الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي سعيد الخدرى -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم أخرجه السبعة.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي سعيد الخدرى -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم أخرجه السبعة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن اهتدى بهداه.
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما وعملا يا أرحم الراحمين، ولا تكلنا لأنفسنا طرفة عين، فإنه لا حول لنا، ولا قوة إلا بك، اللهم نعوذ بك أن نزل، أو نزل، أو نضل، أو نضل، أو نجهل، أو يجهل علينا، أو نظلم، أو نظلم.
ثم إن المسائل العلمية، والعملية لا بد لطالب العلم أن ينظر إليها كما نظر إليها أهل العلم من وقت الصحابة -رضوان الله عليهم- إلى وقتنا الحاضر، ونعني بالمسائل العلمية والعملية المسائل التي ميدان بحثها العلم، من حيث معنى الآيات، ومعنى الأحاديث، أو تقرير العقيدة، أو بيان أحكام الفقه، ونحو ذلك، والمسائل العملية التي يجري عليها العمل من حيث تطبيق الأحكام الفقهية على واقع الناس، لا شك أن المسائل العقدية في الجملة مما لا يقبل فيه الخلاف، ولا الاختلاف؛ لأن العقيدة أدلتها واضحة، وهي أمور غيبية أوجب الله -جل وعلا- فيها أن يعتقد المسلم الحق، وقد أوضح الله -جل وعلا- في كتابه الحق في هذه المسائل، وبين ما يجب أن يعتقده المسلم، وأن يعقد عليه قلبه، كذلك بينه المصطفى -عليه الصلاة والسلام- وبينه الصحابة -رضوان الله عليهم- ولهذا تجد أن هذه المسائل العقدية مسائل التوحيد، إذا قررها أهل العلم الذين على منهاج السلف الصالح -رضوان الله عليهم- كسادات التابعين، وأئمة المسلمين الأربعة، وغيرهم إلى زماننا الحاضر من العلماء، الذين تابعوا نهج السلف الصالح، تجد أن عرضهم لمسائل التوحيد، والعقيدة من جهة الحكم واحد، ومن جهة النظر واحد، لكن يختلف العلماء فيما بينهم في طريقة تقرير المسائل، وحسن الأسلوب، وكثرة الأدلة، ونوع الاستدلال، وأشباه ذلك من المسائل التي لا اختلاف فيها من جهة الحكم، وصورة المسألة، وإنما الاختلاف يأتي في عرض المسائل، ولهذا تجد أن جميع طلبة العلم، والطلاب لا يفرقون بين عالم وعالم، أو معلم ومعلم، أو بين درس ودرس، أو بين كتاب وكتاب من جهة سلامة الاعتقاد؛ لأن الجميع يعلمون منهج السلف الصالح في الاعتقاد ويقررونه.
لكن يختلف العالم عن الآخر في طريقة تقرير المسائل، وعرضها، وهذه يتفاوت فيها العلماء من قديم الزمان، أما مسائل الفقه، فالفقه مورده الاجتهاد في أكثر مسائله، إذ المسائل المجمع عليها قليلة بالنسبة إلى عموم مسائل الفقه؛ ولهذا يحصل الاختلاف بين العلماء، وبين طلبة العلم في تقرير مسائل الفقه يحصل الاختلاف من الجهتين:
الجهة الأولى: وهي اختلاف الاجتهاد، وأي الأقوال أرجح، وأي الأقوال أصوب، وما ينبغي أن يلتزم به من جهة العمل، وما عليه الفتوى هذا اختلاف في تقرير المسألة، بينما في تدريس التوحيد لا يختلفون بينما في تدريس العقيدة لا يختلفون، فتجد أن الاختلاف بين من هم على نهج السلف الصالح، ويعتنون بالعلم، والتوحيد، وعلى طريقة أئمة الإسلام تجد أن الاختلاف يحصل بينهم في المسائل الاجتهادية في الفقه، فهذا يقرر كذا، وهذا يقرر كذا إلى آخره.
