Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأمير فوق ما ذكرت..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأمير فوق ما ذكرت..

    لست أذكر المناسبة بالضبط، لأنني كنت مراهقًا في المدرسة الثانوية أجلس أمام جهاز التلفزيون، أتابع ما أذكر أنه حفل تكريم أو عيد للعلم .. شيء من هذا القبيل .. على المنصة يجلس الرئيس الراحل (أنور السادات)، واللحظة هي تكريم أحد أستاذته السابقين في المدرسة .. كان الرئيس الراحل يحب هذه المواقف لما فيها من مسحة درامية .. (هل تذكر الحطاب الفقير الذي آويته في دارك وأطعمته في تلك الليلة ؟.. لقد كان هو الخليفة متنكرًا ! .. وقد خلع عليك قصرًا وزكيبة من الذهب).. وقد سبق هذا تكريم مماثل لمن يدعى (سائق دمرو) الذي ساعد السادات في ظروف مماثلة ..
    المهم أن الأستاذ المسن الذي تصلبت شرايين مخه، والذي عاش عصور النفاق منذ أيام مولانا ولي النعم، اعتلى المنبر فقال بالحرف الواحد: "الله يقول: إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب .. أما نحن فنقول: إن في خلق السادات والأرض .. كذا .."
    أقسم بالله أن هذا قيل حرفيًا، وسوف أُسأل عنه يوم القيامة .. لقد أصابني الهلع من هذه الدرجة العبقرية المفزعة التي يمكن أن يبلغها النفاق .. والأغرب هو أن أحدًا لم يعترض، والرئيس المؤمن نفسه لم يهب لتصحيح كلمات الرجل ..
    كانت نهاية عصر السادات كما أذكرها مهرجانًا دائمًا من المزايدة على فن النفاق، وإنني لأذكر جلسة مجلس الشعب الصاخبة لتنصيب السادات سادس الخلفاء الراشدين.. بما أنني طنطاوي فقد شعرت بجو المولد الأحمدي العام حيث الكل يصرخ .. الكل مبتل بالعرق .. الكل يزايد .. ثم قتل السادات في ذات العام تقريبًا فلم يفده أحد بالروح أو الدم، وبادر كاتب صحفي كبير إلى انتقاد طريقة حكمه بعد دفنه بيومين ..
    تذكرت هذا كله عندما قرأت مذهولاً قصة الطالبة التي عبرت عن نفسها في موضوع التعبير فقامت الدنيا ولم تقعد .. كنت قد كتبت من قبل عن مفهوم الإذاعة المدرسية والمدرس الذي يرغب في أن يرضى عنه ناظر المدرسة، وناظر المدرسة الذي يشتهي أن يرضى عنه وكيل الوزارة، ووكيل الوزارة الذي يتمنى أن يرضى عنه الوزير .. كتبت عن التصور الحكومي للتلميذ المثالي الذي يرقص طربًا لاتفاقية الكويز أو توشكى، وقد امتلأ رأسه بكلمات من عينة (النبراس) و(العلياء) و(السؤدد) يرصها في أي موضوع تعبير .. التلميذ الذي يؤمن أن الحكومة دائمًا على حق، وأن أفضل رئيس جمهورية هو الرئيس الحالي في اللحظة الحالية ..
    لم تكن (آلاء) كذلك .. وقد كتبت ما خطر لها في ورقة التعبير لأنها افترضت أنه ما دام اسم المادة تعبيرًا، فعليها أن تعبر عن نفسها .. قال البعض إنها كتبت تشتم (بوش) وقال البعض إنها طالبت الرئيس بأن يتقي الله ..المهم أنها اصطدمت بعقلية (النبراس) و(العين ما تعلاش على الحاجب) هذه فكانت النتيجة كما يعرفها الجميع .. وكما يقول الأستاذ محمد حماد في جريدة (العربي ) الناصري: " والذى رأى وقرأ وسمع دفاع المسئولين فى وزارة التعليم والتربية سابقا عن الإجراء الذى اتخذوه بحق الطالبة يتصور أنها خانت الوطن وخرجت عن الملة، إذ قالت للرئيس اتق الله واحكم بالإسلام، والأغرب أنهم لحسوا كلامهم صبيحة أعلن الرئيس عفوه الكريم عن ابنته الطالبة، وتغير الحال فاستقبلها الوزير بنفسه وهنأها على نجاحها الذى كانوا يريدون لها أن تخسره وتخسر معه عاما من عمرها! .. انقلب حال الوزارة وانقلب حال الصحف وخرست ألسنة السوء التى طالبت بمعاقبة الطالبة التى خرجت عن الأخلاق وأساءت الأدب، وتبدل الحال وأصبح ما قالته يدخل فى باب حرية الرأى التى يحترمها الرئيس ويحرضها وزميلاتها وزملاءها على ممارستها! "
    هناك إشاعة قوية يتناقلها الناس حول أن أمن الدولة اقتنع بأن ما تقوله الفتاة ليس كلامها، بل هو كلام جهة أكبر وأخطر !.. هكذا تم اعتقال أبيها للتحقيق معه باعتباره بداية الخيط التي ستقود إلى (أيمن الظواهري) نفسه !.. سمعت هذه الإشاعة فلم أصدقها .. منطق النفاق يقول إنه لن يجرؤ أحد على التحرش بهذه الطالبة ثانية .. لقد اهتم الرئيس بها شخصيًا وصار الاقتراب منها محفوفًا بالخطر، وأعتقد أن هؤلاء المسئولين الملكيين أكثر من الملك سوف يدفعون ثمن نفاقهم غاليًا .. نفس ما حدث لمذيع شهير حاول أن يتملق الرئيس بطريقة ضايقته، وكانت النتيجة أن تم استبعاده تمامًا من أية حوارات أخرى مع الرئيس.. لقد انقلب السحر على الساحر ..
    إن ثقافة النفاق عتيقة جدًا في بلادنا .. ومهما دارت الأيام فإن مفهوم الشاعر الذي يدخل على الخليفة فيمدحه، ويخرج حاملاً زكيبة مال ، هو مفهوم متأصل فينا ويصعب الخلاص منه ..
    لا ازعم أنني درست الأدب العالمي، لكن أزعم أن أي دارس للأدب سيتعب كثيرًا حتى يجد بيتًا من الشعر في أية لغة يماثل ما قاله ابن هاني الأندلسي في مدح الخليفة الفاطمي المعز لدين الله :

