بسم الله الرحمن الرحيم
هذه كلمة لفضيلة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله المدرس بالمسجد النبوي والاستاذ الدكتور بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية .<br><br>وهي من درس سنن الإمام الترمذي-رحمه الله- بمسجد الملك سعود-رحمه الله- بجدة من أبواب الطهارة درس رقم 12 .<br>يقول السائل :<br>فضيلة الشيخ أحسن الله إليكم :<br><br>تعلمنا النهي عن كشف العورات ، فهلا ذكرتم لنا النهي عن تتبع العورات.. ؟؟<br>الجواب :<br><br>إن الله هذب المؤمنين وأدبهم وصانهم عن الحرمات والسيئات وسفاسف الأمور والمنكرات ، ومما أدّب الله به المؤمنين حفظ ألسنتهم عن تتبع عورات إخوانهم ، ويكون ذلك أشد مايكون بالغيبة والسب والشتم والاحتقار وذكر العيوب واللمز والهمز ، ولذلك وصف الله-عز وجل- من ابتلي بذلك بأنه حقير مهين ونهى رسول الأمة - صلوات الله وسلامه عليه - أن يطعه أو يستمع اليه فقال-سبحانه وتعالى- :{ وَلاتُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيْمٍ* مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثَيْمٍ * عُتُلٍ بَعْدَ ذَلِكَ زَنَيْمٍ * أَنْ كَاْنَ ذَا مَالٍ وَبَنِيْنَ}[ القلم ، 10-14] فوصفه بكونه مشاءً بنميم وهذا يدل على أنه- والعياذ بالله-يمشي بعورات المسلمين ، وينم الحديث بينهم ، فيقول فلان قال فيك ، وفلان ذكر فيك ، فيذكر عورته عند أخيه ، ويذكر ماكان منه من الخطأ في حق أخيه ، فوصفه بكونه مهيناً-والعياذ بالله- حقيراً ، وقال -سبحانه وتعالى- : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات ، 6 ] وصف الذي ينقل الأخبار بأنه فاسق .<br><br>--------------------------------------------------------------------------------<br><br>ولذلك كان السلف يحتقرون من ينقل الأخبار التي تتبع فيها عورات المسلمين ويقصد بها سوءاتهم ، حتى قال بعض السلف من اغتاب الناس عندك فأنه يغتابك عند الناس ، من يأتي اليك بعورات الناس وعيوبهم ، فاعلم أنه يذكر عورتك عند الناس ، وكما لم يتق الله-عز وجل -في إخوانك فأنه أحرى ألا يتق الله -عز وجل- فيك ، إن الله إذا رزق الإنسان تقواه في قلبه وخشيته في فؤاده وسلمت نفس الأنسان وطهر قلبه وزكى أظهر الله طهارته في لسانه ، ولذلك أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذا المعنى بقوله( المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه)) فإذا أردت أن ترى عيناك إنساناً يخاف الله ويتقيه فانظر إليه في اللسان وتتبع العورات ، فإن وجدته عفيفاً عن أعراض المسلمين ، عفيفا عن غيبتهم ، همزهم ، لمزهم ، شتمهم ، سبهم ، فاعلم أن وراء هذا اللسان قلباً يخاف الله-جل جلالة- ولما خاف الله في قلبه أظهر الله الخوف في لسانه ، ولما طهر قلبه بإخوانه المسلمين أظهر الله طهارة قلبه على لسانه ، وإذا رأيت ذلك الفاجر المتهتك الذي لايخاف الله -عز وجل- كلما جلس عندك يقول فلان فيه وفلان فيه ، فاعلم أن وراء هذا اللسان قلباً لا يخاف الله -عز وجل- فإنها آفات وهنات وزلات وويلات وعورات ، ومن تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو كان في عقر داره ، -والعياذ بالله-ولذلك يعتبر من دلائل الخوف من الله-سبحانه وتعالى- والخشيه من الله-عز وجل- عفة اللسان عن أعراض المسلمين ، لاخير في ذكر عيوبهم .