التوحيد
تأليف فضيلة الشيخ صالح الفوزان
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبيه الصادق الأمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... وبعد.
فهذا كتاب في علم التوحيد وقد راعيت فيه الاختصار مع سهولة العبارة، وقد اقتبسته من مصادر كثيرة من كتب أئمتنا الأعلام، ولاسيما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وكتب العلامة ابن القيم وكتب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه من أئمة هذه الدعوة المباركة. ومما لاشك فيه أن علم العقيدة الإسلامية هو العلم الأساس الذي تجدر العناية به تعلما وتعليما وعملا بموجبه لتكون الأعمال صحيحة مقبولة عند الله نافعة للعاملين، خصوصا وأننا في زمان كثرت فيه التيارات المنحرفة، تيار الإلحاد، وتيار التصوف والرهبنة، وتيار القبورية الوثنية، وتيار البدع المخالفة للهدي النبوي. وكلها تيارات خطيرة ما لم يكن المسلم مسلحا بسلاح العقيدة الصحيحة المرتكزة على الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة فانه حري أن تجرفه تلك التيارات المضلة، وهذا مما يستدعى العناية التامة بتعليم العقيدة الصحيحة لأبناء المسلمين من مصادرها الأصيلة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
المؤلف..
--------------------------------------------------------------------------------
الباب الأول
الفصل الأول
الانحراف في حياة البشرية
خلق الله الخلق لعبادته. وهيأ لهم ما يعينهم عليها من رزقه. قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون . ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).
والنفس بفطرتها إذا تركت كانت مقرة لله بالألوهية، محبة لله تعبده، لا تشرك به شيئا. ولكن يفسدها وينحرف بها عن ذلك ما يزين لها شياطين الإنس والجن بما يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا. فالتوحيد مركوز في الفطر. والشرك طارئ ودخيل عليها. قال الله تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله).
وقال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ". فالأصل في بني آدم التوحيد.
والدين الإسلام من عهد آدم عليه السلام ومن جاء بعده من ذريته قرونا طويلة، قال تعالى: كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين)
وأول ما حدث الشرك والانحراف عن العقيدة الصحيحة في قوم نوح، فكان عليه السلام أول رسول (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده)
قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون كلهم على الإسلام. قال ابن القيم (إغاثة اللهفان 2/102): وهذا القول هو الصواب قطعا فان قراءة أبي بن كعب يعني في آية البقرة: (فاختلفوا فبعث الله النبيين). ويشهد لهذه القراءة قوله تعالى في سورة يونسوما كان الناس إلا أمة واحد فاختلفوا).
يريد رحمه الله أن بعثة النبيين سببها الاختلاف عما كانوا عليه من الدين الصحيح- كما كانت العرب بعد ذلك على دين إبراهيم عليه السلام حتى جاء عمرو بن لحي الخزاعي فغير دين إبراهيم وجلب الأصنام إلى أرض العرب وإلى أرض الحجاز بصفة خاصة فعبدت في دون الله وانتشر الشرك في هذه البلاد المقدسة وما جاورها إلى أن بعث الله نبيه محمدا خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم فدعا الناس إلى التوحيد واتباع ملة إبراهيم وجاهد في الله حق جهاده حتى عادت عقيدة التوحيد وملة إبراهيم وكسر الأصنام وأكمل الله به الدين وأتم به النعمة على العالمين وسارت على نهجه القرون المفضلة من صدر هذه الأمة إلى أن فشا الجهل في القرون المتأخرة ودخلها الدخيل من الديانات الأخرى فعاد الشرك إلى كثير من هذه الأمة بسبب دعاة الضلال وبسبب البناء على القبور متمثلا بتعظيم الأولياء والصالحين وادعاء المحبة لهم حتى بنيت الأضرحة على قبورهم واتخذت أوثانا تعبد من دون الله بأنواع القربات من دعاء واستغاثة وذبح ونذر لمقاماتهم. وسموا هذا الشرك توسلا بالصالحين وإظهارا لمحبتهم وليس عبادة لهم بزعمهم. ونسوا أن هذا هو قول المشركين الأولين حيث يقولون (ما نعبدهم إلى ليقربونا إلى الله زلفا)
ومع هذا الشرك الذي وقع في البشرية قديما وحديثا فالأكثرية منهم يؤمنون بتوحيد الربوبية وإنما يشركون في العبادة كما قال تعالىوما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون).
ولم يجحد وجود الرب إلا نزر يسير من البشر كفرعون والملاحدة الدهريين والشيوعيين في هذا الزمان- وجحودهم به من باب المكابرة وإلا فهم مضطرون للإقرار به في باطنهم وقرارة نفسهم- كما قال تعالى: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)
وعقولهم تعرف أن كل مخلوق لا بد له من خالق وكل موجود لا بد له من موجد، وأن نظام هذا الكون المنضبط الدقيق لابد له من مدبر حكيم قدير عليم. من أنكره فهو أما فاقد لعقله أو مكابر قد ألغى عقله وسفه نفسه وهذا لا عبرة به.
