وثائق اميركية عن السودان (21): استفتاءات عن دارفور: واشنطن: محمد علي صالح: "الشرق الاوسط":
وثائق اميركية عن السودان (21):
استفتاءات عن دارفور:
الاميركيون يغيرون رأيهم
الشعوب الاسلامية تريد "الحل الاسلامي"
مصر اقل الدول اهتماما، وتأييدا
واشنطن: محمد علي صالح
اجرت، خلال الثلاث سنوات الماضية، معاهد اميركية استفتاءات داخل وخارج اميركا عن مشكلة دارفور، وسألت عن اشياء مختلفة، مثل:
من يتحمل المسئولية؟ هل المشكلة داخلية او دولية؟ ماهو دور اميركا؟ ماهو رأي الاميركيين؟ ماهو رأي الشعوب العربية والاسلامية؟ ما هو الحل؟ عسكري او سياسي؟ "اميركي" او "اسلامي"؟
ظهر اختلاف واضح بين نتائج استفتاء اجري في الاسبوع الماضي (اوضح انقسام الاميركيين)، وبين نتائج استفتاءات اجريت قبل سنوات (اوضحت حماس الاميركيين للتدخل العسكري).
وهذه بعض نتائج بعض الاستفتاءات:
معهد "بيو":
في الاسبوع الماضي، اصدر معهد "بيو" للاستفتاءات في واشنطن نتائج استفتاء اجراه. ووجد ان الاميركيين منقسمون: قالت نسبة 50 في المائة ان اميركا "تتحمل مسئولية وقف الابادة العرقية" هناك. وقالت نسبة 35 "لا". وقالت نسبة 15 في المائة الباقية انها لا تعرف ماذا تقول.
وانقسم الاميركيون، ايضا، حول ارسال قوات اميركية (مع قوات دولية) لحفظ السلام في دارفور: ايدت نسبة 45 في المائة. وعارضت نسبة 37 في المائة. وقالت نسبة 18 في المائة انها لا تعرف ماذا تقول.
توضح زيادة نسبة الذين لا يعرفون ماذا يقولون ان الاميركيين، بصورة عامة، لا يتابعون المشلكة (رغم كثرة اعلانات ودعايات جمعية "انقاذ دارفور").
وقاس معهد "بيو" الاخبار في التلفزيون والصحف خلال اسبوع واحد في الشهر الماضي. ووجد ان نسبة الذين يتابعون مشكلة دارفور (اثنين في المائة من الاميركيين) تتساوى مع نسبة التغطية الاعلامية للمشكلة (اثنين في المائة من الاخبار).
لكن، في الجانب الآخر، تقل تغطية الاعلام الاميركي لحرب العراق (نسبة سبعة في المائة فقط من الاخبار)، بينما تتابع المشكلة متابعة دقيقة نسبة 25 في المائة من الاميركيين (وتتابعها متابعة دقيقة وعامة، نسبة 80 في المائة).
استفتاء "زغبي":
وقبل شهرين، اجرى معهد "زغبي" في واشنطن استفتاءات وسط المسلمين في ست دول اسلامية، هي: مصر، السعودية، ماليزيا، المغرب، تركيا، الامارات. واوضحت الاستفتاءات الآتي:
اولا، الاهتمام بمشكلة دارفور قدر الاهتمام بمشكلة فلسطين.
ثانيا، لم تعد المشكلة داخلية، ويجب ان يتدخل فيها المجتمع الدولي.
ثانيا، ارسال جنود عرب ومسلمين الى دارفور لحفظ السلام.
ثالثا، توسط الحكومات العربية والاسلامية بين حكومة السودان ومتمردي دارفور.
لسبب ما، اهتم المغاربة والاتراك بالمشكلة اكثر من غيرهم (نسبة 80 في المائة). حتى في ماليزيا البعيدة، قالت نسبة 70 في المائة انها اهتمت بالمشكلة.
لكن، ولسبب ما، لم يهتم المصريون بالمشكلة كثيرا (قالت نسبة 35 في المائة فقط انها تهتم). واكد المصريون عدم اهتمامهم عندما سئلوا اذا كانوا يريدون معلومات واخبارا اكثر عن المشكلة. اجابت نسبة اكثر من النصف ب "لا".
"الحل الاسلامي":
واتفقت اغلبية كبيرة في كل هذه الدول على ان حكومة السودان ومتمردي دارفور مسئولون عن المشكلة، ربما بنسب متساوية. قال السعوديون والمغاربة ان المتمردين مسئولون اكثر من الحكومة. وقال المصريون ان الحكومة مسئولة اكثر من المتمردين.
