Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أسماء لن ينساها التاريخ

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أسماء لن ينساها التاريخ

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    بمناسبة الربيع العربى وما يحدث من حولنا كان لازم ننظر لكيف نهضة الامم السابقة والتى كانت تعانى اكثر منا بكثير وكيف انهم جميعا سلكوا نفس النهج
    لذلك احببت ان اهديكم موضوع لنعرف من هؤلاء الذين استطاعوا تغير مسار امة باكملها وماهى الاشياء التى حمعت بين كل منهم
    العائلة الفقيرة التى عاشوا فيها - المناصب السياسية التى حصلوا عليها بعد كفاح - ايمانهم بالحرية والديمقراطية - السجون والثورات - واخيرا ايمانهم جميعا بالقضية الفلسطينية وكرهمم للدولة الاسرائيلية

    استمتعوا

    مهاتير محمد

    ولد مهاتير محمد في 20 يونيو 1925, بولاية كيداه بماليزيا

    وهو الابن الاصغر لتسعة اشقاء.
    والده كان يعمل مدرساً في مدرسة ابتدائية براتب لم يكن يكفي كي يحقق حلم مهاتير في الحصول على دراجة يذهب بها الى المدرسة الثانوية. ( ومن هنا بدأ الكفاح)
    فعمل مهاتير بائعا للموز في الشوارع حتى كان له ما أراد.
    ثم تخرج من المدرسة الثانوية ليدخل كلية الطب فى سنغافورة المجاورة.
    وأصبح رئيساً لإتحاد الطلاب المسلمين بالجامعة قبل تخرجه عام 1953
    أعماله والمناصب التي شغلها:
    1- عمل طبيباً في الحكومة الانجليزية التي كانت محتلة لبلاده حتى استقلال ماليزيا عام 1957 م
    2- بعد استقلال ماليزيا فتح عيادته الخاصة ك (جرّاح) وخصص نصف وقته للكشف المجاني على الفقراء.
    3- فاز بعضوية مجلس الشعب عام 1964 وخسر مقعده بعد خمس سنوات.
    حينها تفرغ لتأليف كتاب عن « مستقبل ماليزيا الاقتصادي » في عام 1970
    4- أعيد انتخابه «سيناتور» في عام 1974
    "السيناتور هو عضو مجلس الشيوخ الأمريكي ، و يكون السيناتور ممثلاً للولاية التي يتبع لها و ينتخب منها.
    مهام السيناتور هي مناقشة القرارات و التصويت عليها ، وضع القوانين و مناقشتها.
    يعني مثل مجالس الشعب في بعض الدول العربية (مع الفارق طبعاً!)."AbDuLaZiZ AlBaBtAiN
    5- اُخْتِير وزيراً للتعليم في عام 1975 .
    6-اصبح مساعداً لرئيس الوزراء في عام 1978 .
    7- تقلد منصب رئاسة الوزراء عام 1981.
    ومن هنا – عام 1981- بدأت نهضته الشاملة التي قال عنها في كلمته بمكتبة الإسكندرية إنه استوحاها من أفكار النهضة المصرية على يد محمد علي.

    نتكلم قليلا عن الدولة التي عاش فيها و أوضاعها الاقتصادية.
    تقع ماليزيا شرق آسيا يحدها شمالا تايلند وجنوبا سنغافورة وشرقا بحر الصين وغربا خليج ملاكا
    ماليزيا « بلد » مساحته «320 ألف كيلو متر مربع »

    عدد سكانه 27 مليون نسمه أي مثل عدد سكان السعودية وثلث عدد سكان مصر ( كما يذكر صاحب الايميل)
    كان السكان يعيشون في الغابات قبل عام 1981, وكانوا يعملون في الزراعة (الموز والمطاط والأناناس) , وصيد الاسماك.
    كان متوسط دخل الفرد أقل من ألف دولار سنوياً. ( يعني فقر مدقع)
    كانت الصراعات دينية عندهم بكثرة بحكم كثرة الديانات ( 18 ديانة) منها السكان الأصليين وهم المالايا ويمثلون أكثر من نصف سكان ماليزيا، وقسم آخر من الصينيين والهنود وأقليات أخرى، وأيضاً توجد الديانة الأساسية وهي الإسلام بالإضافة للديانات الأخرى مثل البوذية والهندوسية
    علم ماليزيا
    نرجع لمهاتير..
    تذكرون الكتاب اللي تكلمنا عنه انه تفرغ لكتابته في عام 1971؟
    كان اسم الكتاب (معضلة الملايو).. معضلة حقيقية لمهاتير محمد، فحين كتب مهاتير الكتاب عام 1970 قامت الدنيا ولم تقعد لاتهامه شعبه بالكسل والاتكالية، داعيا فيه الي ثورة صناعية شاملة تتيح لماليزيا الخروج من حلقة الدولة الزراعية المتخلفة.
    طبعا الكتاب عمل ضجة كبيرة وقتها ..فمنع الكتاب من قبل منظمة المالايو القومية المتحدة
    هذا يدل على قدرة مهاتير على كسب الاتباع داخل حزبه ..
    وعلى هذا الاساس لاح نجم مهاتير وانتخب لرئاسة الوزراء مدة 22 عام مما اتاح له الفرصة كاملة لآن يحول افكاره الي واقع جاعلا من ماليزيا احد انجح الاقتصاديات في جنوب آسيا والعالم الاسلامي،
    فكانت دولة زراعية تعتمد على انتاج وتصدير المواد الاولية ( خاصة القصدير والمطاط، )الي دولة صناعية متقدمة يساهم قطاعا الصناعة والخدمات فيها بنحو 90% من الناتج المحلي الاجمالي،
    وكانت النتيجة الطبيعية لهذا التطور ان انخفضت نسبة السكان تحت خط الفقر من 52% الي 5% فقط في عام 2002 ، وارتفع متوسط دخل المواطن الماليزي من 1247 دولارا في عام 1970 الي 8862 دولارا في عام 2002 وانخفضت نسبة البطالة الي 3% وكان سبب ذلك تبني مهاتير مجموعة من السياسات أتاحت لماليزيا لان تكون البيئة المثالية لآفضل الاستثمارات في جنوب آسيا حسب دراسات البنك الدولي.
    <~ عقبالنا ان شاء الله تنخفض البطالة معنا


    سياسته في تطوير بلده:
    أولاً : رسم خريطة لمستقبل ماليزيا حدد فيها الأولويات والأهداف والنتائج ، التي يجب الوصول إليها خلال 10 سنوات .. وبعد 20 سنة .. حتى عام 2020 !!!
    ثانياً : قرر أن يكون التعليم والبحث العلمي هما الأولوية الأولى على رأس الأجندة ، وبالتالي خصص أكبر قسم في ميزانية الدولة ليضخ في التدريب والتأهيل للحرفيين ,والتربية والتعليم ,ومحو الأمية, وتعليم الإنكليزية , وفي البحوث العلمية .. كما أرسل عشرات الآلاف كبعثات للدراسة في أفضل الجامعات الأجنبية . <~ آخ يا القهر.
    ثالثاً : أعلن للشعب بكل شفافية خطته و استراتيجيته ، وأطلعهم على النظام المحاسبي الذي يحكمه مبدأ الثواب والعقاب للوصول إلى « النهضة الشاملة » ، فصدقه الناس ومشوا خلفه ليبدأوا « بقطاع الزراعة » .. فغرسوا مليون شتلة « نخيل زيت » فى أول عامين لتصبح ماليزيا أولى دول العالم فى إنتاج وتصدير « زيت النخيل » !!!



    ففي قطاع السياحة .. قرر أن يكون المستهدف في عشر سنوات هو 20 مليار دولار بدلاً من 900 مليون دولار عام 1981 ، لتصل الآن إلى 33 مليار دولار سنوياً ॥ وليحدث ذلك ، حّول المعسكرات اليابانية التي كانت موجودة من أيام الحرب العالمية الثانية إلى مناطق سياحية تشمل جميع أنواع الأنشطة الترفيهية والمدن الرياضية والمراكز الثقافية والفنية .. لتصبح ماليزيا « مركزاً عالمياً » للسباقات الدولية فى السيارات ، والخيول ، والألعاب المائية ، والعلاج الطبيعي ، و... و... و....



