يعني الحاسوب مرتفع الأداء بالنسبة لمعظم المستخدمين، حاسوباً يتضمن معالجاً وحيداً يعمل بتردد مرتفع، مثل معالجات آثلون التي تعمل بتردد 1.3 جيجاهرتز، أو معالجات بينتيوم 4 التي تعمل بتردد 1.5 جيجاهرتز، بالإضافة إلى 256 ميجابايت من ذاكرة RAM، وبطاقة تسريع رسومي تتضمن ذاكرة DDR بسعة 64 ميجابايت. وسيقدم مثل هذا الحاسوب، بالنسبة لمعظم الأعمال، والمستخدمين المنزليين، أداء رائعاً، ومقدرة كاملة، على تقديم كل متطلبات "أعتى" المكاتب وتطبيقات المستهلك. لكن هذه الطاقة "السيليكونية"، تبقى غير كافية، بالنسبة لعدد صغير من المستخدمين. ويحتاج هؤلاء إلى محطة عمل رسومية.
يعتبر التمييز بين محطة العمل الرسومية، والحاسوب ذي الأداء المرتفع، صعباً نسبياً. ويمكن القول أن محطة العمل الرسومية هي حاسوب مصمم لأعمال دقيقة ومحددة، مثل إضفاء الحركة على الرسوميات، والنمذجة، والتصميم والتصنيع باستخدام الحاسوب (CAD/ CAM)، والنشر، وإنشاء المؤثرات المرئية ثلاثية البعد. وبما أن سوق محطات العمل الرسومية، تعتمد تماماً، على التطبيقات المطروحة، من قبل كبار اللاعبين، مثل برامج AutoCAD، و3D Studio Max، وMaya، فيبقى الأمر مركزاً على اختيار العتاد الصحيح لأداء المهمة المطلوبة.
وتتمثل المواصفات المطلوبة لحاسوب، من أجل التطبيقات المتطورة، الخاصة بإنشاء وتصميم المحتويات، في ما يلي: دعم تقنية المعالجات المتوازية، وتوفر سعة كبيرة من ذاكرة RAM، وبطاقة رسوميات ذات طاقة هائلة، بالإضافة إلى مرقاب ذي شاشة ضخمة. ولا تعتبر مثل هذه الأجهزة رخيصة الثمن، بأي مقياس من المقاييس، لكنها تتطلب في المقابل، استثماراً كبيراً، من جهة الشركة المصنعة في تصميم الجهاز. فليس من المقبول أن تبني حاسوباً متطوراً، وتتوقع منه أن يقوم بالأداء الممتاز وحده، بل يجب أن تضمن أن تقدم محطة العمل أداء مدهشاً، ومستوى من الثقة يخلو من الأخطاء. والأهم من هذا وذاك، الدعم الخاص للتطبيقات المناسبة للأعمال المذكورة سابقاً. وصممنا لذلك، طقماً هائلاً، من برمجيات الاختبار، المكونة من 15 برنامجاً مختلفاً، بحيث تعطي نتائج تسمح لكل مستخدم انتقاء محطة العمل المناسبة لعمله خاصة.
وجمعنا في هذه الجولة، الأولى من نوعها في المنطقة العربية، مجموعة من محطات العمل المتنوعة، والمتوفرة حالياً، في أسواق المنطقة. ونتوقع أن يجد مستخدمو محطات العمل، هذا الاختبار الذي أجريناه في مختبرات بي سي ماجازين العربية، قيّماً جداً، حيث يقصد منه أن يرشدك إلى أفضل الأجهزة المتوفرة من هذا النوع في أسواق المنطقة. وهو حتى الآن، الاختبار الوحيد من نوعه، الذي يصدر من المختبرات العلمية الوحيدة، التابعة لإحدى المطبوعات في الدول العربية.
ومن المفترض أن يقدم هذا الاختبار، لمن لا يستخدم محطات العمل، رؤية مفيدة لأحدث تقنيات الحواسيب، حيث أن محطات العمل تعتبر باستمرار، أكثر الحواسيب تطوراً في السوق، وأكثرها استخداماً لأحدث التقنيات البرمجية والعتادية. وبما أن هذه التقنيات تنتقل لاحقاً، بدورها، إلى سوق الحواسيب التقليدية، فإن هذا الاختبار يسمح لك، بإلقاء نظرة على المستقبل.
فإذا كنت مهتماً بتصميم الرسوم المتحركة ثلاثية الأبعاد، أو تعمل في مجال تصميم محطات التنقيب عن النفط، أو ضمن وحدة محاكاة حالات الجو، والرصد الزلزالي، في حكومة معينة، أو كنت ببساطة، مهتماً بأحدث ما تم التوصل إليه في مجال التقنية، فننصحك بمتابعة القراءة!
