الإعتقاد بالجن
الإعتقاد بوجود الجن قديم جدا ، وهو في الميثولوجيا العالمية موجود بصورة الأرواح المحتجبة عن عيون البشر.
ومن جهة اخرى ان اغلب الناس الليبراليين والعلمانيين في وقتنا الحالي لا يعتقدون بوجود الجن ، و ففي الدول الغربية مثلا وفي نهاية قرائة كل قصة لطفل اوروبي تُذكر فيها شخصيات جنّية يقول قاريء القصة للطفل لا تنسوا يا اولادي الاحبة بان الجن لا وجود لها في الواقع.
خلق الجان ومنشأهم
ٌٌٌآدم هو أبو البشر ولكن من هو أبو الجان؟؟
خلق الله الجن من النار واسكنهم الأرض قبل خلق آدم عليه السلام بألفي سنة وروي عن ابن عباس رضي الله عنه قال:- خلق الله سوميا وهو ابو الجن وقال له تمن؟؟ فقال سوميا اتمنى ان نرى ولا نُرى،وان نغيب في الثرى،وان يصير كهلنا شابا فأعطاه الله ذلك.
حينما اسكنهم الله الأرض افسدوا فيها وسفكوا دماء بعضهم فأرسل الله لهم ملائكة عددهم 4000 ملك وقضي عليهم جميعا، وأخذو معهم إبليس إلى السماوات العلى فصار مثل الملائكة يعبد الله ويطيع أوامره ويبتعد عن نواهيه.
وبقي على الأرض قليلا من الجن، هربوا إلى المغارات و أعالي الجبال و في أسفل البحار و المحيطات، واتخذوا بعض المواقع الذي يتكاثرون فيها ويعيشون ومنها مثلث برمودا، ولما هبط الأنسان على الأرض، تطور وصنع الغواصات والطيارات و السفن، جاب الأرض و أنتقل من مشارقها إلى مغاربها، بدأ يشكل خطرا على الجن لما أنتقل إلى مواقعهم، فأهابوه و أخافوه،فأسقطو الطائرات التي تحلق فوق مثلث برمودا، وأتلفوا الغواصات التي تجوب ذلك المكان، وبدؤا يخوفون الإنسان إلى أن أبتعد عن تلك المواقع.
وهذه الحادثه ردا على من قال ان الملائكة يعلمون الغيب حين قالوا :- اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك فالملائكة هنا استندوا على ما حصل من سوميا وذريته قبل خلق آدم عليه السلام.
وبعد ان خلاق الله آدم وأمر الملائكة بالسجود ، تكبر إبليس وعاد لأصله. فرفض ابليس السجود ضنا منه انه افضل من آدم لأنه مخلوق من نار وآدم من تراب فعصى امر ربه.
فغضب عليه الله وطرده من رحمته ولكن ابليس طلب ان يمد له ولذريته في العمر حتى يوم القيامه للإنتقام من آدم فأعطاه الله ذلك وبدأ يتكون عالم الجن من جديد.
وعاد ليصعد إلى السماء لكي يوسوس لآدم و حواء، ولكنه ممنوع من الصعود إلى السماء، فوجد ثعبانا قد خلقه الله، ودخل إبليس في جوف الثعبان الذي لم يكن ممنوع من الدخول إلى الجنة التي بها آدم، فدخل إبليس إلى الجنة عبر الثعبان،و وسوس لآدم. ثم هبط آدم و حواء و إبليس و الثعبان من السماء إلى الأرض0
وقد روي ان ابليس تشكل في هيئة شيخ نجدي عند اجتماع الكفار في دار الندوة لمناقشة الدعوة الإسلامية واشار اليهم بقتل الرسول او حبسه او اخراجه من مكه