    وفي قطاع الصناعة .. حققوا فى عام 1996 طفرة تجاوزت 46٪ عن العام السابق بفضل المنظومة الشاملة والقفزة الهائلة فى الأجهزة الكهربائية ، والحاسبات الإلكترونية।



    وفي النشاط المالي ॥ فتح الباب على مصراعيه بضوابط شفافة أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية لبناء أعلى برجين توأم فى العالم .. بتروناس .. يضمان 65 مركزاً تجارياً فى العاصمة كوالالمبور وحدها .. وأنشأ البورصة التي وصل حجم تعاملها اليومي إلى ألفي مليون دولار يومياً।




    أعمال اخرى قام بها:

    وأنشأ أكبر جامعة إسلامية على وجه الأرض ، أصبحت ضمن أهم خمسمائة جامعة فى العالم يقف أمامها شباب الخليج بالطوابير ،
    كما أنشأ عاصمة إدارية جديدة putrajaya‏ بجانب العاصمة التجارية «كوالالمبور» التي يقطنها الآن أقل من 2 مليون نسمة ، ولكنهم خططوا أن تستوعب 7 ملايين عام 2020 ، ولهذا بنوا مطارين وعشرات الطرق السريعة تسهيلاً للسائحين والمقيمين والمستثمرين الذين أتوا من الصين والهند والخليج ومن كل بقاع الأرض ، يبنون آلاف الفنادق بدءًا من الخمس نجوم حتى الموتيلات بعشرين دولار فى الليلة !!!





    بإختصار ॥ إستطاع الحاج «مهاتير» من عام 1981 إلى عام 2003 أن يحلق ببلده من أسفل سافلين لتتربع على قمة الدول الناهضة التي يشار إليها بالبنان ، بعد أن زاد دخل الفرد من 1000 دولار سنوياً في عام 1981 عندما تسلم الحكم إلى 16 ألف دولار سنوياً .. وأن يصل الإحتياطي النقدي من 3 مليارات إلى 98 ملياراً ، وأن يصل حجم الصادرات إلى 200 مليار دولار ، فلم يتعلل بأنه تسلم الحكم فى بلد به 18 ديانة ، ولم يعاير شعبه بأنه عندما تسلم الكرسي فى عام 1981 كان عددهم 14 مليوناً والآن أصبحوا 28 مليوناً ، ولم يتمسك بالكرسي حتى آخر نفس أو يطمع فى توريثه لأبنائه ...




    انتقادات ضده:

    تعرض الزعيم الماليزي مهاتير محمد للعديد من الانتقادات على مدار حياته السياسية حيث وصفه البعض بالديكتاتور - ولكن بطريقة ماليزية لم تتح لزعيم قوي لان يظهر وينافس مهاتير- ولكن جاء قرار استقالته وهو في قمة مجده لينسف هذا المعتقد حيث لم يستأثر بالحكم على الرغم من النجاح الساحق الذي حققه أثناء حكمه للبلاد، وظل مثيراً للجدل من قبل الغرب نظراً لتصريحاته اللاذعة الشديدة اللهجة دائماً.
    وكانت أكثر هذه التصريحات جرأة وإثارة لغضب الغرب تلك التي كانت في القمة الإسلامية التي عقدت في ماليزيا حيث انتقد اليهود بشدة في كلمته التي ألقاها حيث أشار لسيطرتهم على القرار الدولي وقيامهم بإشعال نيران الحرب ضد المسلمين.
    كما أن منتقديه يقولون ان فترة حكمه تميزت أيضا بقمع سياسي بعدما واجه تحديا من داخل حزبه في عام 1987
    كما تعرض عدد من رموز المعارضة للاعتقال ومنعت (بتشديد الميم) صحف من الاستمرار في الصدور، وأقيل عدد من كبار القضاة من مناصبهم حين أبدوا اعتراضهم علي ممارساته.
    و حتى صديقه لسنوات طويلة موسي هيتلم كان قد وصفه بانه رجل عنيد وحديدي، وكان موسي نائبا له لكنه استقال بعد خلافه الشديد معه.
    ولعل منتقديه غالبا ما يلمحون الي الطريقة القاسية التي ادار فيها مهاتير لازمة أنور ابراهيم الذي شغل منصب النائب له، وماصاحب ذلك من اتهامات لابراهيم بالشذوذ الجنسي انتهت به الي السجن، ويري كثير من المراقبين ان مهاتير قرر انهاء الحياة السياسية لابراهيم بهذه الاتهامات التي انكرها ابراهيم باستمرار.
    ومهما تعددت الاراء في شخصية مهاتير المثيرة للجدل حقا، فان الجميع يتفق علي ان الدكتور مهاتير كان شخصية كاريزمية استطاع ان يبتكر اليته الخاصة في العمل السياسي، كما كان مراقبا جيدا للشؤون الاقليمية والعالمية، لا يخجل من انتقاد ومهاجمة أقرب حلفائه السياسيين، ولعله كان محقا حين قال ذات يوم بان خبرة آلاف السنين لم تجعل الانسان قادرا علي ادارة شؤونه افضل من اولئك الذين كانوا يعيشون في العصر الحجري।

    في عام 2003 وبعد 21 سنة ، قرر بإرادته المنفردة أن يترك الجمل بما حمل ، رغم كل المناشدات ، ليستريح تاركاً لمن يخلفه « خريطة طريق » و« خطة عمل » اسمها « عشرين .. عشرين » .. أى شكل ماليزيا عام 2020 والتي ستصبح رابع قوة إقتصادية فى آسيا بعد الصين ، واليابان ، والهند.


    مشهد الأخير

    (وقتي انتهي.. لن أتولى أي مسؤوليات رسمية بعد 31 أكتوبر 2003م لأنه من المهم أن يتولى قيادة ماليزيا جيل جديد بفكر جديد). هذا آخر ما تحدث به هذا العبقري.. إبداع في البدايات وروعة في النهايات لحقا هو إحدى المعجزات!
    مهاتير في اليوم الاخير لرئاسة الوزراء

    المثل هو اليابان
    يقول مهاتير محمد في آخر تقرير له عن الموازنة العامة قبل تقاعده كرئيس للوزراء ان حكومته ادركت تماما اهمية أن يصاحب التطور الماليزي القيم الاخلاقية والاجتماعية، ولهذا دعي دائما الي النظر الي الشرق، والمقصود بذلك اعتناق قيم العمل السائدة في اليابان وكوريا التي تقوم اساسا علي الانضباط الشديد والإخلاص التام للعمل ، والحرص علي اختيار قيادة ادارية ماليزية واعية، وقد يبدو هذا مخالفا لمفهوم البحث عن قيم التطور في الغرب عموما والولايات المتحدة بشكل خاص، لكن مهاتير رأي دائما ان ثقافة العمل في اليابان بشكل خاص هي الانسب لثقافة وتكوين بلاده.



    بعض ما قيل عنه:
    1-
    لهذا سوف يسجل التأريخ .. « أن هذا المسلم » لم ترهبه إسرائيل التي لم يعترفوا بها حتى اليوم ، كما ظل ينتقد نظام العولمة الغربي بشكله الحالي الظالم للدول النامية ، ولم ينتظر معونات أمريكية أو مساعدات أوروبية ، ولكنه اعتمد على الله ، ثم على إرادته ، وعزيمته ، وصدقه ، وراهن على سواعد شعبه وعقول أبنائه ليضع بلده على « الخريطة العالمية » ، فيحترمه الناس ، ويرفعوا له القبعة !!!
    وهكذا تفوق « الطبيب الجراح » بمهارته وحبه الحقيقى لبلده واستطاع أن ينقل ماليزيا التى كانت « فأراً » إلى أن تصبح « نمراً » آسيوياً يعمل لها ألف حساب !!!


    2-
    ومهاتير ظل مثيرا للجدل حتي بالنسبة للغرب الذي بدا يتململ من تصريحاته و خصوصا تلك التي اطلقها في المؤتمر الاسلامي عن اليهود التي قال فيها ان اليهود يحكمون العالم بالوكالة ويرسلون غيرهم للموت نيابة عنهم، هذه التصريحات قد أثارت لغطا كبيرا ودعت جهات امريكية وغربية مهاتير الي الاعتذار.



