
هؤلاء الذين يشبهون نباتات الظل، يلغى الواحد منهم عقله وفكره ويعيش يردد أفكار غيره، ويدافع عنها دون تعقل، ويموت من أجلها ومنهم من يروج لأفكار الآخرين ومصالحهم مقابل المال أو الشهرة أو المجد الزائف.
وقد قص علينا القرآن الكريم أخبار هؤلاء الذين عاشوا فى ظل الآباء والأجداد، يفعلون فعلهم، ويرددون أقوالهم، ويسيرون فى ضلالهم دون تعقل.
وهؤلاء هم السحرة الذين أرادوا العيش فى ظل الحاكم الظالم فرعون: (فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ الغَالِبِينَ) (الشعراء: 41)، وعندما يقتنع هؤلاء السحرة بصدق موسى عليه السلام تتبدل أحوالهم على هذا النحو العجيب الذى يجعلهم يصمدون أمام تهديد ووعيد فرعون: (قَالُوا لاَ ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ المُؤْمِنِينَ) (الشعراء: 50-51) لقد وصل نور الإيمان إلى القلوب؛ فتحولت نباتات الظل إلى أشجار عملاقة، تصمد أمام الأمطار والرياح والأنواء.
وقد يظن هؤلاء الذين يشبهون نباتات الظل أنهم عمالقة، ويتوهمون أنفسهم نجومًا وأعلامًا، لكن هيهات لهم ذلك. إن نباتات الظل تظل طيلة عمرها صغيرة الحجم، قليلة الشأن، لا ثمرة لها، تظل قابعة فى ركن من أركان البيت، أو إلى جانب حائط فى ردهة، لا تتحمل ضوء الشمس الساطع.
لن تكون نباتات الظل فى يوم من الأيام مثل أشجار المانجو الشامخة، ولن تكون مثل أشجار التوت وارفة الظلال، ولن تكون مثل أشجار الجميز المهيبة العملاقة. (موقع مستشفى العقلاء)
لن تصمد نباتات الظل أمام وقدة الصيف، أو سبرة الشتاء، ولن تصمد أمام البرق والرعد والرياح والأمطار، ولن تصمد أمام الزمن، ولن تكون لها جذور تضرب فى أعماق الأرض.
لقد حرص الإسلام على تكوين شخصية المسلم المستقلة، التى تتفكر وتتدبر فى الكون بعيدا عن الهوى القاتل فتجده متحمسًا للباطل مناوئا للحق، فيتشبث بخطئه ويلتمس له الأدلة من هنا وهناك، لأن هذا الإنسان الغالى ذو نفسية مريضة معتلة منحرفة ، ولفت القرآن الكريم الأنظار إلى أهمية التفكر والتدبر فى مواضع كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال قوله تعالى: (إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الزمر: 42). والتفكر والتدبر يحتاج إلى تجرد وصاحب الهوى والذين يعشيون كنباتات الظل لا يمكن أن يصلوا إلى التفكر والتدبر إلا إذا تخلو عن الهوى والظل.
سيظل الذين يشبهون نباتات الظل وأصحاب الهوى صغارًا، وسيعيشون أقزامًا ويموتون أقزامًا، وسوف يضعهم التاريخ فى المكان الصحيح.
فتأمل
- See more at: http://wise-people.blogspot.com/2014...l#.VHwkfMnC5xM
تعليق