مبادئ التحريك الرئيسية
مبادئ التحريك الرئيسية الاثنا عشر هي مجموعة من مبادئ التحريك التي أدخلها محركا ديزني أولي جونستون وفرانك توماس في كتابهما “The Illusion of Life: Disney Animation” الصادر في 1981 وقد استند كل من جونستون وتوماس في كتابهما على أعمال أبرز محركي ديزني من الثلاثينات من القرن الماضي وما بعدها وجهودهم لإنتاج رسوم متحركة تبدو أكثر واقعية. وكان الغرض الرئيسي من المبادئ هو عمل إيهام للشخصيات يتوافق مع مبادئ الفيزياء الأساسية، مع إضافة كيفية التعامل مع الأشياء الأكثر تجريداً مثل العواطف والتوقيت والقبول للشخصية.
وقام العاملون في مجال التحريك بتبني هذا الكتاب ومبادئه حتى أصبح يعتبر "الكتاب المقدس للتحريك"، وفي عام 1999 تم اختيار الكتاب "كأفضل كتب التحريك عبر العصور" في استطلاع أجري على الانترنت. وعلى الرغم من أن الغرض الأصلي للمبادئ هو تطبيقها على التحريك التقليدي برسم اليد، إلا أن هذه المبادئ لا تزال تشغل أهمية كبيرة في التحريك على الكمبيوتر الذي أصبح النوع الأكثر انتشاراً في وقتنا الحالي.
الانضغاط والتمدد Squash and stretch
يعتبر "الانضغاط والتمدد" هو المبدأ الأكثر أهمية، والغرض منه هو منح الإحساس بالوزن والمرونة للأشياء المرسومة. ويمكن تطبيق هذا المبدأ على الأشياء البسيطة مثل الكرة النطاطة أو التكوينات الأكثر تعقيداً مثل التكوين العضلي لوجه الإنسان. وعند تطبيق هذا المبدأ لأقصى حد له، أي انضغاط أو تمديد الشكل بصورة مبالغ فيها، فيمكن أن تكون النتيجة هي تأثير كوميدي. ومع ذلك ففي التحريك الواقعي، فإن أهم جوانب تطبيق هذا المبدأ هو الالتزام بأن حجم الشيء لا يتغير عند ضغطه أو تمديده. وهكذا فإذا تم تمديد طول كرة ما بشكل رأسي، فيجب أن يتم ضغط عرضها (وعمقها أيضاً في الأبعاد الثلاثية) بشكل أفقي يتناسب مع الحجم.
الاستباق Anticipation
الغرض من مبدأ الاستباق هو إعداد المشاهد لحركة ما وجعل الحركة تبدو أكثر واقعية فمثلاً عند قيام راقص بالقفز من الأرض، عليه أن يثني ركبتيه أولاً، وعند قيام لاعب الجولف بتوجيه المضرب لضرب الكرة، عليه أن يوجهه إلى الوراء أولاً. ويمكن استخدام هذا التكنيك أيضاً للحركات الأقل نشاطاً بدنياً، مثل قيام الشخصية بالنظر خارج الشاشة لاستباق وصول شخص ما، أو تركيز الانتباه على شيء ما توشك الشخصية على التقاطه.
وبالنسبة للمؤثرات الخاصة، يمكن إلغاء الاستباق في الحالات المطلوبة لتحقيق غرض ما. وتكون نتيجة هذا الإلغاء للاستباق هي إعطاء إحساس المفاجأة لدى المشاهد أو إضافة الكوميديا في المشهد. وعادة ما يسمى هذا بـsurprise gag أو مزحة مفاجئة (إيفيه حركة).
تكوين المشهد Staging
(يأتي الاسم من stage أي خشبة المسرح والتكوين هو أقرب تعبير للمعنى)
يتماثل هذا المبدأ مع مفهومه في المسرح والسينما والغرض منه هو توجيه انتباه المشاهد وتوضيح ما هو أهم عنصر في المشهد، وما الذي يحدث، وما الذي على وشك الحدوث، وقد عرفه جونستون وتوماس بأنه "التقديم لأي فكرة لتصبح واضحة بما لا يدع مجالاً للشك" وذلك سواء كانت هذه الفكرة هي حركة أو شخصية أو تعبير ما أو حالة مزاجية. ويمكن القيام بذلك من خلال عدة طرق، مثل وضع الشخصية في إطار، واستخدام الضوء والظل، وزاوية ومكان الكاميرا. ويتمثل أساس هذا المبدأ في التركيز على ما هو مهم وتجنب التفاصيل غير الضرورية.