<br><br>--------------------------------------------------------------------------------<br><br>وأشد ماتكون العيوب إذا كانت للعلماء ، والأئمة ، والفضلاء ، والخطباء ، ونحوهم ممن لهم حق على المسلمين ، فهؤلاء ذكر عيوبهم إهانة للإسلام ، ذكر عيوب العلماء ، حتى أن بعض طلاب العلم ، ربما يقول الشيخ فلان يقول كذا والشيخ إذا جلس يجلس كذا ، وإذا تحدث يكون في حديثه كذا ، فيقع في همزه ، ولمزه ، واحتقاره من حيث لايشعر ، عليك أن تتقي الله ، وأن تحفظ خاصة لعلماء الامة ، وأهل الحق فيها قدرهم ، ولذلك إهانة العلماء وذكر عيوبهم ، وتتبع عوراتهم ، وزلاتهم ، سيهين الله اصحابه وقل أن تجد إنساناً يتتبع عورات العلماء إلا تتبع الله عورته ، وفضحه وأخزاه ، وأهانه ، إن عاجلاً أوآجلا ، ولايزال مثل هذا العمل يتتبع صاحبه ، حتى يكون بلائه عليه في الدنيا ، وإذا فاته في الدنيا، ربما أن الله يبتليه في سكرات الموت ، وربما أن الله يبتليه في قبره ، وربما يبتليه في آخرته ، وحشره ونشره ، فأما أن يعجل الله عقوبته في الدنيا فيهينه كما أهان العلماء ، والصلحاء ، والأتقياء ، والأخيار ، خاصة الشباب الصالحين بعضهم مع بعض ، فإن غيبة الصالحين ليست كغيبة عوام الناس ، فإذا رأيت طلاب العلم ، لاتقل طلاب فلان ، وطلاب الشيخ الفلاني ، بعض طلاب العلم يفعل كذا أويقول كذا على سبيل النقص والازدراء ، وهكذا التنقص للمحسنين والصالحين كأن يتنقص منهم بذكر ثيابهم أنها قصيرة ، أو لحاهم أنها طويلة ، أو أن ثيابهم مرقعة ، أو أنهم على حالة ضعيفة كل ذلك مما يغضب الله -عز وجل- .<br><br>--------------------------------------------------------------------------------<br><br>وفي الحديث الصحيح عن أبي بكر -رضي الله عنه- أنه لما قال الصحابة - رضوان الله عليهم - في أبي سفيان "ما أخذت سيوف الله -عز وجل- من عدوالله" غضب أبوبكر وقال أتقولون هذا لشيخ من مشائخ قريش أتى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له يا أبا بكر هذا صديق الأمة الأكبر -رضي الله عنه وأرضاه- الذي ما بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل ولا أعلى شأناً منه -رضي الله عنه- يقول له النبي -صلى الله عليه وسلم- (أغضبتهم إنك إن أغضبتهم أغضبت ربك)) إن أغضبت هؤلاء الذين تراهم مرقعي الثياب ، وتراهم بهذه الحالة الرثة بلال وصهيب وتراهم فقراء غرباء إن أغضبتهم أغضبت ربك ، فإذا كان هذا في صديق الأمة فكيف بمن سواه ، لاتذكر عورات المسلمين ، لاتقل فلان لجنسه ولا للونه ولا لفقره ولا لوظيفته ولا لمنـزلته ، احتقر نفسك وامتهنها في ذات الله-جل جلالة- يرفع الله قدرك ، وإذا عشت بين الناس ترى نفسك وضيعاً رفعك الله-جل جلالة- قال بعض السلف ما دخلت مجلساً وأرى نفسي أعلى القوم إلا خرجت وقد وضعني الله أدناهم ، وما دخلت مجلساً وأرى نفسي أصغر القوم إلا خرجت وأنا أعلاهم ، فالذي يعتقد في نفسه أنه ناقص وأنه ضعيف وأنه حقير وأنه مهان إلا أن يكرمه الله ، وأنه ذليل إلا أن يعزه الله ، وأنه مهان إلا ان يرفع الله قدره ومكانه فإن الله يتولى أمره ، أما لإذا أخذ ينظر إلى حسبه ، إلى نسبه إلى لونه إلى وظيفته إلى جاهه إلى علمه فإن الله