Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

د. محمد عمارة: الليبراليون العرب أكثر استبداداً من غيرهم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • د. محمد عمارة: الليبراليون العرب أكثر استبداداً من غيرهم

    د. محمد عمارة: الليبراليون العرب أكثر استبداداً من غيرهم
    الخميس5 من صفر1428هـ 22-2-2007م الساعة 05:30 م مكة المكرمة 02:30 م جرينتش
    الصفحة الرئيسة > حوارات

    المفكرة الإسلامي الدكتور محمد عمارة


    - منهج أهل السنة هو التحذير من التكفير.

    - أمريكا بدأت بالعراق لإحداث تغيير في المنطقة يحقق مصالحها هي وإسرائيل.

    - النموذج الأمريكي مرفوض إسلامياً وهذه هي الأسباب.

    - مشكلتنا مع الغرب في مشروعه للاستعمار والهيمنة والاستغلال.

    - لا أخاف التطرف الفكري لأن الأمة سترفضه.

    - ليس هناك ارتباط بين الديمقراطية العلمانية.

    - لن ينجح الحوار مع الغرب مادام الفاتيكان يسعى لتنصير المسلمين.

    - الغطرسة الأمريكية جمعت بين القارونية والفرعونية.







    حاورته/ د. ليلى بيومي





    يعد الدكتور محمد عمارة من أبرز المفكرين الإسلاميين الذين ينتهجون المنهج الإسلامي الوسطى المعتدل، وهو قيمة فكرية كبيرة حيث قدم للمكتبة الإسلامية العديد من الكتابات التي أثرت الفكر الإسلامي المعاصر، فقدم لنا الأعمال الكاملة للشيخ رشيد رضا، والإمام محمد عبده، والكواكبي، كما اشتبك مع أفكار قاسم أمين وعلي عبد الرازق وطه حسين، وكتب عن أبو الأعلى المودودي، والطريق إلى اليقظة الإسلامية، ومسلمون ثوار .. إلى غير ذلك من المؤلفات القيمة والثرية.

    وهو من أبرز من سبروا أغوار الفكر العلماني، ولذلك فهو فارس مغوار في دمغ حجج العلمانيين والمعادين للفكرة الإسلامية، وفي كتاب أخير صدر له يناقش قضية التكفير انتهز المتربصون به جملة وردت في الكتاب فأقاموا الدنيا على الرجل وطالبوا بمحاكمته.

    عن كل هذه القضايا، وعن بعض ما يتصل بهموم الحركة الإسلامية والفكر الإسلامي كان هذا الحوار مع د. محمد عمارة.





    * كتابكم "فتنة التكفير" سبب لكم مشكلات كثيرة، طالب الأقباط على أثرها بمحاكمتكم، ما هي قصة هذا الكتاب؟.

    ** أردت أن أقول في هذا الكتاب، أصدرته وزارة الأوقاف، إن منهج أهل السنة هو التحذير من التكفير ويقول في ذلك أبو حامد الغزالي: "لا يسارع إلي التكفير إلا الجهلاء، وأن الخطأ في ترك ألف كافر أهون من إراقة دم مسلم"، ويقول "نحن لا نكفر أهل السنة"، ومع ذلك وافق الغزالي علي تكفير غير المسلم؟. والمشكلة جاءت من مجرد كلمتين فقط وهما "إباحة الدماء" في مضمون اقتبسته من كتاب لأبي حامد الغزالي اسمه "فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة"، وقد قررت إحقاقا للحق حذفهما، ولا أعرف كيف ضمنهما أبو حامد كتابه، فأنا أقرأ له وأخذ منه في ثقة ولا أفتش وراءه، لكن هذا ليس موقف الإسلام الذي لا يبيح دماء الآخرين.

    لقد خلصت في كتابي إلي تحديد موقع بؤر وألغام الخلاف الموجود في التراث وهي فكرة التكفير داخل مذاهب المسلمين.

    وفي أحد فصول الكتاب جاء عنوان "ما العمل" وذكرت تحت هذا مطلبين، الأول هو إصدار فتوى جماعية بين السنة والشيعة والسلفية بعدم تكفير أي من المذاهب الأخرى لكل من ينطق بالشهادتين، أما المطلب الثاني فهو تهذيب كتب التراث بتطهيرها من أحكام التكفير.

    وطالبت بأشياء عدة أهمها، دعوت منظمة المؤتمر الإسلامي بعقد مؤتمر لكل مفتيي العالم الإسلامي بإصدار فتوى "لا للتكفير"، أما المطلب الثاني وهو تهذيب التراث كما يحدث في تهذيب "ألف ليلة وليلة" من الفحش والأدب المكشوف وفقاً لحكم قضائي يقضي بحذف ما يتعارض مع الآداب كي نتمكن من تدريسها بالمدارس.





    * كيف تنظرون إلى الاحتلال الأمريكي للعراق؟.