    Personal Website
    Twitter
    Youtube Channel

  • #2
    أردوغان

    أردوجان .. مولد زعيم

    وُلد الزعيم رجب طيب أردوجان في العاصمة التركية إسطنبول في 26 فبراير 1954م، في أسرة تركية رقيقة الحال، أمضى طفولته المبكِّرة في محافظة ريزه المطلَّة على البحر الأسود؛ حيث كان والده يعمل مع رجال خفر السواحل، وعندما بلغ أردوجان الثالثة عشرة من عمره قرَّر والده الانتقال إلى إسطنبول على أمل تحسين وضعه المادي، ولتأمين مستقبل أفضل لأطفاله الخمسة.
    وفي إسطنبول التحق أردوجان بمدارس إمام وخطيب الدينية Hatip Lisesi،
    ولدينه وتقواه أطلق عليه لقب "الشيخ رجب"؛ ومِن ثَمَّ شارك في حلقات للشيخ أسعد جوشقون شيخ الطريقة النقشبندية في إسطنبول.

    وفي المرحلة الثانوية انتقل أردوجان إلى مدرسة أيوب، التي شهدت بدايات اهتماماته بقضايا الوطن التركي؛ وذلك على خلفية إسلامية تكوَّنت معالمها من دراسته للعلوم الشرعية، فنشط أردوجان أثناء دراسته الثانوية في مختلف فروع الاتحاد الوطني لطلبة تركيا.

    ثم انتقل أردوجان بعد ذلك إلى المرحلة الجامعية، حيث التحق بكلية التجارة والاقتصاد بجامعة مرمرة بإسطنبول، واستمرَّ في نشاطه السياسي؛ حيث أصبح رئيسًا لفرع الشباب التابع لحزب السلامة الوطني الإسلامي.

    وقد تميَّز أردوجان بشخصية قوية ومؤثِّرة جعلته متفرِّدًا بين أقرانه، بجانب حرصه الدائم على التطرُّق للمشاكل الحياتية التي يُعاني منها أبناء الشعب التركي، لا سيما وأن أردوجان نفسه اضطرته الظروف المعيشية إلى العمل في بعض الأعمال والمهن البسيطة -مثل بيع عصير الليمون والكعك
    - من أجل جني المال لمساعدة والده ولتوفير مصاريف تعليمه.

    كذلك عُرف عن أردوجان اهتمامه بالرياضة منذ شبابه المبكِّر؛ حيث كان يمارس لعبة كرة القدم بانتظام خلال المرحلة الجامعية، هذه المرحلة التي شهدت بداية تألُّق أردوجان وظهور قدراته ومهاراته القيادية بين كوادر الحركة الإسلامية التركية؛ فمن ملاعب كرة القدم انتقل إلى ملاعب السياسة، وانتقل من الاتحاد الوطني للطلبة الأتراك إلى حزب السلامة؛ حيث ترأَّس قسم الشباب في فرع الحزب التابع لمدينة إسطنبول، بما لفت انتباه الزعيم الإسلامي نجم الدين أربكان، الذي كان يترأَّس حزب السلامة في هذه الفترة، والتقى الزعيم الكبير بالشاب الواعد، الذي نجح في اكتساب ثقة أربكان، وتعدَّدت اللقاءات بينهما إلى أن قام الجيش التركي بتنفيذ انقلابه في عام 1980م، ليشهد أردوجان عن كثب أول مواجهة بين الإسلاميين والعسكريين.

    بعد مرور ثلاث سنوات على الانقلاب العسكري وفي 24 إبريل 1983م رُفعت معظم القيود عن النشاط السياسي، ثم سُمح للأحزاب السياسية بالتشكيل من جديد، وكان من بين الأحزاب التي شُكِّلت في هذه الفترة "حزب الرفاه الإسلامي".

    أردوجان في حزب الرفاه

    ما إن تمَّ الإعلان عن تأسيس حزب الرفاه الإسلامي إلا وبادر أردوجان بالانضمام إليه؛ وسرعان ما أصبح أردوجان أهم شخصيات الحزب، وأقوى قياداته في مدينة إسطنبول، ولم يمر عامان إلاَّ وتولَّى أردوجان منصب رئيس فرع حزب الرفاه في مدينة إسطنبول.

    وبالفعل أدار أردوجان فرع الحزب بكفاءة منقطعة النظير، شكَّلت مع مرور الوقت دفعة شعبية هائلة للحزب في أنحاء إسطنبول.

    كذلك فقد شهدت هذه الفترة تصعيد أردوجان ليُصبح أحد أعضاء المجلس المركزي لحزب الرفاه؛ بما أتاح له المشاركة في اتخاذ القرارات، ولم يكن هذا التألُّق بمعزل عن رعاية الزعيم أربكان وعنايته بتلميذه النجيب؛ حيث صرَّح أربكان بأنه يرى في أردوجان خليفته؛ وذلك لما يراه في تلميذه من إيمان وتصميم وتضحية؛ بل واللافت للانتباه في هذه المرحلة أن أربكان كان يصف نفسه بالواقعية، بينما كان ينظر إلى أردوجان على أنه متشدِّد وزائد الحماسة.

    بعد ذلك أصبح أردوجان أحد أشهر قيادات حزب الرفاه، ومن ثَمَّ قام الحزب بترشيحه لعضوية البرلمان التركي في عام 1991م، إلاَّ أنه لم يستطع الفوز بالمقعد[14]. ولكن هذا الإخفاق لم يُثنيه عن مسيرته الإصلاحية، التي تخطَّت ثمارها حدود بلدية بيوجلو؛ لتنتشر في سائر أحياء إسطنبول، وبمرور الأيام علا نجم أردوجان وعُرف عنه في كافة أنحاء إسطنبول الجدُّ والاجتهاد ومراعاة مطالب أبسط فئات الجمهور، فضلاً عن طهارة يده، وتعفُّفه عن المال العام، وقد تبدَّت معالم هذه الثقة وتكللت بفوز أردوجان في عام 1994م برئاسة بلدية إسطنبول، هذه المدينة الكبيرة العريقة بما تحمله من مكانة تاريخية في نفوس الأتراك، إضافةً إلى أهميتها الجغرافية والسياسية في الساحة التركية.

    أردوجان عمدة إسطنبول

    لقد أيقظ أردوجان -من خلال إدارته العبقرية للموارد البشرية والشئون المالية- المشاعر الإيجابية لدى أبناء إسطنبول، وأعاد لهم الثقة بأنفسهم وبقدرتهم على النهوض بمدينتهم، فحلَّ مشكلة القمامة لما لها من آثار نفسية محبطة، فضلاً عن آثارها الصحِّيَّة، كما عالج مشكلة تلوث هواء إسطنبول التي كانت تُؤَرِّق سكانها، واتخذ العديد من التدابير لضمان استخدام أموال البلدية بحكمة، وحارب الفساد بكل قوَّة، فسدَّد ديون إسطنبول التي جاوزت المليارين من الدولارات عند تسلُّمه رئاسة المدينة، بل ووفر فائضًا نقديًّا استثمره لصالحها بلغ أربعة مليارات دولار.

    أردوجان والسجن

    إن الإنجاز الذي حقَّقه أردوجان في إسطنبول واضح للعيان، وشهد به الجميع حتى الخصوم السياسيين، ولم يقف هذا التقدير عند المستوى المحلِّي فقط، بل تعدَّاه إلى المستوى الدولي؛ حيث تمَّ تكريم أردوجان من قِبَل الأمم المتحدة على ما قدَّمه لإسطنبول خلال فترة ولايته.

    والعجيب في الأمر أن كل إنجازات أردوجان التي أقرَّ بها القاصي والداني لم تشفع له عند حرَّاس المعبد العلماني التركي؛ فما إن مسَّ أردوجان أحد ثوابت الدولة العلمانية في أحد خطاباته، حتى انقلب عليه حراس العلمانية؛ فطردوه من منصبه، وأحالوه إلى المحاكمة بدم بارد! ففي زيارة قام بها أردوجان إلى محافظة سيرت Siirt Province الواقعة في جنوب شرق تركيا في 12 ديسمبر 1997م، تضمَّن خطابه أبياتًا من الشعر تحمل بعض المعاني الحماسية، نذكر منها: "مساجدنا ثكناتنا، قبابنا خوذاتنا، مآذننا حرابنا، والمصلون جنودنا، هذا الجيش المقدس يحرس ديننا".