يهلكه ، فينبغي على الإنسان أن يتحفظ من عورات المسلمين ، ولا تظن أن فقر أخيك يبيح غيبته ، ولاتظن أن حسبه أو نسبه أن ذلك يبيح لك حقه الذي نهاك الله -عز وجل-عنه ؛ ولذلك لما خطب-عليه الصلاة والسلام-في حجة الوداع قال-عليه الصلاة والسلام- في خطبته المشهورة التي اشتملت على الوصايا العظيمة المأثورة ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم)) الأعراض أعراضكم عليكم حرام فكما أن الدم حرام كذلك العرض ، قرن النبي -صلى الله عليه وسلم- العرض بالدم ولذك كما أن الإنسان يؤذي المسلم بسفك دمه كذلك يؤذيه بغيبته ، ولمزه ، وهمزه ، إذا قيل له من فلان قالوا فلان كذا وكذا انتقصه وازدراه ، وإذا قيل فلان الغني أو الثري أو له المنصب أو الذي له الحسب أو له النسب رفع قدره ، وأخذ يعظم شأنه ويجله ويكرمه ، بل إن ذلك يقع حتى بين الأخيار وللأسف .<br><br>--------------------------------------------------------------------------------<br><br>وقد قال علي -رضي الله عنه- لما نزل قوله- تعالى-:{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[ الحجرات ، 13 ] قال:" ذهب النسب اليوم "، لانسب بعد اليوم إلا بالتقوى ، ولا يزال الإنسان يرى لنفسه على الناس حقاً وفضلاً حتى يأتي يوم القيامة فيحشره الله مع المتكبرين كأمثال الذر يوطأ بالأقدام ، ولا يزال يرى نفسه أنه الحقير إلى أن يرفع الله قدره حتى يعلو شأنه وطيب الله ذكره بين الناس ؛ فلذلك ينبغي على المسلم أن يحفظ عورات المسلمين ، وعلينا أن نتقي الله في بعضنا ، ليس الالتزام ولا الاهتداء بكون الإنسان يطلق لحيته ويقصر ثوبه دون أن يلتزم بشعائر الإسلام الحقيقية التي يشعر فيها بأخوة الإسلام مع إخوانه فيقرب أبعد الناس منه نسباً إليه بالدين والإسلام ، ولربما يدخل إلى المسجد فيرى إخوانه من طلاب العلم ومن الصلحين والأخيار فيحبهم والله أكثر من محبته لوالديه لما رأى فيهم من الاستقامة وحب الخير ، وهذا من أصدق الدلائل على الإيمان ، بل من دلائل حلاوة الإيمان التي تذوق القلوب وتطعمها القلوب-نسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا وإياكم من أهلها ، من حلاوة الإيمان ومن يريد أن يذوق حلاوة الإيمان وكماله فإنه يحب الناس لايحبهم إلا لله ، ولا يبغضهم إلا في الله ، يجعل مراتب الناس على قدر طاعته الله -جل جلالة- فما أن يرى تقياً نقياًزكياً سائراً على طاعة الله أو عالماً أو داعية إلى الخير إلا أحبه صدق المحبة وأصبح يلهج بفضله وعلمه ونشر خيره آناء الليل وأطراف النهار قربة لله -سبحانه وتعالى- لا تعظيماً للذوات ولا للأشخاص ولكن قربة لله-سبحانه وتعالى- إنك إن فعلت ذلك كان لك الخير في دينك ودنياك وآخرتك ، -نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعصمنا من الزلل وأن يوفقنا لصالح القول والعمل-.<br><br>وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.<br><br>أبو عبدالله من أرض الحجاز<br>
ملاحظة :المقصود بزلات العلماء هنا ليست الفتاوى يعنى مثلا شيخ صعد على المنبر و اتى ببدعة عن غير قصد منه فقلت انه مبتدع هذا ما كان من اكل لحوم العلماء اما الكلام عن الفتاوى التى تاتى بشبهات للتضليل فهذا كان واجبا على اهل السلف ان يحذروا ممن ذب عن الكتاب و السنة
