وينام النومة تعني نوم القلب .

                    إننا نريد أن نوقظ قلوبنا نحييها نصلحها حتى تستطيع أن تستوعب حتى تبدأ في الفهم حتى تبدأ في العيش حتى تبدأ أن تحس حتى تبدأ أن تنطلق حتى تبدأ أن تستمتع حتى تبدأ أن تستلذ حتى يصبح لها وجود حتى يصبح لها حياة حتى يصبح لها دور حتى يصبح لها مكان في حياتنا لأن الطريق إلى الله تقطع بالقلوب و لا تقطع بالأقدام
                    قال رسول الله : << إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم >> [(صحيح) انظر حديث رقم: 1862 في صحيح الجامع]

                    ولأني لا أستطيع أن أتأكد الأن أنك أعطيتني قلبك ، لأنه لا يحضر في دقيقة فهو يحتاج عمل و جهد ، أتركك إلى أن ألتقي معك اللقاء القادم يكون معك قلبك حتى نبدأ في الحديث عن السير إلى الله ، وكيف نبدأ في السير من أجل الوصول إلى الله سبحانه و تعالى ؟


                    ((إنتا ناوي .. إنتا عايز .. إنتا مهتم .. حضر قلب و تعالى نتفاهم))

                    أحبكم في الله و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

                    يتبع بإذن الله مع الحلقة الثالثة ،،
                    Eslam Amin
                    3D Generalist_Supervisor

                    تعليق


                    • #11
                      الله المستعان
                      Eslam Amin
                      3D Generalist_Supervisor

                      تعليق


                      • #12
                        بارك لله فيك
                        (وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا
                        ذو حظ عظيم

                        تعليق


                        • #13
                          ربنا يبارك فيك
                          ويحفظك من كل سوء



                          بأبي أنت وأمي يا رسول الله



                          فدتك نجد و طيبة ومكة وأرض الأسراء


                          اللهم احشرني مع نبيك يوم يكون اللقاء


                          اجمل شئ في الحياة حينما تكتشف اناس قلوبهم مثل اللؤلؤ المكنون في الرقة والبريق والنقاء قلوبهم مثل افئدة الطير
                          اللهم اني احبهم فيك

                          لك نصحي وما عليك جدالي ........وافة النصح ان يكون جدال

                          دعوة لحفظ القرآن الكريم عن طريق المنتدى









                          تعليق


                          • #14


                            أحبتي في الله .. و أنا أحبكم في الله .. لي في البداية سؤال – أرعني قلبك يرعاك الله - :


                            متى كانت آخر مرة إشتاق قلبك لرؤية وجه الله الكريم ففاضت دموعك شوقاً لرؤية الله متى كان ذلك؟

                            أُخي و أنا أحبك في الله لعل هذا الامر لم يخطر على بالك أصلاً بالمرة إن كثرة الشكوى من قسوة القلوب و الفتور و التوبة و العودة إلى المعاصي مرة أخرى، كثرة الشكوى لها سبب و علة علتها أننا لم نفقه قضية السير إلى الله لم نتعلمها.

                            أيها الأخوة إننا كما تعلمنا كيف نصلي و تعلمنا كيف نصوم و تعلمنا كيف نؤدي الزكاة و تعلمنا كيف نحج فلابد أن نتعلم كيف يسير القلب إلى الله ؟

                            هذا العلم - علم القلوب - أيها الأخوة من العلوم الخطيرة المهمة و مع شديد الأسف أن كثيراً ممن كتبوا في هذا العلم جعلوه علم الخاصة مع أنه العلم الذي يطالب به كل إنسان.

                            شيخ الإسلام ابن تيمية في التحفة العراقية يقول عليه رحمة الله : (( العبادات القلبية كالحب و الخوف و الرجاء و التوكل و اليقين و الرضا و الإنابة و الإخبات و الخشية و أمثالها واجبة بأصل الشرع على جميع المكلفين كوجوب الصلاة و الصيام و الحج ))

                            إذن القضية يا أخوة أن هذه العبادات الإخلاص والإخبات والخشية والتوكل واليقين والمحبة والرضا والرجاء ، هذه العبادات واجبة وفرض وإذا كانت واجبة فإنها تُتعلم.