    فتسبَّبَتْ هذه الكلمات في إدانة أردوجان بتهمة التحريض على الكراهية الدينية، وحكمت عليه محكمة أمن الدولة بمدينة ديار بكر بالسجن لمدَّة عام، وحرمانه من ممارسة جميع الأنشطة السياسية مدى الحياة!

    الخلاف مع حزب الفضيلة

    في 18 يونيو 1997م قام الجيش التركي فيما سُمِّيَ "بالانقلاب الأبيض"، الذي اكتملت معالمه بحظر حزب الرفاه، ولم يكن قرار الحل مفاجئًا للإسلاميين، بل كانوا يتوقَّعُونه في أية لحظة. ومن ثَمَّ وضعوا مشروعًا لتأسيس حزب يخلف الرفاه في حالة حَلِّه، حيث تم تأسيس حزب "الفضيلة"، الذي انتخب لرئاسته رجائي قوطان في ديسمبر 1998م.

    ولذا فما إن خرج أردوجان من السجن بعد مرور أربعة أشهر قضاها في محبسه -وذلك بعد حصوله على عفو سياسي-

    إلا وبدأ يُبَشِّر بمشروعه السياسي الجديد للتغيير في تركيا، الذي يقتضي ضرورة تعديل النهج والأسلوب التقليدي الذي تنتهجه الحركة الإسلامية في تركيا. وكانت الفترة التي أعقبت السجن بمنزلة عهدٍ جديدٍ في حياة أردوجان السياسية، فقد تغيَّرت نظرته للكثير من الأمور، وأصبحت لديه العديد من التحفظات على طريقة أستاذه أربكان في العمل.. ثم قرَّرت المحكمة الدستورية التركية في يونيو 2001م حلَّ حزب الفضيلة الإسلامي، بتهمه أنه استمرار لحزب الرفاه الإسلامي.

    لقد جاهد أردوجان زعيمُ شباب الحزب -الذين يُعرفون في الحركات الإسلامية بـ"جيل الوسط"- كثيرًا لتقويم أفكارهم والحدِّ من طموحاتهم؛ حتى لا يحدث صدام داخلي بين أبناء الحركة الإسلامية، ولكنه مع مرور الوقت وتفاقم الأزمات التي واجهتها حركة أربكان، بدأت أصوات شباب الحركة في الارتفاع؛ لتطرح رؤيتها بضرورة تغيير استراتيجية الحركة، وذلك في تعاملها مع الدولة التركية بجميع أطيافها السياسية وعلى رأسها العسكريون، وأنه حان الوقت للحدِّ من الأسلوب الصدامي الذي يتبعه "شيوخ" الحركة مع المؤسسة العسكرية. وجاء حلُّ حزب الرفاه، ثم تشكيل حزب الفضيلة، الذي سار على النهج الأربكاني نفسه؛ بعدما فشل جيل الوسط من الفوز برئاسته، ولم تحدث أي محاولات لانشقاق من جانب هؤلاء الشباب طوال هذه الفترة.. إلى أن تمَّ حلُّ حزب الفضيلة ليُؤَكِّد اقتناع جيل الشباب -الذين يُطْلَق عليهم في تركيا "المجددون المعاصرون"- بحاجة الحركة الإسلامية إلى إعادة ترتيب أوراقها بما يُناسب الحالة التركية.

    تأسيس حزب العدالة والتنمية

    لم يتوقَّف أردوجان ولم يتراجع عن أفكاره، التي اقتنع أنها السبيل الأنجع للإصلاح في تركيا، ومضى في طريقه الذي حدَّده لنفسه بقوة وعزم أكيد، ولم يكن بمفرده؛ فقد كان معه عبد الله جول أقرب أصدقائه إلى نفسه، وكذلك زوجته أمينة المحجبة الملتزمة بتعاليم الإسلام، التي تزوجها في عام 1978م. ومن هنا كان تأسيس هذا الجيل الجديد بقيادة الزعيم الشاب أردوجان لحزب جديد، واختاروا له اسمًا موحيًا وهو "العدالة والتنمية"، بينما سار "شيوخ" الحركة في اتجاه تأسيس حزب جديد آخر باسم "السعادة" على النهج الأربكاني نفسه في الأحزاب الأربعة التي سبقته.

    وللحقِّ.. فقد أثار خروج مجموعة أردوجان وجول الكثير من اللغط والبلبلة، التي اخترقت آثارها الحدود التركية، وعلى كل الأحوال وبغضِّ النظر عن الآراء المتضاربة في هذا الشأن فإنه -إحقاقًا للحقِّ- بمرور السنوات وتتابع المواقف نستطيع أن نقول باطمئنان: إن تجربة حزب العدالة والتنمية التركي وعلى رأسها الزعيم رجب طيب أردوجان، أصبحت مصدر فخر وعزَّة لكل مسلم، ليس في تركيا فقط، بل وفي العالم بكامله.

    تركيا قبل تسلم أردوجان الحكم

    استقبلت الدولة التركية الألفية الثالثة بوضع مأساويٍّ بحقٍّ، ويشهد حالة فريدة من التردِّي أصابت كافَّة قطاعات الدولة، لا سيما بعدما انتهت الدورة البرلمانية 1999- 2002م بصورة أقرب إلى الفوضى، فنظرًا لتوالي الفضائح وتفشِّي الفساد، فضلاً عن وضع اقتصادي يُداني الإفلاس؛ مما قاد إلى انهيار البورصة التركية، وحدوث أزمة اقتصادية طاحنة في فبراير 2001م.

    إلى جانب مشكلة البطالة كأحد مظاهر الأزمة الاقتصادية الطاحنة، كانت قضية الحجاب واحدة من أسخن القضايا الداخلية المطروحة بقوَّة على الساحة السياسية التركية لمدة العشرين عامًا الأخيرة من القرن الماضي، ومع ذلك فلم تصل هذه المشكلة إلى حلٍّ نهائي، هذا إضافة إلى القضية الكردية كأحد أكبر المشاكل التي تُواجه أي حكومة تركية؛ فكلمة "الأكراد" تحمل في طياتها حساسيات كثيرة في تركيا. وكما كانت الأوضاع الداخلية تُواجِه العديد من التحديات الجسيمة، كان هناك العديد من القضايا الخارجية الشائكة في انتظار الحسم؛ لا سيما قضية التعامل والتنسيق مع صندوق النقد الدولي وملف الانضمام إلى الاتحاد الأوربي، وموقف تركيا من الأزمة العراقية الأمريكية.

    أردوجان في الحكم

    انتخابات 2002 وتغيير الخريطة السياسية التركية

    أُجريت الانتخابات البرلمانية التركية في 3 نوفمبر 2002م لتحدث المفاجأة الكبرى، ويُحَقِّق حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوجان -رئيس بلدية إسطنبول السابق- نصرًا ساحقًا فاق أكثر استطلاعات الرأي تفاؤلاً؛ وذلك بحصوله على نسبة 34.2٪ من أصوات الناخبين، بما يُعادل 363 مقعدًا في البرلمان التركي من أصل 550 مقعدًا!

    ماذا فعل أردوجان في التبعة الثقيلة ؟
    استوعب حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوجان الدرس جيدًا، فتجنَّب كل ما يُفضي إلى تجدُّد الصدام مع العسكر ومعبدهم العلماني، بل عمل على كسب ثقتهم -وهو ما لا يمكن تحقيقه مع استمرار زعامة أربكان، الطرف المباشر في ذلك الصدام-.

    وفي الوقت نفسه وبشكل متوازٍ أعطى أردوجان الأولوية للعلاقة مع أوربا وللنهوض بالاقتصاد، وتجنُّب إثارة المعارك حول بعض القضايا الحساسة؛ مثل الحجاب، باعتباره من أسخن ساحات الصراع بين التيار الإسلامي والتيار العلماني بحماية من الجيش؛ لذا جاء تصريحه الأول بعد الفوز في الانتخابات بأن حزبه سيلتزم بالمبادئ العلمانية التي ينصُّ عليها الدستور التركي.

