السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كيف الحال إخواني الكرام في هذا الموضوع لن أتحدث عن جرائم القذافي التي لا توصف في شعبنا أثناء ثورة 17 فبراير .. و لا جرائم القذافي اثناء فترة حكمه كمجزرة أبوسليم و حقن 400 طفل بالإيدز و غيرها من الجرائم .. بل أحب في هذا الموضوع أن أحكي شوي عن حالنا و حال ليبيا كيف كان ..
أحب أن أكلمكم شوي عن التعليم في ليبيا و كيف كان و كيف إنو المناهج الدراسية تتغير من فترة لأخرى. عندك مثلا اللغة الإنجليزية القذافي منع تعليم اللغة الإنجليزية لأكثر من 20 سنة باعتبار أنها لغة "الإستعمار البغيض" .. رجع في التسعينات و أعادوا تدريس الإنجليزي .. منهج اللغة الإنجليزية تم تغييره أكثر من 4 مرات لحد علمي .. و بعدين رجعوا و غيروا نظام المرحلة الثانوية و بدل أن يكون نظام 3 سنوات ثانوية عامة .. حولوه لنظام 4 سنوات ثانويات تخصصية و بعدين رجعوا و عملوه نظام 3 سنوات ثانوية تخصصية ..
في سنة وحدة دخل للجامعة نوعين من الطلبة نوع واخذ شهادة ثانوية عامة و نوع درسثانوية تخصصية .. و تخيلوا الفوضى ... مشكلة التعليم في ليبيا لم تكن فقط في المناهج الكارثية و التي يتم تغيرها كل سنتين أو ثلاث و في كل مرة يطلعوا لنا بنظام جديد .. هذا غير المدارس التي يرثى لحالها والتي تحتاج لصيانة و إصلاح .. طمس الطلبة و فرض مادة العسكرية و إلغاء المواد التي تنمي الإبداع كمادة الرسم التي تم إلغاؤها في مرحلة التعليم الثانوي .. بل أيضا إنتشار و بشكل ممنهج و سياسة مدروسة ظاهرة الغش.
الغش في الإمتحانات النهائية للشهادة الثانوية بالذات بدأ في التسعينات كانت تدخل إجابات نموذجية للطلبة الذين يدفعون المال لأعضاء لجنة المراقبة و الكنترول في المدارس .. أذكر أن أخي كان يعود للمنزل مقهور بعد كل إمتحان لأنه كان معاهم في اللجنة طالب يقوم والده يوميا بشراء فطور للجنة المراقبة لكي يدخل الإجابة لولده.
في السنة التي كنت فيها أنا في الشهادة الثانوية عام 99 تطورت الحكاية .. كانت أسئلة الشهادة مسربة و بشكل كبير بين الناس و الإجابات تدخل للطلبة بكل الطرق حتى أن بعض الأهالي يقذفون الإجابات من النوافذ .. و الله لن أنسى أبدا إمتحانات الشهادة الثانوية ذلك العام عندما يتم قذف الإجابات من النوافذ بإستخام الحجارة و الكرات الصغيرة و ما ينتج عن ذلك من تحطيم للزجاج و فوضى و عراك على هذه الإجابات ثم تأخذ المدرسة التي تراقب علينا الإجابة بعد أن تتنتهي الطالبة التي جاءت إليها ورقة الإجابة (لأن إسمها مكتوب على الورقة فالإجابات تدخل بالأسم) و تبدأ في قرأة الإجابة على الجميع .. تجد نفسك في فوضى التركيز معدوم الثقة في الإجابة مدمرة و تبدأ في صراع مع نفسك تحاول التركيز و لكن تبدأ بالتفكير في الشخص الذي بجوارك و هو ينقل الإجابة و الوقت يمضي ثم تفكر ما فائدة أن تدرس و تتعب نفسك ..المهم تعبت نفسيا في تلك الفترة.
الآن في السنوات الأخيرة أصبح الغش في الإمتحانات تقريبا في كل مراحل الدراسة حتى أنهم أصبحو يستبعدون المدرسين الذين يرفضون تغشيش الطلبة و إعطائهم إجازة فترة الإمتحانات بل إنه يوجد مدرسين تعرضوا للضرب و إتلاف سياراتهم لأنهم رفضوا أن يغش الطلبة أثناء الإمتحان ... و الله هذا ما كان يحدث على الأقل في مدارس العاصمة حيث أعيش .. هذا غير إنتشار المدارس و المعاهد و الجامعات الخاصة التي أصبح عددها أكثر من المدارس الحكومية .. في هذه المدارس الطالب لا يدرس و لا يحضر حصص أصلا بل يأتي في نهاية العام ليستلم شهادته على إنه ناجح .. صديق أخي كان يعمل مدرس في أحد هذه المعاهد و قد تم إرجاع النتجة النهايئة للمادة التي يدرس فيها من قبل المدير و طلبوا منه أن يغيرها و ينجح كل الطلبة لأنهم و حسب قول ذلك المدير يدفعون المال للحصول على شهادة.
بالنسبة لي على الرغم تخرجت من الجامعة (و التي أصلا التعليم الجامعي في ليبيا كارثة أخرى) عام 2007.. إلا أن هذه التجرية (إمتحانات الشهادة) مازالت تطاردني إلى الآن .. مازلت إلى الآن أستيقظ في الليل من كابوس أحلم به من حين لآخر .. أحلم أنني داخل حجرة الإمتحان و لا أستطيع الإجابة على الأسئلة و عندما أبدأ في الإجابة ينتهي الوقت ثم أكتشف أنني درست مادة أخرى ليست مادة الإمتحان .. فأحاول تجميع معلوماتي فإذا بالورقة بيضاء .. ألتفت من حولي هنا و هناك ثم أستيقظ فجأة مع ضيق في صدري . أعتبر مرحلة الثانوية من أسوا مراحل حياتي ..
و لو تم تناول ملف التعليم في ليبيا بالتفصيل لسمعتم العجب .. على فكرة لو بحثتم في الإنترت لوجدتم فيديو للقذافي يتحدث فيه هذا الخبيث في أحد خطاباته عن الإمتحانات و أنه يجب أن تلغى و هذا فعلا ما كان يحدث في ليبيا .. و لكن ليس بشكل مباشر بل بكل خبث عن طريق إنتشار ظاهرة الغش. أنا للأسف النت عندي ضعيف لكنت رفعت لكم هذا الفيديو لأنه عندي في الجهاز.
في موضوع آخر :
في السبعينات طلع علينا القذافي بالكتاب الأخضر و الذي هو كما يعلم الجميع الدستور في ليبيا و قال في إحدى مقولاته "لا حرية لشعب يأكل من وراء حدوده" .. و منها تم إيقاف الإستيراد من الخارج .. أنا لم أعش تلك الفترة و لكن حسب كلام أبي و أمي أصبحت البلاد خالية و المحلات فارغة و لا يوجد تجارة و كان يتم تهريب كل شئ إلى داخل البلاد حتى من العلكة و المكسرات ... و بعد ذلك جاء حصار لوكربي و قد كان حصار على الطيران الجوي الخارجي فقط و لكن القذافي حوله إلى حصار شامل على الشعب .. و عشنا فترة من ضيق المعيشة و شح و إنتشار الفقر .. الشكولاته مثلا كنا لا نحصل عليها إلا عندما يسافر أبي للخارج فيشتريها لنا بكميات وفيرة و كانت أمي دائما تقوم بتوزيع بعضا منها على بيت خالاتي ...
المهم .. بعد ذلك طلع علي
تعليق