وقالت اغلبية كبيرة في كثير من هذه الدول ان اميركا هي المسئولة. قاد الاتراك ذلك (نسبة 80 في المائة). وبعدهم المصريون (نسبة 70 في المائة). وبعدهم السعوديون (نسبة 50 في المائة).
واتفقت اغلبية كبيرة في كل هذه الدول على ان المشكلة لم تعد داخلية، وان لابد من تدخل اجنبي. واتفقت اغلبية كبيرة في كل الدول، ايضا، على "الحل الاسلامي". اي انه مادام المتحاربون في دارفور كلهم مسلمين، يجب ان يحدث الآتي:
اولا: تتدخل الدول الاسلامية لوقف الحرب.
ثانيا: تشجع المفاوضات بين الحكومة والمتمردين.
(جاءت تركيا والسعودية على راس الدول التي قالت ذلك).
وكررت اغلبية كبيرة في كل هذه الدول على "الحل الاسلامي" عندما سئلت: "هل يجب ان تفعل بلادي اكثر نحو مشكلة دارفور؟" اجابت بالايجاب نسبة كبيرة جدا من السعوديين (اكثر من 90 في المائة)، وايضا المغاربة والماليزيون.
ومرة اخرى كانت نسبة المصريين الذين اجابوا بالايجاب اقل من بقية الشعوب الاسلامية.
"الحل الاميركي":
اتفقت اغلبية كبيرة في كل هذه الدول على ارسال قوات دولية غير غربية (من دول مسلمة، ودول غير غربية). واتفقت اغلبية اكبر من ذلك على التركيز على المفاوضات بين الحكومة والمتمردين. (قالت ذلك نسبة مائة في المائة تقريبا من السعوديين).
يوضح هذا ان كثيرا من المسلمين:
اولا: يرفضون "الحل الاميركي".
ثانيا: يرفضون "الحل الاميركي" الذي يركز على العقوبات، بدلا عن المفاوضات.
وعارضت اغلبية كبيرة في كل الدول فرض عقوبات اقتصادية على حكومة السودان. وعارضت، ايضا، الحملة الاميركية لوقف الاستمثار في السودان. وعارضت، ايضا، منع الطيران فوق دارفور.
ومرة اخرى، جاء المصريون في اسفل القائمة. يتفقون مع بقية الدول الاسلامية، ولكن بنسبة اقل:
اولا، ايدت نسبة كبيرة من المصريين (70 في المائة) فرض حظر الطيران فوق دارفور، بينما عارضته نفس النسبة من السعوديين (70 في المائة).
ثانيا، عارضت نسبة كبيرة من السعوديين (90 في المائة) فرض عقوبات على حكومة السودان. وايضا 80 في المائة من الماليزيين، و60 في المائة من المغاربة. لكن، انخفضت النسبة الى اقل من النصف (40 في المائة) من المصريين.
ثالثا، ايدت نسبة كبيرة من المصريين (60 في المائة) فرض عقوبات على السودان، بينما ايدتها نسبة عشرة في المائة فقط من السعوديين.
استفتاء شيكاغو:
وقبل استفتاء "زغبي" بشهور، اجرى مجلس الشئون الدولية في شيكاغو استفتاء اوضح ان فشل اميركا في العراق اجبر الاميركيين على ان يغيروا آرائهم في اشياء كثيرة: (اولا،غير الاميركيون رايهم في حرب العراق: ايدتها، عندما بدأت، نسبة 80 في المائة. والآن تؤيدها نسبة 25 في المائة فقط).
واوضح الاستفتاء وجود تشاؤم عام وسط الاميركيين نحو علاقات اميركا مع المسلمين:
اولا، قالت نسبة 60 في المائة ان الحرب لم تقلل خطر الارهاب.
ثانيا، قالت نسبة 60 في المائة ان الحرب لن تساعد على نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط.
ثالثا، قالت نسبة 70 في المائة ان الحرب زادت علاقة اميركا السيئة مع المسلمين. رابعا، قالت نسبة 70 في المائة ان الحرب يجب ان تكون درسا لاميركا عندما تغضب على الدول "المارقة" (مثل السودان).