حقيقة الجن . الجن في الفهم التقليدي : لقد استسلم العقل البشري منذ القدم للتسليم بوجود كائنات غير مرئية ، عاقلة ، قادرة ،و تفوق الإنسان في كل قدراته . تسبقه سرعة و تعجزه قوة ، و لا قبل له بها . إلا أن العلماء المسلمين أضافوا إلى هذا الفهم معان جديدة تتلخص في كون الإنسان أكرم منها بدليل سجود الملائكة لآدم –أي البشر – و عدم سجودها للجن . و أنها تخاف من المسلم الملتزم بواجباته الدينية ، و أن الإنسان يمكن أن يتسلط عليها و يتحكم فيها لصالحه و يستدلون في ذلك بملك سليمان . و يدعي بعض المشعوذين أنهم يستخدمون الجن و يستعملونهم من أجل سحر الإنسان و لكن لم يقدم أحدهم أدنى دليل مادي على صحة هذا الهراء المقصود لأغراض شيطانية . و أخترع العقل البشري من القصص الخيالية الغريبة و المخيفة حول الجن ما لا يحصى عددا و ما لا يصح أبدا .من قبيل زواج الجن من الإنس و رقيهم في السم وات لإختراق ملكوت قيوم السماوات و الأرض و إحضار أخبار المشيئة الإلهية للمشعوذين الدجالين . و لو اطلعت عما كتبه بعض المشايخ حول الجن –انظر كلمة الجن على الأنترنت – و لو جدت العجب العجاب ، فهم يصنفونهم أصنافا عدة ، و يعطون لكل صنف أسماء عجيبة لن تعرف أبدا من أين أتوا بها و يخصونه بمهام خاصة و يقدمون تفصيلات في غاية الدقة ، و كأنهم يتعاملون معها وفق المنهج التجريبي ، و المؤكد أن أي من هؤلاء المشايخ لا يستطيع التفريق بين ذكر الحمام و أنثاه . و يضيف علماؤنا أن الجن كائنات عاقلة ، مدركة ، مكلفة ، أرسل الله إليها محمد لهدايتها و تبليغها الرسالة و القرآن ، مستدلين بسورة الجن في كتاب الله العزيز الحكيم . فهل هذا صحيح ؟.
هل الإيمان بالجن - بالمفهوم التقليدي للكلمة - من أركان الإيمان ؟ لعلى بعض المتعصبين يعترضون بداهة ، إذ يرمونك بالخوض في العقيدة الإسلامية و المساس بأركان الإيمان . إن المساس الحقيقي بالعقيدة الإسلامية يكمن في الإستمرار في الفهم الخاطئ لهذه المصطلحات القرآنية الإعجازية و رميها في زاوية الخرافة و الدجل و إحكام الأقفال حولها و تكبيل العقل البشري ، لمنعه من العبور إلى المعاني الإعجازية الحقيقة التي تحتويها هذه الكلمات البسيطة . و ليطمئن القارئ تماما ، فالجن ليست من أركان الإيمان ، و التي حددها القرآن ب: الله ، الملائكة ، الكتب السماوية ، الرسل ، اليوم الآخر . و يضيف البعض القضاء و القدر . لذلك فمحاولة فهم معنى الجن لا يمس لا بالعقيدة الإسلامية و لا بأركان الإيمان و لكن بالعكس فهو عمل بالقرآن إذ يتمحور حول التدبر في ملكوت الله و إعمال العقل كما حثنا ربنا على ذلك . هل هناك دليل مادي على وجود الجن ؟ قبل البدء في محاولة فهم هذا الموضوع الشائك ،أسمح لنفسي بطرح سؤال بسيط هو : هل تمكن أحد من البشر من تقديم دليل مادي ملموس لهذه الأمة التي يبدو أنها خصت بمقومات الحضارة أكثر من الجنس البشري ؟ الجواب أبدا . فلا وجود لحضارة تنسب للجن مطلقا ، ولا نرى لهم مظاهر وجود من حيث مزاحمة إلإنسان حول مصادر الثروة أو الطاقة أو حتى الحيز الجغرافي ، أو المياه و التي هي عصب الحياة . إذ يقول القرآن: ( و جعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ) .سورة الأنبياء ، 30.
