Unconfigured Ad Widget

تقليص

إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

فن الجمال المرئي ( التصوير والرسم والزخرفة )

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • فن الجمال المرئي ( التصوير والرسم والزخرفة )

    قرأت هذه المقال عدة مرات
    وأعقتد ان هناك من يهمهم الامر ايضاً

    تحياتى

    _________________________________________________________________


    التصوير في القرآن :
    عرض القرآن الكريم للتصوير على أنه عمل من أعمال الله تبارك وتعالى , الذي يبدع الصور الجميلة , وخصوصا صور الكائنات الحية , وفي مقدمتها الإنسان : ( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) . ( وصوركم فأحسن صوركم ) . ( الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك ) .
    وذكر القرآن أن من أسماء الله الحسنى : اسم « المصور » . كما في قوله تعالى : ( هو الله الخالق البارئ المصور , له الأسماء الحسنى ) . كما عرض القرآن للتماثيل في موضعين :
    أحدهما : في موضع الذم والإنكار , وذلك على لسان الخليل إبراهيم عليه السلام , حيث اتخذها قومه أصناما , أي آلهة تعبد , فأنكر عليهم ذلك قائلا : ( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنا آباءنا لها عابدون ) .
    والثاني : ذكرها القرآن في معرض الامتنان والإنعام على سليمان عليه السلام , حيث سخر له الريح , وسخر له الجن يعملون بين يديه بإذن ربه ( يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات , اعملوا آل داود شكراً ) .



    التصوير في السنة :

    أما السنة . . فقد حفلت بأحاديث كثيرة صحيحة , معظمها يذم التصوير والمصورين , وبعضها يشدد غاية التشدد في منع التصوير وتحريمه والوعيد عليه . كما ينكر اقتناء الصور , أو تعليقها في البيت , ويعلن : أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة .
    والملائكة هم مظهر رحمة الله تعالى ورضاه وبركته , فإذا منعت من الدخول في بيت , فمعناه أنه محروم من الرحمة والرضا والبركة .
    والمتأمل في معاني الأحاديث الواردة في التصوير أو اقتناء الصور , وفى سياقاتها وملابساتها, ويقارن بين بعضها وبعض , يتبين له : أن النهى والتحريم والوعيد في تلك الأحاديث لم يكن اعتباطاً ولا تحكما , بل كان وراءها علل ومقاصد يهدف الشرع إلى رعايتها وتحقيقها .



    تصوير ما يعظم ويقدس :

    ( أ ) فبعض التصوير كان يقصد به تعظيم المصور , وهذا التعظيم يتفاوت , حتى يصل إلى درجة التقديس , بل العبادة .
    وتاريخ الوثنيات يدل على أنها بدأت بالتصوير للتذكرة , وانتهت بالتقديس والعبادة .
    ذكر المفسرون في قوله تعالى على لسان قوم نوح : ( وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً ) أن أسماء هذه الأصنام المذكورة , كانت أسماء رجال صالحين , فلما ماتوا أوحى الشطان إلى قومهم : أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون إليها أنصاباً , وسموها بأسمائهم ففعلوا , فلم تعبد .. حتى إذا هلك أولئك , ونسى العلم , عبدت. ( رواه البخاري وغيره عن ابن عباس ) .
    وعن عائشة قالت : لما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم , ذكر بعض نسائه كنيسة يقال لها « مارية » , وكانت أم سلمه وأم حبيبة , أتتا أرض الحبشة , فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها , فرفع رأسه فقال : « أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح , بنوا على قبره مسجداً , ثم صوروا فيه تلك الصور , أولئك شرار خلق الله » (متفق عليه ) .
    ومن المعروف أن الصور والتماثل أروج ما تكون في رحاب الوثنية , كما عرف ذلك عند قوم إبراهيم , وعند المصريين القدماء , واليونان والرومان , وعند الهنود - إلى اليوم - وغيرهم .
    والنصرانية حينما « ترومت » على يد قسطنطين إمبراطور الروم - دخلها كثير مما كان عند الرومان من مظاهر الوثنية .
    ولعل بعض ما ورد من الوعيد الشديد على التصوير يقصد به الذين ينحتون الآلهة المزعومة, والمعبودات المتنوعة عند الأمم المختلفة : وذلك مثل حديث ابن مسعود مرفوعا : « إن أشد الناس عذابا عند الله : المصورون » ( متفق عليه ) .
    قال النووي : قل : هي محمولة على من فعل الصورة لتعبد , وهو صانع الأصنام ونحوها , فهذا كافر , وهو أشد عذاباً , وقيل : هي فيمن قصد المعنى الذي في الحديث من مضاهاة خلق الله تعالى , واعتقد ذلك , فهذا كافر , له من أشد العذاب ما للكفار , ويزيد عذابه بزيادة قبح كفره .
    وإنما ذكر النووي ذلك , وهو من أشد المشددين في تحريم التصوير واتخاذ الصور ؛ لأنه لا يتصور - بحسب مقاصد الشرع - أن يكون المصور العادي أشد عذابا من القاتل والزاني وشارب الخمر والمرابي وشاهد الزور . . . وغيرهم من مرتكبي الكبائر والموبقات .
    وقد روى مسروق حديث ابن مسعود المذكور بمناسبة دخوله - هو وصاحب له - بيتا فيه تماثيل , فقال مسروق : هذا تماثيل كسرى ؟ قال صاحبه : هذا تماثيل مريم . . فروى مسروق الحديث .