والجهة الثانية للاختلاف في تدريس الفقه، والأحكام الأحكام الفقهية بعامة: يحصل من جهة صورة تقرير المسائل كيف يصور المسألة؟ كيف يعرض لدليلها؟ كيف يبين وجه الاستدلال؟ معرفة العالم أو المعلم بعلوم كثيرة تفيده في تقرير المسائل، مثلا في معرفة في مصطلح الحديث معرفة بالرجال إذا عرض للأحاديث أحاديث الأحكام، وأيضا بأصول الفقه؛ لأن أصول الفقه منزع الحكم من الدليل، كيف ينتزعه؟ كيف يستدل بالدليل على الحكم.. إلى آخره؟ فهذه يختلف فيها العلماء؛ لذلك الاختلاف في مسائل الفقه ومسائل فقه الحديث، وفقه الأحكام في كتب الفقه يأتي من الجهتين؛ لهذا طالب العلم ينبغي له أن يوطن نفسه على أنه في المسائل في فقه الحديث، وفي فقه الأحكام في مسائل الفقه، أن يكون هناك اختلاف ما بين عالم، وعالم، وطالب علم، وطالب علم، ولا يتصور أن الجميع سيتفقون على قول واحد؛ لأن مدراك الاجتهاد مختلفة، ومدراك الترجيح مختلفة؛ لهذا ذكرت مرة كلمة في بعض الدروس، وأعيدها مختصرة، وهي ما قد يظنه بعض طلبة العلم من أن قول القائل الراجح في المسألة كذا أنه راجح عند كل العلماء، هذا غلط، وليس بصحيح، بل إذا قيل الراجح في المسألة كذا إنما هو راجح نسبي منسوب إلى من رجحه، إذا قال مثلا في العصر الحاضر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز:
والراجح كذا يعني: الراجح عنده في اجتهاده، لا معنى ذلك أن هذا هو الراجح عند شيخ الإسلام ابن تيمية، هو الراجح عند الإمام أحمد، هو الراجح عند فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين، هو الراجح عند العالم الآخر، ونحو ذلك.
إذن فكلمة الراجح التي قد يظن بعض طلبة العلم أنه إذا حضر عند أحد، وقال: إن الراجح كذا، أو أن الدليل دل على كذا أن هذا معناه، أنه هو الراجح في نفس الأمر، يعني: هو الراجح المطلق، لا ترجيح مطلق في المسائل إلا ما اتفق العلماء على ترجيحه، أما ما اختلف العلماء في ترجيح أحد الأقوال على بقيتها، فإن هذا راجح نسبي إضافي يضاف، وينسب إلى من رجح فيقال: الراجح كذا عند الشيخ محمد بن إبراهيم، الراجح كذا عند الشيخ عبد العزيز بن باز، الراجح كذا عند الشيخ ابن العثيمين، ونحو ذلك في نظائرها من المسائل.
لهذا بعض طلبة العلم قد يحضر، ويتشوش إذا سمع مثلا ترجيحا غير الذي ألفه، أو غير الذي حضر به عند العالم الفلاني، أو غير الذي سمع به الفتوى، ونحو ذلك، وهذا مما ينبغي تدراكه حتى لا يتشوش طالب العلم المسائل الفقهية، سواء إذا جاء تقريرها من جهة شرح الأحاديث، أو جاء تقريرها من جهة كتب الفقه، قد يختلف عرضها ما بين عالم، وآخر، وقد يختلف الترجيح -أيضا- ما بين عالم، وآخر.
كذلك إذا نظرنا إلى جهة أخرى، وهي الجهة العملية يعني: المسائل العملية، يعني: إذا نظرت إلى العمل، فإن التعليم قد يختلف عن الفتوى، قد يرجح شيء من جهة الحكم في درس علمي، ولكن إذا جاءت الفتوى تختلف عن الترجيح، وهذا من قديم من وقت التابعين، وأئمة الإسلام قد يختلف تقريرهم للمسألة عن الفتوى، وهذا له أسباب كثيرة، ربما يضيق المقام عن بسطها، لكن كإشارة للسبب أن من أهم الأسباب: أن الفتوى هي تطبيق الحكم على الواقع، والواقع واقع المستفتي، واقع الحال هذا يحتاج إلى معرفة أشياء أخر من القواعد، ومن النظر، ومن العلل تختلف عن النظر النظري في المسألة.