المفهوم الصحيح لكلمة الجن . الجن اسم وصفي و ليس اسم لعين . ما دام القرآن قرآنا عربيا ، ينبغي الرجوع إلى اللغة العربية لفهم معاني كلماته و آياته ، لنجد أن الفعل : جن تعني اختفى و استتر . و لا داعي للتوسع في البحث اللغوي هنا . وعليه تشمل كلمة الجن كل ما خفي و استتر و لم يشاهد عيانا و لم يقع عليه النظر سواء كان الناظر بشرا أو حيوانا ، بحيث أن كل من شوهد و نظر و طاله البصر لم يعد جنا .و هذا ما حدا بالإمام الشافعي – –بالقول : ( من ادعى أنه رأى جنيا ، أبطلوا شهادته إلا أن يكون نبيا ).حيث لا يمكنه أن يطعن في عدالة الأنبياء الكرام ، لا أنهم يرون الجن . ليكون السؤال الحاسم في وجه هذا الطرح ، ما المقصود إذن من الجن ؟ ليأتي الجواب : الجن اسم وصفي و ليس اسم لعين . و لتبسيط المعنى نضرب المثال التالي : لو طلبت من أحد أن يحضر لك لونا من الألوان ، لاحتار أين سيجد لونا من الألوان ،و مع ذلك لو ذهب و سعى في الأرض غربا و شرقا ، شمالا و جنوبا ، لعاد إليك دون أن يحضر شيئا . و ليس بإمكانه أن يحضر إلا أشياء ملونة و فقط . هذا ما يطابق معنى الجن . فهو وصف لما خفي و استتر من الكائنات ، من بشر و غيرهم . و الغريب أن أوثق البشر صلة –حسب إدعائهم –أعني السحرة و المشعوذين- بالجن لا يستطيعون تقديم أي دليل مادي يثبت وجود الجن الشبحي كما يفهمونه ، حتى إدعاء سيطرتهم على الجن لاينفعهم بأي صفة ، و قد شاهدهم العام و الخاص و هم في حالة يرثى لها من الضعف و الهوان و الخوف و الذلة عندما تباغتهم الشرطة و تلقي عليهم القبض .و لم تنفعهم الجن لا بالإنذار المبكر و لا بالمدد و النصرة . بل إنهم على ما يدعون تجدهم أفقر الناس و أحقرهم في طلب المال بالنصب و الإحتيال ، فما بال الجن التي لا ترى لا تحضر لهم الثروة الطائلة خاصة أن كسبهم في الحالتين من حرام . و شأنهم في هذا لا يختلف كثيرا عن شأن من يدعون أنهم رقاة شرعيون ، فليس بإمكانهم أيضا تقديم أي دليل مادي على وجود الجن الشبحي ، بل يدعون أنهم يخرجون الجن و يشفون المرضى من السحر و المس و اللمس و اللبس إلى آخر القائمة من الأعراض التي لا سبيل لهم حتى للتفريق بين حالة و أخرى . و الحقيقة أن الذين يلجؤون إلى خدماتهم هم من مرضى النفس البشرية . حيث يؤكد الأطباء النفسيون أن المريض نفسيا يتكلم بأصوات متعددة ، و في الغالب هم أناس لديهم هموم و مشاكل لم يجدوا لها حلا ، وأحيانا أناس و دون وعي منهم يريدون جلب إهتمام الناس إليهم كالصبي الذي ينتف شعر رأسه و يجرح نفسه لإستقطاب نظر و حنان والديه من بين إخوته . ثم إن ما يفعله الرقاة يفعله غيرهم من مختلف الشعوب ، و النصارى يخرجون الجن و الشياطين و الأرواح الشريرة بالصليب و الماء المقدسة ، فهل يعني ذلك أنهم على حق أيضا ؟ و رد علماء النفس لديهم هو نفسه نفسه أي محاولات لا شعورية لجلب الإهتمام لا غير .
الجن في القرآن . أما الحجة الوحيدة التي يقدمها علماؤنا و مشايخنا و رقاتنا ، هي ورود كلمة الجن في القرآن. و القضية كأنها تتعلق بالمسلمين فقط دون غيرهم من البشر . فماذا عساهم أن يقدموا كدليل لوجود الجن الشبحي لشخص كافر لا يؤمن أصلا بالقرآن ، أم أن الأمر حكر على المسلم فقط ،أو مصيبة خاصة بالمسلمين أضيفت لمصائبنا بفلسطين و العراق و أفغانستان ؟ إن الفيصل في هذه القضية العصية ، بلا شك هو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه : القرآن، ثم السنة النبوية الصحيحة ، ثم العقل و الفهم الصحيح لهما . جاء في سورة الأحقاف : ( و إذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق و إلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله و آمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم و يجركم من عذاب أليم و من لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض و ليس له من دونه أولياء أولئك في ظلال مبين ).