استفتاء "بييا:
قبل اكثر من سنتين، اجرى مركز استفتاء الرأي العام العالمي (بيبا) التابع لجامعة ماريلاند، استفتاء اوضح ان الاميركيين، في ذلك الوقت، كانوا متحمسين للتدخل في دارفور:
اولا، قالت نسبة 74 في المائة: "يجب ان تتدخل الامم المتحدة عسكريا لوقف الابادة في دارفور."
ثانيا، قالت نسبة 60 في المائة ان اميركا يجب ان تنضم الى هذه الحملة العسكرية. (ارتفعت النسبة الى 85 في المائة وسط المنتمين الى الحزب الجمهوري).
واوضح الاستفتاء ان اجابات الاميركيين على اسئلته اعتمدت على الاشارة الى كلمة "ابادة":
وصف سؤال مشكلة دارفور بأنها "ابادة"، فزادت نسبة الذين يريدون التدخل العسكري. لكن، لم يصفها بذلك سؤال ثان، فقلت نسبة الذين يريدون التدخل العسكري.
اجرى المركز الاستفتاء قبل ان ترفض الامم المتحدة طلب اميركا بأعلان ان المشكلة "ابادة." وسال المركز: " ماذا يجب ان يحدث اذا وصفت الامم المتحدة ان ما يحدث في دارفور "ابادة"؟ قالت نسبة عالية (70 في المائة) انها ستؤيد التدخل العسكري. (لم تصف الامم المتحدة المشلكة بأنها "ابادة").
قبل استفتاء "بيبا" بسنة، اجري مجلس الشئون الدولية في شيكاغو استفتاء آخرا. سأل سؤالا عن ارسال قوات الى دارفور "لوقف الابادة التي تقوم بها الحكومة". قالت "نعم" نسبة 75 في المائة. لكن، عندما سال سؤالا عن ارسال قوات لمواجهة "المشكلة الانسانية هناك"، انخفضت نسبة "نعم" الى 72 في المائة.
ورغم ان الاختلاف هنا ليس كبيرا، صار واضحا ان وصف "ابادة" يغضب الاميركيين اكثر من وصف "مشكلة انسانية". (خاصة لأنهم يربطون "ابادة" ب "حكومة اسلامية").
تعليق (1):
لم يقدم استفتاء "زغبي" تفسيرا لموقف المصريين من مشكلة دارفور. كانوا اقل الشعوب العربية اهتماما بالمشكلة، واكثرهم تأييدا لمعاقبة السودان، واكثرهم تأييدا لحظر الطيران فوق دارفور.
ربما يحتاج الموضوع الى نقاش، لأن علاقات السودان التاريخية والسياسية والثقافية مع مصر اقوى من علاقته مع اي دولة اسلامية اخرى:
هل للموضوع صلة بنظرة "الاستعلاء" التي يتهم بها سودانيون المصريين؟ هل للموضوع صلة بغضب الحكومة المصرية على الحكومة السودانية لانها اسلامية؟ هل للموضوع صلة بتأثير السياسة الاميركية على مصر بسبب عشرات البلايين من الدولارات التي ارسلتها اليها؟
تعليق (2):
غير الاميركيون تدريجيا رأيهم في حرب العراق (ايدتها، عندما بدأت، نسبة 80 في المائة. وتؤيدها الآن نسبة 25 في المائة فقط).
والآن يغير الاميركيون تدريجيا رأيهم في التدخل في دارفور (ايدت التدخل، قبل اكثر من سنتين، نسبة 75 في المائة، حسب استفتاء "بيبا". وتؤيد التدخل الآن نسبة 45 في المائة، حسب استفتاء "بيو").
وحسب استفتاء "زغبي"، غيرت هزيمة اميركا في العراق رأي الاميركيين في مواضيع كثيرة لها صلة بالاسلام والمسلمين. وصار واضحا ان التدخل في دارفور واحد من هذه المواضيع.
واخيرا:
ايدت غزو اميركا للعراق نسبة كبيرة من المثقفين العرب. وهاهم الآن لا يعرفون ماذا يفعلون، بعد ان غير الاميركيون انفسهم رأيهم في الموضوع. ورغم ان بعض القادة الاميركيين اعترفوا بالخطا، واعتذروا (مثل السناتور ادواردز، المرشح لرئاسة الجمهورية)، لم يجرؤ واحد من هؤلاء المثقفين العرب على الاعتراف بالخطأ، ناهيك عن الاعتذار.
والآن جاء دور المثقفين السودانيين الذين يؤيدون التدخل الاميركي في دارفور.