و الله المستعان
هذه كلمة لفضيلة الشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي حفظه الله المدرس بالمسجد النبوي والاستاذ الدكتور بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية .<br><br>وهي من درس سنن الإمام الترمذي-رحمه الله- بمسجد الملك سعود-رحمه الله- بجدة من أبواب الطهارة درس رقم 12 .<br>يقول السائل :<br>فضيلة الشيخ أحسن الله إليكم :<br><br>تعلمنا النهي عن كشف العورات ، فهلا ذكرتم لنا النهي عن تتبع العورات.. ؟؟<br>الجواب :<br><br>إن الله هذب المؤمنين وأدبهم وصانهم عن الحرمات والسيئات وسفاسف الأمور والمنكرات ، ومما أدّب الله به المؤمنين حفظ ألسنتهم عن تتبع عورات إخوانهم ، ويكون ذلك أشد مايكون بالغيبة والسب والشتم والاحتقار وذكر العيوب واللمز والهمز ، ولذلك وصف الله-عز وجل- من ابتلي بذلك بأنه حقير مهين ونهى رسول الأمة - صلوات الله وسلامه عليه - أن يطعه أو يستمع اليه فقال-سبحانه وتعالى- :{ وَلاتُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيْمٍ* مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثَيْمٍ * عُتُلٍ بَعْدَ ذَلِكَ زَنَيْمٍ * أَنْ كَاْنَ ذَا مَالٍ وَبَنِيْنَ}[ القلم ، 10-14] فوصفه بكونه مشاءً بنميم وهذا يدل على أنه- والعياذ بالله-يمشي بعورات المسلمين ، وينم الحديث بينهم ، فيقول فلان قال فيك ، وفلان ذكر فيك ، فيذكر عورته عند أخيه ، ويذكر ماكان منه من الخطأ في حق أخيه ، فوصفه بكونه مهيناً-والعياذ بالله- حقيراً ، وقال -سبحانه وتعالى- : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات ، 6 ] وصف الذي ينقل الأخبار بأنه فاسق .<br><br>--------------------------------------------------------------------------------<br><br>ولذلك كان السلف يحتقرون من ينقل الأخبار التي تتبع فيها عورات المسلمين ويقصد بها سوءاتهم ، حتى قال بعض السلف من اغتاب الناس عندك فأنه يغتابك عند الناس ، من يأتي اليك بعورات الناس وعيوبهم ، فاعلم أنه يذكر عورتك عند الناس ، وكما لم يتق الله-عز وجل -في إخوانك فأنه أحرى ألا يتق الله -عز وجل- فيك ، إن الله إذا رزق الإنسان تقواه في قلبه وخشيته في فؤاده وسلمت نفس الأنسان وطهر قلبه وزكى أظهر الله طهارته في لسانه ، ولذلك أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذا المعنى بقوله( المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه)) فإذا أردت أن ترى عيناك إنساناً يخاف الله ويتقيه فانظر إليه في اللسان وتتبع العورات ، فإن وجدته عفيفاً عن أعراض المسلمين ، عفيفا عن غيبتهم ، همزهم ، لمزهم ، شتمهم ، سبهم ، فاعلم أن وراء هذا اللسان قلباً يخاف الله-جل جلالة- ولما خاف الله في قلبه أظهر الله الخوف في لسانه ، ولما طهر قلبه بإخوانه المسلمين أظهر الله طهارة قلبه على لسانه ، وإذا رأيت ذلك الفاجر المتهتك الذي لايخاف الله -عز وجل- كلما جلس عندك يقول فلان فيه وفلان فيه ، فاعلم أن وراء هذا اللسان قلباً لا يخاف الله -عز وجل- فإنها آفات وهنات وزلات وويلات وعورات ، ومن تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو كان في عقر داره ، -والعياذ بالله-ولذلك يعتبر من دلائل الخوف من الله-سبحانه وتعالى- والخشيه من الله-عز وجل- عفة اللسان عن أعراض المسلمين ، لاخير في ذكر عيوبهم .