    والذي لا يفقه الواقع التركي قد يأخذ على أردوجان مثل هذا التصريح، ولكن أردوجان كان يعلم أنه يعيش في دولة تملؤها التناقضات؛ فتركيا خليط من إسلام وعلمانية، عثمانية وأوربية، دكتاتورية وديمقراطية، حكم الشعب وحكم العسكر، شارع يملؤه الإسلام ودستور يحاربه! بدأ أردوجان ولايته الأولى للحكومة التركية عازمًا على تحقيق نهضة شاملة في مختلف جوانب الحياة بتركيا؛ وذلك بغرض تثبيت أركان حكومته من جهة، وتأهيل الدولة التركية لاسترجاع هيبتها ومكانتها على المستوى الإقليمي والدولي من جهة أخرى. وقد نجح أردوجان بالفعل في فترة حكومته الأولى في تحقيق طفرة واضحة، بدت معالمها جلية في العديد من قطاعات الدولة التركية، ولم يأتِ هذا النجاح من فراغ، بل كان نتاج جهد وعرق على مختلف الأصعدة، ولكن إذا أردنا أن نضع أيدينا على سرِّ النجاح الكبير الذي حقَّقه أردوجان في هذه المرحلة، فيمكننا تحديد أربعة جوانب كانت على رأس اهتمامات حكومة حزب العدالة الأولى؛ تأتي في مقدمتها "تحسين الوضع الاقتصادي"، ثم عقد "هدنة سياسية" مع كافة عناصر المجتمع التركي وقواه السياسية، و"تحييد العامل الخارجي" عن طريق بثِّ رسائل تطمينية للمجتمع الدولي؛ وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا، وأخيرًا "إعادة النظر في ملف العلاقات التركية مع دولة الكيان الصهيوني".

    الانتخابات البرلمانية لعام 2007

    تمكَّن حزب العدالة والتنمية التركي من تحقيق فوز ساحق في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 22 يوليو 2007م؛ إذ حصل على 47٪ من أصوات الناخبين الأتراك في زيادة لافتة عن النسبة التي حصل عليها في عام 2002م؛ بما شكَّل تجديدًا لثقة الشعب التركي في حكومة العدالة والتنمية وسياساتها وتوجُّهاتها، وخاصة في ضوء نسبة مشاركة شعبية عالية بلغت 85٪. وقد مكَّنت هذه النسبة حزب العدالة والتنمية من تشكيل حكومة بمفرده، بعدما شغل 341 مقعدًا من البرلمان التركي الجديد، ويعود السبب في تراجع عدد مقاعد العدالة والتنمية عن انتخابات 2002م إلى زيادة عدد الأحزاب الممثلة في البرلمان إلى ثلاثة أحزاب؛ هي: حزب الشعب الجمهوري بزعامة دينيز بايكال بواقع 119 مقعدًا، وحزب الحركة القومية 70 مقعدًا، إلى جانب حزب العدالة والتنمية صاحب الأغلبية، وبالإضافة إلى 24 مقعدًا للمستقلين.



    وقام أردوجان على الفور بتدعيم هذا الانتصار عن طريق دفعه برفيق دربه عبد الله جول -وزير خارجية حكومة أردوجان الأولى- إلى الترشُّح لمنصب الرئاسة التركية بعد انتهاء مدَّة الرئيس التركي المقرَّرة في نهاية أغسطس 2007م، أي بعد الانتخابات البرلمانية بشهر واحد فقط، وهذا ما نجح في تحقيقه لكونه بمثابة الضربة الثانية لنظام أتاتورك في مدة قياسية! أدَّى عبد الله جول القَسَم الرئاسي في 28 أغسطس 2007م؛ ليُصبح الرئيس الحادي عشر للدولة التركية القومية، بعدما حصل على تأييد 337 نائبًا من البرلمان التركي، وذلك في مناسبة اعتُبرت تاريخية؛ بسبب ماضي جول السياسي كإسلامي متمرِّس في السياسة؛ سواء مع أستاذه أربكان، أو بعد مساهمته في تأسيس حزب العدالة والتنمية مع الزعيم الجديد أردوجان.

    حكومة أردوجان الثانية

    لم تكن الإنجازات التي حققتها حكومة أردوجان الأولى مجرَّد طفرة وقتية، أو مشروعات نفَّذتها الحكومة بهدف الدعاية الإعلامية للحزب وزعيمه، بل كانت الخطوات الأولى في طريق طويل رسمه أردوجان وصحبه من المخلصين؛ لإنقاذ تركيا وانتشالها من هوَّة الجهل والفقر والفساد والانحلال الأخلاقي، وتحقيق نهضة حقيقية في كل المجالات. لذا فقد استمرَّ عطاء أردوجان وحكومته بالكفاءة والقوَّة نفسها، بل وأفضل بعدما حصل على ثقة شعبه، فانطلق ليُكمل مسيرته ويُعَزِّز انتصاراته وإنجازاته في كل المسارات التي بدأها في حكومته الأولى.

    أردوجان وأوغلو

    استعرضنا كيف نجحت حكومة العدالة والتنمية الأولى في تحييد العامل الخارجي كي لا يقف في مواجهة التجربة الوليدة، ثم جاء أوغلو بنظريته العبقرية، والتي لاقت تقدير أردوجان وإعجابه، فأعطاه حقيبة وزارة الخارجية التركية في حكومته الثانية. ولنا هنا وقفة.. فأردوجان لا يُنَحِّي الكفاءات جانبًا ويكتم على أنفاسها؛ مخافة أن تُنافسه يومًا على السلطة، بل إنه قام على فوره بتصعيد أحمد داود أوغلو من كونه أحد مستشاريه إلى هذا المنصب الحساس؛ بعدما فطن إلى قدرته وكفاءته؛ فأردوجان -المتجرِّد- يعلم أن نجاحه من نجاح الآخرين، وأن الهدف هو النجاح في تحقيق النهضة، ومن ثَمَّ إعلاء القيم الإسلامية باعتبارها أساس تجربة العدالة والتنمية. ليس المهم مَن الذي سيصل إلى الهدف ويُعيد للإسلام عزَّته، بل الأهم هو النجاح في الوصول إليه، وهو على يقين بأن أجره لن يضيع، فإذا لم يُعطِ الناسُ لأردوجان حقَّه في الدنيا، فإن الله عز وجل يعلم ويرى، وسيُكافئه بما يستحقُّ في الآخرة. هكذا فتح أردوجان الطريق أمام الكفاءات.. بل وأكثر من ذلك، فإن أردوجان ورئيس الجمهورية عبد الله جول لا يخاطبان أوغلو هذا الأكاديمي المتديِّن إلا بلقب الأستاذ.

    أردوجان .. والثورات العربية

    عندما حدثت المفاجأة وثار المارد العربي، لم يُخَيِّب أردوجان الآمال التي تعلَّقت به، واختار من اللحظة الأولى الانحياز إلى الشعب العربي المسلم وخياراته، وكان موقفه المؤيِّد والمناصر لمطالبهم المشروعة واضحًا وصريحًا من اللحظة الأولى لتفجُّر الثورات العربية، التي بدأت شرارتها من تونس الشقيقة ثم مصر، ثم لتنطلق بعد ذلك لتُصبح عاصفة من الثورات، التي أشكُّ في نجاة أحد الحكام الطغاة بعالمنا العربي من آثارها.

    كانت الثورة التونسية البداية..

    وكانت محطَّ إعجاب وتقدير الزعيم التركي، ولم يتوقَّف الأمر لدى أردوجان وحكومته عند الدعم المعنوي -على أهميته- بل ذكر "أقين ألجان" سفير تركيا في تونس من أن اللجنة التركية التي وفدت إلى تونس بعد الثورة بمشاركة 20 ممثلاً للوكالات السياحية التركية -وذلك بعد أسبوعين من نجاح الثورة التونسية- قد اتخذت قرارًا بتدعيم قطاع السياحة التونسي.