    تصوير ما يعتبر من شعائر دين آخر :

    ( ب ) وقريب من هذا اللون من التصوير ما كان يعبر عن شعائر دين معين غير دين الإسلام , وأبرز مثل لذلك « الصليب » عند النصارى . فما كان من الصور مشتملا على الصليب فهو محرم بلا ريب , ويجب على المسلم نقضه وإزالته .
    وفى هذا روى البخاري عن عائشة : « أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه »



    المضاهاة بخلق الله :

    ( جـ ) مضاهاة خلق الله عز وجل , بدعوى أنه يبدع ويخلق كما يخلق الله سبحانه . ويبدو أن هذا أمر يتعلق بقصد المصور ونيته , وان كان هناك من يرى أن كل مصور مضاه لخلق الله .
    وفى هذا جاء حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أشد الناس عذاباً يوم القيامة : الذين يضاهون بخلق الله » ( متفق عليه ) .
    فهذا الوعيد الغليظ يوحي بأنهم يقصدون إلى مضاهاة خلق الله , وهو ما نقله الإمام النووي في شرح مسلم , إذ لا يقصد ذلك إلا كافر .
    ويدل عليه حديث أبى هريرة الصحيح قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « قال الله تعالى : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي , فليخلقوا ذرة , وليخلقوا حبة , أو ليخلقوا شعيرة » ( متفق عليه ) .
    فقوله : « ذهب يخلق كخلقي » يدل على القصد والتعمد . ولعل هذا هو سر التحدي الإلهي لهم يوم القيامة , حيث يقال لهم : « أحيوا ما خلقتم » وهو « أمر تعجيز » كما يقول الأصوليون .



    دخول الصور في مظاهر الترف :

    ( د ) أن تكون جزءا من أدوات الترف ومظاهره . وهذا ما يظهر من كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصور في بيته , فقد روت عائشة أنه عليه الصلاة والسلام خرج في غزاة, قالت : فأخذت نمطاً ( نوعا من البسط اللطيفة أو الستائر ) فسترته على الباب , فلما قدم , فرأى النمط , فجذبه حتى هتكه , ثم قال : « إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين » قالت : فقطعنا منه وسادتين , وحشوتهما ليفا , فلم يعب ذلك على » ( متفق عليه ) .
    والنص بهذه الصيغة - « إن الله لم يأمرنا » - يقتضي أنه ليس بواجب ولا مندوب , فهو لا يدل على أكثر من الكراهة التنزيهية , كما قال الإمام النووي , ولكن بيت النبوة , ينبغي أن يكون أسوة ومثلاً للناس في الترفع على زخرف الدنيا وزينتها .
    يؤكد هذا حديث عائشة الآخر , قالت : كان لنا ستر فيه تمثال طائر , وكان الداخل إذا دخل استقبله , فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حولي هذا , فإني كلما دخلت فرأيته , ذكرت الدنيا » ( رواه مسلم ) .
    ومثله : ما رواه القاسم بن محمد عنها رضى الله عنها : أنه كان لها ثوب فيه تصاوير , ممدود إلى سهوة , فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه , فقال . « أخريه عني قالت : فأخرته فجعلته وسائد » .
    وفى رواية عند غير مسلم : « أخريه عني , فإن تصاويره تعرض لي في صلاتي ».
    فهذا كله من زيادة الترفه والتنعم , وهو من وادي الكراهية , لا من وادي التحريم . ولكن النووي قال : هذا محمول على أنه كان قبل تحريم اتخاذ ما فيه صورة , فلهذا كان يدخل ويراه ولا ينكره .
    ومعنى هذا : أنه يرى الأحاديث التي ظاهرها التحريم ناسخة لهذا الحديث وما في معناه . ولكن النسخ لا يثبت بمجرد الاحتمال . فإثبات مثل هذا النسخ يستلزم أمرين :