    ماشئت لا ماشاءت الاقدار....فاحكم فأنت الواحد القهار
    وكأنما أنت النبي محمد .....وكأنما أنصارك الانصار !!

    بصرف النظر عما في هذا الكلام – البيت الأول - من شرك صريح، فإن أية أمة يُقال فيها كلام كهذا هي أمة مقضي عليها بالفناء، فلا غرابة أن يقال إن هذا الشعر كان نذيرًا بفناء دولة العرب في الأندلس.
    المزايدة تتكرر في قصص التراث بلا انقطاع .. ها هو ذا (أبو تمام) ينشد قصيدته السينية أمام الأمير (أحمد بن المعتصم) .. فيقول الشاعر في نفاق صادق حار واصفًا الأمير:

    إقدام عمرو في سماحة حاتم .....في حلم أحنف في ذكاء اياس
    هنا يتدخل رجل بلغت به (سلطنة) النفاق درجة أعلى .. هذا الرجل هو أبو يوسف يعقوب الكندي قائلاً:
    ـ"الأمير فوق من ذكرت !"
    يعني كل هذا النفاق غير كاف .. الأمير أعظم من هذا .. لابد من المزايدة فقد بدأ (مولد) النفاق .. وعلى الفور يستغل (أبو تمام) موهبته ليرتجل شعرًا لم يكن مكتوبًا:

    لا تنكروا ضربي له من دونه ... مثلا شرودا في الندى والباس
    فاللّه قد ضرب الاقل لنوره ......مثلا من المشكاة والنبراس
    هذه القصة لا ترد في المراجع دليلاً على عبقرية النفاق أو قلة الأدب (فهناك تشبيه ضمني للأمير بالله تعالى) ، بل على براعة الشاعر وحسن تصرفه .. ولسبب ما أوشك أن أرى ذلك المسئول التربوي الذي ألغى امتحان آلاء يصرخ فيها : الأمير فوق من ذكرت !...
    الأمثلة كثيرة جدًا ولا شك في أنني نسيت ذكر أهمها .. لكني أتذكر كذلك مقولة الأستاذ (أحمد بهجت) الرائعة : "للنفاق في بلادنا هيبة".. كان يحكي عن زيارته لأحد أصدقائه – ممن لم يعرف عنهم أي تدين - الذي صار شيخ طريقة .. قابله جالسًا في سرادق محاطًا بالمريدين، فتقدم نحوه ليصافحه وهو يوشك على الانفجار ضحكًا .. ثم أخذته هيبة النفاق فانحنى يلثم يده !
    أحيانًا يبلغ النفاق درجات من التعقيد يصعب أن تتخيلها .. مثل ذلك المطرب الذي ينشد في أحد أعياد أكتوبر: "لا حيغنيني ولا يرقيني .. ولا فيه مصلحة بينه وبيني .. باقولها وأجري على الله .. علشان كده احنا اخترناه !" .. يريد أن يقنعني أن مدحه لرئيس الجمهورية هو كلمة حق أمام سلطان جائر ! .. وأجره بعد ذلك على الله ..
    ذات مرة – قبل أن يدخل معترك السياسة بهذا الوضوح – زار السيد (جمال مبارك) مدرسة خاصة للفتيات في القاهرة، فنشرت التلميذات في إحدى المجلات رسالة مناشدة إلى الرئيس تقول: "نحن في بلد ديمقراطي ومن حقنا التعبير عما يجول بخاطرنا، وانت علمتنا الحرية وعدم الخوف .. لذا نطالب الرئيس مبارك بأن يكلف السيد (جمال) بوظيفة سياسية مهمة !".. هذا نوع من النفاق عجيب، على غرار: "أتركني أقول شهادتي التي سأسأل عنها أمام الله .. أنت أعظم وأروع من رأيت !".. تخيل لو أنهن نشرن رسالة يطالبن فيها الرئيس بعدم إسناد أي منصب رسمي لابنه !
    المنافقون .. المنتفعون .. مشكلة هذا البلد وكل بلد عربي ..
    هناك دومًا من يريدون أن يبقى الحال على ما هو عليه، وهم قادرون في أية لحظة على تنظيم المظاهرات المضادة، ونشر العرائض المكتوبة بالدم والمبايعة، وأن يملئوا البلد باللافتات المؤيدة لأي شخص وأي قرار في أية لحظة .. هؤلاء هم الذين يفرغون أي إصلاح حقيقي من محتواه ..
    سواء كانت نية الرئيس (علي عبد الله صالح) صادقة في التخلي عن الحكم أم خلاف ذلك، فقد تكفل هؤلاء في اليمن بإحباطها وعادت الأمور كما كانت، وهم مستعدون في أي بلد عربي كي يهتفوا (الأمير فوق من ذكرت) في أية لحظة .. ولسوف يظهر لهم من يزيد بيتين من الشعر لإرضاء الحاكم..
    الأمير فوق من ذكرت .. فلا مكان لطالبة ساذجة تعتقد أن موضوع التعبير يعطيها الحق في أن تعبر عن أفكارها .. والويل كل الويل لمن يبتعد عن ثقافة (السؤدد) و(النبراس) هذه .

    مقال لــ د . أحمد خالد توفيق...
    التعديل الأخير تم بواسطة فلاشــــــــــاوي; 10 / 11 / 2006, 07:24 PM.
    www.ali-cv.com موقعي ومعرض اعمالي

    www.ne3na3.net شاي بالنعناع !

    follow me

  • #2
    مقال جميل كعادة دكتور خالد توفيق

    من عمل موظفا في الحكومة يعلم جيدا هذه التعابير

    ويعلم ان الرشوة والنفاق والوصولية شرطك للصعود
    ان كنت طموح
    دا وانتي مطلعه عيني ... بحيك مووت

    تعليق


    • #3
      بسم الله
      مقال جميل على غير العاده
      ( طرق منى على سندان المقال الماضى ... و أجرى على الله )
      سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

      أحب الصالحين ولست منهم لعلي أنـال بهـم شفاعـة

      وأكره من تجارته المعاصى و لو كلنا سواء في البضاعة



      .

      تعليق


      • #4
        مقال جميل كعادة دكتور خالد توفيق
        مقال جميل على غير العاده
        وبالرغم من ذلك ..الحمدلله أننا أتفقنا على أن هذا المقال جميل...الحمدلله...في إنتظار من يعكر صفو هذا الإتفاق..
        www.ali-cv.com موقعي ومعرض اعمالي

        www.ne3na3.net شاي بالنعناع !

        follow me

        تعليق


        • #5
          مقال جميل جدًا جدًا، وصدقني هذا ليس نفاقًا.........

