قرأت هذه المقال عدة مرات
وأعقتد ان هناك من يهمهم الامر ايضاً
تحياتى
_________________________________________________________________
التصوير في القرآن :
عرض القرآن الكريم للتصوير على أنه عمل من أعمال الله تبارك وتعالى , الذي يبدع الصور الجميلة , وخصوصا صور الكائنات الحية , وفي مقدمتها الإنسان : ( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) . ( وصوركم فأحسن صوركم ) . ( الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك ) .
وذكر القرآن أن من أسماء الله الحسنى : اسم « المصور » . كما في قوله تعالى : ( هو الله الخالق البارئ المصور , له الأسماء الحسنى ) . كما عرض القرآن للتماثيل في موضعين :
أحدهما : في موضع الذم والإنكار , وذلك على لسان الخليل إبراهيم عليه السلام , حيث اتخذها قومه أصناما , أي آلهة تعبد , فأنكر عليهم ذلك قائلا : ( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنا آباءنا لها عابدون ) .
والثاني : ذكرها القرآن في معرض الامتنان والإنعام على سليمان عليه السلام , حيث سخر له الريح , وسخر له الجن يعملون بين يديه بإذن ربه ( يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات , اعملوا آل داود شكراً ) .
التصوير في السنة :
أما السنة . . فقد حفلت بأحاديث كثيرة صحيحة , معظمها يذم التصوير والمصورين , وبعضها يشدد غاية التشدد في منع التصوير وتحريمه والوعيد عليه . كما ينكر اقتناء الصور , أو تعليقها في البيت , ويعلن : أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة .
والملائكة هم مظهر رحمة الله تعالى ورضاه وبركته , فإذا منعت من الدخول في بيت , فمعناه أنه محروم من الرحمة والرضا والبركة .
والمتأمل في معاني الأحاديث الواردة في التصوير أو اقتناء الصور , وفى سياقاتها وملابساتها, ويقارن بين بعضها وبعض , يتبين له : أن النهى والتحريم والوعيد في تلك الأحاديث لم يكن اعتباطاً ولا تحكما , بل كان وراءها علل ومقاصد يهدف الشرع إلى رعايتها وتحقيقها .
تصوير ما يعظم ويقدس :
( أ ) فبعض التصوير كان يقصد به تعظيم المصور , وهذا التعظيم يتفاوت , حتى يصل إلى درجة التقديس , بل العبادة .
وتاريخ الوثنيات يدل على أنها بدأت بالتصوير للتذكرة , وانتهت بالتقديس والعبادة .
ذكر المفسرون في قوله تعالى على لسان قوم نوح : ( وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً ) أن أسماء هذه الأصنام المذكورة , كانت أسماء رجال صالحين , فلما ماتوا أوحى الشطان إلى قومهم : أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون إليها أنصاباً , وسموها بأسمائهم ففعلوا , فلم تعبد .. حتى إذا هلك أولئك , ونسى العلم , عبدت. ( رواه البخاري وغيره عن ابن عباس ) .
وعن عائشة قالت : لما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم , ذكر بعض نسائه كنيسة يقال لها « مارية » , وكانت أم سلمه وأم حبيبة , أتتا أرض الحبشة , فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها , فرفع رأسه فقال : « أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح , بنوا على قبره مسجداً , ثم صوروا فيه تلك الصور , أولئك شرار خلق الله » (متفق عليه ) .
ومن المعروف أن الصور والتماثل أروج ما تكون في رحاب الوثنية , كما عرف ذلك عند قوم إبراهيم , وعند المصريين القدماء , واليونان والرومان , وعند الهنود - إلى اليوم - وغيرهم .
والنصرانية حينما « ترومت » على يد قسطنطين إمبراطور الروم - دخلها كثير مما كان عند الرومان من مظاهر الوثنية .
ولعل بعض ما ورد من الوعيد الشديد على التصوير يقصد به الذين ينحتون الآلهة المزعومة, والمعبودات المتنوعة عند الأمم المختلفة : وذلك مثل حديث ابن مسعود مرفوعا : « إن أشد الناس عذابا عند الله : المصورون » ( متفق عليه ) .