    ** الحرب التي شنتها أمريكا وحلفاؤها على العراق هي حرب مقاصدها معلنه من قبل الأمريكان أنفسهم، فعلى لسان وزير الخارجية الأمريكي السبق قال: إنها حرب تبدأ بالعراق لأحداث تغيير شامل في المنطقة على النحو الذي يحقق مصالح أمريكا وينهى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ومنذ عقود كتب نيكسون في كتابه "انتهزوا الفرصة" يقول: إن أمريكا ليس لها في الشرق العربي إلا النفط وإسرائيل، وأمريكا بعد سقوط المنظومة الشيوعية أعلنت أن القرن الحالي هو قرن الإمبراطورية الأمريكية التي لا تريد قطباً آخر ولا شريكاً ولا منافساً في الهيمنة الامبريالية على العالم، وحتى تحقق هذا خطط مفكرو اليمين الديني في الحزب الجمهوري منذ سنوات للسيطرة على منابع الطاقة في العالم حتى تستطيع أمريكا التحكم في القوة الصناعية في العالم فتمنع قيام قطب منافس أو شريك في النظام الدولي، ولهذا ذهبت إلى أفغانستان وأقامت أكثر من 10 قواعد عسكرية في جمهوريات آسيا الوسطى للهيمنة على بترول بحر قزوين، وحتى تكون على حدود القوى المرشحة للنمو مثل الصين والهند وروسيا. وهى تلعب نفس الدور في منطقة البحيرات الأفريقية عبر ورقة الأقليات في السودان، من أجل السيطرة على النفط هناك.





    * لماذا ترفض النموذج الأمريكي؟.

    ** النموذج الأمريكي مرفوض رفضًا كاملاً من وجهة النظر الإسلامية لثلاثة أسباب أساسية:

    السبب الأول: أن النموذج الأمريكي توءم للنموذج الصهيوني، فالولايات المتحدة تأسست على إبادة شعب وحضارة، وإحلال مستوطنين غرباء محلهما أتوا بهم من أوروبا إلى أمريكا. ففلسفة إقامة وتكوين هذا النموذج هي نفس الفلسفة الصهيونية "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".

    والسبب الثاني: أن من سمات هذا النموذج المرفوض هو تمثيله للرأسمالية الليبرالية المتوشحة. والولايات المتحدة ترى أنها يجب أن تسود العالم إما حربًا أو سلمًا، من خلال صراع أو صدام الحضارات. ولقد لفرض هذا النموذج عبر استغلال برامج التنمية في مؤسسات التمويل الدولية، مستغلة حاجة الشعوب الفقيرة للقروض لتمويل عمليات التنمية. وقد فرضت تطبيق هذا النموذج عبر وصفة إجبارية لم تكن مناسبة لكثير من المجتمعات التي فُرِضت عليها، أو كانت قد تم تطبيقها في مجتمعات مشابهة فجرَّت الخراب والدمار.

    والسبب الثالث: أن النموذج الأمريكي يمثل في هذا الوضع الراهن جنون القوة في تعامله مع العالم وخاصة العالم الإسلامي. فلقد تطورت علاقة أمريكا بالشعوب الطامحة للاستقلال والحرية من مرحلة سياسة القوة إلى مرحلة غطرسة القوة إلى المرحلة الحالية وهي جنون القوة. وهذا النموذج في وضعه الراهن يجمع ما بين القارونية من ناحية، والفرعونية من ناحية ثانية؛ ولذلك لا يمكن أن يكون مقبولاً من وجهة النظر الإسلامية بل ولا حتى من وجهه النظر الإنسانية المتحرر.





    * هل الغرب كله شيء واحد؟.

    ** إنني أدعو إلي توخي الحذر عند رؤيتنا للغرب، فنحن يجب أن نميز بين الإنسان الغربي، وهذا لا مشكلة لنا معه بل إنه يفتح عقله وقلبه للإسلام ولقضايانا العادلة إذا نحن أحسنّا عرضها عليه وهذا الإنسان الغربي هو في الحقيقة ضحية للإعلام الغربي وللموروث الثقافي الغربي المليء بالمغالطات في ما يتعلق بالإسلام فهو أي الإنسان الغربي ضحية أكثر منه جانياً.

    الشريحة الثانية في الغرب هي العلم الغربي وهذا لا مشكلة لنا معه بل إننا مدعون إلى طلبه وتعلمه والتلمذة علي أهله فهو مشترك إنساني عام.

    أما المشكلة في ما يتعلق بالغرب فهي المشروع الغربي مشروع الاستعمار والهيمنة والاستغلال وهذا المشروع يمثل بالنسبة لنا مشكلة ليس لأنه غربي فنحن انطلاقا من الإسلام نؤمن بالتعددية الدينية والثقافية والقومية والحضارية ونؤمن أن العالم يجب أن يكون منتدى حضارات تتعايش وتتفاعل وتتمايز في الخصوصيات الثقافية، لكن الذي يجعل المشروع الغربي مشكلة لنا هو أن الحضارة الغربية ذات نزعة مركزية تجعلها تؤمن بأن الحضارة بدأت بالإغريق والرومان وانتهت بالنهضة الأوروبية وأن النموذج الغربي الحضاري هو الحضارة الإنسانية والعالمية الوحيدة وعلي الآخرين تقليدها والتبعية لها والذوبان فيها، أي أن المشروع الغربي هو بحكم نزعته المركزية ينفي المشاريع الحضارية الأخرى وفي مقدمتها المشروع الحضاري الإسلامي.





    * الحركة الإسلامية متهمة بممارسة الديكتاتورية عندما تصل إلى الحكم، كما حدث في السودان، وأفغانستان، وحتى قبل الوصول إلى الحكم أو حال الوصول إليه كما حدث في الجزائر عندما هاجم نائب رئيس جبهة الإنقاذ الديمقراطية، وأيضا في مصر انتقد الكثيرون تجربة الإخوان في النقابات المهنية وقالوا إنها كانت غير مشجعة، حيث كانوا يرفضون أن يشاركهم غيرهم إدارة النقابات ... كيف تردون على هذه الاتهامات؟.