    أولهما : التحقق من تعارض النصين, بحيث لا يمكن الجمع بينهما . مع أن الجمع ممكن بحمل أحاديث التحريم على قصد مضاهاة خلق الله , أو بقصرها على المجسم ( أي ما له ظل ).

    وثانيهما : معرفة المتأخر من النصين . ولا دليل على أن التحريم هو المتأخر , بل الذي رآه الإمام الطحاوي في « مشكل الآثار » هو العكس , فقد شدد الإسلام في شأن الصور في أول الأمر , لقرب عهده بالوثنية , ثم رخص في المسطحات من الصور . أي ما كان رقماً في ثوب , ونحوه .
    وقد روى هذا الحديث عن عائشة بصيغة أخرى , تدل على شدة الكراهية من النبي صلى الله عليه وسلم .
    فعن عائشة : أنها اشترت تمرقة ( وسادة صغيرة ) فيها تصاوير , فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم , قام على الباب , فلم يدخل , فعرفت في وجهه الكراهية , قالت : فقلت : يا رسول الله , أتوب إلى الله , وإلى رسوله , ما أذنبت ؟ فقال : « ما بال هذه النمرقة » قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة , ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم » .
    وقال : « إن البيت الذي فيه الصورة لا تدخله الملائكة » ( متفق عليه ) .
    -------
    most of us will never do great things
    but we can do small things in a great way
    -------

  • #2
    نظرات في فقه الأحاديث :