قال النووي : قل : هي محمولة على من فعل الصورة لتعبد , وهو صانع الأصنام ونحوها , فهذا كافر , وهو أشد عذاباً , وقيل : هي فيمن قصد المعنى الذي في الحديث من مضاهاة خلق الله تعالى , واعتقد ذلك , فهذا كافر , له من أشد العذاب ما للكفار , ويزيد عذابه بزيادة قبح كفره .
وإنما ذكر النووي ذلك , وهو من أشد المشددين في تحريم التصوير واتخاذ الصور ؛ لأنه لا يتصور - بحسب مقاصد الشرع - أن يكون المصور العادي أشد عذابا من القاتل والزاني وشارب الخمر والمرابي وشاهد الزور . . . وغيرهم من مرتكبي الكبائر والموبقات .
وقد روى مسروق حديث ابن مسعود المذكور بمناسبة دخوله - هو وصاحب له - بيتا فيه تماثيل , فقال مسروق : هذا تماثيل كسرى ؟ قال صاحبه : هذا تماثيل مريم . . فروى مسروق الحديث .
تصوير ما يعتبر من شعائر دين آخر :
( ب ) وقريب من هذا اللون من التصوير ما كان يعبر عن شعائر دين معين غير دين الإسلام , وأبرز مثل لذلك « الصليب » عند النصارى . فما كان من الصور مشتملا على الصليب فهو محرم بلا ريب , ويجب على المسلم نقضه وإزالته .
وفى هذا روى البخاري عن عائشة : « أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه »
المضاهاة بخلق الله :
( جـ ) مضاهاة خلق الله عز وجل , بدعوى أنه يبدع ويخلق كما يخلق الله سبحانه . ويبدو أن هذا أمر يتعلق بقصد المصور ونيته , وان كان هناك من يرى أن كل مصور مضاه لخلق الله .
وفى هذا جاء حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أشد الناس عذاباً يوم القيامة : الذين يضاهون بخلق الله » ( متفق عليه ) .
فهذا الوعيد الغليظ يوحي بأنهم يقصدون إلى مضاهاة خلق الله , وهو ما نقله الإمام النووي في شرح مسلم , إذ لا يقصد ذلك إلا كافر .
ويدل عليه حديث أبى هريرة الصحيح قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « قال الله تعالى : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي , فليخلقوا ذرة , وليخلقوا حبة , أو ليخلقوا شعيرة » ( متفق عليه ) .
فقوله : « ذهب يخلق كخلقي » يدل على القصد والتعمد . ولعل هذا هو سر التحدي الإلهي لهم يوم القيامة , حيث يقال لهم : « أحيوا ما خلقتم » وهو « أمر تعجيز » كما يقول الأصوليون .
دخول الصور في مظاهر الترف :
( د ) أن تكون جزءا من أدوات الترف ومظاهره . وهذا ما يظهر من كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصور في بيته , فقد روت عائشة أنه عليه الصلاة والسلام خرج في غزاة, قالت : فأخذت نمطاً ( نوعا من البسط اللطيفة أو الستائر ) فسترته على الباب , فلما قدم , فرأى النمط , فجذبه حتى هتكه , ثم قال : « إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين » قالت : فقطعنا منه وسادتين , وحشوتهما ليفا , فلم يعب ذلك على » ( متفق عليه ) .
والنص بهذه الصيغة - « إن الله لم يأمرنا » - يقتضي أنه ليس بواجب ولا مندوب , فهو لا يدل على أكثر من الكراهة التنزيهية , كما قال الإمام النووي , ولكن بيت النبوة , ينبغي أن يكون أسوة ومثلاً للناس في الترفع على زخرف الدنيا وزينتها .
يؤكد هذا حديث عائشة الآخر , قالت : كان لنا ستر فيه تمثال طائر , وكان الداخل إذا دخل استقبله , فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حولي هذا , فإني كلما دخلت فرأيته , ذكرت الدنيا » ( رواه مسلم ) .
ومثله : ما رواه القاسم بن محمد عنها رضى الله عنها : أنه كان لها ثوب فيه تصاوير , ممدود إلى سهوة , فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه , فقال . « أخريه عني قالت : فأخرته فجعلته وسائد » .