          تعليق


          • #6
            حدث أمر أخطر من ذالك ابان حكم هذا السادات حينما أرد ان يكرم السادات طه حسين وذهب ليصلي الجمعة ويبدأ مراسم التكريم فخطب شيخ الأزهر آن ذاك وفي خطبته الثانية قال (ولقد جائك الأعمر فما آنت عنه تلهى ولا أنت له تصدى) وحينما أنهى خطبته وصلى ركعتي الجمعة قام أحد علماء الأزهر الأفزاز وقال للناس قوموا إلى صلاتكم فقد كفر إمامكم بتعريضه لرسول الله صلى الله عليه وسلم
            اللهم اهدنا

            بجد المقال جميل كعادة مقالات الدكتور أحمد خالد توفيق
            كل اناء بما فيه ينضح
            إذا جائتك الضربات من اليمين ومن اليسار فاعلم انك من أهل الوسط

            تعليق


            • #7
              وفي خطبته الثانية قال (ولقد جائك الأعمر فما آنت عنه تلهى ولا أنت له تصدى)
              أعجب أشد العجب.....لماذا يورط المرء منهم نفسه فى مثل هذا المستنقع عندما لا يطلب منه سوى بضع عبارات من طراز(قيادتكم الحكيمة)و(خبرتكم العميقة)و ربما(شخبطة اولاد سيادتك تخطيط لمستقبلنا!) أو (شلوط سعادتك دفعة للأمام) و لكن ان يزج الانسان بنفسه -بمجرد كلمه-الى فريق الخاسرين..اهل جنهم-نعوذ بالرحمن منها-...و من دون ان يطلب منه..فهذا ما لا استطيع ان افسره حقا.. كيف يأمن هؤلاء على انفسهم يوما واحدا بعدها؟؟ بل كيف يأمنون على انفسهم ثانية واحدة؟؟و الله ان قلبى ليرتجف خوفا مما ينتظرهم..رحمك الله يا بلال و يا آل ياسر و يا ماشطة ابنة فرعون..يا من كانت حياتهم وحياة فلذات اكبادهم لا تساوى شيئا فى مقابل كلمة واحدة..كلمة واحدة تفوهتم انتم بها بلا ادنى احساس بالخوف..و الله ان حياتهم بعدها لن تعود كما كانت قبلها..واقسم بالله انه للرعب الاكبر الذى لا يجدى معه الهرب الى الموت.. حسبكم يا منافقى العالم..توقفوا قبل الخطوط الحمراء..توقفوا قبل ان..قبل ان..والله لا ادرى لكن كونوا على ثقه انه ليس هينا ابدا..
              www.ali-cv.com موقعي ومعرض اعمالي

              www.ne3na3.net شاي بالنعناع !

              follow me

              تعليق


              • #8
                بسم الله
                أخى أيهاب لقد أرسلت لك رساله خاصه من يومين و أنتظرتك كى تغير محتوى الرد لما به من أخطاء في سرد وقائع هذه الروايه
                محتوى الرساله :
                بسم الله
                أخى الحبيب أيهاب
                في ردك على فلاشاوى في مقال أحمد توفيق
                هذه الواقعه لم تحدث أيام السادات بل أيام الملك فاروق
                و لم يكن الخطيب شيخ الأزهر أنما كان خطيب الملك يعنى كل حفله كل طهور يجيبوه
                و قد ذهب هذا العالم من فوره بعد ذالك ألى عبدين و رفع مذكرة أعتراض للملك
                ... سادات أيه يا راجل ده طه حسين كان راجع من بعثه ...
                التعديل الأخير تم بواسطة أبو عبد الكريم; 13 / 11 / 2006, 10:57 AM.
                سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

                أحب الصالحين ولست منهم لعلي أنـال بهـم شفاعـة

                وأكره من تجارته المعاصى و لو كلنا سواء في البضاعة



                .

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة tftof مشاهدة المشاركة
                  بسم الله
                  أخى أيهاب لقد أرسلت لك رساله خاصه من يومين و أنتظرتك كى تغير محتوى الرد لما به من أخطاء في سرد وقائع هذه الروايه
                  محتوى الرساله :
                  بسم الله
                  أخى الحبيب أيهاب
                  في ردك على فلاشاوى في مقال أحمد توفيق
                  هذه الواقعه لم تحدث أيام السادات بل أيام الملك فاروق
                  و لم يكن الخطيب شيخ الأزهر أنما كان خطيب الملك يعنى كل حفله كل طهور يجيبوه
                  و قد ذهب هذا العالم من فوره بعد ذالك ألى عبدين و رفع مذكرة أعتراض للملك
                  ... سادات أيه يا راجل ده طه حسين كان راجع من بعثه ...
                  أنا اسف اخي على عدم الرد فأنا لا اتصفح صندوق الوارد باستمرار

                  بارك الله فيك اخي الحبيب على تصحيحك لأمر الواقعة ولكني قد سمعتها من شيخ منذ أكثر من تسع سنوات وقالها بنفس السرد الذي وضعته أنافاً
                  كل اناء بما فيه ينضح
                  إذا جائتك الضربات من اليمين ومن اليسار فاعلم انك من أهل الوسط

                  تعليق

                  يعمل...
                  X