    أنا أولاً لي ملاحظات على التيارات الفكرية جميعها من حيث الموقف من الشورى والديمقراطية، وأنا أيضا أتساءل: هل الليبراليون عندما حكموا في بلادنا كانوا ديمقراطيين؟! هذا لم يحدث، التطبيقات الديمقراطية عند من يدعون الليبرالية كانت حكماً لفئة من الإقطاعيين أو الرأسماليين، بينما كانت جماهير الشعب محرومة، ولو نظرنا إلى الأحزاب الليبرالية فسوف نجد أن زعامتها وقيادتها كانت احتكاراً لفئة من الناس.

    والأحزاب والتيارات القومية هي التي أقامت الديكتاتوريات والنظم الشمولية على مساحة العالم العربي بأكمله، فالمناخ الذي نعيشه يعاني من سلبيات كثيرة فيما يتعلق بالديمقراطية والتوجهات الشورية. نأتي إلى قضية الإسلاميين وأنا لا أبرئ التيارات الإسلامية أن لديها أيضا هذه المفاهيم الخاطئة فيما يتعلق بالديمقراطية والشورى، لكنها قد تكون أفضل من غيرها في هذا المجال، أنا لا أدري ماذا ستفعل إذا وصلت إلى الحكم، لأن هذا في علم الغيب، لكني أتصور أن كثيراً من الحركات والجماعات الإسلامية لها في تنظيماتها مجالس شورى، وتتحدث كثيرا عن موضوع الشورى.

    أما فيما يتعلق بالتطبيقات فبخصوص التجربة السودانية فإن لها ظروفا وملابسات تجعلني أتروي في الحكم عليها، لأن الحركة السياسية في السودان كانت حركات صوفية قبلية ذات طابع إقطاعي، وهذا واضح عند الختمية والأنصار، وكانت حركات حديثة أغلبها أحزاب يسارية محدودة التأثير والعدد. أما الحركة الإسلامية في السودان فهي الحركة الحديثة القائمة على تنظيم غير قبلي وغير إقطاعي، فهي تجمع ما بين التوجهات الحديثة وبين المرجعية الإسلامية. ثم إن السودان له خصوصية، فلديه عدد من الثقافات وليس ثقافة واحدة، وليس شعبا واحداً ولا ديانة واحدة، ولا عرقاً واحداً، ولا لغة واحدة، وهذا يجعل للسودان خصوصية تجعلنا نحبذ أن تعطى له فرصة قبل الحكم على هذه التجربة مع التسليم بأنه ليس هناك نظام حكم، سواء كان إسلاميا أم غير إسلامي، يمكن أن يمثل المثال الذي نريده، فدائما هناك فارق بين المثال والواقع، فنحن حينما نتحدث عن الشورى والديمقراطية فإن القضية ليست مثلاً وأحلاماً.

    أما بخصوص التصريحات التي صدرت عن بعض الإسلاميين في جبهة الإنقاذ في الجزائر، فجبهة الإنقاذ جبهة وليست تنظيما متحداً، وهي لها من اسمها نصيب فهي تيارات مختلفة ومستنيرة، ومن هنا فطبيعي أن يكون داخلها وجهات نظر مختلفة، وأن نسمع بعض التصريحات السلبية عن الديمقراطية.

    وأحيانا فإن الإعلام المعادي يركز على خطبة قالها خطيب مجهول أو تصريح قد يكون لصاحبه تفسيرات معينة، وحتى لو قال "على بلحاج" نائب رئيس الجبهة إن (الديمقراطية كفر) فهو يقصد أنها تعطي الأمة سلطة التشريع حتى أنها تحرم الحلال وتحلل الحرام، وهذا موجود في بعض الدول الأوروبية كأن يكون للشذوذ الجنسي قانون، وللزنا بالتراضي قانون.. الخ، لأن فلسفة الديمقراطية في النظام الغربي هي أن الأمة مصدر السلطات بشكل مطلق وليس هناك سقف على سلطة الأمة، لكن الديمقراطية كمؤسسات وآليات وتجربة إنسانية فيها النظام النيابي، والانتخابات، والرأي العام، وتبادل السلطة. كل هذا لا يختلف مع الإسلام ولا مع الشورى الإسلامية، وهنا يجب ألا يعزل التصريح عن سياقه وملابساته ومقاصده، وألا يعمم.

    أما قضية الإخوان فهم لهم أدبيات معينة تلتزم بالديمقراطية، وتبادل السلطة، والتعددية، والشورى، والاقتراع، بل إن لهم تصريحات كثيرة تتحدث حتى عن قبولهم لأحزاب شيوعية، وأن الحكم هو الأمة، وأنا بالنسبة لأي حزب أو جماعة أحاكمها بناء على أدبياتها ولا أتحدث عن النوايا لأن بعض الناس يريد أن يحاكم الناس ولو فعلنا ذلك نستطيع أن نرفض كل الناس، لأنه لا يعلم النوايا إلا الله، ونحن نتعامل مع الناس فيما يتعلق بالحياة الدنيا بالظاهر والمعلن، وأنا أقول إنه ليس هناك تيار سياسي في عالمنا العربي والإسلامي يستطيع أن يكون نموذجا للحكم والمثال الذي نتحدث عنه.

    لكن على مستوى الواقع "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر"، فأين هو التيار الديمقراطي الحقيقي الذي من حقه أن يحاكم الآخرين على سلبياتهم الديمقراطية.
    دا وانتي مطلعه عيني ... بحيك مووت

  • #2
    * وصل الصدام بين الحركات الإسلامية والحكومات إلى أعنف مدى، حتى وصل إلى الصراع المسلح وأعمال العنف. هل كان هذا الصدام لازما لا فكاك منه؟ وما هي الآليات التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه الآن؟.