    في هذا الجو الذي كان يحيط بفن التصوير والصور في عصر النبوة , ورد معظم الأحاديث المحرمة . ولا غرو أن شددت الأحاديث النبوية في هذا الأمر , وان كان تشديدها في صنعة التصوير أكثر من تشديدها في اقتناء الصورة , فبعض ما يحرم تصويره يجوز اقتناؤه فيما يمتهن مثل البسط والوسائد ونحوها مما يبتذل بالاستعمال , كما رأينا في حديث عائشة .
    ومن أشد ما روى في منع التصوير : ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس مرفوعاً : « كل مصور في النار , يجعل له بكل صورة صورها نفسا , فيعذبه في جهنم » .
    وفى رواية للبخاري عن سعيد بن أبى الحسن قال : كنت عند ابن عباس , إذ جاءه رجل , فقال : يا بن عباس , إني رجل إنما معيشتي من صنعة يدي , وإني أصنع هذه التصاوير . فقال ابن عباس : لا أحدثك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . سمعته يقول : « من صور صورة فإن الله معذبه حتى ينفخ فيها الروح , وليس بنافخ فيها أبداً » . فربا الرجل ربوة شديدة ( أي انتفخ غيظا وضيقاً ) فقال : « ويحك ؛ إن أبيت إلا أن تصنع , فعليك بهذا الشجر , وكل شئ ليس فيه روح » .
    وروى مسلم من حيان بن حصين قال : « قال لي علي بن أبى طالب رضي الله عنه : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ألا تدع صورة إلا طمستها , ولا قبراً مشرفا إلا سويته » .
    وروى مسلم عن عائشة أنها قالت : واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام, في ساعة يأتيه فيها , فجاءت تلك الساعة , ولم يأته , وفي يده عصاً , فألقاها من يده , وقال : « ما يخلف الله وعده ولا رسله » ! ثم التفت , فإذا جرو كلب تحت سريره , فقال : « يا عائشة , متى دخل هذا الكلب ههنا ؟ » فقالت : والله ما دريت ! فأمر به , فأخرج , فجاء جبريل , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « واعدتني , فجلست لك , فلم تأت » ! فقال : منعني الكلب الذي كان في بيتك . إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة » .
    وبهذا نرى أن عدد الأحاديث التي وردت في شأن التصوير والصور , ليس قليلا , كما زعم بعض من كتب في ذلك , فقد رواها جمع من الصحابة منهم : ابن مسعود , وابن عمر , وابن عباس , وعائشة , وعلي , وأبو هريرة , وأبو طلحة . وكلها في الصحاح .
    وقد اختلفت آراء الفقهاء في قضية التصوير في ضوء هذه الأحاديث , وكان من أشدهم في ذلك الإمام النووي الذي حرم تصوير كل ما فيه روح من إنسان أو حيوان , مجسما ( له ظل ) أو غير مجسم , ممتهنا أو غير ممتهن , ولكنه أجاز استعمال ما يمتهن , وان كان تصويره حراما , كالمصور في البسط والوسائد ونحوها .
    ولكن بعض فقهاء السلف قصر التحريم على المجسم ( الذي له ظل ) وهو ما نطلق عليه عرفاً ( التماثيل ) فهي أوغل في مشابهة الوثنية , وهي التي يظهر فيها مضاهاة خلق الله , لأن خلق الله وتصويره مجسم : ( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) .
    وفي الحديث القدسي : « ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي » , وخلق الله تعالى مجسم , وهو الذي يمكن قبول نفخ الروح فيه , إذ المسطح ليس قابلا لذلك , ولأنها ادخل في الترف والسرف , ولا سيما ما كان من المعادن الثمينة .
    وهذا مذهب بعض السلف ..
    وقد قال النووي إن هذا مذهب باطل , فتعقبه الحافظ ابن حجر بأنه مذهب القاسم بن محمد , ولعله أخذ بعموم قوله صلى الله عليه وسلم : « إلا رقماً في ثوب » وسنذكر نص هذا الحديث.
    والقاسم بن محمد بن أبى بكر , أحد الفقهاء السبعة بالمدينة , ومن أفضل أهل زمانه , وابن أخي عائشة , وراوي حديث النمرقة عنها . ويحتج له بالحديث التالي ..
    ففي الصحيح عن بسر بن سعيد عن زيد بن خالد الجهنى عن أبى طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة . قال بسر : ثم اشتكى زيد بعد , فعدناه , فإذا على بابه ستر فيه صورة, قال : فقلت لعبيد الله الخولانى ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول ؟ فقال : ألم تسمعه حين قال : « إلا رقما في ثوب »
    وأكد ذلك ما رواه الترمذي أن سهل بن حنيف رافق أبا طلحة على هذا الاستثناء : « إلا رقما في ثوب » .
    وتأويل هذا بأن المراد به : ما كان لغير ذي روح , يعارضه حديث تمثال الطائر الذي كان في بيت عائشة , وقول النبي لها : « حولي هذا , فإني كلما رأيته ذكرت الدنيا » أو : « فإن تصاويره تعرض لي في صلاتي » .
    فالأرجح قصر التحريم على المجسم , وأما صور اللوحات المسطحة على الورق , أو الجدران , أو الخشب ونحوها , فأقصى ما فيها الكراهة التنزيهية , كما ذكر الإمام الخطابي , إلا ما كان فيه غلو وإسراف , كالصور التي تباع بالملايين ونحوها.
    ويستثنى من المجسم المحرم : لعب الأطفال , من الدمى والعرائس والقطط والكلاب والقرود ونحوها , مما يتلهى به الأطفال , لأن مثله لا يظهر فيه قصد التعظيم , والأطفال يعبثون بها .
    ودليل ذلك حديث عائشة أنها كانت تلعب بالبنات ( العرائس ) وأن صواحب لها كن يجئن إليها فيلعب معها . وكان الرسول الكريم يسر لمجيئهن إليها .
    ومثل ذلك : التماثيل والعرائس التي تصنع من الحلوى وتباع في بعض المناسبات , ثم لا تلبث أن تؤكل .
    كما يستثنى من الحظر : التماثيل التي تشوه بقطع رأسها , أو نحو ذلك منها , كما جاء في الحديث أن جبريل قال للرسول صلى الله عليه وسلم : « مر برأس التمثال فليقطع حتى يصير كهيئة الشجرة » .
    وأما التماثيل النصفية التي تنصب في الميادين ونحوها للملوك والزعماء , فلا يخرجها من دائرة الحظر , لأنها لا تزال تعظم .
    ونهج الإسلام في تخليد العظماء والأبطال يخالف نهج الغربيين , فهو يخلدهم بالذكر الحسن , والسيرة الطيبة , يتناقلها الخلف عن السلف ,
    ويتمثلونها , ويأتسون بها , وبهذا خد الأنبياء والصحابة والأئمة والأبطال والربانيون , فأحبتهم القلوب , ودعت لهم الألسنة , وان لم ترسم لهم صورة , ولا نصب لهم تمثال .
    وكم من تماثيل قائمة لا يعرف الناس شيئا عن أصحابها , كتمثال « لاظوغلي » في قلب القاهرة , وكم من تماثيل يمر الناس عليها فيلعنون أصحابها .