وفى رواية عند غير مسلم : « أخريه عني , فإن تصاويره تعرض لي في صلاتي ».
فهذا كله من زيادة الترفه والتنعم , وهو من وادي الكراهية , لا من وادي التحريم . ولكن النووي قال : هذا محمول على أنه كان قبل تحريم اتخاذ ما فيه صورة , فلهذا كان يدخل ويراه ولا ينكره .
ومعنى هذا : أنه يرى الأحاديث التي ظاهرها التحريم ناسخة لهذا الحديث وما في معناه . ولكن النسخ لا يثبت بمجرد الاحتمال . فإثبات مثل هذا النسخ يستلزم أمرين :
أولهما : التحقق من تعارض النصين, بحيث لا يمكن الجمع بينهما . مع أن الجمع ممكن بحمل أحاديث التحريم على قصد مضاهاة خلق الله , أو بقصرها على المجسم ( أي ما له ظل ).
وثانيهما : معرفة المتأخر من النصين . ولا دليل على أن التحريم هو المتأخر , بل الذي رآه الإمام الطحاوي في « مشكل الآثار » هو العكس , فقد شدد الإسلام في شأن الصور في أول الأمر , لقرب عهده بالوثنية , ثم رخص في المسطحات من الصور . أي ما كان رقماً في ثوب , ونحوه .
وقد روى هذا الحديث عن عائشة بصيغة أخرى , تدل على شدة الكراهية من النبي صلى الله عليه وسلم .
فعن عائشة : أنها اشترت تمرقة ( وسادة صغيرة ) فيها تصاوير , فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم , قام على الباب , فلم يدخل , فعرفت في وجهه الكراهية , قالت : فقلت : يا رسول الله , أتوب إلى الله , وإلى رسوله , ما أذنبت ؟ فقال : « ما بال هذه النمرقة » قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة , ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم » .
وقال : « إن البيت الذي فيه الصورة لا تدخله الملائكة » ( متفق عليه ) .
وأعقتد ان هناك من يهمهم الامر ايضاً
تحياتى
_________________________________________________________________
التصوير في القرآن :
عرض القرآن الكريم للتصوير على أنه عمل من أعمال الله تبارك وتعالى , الذي يبدع الصور الجميلة , وخصوصا صور الكائنات الحية , وفي مقدمتها الإنسان : ( هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء ) . ( وصوركم فأحسن صوركم ) . ( الذي خلقك فسواك فعدلك * في أي صورة ما شاء ركبك ) .
وذكر القرآن أن من أسماء الله الحسنى : اسم « المصور » . كما في قوله تعالى : ( هو الله الخالق البارئ المصور , له الأسماء الحسنى ) . كما عرض القرآن للتماثيل في موضعين :
أحدهما : في موضع الذم والإنكار , وذلك على لسان الخليل إبراهيم عليه السلام , حيث اتخذها قومه أصناما , أي آلهة تعبد , فأنكر عليهم ذلك قائلا : ( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون * قالوا وجدنا آباءنا لها عابدون ) .
والثاني : ذكرها القرآن في معرض الامتنان والإنعام على سليمان عليه السلام , حيث سخر له الريح , وسخر له الجن يعملون بين يديه بإذن ربه ( يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات , اعملوا آل داود شكراً ) .
التصوير في السنة :
أما السنة . . فقد حفلت بأحاديث كثيرة صحيحة , معظمها يذم التصوير والمصورين , وبعضها يشدد غاية التشدد في منع التصوير وتحريمه والوعيد عليه . كما ينكر اقتناء الصور , أو تعليقها في البيت , ويعلن : أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة .
والملائكة هم مظهر رحمة الله تعالى ورضاه وبركته , فإذا منعت من الدخول في بيت , فمعناه أنه محروم من الرحمة والرضا والبركة .
والمتأمل في معاني الأحاديث الواردة في التصوير أو اقتناء الصور , وفى سياقاتها وملابساتها, ويقارن بين بعضها وبعض , يتبين له : أن النهى والتحريم والوعيد في تلك الأحاديث لم يكن اعتباطاً ولا تحكما , بل كان وراءها علل ومقاصد يهدف الشرع إلى رعايتها وتحقيقها .