طريقة التحريك بالرسوم المتتالية، وطريقة التحريك بالرسوم من وضع لوضع Straight ahead action and pose to pose
هاتان هما طريقتان مختلفتان لعملية الرسم الحالية ففي طريقة التحريك بالرسوم المتتالية straight ahead action يتم عمل المشهد وفقاً لرسوم متتالية من البداية إلى النهاية، بداية برسم frame ثم frame آخر بطريقة متتالية. بينما في طريقة التحريك بالرسوم من وضع لوضع pose to pose يتم البدء برسم بعض مفاتيح الحركة الرئيسية keys ثم ملىء الفراغات فيما بعد (عن طريقة breakdowns و inbetween). وتتيح طريقة التحريك بالرسوم المتتالية إيهاماً بحركة أكثر انسيابية وهو أسلوب أفضل لعمل تتابعات الحركة الواقعية، ولكن يكون من الصعب الحفاظ على النسب وعمل أوضاع دقيقة ومقنعة في كل وقت. وتكون طريقة التحريك بالرسوم من وضع لوضع أكثر ملائمة للمشاهد الدرامية أو العاطفية، حيث تتركز الأهمية حول التكوين والعلاقة بالأشياء المحيطة وغالباً ما يتم المزج بين الطريقتين في التحريك.
ويساعد التحريك على الكمبيوتر في التخلص من مشكلات النسب في طريقة التحريك بالرسوم المتتالية إلا أن طريقة التحريك بالرسوم من وضع لوضع لا تزال مستخدمة في التحريك على الكمبيوتر بسبب مزاياها بالنسبة للتكوين. ويتيح استخدام الكمبيوتر تطبيق طريقة التحريك بالرسوم من وضع لوضع بشكل أسهل لأن الكمبيوتر يقوم بملئ التسلسل الناقص بين مفاتيح الحركة تلقائياً. (ملحوظة: يتدخل الكثير من المحركين المحترفين في شكل الـinbetween لكسر جمود الحركة على الكمبيوتر وجعلها أكثر حيوية)
تبعية الحركة وحركة التراكب Follow through and overlapping action
يتضمن هذا المبدأ تكنيكان مرتبطان ببعضهما لجعل الحركة تبدو أكثر واقعية والمساعدة في إعطاء الانطباع بأن الشخصيات تتبع قوانين الفيزياء الرئيسية. وتعني تبعية الحركة follow through أن أجزاء الجسم ستستمر في الحركة بعد توقف الشخصية عن الحركة، أما عن حركة التراكب overlapping action فهي الاهتمام بميل أجزاء الجسم إلى الحركة بسرعات متفاوتة (فمثلاً الذراع تتحرك بتوقيت مختلف عن الرأس وهكذا).
أما عن التكنيك الثالث المرتبط بالتكنيكين السابقين فهو السحب/الجذب drag حيث تبدأ الشخصية في الحركة وتتبعها أجزاء الشخصية بعد بضعة frames. وقد تتضمن هذه الأجزاء أشياء لا تتحرك مثل الملابس أو اريال السيارة أو أجزاء الجسم مثل الذراعين أو الشعر. وفي جسم الإنسان يكون البدن أو الجذع هو الأساس ثم يليه الذراعين والرجلين والرأس والشعر التي عادةً ما تتبع حركة جذع الجسم. وتكون أجزاء الجسم التي تتضمن أنسجة كثيرة ومثال على ذلك البطن الضخمة أو الثديين أو جلد كلب مترهل، أكثر احتياجاً لتحريك مستقل مقارنة بأجزاء الجسم ذات قدر أكبر من التماسك. وبالطبع فإن المبالغة في استخدام هذا التكنيك يمكن أن ينتج عنها تأثير كوميدي بينما يتم احتساب وقت الحركات بدقة في نوع التحريك الواقعي لتقديم نتيجة مقنعة.