    الصور الفوتوغرافية :

    ومما لا خفاء فيه أن كل ما ورد في التصوير والصور , إنما يعنى الصور التي تنحت أو ترسم على حسب ما ذكرنا .
    أما الصور الشمسية - التي تؤخذ بآلة الفوتوغرافيا - فهي شئ مستحدث لم يكن في عصر الرسول , ولا سلف المسلمين , فهل ينطبق عليه ما ورد في التصوير والمصورين ؟
    أما الذين يقصرون التحريم على التماثيل ( المجسمة ) فلا يرون شيئاً في هذه الصور , وخصوصاً إذا لم تكن كاملة .
    وأما على رأي الآخرين فهل تقاس هذه الصور الشمسية على تلك التي تبدعها ريشة الرسام ؟ أم أن العلة التي نصت عليها بعض الأحاديث في عذاب المصورين - وهى أنهم يضاهون خلق الله - لا تتحقق هنا في الصورة الفوتوغرافية ؟ وحيث عدمت العلة عدم المعلول كما يقول الأصوليون ؟
    إن الواضح هنا ما أفتى به المغفور له الشيخ محمد بخيت مفتى مصر : « أن أخذ الصورة بالفوتوغرافيا - الذي هو عبارة عن حبس الظل بالوسائط المعلومة لأرباب هذه الصناعة - ليس من التصوير المنهي عنه في شئ , لأن التصوير المنهي عنه هو إيجاد صورة وصنع صورة لم تكن موجودة ولا مصنوعة من قبل , يضاهى بها حيوانا خلقه الله تعالى , وليس هذا المعنى موجوداً في أخذ الصورة بتلك الآلة » . ( يؤكد هذا تسمية أهل الخليج الصورة ( عكسا ) والمصور ( عكاساً ) ) .
    هذا . . ومن المقرر أن لموضوع الصورة أثراً في الحكم بالحرمة أو غيرها . ولا يخالف مسلم في تحريم الصورة إذا كان موضوعها مخالف لعقائد الإسلام , أو شرائعه وآدابه , فتصوير النساء عاريات , أو شبه عاريات , وإبراز مواضع الأنوثة والفتنة منهن , ورسمهن أو تصويرهن في أوضاع مثيرة للشهوات , موقظة للغرائز الدنيا , كما نرى ذلك واضحا في بعض المجلات والصحف , ودور « السينما » كل ذلك مما لا شك في حرمته وحرمة تصويره , وحرمة نشره على الناس , وحرمة اقتنائه واتخاذه في البيوت أو المكاتب والمجلات , وتعليقه على الجدران , وحرمة القصد إلى رؤيته ومشاهدته .
    ومثل هذا صور الكفار والظلمة والفساق , الذين يجب على المسلم أن يعاديهم لله ويبغضهم في الله , فلا يحل لمسلم أن , يصور أن يقتني صورة لزعيم ملحد ينكر وجود الله , أو وثني يشرك مع الله البقر أو النار , أو غيرها , أو يهودي أو نصراني يجحد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم , أو مدع للإسلام وهو يحكم بغير ما أنزل الله , أو يشيع الفاحشة والفساد في المجتمع . ومثل هذا , الصور التي تعبر عن الوثنية أو شعائر بعض الأديان التي لا يرضاها
    الإسلام كالأصنام وما شابهها .


    خلاصة لأحكام الصور والمصورين :

    ونستطيع أن نجمل أحكام الصور والمصورين في الخلاصة التالية :

    ( أ ) أشد أنواع الصور في الحرمة والإثم صور ما يعبد من دون الله , فهذه تؤدى بمصورها إلى الكفر إن كان عارفا بذلك قاصداً له .
    والمجسم في هذه الصور أشد إثما ونكراً . وكل من روج هذه الصور أو عظمها بوجه من الوجوه داخل في هذا الإثم بقدر مشاركته .