الآيات ...... و جاء في سورة الجن : ( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا . يهدي إلى الرشد فآمنا به و لن نشرك بربنا أحدا . و أنه جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ) .... إلى آخر ما تعلق بالجن في السورة. و جاء في التفاسير عن أبن عباس أنهم سبعة من جن نصيبين ، و عنه أيضا أنه قال : ما قرأ رسول الله على الجن و ما رآهم . وقال الحسن البصري : أنه محمد ما شعر بأمرهم – أي الجن – حتى أوحى الله له بخبرهم ( تفسير أبن كثير ). و في الحديث ، قال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل أبن إبراهيم ، حدثنا داود عن الشعبي أبن أبي زائدة أخبرنا داود ابن الشعبي عن علقمة قال : قلت لعبد الله ابن مسعود : هل محمد ليلة الجن منكم أحد فقال : ما صحبه منا أحد و لكنا فقدناه ذات ليلة بمكة فقلنا أغتيل ، أستطير ما فعل ؟ قال : فبتنا بشر ليلة بات بها قوم . فلما كان وجه الصبح أو قال في السحر ، إذا نحن به يجيء من قبل حراء ، فقلنا يا رسول الله فذكروا له الذي كانوا فيه . فقال : إنه أتاني داعي الجن ، فأتيتهم فقرأت عليهم ، قال فانطلق فأرانا آثارهم و آثار نيرانهم . قال الشعبي : سألوه الزاد ، قال عامر بمكة و كانوا من جن الجزيرة ، فقال : كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما ، و كل بعرة أو روثة علف لدوابكم ، قال : فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم من الجن .تفسير ابن كثير . و لكوني بعيد عن علم الجرح و التعديل و معرفة الرجال ، فإني لا أناقش السند ،بل أكتفي بالمتن فقط. و الحديث وارد عن أكثر من طريق .و الواضح هنا أن كلام ابن عباس و الحسن البصري ما هو الصحيح ، إذ يؤكدان عدم رؤية النبي للجن و عدم تخصيصهم بقراءة القرآن .و هذا يوافق القرآن، حيث أن محمد ما علم باستماع الجن للقرآن إلا عن طريق الوحي .( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن ). ثم إن في الحديث ما يدعو إلى السؤال التالي ، ماذا كان يأكل الجن قبل مجيء الرسول ، حتى يحدد لهم قائمة المأكولات ، و القرآن يوضح الحلال من الحرام من المأكل و غيره ؟ . و السليم أنهم بشر مثلنا و هم جن نصيبين و هم نصارى ، صرفهم الله إلى رسول الله من غير أن يعلم بوجودهم ، ليستمعوا القرآن . بدليل أنهم قالوا : ( أنصتوا ) أي لا يشعرن بكم أحدا . و لعل ما صادفهم من القرآن آيات تتحدث عن عيسى ، التي تؤكد أنه مجرد بشر و ليس بإله ، و أنه ليس بينه و بين الله نسب ، بدليل رجوعهم إلى الحق و قولهم : ( و أنه جد ربنا ما اتخذ صاحبة و لا ولدا ) . و يبدو أنهم من أهل العلم و الباحثين عن الحق ، و أنهم كانوا يجلسون مجالس العلم ويتدارسون ما طال العقيدة المسيحية من تحريف و شرك .و هذا المقصود بالسماء هنا أي سماء العلم و المعرفة أين يسمو الإنسان بروحه و عقله . و اعترفوا بأن إصرارهم على الباطل لن يعجز الله في الأرض أي أنهم لن يقنعوا البشر كافة بألوهية المسيح ، و لن يعحزوا الله بهروبهم من الحق ، ذلك أن الله و لن يجري وراء أحد لهدايته كي يهرب منه . و تأكدوا أن سماء العلم و الحق محفوظة بشهب الحق و الإيمان ، و أن هذا الرسول شهاب علم في سماء المعرفة الحق لله عز و جل . و أن محاولات البشر لطمس الحق و تزييف حقيقة التوحيد لن تفلح،و أن الله يبعث من رسله و أنبيائه و علماء الأمة الإسلامية من يحرق بالحجة و الدليل الحق كل شيطان يحارب الله ورسوله . و المراجع لكتب السيرة النبوية – كتاب هذا الحبيب لأبي بكر جابر الجزائري – يجد أن من الوفود التي قدمت لبيعة الرسول ،من آمنوا به دون أن يقرأ عليهم القرآن أو يبعث لهم رسولا ، و منهم وفد بني أسد الذين قالوا له : أتيناك قبل أن ترسل إلينا رسولا .