معنى التكيف مع المعيشة في بلد أوروبي هو أن تعيش ليومك، وأن تكون عبداً للقرش الذي لا تصرفه إلا على الملذات،و أن تذهب ليلة كل جمعة و سبت الى البار و تعود الى منزلك و في أحضانك غنيمة جديدة كل أسبوع.. لذلك أقول أني لم و لن أتكيف أبدا.

الحمد لله الذي من علي بالتعرف على أصدقاء عرب من تونس و المغرب و الجزائر و مصر يعيشون في سويسرا و الذين أصبحت أفضل صحبتهم على الأجانب بشكل عام لأن محبتهم لله و مجردة من المصالح الشخصية، و أحب أن أذكر هنا أن الإيمان الذي وجدته عند المسلمين المقيمين في هذا البلد هو إيمان من نوع غريب إفتقدناه بلداننا العربية... إيمان قوي عن قناعة و صدق... فمثلا إذا تركت حقيبة مملوءة بالنقود في وسط الجامع هنا تثق بأنه لن يقربها أحد، بينما إذا تركت حذاء العيد الجديد على أبواب أحد جوامع دمشق سيختفي في الحال، و إذا كان السارق طيب القلب ستجد مكان الحذاء الجديد ''شحاطة مشلوخة'' عمرها سبعين سنة لكي تتمكن من العودة بها الى المنزل.

من وقت لآخر أحاول أن أجد المناسبة لمحاولة نصح من حولي بأسلوب ذكي مع العلم أني لست أهلا للوعظ، حتى و لو بإهداء نسخ من القرآن الكريم باللغة الألمانية و الإنجليزية لبعض المقربين عملا بمقولة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم "بلغوا عني و لو آية" ولكن مع الأسف في معظم الحالات... لا حياة لمن تنادي.

نعمة الإيمان شبه معدومة هنا عند الشباب الذي لا يستطيع أن يؤمن إلا بما يرى، في نفس الوقت الذي تجد فيه شريحة قليلة من المجتمع عموما من كبار السن و قد كرسوا حياتهم لخدمة الديانة المسيحية و لكنها نادرة الوجود و ربما معدومة عند الشباب.