بعد سنوات طويلة من الانتظار والأمل
الشاشات العربية في استقبال أسرى لبنان
محيط –
وصول الأسرى
في مهرجان حافل، استقبلت الأراضي اللبنانية بالأمس بعد سنوات طويلة من الانتظار والأمل عودة أسرى لبنان من السجون الإسرائيلية، و خيم الانتظار أمس على الهواء مباشرة على الشاشات العربية التي وقفت في طابور الانتظار مرتقبة لحظة تحرير أسرى لبنان في هذا الاستقبال التاريخي الذي أعلن انتصار المقاومة وحزب الله الإسلامي على الاحتلال الصهيوني بفرض شروطه.
لم تظهر الشاشات اللبنانية بالأمس انقساماتها السياسية فقد خفت حدته بشكل لا يفرق قناة "المنار" من قناة "الجديد" من قناة "المستقبل" حيث تجمع لبنان بكل فئاته ومناطقه وسياسييه في تلك اللحظة الحاسمة، وجندت المحطات مراسليها في الحدود اللبنانية والناقورة والمطار والضاحية الجنوبية.
المنار سيدة الموقف
كانت "المنار" التابعة لحزب الله الأولى في الميدان فأرسلت حشداً من مراسليها منذ الصباح الباكر على الحدود اللبنانية الفلسطينية عند معبر الناقورة، كما استقبلت ضيوفاً مناصرين للمقاومة كأنيس النقاش وشقيق الشهيدة دلال المغربي" وسهام القنطار" شقيقة الأسير سمير القنطار التي كانت في انتظار أخيها ،وعجزت عن ضبط مشاعرها أمام كاميرات القناة وقالت "أنها دقيقة تختصر 30 سنة من الانتظار، لم أفقد الأمل يوما" ، مع نقل مستمرّ للتقارير التي تبثّها القنوات الإسرائيليّة، وحرصت القناة على تقسيم شاشتها حتى لا تفوتها التغطية من أكثر من جهة.
والتقت قناة "المنار" بالرئيس اللبناني ميشال سليمان في المطار في كلمة هنأ فيها المقاومة على هذا التحرير واصفاً الأسرى المحررين بـ"الأبطال" موجهاً رسالة لهم بأن عودتهم نصر جديد وإشراقة لمقاومة لبنان وتأكيد غلبة نصر المتشبث بالحق، وأكد سليمان أن التحرير لا يكتمل في ظل الألغام والقنابل العنقودية الإسرائيلية.
ونقلت القناة استقبال سليمان الأسرى الخمسة المحررين فور نزولهم من مروحيتين عسكريتين للجيش اللبناني، وقدمت التحية للمحررين فرقة من الحرس الجمهوري وقفت قرب المنصة وقد فرش السجاد الأحمر على الطريق المؤدية إليها .

قناة المنار تقسم شاشتها
وكانت عملية التبادل بدأت صباحاً في رأس الناقورة بتسليم حزب الله جثتي الجنديين الإسرائيليين، وبتسليم رفات 12 شهيداً، إلى أن تم الإفراج عن الأسرى الخمسة، وخلال الاستقبال في المطار أمل العماد ميشال عون أن يكون حدث اليوم مؤشر تفاؤل للبنان، أولا بتتويج انتصار حرب تموز بعودة الأسرى وعودة الجاثمين للأرض التي خرجوا منها، وثانيا، مع اجتماع الحكومة، آملا أن يحصل انفتاح على عصر جديد من التعاون والتضامن والمفهوم المشترك للقضية الوطنية ومواجهتها بروح الوحدة الوطنية كما هو اسم الحكومة.
وفي الضاحية وبعد لقاء مباشر بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والأسرى المحررين، غادر نصر الله ليطل مجدداً عبر قناة "المنار" يتحدث فيها إلى الجماهير ويدعو إلى لم الشمل وبتجاوز الحساسيات والابتعاد عن إثارة الضغائن والأحقاد لمعالجة المشكلات كافة التي يعاني منها شعبنا وبلدنا بروح التضامن، وكرر إعلانه مجددا "أن همنا هو تحرير بقية أرضنا، ونحن في حزب الله منفتحون على كل نقاش لاستراتيجية تحرير مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وجزء الغجر من تحت الاحتلال" .