يمنون عليه بذلك . و فيهم نزلت الآية : ( يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين ).الآية 2 من سورة الحجرات. ثم لنفتح المجال للأسئلة المنطقية و الموضوعية التي تقودنا إلى الحق بإذن الله ، و لنبدأ ب: ما بال هؤلاء الجن المسلمين ،يأمرهم محمد بأكل النجاسات ؟و يعيشون على فضل أطعمة البشر و روث الدواب ؟. لقد قاد محمد الصحابة إلى مواقع هؤلاء الجن و أطلعهم على آثار نيرانهم و مبارك جمالهم ، أليسوا بشرا ؟ ثم ما الذي حدث الآن فلم نعد نعثر على آثارهم مطلقا رغم تطور تكنولوجيا البصريات بشكل رائع ، لم يسبق له مثيل ؟ أم أنهم انقرضوا بعد ذلك ؟ الصحيح من الحديث أيضا أنه آية باهرة تدل بلا ريب عن صدق الرسول ، وصدق رسالته . لقد كشف الله له حجب الغيب ، و أراه الله ما لا يرى غيره من غيب . و لكنه يخاطب الصحابة الكرام بما تستسيغه عقولهم آنذاك و هم لم يروا ما كشف الله له . و يخاطبهم بما يؤدي الغرض و يطيعونه دون طلب الشرح و الإطالة في التوضيح و دون طلب مشاهدة ما شاهد هو .لقد نهاهم عن الإستنجاء بالروث و العظم ، و انتهوا بمجرد نهيهم ، و حقيقة الجن هنا هي تلك الميكروبات و البكتيريا الخفية عن العين المجردة ، والتي تشكل خطرا على صحة الإنسان و حياته . ليكتشف الإنسان هذه الحقيقة العلمية بعد أربعة عشر قرنا ، لتكون آية باهرة على صدق الرسول و صدق رسالته . فما بالنا ننزوي في دائرة التخريف و نرمي ديننا بالدجل و التخلف ، بدل أن نرقى به إلى سماء العلم و المعرفة و الحق ، و تبليغ الرسالة بما يليق بها . ألم يقل القرآن: ( سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ) . الآية 53 من سورة فصلت . و في هذا الإطار الصحيح ، و الفهم المؤيد بالعلم ، تصح أحاديث محمد التي تتحدث عن أماكن وجود الجن من أ سقف البيوت ، و بيوت الخلاء ، و الحمام ، و مرابظ الدواب ، و في فضل الطعام غير المحفوظ و في الشق بالآنية من فنجان و غيره . و بإمكاننا الآن أن نمر لبحث بعض المفاهيم لكلمة الجن الواردة في القرآن .و لنبدأ بقوله : ( و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس و الجن يوحي بعضهم لبعض زخرف القول غرورا و لو شاء ربك ما فعلوه فذرهم و ما يفترون ) . الآية 112 من سورة الأنعام . و الأمر يتعلق هنا بأعداء الله و رسوله و دينه و هم بشر كلهم ، منهم من آثر المواجهة علنا فهم شياطين الإنس و هم يشهرون و يعلنون عداءهم لله و لرسوله ولدينه . و منهم من خشي العلن و المواجهة و آثر محاربة الله و رسوله دون أن يظهر في الصورة ، بل من خلال كل أساليب الخداع و المكر و الكيد و بث الفتن في الناس .و هم شياطين الجن .
الإعتقاد بوجود الجن قديم جدا ، وهو في الميثولوجيا العالمية موجود بصورة الأرواح المحتجبة عن عيون البشر.
ومن جهة اخرى ان اغلب الناس الليبراليين والعلمانيين في وقتنا الحالي لا يعتقدون بوجود الجن ، و ففي الدول الغربية مثلا وفي نهاية قرائة كل قصة لطفل اوروبي تُذكر فيها شخصيات جنّية يقول قاريء القصة للطفل لا تنسوا يا اولادي الاحبة بان الجن لا وجود لها في الواقع.
خلق الجان ومنشأهم
ٌٌٌآدم هو أبو البشر ولكن من هو أبو الجان؟؟
خلق الله الجن من النار واسكنهم الأرض قبل خلق آدم عليه السلام بألفي سنة وروي عن ابن عباس رضي الله عنه قال:- خلق الله سوميا وهو ابو الجن وقال له تمن؟؟ فقال سوميا اتمنى ان نرى ولا نُرى،وان نغيب في الثرى،وان يصير كهلنا شابا فأعطاه الله ذلك.
حينما اسكنهم الله الأرض افسدوا فيها وسفكوا دماء بعضهم فأرسل الله لهم ملائكة عددهم 4000 ملك وقضي عليهم جميعا، وأخذو معهم إبليس إلى السماوات العلى فصار مثل الملائكة يعبد الله ويطيع أوامره ويبتعد عن نواهيه.