    ** لا أنكر أن هناك فصيلاً، وهو بالمناسبة محدود العدد والتأثير في الظاهرة الإسلامية، يؤمن بالعنف، وهذا الفصيل نشأته حديثة.

    نحن نميز بين أمرين، الأول: حوادث عنف، وهذه موجودة منذ أن نشأت الدنيا منذ قابيل وهابيل، وموجودة في تيارات فكرية كثيرة، فالعنف قانون في التيار اليساري، لأن الثورات الحمراء واستخدام العنف وتغليب طبقة على طبقة هذا عنف.

    والتيارات الانقلابية التي تلجأ إلى الانقلابات العسكرية في العالم العربي هي تيارات عنف، التيار القومي تيار انقلابي وقام بحركات عنف واستولى على السلطة في عدد من البلاد، وهذا عنف، وهناك في الحركة الإسلامية فصائل للعنف.

    مثلا "حزب التحرير" يؤمن بالاستيلاء على السلطة بواسطة الجيوش والانقلابات العسكرية. العنف في الحركة الإسلامية أصبح له نظرية منذ المحنة التي تعرض لها الإخوان المسلمون في 1954 ثم في 1965، وأعتقد أن "سيد قطب" – رحمه الله - كان أول مصري ينظر للعنف. فلم يعد العنف مجرد حادثة فردية إنما أصبح هناك نظرية ترفض الواقع، تحكم عليه بالكفر والجاهلية وتستعلي على هذا الواقع وتدعو إلى تغييره بالعنف.

    فسيد قطب لم يكن منظراً للعنف الفردي والعشوائي الذي رأيناه في مصر، لأن هذا لون من العبث، لكنه كان منظراً لعنف ثوري، أي أنه يثور المجتمع ويحضر المجتمع الإسلامي والتيار الإسلامي لكي يقوم بعمل عنيف وثورة تغير الواقع الجاهلي الذي يتحدث عنه.

    سيد قطب قبل محنة السجن كان مفكراً مستنيراً وعقلانياً وكتاباته من الاجتهادات المبدعة في الفكر الإسلامي، ولكن عندما وضع في المحنة والمحرقة حدثت تغيرات في فكره، ورفض الواقع، وأصبحت القضية بالنسبة له "أبيض وأسود" ، كل ما يقوله الآخر الذي يمتحنه ويقهره ويعذبه ويسجنه فهو رافض له، فبعد أن كان يتحدث عن العدالة في الإسلام أصبحت الاشتراكية بالنسبة له كفراً، وكذلك القومية، فقد غالى إلى الحد الذي تحدث فيه أن الأمة ارتدت وأن معتقدات الناس أصبحت شركاً. فالذي أدى إلى هذا هو المحنة، فالعنف والتنظير له ولد في السجون، ولذلك فالسبيل للخروج من هذا الفكر الجامد والمغلق هو أن تتاح فرص وقنوات للعمل الشرعي والسلمي والقانوني أمام كل تيارات الفكر، وأنا لا أميل إلى تقييد أي لون من ألوان الفكر، حتى الفكر الذي أرفضه ولو كان كفراً، لأن صاحب الاجتهادات التي تؤدي إلى الكفر قمعه يجعله شهيداً ويصبح له أنصار، لكن إذا تركناه يقول ما يقول سيرفضه الناس وسيفلس أمام الجماهير.

    ونحن على مدار تاريخنا الإسلامي كانت الأفكار الشاذة موجودة، وعندما كانت تقيد هذه الأفكار كان يصبح لها سلطان.

    يجب أن يتاح التعبير للجميع حتى الفكر المتطرف، وأنا لا أخاف التطرف الفكري، لأن الأمة سترفضه لكن أرفض العنف الذي يفرض الأفكار، فلو أن إنساناً لديه فكر متطرف دعه يقوله، فلو سمحت له بجريدة مثلا سوف تجعله يراجع أفكاره قبل أن يكتبها، لكن إذا منعت ذلك عنه فسوف يكتب في الظلام كل الانحرافات التي وقعت في ذهنه، ولذلك فإن إتاحة العمل القانوني والشرعي والسلمي أم تيارات الفكر هي أهم السبل للقضاء على ظاهر العنف.

    فالعمل السري والعنيف يعطي صاحبه نوعاً من الكبرياء الكاذب والأهمية الخادعة لأنه يتصور أنه موضوع لأنه مهم فتتضخم الذاتية عنده.





    * البعض يتهم الحركات الإسلامية بأنها لم تقطع علاقاتها بالحكومات فقط، بل قطعتها أيضا بالتيارات الأخرى داخل مجتمعاتها، فهل العنف والتدابر صفة ذاتية في هذه الحركات؟ وهل يمكن أن يلتقي الإسلاميون مع بقية التيارات الأخرى؟.