تصوير ما يعظم ويقدس :
( أ ) فبعض التصوير كان يقصد به تعظيم المصور , وهذا التعظيم يتفاوت , حتى يصل إلى درجة التقديس , بل العبادة .
وتاريخ الوثنيات يدل على أنها بدأت بالتصوير للتذكرة , وانتهت بالتقديس والعبادة .
ذكر المفسرون في قوله تعالى على لسان قوم نوح : ( وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً ) أن أسماء هذه الأصنام المذكورة , كانت أسماء رجال صالحين , فلما ماتوا أوحى الشطان إلى قومهم : أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون إليها أنصاباً , وسموها بأسمائهم ففعلوا , فلم تعبد .. حتى إذا هلك أولئك , ونسى العلم , عبدت. ( رواه البخاري وغيره عن ابن عباس ) .
وعن عائشة قالت : لما اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم , ذكر بعض نسائه كنيسة يقال لها « مارية » , وكانت أم سلمه وأم حبيبة , أتتا أرض الحبشة , فذكرتا من حسنها وتصاوير فيها , فرفع رأسه فقال : « أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح , بنوا على قبره مسجداً , ثم صوروا فيه تلك الصور , أولئك شرار خلق الله » (متفق عليه ) .
ومن المعروف أن الصور والتماثل أروج ما تكون في رحاب الوثنية , كما عرف ذلك عند قوم إبراهيم , وعند المصريين القدماء , واليونان والرومان , وعند الهنود - إلى اليوم - وغيرهم .
والنصرانية حينما « ترومت » على يد قسطنطين إمبراطور الروم - دخلها كثير مما كان عند الرومان من مظاهر الوثنية .
ولعل بعض ما ورد من الوعيد الشديد على التصوير يقصد به الذين ينحتون الآلهة المزعومة, والمعبودات المتنوعة عند الأمم المختلفة : وذلك مثل حديث ابن مسعود مرفوعا : « إن أشد الناس عذابا عند الله : المصورون » ( متفق عليه ) .
قال النووي : قل : هي محمولة على من فعل الصورة لتعبد , وهو صانع الأصنام ونحوها , فهذا كافر , وهو أشد عذاباً , وقيل : هي فيمن قصد المعنى الذي في الحديث من مضاهاة خلق الله تعالى , واعتقد ذلك , فهذا كافر , له من أشد العذاب ما للكفار , ويزيد عذابه بزيادة قبح كفره .
وإنما ذكر النووي ذلك , وهو من أشد المشددين في تحريم التصوير واتخاذ الصور ؛ لأنه لا يتصور - بحسب مقاصد الشرع - أن يكون المصور العادي أشد عذابا من القاتل والزاني وشارب الخمر والمرابي وشاهد الزور . . . وغيرهم من مرتكبي الكبائر والموبقات .
وقد روى مسروق حديث ابن مسعود المذكور بمناسبة دخوله - هو وصاحب له - بيتا فيه تماثيل , فقال مسروق : هذا تماثيل كسرى ؟ قال صاحبه : هذا تماثيل مريم . . فروى مسروق الحديث .
تصوير ما يعتبر من شعائر دين آخر :
( ب ) وقريب من هذا اللون من التصوير ما كان يعبر عن شعائر دين معين غير دين الإسلام , وأبرز مثل لذلك « الصليب » عند النصارى . فما كان من الصور مشتملا على الصليب فهو محرم بلا ريب , ويجب على المسلم نقضه وإزالته .
وفى هذا روى البخاري عن عائشة : « أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه »
المضاهاة بخلق الله :
( جـ ) مضاهاة خلق الله عز وجل , بدعوى أنه يبدع ويخلق كما يخلق الله سبحانه . ويبدو أن هذا أمر يتعلق بقصد المصور ونيته , وان كان هناك من يرى أن كل مصور مضاه لخلق الله .
وفى هذا جاء حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم : « أشد الناس عذاباً يوم القيامة : الذين يضاهون بخلق الله » ( متفق عليه ) .
فهذا الوعيد الغليظ يوحي بأنهم يقصدون إلى مضاهاة خلق الله , وهو ما نقله الإمام النووي في شرح مسلم , إذ لا يقصد ذلك إلا كافر .