<br><br>--------------------------------------------------------------------------------<br><br>وأشد ماتكون العيوب إذا كانت للعلماء ، والأئمة ، والفضلاء ، والخطباء ، ونحوهم ممن لهم حق على المسلمين ، فهؤلاء ذكر عيوبهم إهانة للإسلام ، ذكر عيوب العلماء ، حتى أن بعض طلاب العلم ، ربما يقول الشيخ فلان يقول كذا والشيخ إذا جلس يجلس كذا ، وإذا تحدث يكون في حديثه كذا ، فيقع في همزه ، ولمزه ، واحتقاره من حيث لايشعر ، عليك أن تتقي الله ، وأن تحفظ خاصة لعلماء الامة ، وأهل الحق فيها قدرهم ، ولذلك إهانة العلماء وذكر عيوبهم ، وتتبع عوراتهم ، وزلاتهم ، سيهين الله اصحابه وقل أن تجد إنساناً يتتبع عورات العلماء إلا تتبع الله عورته ، وفضحه وأخزاه ، وأهانه ، إن عاجلاً أوآجلا ، ولايزال مثل هذا العمل يتتبع صاحبه ، حتى يكون بلائه عليه في الدنيا ، وإذا فاته في الدنيا، ربما أن الله يبتليه في سكرات الموت ، وربما أن الله يبتليه في قبره ، وربما يبتليه في آخرته ، وحشره ونشره ، فأما أن يعجل الله عقوبته في الدنيا فيهينه كما أهان العلماء ، والصلحاء ، والأتقياء ، والأخيار ، خاصة الشباب الصالحين بعضهم مع بعض ، فإن غيبة الصالحين ليست كغيبة عوام الناس ، فإذا رأيت طلاب العلم ، لاتقل طلاب فلان ، وطلاب الشيخ الفلاني ، بعض طلاب العلم يفعل كذا أويقول كذا على سبيل النقص والازدراء ، وهكذا التنقص للمحسنين والصالحين كأن يتنقص منهم بذكر ثيابهم أنها قصيرة ، أو لحاهم أنها طويلة ، أو أن ثيابهم مرقعة ، أو أنهم على حالة ضعيفة كل ذلك مما يغضب الله -عز وجل- .<br><br>--------------------------------------------------------------------------------<br><br>وفي الحديث الصحيح عن أبي بكر -رضي الله عنه- أنه لما قال الصحابة - رضوان الله عليهم - في أبي سفيان "ما أخذت سيوف الله -عز وجل- من عدوالله" غضب أبوبكر وقال أتقولون هذا لشيخ من مشائخ قريش أتى إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له يا أبا بكر هذا صديق الأمة الأكبر -رضي الله عنه وأرضاه- الذي ما بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل ولا أعلى شأناً منه -رضي الله عنه- يقول له النبي -صلى الله عليه وسلم- (أغضبتهم إنك إن أغضبتهم أغضبت ربك)) إن أغضبت هؤلاء الذين تراهم مرقعي الثياب ، وتراهم بهذه الحالة الرثة بلال وصهيب وتراهم فقراء غرباء إن أغضبتهم أغضبت ربك ، فإذا كان هذا في صديق الأمة فكيف بمن سواه ، لاتذكر عورات المسلمين ، لاتقل فلان لجنسه ولا للونه ولا لفقره ولا لوظيفته ولا لمنـزلته ، احتقر نفسك وامتهنها في ذات الله-جل جلالة- يرفع الله قدرك ، وإذا عشت بين الناس ترى نفسك وضيعاً رفعك الله-جل جلالة- قال بعض السلف ما دخلت مجلساً وأرى نفسي أعلى القوم إلا خرجت وقد وضعني الله أدناهم ، وما دخلت مجلساً وأرى نفسي أصغر القوم إلا خرجت وأنا أعلاهم ، فالذي يعتقد في نفسه أنه ناقص وأنه ضعيف وأنه حقير وأنه مهان إلا أن يكرمه الله ، وأنه ذليل إلا أن يعزه الله ، وأنه مهان إلا ان يرفع الله قدره ومكانه فإن الله يتولى أمره ، أما لإذا أخذ ينظر إلى حسبه ، إلى نسبه إلى لونه إلى وظيفته إلى جاهه إلى علمه فإن