فمثلا نأتي في شرح حديث نقول: وهذا الحديث دل على كذا، فإذا الراجح كذا، ولكن قد يأتي مستفتٍ ويرجح لك غير هذا بناء على الأحوال؛ لأن المسائل فيها تفاصيل، وفيها أحوال مختلفة؛ لهذا تنظر إلى أن عرض المسائل في كتب الحديث، وشرح الحديث غير عرض المسائل في كتب الفقه؛ لأن عرض المسألة في شرح الأحاديث، وقد يكون الحال إذا عرض لها من جهة دروس الفقه يختلف تقريرها، ويختلف تفريع المسائل عنها؛ لأن الحديث يكون مثلا مختصا بمسألة واحدة، وأما كتب الفقه، فهي تشمل المسألة التي دلت عليها السنة، وأيضا مسائل أخر دلت عليها عموم الآيات، أو دلت عليها أدلة أخرى من السنة، أو أقوال الصحابة، أو القياس أو القواعد، أو أقوال الإمام الذي صنف الكتاب في مذهبه، ونحو ذلك.
إذا فالمسائل من جهة التفصيل، المسائل العملية من جهة التفصيل يختلف تقريرها بما بين كتب الفقه، وكتب الحديث، وأيضا من جهة الفتوى يختلف -أيضا- في تقرير المسائل النظري وبين تطبيقها العملي، أيضا ينبغي أن ينظر إلى المسائل العملية من جهة عمل العلماء أحيانا، العالم قد يرجح شيئا، ولكنه في نفسه قد يعمل بخلافه هذا لا يؤخذ مذهبا له، أو قولا له، أو يكون قولا مطردا حتى ينص عليه، مثل ما ذكرت لكم إن ابن تيمية -رحمه الله- عمل بقول الإمام مالك لما سافر إلى مصر في مسألة المسح على الخفين، ما تقيد بثلاثة أيام، بل زاد على ذلك إلى سبعة أيام، والعلماء يقولون: إن العالم قد يعمل بشيء خلاف ما يرجحه لأشياء يقتضيها الحال، أو يقتضيها المقام، ونحو ذلك، وهذا كثير، ونصوا عليه في مسائل، وما من إمام إلا وقد عمل ذلك.
وابن عباس - رضي الله عنه - لما اشتكى عينيه، وقيل له إن هناك دواء نافعا، ولكن معه تمتنع من السجود، وقالوا: شهر أو نحو ذلك، هو لم ير في ذلك بأسا، ولكنه سأل أو استفتى أحد الصحابة، وأظنها عائشة -رضي الله عنها- فقالت له: لا، لا تفعل، فترك ذلك حتى عمي في آخر عمره -رضي الله عنه- هذا، لا من جهة الراجح، من جهة العمل أخذ بفتوى لأجل أن يخلص نفسه من الاجتهاد، الذي قد يكون للنفس فيه حظ، أو قد يكون له في الشأن، فإذا أحيانا يكون الواحد يرجح شيئا، ثم يأتي مسأله يحتاج فيها إلى العمل من جهة التخفيف تارة، ومن جهة براءة الذمة تارة أخرى، فيستفتي غيره ممن يثق به من أهل العلم فيعمل بفتواه.
إذا فينبغي لطالب العلم أن يوسع نظره، وأن يوسع أفقه في النظر إلى المسائل، وفي تلقي العلم من أهله، وألا يجعل الاختلاف في الفروع مثل الاختلاف في العقيدة، العقيدة لا خلاف فيها بين علماء أهل السنة مسائل مجمع عليها، مقررة واضحة، خدمت كثيرا، أما المسائل الفقهية، شروح الأحاديث، والمسائل التي يدخلها الاجتهاد، هذه يختلف فيها، تختلف المسألة بين عالم وآخر، وما بين معلم وآخر، وكيف تقرير المسائل إلى آخره، والمقصود من العلم ليس هو أن يحصل الطالب على الترجيح، على النهاية من أول الطريق، المقصود هو تصور العلم من حيث هو، تصور المسائل، تصور الأدلة، كيف يتعامل العالم مع الأدلة؟ كيف يتعامل مع طريقة الاستدلال؟ كيف يرجح؟ كيف يعتني إلى كيف يتكلم.. إلى آخره؟
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما وعملا يا أرحم الراحمين، ولا تكلنا لأنفسنا طرفة عين، فإنه لا حول لنا، ولا قوة إلا بك، اللهم نعوذ بك أن نزل، أو نزل، أو نضل، أو نضل، أو نجهل، أو يجهل علينا، أو نظلم، أو نظلم.