                            قال سبحانه و تعالى : ( وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) [النحل : 78]

                            إذن نحن خرجنا غُفل من بطون أمهاتنا و تعلمنا كيف نصلي وكيف نتوضأ وكيف نغتسل تعلمنا كيف نصوم وكيف نحج وكيف نزكي فلماذا لم نتعلم الإخلاص ؟! كيف نخلص ؟! كيف نتوكل على الله ؟! كثيراً ما نقول (( توكل على الله .. يا أخي توكل على الله لا تخف )) و لم نتعلم كيف نتوكل على الله ؟! كيف نخبت ؟! كيف نخشى الله ؟! كيف نحبه ؟! كيف يسير القلب إلى الله ؟!
                            قلت أن الآفة أن بعض الناس جعله – علم القلوب – علم الخاصة رغم أنه علم مطلوب لكل الناس كل إنسان في هذه الحياة كل مسلم يحتاج إلى هذا العلم لصحة القلب و زكاة النفس و غير ذلك من أمور كلها تكليفية في حق عامة الخلق فلذلك حلقاتنا هذه لنجعل الأمر في محله.

                            ثم أيها الأخوة مع شديد الأسف مضطرٌ أن أقول أن هذا العلم في مسيرته التاريخية بعد القرون الثلاثة الخيرية الصحابة و التابعين و أتباع التابعين اختلط في هذا العلم أكثر من أي علم أخر أمور جعلته كالألغاز و المقصود علم القلوب أو علم العبادات القلبية ، دخله الصوفية و جعلوا هذا العلم كالألغاز جعلت هذا العلم أحياناً كأنه شيء أخر غير العلم الشرعي غير النصوص الكتاب و السنة و جعلته أحياناً مستقل كما يسمونه علم السلوك بل جعلته أحياناً من تأليف البشر، إلهامات لها قوة الوحي في التشريع أو في التقرير.

                            و كل ذلك عجيب غريب في علم يجب أن يكون كبقية العلوم محرراً منقحاً على الكتاب و السنة ، إن من العجيب أن قاريء كتب هذا العلم و خصوصاً التي اختص بها الصوفية يشعر أنه أمام ألغاز أنه أمام شيء وراء النصوص و ذلك ما يضيق صدر المسلم أن يقرأ ولا يفهم شيء ، حين تقرأ مثلاً ولا أحيلك على هذه الكتب ولكن كمثال ( التنوير في إسقاط التدوير ) ماذا تعني ؟!! هذه كما ذكرت ألغاز و من ثم فإني أرفض تماماً ان أحيل أي مسلم على كتاب من كتب التصوف لا يمكن و لذلك أنا أقول أن أكثر المشتغلين بهذا العلم تصوراته قاصرة مفاهيمه ضيقة كلامهم بعيد عن الواقع عن بديهيات في الإسلام ينبغي ألا تغيب عن حس مسلم فإذا بقي هذا العلم قاصراً على هؤلاء فإن في ذلك إبقاء لشباب صحوتنا المباركة الذين يريدون السير إلى الله في أجواء غير صحية فكان لابد من دعوتنا السلفية الصافية أن تحرر هذا الموضوع - موضوع علم القلوب- أن يحرر هذا الموضوع لأنه من المواضيع التي تشكل ألف باء فهم إسلام ، لأن كل مسلم في الحقيقة سائر إلى الله طالما أنه يفعل ما أمره الله عز و جل به طالما أنه باحث عن الكمال المطلوب باحث عن الوصول إلى الفردوس باحث عن رضا ربه لكن هذا الباحث لابد أن يأتي الأمور من أبوابها من بداياتها لابد من معرفة المصادر و الموارد لابد أن يعرف كيف يرد و كيف يصدر لابد - كما أستطيع أن أسميه الآن – السير الكامل و من هنا خلط الذي لا يتصور أنه لا سير إلى الله إلا من خلال التصوف ! خطأ كبير، نحن هنا نريد أن نرد على الصوفية الذين لا يتصورون سيراً إلى الله بدون سير على يد أهل الطريق ، إن الصحابة رضوان الله عليهم و من بعدهم من هؤلاء السلف الصالحين ساروا إلى الله قبل أن تقعد قواعد علم التصوف ما كان لهم هم إلا دراسة الكتاب و السنة و تطبيق ذلك فإن لم يكن هذا سيراً فما هو السير ؟! خدعوك فقالوا : السير هو التصوف !!