خطوتين خطوتين!
عندما ترغب في تشغيل تطبيقات تستخدم عتاد الحاسوب بكثافة، مثل برمجيات النمذجة ثلاثية الأبعاد، وبرمجيات التصميم بمساعدة الحاسوب (CAD)، فعليك استخدام نظام مصمم لهذا الغرض، ويتمتع بمواصفات متوازنة. فإذا تضمن الجهاز أحدث ما تم التوصل إليه من معالجات، بينما كان حجم ذاكرة RAM صغيراً، فسيبقى هذا المعالج منتظراً وصول المعلومات من القرص الصلب عبر الذاكرة الصغيرة. ويمكن أن تبقى بطاقة الرسوميات القوية، منتظرة وصول المعلومات الرسومية من معالج مركزي بطيء، لتتمكن من معالجتها. لكن كثيراً من المستخدمين لا يكتفون ببناء جهاز متوازن، بل يطلبون المزيد من القوة في الأداء. ويمكن أن تقدم تقنية المعالجة المتعددة المتماثلة SMP (Symmetrical Multi Processing)، والتي تسمى كذلك، بالمعالجة المتوازية، الإجابات لمثل هؤلاء المستخدمين، عبر إضافة معالج ثانٍ، إلى النظام.
وتكمن الفكرة الرئيسية وراء تقنية المعالجة المتوازية، في استخدام معالجين على التوازي، وتقسيم العمل إلى قسمين، وتوزيعه عليهما، حتى يتم الانتهاء منه في زمن أقل. ويمكن تشبيه هذا العمل، بعملية الحفر التي يقوم بها عاملان في الوقت ذاته، بحيث يستخدم كل منهما معولاً، ويتم الحفر بشكل متناغم، بحيث يتم إنجاز العمل في نصف الزمن الذي يحتاجه العامل الواحد. لكن العملية في الحواسيب أكثر تعقيداً، من هذا التشبيه، حيث يستحيل توفير نصف زمن العمل إذا استخدمت معالجين معاً. ويعود السبب العتادي الرئيسي، إلى أن المعالجين يجب أن يتبادلا المعلومات بين بعضهما البعض، وهو أمر أساسي، لا يمكن تفاديه، يستهلك من حزمة العمل الكلية للمعالجين. وكلما زدت عدد المعالجات المستخدمة، زاد حجم حزمة العمل المستهلكة في تبادل المعالجات المعلومات بين بعضها البعض.
ولا تدعم جميع أنواع الأجهزة، والملحقات المتوفرة، ميزة المعالجة المتوازية. وينطبق هذا الأمر مثلاً، على معالجات سيليرون (Celeron)، وبينتيوم 4 (Pentium 4)، من شركة إنتل، الذين لا يعملان "رسمياً" في بيئة متعددة المعالجات (SMP). وبقيت لذلك، معالجات بينتيوم 3 (التي تدعم المعالجة المتوازية إلى حد معالجين)، وبينتيوم Xeon (التي تدعم 8 معالجات)، الحل الأكثر استخداماً كمعالجات في بيئة متعددة المعالجات (SMP). لكن شركة إنتل تنوي أن تطلق خلال أشهر قليلة من عائلة Xeon، مبنياً على قلب بنتيوم 4، يدعم العمل في بيئة متعددة المعالجات. ولم تقدم شركة AMD حتى اليوم، أي معالج يدعم المعالجة المتعددة، لكنها تنوي إطلاق معالج، خلال بضعة أشهر، يؤدي هذا الغرض. قد أطلقت الشركة الاسم المؤقت Palmino، على هذا المعالج.
وتحتاج حتى تحصل على كل الإمكانات التي تقدمها المعالجة المتوازية، بالإضافة إلى ما سبق، إلى استخدام البرمجيات المناسبة. ويعني هذا الأمر، بالنسبة لمعظم مستخدمي محطات العمل، اعتماد نظام ويندوز NT، أو 2000، حيث لا تدعم أنظمة ويندوز 98، وميللينيوم المعالجة المتوازية. وتعمل تقنية المعالجة المتوازية في نظام ويندوز 2000، عبر "طبقة تجريد العتاد" HAL (Hardware Abstraction Layer)، التي تعمل على تقسيم أعمال الخطوط البرمجية (threads) بين المعالجات، وهي أجزاء صغيرة من الشيفرة الكاملة، علماً أن "طبقة تجريد العتاد" HAL هي مستوى برمجي يتم التعامل فيه مباشرة، مع العتاد، مباشرة بغض النظر عن واجهة برمجية التطبيقات API. وتساعد هذه العملية على رفع الأداء العام للمعالجات، حيث أن المعالج الواحد لا يستطيع معالجة أكثر من خط برمجي (thread) واحد، في اللحظة الواحدة.