ثم إن المسائل العلمية، والعملية لا بد لطالب العلم أن ينظر إليها كما نظر إليها أهل العلم من وقت الصحابة -رضوان الله عليهم- إلى وقتنا الحاضر، ونعني بالمسائل العلمية والعملية المسائل التي ميدان بحثها العلم، من حيث معنى الآيات، ومعنى الأحاديث، أو تقرير العقيدة، أو بيان أحكام الفقه، ونحو ذلك، والمسائل العملية التي يجري عليها العمل من حيث تطبيق الأحكام الفقهية على واقع الناس، لا شك أن المسائل العقدية في الجملة مما لا يقبل فيه الخلاف، ولا الاختلاف؛ لأن العقيدة أدلتها واضحة، وهي أمور غيبية أوجب الله -جل وعلا- فيها أن يعتقد المسلم الحق، وقد أوضح الله -جل وعلا- في كتابه الحق في هذه المسائل، وبين ما يجب أن يعتقده المسلم، وأن يعقد عليه قلبه، كذلك بينه المصطفى -عليه الصلاة والسلام- وبينه الصحابة -رضوان الله عليهم- ولهذا تجد أن هذه المسائل العقدية مسائل التوحيد، إذا قررها أهل العلم الذين على منهاج السلف الصالح -رضوان الله عليهم- كسادات التابعين، وأئمة المسلمين الأربعة، وغيرهم إلى زماننا الحاضر من العلماء، الذين تابعوا نهج السلف الصالح، تجد أن عرضهم لمسائل التوحيد، والعقيدة من جهة الحكم واحد، ومن جهة النظر واحد، لكن يختلف العلماء فيما بينهم في طريقة تقرير المسائل، وحسن الأسلوب، وكثرة الأدلة، ونوع الاستدلال، وأشباه ذلك من المسائل التي لا اختلاف فيها من جهة الحكم، وصورة المسألة، وإنما الاختلاف يأتي في عرض المسائل، ولهذا تجد أن جميع طلبة العلم، والطلاب لا يفرقون بين عالم وعالم، أو معلم ومعلم، أو بين درس ودرس، أو بين كتاب وكتاب من جهة سلامة الاعتقاد؛ لأن الجميع يعلمون منهج السلف الصالح في الاعتقاد ويقررونه.
لكن يختلف العالم عن الآخر في طريقة تقرير المسائل، وعرضها، وهذه يتفاوت فيها العلماء من قديم الزمان، أما مسائل الفقه، فالفقه مورده الاجتهاد في أكثر مسائله، إذ المسائل المجمع عليها قليلة بالنسبة إلى عموم مسائل الفقه؛ ولهذا يحصل الاختلاف بين العلماء، وبين طلبة العلم في تقرير مسائل الفقه يحصل الاختلاف من الجهتين:
الجهة الأولى: وهي اختلاف الاجتهاد، وأي الأقوال أرجح، وأي الأقوال أصوب، وما ينبغي أن يلتزم به من جهة العمل، وما عليه الفتوى هذا اختلاف في تقرير المسألة، بينما في تدريس التوحيد لا يختلفون بينما في تدريس العقيدة لا يختلفون، فتجد أن الاختلاف بين من هم على نهج السلف الصالح، ويعتنون بالعلم، والتوحيد، وعلى طريقة أئمة الإسلام تجد أن الاختلاف يحصل بينهم في المسائل الاجتهادية في الفقه، فهذا يقرر كذا، وهذا يقرر كذا إلى آخره.