    ** هذا السؤال قد يكون فيه تعميم، لأني أرى أن الحركة الإسلامية في الأردن مثلا تحالفت مع التيارات السياسية والفكرية الأخرى في كثير من القضايا مثل الموقف مع التسوية السلمية مع إسرائيل، وقضية الحريات والديمقراطية.. الخ. كما أن الحركة الإسلامية في اليمن شاركت في السلطة وتحالفت تحالف مع "حزب المؤتمر الشعبي" وخاضوا معا حربا ضد التيارات الانفصالية، وبالتالي فليسوا غرباء عن العمل المشترك والعمل الجبهوي، حتى في السودان كثير من فصائل التيارات السياسية والحزبية الأخرى تعاونوا مع الجبهة القومية الإسلامية، وفي مصر دخل "الإخوان المسلمون" الانتخابات مع الوفد عام 1984م، ودخلوا في التحالف الإسلامي مع حزبي العمل والأحرار عام 1987م، وأيضا شاركوا في عمل مشترك كثيراً مع الأقباط والوفد والشيوعيين والأحرار في كثير من القضايا، بل إنه كان هناك مشروع للاتفاق على الحد الأدنى للعمل المشترك بين التيارات الفكرية والسياسية بما فيهم الإخوان.

    إن إتاحة فرصة العمل السياسي الشرعي والقانوني هي التي تشجع الحركات على العمل المشترك، لكن عندما نمنع الحركات الإسلامية ونحجر عليها فكيف يقومون بعمل مشترك إذا كان عملهم في حد ذاته مجرما وممنوعاً؟.

    إنني أدرك أن العمل الجبهوي والتعاون بين تيارات الفكر يحتاج إلى أفق واسع وتجارب وتدريب، وأتصور أن كل تياراتنا الفكرية والحزبية عندها قصور في ذلك، الأحزاب في أحيان كثيرة تتصرف بروح القبيلة، ولذلك هناك نقص في التعاون بين الأحزاب السياسية بشكل عام، لكن بالذات أمام المخاطر الخارجية التي تهدد الأمة ووجودها وهويتها نجد تعاوناً وعملاً مشتركا بين تيارات الفكر والتنظيمات السياسية في بلادنا.

    أنا معك نحن في حاجة إلى أن ننمي روح العمل الجماعي والمشترك، وهناك إيجابيات موجودة في أرض الواقع، وفي العقود الأخيرة كانت هناك أمور مشجعة.





    * بصفتك مفكراً إسلامياً تهاجم العلمانية ورموزها، كيف ترى مستقبل العلمانية في مصر والعالم العربي؟ وهل أسهم الفكر الإسلامي الحديث في إضعاف العلمانية أم في استفزازها وتنشيطها وإشعالها؟.

    ** الاستفزاز والإشعال قائم في شريحة الغلو العلماني وليس في العلمانيين كافة، فنحن كما قلنا فهناك غلو ديني يحكم على المجتمعات بالجاهلية والكفر، ويتخذ العنف سببا للتغيير. وفي نفس الوقت هناك غلو علماني يجري في الثوابت والأصول والمعتقدات، أي يضرب في القرآن، والنبوة والرسالة، ويتحدث عن تاريخية النصوص ويرى نسخ الشريعة.

    وما نحن بصدده الآن ليس العلمانية بشكلها الجزئي التي تتخوف من التطبيقات الإسلامية والدولة الإسلامية، وإنما نحن بصدد ظاهرة غلو علماني تستفز الحس الإسلامي، وتجرح المعتقدات والثوابت الإسلامية. والمد الإسلامي وانعطاف الأمة وبحثها عن الحلول الإسلامية والبديل الإسلامي في التقدم والنهضة قلص مساحات الفكر العلماني.

    ونحن نشهد الآن كثيرا من المثقفين العلمانيين يشكون من الإفلاس، انصرف عنهم الجماهير، فأنت الآن لو عقدت "ندوة إسلامية" تجد جمهوراً لكن لو عقدت "ندوة علمانية" لا تجد جمهوراً رغم أن في يدهم السلطة والإمكانات والتمويل وأجهزة الإعلام، لكن الشارع ليس معهم وهذا من أسباب الاستفزاز عندهم فيشعرون بحالة من الإحباط تجعلهم في حالة من التوتر، وهذا هو الذي يصعد من لهجتهم في مواجهة الإسلام.

    وهذا ينعكس حتى في الأحزاب، فالأحزاب العلمانية على حد تعبير أحد العلمانيين يقول: إنها "مصابة بجفاف جماهيري" ونحن نرى أحزابا تعطي مقرات ورخصاً ودعماً وليس داخلها أحد، بينما التيار الإسلامي الذي يصلب ويضرب يقبل عليه الناس. وهذا دليل على أن الظاهرة الإسلامية لها رصيد في عقيدة الأمة وتفكيرها، فالناس بالفطرة مؤمنة، وتطمئن للحل والنموذج الإسلامي، فالناس جربت الحل الإسلامي والنظام الإسلامي لأكثر من ثلاثة عشر قرناً، أما الحديث عن النمط الغربي فجديد على الأمة، وكل تجاربه بألوانه المختلفة لا تؤتي ثمرة طيبة. بينما الناس تدري أن الذي صنع لها الدولة والأمة والعقيدة والشريعة هو الإسلام، فضلا عن أنه هو السبيل إلى الدار الآخرة التي هي خير وأبقى. العلمانية حل غربي لمشكلة غربية، فقد كانت هناك كهانة وكنيسة تحكم بالحق الإلهي، وتجعل الدنيا ديناً خالصاً وتحجر على العلم.

    وأمام هذا الغلو الديني جاء غلو علماني لا ديني رفض أن يكون للدين مدخل في عمران الحياة الإنسانية. وإذا كانت العلمانية حل غربي لمشكلة غربية فإن الإسلام لا يعرف هذه المشكلة فهو ليس فيه كهانة، ولا حكم بالحق الإلهي، ولا عصمة لبشر، ولا عصمة لاجتهاد بشري ومن ثم فليس عندنا المشكلة التي تستدعي العلمانية، والعلمانيون عندنا يبذرون بذرة في أرض غير قابلة لنمو هذه البذرة. وحتى عندما تفرد العلمانيون بالعمل في المجتمعات الإسلامية لم تكن لهم جذور في الواقع الإسلامي.