--------------------------------------------------------------------------------
تأليف فضيلة الشيخ صالح الفوزان
--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبيه الصادق الأمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... وبعد.
فهذا كتاب في علم التوحيد وقد راعيت فيه الاختصار مع سهولة العبارة، وقد اقتبسته من مصادر كثيرة من كتب أئمتنا الأعلام، ولاسيما كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وكتب العلامة ابن القيم وكتب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه من أئمة هذه الدعوة المباركة. ومما لاشك فيه أن علم العقيدة الإسلامية هو العلم الأساس الذي تجدر العناية به تعلما وتعليما وعملا بموجبه لتكون الأعمال صحيحة مقبولة عند الله نافعة للعاملين، خصوصا وأننا في زمان كثرت فيه التيارات المنحرفة، تيار الإلحاد، وتيار التصوف والرهبنة، وتيار القبورية الوثنية، وتيار البدع المخالفة للهدي النبوي. وكلها تيارات خطيرة ما لم يكن المسلم مسلحا بسلاح العقيدة الصحيحة المرتكزة على الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة فانه حري أن تجرفه تلك التيارات المضلة، وهذا مما يستدعى العناية التامة بتعليم العقيدة الصحيحة لأبناء المسلمين من مصادرها الأصيلة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
المؤلف..
--------------------------------------------------------------------------------
الباب الأول
الفصل الأول
الانحراف في حياة البشرية
خلق الله الخلق لعبادته. وهيأ لهم ما يعينهم عليها من رزقه. قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون . ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين).
والنفس بفطرتها إذا تركت كانت مقرة لله بالألوهية، محبة لله تعبده، لا تشرك به شيئا. ولكن يفسدها وينحرف بها عن ذلك ما يزين لها شياطين الإنس والجن بما يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا. فالتوحيد مركوز في الفطر. والشرك طارئ ودخيل عليها. قال الله تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله).
وقال صلى الله عليه وسلم: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ". فالأصل في بني آدم التوحيد.
والدين الإسلام من عهد آدم عليه السلام ومن جاء بعده من ذريته قرونا طويلة، قال تعالى: كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين)
وأول ما حدث الشرك والانحراف عن العقيدة الصحيحة في قوم نوح، فكان عليه السلام أول رسول (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده)
قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عليهما السلام عشرة قرون كلهم على الإسلام. قال ابن القيم (إغاثة اللهفان 2/102): وهذا القول هو الصواب قطعا فان قراءة أبي بن كعب يعني في آية البقرة: (فاختلفوا فبعث الله النبيين). ويشهد لهذه القراءة قوله تعالى في سورة يونسوما كان الناس إلا أمة واحد فاختلفوا).
يريد رحمه الله أن بعثة النبيين سببها الاختلاف عما كانوا عليه من الدين الصحيح- كما كانت العرب بعد ذلك على دين إبراهيم عليه السلام حتى جاء عمرو بن لحي الخزاعي فغير دين إبراهيم وجلب الأصنام إلى أرض العرب وإلى أرض الحجاز بصفة خاصة فعبدت في دون الله وانتشر الشرك في هذه البلاد المقدسة وما جاورها إلى أن بعث الله نبيه محمدا خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم فدعا الناس إلى التوحيد واتباع ملة إبراهيم وجاهد في الله حق جهاده حتى عادت عقيدة التوحيد وملة إبراهيم وكسر الأصنام وأكمل الله به الدين وأتم به النعمة على العالمين وسارت على نهجه القرون المفضلة من صدر هذه الأمة إلى أن فشا الجهل في القرون المتأخرة ودخلها الدخيل من الديانات الأخرى فعاد الشرك إلى كثير من هذه الأمة بسبب دعاة الضلال وبسبب البناء على القبور متمثلا بتعظيم الأولياء والصالحين وادعاء المحبة لهم حتى بنيت الأضرحة على قبورهم واتخذت أوثانا تعبد من دون الله بأنواع القربات من دعاء واستغاثة وذبح ونذر لمقاماتهم. وسموا هذا الشرك توسلا بالصالحين وإظهارا لمحبتهم وليس عبادة لهم بزعمهم. ونسوا أن هذا هو قول المشركين الأولين حيث يقولون (ما نعبدهم إلى ليقربونا إلى الله زلفا)
ومع هذا الشرك الذي وقع في البشرية قديما وحديثا فالأكثرية منهم يؤمنون بتوحيد الربوبية وإنما يشركون في العبادة كما قال تعالىوما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون).
ولم يجحد وجود الرب إلا نزر يسير من البشر كفرعون والملاحدة الدهريين والشيوعيين في هذا الزمان- وجحودهم به من باب المكابرة وإلا فهم مضطرون للإقرار به في باطنهم وقرارة نفسهم- كما قال تعالى: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)
وعقولهم تعرف أن كل مخلوق لا بد له من خالق وكل موجود لا بد له من موجد، وأن نظام هذا الكون المنضبط الدقيق لابد له من مدبر حكيم قدير عليم. من أنكره فهو أما فاقد لعقله أو مكابر قد ألغى عقله وسفه نفسه وهذا لا عبرة به.
--------------------------------------------------------------------------------
تعليق