وبقي على الأرض قليلا من الجن، هربوا إلى المغارات و أعالي الجبال و في أسفل البحار و المحيطات، واتخذوا بعض المواقع الذي يتكاثرون فيها ويعيشون ومنها مثلث برمودا، ولما هبط الأنسان على الأرض، تطور وصنع الغواصات والطيارات و السفن، جاب الأرض و أنتقل من مشارقها إلى مغاربها، بدأ يشكل خطرا على الجن لما أنتقل إلى مواقعهم، فأهابوه و أخافوه،فأسقطو الطائرات التي تحلق فوق مثلث برمودا، وأتلفوا الغواصات التي تجوب ذلك المكان، وبدؤا يخوفون الإنسان إلى أن أبتعد عن تلك المواقع.
وهذه الحادثه ردا على من قال ان الملائكة يعلمون الغيب حين قالوا :- اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك فالملائكة هنا استندوا على ما حصل من سوميا وذريته قبل خلق آدم عليه السلام.
وبعد ان خلاق الله آدم وأمر الملائكة بالسجود ، تكبر إبليس وعاد لأصله. فرفض ابليس السجود ضنا منه انه افضل من آدم لأنه مخلوق من نار وآدم من تراب فعصى امر ربه.
فغضب عليه الله وطرده من رحمته ولكن ابليس طلب ان يمد له ولذريته في العمر حتى يوم القيامه للإنتقام من آدم فأعطاه الله ذلك وبدأ يتكون عالم الجن من جديد.
وعاد ليصعد إلى السماء لكي يوسوس لآدم و حواء، ولكنه ممنوع من الصعود إلى السماء، فوجد ثعبانا قد خلقه الله، ودخل إبليس في جوف الثعبان الذي لم يكن ممنوع من الدخول إلى الجنة التي بها آدم، فدخل إبليس إلى الجنة عبر الثعبان،و وسوس لآدم. ثم هبط آدم و حواء و إبليس و الثعبان من السماء إلى الأرض0
وقد روي ان ابليس تشكل في هيئة شيخ نجدي عند اجتماع الكفار في دار الندوة لمناقشة الدعوة الإسلامية واشار اليهم بقتل الرسول او حبسه او اخراجه من مكه
حقيقة الجن . الجن في الفهم التقليدي : لقد استسلم العقل البشري منذ القدم للتسليم بوجود كائنات غير مرئية ، عاقلة ، قادرة ،و تفوق الإنسان في كل قدراته . تسبقه سرعة و تعجزه قوة ، و لا قبل له بها . إلا أن العلماء المسلمين أضافوا إلى هذا الفهم معان جديدة تتلخص في كون الإنسان أكرم منها بدليل سجود الملائكة لآدم –أي البشر – و عدم سجودها للجن . و أنها تخاف من المسلم الملتزم بواجباته الدينية ، و أن الإنسان يمكن أن يتسلط عليها و يتحكم فيها لصالحه و يستدلون في ذلك بملك سليمان . و يدعي بعض المشعوذين أنهم يستخدمون الجن و يستعملونهم من أجل سحر الإنسان و لكن لم يقدم أحدهم أدنى دليل مادي على صحة هذا الهراء المقصود لأغراض شيطانية . و أخترع العقل البشري من القصص الخيالية الغريبة و المخيفة حول الجن ما لا يحصى عددا و ما لا يصح أبدا .من قبيل زواج الجن من الإنس و رقيهم في السم وات لإختراق ملكوت قيوم السماوات و الأرض و إحضار أخبار المشيئة الإلهية للمشعوذين الدجالين . و لو اطلعت عما كتبه بعض المشايخ حول الجن –انظر كلمة الجن على الأنترنت – و لو جدت العجب العجاب ، فهم يصنفونهم أصنافا عدة ، و يعطون لكل صنف أسماء عجيبة لن تعرف أبدا من أين أتوا بها و يخصونه بمهام خاصة و يقدمون تفصيلات في غاية الدقة ، و كأنهم يتعاملون معها وفق المنهج التجريبي ، و المؤكد أن أي من هؤلاء المشايخ لا يستطيع التفريق بين ذكر الحمام و أنثاه . و يضيف علماؤنا أن الجن كائنات عاقلة ، مدركة ، مكلفة ، أرسل الله إليها محمد لهدايتها و تبليغها الرسالة و القرآن ، مستدلين بسورة الجن في كتاب الله العزيز الحكيم . فهل هذا صحيح ؟.