    * الحركة الإسلامية متهمة بأنها سطحية وليس لديها عمق ثقافي وأنها تربي أبناءها على الشعارات. ما هو رأيكم في هذه المقولة؟.

    ** تعبير الحركة الإسلامية تعبير واسع، فإذا أردنا بالسؤال الإشارة إلى الفصائل التي تنحاز إلى العنف والجمود، فأنا معك أن أغلب هذه الحركات بضاعتها شعارات وتخلوا أدبياتها إلى حد كبير من العمق والموضوعية والفقه بالمعنى الإسلامي، أما إذا كان الحديث عن الحركات الوسطية المعتدلة فإن هذه التعميم يصبح ظالما، لأن لدى الكثير من الحركات الإسلامية الوسطية أفكار ورؤى وتصورات وكتابات وأيضا إبداعات فكرية على مستوى طيب، صحيح أنها لا تلبي الطموحات التي نريدها لكن إذا قارنتها بغيرها من الحركات الفكرية في الإطار القومي اليساري لن تجدها فقيرة في الناحية الفكرية.

    أما إذا كانت الإشارة إلى تيار المفكرين والمجددين والذين لهم استقلالية عن التنظيمات والحركات الإسلامية لكنهم يبدعون مشروعا حضاريا إسلاميا أو بديلا إسلاميا للنموذج الغربي في التحديث، فأنا أعتقد أن المكتبة الإسلامية في العقود الأخيرة بها العديد من الكتب والدراسات والاجتهادات التي تقدم رؤية الإسلام في كثير من القضايا وملامح وقسمات المشروع الحضاري.

    ومن هنا فلا أوافق أن يكون المعني هو تيار التجديد والتفكير والاجتهاد الإسلامي، فهذا التيار منذ جمال الدين الأفغاني إلى محمد عبده إلى الكواكبي إلى المراغي إلى شلتوت إلى رشيد رضا إلى وضعنا الراهن، أقول إن لدينا تيار فكري مجدد ومجتهد ومبدع وله اجتهادات تمثل معالم لمشروع حضاري. وهكذا فإننا إذا نظرنا إلى الظاهرة الإسلامية، وليس الحركة الإسلامية، فلن نستطيع أن نحكم عليها بأنها فقيرة من الناحية الفكرية.
    دا وانتي مطلعه عيني ... بحيك مووت

    تعليق


    • #3
      * العلمانية في أوروبا عادة ما ترتبط بالديمقراطية وحرية العبادة والأديان، ولكن عندنا في الدول العربية عادة ما تشتبك مع الدين، كيف نفك هذا التداخل؟.

      ** أريد أن أفك الارتباط المزعوم بين الديمقراطية وبين العلمانية، لأنه من الممكن أن تكون هناك مجتمعات ديمقراطية وليست علمانية، ويمكن أن تكون هناك مجتمعات علمانية وليست ديمقراطية، فالمجتمع الشيوعي هو مجتمع قمة في العلمانية الثورية الملحدة، ومع ذلك هو مجتمع غير ديمقراطي.

      والمجتمعات الفاشية والنازية مجتمعات علمانية وغير ديمقراطية، والذين يربطون في مجتمعاتنا حقوق الأقليات الدينية بالعلمانية مخطئون لأن التعددية الدينية في المجتمعات الإسلامية حقيقة تاريخية، يعني حيث كان الغرب يرفض التعددية الدينية بل ويرفض التعددية المذهبية حتى داخل النصرانية، وقد كان هذا هو حال المجتمع الغربي طوال تاريخه يعني المجتمع البروتستانتي يقتل غير البروتستانتي، والمجتمع الكاثوليكي يقتل غير الكاثوليكي، وهكذا، بينما جعل الإسلام الحفاظ على الآخر الديني جزءً من العقيدة الدينية فلا يكتمل إيمان المسلم إلا إذا آمن بكل الرسل والرسالات السابقة وأيضا إلا إذا أمن غير المسلم على ذاته ونفسه، وأبنائه وأمواله، وكنائسهم وصلبانهم وعقائدهم. أي أن حماية الآخر الديني جزء من العقيدة الإسلامية، ولذلك عاشت الشرائع والملل الأخرى في بلادنا على مر التاريخ الإسلامي، ففي مصر ظهرت أقدم كنائس الدنيا في ظل الإسلام.

      بل إنني ألفت النظر إلى حقيقة هامة، فنحن عادة نضرب المثل بمصر في التسامح الديني وفي التعايش والإخاء. وهذا التعايش والتسامح ثمرة إسلامية وليس ثمرة مصرية، فالشخصية المصرية قبل الإسلام لم تكن شخصية متسامحة، تأملي معي مصر الفرعونية عندما جاءت ديانة إخناتون اضطهدت وأبادت معابد آمون واضطهدت كهنته وأبادتهم، وعندما هزمت الأخناتونية اضطهد كهنة آمون الاخناتونيين وأبادوهم، وعندما دخلت النصرانية مصر قبل الإسلام كانت ديانة مضطهدة من الوثنيين، وكلما قويت كانت تبيد الوثنيين فتدمر المعابد، وتحرق المكتبات، وتسحل الفلاسفة الوثنيين. بل إن الدولة الرومانية عندما كانت على وثنيتها كان حكامها في مصر يضطهدون الأقباط المصريين، وأقباط مصر يؤرخون بـ "عصر الشهداء" أي الشهداء في العصر الروماني، حتى بعد أن تدينت الدولة البيزنطية بالنصرانية كان لها المذهب الملكاني وكان غير المذهب المصري، وكان هناك اضطهاد، وظل أقباط مصر مضطهدين حتى في ظل المسيحية الملكانية البيزنطية. فقط عندما جاء الإسلام فإن عمرو بن العاص هو الذي استدعى المضطهدين من المغارات والجبال والصحاري ورد إليهم كنائسهم التي كانت مغتصبة من النصارى الملكانيين البيزنطيين.