    ( ب ) ويليه في الإثم من صور ما لا يعبد , ولكنه قصد مضاهاة خلق الله , أي ادعى أنه يبدع ويخلق كما يخلق الله , فهو بهذا يقارب الكفر . وهذا أمر يتعلق بنية المصور وحده .

    ( جـ ) ودون ذلك الصور المجسمة لما لا يعبد , ولكنها مما يعظم كصور الملوك والقادة والزعماء وغيرهم عن يزعمون تخليدهم بإقامة التماثيل لهم , ونصبها في الميادين ونحوها . ويستوي في ذلك أن يكون التمثال كاملا أو نصفياً .

    ( د ) ودونها الصور المجسمة لكل ذي روح مما لا يقدس ولا يعظم , فإنه متفق على حرمته, يستثنى من ذلك ما يمتهن , كلعب الأطفال , ومثلها ما يؤكل من تماثيل الحلوى .

    ( هـ ) وبعدها الصور غير المجسمة - اللوحات الفنية - التي يعظم أصحابها , كصور الحكام والزعماء وغيرهم , وخاصة إذا نصبت وعلقت . وتتأكد الحرمة إذا كان هؤلاء من الظلمة والفسقة والملحدين , فإن تعظيمهم هدم للإسلام .

    ( و ) ودون ذلك أن تكون الصورة غير المجسمة لذي روح لا يعظم , ولكن تعد من مظاهر الترف , والتنعم كأن تستر بها الجدر ونحوها , فهذا من المكروهات فحسب .

    ( ز ) أما صور غير ذي الروح من الشجر والنخيل والبحار والسفن والجبال والنجوم والسحب ونحوها من المناظر الطبيعية , فلا جناح على من صورها أو اقتناها , ما لم تشغل عن طاعة أو تؤد إلى ترف فتكره .

    ( ح ) وأما الصور الشمسية ( الفوتوغرافية ) فالأصل فيها الإباحة , ما لم يشتمل موضوع الصورة على محرم , كتقديس صاحبها تقديسا دينيا , أو تعظيمه تعظيما دنيويا , وخاصة إذا كان المعظم من أهل الكفر أو الفساق كالوثنيين والشيوعيين والفنانين المنحرفين .

    ( ط ) وأخيرا . . إن التماثيل والصور الحرمة أو المكروهة إذا شوهت أو امتهنت , انتقلت من دائرة الحرمة والكراهة إلى دائرة الحل , كصور البسط التي تدوسها الأقدام والنعال ونحوها .
    -------
    most of us will never do great things
    but we can do small things in a great way
    -------

    تعليق


    • #3
      تأويلات :



      ومن المعلوم أن هناك بعض العلماء حاولوا أن يؤولوا الأحاديث الصحاح الواردة في تحريم التصوير واقتناء الصور ليقولوا بإباحة الصور كلها حتى المجسمة منها .

      مثل ما حكاه أبو علي الفارسي في تفسيره عمن حمل كلمة « المصورين » في الحديث على من جعل لله صورة , يعنى : المجسمة والمشبهة الذي شبهوا الله تعالى بخلقه , واعتبروه جسماً وصورة , وهو تعالى ليس كمثله شئ .

      ذكر هذا أبو علي الفارسي في كتابه « الحجة » وهو تكلف واعتساف لا تساعده الألفاظ الثابتة في الأحاديث .

      ومثل من استند إلى ما أبيح لسليمان عليه السلام , وذكره القرآن في سور« سبأ » : ( يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثل ) ولم يقولوا بنسخه في شريعتنا . وهذا الرأي ذكره أبو جعفر النحاس , وحكاه بعده مكي في تفسيره « الهداية إلى بلوغ النهاية » .

      ومثل من حمل المنع على مجرد الكراهة , وأن هذا التشديد كان في ذلك الزمان لقرب عهد الناس بعبادة الأوثان , وقد تغير الحال في العصور التالية . ( هذا مع أن الوثنية لا زال يدين بها آلاف الملايين ) . وهذا قاله بعضهم من قبل , ورد عليهم الإمام ابن دقيق العيد , بأن هذا

      القول باطل قطعاً , لأن هذا مناف للعلة إلى ذكرها الشارع , وهى أنهم يضاهون أو يشبهون بخلق الله . قال : وهذه علة عامة مستقيمة مناسبة , لا تخص زمانا دون زمان . وليس لنا أن نتصرف في النصوص المتظاهرة المتضافرة بمعنى خيالي .