    الموقف التركي من الثورة المصرية

    أمَّا بالنسبة للموقف التركي من الثورة المصرية فقد كان مبنيًّا على استراتيجية ثابتة وواضحة، لا تضارب فيها ولا تباين، ولقد اتخذت تركيا بقيادة أردوجان موقفًا موحَّدًا وثابتًا أثناء جميع مراحل الثورة في مصر، ألا وهو الانحياز إلى الشعب المصري ومطالبه العادلة. وبعد أن نجحت الثورة المصرية، وأجبرت الرئيس مبارك على التنحِّي، قال أردوجان في خطاب ألقاه في سقاريا يوم 12 فبراير 2011م، وهو اليوم التالي مباشرة لتنحِّي الرئيس حسني مبارك: "إننا نعيش مع الشعب المصري أفراحه وأتراحه، وإننا سنتخذ الخطوات اللازمة من أجل مصر، وإن مصر ستخرج من هذه الفترة أقوى وأعظم، فيوجد بيننا وبينهم علاقة أخوة، وإننا سنستمر في دعم الاستقرار والأمن الداخلي في مصر، وأنا من هنا أُرسل سلامي وسلام شعبي من نهر سقاريا إلى نهر النيل، وإلى القاهرة".

    ولم تكتفِ تركيا بهذه التصريحات؛ ولكن همَّت باتخاذ خطوات فعلية لتوضيح موقفها من مصر؛ فقد قام رئيس جمهورية تركيا عبد الله جول بزيارة لمصر يوم 4 مارس، وهو أول رئيس جمهورية يزور مصر بعد الثورة، وأكَّد خلال زيارته على أهمية تخطِّي مصر للأوضاع السياسية والاقتصادية الراهنة، واستعادة دورها الإقليمي، كما أكَّد -أيضًا- حرص بلاده على تقديم الدعم القوي لمصر خلال المرحلة الانتقالية، وزيادة آفاق التعاون معها في ظلِّ الصداقة المتميزة التي تجمع الشعبين الشقيقين.

    وهذا الموقف التركي المؤيد والداعم للثورة التونسية ثم المصرية هو نفسه الموقف المؤيد والداعم بقوة للثورات العربية في اليمن وليبيا وسوريا.

    الانتخابات البرلمانية الأخيرة في يونيو 2011

    لقد كانت بالفعل الانتخابات التركية نقطة فارقة لأردوجان ولحزب العدالة والتنمية التركي ولتركيا، بل وتتعدَّاهم إلى مستقبل الإسلام في العالم كله.. وفي هذه الانتخابات كان حزب العدالة والتنمية الحاكم واضحًا إلى أقصى درجة؛ حيث صرَّح بأنه في حال تجديد الأتراك لثقتهم فيه لدورة ثالثة فسوف يقوم بإعداد وصياغة دستور جديد! كذلك تعهَّد أردوجان بجعل تركيا واحدةً من أكبر عشرة اقتصاديات في العالم بحلول عام 2023م، وجعل هذا الأمل هو شعار حملته الانتخابية. كما لم يخلُ المشهد السياسي التركي قُبيل الانتخابات من مدٍّ وجزرٍ بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وبقية أحزاب المعارضة الرئيسية، وأبرزها حزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القومية، وحزب السلام الديمقراطي الكردي.

    حزب العدالة والتنمية يفوز بالأغلبية الثالثة

    أردوجان أثناء الاحتفال بفوز حزبه فى الانتخاباتجاء يوم 12 يونيو 2011م ليُحَقِّق حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا بقيادة أردوجان فوزًا سهلاً في الانتخابات التشريعية؛ ليفوز بولاية ثالثة بحصوله على قرابة 50.56٪ من أصوات الناخبين الأتراك، وذلك في اقتراع بلغت نسبة الإقبال عليه معدل 86.7٪! وقد تعهَّد أردوجان بأن تعمل حكومته لصالح جميع الأتراك من كافَّة الأطياف السياسية والعرقية والطائفية؛ فقال مخاطبًا الأتراك جميعًا: "سواء أدليتم بأصواتكم لحزب العدالة والتنمية أم لا... فإن الفائز الحقيقي في انتخابات 2011 هي تركيا".

    ثم يُهدي نصره إلى الشعوب الإسلامية والأراضي المحتلة، فيقول: "بقدر ما انتصرت إسطنبول انتصرت سراييفو، وبقدر ما انتصرت أزمير انتصرت بيروت، وبقدر ما انتصرت أنقرة انتصرت دمشق، وبقدر ما انتصرت ديار بكر انتصرت رام الله ونابلس وجنين والضفة الغربية والقدس وغزة، وبقدر ما انتصرت تركيا انتصر الشرق الأوسط والقوقاز والبلقان وأوربا".

    أردوجان في عيون العالم

    نجح أردوجان على مدار السنوات العشر السابقة في إثارة إعجاب شعوب العالم بكامله على اختلاف أعراقهم وأديانهم وتوجهاتهم الفكرية، بل ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية.. ففي عام 2006م حصل أردوجان على "وسام التتار" من رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين، وفي فبراير 2007م حاز جائزة "رعاية الحوار بين الثقافات" من الرئيس التتري منتيمير شايمييف[39]. وفي أكتوبر 2009م حصل أردوجان على وسام "الشرف الرفيع" من دولة باكستان، كما حاز في مارس 2010م على جائزة "الحريري" من جمعية رفيق الحريري اللبنانية[40].

    كذلك فقد منحته المملكة العربية السعودية "جائزة الملك فيصل" العالمية لخدمة الإسلام لعام 2010م، وهي الجائزة التي نالها العديد من كبار العلماء والمفكِّرين في عالمنا العربي والإسلامي. أمَّا على الصعيد الإعلامي فما زال أردوجان منذ تولِّيه يُعَدُّ من نجوم الإعلام، ولا نقول في عالمنا العربي والإسلامي فقط، بل على مستوى وسائل الإعلام العالمية أيضًا؛ فقد اختِير رئيس الوزراء التركي -رجب طيب أردوجان- ليكونَ رجلَ عام 2010م بغالبية ساحقة؛ وذلك في نتيجة تصويت أجراه موقع وكالة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، وقالت الشبكة في تعقيبها على نتيجة الاستبيان: إن اختيار أردوجان يعكس المزاج العام للشارع العربي، الذي يشهد صعود نجم أردوجان والدبلوماسية التركية عمومًا، لا سيما منذ أحداث الهجوم على "أسطول الحرية".. كما اختارته مجلة "تايم" الأمريكية في عام 2010م -للمرة الثانية- من بين أكثر 100 شخصية نفوذًا في العالم.
    Personal Website
    Twitter
    Youtube Channel