      ومنذ الفتح العربي الإسلامي لمصر بدأت التعددية في مصر، والذين يأتون بالعلمانية الآن لكي تكون حلاً لمشكلة الأقليات، أقول لهم إن العلمانية حل غربي جاءنا في ركاب الغزوة الاستعمارية الحديثة التي جاءت تقهر القبطي والمسلم معا، فهل تكون حلا للأقليات في مصر؟!

      الحل هو المشروع الحضاري الذي يمثل هوية الأمة بأغلبيتها وأقليتها، وأحيانا أتساءل: لو أنني قبطي مصري، أيهما أولى لي: أن أحكم بالفقه الإسلامي الذي هو فقه عربي إسلامي واجتهاد وطني؟ أم بقانون نابليون الذي جاءنا ليحتلنا ويقهرنا مسلمين وأقباطاً؟.

      إن كرومر كان يحتقر الأقباط المصريين لأنهم شرقيون ولكنه لا يستطيع أن يميز بينهم وبين المسلمين. لذلك فالوحدة واضحة عندنا في الشعب والأمة والدولة والثقافة والفلسفة والقيم والنظرة للكون.

      ولحسن الحظ فإن الشريعة الإسلامية كتدبيرات مدنية لشئون الدنيا ليس هناك بديل نصراني لها، وبالتالي فإن حكم الشريعة الإسلامية ليس بديلاً لشريعة النصرانية وإنما هو بديل لعلمانية غربية.

      فإذا كان المسيحي المصري يتقبل القانون الروماني فهل يتقبل قانون الرومان الذين قتلوا أجداده وأصبح يؤرخ بقتلاهم وشهدائهم، ولا يقبل القانون الإسلامي الذي حرره من هذا الاضطهاد؟ بالمنطق الديني والدنيوي، ليس هناك أي مبرر لاستدعاء العلمانية كحل لمشكلة الأقليات. لقد كنت في حوار إسلامي مسيحي في عمان وجاء قسيس إيطالي كاثوليكي يقول: إن الحل هو العلمانية، فقلت له أنت قسيس وتقول هذا؟ هل عندما يكون لك ابن أيهما يطمئن قلبك: أترسله إلى مدرسة متدينة تعلمه أن لهذا العالم خالق؟ أم ترسله إلى مدرسة علمانية تعلمه أن هذا العالم بدون خالق؟ إن آخر شيء يمكن أن يفكر فيه أي مؤمن بأي دين من الأديان هو أن يحتكم إلى العلمانية لأنها عندما بدأت، بدأت عدواناً على النصرانية في الغرب، فكيف يتبناها المسيحي في الشرق وهي في بداياتها عدوان على القيم الإيمانية والحكم النصراني في الغرب. وعلى هذا فالأقليات تلتمس كامل المواطنة في مشروع الأمة الحضاري وليس في المشروع الذي يخترق أمن الأمة.





      * نسمع كثيرا عن الحوار بين الأديان والحضارات، على أي أساس يمكن أن يقوم هذا الحوار؟ وما هي الضمانات التي تحول دون تحوله من حوار حقيقي إلى غزو فكري وفرض للآراء؟.

      ** الحوار ليس فقط فضيلة إسلامية، إنما هو فريضة إسلامية، لأن الإسلام هو الذي يجعل التعددية في الشعوب والقبائل.. في الألوان وفي الألسنة.. في المناهج والشرائع، أي في الملل والحضارات، يجعل هذه التعددية سنة من سنن الله التي لا تبديل لها ولا تحويل.

      وإذا كانت صورة التعددية في الرؤية الإسلامية [ ولا يزالون مختلفين] والمفسرون يقولون: للاختلاف خلقهم. وحتى ظهور الإسلام على الدين كله ليس معناه أن الإسلام ينفرد بالبشرية، إنما معناه ظهور الحلول الإسلامية حتى في البلاد التي لا تدين بالإسلام.

      فإيطاليا الكاثوليكية حينما تأخذ بالطلاق فهنا يكون ظهور الإسلام على الدين كله، فرغم أنها على كاثوليكيتها لكن لجأت إلى حل الإسلام، ولما تدرس بعض البلاد الغربية الآن النظام الإسلامي اللاربوي لأنها ترى أن في هذا حل لمشكلة التضخم فهذا ظهور على الدين كله. دون أن يكون الإسلام هو الذي سيزيح هذه الأديان، لأن التعددية في الملل سنة من سنن الله التي لا تتخلف [ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ].