      والثابت الواضح أن هذه الأقوال لم تقنع العقل المسلم , وبالتالي لم تؤثر في المجرى العام للحضارة الإسلامية , والحياة الإسلامية , وان عمل بها بعض الناس في بعض البلدان , كما رأينا في أسود قصر الحمراء بغرناطة في الأندلس , وبعض ما حكاه الإمام القرافي في كتابه « نفائس الأصول في شرح المحصول » عن شمعدان وضع للملك الكامل , كلما مضى من الليل ساعة انفتح باب منه وخرج منه شخص في خدمة الملك . . . الخ . وأن القرافي نفسه عمل شمعداناً زاد فيه : أن الشمعة يتغير لونها كل ساعة , وفيه أسد تتغير عيناه من السواد الشديد إلى البياض الشديد , إلى الحمرة الشديدة , ويسقط حصانان من طائرين , ويدخل شخص , ويخرج شخص غيره , ويغلق باب ويفتح باب , في كل ساعة لها لون . وإذا طلع الفجر طلع الشخص على أعلى الشمعدان , وإصبعه في أذنه , يشير إلى الأذان , قال القرافي: غير أني عجزت عن صنعة الكلام ) .

      وقريب من ذلك ما حكاه ابن جبير في رحلته عن وصف الساعة التي كانت بجامع دمشق , وفيها تمثال صقور . . . الخ .







      المزاج العام للحضارة الإسلامية :



      ولكن المؤكد أن المزاج العام للحضارة الإسلامية لم يرحب بصور الإنسان والحيوان , وخصوصا المجسمة منها , وغلب عليه التجريد , اللائق بعقيدة التوحيد , لا التجسيم اللائق بالوثنيات على اختلاف درجاتها .

      ومن هنا اتجه الفن « التشكيلي » في حضارتنا إلى أمور أخرى أبدع فيها أيما إبداع , وترك فيها آثارا رائعة الجمال .

      تجلت في الزخارف التي تفنن فيها عقل الفنان المسلم ويده وريشته , وتجلى ذلك في المساجد والمصاحف والقصور والمنازل وغيرها : على الجدران والسقوف , والأبواب والنوافذ , وعلى الأرضيات أحياناً , وفي الأدوات المنزلية , وفي الأثاث , والتحف والبسط والثياب والسيوف . واستخدمت المواد المختلفة من الحجارة والرخام والخشب , والخزف والجلد والزجاج , والورق , والحديد والنحاس , والمعادن المتنوعة .

      ودخل في الزخرفة : الخط العربي بأنواعه المختلفة من الثلث والنسخ والرقعة والفارسي والديواني والكوفي وغيرها , وافتن الخطاطون في ذلك كل الافتنان , وخلفوا لنا لوحات في غاية الحسن والإبداع .

      وأكثر ما تجلى الفنان « الخط والزخرفة » في المصاحف والجوامع . أما الجوامع فلا زلنا نشها منها آيات في الجمال , كما في المسجد النبوي , ومسجد قبة الصخرة , والجامع الأموي بدمشق , وجامع السلطان أحمد والسليمانية باستانبول , وجامع السلطان حسن وجامع محمد علي بالقاهرة , وغيرها وغيرها في أنحاء العالم الإسلامي .

      وأبرز ما تجلى فيه الفن الإسلامي إنما كان في العمارة , وقد قال مؤرخو الحضارة : إن فن البناء أحسن معبر عن الفن الإسلامي , وقد ظهر ذلك في روائع كثيرة في أقطار عدة , لعل أبرزها في الهند : إحدى عجائب الدنيا المتمثلة في تلك الرائعة الهندسية الجمالية : « تاج محل » .

      وهكذا كان منع التصوير والنحت سببا لفتح أبواب أخرى في عالم الفنون , جعلت للعالم الإسلامي تميزه الخاص , ومثاليته المتفردة .



      _________________________________________________________________
      نهاية المقال
      -------
      most of us will never do great things
      but we can do small things in a great way
      -------

      تعليق

      يعمل...
      X