وغني عن القول، أن كتابة الشيفرات البرمجية الخاصة بالمعالجات المتعددة، هي عملية بالغة الصعوبة، حيث يتوجب على الخطوط البرمجية (threads) أن تتعامل مع بيانات مترابطة. ويلاحظ لذلك، أن البرمجيات القادرة على التعامل بطريقة المعالجة المتوازية (SMP)، تعتبر محدودة جداً، خارج سوق محطات العمل والمزودات.
لكن، حتى إن لم تستخدم تطبيقات مصممة للتعامل مع المعالجات المتوازية، فإنه من الممكن أن تحصل على ارتفاع في الأداء العام، إذا أضفت معالجاً آخر، إلى النظام. فإن كنت تشغل تطبيقاً ينجز مهمات تستخدم أحد المعالجات بشكل مكثف، مثل تشغيل تطبيق للكتابة على الأقراص المدمجة، فيمكنك في هذه الحالة، تشغيل تطبيقات أخرى، مثل معالجات النصوص، أو مشغلات الموسيقى، على المعالج الآخر. فإذا حاولت إنشاء قرص مدمج، وتشغيل برنامج الكتابة على الأقراص المدمجة، خلال تشغيل برامج أخرى، على جهاز وحيد المعالج، فستحصل، غالباً، في نهاية عملية الكتابة على القرص، على قرص مدمج غير قابل للاستخدام، ما يضطرك إلى إعادة عملية الكتابة، لكن، بدون تشغيل أي برنامج آخر، هذه المرة!
اختبرنا تأثير إضافة معالج آخر إلى الحاسوب، على أدائه العام، باستخدام قدرات الاختبار في برنامج Cinema 4D XL. وينفذ هذا البرنامج الاختباري، عمليات اقتفاء شعاعي (raytracing)، لمشاهد صغيرة، باستخدام معالج وحيد، ثم باستخدام المعالجين في النظام. وتعتبر عملية "الاقتفاء الشعاعي" من أكثر العمليات التي تستهلك عمل المعالج، حيث تنشئ حالات انعكاس وظلالاً مختلفة، وهي عمليات تحتاج إلى مئات الآلاف من العمليات الحسابية. وقد وضحت نتائج تنفيذ هذا الاختبار على أجهزة DTK، وSGI زيادة كبيرة في الأداء، عند استخدام معالجين معاً، وصلت إلى 70 في المائة. وقد بين الاختبار في حالة جهاز شركة DTK، أن استخدام معالجين بطيئين نسبياً، معاً (بينتيوم 3، بتردد 1 جيجاهرتز)، يمكن أن يؤدي إلى تقديم أداء أفضل من معالج وحيد سريع (بينتيوم 4، بتردد 1.3 جيجاهرتز)، كما هي حالة جهاز شركة Acer. ووصل الارتفاع في الأداء بين الجهازين السابقين، إلى 63 في المائة، وهي نسبة مرتفعة نسبياً. وإذا نظرت إلى القيمة المالية التي يقدمها معالجا بينتيوم 3، فإن النتيجة ستكون مدهشة أكثر من ارتفاع مستوى الأداء، حيث لا يكلف تجميع جهاز يتضمن معالجي بينتيوم 3، يعملان بتردد جيجاهرتز واحد، ويتضمن ذاكرة بسعة 512 ميجابايت، "ولوحة أم" مناسبة، أكثر من 700 دولار، بينما تصل تكلفة نظام يتضمن معالجاً وحيداً من فئة بينتيوم 4، يعمل بتردد 1.3 جيجاهرتز، إلى 974 دولار، أي بزيادة تصل إلى 39 في المائة! انظر إلى الجدول (1)، لتتعرف على تفاصيل تكلفة كل نظام. ويمكنك أن ترى أن تكلفة معالج بينتيوم 3 واحد، تقل 60 دولاراً فقط، عن تكلفة معالج بينتيوم 4، إلا أن تكلفة المنصة التي يتطلبها معالج بينتيوم 4، تزيد كثيراً على تلك التي يتطلبها معالجا بينتيوم 3، بينما يتفوق معالجا بينتيوم 3 من ناحية الأداء، في تطبيقات معينة.
يتبع ..
تعليق