      فالتعددية هي السر الذي يجعل هناك حوافز للتسابق، لكن لا يمكن أن يكون هناك تعدد بلا حوار، ولأن الإسلام يؤمن بالتعددية فهو يؤمن بالحوار، لكن شرط الحوار أن يكون المتحاورون يعترف كل منهم بالآخر، فالذين يتحدثون عن الحوار بين الحضارات أو عن الحوار بين الأديان هؤلاء إما مخدوعون وإما عابثون، نحن نعترف بالنصرانية وباليهودية، لكن هؤلاء لا يعترفون بنا، فكيف نتحاور مع من لا يعترف بنا؟ إن الشرط الأول واللبنة الأولى للحوار أن يكون هناك اعتراف متبادل من الفريقين.

      إن صورة عيسى وأمه في الإسلام ليس بعدها قداسة وإجلال، وصورة موسى، وهارون وأنبياء بني إسرائيل في التصور الإسلامي في غاية من القداسة، بينما صورة الإسلام والقرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم عند الآخرين في غاية من السوء.

      ولذلك فإنني أدعو الآخرين إذا كانوا جادين في الحوار مع الإسلام والمسلمين أن يعترفوا بالإسلام كدين.

      نحن نعترف بأن التوراة والإنجيل أصابها بعض التحريف إنما هم رأيهم في القرآن أنه كله هرطقة، وكله تأليف من عند محمد صلى الله عليه وسلم. فمطلوب إذن الاعتراف بالإسلام كدين سماوي، وإذا قال أحد إن هذا صعب بالنسبة لهم لأن فيه تغيير لبعض معتقداتهم فأنا أقول إنهم غيروا في نظرتهم لليهود، وبعد أن كانوا يلعنونهم في الصلوات ويتحدثون عنهم باعتبارهم هم الذين قتلوا وصلبوا المسيح غيروا هذا وصدرت منهم مواثيق جديدة تبرئ اليهود. إذن فالتغيير قائم وممكن، أم هو حلال مع اليهود وحرام مع الإسلام؟!.

      أما بالنسبة للحوار بين الحضارات فإن الغرب يعتبر نفسه الحضارة العالمية والإنسانية والوحيدة، ويدعو الآخرين إلى الاقتداء به والتبعية له، فهو لا يعترف بنا كحضارة متميزة. ونحن نقول: الغرب حضارة متميزة، الإسلام حضارة متميزة. هم يريدون العالم تابعاً للمركز الغربي، ونحن نريد العالم منتدى حضارات فيه عضوية لمختلف الحضارات، نتعاون فيما اتفقنا فيه ونتحاور فيما نحن متميزون فيه، نتفق في العلوم الطبيعية التي لا تختلف حقائقها، ونتمايز في الآداب والثقافات والفنون والمعتقدات التي تختلف من بلد إلى بلد، ومن حضارة إلى حضارة.

      إذن فلا بد لكي يكون هناك حوار حقيقي بين أطراف متعددة أن يكون هناك اعتراف بالتعددية، واعتراف بنا كدين سماوي، واعتراف بالحضارة الإسلامية كحضارة متميزة، ثم نبحث في نقاط الالتقاء والتمايز.

      ولكن كيف يكون بيننا حوار وهناك مؤتمرات تنصير تعلن أن هدفها تنصير العالم الإسلامي بكامله؟ قد يقول قائل إن هذا من سبيل الدعوة إلى الدين والمسلمون يدعون إلى دينهم فمن حق النصارى أن يدعوا إلى دينهم. أقول لو كان هذا في إطار حرية الدعوة إلى الدين لقبلناه، لكن الآخر لو كان داعية للنصرانية لتخلق بالأخلاق الدينية في الدعوة، لكنه يعترف بأنه يصنع الكوارث في العالم الإسلامي ليحدث الاهتزاز والخلل في التوازن كي يحول الناس عن دينهم. يحدث الكوارث في البوسنة والهرسك وفي الصومال وفي أفغانستان كي ينصر الناس في سبيل جرعة دواء أو لقمة عيش. فهل الوصول للدين يكون عبر وسائل وأساليب غير دينية وغير أخلاقية؟. ثم أنا أسأل: أوروبا الآن تنصرف عن النصرانية، فكيف يتركونها بلا تنصير ثم يذهبون لينصروا العالم الإسلامي؟. كان من الأولى أن ينصروا أوروبا أولا. إن الكنائس تغلق في أوروبا وينصرف عنها الناس إلى المادية، واللامبالاة، والشك، والإلحاد.. أي ينصرفون عن النصرانية. إذن القضية ليست مجرد دعوة إلى الدين وإلا لبدءوا بدينهم، ولكن القضية أن التنصير ومنذ تاريخه، والاستشراق، أصبحا جزءً من المد الاستعماري والامبريالي الغربي. وبالتالي فنحن لا نطمئن لدعوات الحوار طالما أن هذه المواقف اللا أخلاقية هي أساس التنصير.
      المصدر : مفكرة الاسلام
      انتهي
      دا وانتي مطلعه عيني ... بحيك مووت

      تعليق


      • #4
        الموضوع كبير ياحُس
        لا أقصد طبعاً طول الموضوع أقصد المضمون
        والله المستعان
        أبواسلام.
        كثر المتساهلون فى الدين ، فظهر الملتزمون بصورة المتشددين ، فعلى الملتزمين إختيار الأسلوب الصحيح لتوصيل صحيح الدين لغيرهم باللطف واللين0
        رابطة الجرافيك الدعوى

        تعليق


        • #5
          قرأته فجالى صداع
          اوفق ابو اسلام الموضوع كبير..........جدا
          وفى كلام فى النص كدة معجبنيش
          نحن قوم اعزنا الله بالاسلام فاذا ابتغينا العزة بغيرة اذلنا الله

          تعليق

          يعمل...
          X