                            وأنا أخاطب أيضاً أخواننا من أهل المنهج هذا المنهج ، المنهج السلفي الكتاب و السنة بفهم سلف الأمة ، الذين صارت عندهم حساسية بالغة التي أسميها (( أرتكاريا )) من كلمة تصوف دعك من هذه الكلمة لذلك كل المصطلحات الذي يذكرها أهل التصوف ، تسبب عندنا حرج ، فتسمع أحدهم يقول : الشيخ عنده نزعة صوفية !! لأنه يقول السير إلى الله و أحوال القلوب و الحال و المقام .. لا .. لماذا ؟!

                            يا أخي هذه علومنا و هؤلاء سلفنا .. قال الله تعالى : ( هَـذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا ) [يوسف : 65] ، و نحفظ ديننا و نصدق وعد ربنا ، فنحن نرد على الصوفية الذين يقولون لا سير إلى الله إلا من خلال منهج التصوف و لا سير إلى الله إلا وراء شيخ متصوف !! خطأ .. و نقول أيضاً للأخوة الذين تصوروا أن الدين علوم جامدة فحسب فليكن لهم حال مع الله و سير صحيح إلى الكمال الإنساني.

                            أيها الأخوة أنا أحبكم في الله نحن في عصر مادي و هذا يقتضي منا أن نقابله بفكر مكافيء و بحيوية قلبية عالية نحن في عصر شهواني جاهلي و هذا يقتضي منا أن نقابله بأشواق روحية راقية مع تأمين الشهوات المباحة و إبقاء منافذها مفتوحة.

                            أيها الأخوة نحن في عصر قل من يوجد فيه من يضبط نفسه على مقتضى آداب الإسلام ؟! القلب المراد ، و هذا يقتضي منا إلحاحاً على التربية القلبية والتربية الإيمانية والتربية الروحية العالية ، لابد لدعوة السلفية من دراسة هذا الموضوع فتجدد فيه معيدة إياه إلى أصوله الصحيحة - علم القلوب - و منابعه الصافية و مبعدة عنه ما علق به من دخن كبير فتوضع الأمور في مواضعها الصحيحة من هذا العلم و
                            غيره.

                            أيها الأخوة لابد من الكلام في هذا الموضوع - موضوع علم القلوب - لتحريره وتنقيحه و وضع الأمور في موضعها فيه ، فلا يكفي أن نحارب الصوفية في بدعهم و في ضلالهم وفي تحكمهم في هذا العلم ، وإنما لابد مع ذكر الخطأ ان نذكر الصواب لا يكفي أن نهدم بل علينا أن نبني ، علينا دائماً أن نقدم البديل الصالح لا البديل بل نعود إلى الأصل الصالح لنضعه مكان الخطأ خاصة إذا كان ما نحن فيه يستحيل الإستغناء عنه أو التفريط فيه أو تجاهله لابد من صيغة صحيحة بدلاً من الأساس الواهي الضعيف لابد من بيان الحق في كل أمر.