بغض النظر عن كلمة منقول المشكلة اكبر من هذه الكلمة
وثائق اميركية عن السودان (21):
استفتاءات عن دارفور:
الاميركيون يغيرون رأيهم
الشعوب الاسلامية تريد "الحل الاسلامي"
مصر اقل الدول اهتماما، وتأييدا
واشنطن: محمد علي صالح
اجرت، خلال الثلاث سنوات الماضية، معاهد اميركية استفتاءات داخل وخارج اميركا عن مشكلة دارفور، وسألت عن اشياء مختلفة، مثل:
من يتحمل المسئولية؟ هل المشكلة داخلية او دولية؟ ماهو دور اميركا؟ ماهو رأي الاميركيين؟ ماهو رأي الشعوب العربية والاسلامية؟ ما هو الحل؟ عسكري او سياسي؟ "اميركي" او "اسلامي"؟
ظهر اختلاف واضح بين نتائج استفتاء اجري في الاسبوع الماضي (اوضح انقسام الاميركيين)، وبين نتائج استفتاءات اجريت قبل سنوات (اوضحت حماس الاميركيين للتدخل العسكري).
وهذه بعض نتائج بعض الاستفتاءات:
معهد "بيو":
في الاسبوع الماضي، اصدر معهد "بيو" للاستفتاءات في واشنطن نتائج استفتاء اجراه. ووجد ان الاميركيين منقسمون: قالت نسبة 50 في المائة ان اميركا "تتحمل مسئولية وقف الابادة العرقية" هناك. وقالت نسبة 35 "لا". وقالت نسبة 15 في المائة الباقية انها لا تعرف ماذا تقول.
وانقسم الاميركيون، ايضا، حول ارسال قوات اميركية (مع قوات دولية) لحفظ السلام في دارفور: ايدت نسبة 45 في المائة. وعارضت نسبة 37 في المائة. وقالت نسبة 18 في المائة انها لا تعرف ماذا تقول.
توضح زيادة نسبة الذين لا يعرفون ماذا يقولون ان الاميركيين، بصورة عامة، لا يتابعون المشلكة (رغم كثرة اعلانات ودعايات جمعية "انقاذ دارفور").
وقاس معهد "بيو" الاخبار في التلفزيون والصحف خلال اسبوع واحد في الشهر الماضي. ووجد ان نسبة الذين يتابعون مشكلة دارفور (اثنين في المائة من الاميركيين) تتساوى مع نسبة التغطية الاعلامية للمشكلة (اثنين في المائة من الاخبار).
لكن، في الجانب الآخر، تقل تغطية الاعلام الاميركي لحرب العراق (نسبة سبعة في المائة فقط من الاخبار)، بينما تتابع المشكلة متابعة دقيقة نسبة 25 في المائة من الاميركيين (وتتابعها متابعة دقيقة وعامة، نسبة 80 في المائة).
استفتاء "زغبي":
وقبل شهرين، اجرى معهد "زغبي" في واشنطن استفتاءات وسط المسلمين في ست دول اسلامية، هي: مصر، السعودية، ماليزيا، المغرب، تركيا، الامارات. واوضحت الاستفتاءات الآتي:
اولا، الاهتمام بمشكلة دارفور قدر الاهتمام بمشكلة فلسطين.
ثانيا، لم تعد المشكلة داخلية، ويجب ان يتدخل فيها المجتمع الدولي.
ثانيا، ارسال جنود عرب ومسلمين الى دارفور لحفظ السلام.
ثالثا، توسط الحكومات العربية والاسلامية بين حكومة السودان ومتمردي دارفور.
لسبب ما، اهتم المغاربة والاتراك بالمشكلة اكثر من غيرهم (نسبة 80 في المائة). حتى في ماليزيا البعيدة، قالت نسبة 70 في المائة انها اهتمت بالمشكلة.
لكن، ولسبب ما، لم يهتم المصريون بالمشكلة كثيرا (قالت نسبة 35 في المائة فقط انها تهتم). واكد المصريون عدم اهتمامهم عندما سئلوا اذا كانوا يريدون معلومات واخبارا اكثر عن المشكلة. اجابت نسبة اكثر من النصف ب "لا".
"الحل الاسلامي":
واتفقت اغلبية كبيرة في كل هذه الدول على ان حكومة السودان ومتمردي دارفور مسئولون عن المشكلة، ربما بنسب متساوية. قال السعوديون والمغاربة ان المتمردين مسئولون اكثر من الحكومة. وقال المصريون ان الحكومة مسئولة اكثر من المتمردين.