ويدل عليه حديث أبى هريرة الصحيح قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « قال الله تعالى : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي , فليخلقوا ذرة , وليخلقوا حبة , أو ليخلقوا شعيرة » ( متفق عليه ) .
فقوله : « ذهب يخلق كخلقي » يدل على القصد والتعمد . ولعل هذا هو سر التحدي الإلهي لهم يوم القيامة , حيث يقال لهم : « أحيوا ما خلقتم » وهو « أمر تعجيز » كما يقول الأصوليون .
دخول الصور في مظاهر الترف :
( د ) أن تكون جزءا من أدوات الترف ومظاهره . وهذا ما يظهر من كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصور في بيته , فقد روت عائشة أنه عليه الصلاة والسلام خرج في غزاة, قالت : فأخذت نمطاً ( نوعا من البسط اللطيفة أو الستائر ) فسترته على الباب , فلما قدم , فرأى النمط , فجذبه حتى هتكه , ثم قال : « إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين » قالت : فقطعنا منه وسادتين , وحشوتهما ليفا , فلم يعب ذلك على » ( متفق عليه ) .
والنص بهذه الصيغة - « إن الله لم يأمرنا » - يقتضي أنه ليس بواجب ولا مندوب , فهو لا يدل على أكثر من الكراهة التنزيهية , كما قال الإمام النووي , ولكن بيت النبوة , ينبغي أن يكون أسوة ومثلاً للناس في الترفع على زخرف الدنيا وزينتها .
يؤكد هذا حديث عائشة الآخر , قالت : كان لنا ستر فيه تمثال طائر , وكان الداخل إذا دخل استقبله , فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : « حولي هذا , فإني كلما دخلت فرأيته , ذكرت الدنيا » ( رواه مسلم ) .
ومثله : ما رواه القاسم بن محمد عنها رضى الله عنها : أنه كان لها ثوب فيه تصاوير , ممدود إلى سهوة , فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليه , فقال . « أخريه عني قالت : فأخرته فجعلته وسائد » .
وفى رواية عند غير مسلم : « أخريه عني , فإن تصاويره تعرض لي في صلاتي ».
فهذا كله من زيادة الترفه والتنعم , وهو من وادي الكراهية , لا من وادي التحريم . ولكن النووي قال : هذا محمول على أنه كان قبل تحريم اتخاذ ما فيه صورة , فلهذا كان يدخل ويراه ولا ينكره .
ومعنى هذا : أنه يرى الأحاديث التي ظاهرها التحريم ناسخة لهذا الحديث وما في معناه . ولكن النسخ لا يثبت بمجرد الاحتمال . فإثبات مثل هذا النسخ يستلزم أمرين :
أولهما : التحقق من تعارض النصين, بحيث لا يمكن الجمع بينهما . مع أن الجمع ممكن بحمل أحاديث التحريم على قصد مضاهاة خلق الله , أو بقصرها على المجسم ( أي ما له ظل ).
وثانيهما : معرفة المتأخر من النصين . ولا دليل على أن التحريم هو المتأخر , بل الذي رآه الإمام الطحاوي في « مشكل الآثار » هو العكس , فقد شدد الإسلام في شأن الصور في أول الأمر , لقرب عهده بالوثنية , ثم رخص في المسطحات من الصور . أي ما كان رقماً في ثوب , ونحوه .
وقد روى هذا الحديث عن عائشة بصيغة أخرى , تدل على شدة الكراهية من النبي صلى الله عليه وسلم .
فعن عائشة : أنها اشترت تمرقة ( وسادة صغيرة ) فيها تصاوير , فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم , قام على الباب , فلم يدخل , فعرفت في وجهه الكراهية , قالت : فقلت : يا رسول الله , أتوب إلى الله , وإلى رسوله , ما أذنبت ؟ فقال : « ما بال هذه النمرقة » قلت : اشتريتها لك لتقعد عليها وتوسدها . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة , ويقال لهم : أحيوا ما خلقتم » .
وقال : « إن البيت الذي فيه الصورة لا تدخله الملائكة » ( متفق عليه ) .
تعليق