                            أيها الأخوة .. السير إلى الله لا يمكن أن يلغى بل يجب أن يكون حثيثاً و لكن ينبغي أن يحرر و يدقق و تحرر مسائله تحريراً دقيقاً وقد نستعمل بعض عبارات القوم و نستفيد من بعض كلام القوم ولكن كما قال أحدهم : و هو أبو سليمان قال : (( أنه ربما وقعت النكتة من كلام القوم في قلبي فلا أقبلها إلا بشاهديّ عدل من الكتاب و السنة لأن الله عز و جل ضمن لي العصمة في الكتاب و السنة و لم يضمنها لي في سوى ذلك)) ، و لذلك هذا الكلام واضح أيها الأخوة خذه مني و من غيري و طبقه عليّ و على غيري هذا منهج أيّ كلمة لابد لها من شاهديّ عدل من الكتاب و السنة لتوثق و تقبل ولذلك فسأحاول و الله المستعان ( إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ) [هود : 88] في هذه الحلقات أن أضع قدم المسلم في سير صحيح إلى الله تعالى خالي من الخطأ إنني أريد أن أضعك على طريق أوله في يدي و أخره في الجنة إن شاء الله فمد يدك ، إنني سأحاول أن أنشر الطريق لإيجاد طبقة من الوُرّاث الكاملين لرسول الله يحملون دعوة الله كاملة ويربون الناس ظاهراً و باطناً على الحق فإن أصبت في ذلك فلله الحمد و إن أخطأت فإني أستغفر الله و نحن على إستعداد للرجوع إلى الحق من أي احد يبذله كائناً من كان.

                            أيها الأحبة أردت أن آخذ على عاتقي أن آخذ بأيديكم إلى طريق أوله في أيدينا و أخره في الجنة كان من إجتهادنا في ذلك إختيار كتاب ( مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد و إياك نستعين ) ، إستعملت تهذيب مدارج السالكين للشيخ العزي و أنقل الآن كلامه لأني أوافقه بالحرف.
                            (( نقدم هذا الكتاب إلى شباب الإسلام عنوانا للمساهمة في تنميتي العملية التربوية و لا يعرف قيمة المدارج حق معرفتها إلا من درج و كتاب الإمام ابن القيم هذا عمل فذ غزير المنفعة بليغ العبارة فيه من دقة إستخراج المعاني الإيمانية و لطف الإشارات القلبية ما ليس في غيره ، المدارج نتاج تأملات أيام عوالي في حياة شيخ الإسلام ابن القيم الأصل الذي حكم ترتيب كلام ابن القيم هو كتاب منازل السائرين لشيخ الإسلام الهروي ))

                            هنا أخي الحبيب .. أنا أحبك في الله .. لا تفاجأ أنني دخلت في الموضوع مباشرة وإنما أقول أننا اخترنا كتاب ( مدارج السالكين ) ، ولابد أن تعرف الكتاب الذي سنشرحه و هو كتاب لابن القيم كتاب قيم عظيم جداً أصل كتاب ابن القيم هو كتاب لأبي إسماعيل الهروي المتوفى سنة 481 هـ من أهل القرن الخامس ، ابو إسماعيل الهروي الحنبلي قسم طريق سير المؤمن إلى الله تعالى إلى مئة منزل و هذا هو أصل الموضوع.

                            أخوتي أنا أحبكم في الله ، إنسان مسافر لإلى بلد ما فلابد له أن يعرف الطريق حتى يصل ،أخوتي أريد أن أوضح تحديداً أن على هذا الطريق منارات وعلامات وإشارات تدلك و أنت تسير في الطريق إن كنت تسير في الطريق الصحيح فيجب عليك أن ترى هذه المنارات و العلامات و إن لم تراها فأنت لست على الطريق الصحيح الذي نعرفه !!

                            فهب أن إنساناً سافر من القاهرة إلى الأسكندرية على الطريق الزراعي فيجب عليه أن يمر على كوبري قليوب ثم كوبري قها ثم كوبري طوخ ثم كوبري بنها ... إلخ ، فلو سار هذا الإنسان في هذا الطريق و رأى هذه المعالم على ترتيبها إذن هو على الطريق الصحيح ، أما لو وجد مثلاً و هو يسير في الطريق القناطر !! إذن هو ليس في الطريق الصحيح .. اتفهمني ؟!