كما قام توماس وجونستون بتطوير مبدأ الحركة المتوقفة moving hold والذي كان يتم فيه وضع الشخصية التي لا تتحرك بشكل ساكن تماماً، وعادة ما يتم هذا لجذب الانتباه إلى الحركة الاساسية. غير أن جونستون وتوماس أكدا أن هذا التكنيك يعطي نتيجة مملة باهتة وتخلو من الحياة وأنه حتى الشخصيات الجالسة في سكون يجب أن تظهر نوعاً من الحركة مثل حركة الصدر إلى الداخل والخارج أثناء التنفس.
إبطاء البداية وإبطاء النهاية Slow in and slow out
تحتاج حركة جسم الإنسان ومعظم الأشياء الأخرى إلى الوقت لزيادة السرعة وتبطيئها، ولهذا السبب سيبدو التحريك أكثر واقعية إذا كانت هناك المزيد من الرسوم قرب بداية ونهاية الحركة، مع التشديد على الأوضاع المتباعدة extreme poses وتقليل الرسوم في المنتصف. وينطبق هذا المبدأ على الشخصيات التتي تتحرك بين وضعين متضادين مثل الوقوف والجلوس، وكذلك على الأشياء المتحركة مثل الكرة النطاطة.
الأقواس Arcs
تميل الحركات الطبيعية إلى اتباع مسار قوسي ولذلك فعلى التحريك أن يطبق هذا المبدأ باتباع أقواس arcs وهمية لمزيد من الواقعية. وهذا ينطبق على حركة أحد أطراف الجسم بإدارة المفصل أو حركة شيء يتم إلقائه عبر مسار القطع المكافئ parabola (نصف الشكل البيضاوي). ويستثنى من هذا الحركات الميكانيكية التي عادة ما تتحرك في خطوط مستقيمة.
ومع زيادة سرعة وعزم momentum الشيء، تميل الأقواس إلى الشكل السطحي عند الحركة للأمام وإلى الاتساع في الدوران. فمثلاً في لعبة البيسبول، تميل الكرة السريعة إلى الحركة في خط مستقيم في اختلاف عن المرات الأخرى لإلقاء الكرة، وكذلك بالنسبة لشخصية تقوم بالتزلج ففي سرعتها القصوي لن تتمكن من الدوران بزوايا حادة كما هو الحال بالنسبة لشخصية تقوم بالتزلج بسرعة بطيئة، وبالتالي فالشخصية ذات السرعة الأكبر ستحتاج إلى المزيد من المساحة الأرضية لاستكمال الدورة.
وعملاً بهذا المبدأ فإن الشيء الذي يتحرك خارج قوس الحركة الطبيعي دون سبب واضح يبدو شارداً ولا تكون حركته انسيابية. وهكذا فعلى سبيل المثال، عند تحريك إصبع يشير إلى شيء ما، يجب أن يتأكد المحرك من أن طرف الإصبع يسير في قوس حركة منطقي في كافة الرسوم بين الوضعين المتباعدين. وعادة ما يميل المحركون في الرسوم المتحركة التقليدية traditional إلى رسم الأقواس بخط خفيف على الورقة لعدم الحياد عنها ثم مسحها فيما بعد.
الحركة الثانوية Secondary action
إن إضافة حركات ثانوية إلى الحركة الأساسية تعطي المشهد المزيد من الحيوية ويمكن أن تساعد في دعم الحركة الأساسية. فمثلاً يمكن للشخص أثناء السير (الحركة الأساسية هي حركة الأرجل) أن يحرك ذراعيه أو يضعهما في جيبه أو يتحدث أو يصفر أو أن يعبر عن عواطفه من خلال تعبيرات الوجه. والمهم في الحركات الثانوية أنها تزيد من قوة الحركة الأساسية ولا تخطف الانتباه منها، ولكن إذا خطفت الحركة الثانوية الانتباه من الحركة الرئيسية، فمن الأفضل عدم القيام بها. وبالنسبة لتعبيرات الوجه، فخلال الحركة الدرامية، عادة ما تكون غير ملحوظة، ولذلك فمن الأفضل وضعها في بداية ونهاية الحركة، وليس أثناء حدوثها.
