بسم الله الرحمن الرحيم
دائما هي هذه الأفكار العظيمة تخرج من بين أذرع العرب
ومن بينها تلك الفكرة العبقرية والتي تستحق جائزة نوبل العالمية
إنها فكرة محو الأمية في مصر
فنظراً لزيادة نسبة الأمية في مصر قبل حوالي 10 سنوات تقريبا . قررت الحكومة المصرية محو أمية كثير من شعبها الأمي .
فكرة عظيمة حقاً . أليس كذلك يا صاح ؟
إلا هنا لا توجد مشكله . المشكلة لاحظتها عندما كنت صبيا صغيرا أسكن في قريتي الصغيرة وكأي طفل ((برئ)) أقتنع بما أشاهده في التلفزيون المصري من أغنيات " مصريتنا حماها الله " و أغاني وطنية أخري و إعلانات التوعية مثل إعلانات محو الأمية وتنظيم الأسرة .
المشهد بدأ عندما وجدت نساء القرية يتهافتون علي فصول محو الأمية ليس علي ما أعتقد حبا في التعليم بقدر ما هو حباً للخروج للتنزه هروباً من المنزل المقيت وإزعاج الأطفال أمثالي واستعاده لذكريات الدراسة الفاشلة سابقا وعلي أمل أن ينجحوا هذه المرة في التعليم .
قلت أستطلع الأخبار – بفضولي المعتاد - واستوقفت مجموعة من السيدات وسألتهم إلي أين انتم ذاهبون بهذه الدفاتر ؟؟؟
فردوا والابتسامة عريضة في وجههم قائلين:: ( نحن ذاهبون لفصول نحو الأمية !! )
)))))(((((نحـــو الأمية)))))(((((
لقد حَوَلوا بجهلهم كلمة" مـحــو" إلي "نـحــو" وبذلك انعكس معناها من" إزالة الأمية " إلي "الاتجاه للأمية" . فقلت في نفسي طبعا لو أنهم تعلموا القراءة والكتابة وحصلوا علي الشهادة فسيعلموا أنهم مخطئون في هذه اللفظة وسيظهر أثر التعليم عليهم بعد الستة أشهر والتي هي مدة الدراسة .
-----------
في هذا اليوم شربت اللبن ( رغم أن اللبن يصيبني بالإسهال ) ونمت وحلمت بأمي و بكل نساء ورجال القرية وهم متعلمون ووجدت مرعي النجار أصبح يقرأ الجريدة ويستطلع بكل فرح أخبار ناديه المفضل الأهلي المصري ويعلو صوته كلما قرأ خبرا عن هزيمة الأهلي للزمالك .
ووجدت السيدة هناء تقرأ القران الكريم بصوت جميل وتستمتع به . ووجدت أمي تقرا كتاب للطهي . يالها من فرحه -الجميع تعلم - . فعلا مصريتنا حماها الله .
------
لكن للأسف انتهي الحلم و بسرعة !!
واستيقظت !! @_@
ومرت الستة أشهر – شهور التحول - وجاء اليوم الذي انتظرته وتمنيته في أحلامي .
يومها ارتديت ملابس العيد وصففت شعري علي أحدث الموضات العالمية لأهنئ أمي والباقون علي النجاح وحصولهم علي شهادة الدكتوراه في القراءة والكتابة .
وفعلا وجدتهم فرحين وهم يأتون إليّ . واضح أنهم نجحوا وتعلموا والواضح أكثر أن حلمي بدأ يتحقق وان اللفظة ستُنطق صحيحة هذه المرة . فقد قالوا في التلفزيون أن" العلم نور" . والتلفزيون لا يكذب ؛ أنا متأكد.
.فجررت رجلي إليهم وسألتهم في بهجة :: هل نجحتم وحصلتم علي الشهادة ؟
فرد الجميع في سعادة – كعادتهم - : نعم يا حسام نجحنا و حصلنا علي شهادة ((نحو)) الأمية . بارك لنا ! -_-
ههه !! هل أبارك لهم وقد حصلوا علي شهادة نحو الأمية !؟
أم أبكي أنهم ذهبوا ورجعوا كما ذهبوا بخُفي حُنين .
ما فائدة تلك الشهادة وهم مازالوا أميون وذهبت مصر أكثر نحو الأمية ؟
ويستمر مسلسل الجهل وسياسات التعليم الفاشلة .
كانت هذه قصة قصيرة تدل بالقطع أن
العرب - عكس كل دول العالم - فعلا يتجهون نحو الأمية !!
downs_mass
تعليق