هل الإيمان بالجن - بالمفهوم التقليدي للكلمة - من أركان الإيمان ؟ لعلى بعض المتعصبين يعترضون بداهة ، إذ يرمونك بالخوض في العقيدة الإسلامية و المساس بأركان الإيمان . إن المساس الحقيقي بالعقيدة الإسلامية يكمن في الإستمرار في الفهم الخاطئ لهذه المصطلحات القرآنية الإعجازية و رميها في زاوية الخرافة و الدجل و إحكام الأقفال حولها و تكبيل العقل البشري ، لمنعه من العبور إلى المعاني الإعجازية الحقيقة التي تحتويها هذه الكلمات البسيطة . و ليطمئن القارئ تماما ، فالجن ليست من أركان الإيمان ، و التي حددها القرآن ب: الله ، الملائكة ، الكتب السماوية ، الرسل ، اليوم الآخر . و يضيف البعض القضاء و القدر . لذلك فمحاولة فهم معنى الجن لا يمس لا بالعقيدة الإسلامية و لا بأركان الإيمان و لكن بالعكس فهو عمل بالقرآن إذ يتمحور حول التدبر في ملكوت الله و إعمال العقل كما حثنا ربنا على ذلك . هل هناك دليل مادي على وجود الجن ؟ قبل البدء في محاولة فهم هذا الموضوع الشائك ،أسمح لنفسي بطرح سؤال بسيط هو : هل تمكن أحد من البشر من تقديم دليل مادي ملموس لهذه الأمة التي يبدو أنها خصت بمقومات الحضارة أكثر من الجنس البشري ؟ الجواب أبدا . فلا وجود لحضارة تنسب للجن مطلقا ، ولا نرى لهم مظاهر وجود من حيث مزاحمة إلإنسان حول مصادر الثروة أو الطاقة أو حتى الحيز الجغرافي ، أو المياه و التي هي عصب الحياة . إذ يقول القرآن: ( و جعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون ) .سورة الأنبياء ، 30.
المفهوم الصحيح لكلمة الجن . الجن اسم وصفي و ليس اسم لعين . ما دام القرآن قرآنا عربيا ، ينبغي الرجوع إلى اللغة العربية لفهم معاني كلماته و آياته ، لنجد أن الفعل : جن تعني اختفى و استتر . و لا داعي للتوسع في البحث اللغوي هنا . وعليه تشمل كلمة الجن كل ما خفي و استتر و لم يشاهد عيانا و لم يقع عليه النظر سواء كان الناظر بشرا أو حيوانا ، بحيث أن كل من شوهد و نظر و طاله البصر لم يعد جنا .و هذا ما حدا بالإمام الشافعي – –بالقول : ( من ادعى أنه رأى جنيا ، أبطلوا شهادته إلا أن يكون نبيا ).حيث لا يمكنه أن يطعن في عدالة الأنبياء الكرام ، لا أنهم يرون الجن . ليكون السؤال الحاسم في وجه هذا الطرح ، ما المقصود إذن من الجن ؟ ليأتي الجواب : الجن اسم وصفي و ليس اسم لعين . و لتبسيط المعنى نضرب المثال التالي : لو طلبت من أحد أن يحضر لك لونا من الألوان ، لاحتار أين سيجد لونا من الألوان ،و مع ذلك لو ذهب و سعى في الأرض غربا و شرقا ، شمالا و جنوبا ، لعاد إليك دون أن يحضر شيئا . و ليس بإمكانه أن يحضر إلا أشياء ملونة و فقط . هذا ما يطابق معنى الجن . فهو وصف لما خفي و استتر من الكائنات ، من بشر و غيرهم . و الغريب أن أوثق البشر صلة –حسب إدعائهم –أعني السحرة و المشعوذين- بالجن لا يستطيعون تقديم أي دليل مادي يثبت وجود الجن الشبحي كما يفهمونه ، حتى إدعاء سيطرتهم على الجن لاينفعهم بأي صفة ، و قد شاهدهم العام و الخاص و هم في حالة يرثى لها من الضعف و الهوان و الخوف و الذلة عندما تباغتهم الشرطة و تلقي عليهم القبض .