وقالت اغلبية كبيرة في كثير من هذه الدول ان اميركا هي المسئولة. قاد الاتراك ذلك (نسبة 80 في المائة). وبعدهم المصريون (نسبة 70 في المائة). وبعدهم السعوديون (نسبة 50 في المائة).
واتفقت اغلبية كبيرة في كل هذه الدول على ان المشكلة لم تعد داخلية، وان لابد من تدخل اجنبي. واتفقت اغلبية كبيرة في كل الدول، ايضا، على "الحل الاسلامي". اي انه مادام المتحاربون في دارفور كلهم مسلمين، يجب ان يحدث الآتي:
اولا: تتدخل الدول الاسلامية لوقف الحرب.
ثانيا: تشجع المفاوضات بين الحكومة والمتمردين.
(جاءت تركيا والسعودية على راس الدول التي قالت ذلك).
وكررت اغلبية كبيرة في كل هذه الدول على "الحل الاسلامي" عندما سئلت: "هل يجب ان تفعل بلادي اكثر نحو مشكلة دارفور؟" اجابت بالايجاب نسبة كبيرة جدا من السعوديين (اكثر من 90 في المائة)، وايضا المغاربة والماليزيون.
ومرة اخرى كانت نسبة المصريين الذين اجابوا بالايجاب اقل من بقية الشعوب الاسلامية.
"الحل الاميركي":
اتفقت اغلبية كبيرة في كل هذه الدول على ارسال قوات دولية غير غربية (من دول مسلمة، ودول غير غربية). واتفقت اغلبية اكبر من ذلك على التركيز على المفاوضات بين الحكومة والمتمردين. (قالت ذلك نسبة مائة في المائة تقريبا من السعوديين).
يوضح هذا ان كثيرا من المسلمين:
اولا: يرفضون "الحل الاميركي".
ثانيا: يرفضون "الحل الاميركي" الذي يركز على العقوبات، بدلا عن المفاوضات.
وعارضت اغلبية كبيرة في كل الدول فرض عقوبات اقتصادية على حكومة السودان. وعارضت، ايضا، الحملة الاميركية لوقف الاستمثار في السودان. وعارضت، ايضا، منع الطيران فوق دارفور.
ومرة اخرى، جاء المصريون في اسفل القائمة. يتفقون مع بقية الدول الاسلامية، ولكن بنسبة اقل:
اولا، ايدت نسبة كبيرة من المصريين (70 في المائة) فرض حظر الطيران فوق دارفور، بينما عارضته نفس النسبة من السعوديين (70 في المائة).
ثانيا، عارضت نسبة كبيرة من السعوديين (90 في المائة) فرض عقوبات على حكومة السودان. وايضا 80 في المائة من الماليزيين، و60 في المائة من المغاربة. لكن، انخفضت النسبة الى اقل من النصف (40 في المائة) من المصريين.
ثالثا، ايدت نسبة كبيرة من المصريين (60 في المائة) فرض عقوبات على السودان، بينما ايدتها نسبة عشرة في المائة فقط من السعوديين.
استفتاء شيكاغو:
وقبل استفتاء "زغبي" بشهور، اجرى مجلس الشئون الدولية في شيكاغو استفتاء اوضح ان فشل اميركا في العراق اجبر الاميركيين على ان يغيروا آرائهم في اشياء كثيرة: (اولا،غير الاميركيون رايهم في حرب العراق: ايدتها، عندما بدأت، نسبة 80 في المائة. والآن تؤيدها نسبة 25 في المائة فقط).
واوضح الاستفتاء وجود تشاؤم عام وسط الاميركيين نحو علاقات اميركا مع المسلمين:
اولا، قالت نسبة 60 في المائة ان الحرب لم تقلل خطر الارهاب.
ثانيا، قالت نسبة 60 في المائة ان الحرب لن تساعد على نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط.
ثالثا، قالت نسبة 70 في المائة ان الحرب زادت علاقة اميركا السيئة مع المسلمين. رابعا، قالت نسبة 70 في المائة ان الحرب يجب ان تكون درسا لاميركا عندما تغضب على الدول "المارقة" (مثل السودان).