ميشال سليمان
من جهتها، حاولت LBC أن تلعب دور الشاشة "الحيادية" في عملية التبادل، لذا تحوّل الشهداء العائدون إلى "مقاتلين " كما قال بسام أبو زيد مراسل القناة إلى الناقورة حريصا على عدم لفظ كلمتي شهداء أو استشهاد طيلة النهار، فقال عن التحية التي قدمتها المقاومة إلى الجثامين إنّها "تحية الذين سقطوا في قتالهم مع إسرائيل"، ولم يقف حرص القناة على "الحيادية" عند هذا الحدّ، اكتفى برنامج "نهاركم سعيد" باستقبال أمين سر حركة التجدد الديمقراطي أنطوان حداد للحديث عن الحكومة والبيان الوزاري العتيد بدل الحديث عن "اليوم الذي وصف بالتاريخي"، كما شدّدت دوللي غانم مقدمة البرنامج، وكانت المحطة قد تابعت برامجها كالمعتاد، ولم تحرم المشاهدين من مشاهدة المسلسل المصري وبرنامج عن الطبخ عند الظهيرة، ولكنها رافقت الرئيس اللبناني أثناء رحلته الجوية لأرض صفقة التبادل.
غياب "العربية"
أما قناة "الجزيرة" فتابعت الحدث منذ الصباح مثلها مثل " BBC " ودعمت تغطيتها بحوار مع ميشال عون، وآخر مع النائب وليد جنبلاط، في الوقت الذي لم تتواجد شاشة قناة "العربية" في تلك اللحظات الفاصلة في تاريخ المقاومة اللبنانية حيث لمت القناة عدتها وكانت هناك في العاصمة الأسبانية مدريد لتغطية مؤتمر الأديان، إلا أنها كانت تنقل الأحداث من فترة لأخرى من الناقورة، لكنها غابت عن الحدث عموماً مفضِّلةً عرض برامجها الاعتيادية، ولم تنس "ريما مكتبي" أن تسأل أحد ضيوفها عما إذا كان ملف سلاح حزب الله سيطوى بعد انتهاء التسليم .

مراسل قناة الجديد
لم تبدأ قناة OTV النقل المباشر باكراً، لكنها عرضت تقارير من وحي المناسبة، وتابعت الحدث بنشرات الأخبار المتتالية على شاشتها، ولم تنس أغنية "انتصر لبنان" لجوليا بطرس، كغيرها من المحطات، وكان اليوم حافل بالأحداث باستضافة الضيوف داخل الاستديو والأغاني والمسلسلات، أما تلفزيون "دبي" رأى أن "حكومة لبنان الجديدة تستقبل أسرى أحياءً وأمواتاً على سجاد أحمر"، مع حرص لافت على تغييب أي دور للمقاومة.
وأخيراً، عندما وصل الأسرى إلى المطار، كانت جميع الشاشات تنقل ظهور الأسرى الخمسة وهم سمير القنطار، العضو في جبهة التحرير الفلسطينية الذي حكم عليه في إسرائيل عام 1980 بالسجن 542 عاما، وأربعة عناصر من حزب الله أسرتهم إسرائيل في معارك حرب صيف 2006 وهم خضر زيدان وماهر كوراني ومحمد سرور وحسين سليمان، وكان أسرى فلسطينيون شاركوا في وداع القنطار ورفاقه في سجن هداريم الإسرائيلي قرب حيفا.
كما نقلت قناة المنار التناقض بين الانتصار اللبناني والانكسار الإسرائيلي ففي الوقت الذي تستعد فيه مختلف المناطق اللبنانية للاحتفال بتحرير أسراها من سجون الاحتلال الإسرائيلي واستقبالهم استقبال الإبطال، يبدو المشهد معاكسا داخل الأراضي المحتلة، فإنّ الأجواء تتحول إلى حزينة وسوداوية حث يستقبل العدو الإسرائيلي جندييه الأسيرين لدى "حزب الله" جثتين هامدتين بعد أن تمكن الحزب وعلى مدى أكثر من سنتين من ترك مصيرهما مجهولاً ومحيراً وبدت خيبة الأمل الإسرائيلية كبيرة بعد أن "خرقت المحرّمات" التي كانت وضعتها لنفسها ووافقت حتى على إطلاق القنطار رغم كل ما كانت تقوله عن استحالة ذلك.
دموع إسرائيل

حزن إسرائيلي أثناء تبادل الأسرى
تعليق