                            ولذلك فإن القضية قضية أن شخص سار على الطريق و بعد أن وصل أخذ يصف لنا هذا الطريق يخبرنا بأنك عندما ستسير في هذا الطريق ستجد كذا و كذا ... إلخ و هذه هي المنازل المئة التي قسمها أبو إسماعيل الهروي ، و شرحها شيخ الإسلام ابن القيم.

                            هنا الشيخ العزي يقول : (( هي مثل محطات التزود في أي طريق طويل ، أو هي منازل طبقية و درجات صعود و مدارج إنطلاق تتوازى و تتابع )).

                            فهي كالدرج ، ففي البداية سنذكر أربعة منازل أساسية و هي : اليقظة و البصيرة و الفكرة و العزم، إذت فإن أول درجة هي اليقظة ثم البصيرة ثم الفكرة ثم العزم و بهذا قد صعدت أربع درجات على هذا الدرج ، هذه هي قضية المنازل.

                            يأتي الآن أخ سلفي يقول : ((إنتوا جبتوا الكلام ده منين مهو النبي مقالش المئة منزل و الصحابة معملوش مئة منزل)) ، نعم لم يذكر الصحابة هذا ، لكن كما ذكرت لك أي كلمة لا يوجد عليها دليل من الكتاب و السنة إتركها فلا داعي لها ، و لذلك المنازل هي مجرد وصف للطريق لأني كما قلت لكم من قبل أن الصحابيّ كان يسمع من سيدنا النبي صلى اله عليه و سلم سورة ق على المنبر تكفيه موعظة لأسبوع أما اليوم !! إن قرأنا سورة ق من سينتفع بها ؟! يجب عليّ أن أشرح ، كنت بالأمس أشرح اسم الله المجيد ، من منّا يعرف اسم الله المجيد ؟! من فكّر في اسم الله المجيد ؟! فمن كثرة سماع اسم عبد المجيد أصبح الأمر عندنا عادي.


                            الشاهد أن هذه الطبقات أو المنازل أو المدارج ، إنما هي وصف للطريق الذي سوف تسير عليه.

                            وجعل لكل منزلة مفهوماً و حداً ، كمثال : اليقظة ، ما هي اليقظة ؟ هي انزعاج القلب لروعة الإنتباه من رقدة الغافلين .. ما معنى هذا الكلام ؟ سنشرح إن شاء الله لكن القصد أن الشيخ جعل لها مفهوم و حد ، و جعل للمنزلة ثلاث درجات واحدة تليق بعامة المسلمين و أخرى لخاصة المؤمنين و ثالثة للمحسنين للمقربين.

                            هنا الشيخ إضطر من أجل وصف هذه المنازل بالطبقات التلاتة أن يحصل نوع من أنواع التكلف المعنوي و اللفظي الذي تأباه طبيعة السكينة الإيمانية ، إني أريد أن أعطيك كلام يعلي إيمانياتك ، أريد أن أعطيك كلام يرق به قلبك ، أريد أن أعطيك كلام يزيد به إيمانك ، فأنا لن أجلس و أعطيك (رصة) كلام و إنما سنشرح ونوضح ونصف ونحن في القرن الخامس عشر الهجري أريد أن أخبرك و أقول لك كيف تصل إلى الله ؟!


                            فلذلك متابعة ابن القيم للهروي لم تكن هدف لابن القيم ومتابعتنا للشيخين ليست هدف و إنما أصل سنسير عليه .

                            انتظر معنا المرة القادمة أسأل الله عز و جل أن يرزقني و إياكم الإخلاص في القول و العمل


                            أحبكم في الله

                            و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
                            Eslam Amin
                            3D Generalist_Supervisor

                            تعليق

                            يعمل...
                            X