التوقيت Timing
يشير التوقيت إلى عدد الرسوم أو frames لحركة معينة، وهو ما ينتج عنه سرعة الحركة عند العرض والالتزام بالتوقيت المناسب يجعل الأشياء تبدو أنها تلتزم بقوانين الفيزياء. فمثلاً يحدد وزن الشيء كيف سيستجيب لعامل خارجي مثل الدفع. وعامل التوقيت يلعب دوراً في غاية الأهمية لتوضيح الحالة المزاجية للشخصية وعواطفها وردود أفعالها كما يمكن للتوقيت أن يكون وسيلة لوصف بعض جوانب الشخصية.
المبالغة Exaggeration
تعد المبالغة من المؤثرات شديدة الأهمية في التحريك وذلك لأن التقليد المثالي للواقعي قد يبدو مملاً وجامداً في الرسوم المتحركة، ويعتمد مستوى المبالغة على ما إذا كان المحرك يريد أن تبدو الأشياء واقعية أو تتبع أسلوباً معيناً مثل الكاريكاتير أو تتبع أسلوب الفنان الخاص. والتعريف الكلاسيكي للمبالغة، بحسب ديزني، هو الالتزام بالواقع مع تقديمه بشكل أكثر تمرداً وإفراطاً. وتشمل الأشكال الأخرى للمبالغة إدخال تغييرات خارقة للطبيعة أو سيريالية على خصائص الشخصية أو على عناصر في سياق القصة نفسها. ومن المهم أن يتم اتباع بعض القيود عند استخدام المبالغة، فمثلاً إذا كان مشهد ما يحتوي على عدة عناصر، فيجب أن يكون هناك توازن في كيفية تطبيق المبالغة على العناصر بالنظر للارتباط فيما بينها، وذلك لتجنب إرباك المشاهد.
الرسم المتماسك Solid drawing
الرسم المتماسك أو solid drawing هو رسم الأشكال مع تخيلها والأخذ في الاعتبار مساحتها بالأبعاد الثلاثية وحجمها ووزنها. يحتاج المحرك أن يكون راسماً ماهراً وقادر على فهم أساسيات الأشكال ثلاثية الأبعاد وتشريحها ووزنها وإتزانها، وتأثير الضوء والظل عليها، وما إلى ذلك. وبالنسبة لمحرك الرسوم المتحركة الكلاسيكية فعليه أخذ دورات فنية وعمل رسومات من واقع الحياة. وقد حذر جونستون وتوماس من شيء واحد على الأخص وهو عمل جوانب متطابقة twins وهي الشخصيات التي يكون جانبها الأيمن والأيسر متطابقان وبالتالي تبدو أنها بلا حياة. وفي التحريك على الكمبيوتر الآن، أصبح المحركون يرسمون بقدر أقل بسبب الإمكانيات التي يتيحها الكمبيوتر إلا أن الفرق في الأعمال يبدو واضحاً عندما يكون المحرك واعياً ومدركاً لمبادئ التحريك ودورها في إثراء التحريك على الكمبيوتر.
القبول Appeal
يتشابه القبول في الشخصية الكرتونية مع ما يسمى بالكاريزما لدى الممثل وليس بالضرورة أن تكون الشخصيات الطيبة هي المقبولة فمن الممكن أن تكون الشخصيات الشريرة أو الوحوش أيضاً مقبولة، والعامل المهم هنا هو أن يشعر المشاهد أن الشخصية حقيقية ومثيرة للاهتمام. وهناك العديد من الحيل التي تجعل الشخصية أكثر ارتباطاً بالمشاهد ومن بينها أن تكون متناسقة symmetrical أو ذات وجه طفولي. أما عن الشخصيات المعقدة أو ذات الوجه الذي يصعب فهمه فهي لا تعتبر مقبولة ولكنها قد تعد مصدر جذب captivation في تكوين الوضع أو تصميم الشخصية.
____________________________________
ترجمة: أنطونيوس القمص - 23 سبتمبر 2012
تعليق