استفتاء "بييا:
قبل اكثر من سنتين، اجرى مركز استفتاء الرأي العام العالمي (بيبا) التابع لجامعة ماريلاند، استفتاء اوضح ان الاميركيين، في ذلك الوقت، كانوا متحمسين للتدخل في دارفور:
اولا، قالت نسبة 74 في المائة: "يجب ان تتدخل الامم المتحدة عسكريا لوقف الابادة في دارفور."
ثانيا، قالت نسبة 60 في المائة ان اميركا يجب ان تنضم الى هذه الحملة العسكرية. (ارتفعت النسبة الى 85 في المائة وسط المنتمين الى الحزب الجمهوري).
واوضح الاستفتاء ان اجابات الاميركيين على اسئلته اعتمدت على الاشارة الى كلمة "ابادة":
وصف سؤال مشكلة دارفور بأنها "ابادة"، فزادت نسبة الذين يريدون التدخل العسكري. لكن، لم يصفها بذلك سؤال ثان، فقلت نسبة الذين يريدون التدخل العسكري.
اجرى المركز الاستفتاء قبل ان ترفض الامم المتحدة طلب اميركا بأعلان ان المشكلة "ابادة." وسال المركز: " ماذا يجب ان يحدث اذا وصفت الامم المتحدة ان ما يحدث في دارفور "ابادة"؟ قالت نسبة عالية (70 في المائة) انها ستؤيد التدخل العسكري. (لم تصف الامم المتحدة المشلكة بأنها "ابادة").
قبل استفتاء "بيبا" بسنة، اجري مجلس الشئون الدولية في شيكاغو استفتاء آخرا. سأل سؤالا عن ارسال قوات الى دارفور "لوقف الابادة التي تقوم بها الحكومة". قالت "نعم" نسبة 75 في المائة. لكن، عندما سال سؤالا عن ارسال قوات لمواجهة "المشكلة الانسانية هناك"، انخفضت نسبة "نعم" الى 72 في المائة.
ورغم ان الاختلاف هنا ليس كبيرا، صار واضحا ان وصف "ابادة" يغضب الاميركيين اكثر من وصف "مشكلة انسانية". (خاصة لأنهم يربطون "ابادة" ب "حكومة اسلامية").
تعليق (1):
لم يقدم استفتاء "زغبي" تفسيرا لموقف المصريين من مشكلة دارفور. كانوا اقل الشعوب العربية اهتماما بالمشكلة، واكثرهم تأييدا لمعاقبة السودان، واكثرهم تأييدا لحظر الطيران فوق دارفور.
ربما يحتاج الموضوع الى نقاش، لأن علاقات السودان التاريخية والسياسية والثقافية مع مصر اقوى من علاقته مع اي دولة اسلامية اخرى:
هل للموضوع صلة بنظرة "الاستعلاء" التي يتهم بها سودانيون المصريين؟ هل للموضوع صلة بغضب الحكومة المصرية على الحكومة السودانية لانها اسلامية؟ هل للموضوع صلة بتأثير السياسة الاميركية على مصر بسبب عشرات البلايين من الدولارات التي ارسلتها اليها؟
تعليق (2):
غير الاميركيون تدريجيا رأيهم في حرب العراق (ايدتها، عندما بدأت، نسبة 80 في المائة. وتؤيدها الآن نسبة 25 في المائة فقط).
والآن يغير الاميركيون تدريجيا رأيهم في التدخل في دارفور (ايدت التدخل، قبل اكثر من سنتين، نسبة 75 في المائة، حسب استفتاء "بيبا". وتؤيد التدخل الآن نسبة 45 في المائة، حسب استفتاء "بيو").
وحسب استفتاء "زغبي"، غيرت هزيمة اميركا في العراق رأي الاميركيين في مواضيع كثيرة لها صلة بالاسلام والمسلمين. وصار واضحا ان التدخل في دارفور واحد من هذه المواضيع.
واخيرا:
ايدت غزو اميركا للعراق نسبة كبيرة من المثقفين العرب. وهاهم الآن لا يعرفون ماذا يفعلون، بعد ان غير الاميركيون انفسهم رأيهم في الموضوع. ورغم ان بعض القادة الاميركيين اعترفوا بالخطا، واعتذروا (مثل السناتور ادواردز، المرشح لرئاسة الجمهورية)، لم يجرؤ واحد من هؤلاء المثقفين العرب على الاعتراف بالخطأ، ناهيك عن الاعتذار.
والآن جاء دور المثقفين السودانيين الذين يؤيدون التدخل الاميركي في دارفور.
بغض النظر عن كلمة منقول المشكلة اكبر من هذه الكلمة
تعليق