    تعليق


    • #3
      لولا دى سيلفا


      دا سيلفا الذي يلقب بـ "ابن البرازيل" بكى أمام حشد بمسقط رأسه في ولاية بيرنامبوكو التي ولد فيها فقيراً قبل 65 عاماً. وذرف هذا الرئيس الفقير الدموع أولاً حينما استحضر ذكريات نشأته وهو طفل فقير في إحدى المدن الريفية القريبة من مدينة جارانهونس بشمال البرازيل إلى أن وصل لرئاسة ثامن أكبر قوة اقتصادية في العالم.
      ثم بكى دا سيلفا ثانية عندما عبر شاعر من سكان المنطقة عن عرفانه بجميل "الرئيس الذي حظي بأكبر قدر من محبة شعبه". وأخيراً بكى دا سيلفا حينما استحضر ذكرى فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2002 بعد 3 هزائم متتالية في 1989 و1994 و1998 قائلاً "خسرت لأن جزءاً من الفقراء لم يكن لديهم ثقة فيَّ حينذاك".
      وعلى أية حال فان بكاء دا سيلفا ليس جديداً، حيث أنه بكى مرتين قبل ذلك خلال مقابلة تلفزيونية عندما تذكر قرضاً منحته الحكومة لإحدى شركات إعادة تدوير المخلفات. وهذا الرئيس، الذي بلغت شعبيته 80 %، قام بتسليم قرض إئتماني خلال ولايته الأولى بقيمة112.1 مليون دولار منحها البنك الوطني للتنمية الاقتصادية لأكبر جمعية تعاونية تضم جامعي القمامة وتدويرها في ساو باولو. وجامعو القمامة هم بالطبع رفاق دا سيلفا السابقين قبل أن يصبح رئيساً للبرازيل.
      دا سيلفا الرئيس، أتى من العمل كماسح للأحذية في ضواحي ساوباولو، وكصبي بمحطة بنزين، وخراطاً، وميكانيكي سيارات، وبائع خضار. ولولا وهي كلمة برتغالية تعني الكالمار أو سمك الحبار متحدر من أسرة فقيرة، وهو من أبرز الزعماء السياسيين الذين خرجوا من رحم الفقر والتهميش إلى قمة هرم السلطة فقد وُلد في 27 أكتوبر/تشرين الأول 1945، بمدينة جارانهونس الفقيرة حيث عاش الهنود الحمر آلاف السنين، قبل أن يأتي البرتغاليون، ليختلطوا ويتزاوجوا معهم، منتجين ما يسمى بـ "الميستيزو" أي "الخليط الأسمر". وكان دا سيلفا الطفل السابع لعائلته المكونة من 8 أطفال تركهم والدهم العنيف لأمهم الأمية، فاضطرت العائلة أن تسكن في غرفة واحدة خلف ناد ليلي، تنبعث منه الموسيقى الصاخبة وشتائم السكارى. غير أن الأم أريستيديس التي بكى عليها دا سيلفا حين وفاتها،كانت تتمتع بعزم كبير وأسهمت في تربية وتكوين شخصية دا سلفيا، الذي قال عنها «لقد علمتني كيف أمشي مرفوع الرأس، وكيف أحترم نفسي حتى يحترمني الآخرون»صور. وقد اضطر دا سيلفا للتوقف عن تحصيله الدراسي في الصف الخامس الابتدائي بسبب المعاناة والفقر. وفي سن الـ 19، خسر لولا الأصبع الصغير في يده اليسرى أثناء العمل في مصنع لقطع غيار السيارات، وهو ما دفعه للمشاركة في اتحاد نقابات العمال ليدافع عن حقوقه وحقوق زملائه.
      وهذا الرئيس الفقير وغير المتعلم، واليتيم بالمعنى المجازي، استطاع خلال 8 سنوات من الحكم، وضع بصمته على اقتصاد البرازيل التي ستصبح في عام 2016 أي قبل الألعاب الأولمبية التي ستقام فيها ولربما قبل، ذلك خامس اقتصاد في العالم. وهذا الرئيس الفقير هو الذي جعل البرازيل ودولاً أخرى في أمريكا اللاتينية، تعترف بدولة فلسطين متحدياً إسرائيل وأمريكا والصهيونية العالمية، وكل الجهات التي تقف خلفها.
      نادراً جداً ما يبكي الرؤساء، وقلما يكون بكاؤهم صادقاً كبكاء البرازيلي الفقير دا سيلفا الذي لا يحمل أي شهادة سوى شهادة الوفاء والحب لشعبه، مقرونة بشهادة الإصرار على خدمته ورقيه وتحسين أحواله، وأيضاً بشهادة الزهد في السلطة والمنصب، وشهادة حب الرفاق القدامى من الفقراء. ما أحوجنا إلى رؤساء يبكون بصدق، أليس كذلك؟
      Personal Website
      Twitter
      Youtube Channel