والجهة الثانية للاختلاف في تدريس الفقه، والأحكام الأحكام الفقهية بعامة: يحصل من جهة صورة تقرير المسائل كيف يصور المسألة؟ كيف يعرض لدليلها؟ كيف يبين وجه الاستدلال؟ معرفة العالم أو المعلم بعلوم كثيرة تفيده في تقرير المسائل، مثلا في معرفة في مصطلح الحديث معرفة بالرجال إذا عرض للأحاديث أحاديث الأحكام، وأيضا بأصول الفقه؛ لأن أصول الفقه منزع الحكم من الدليل، كيف ينتزعه؟ كيف يستدل بالدليل على الحكم.. إلى آخره؟ فهذه يختلف فيها العلماء؛ لذلك الاختلاف في مسائل الفقه ومسائل فقه الحديث، وفقه الأحكام في كتب الفقه يأتي من الجهتين؛ لهذا طالب العلم ينبغي له أن يوطن نفسه على أنه في المسائل في فقه الحديث، وفي فقه الأحكام في مسائل الفقه، أن يكون هناك اختلاف ما بين عالم، وعالم، وطالب علم، وطالب علم، ولا يتصور أن الجميع سيتفقون على قول واحد؛ لأن مدراك الاجتهاد مختلفة، ومدراك الترجيح مختلفة؛ لهذا ذكرت مرة كلمة في بعض الدروس، وأعيدها مختصرة، وهي ما قد يظنه بعض طلبة العلم من أن قول القائل الراجح في المسألة كذا أنه راجح عند كل العلماء، هذا غلط، وليس بصحيح، بل إذا قيل الراجح في المسألة كذا إنما هو راجح نسبي منسوب إلى من رجحه، إذا قال مثلا في العصر الحاضر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز:
والراجح كذا يعني: الراجح عنده في اجتهاده، لا معنى ذلك أن هذا هو الراجح عند شيخ الإسلام ابن تيمية، هو الراجح عند الإمام أحمد، هو الراجح عند فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين، هو الراجح عند العالم الآخر، ونحو ذلك.
إذن فكلمة الراجح التي قد يظن بعض طلبة العلم أنه إذا حضر عند أحد، وقال: إن الراجح كذا، أو أن الدليل دل على كذا أن هذا معناه، أنه هو الراجح في نفس الأمر، يعني: هو الراجح المطلق، لا ترجيح مطلق في المسائل إلا ما اتفق العلماء على ترجيحه، أما ما اختلف العلماء في ترجيح أحد الأقوال على بقيتها، فإن هذا راجح نسبي إضافي يضاف، وينسب إلى من رجح فيقال: الراجح كذا عند الشيخ محمد بن إبراهيم، الراجح كذا عند الشيخ عبد العزيز بن باز، الراجح كذا عند الشيخ ابن العثيمين، ونحو ذلك في نظائرها من المسائل.
لهذا بعض طلبة العلم قد يحضر، ويتشوش إذا سمع مثلا ترجيحا غير الذي ألفه، أو غير الذي حضر به عند العالم الفلاني، أو غير الذي سمع به الفتوى، ونحو ذلك، وهذا مما ينبغي تدراكه حتى لا يتشوش طالب العلم المسائل الفقهية، سواء إذا جاء تقريرها من جهة شرح الأحاديث، أو جاء تقريرها من جهة كتب الفقه، قد يختلف عرضها ما بين عالم، وآخر، وقد يختلف الترجيح -أيضا- ما بين عالم، وآخر.
كذلك إذا نظرنا إلى جهة أخرى، وهي الجهة العملية يعني: المسائل العملية، يعني: إذا نظرت إلى العمل، فإن التعليم قد يختلف عن الفتوى، قد يرجح شيء من جهة الحكم في درس علمي، ولكن إذا جاءت الفتوى تختلف عن الترجيح، وهذا من قديم من وقت التابعين، وأئمة الإسلام قد يختلف تقريرهم للمسألة عن الفتوى، وهذا له أسباب كثيرة، ربما يضيق المقام عن بسطها، لكن كإشارة للسبب أن من أهم الأسباب: أن الفتوى هي تطبيق الحكم على الواقع، والواقع واقع المستفتي، واقع الحال هذا يحتاج إلى معرفة أشياء أخر من القواعد، ومن النظر، ومن العلل تختلف عن النظر النظري في المسألة.