الله يهلكه ، فينبغي على الإنسان أن يتحفظ من عورات المسلمين ، ولا تظن أن فقر أخيك يبيح غيبته ، ولاتظن أن حسبه أو نسبه أن ذلك يبيح لك حقه الذي نهاك الله -عز وجل-عنه ؛ ولذلك لما خطب-عليه الصلاة والسلام-في حجة الوداع قال-عليه الصلاة والسلام- في خطبته المشهورة التي اشتملت على الوصايا العظيمة المأثورة ( إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم)) الأعراض أعراضكم عليكم حرام فكما أن الدم حرام كذلك العرض ، قرن النبي -صلى الله عليه وسلم- العرض بالدم ولذك كما أن الإنسان يؤذي المسلم بسفك دمه كذلك يؤذيه بغيبته ، ولمزه ، وهمزه ، إذا قيل له من فلان قالوا فلان كذا وكذا انتقصه وازدراه ، وإذا قيل فلان الغني أو الثري أو له المنصب أو الذي له الحسب أو له النسب رفع قدره ، وأخذ يعظم شأنه ويجله ويكرمه ، بل إن ذلك يقع حتى بين الأخيار وللأسف .<br><br>--------------------------------------------------------------------------------<br><br>وقد قال علي -رضي الله عنه- لما نزل قوله- تعالى-:{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[ الحجرات ، 13 ] قال:" ذهب النسب اليوم "، لانسب بعد اليوم إلا بالتقوى ، ولا يزال الإنسان يرى لنفسه على الناس حقاً وفضلاً حتى يأتي يوم القيامة فيحشره الله مع المتكبرين كأمثال الذر يوطأ بالأقدام ، ولا يزال يرى نفسه أنه الحقير إلى أن يرفع الله قدره حتى يعلو شأنه وطيب الله ذكره بين الناس ؛ فلذلك ينبغي على المسلم أن يحفظ عورات المسلمين ، وعلينا أن نتقي الله في بعضنا ، ليس الالتزام ولا الاهتداء بكون الإنسان يطلق لحيته ويقصر ثوبه دون أن يلتزم بشعائر الإسلام الحقيقية التي يشعر فيها بأخوة الإسلام مع إخوانه فيقرب أبعد الناس منه نسباً إليه بالدين والإسلام ، ولربما يدخل إلى المسجد فيرى إخوانه من طلاب العلم ومن الصلحين والأخيار فيحبهم والله أكثر من محبته لوالديه لما رأى فيهم من الاستقامة وحب الخير ، وهذا من أصدق الدلائل على الإيمان ، بل من دلائل حلاوة الإيمان التي تذوق القلوب وتطعمها القلوب-نسأل الله -عز وجل- أن يجعلنا وإياكم من أهلها ، من حلاوة الإيمان ومن يريد أن يذوق حلاوة الإيمان وكماله فإنه يحب الناس لايحبهم إلا لله ، ولا يبغضهم إلا في الله ، يجعل مراتب الناس على قدر طاعته الله -جل جلالة- فما أن يرى تقياً نقياًزكياً سائراً على طاعة الله أو عالماً أو داعية إلى الخير إلا أحبه صدق المحبة وأصبح يلهج بفضله وعلمه ونشر خيره آناء الليل وأطراف النهار قربة لله -سبحانه وتعالى- لا تعظيماً للذوات ولا للأشخاص ولكن قربة لله-سبحانه وتعالى- إنك إن فعلت ذلك كان لك الخير في دينك ودنياك وآخرتك ، -نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعصمنا من الزلل وأن يوفقنا لصالح القول والعمل-.<br><br>وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.<br><br>أبو عبدالله من أرض الحجاز<br>
ملاحظة :المقصود بزلات العلماء هنا ليست الفتاوى يعنى مثلا شيخ صعد على المنبر و اتى ببدعة عن غير قصد منه فقلت انه مبتدع هذا ما كان من اكل لحوم العلماء اما الكلام عن الفتاوى التى تاتى بشبهات للتضليل فهذا كان واجبا على اهل السلف ان يحذروا ممن ذب عن الكتاب و السنة
و الله المستعان
تعليق