      تعليق


      • #4
        غاندى

        المهاتما غاندي.. داعية اللاعنف الزعيم الروحي للهند
        المهاتما غاندي وهب الزعيم الهندي المهاتما غاندي حياته لنشر سياسة المقاومة السلمية أو اللاعنف واستمر على مدى أكثر من خمسين عاما يبشر بها، وفي سنوات حياته الأخيرة زاد اهتمامه بالدفاع عن حقوق الأقلية المسلمة وتألم لانفصال باكستان وحزن لأعمال العنف التي شهدتها كشمير ودعا الهندوس إلى احترام حقوق المسلمين مما أثار حفيظة بعض متعصبيهم فأطلق أحدهم رصاصات قاتلة عليه أودت بحياته.
        الميلاد والنشأة
        ولد موهندس كرمشاند غاندي الملقب ب"ألمهاتما" (أي صاحب النفس العظيمة أو القديس) في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 1869 في بور بندر بمقاطعة غوجارات الهندية من عائلة محافظة لها باع طويل في العمل السياسي، حيث شغل جده ومن بعده والده منصب رئيس وزراء إمارة بور بندر، كما كان للعائلة مشاريعها التجارية المشهورة. وقضى طفولة عادية ثم تزوج وهو في الثالثة عشرة من عمره بحسب التقاليد الهندية المحلية ورزق من زواجه هذا بأربعة أولاد.
        دراسته
        سافر غاندي إلى بريطانيا عام 1888 لدراسة القانون، وفي عام 1891 عاد منها إلى الهند بعد أن حصل على إجازة جامعية تخوله ممارسة مهنة المحاماة.
        الانتماء الفكري
        أسس غاندي ما عرف في عالم السياسية ب"المقاومة السلمية" أو فلسفة اللاعنف (الساتياراها)، وهي مجموعة من المبادئ تقوم على أسس دينية وسياسية واقتصادية في آن واحد ملخصها الشجاعة والحقيقة واللاعنف، وتهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمحتل عن طريق الوعي الكامل والعميق بالخطر المحدق وتكوين قوة قادرة على مواجهة هذا الخطر باللاعنف أولا ثم بالعنف إذا لم يوجد خيار آخر.
        اللاعنف ليس عجزا
        وقد أوضح غاندي أن اللاعنف لا يعتبر عجزا أو ضعفا، ذلك لأن "الامتناع عن المعاقبة لا يعتبر غفرانا إلا عندما تكون القدرة على المعاقبة قائمة فعليا"، وهي لا تعني كذلك عدم اللجوء إلى العنف مطلقا "إنني قد ألجأ إلى العنف ألف مرة إذا كان البديل إخصاء عرق بشري بأكمله". فالهدف من سياسة اللاعنف في رأي غاندي هي إبراز ظلم المحتل من جهة وتأليب الرأي العام على هذا الظلم من جهة ثانية تمهيدا للقضاء عليه كلية أو على الأقل حصره والحيلولة دون تفشيه.
        أساليب اللاعنف
        وتتخذ سياسة اللاعنف عدة أساليب لتحقيق أغراضها منها الصيام والمقاطعة والاعتصام والعصيان المدني والقبول بالسجن وعدم الخوف من أن تقود هذه الأساليب حتى النهاية إلى الموت.
        شروط نجاح اللاعنف
        يشترط غاندي لنجاح هذه السياسة تمتع الخصم ببقية من ضمير وحرية تمكنه في النهاية من فتح حوار موضوعي مع الطرف الآخر.
        كتب أثرت في غاندي
        وقد تأثر غاندي بعدد من المؤلفات كان لها دور كبير في بلورة فلسفته ومواقفه السياسية منها "نشيد الطوباوي" وهي عبارة عن ملحمة شعرية هندوسية كتبت في القرن الثالث قبل الميلاد واعتبرها غاندي بمثابة قاموسه الروحي ومرجعا أساسيا يستلهم منه أفكاره. إضافة إلى "موعظة الجبل" في الإنجيل، وكتاب "حتى الرجل الأخير" للفيلسوف الإنجليزي جون راسكين الذي مجد فيه الروح الجماعية والعمل بكافة أشكاله، وكتاب الأديب الروسي تولستوي "الخلاص في أنفسكم" الذي زاده قناعة بمحاربة المبشرين المسيحيين، وأخيرا كتاب الشاعر الأميركي هنري ديفد تورو "العصيان المدني". ويبدو كذلك تأثر غاندي بالبراهمانية التي هي عبارة عن ممارسة يومية ودائمة تهدف إلى جعل الإنسان يتحكم بكل أهوائه وحواسه بواسطة الزهد والتنسك وعن طريق الطعام واللباس والصيام والطهارة والصلاة والخشوع والتزام الصمت يوم الاثنين من كل أسبوع.. وعبر هذه الممارسة يتوصل الإنسان إلى تحرير ذاته قبل أن يستحق تحرير الآخرين.
        حياته في جنوب أفريقيا
        بحث غاندي عن فرصة عمل مناسبة في الهند يمارس عن طريقها تخصصه ويحافظ في الوقت نفسه على المبادئ المحافظة التي تربى عليها، لكنه لم يوفق فقرر قبول عرض للعمل جاءه من مكتب للمحاماة في "ناتال" بجنوب أفريقيا، وسافر بالفعل إلى هناك عام 1893 وكان في نيته البقاء مدة عام واحد فقط لكن أوضاع الجالية الهندية هناك جعلته يعدل عن ذلك واستمرت مدة بقائه في تلك الدولة الأفريقية 22 عاما.
        إنجازاته هناك
        كانت جنوب أفريقيا مستعمرة بريطانية كالهند وبها العديد من العمال الهنود الذين قرر غاندي الدفاع عن حقوقهم أمام الشركات البريطانية التي كانوا يعملون فيها. وتعتبر الفترة التي قضاها بجنوب أفريقيا (1893 - 1915) من أهم مراحل تطوره الفكري والسياسي حيث أتاحت له فرصة لتعميق معارفه وثقافاته والاطلاع على ديانات وعقائد مختلفة، واختبر أسلوبا في العمل السياسي أثبت فعاليته ضد الاستعمار البريطاني. وأثرت فيه مشاهد التمييز العنصري التي كان يتبعها البيض ضد الأفارقة أصحاب البلاد الأصليين أو ضد الفئات الملونة الأخرى المقيمة هناك. وكان من ثمرات جهوده آنذاك:
        إعادة الثقة إلى أبناء الجالية الهندية المهاجرة وتخليصهم من عقد الخوف والنقص ورفع مستواهم الأخلاقي.
        إنشاء صحيفة "الرأي الهندي" التي دعا عبرها إلى فلسفة اللاعنف.
        تأسيس حزب "المؤتمر الهندي لنتال" ليدافع عبره عن حقوق العمال الهنود.
        محاربة قانون كان يحرم الهنود من حق التصويت.
        تغيير ما كان يعرف ب"المرسوم الآسيوي" الذي يفرض على الهنود تسجيل أنفسهم في سجلات خاصة.
        ثني الحكومة البريطانية عن عزمها تحديد الهجرة الهندية إلى جنوب أفريقيا.
        مكافحة قانون إلغاء عقود الزواج غير المسيحية.
        العودة إلى الهند
        عاد غاندي من جنوب أفريقيا إلى الهند عام 1915، وفي غضون سنوات قليلة من العمل الوطني أصبح الزعيم الأكثر شعبية. وركز عمله العام على النضال ضد الظلم الاجتماعي من جهة وضد الاستعمار من جهة أخرى، واهتم بشكل خاص بمشاكل العمال والفلاحين والمنبوذين واعتبر الفئة الأخيرة التي سماها "أبناء الله" سبة في جبين الهند ولا تليق بأمة تسعى لتحقيق الحرية والاستقلال والخلاص من الظلم.
        صيام حتى الموت
        قرر غاندي في عام 1932 البدء بصيام حتى الموت احتجاجا على مشروع قانون يكرس التمييز في الانتخابات ضد المنبوذين الهنود، مما دفع بالزعماء السياسيين والدينيين إلى التفاوض والتوصل إلى "اتفاقية بونا" التي قضت بزيادة عدد النواب "المنبوذين" وإلغاء نظام التمييز الانتخابي.
        مواقفه من الاحتلال البريطاني
        تميزت مواقف غاندي من الاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية في عمومها بالصلابة المبدئية التي لا تلغي أحيانا المرونة التكتيكية، وتسبب له تنقله بين المواقف القومية المتصلبة والتسويات المرحلية المهادنة حرجا مع خصومه ومؤيديه وصل أحيانا إلى حد التخوين والطعن في مصداقية نضاله الوطني من قبل المعارضين لأسلوبه، فعلى سبيل المثال تعاون غاندي مع بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ضد دول المحور، وشارك عام 1918 بناء على طلب من الحاكم البريطاني في الهند بمؤتمر دلهي الحربي، ثم انتقل للمعارضة المباشرة للسياسة البريطانية بين عامي 1918 و1922 وطالب خلال تلك الفترة بالاستقلال التام للهند. وفي عام 1922 قاد حركة عصيان مدني صعدت من الغضب الشعبي الذي وصل في بعض الأحيان إلى صدام بين الجماهير وقوات الأمن والشرطة البريطانية مما دفعه إلى إيقاف هذه الحركة، ورغم ذلك حكمت عليه السلطات البريطانية بالسجن ست سنوات ثم عادت وأفرجت عنه في عام 1924.
        مسيرة الملح
        تحدى غاندي القوانين البريطانية التي كانت تحصر استخراج الملح بالسلطات البريطانية مما أوقع هذه السلطات في مأزق، وقاد مسيرة شعبية توجه بها إلى البحر لاستخراج الملح من هناك، وفي عام 1931 أنهى هذا العصيان بعد توصل الطرفين إلى حل وسط ووقعت "معاهدة دلهي".
        الاستقالة من حزب المؤتمر
        قرر غاندي في عام 1934 الاستقالة من حزب المؤتمر والتفرغ للمشكلات الاقتصادية التي كان يعاني منها الريف الهندي، وفي عام 1937 شجع الحزب على المشاركة في الانتخابات معتبرا أن دستور عام 1935 يشكل ضمانة كافية وحدا أدنى من المصداقية والحياد.
        وفي عام 1940 عاد إلى حملات العصيان مرة أخرى فأطلق حملة جديدة احتجاجا على إعلان بريطانيا الهند دولة محاربة لجيوش المحور دون أن تنال استقلالها، واستمر هذا العصيان حتى عام 1941 كانت بريطانيا خلالها مشغولة بالحرب العالمية الثانية ويهمها استتباب أوضاع الهند حتى تكون لها عونا في المجهود الحربي. وإزاء الخطر الياباني المحدق حاولت السلطات البريطانية المصالحة مع الحركة الاستقلالية الهندية فأرسلت في عام 1942 بعثة عرفت باسم "بعثة كريبس" ولكنها فشلت في مسعاها، وعلى أثر ذلك قبل غاندي في عام 1943 ولأول مرة فكرة دخول الهند في حرب شاملة ضد دول المحور على أمل نيل استقلالها بعد ذلك، وخاطب الإنجليز بجملته الشهيرة "اتركوا الهند وأنتم أسياد"، لكن هذا الخطاب لم يعجب السلطات البريطانية فشنت حملة اعتقالات ومارست ألوانا من القمع العنيف كان غاندي نفسه من ضحاياه حيث ظل معتقلا خلف قضبان السجن ولم يفرج عنه إلا في عام 1944.
        حزنه على تقسيم الهند
        بانتهاء عام 1944 وبداية عام 1945 اقتربت الهند من الاستقلال وتزايدت المخاوف من الدعوات الانفصالية الهادفة إلى تقسيمها إلى دولتين بين المسلمين والهندوس، وحاول غاندي إقناع محمد علي جناح الذي كان على رأس الداعين إلى هذا الانفصال بالعدول عن توجهاته لكنه فشل.
        وتم ذلك بالفعل في 16 أغسطس/آب 1947، وما إن أعلن تقسيم الهند حتى سادت الاضطرابات الدينية عموم الهند وبلغت من العنف حدا تجاوز كل التوقعات فسقط في كلكتا وحدها على سبيل المثال ما يزيد عن خمسة آلاف قتيل. وقد تألم غاندي لهذه الأحداث واعتبرها كارثة وطنية، كما زاد من ألمه تصاعد حدة التوتر بين الهند وباكستان بشأن كشمير وسقوط العديد من القتلى في الاشتباكات المسلحة التي نشبت بينهما عام 1947/1948وأخذ يدعو إلى إعادة الوحدة الوطنية بين الهنود والمسلمين طالبا بشكل خاص من الأكثرية الهندوسية احترام حقوق الأقلية المسلمة.
        وفاته
        لم ترق دعوات غاندي للأغلبية الهندوسية باحترام حقوق الأقلية المسلمة، واعتبرتها بعض الفئات الهندوسية المتعصبة خيانة عظمى فقررت التخلص منه، وبالفعل في 30 يناير/كانون الثاني 1948 أطلق أحد الهندوس المتعصبين ثلاث رصاصات قاتلة سقط على أثرها المهاتما غاندي صريعا عن عمر يناهر 79 عاما
        Personal Website
        Twitter
        Youtube Channel

        تعليق


        • #5
          والله ليك وحشة يا أخ مصطفى . فعلا هذه الشخصيات تستحق كل الإحترام ووخصوصا مهاتير وأردوغان.
          شكرا على الموضوع الجميل

          تعليق


          • #6
            رسول الله
            الساروت
            عبد الرزاق طلاس
            إبراهيم نايف المسالمة
            الشيخ أحمد صياصنة
            المجاهد أحمد ياسين
            حمزة الخطيب
            الشيخ المقاوم رائد صلاح
            والقائمة تطول

            تعليق

            يعمل...
            X