فمثلا نأتي في شرح حديث نقول: وهذا الحديث دل على كذا، فإذا الراجح كذا، ولكن قد يأتي مستفتٍ ويرجح لك غير هذا بناء على الأحوال؛ لأن المسائل فيها تفاصيل، وفيها أحوال مختلفة؛ لهذا تنظر إلى أن عرض المسائل في كتب الحديث، وشرح الحديث غير عرض المسائل في كتب الفقه؛ لأن عرض المسألة في شرح الأحاديث، وقد يكون الحال إذا عرض لها من جهة دروس الفقه يختلف تقريرها، ويختلف تفريع المسائل عنها؛ لأن الحديث يكون مثلا مختصا بمسألة واحدة، وأما كتب الفقه، فهي تشمل المسألة التي دلت عليها السنة، وأيضا مسائل أخر دلت عليها عموم الآيات، أو دلت عليها أدلة أخرى من السنة، أو أقوال الصحابة، أو القياس أو القواعد، أو أقوال الإمام الذي صنف الكتاب في مذهبه، ونحو ذلك.
إذا فالمسائل من جهة التفصيل، المسائل العملية من جهة التفصيل يختلف تقريرها بما بين كتب الفقه، وكتب الحديث، وأيضا من جهة الفتوى يختلف -أيضا- في تقرير المسائل النظري وبين تطبيقها العملي، أيضا ينبغي أن ينظر إلى المسائل العملية من جهة عمل العلماء أحيانا، العالم قد يرجح شيئا، ولكنه في نفسه قد يعمل بخلافه هذا لا يؤخذ مذهبا له، أو قولا له، أو يكون قولا مطردا حتى ينص عليه، مثل ما ذكرت لكم إن ابن تيمية -رحمه الله- عمل بقول الإمام مالك لما سافر إلى مصر في مسألة المسح على الخفين، ما تقيد بثلاثة أيام، بل زاد على ذلك إلى سبعة أيام، والعلماء يقولون: إن العالم قد يعمل بشيء خلاف ما يرجحه لأشياء يقتضيها الحال، أو يقتضيها المقام، ونحو ذلك، وهذا كثير، ونصوا عليه في مسائل، وما من إمام إلا وقد عمل ذلك.
وابن عباس - رضي الله عنه - لما اشتكى عينيه، وقيل له إن هناك دواء نافعا، ولكن معه تمتنع من السجود، وقالوا: شهر أو نحو ذلك، هو لم ير في ذلك بأسا، ولكنه سأل أو استفتى أحد الصحابة، وأظنها عائشة -رضي الله عنها- فقالت له: لا، لا تفعل، فترك ذلك حتى عمي في آخر عمره -رضي الله عنه- هذا، لا من جهة الراجح، من جهة العمل أخذ بفتوى لأجل أن يخلص نفسه من الاجتهاد، الذي قد يكون للنفس فيه حظ، أو قد يكون له في الشأن، فإذا أحيانا يكون الواحد يرجح شيئا، ثم يأتي مسأله يحتاج فيها إلى العمل من جهة التخفيف تارة، ومن جهة براءة الذمة تارة أخرى، فيستفتي غيره ممن يثق به من أهل العلم فيعمل بفتواه.
إذا فينبغي لطالب العلم أن يوسع نظره، وأن يوسع أفقه في النظر إلى المسائل، وفي تلقي العلم من أهله، وألا يجعل الاختلاف في الفروع مثل الاختلاف في العقيدة، العقيدة لا خلاف فيها بين علماء أهل السنة مسائل مجمع عليها، مقررة واضحة، خدمت كثيرا، أما المسائل الفقهية، شروح الأحاديث، والمسائل التي يدخلها الاجتهاد، هذه يختلف فيها، تختلف المسألة بين عالم وآخر، وما بين معلم وآخر، وكيف تقرير المسائل إلى آخره، والمقصود من العلم ليس هو أن يحصل الطالب على الترجيح، على النهاية من أول الطريق، المقصود هو تصور العلم من حيث هو، تصور المسائل، تصور الأدلة، كيف يتعامل العالم مع الأدلة؟ كيف يتعامل مع طريقة الاستدلال؟ كيف يرجح؟ كيف يعتني إلى كيف يتكلم.. إلى آخره؟
تعليق