و لم تنفعهم الجن لا بالإنذار المبكر و لا بالمدد و النصرة . بل إنهم على ما يدعون تجدهم أفقر الناس و أحقرهم في طلب المال بالنصب و الإحتيال ، فما بال الجن التي لا ترى لا تحضر لهم الثروة الطائلة خاصة أن كسبهم في الحالتين من حرام . و شأنهم في هذا لا يختلف كثيرا عن شأن من يدعون أنهم رقاة شرعيون ، فليس بإمكانهم أيضا تقديم أي دليل مادي على وجود الجن الشبحي ، بل يدعون أنهم يخرجون الجن و يشفون المرضى من السحر و المس و اللمس و اللبس إلى آخر القائمة من الأعراض التي لا سبيل لهم حتى للتفريق بين حالة و أخرى . و الحقيقة أن الذين يلجؤون إلى خدماتهم هم من مرضى النفس البشرية . حيث يؤكد الأطباء النفسيون أن المريض نفسيا يتكلم بأصوات متعددة ، و في الغالب هم أناس لديهم هموم و مشاكل لم يجدوا لها حلا ، وأحيانا أناس و دون وعي منهم يريدون جلب إهتمام الناس إليهم كالصبي الذي ينتف شعر رأسه و يجرح نفسه لإستقطاب نظر و حنان والديه من بين إخوته . ثم إن ما يفعله الرقاة يفعله غيرهم من مختلف الشعوب ، و النصارى يخرجون الجن و الشياطين و الأرواح الشريرة بالصليب و الماء المقدسة ، فهل يعني ذلك أنهم على حق أيضا ؟ و رد علماء النفس لديهم هو نفسه نفسه أي محاولات لا شعورية لجلب الإهتمام لا غير .
الجن في القرآن . أما الحجة الوحيدة التي يقدمها علماؤنا و مشايخنا و رقاتنا ، هي ورود كلمة الجن في القرآن. و القضية كأنها تتعلق بالمسلمين فقط دون غيرهم من البشر . فماذا عساهم أن يقدموا كدليل لوجود الجن الشبحي لشخص كافر لا يؤمن أصلا بالقرآن ، أم أن الأمر حكر على المسلم فقط ،أو مصيبة خاصة بالمسلمين أضيفت لمصائبنا بفلسطين و العراق و أفغانستان ؟ إن الفيصل في هذه القضية العصية ، بلا شك هو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه : القرآن، ثم السنة النبوية الصحيحة ، ثم العقل و الفهم الصحيح لهما . جاء في سورة الأحقاف : ( و إذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق و إلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله و آمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم و يجركم من عذاب أليم و من لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض و ليس له من دونه أولياء أولئك في ظلال مبين ).الآيات ...... و جاء في سورة الجن : ( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا . يهدي إلى الرشد فآمنا به و لن نشرك بربنا أحدا . و أنه جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ) .... إلى آخر ما تعلق بالجن في السورة. و جاء في التفاسير عن أبن عباس أنهم سبعة من جن نصيبين ، و عنه أيضا أنه قال : ما قرأ رسول الله على الجن و ما رآهم . وقال الحسن البصري : أنه محمد ما شعر بأمرهم – أي الجن – حتى أوحى الله له بخبرهم ( تفسير أبن كثير ). و في الحديث ، قال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل أبن إبراهيم ، حدثنا داود عن الشعبي أبن أبي زائدة أخبرنا داود ابن الشعبي عن علقمة قال : قلت لعبد الله ابن مسعود : هل محمد ليلة الجن منكم أحد فقال : ما صحبه منا أحد و لكنا فقدناه ذات ليلة بمكة فقلنا أغتيل ، أستطير ما فعل ؟ قال : فبتنا بشر ليلة بات بها قوم . فلما كان وجه الصبح أو قال في السحر ، إذا نحن به يجيء من قبل حراء ، فقلنا يا رسول الله فذكروا له الذي كانوا فيه . فقال : إنه أتاني داعي الجن ، فأتيتهم فقرأت عليهم ، قال فانطلق فأرانا آثارهم و آثار نيرانهم . قال الشعبي : سألوه الزاد ، قال عامر بمكة و كانوا من جن الجزيرة ، فقال : كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما ، و كل بعرة أو روثة علف لدوابكم ، قال : فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم من الجن .تفسير ابن كثير . و لكوني بعيد عن علم الجرح و التعديل و معرفة الرجال ، فإني لا أناقش السند ،بل أكتفي بالمتن فقط. و الحديث وارد عن أكثر من طريق .و الواضح هنا أن كلام ابن عباس و الحسن البصري ما هو الصحيح ، إذ يؤكدان عدم رؤية النبي للجن و عدم تخصيصهم بقراءة القرآن .و هذا يوافق القرآن، حيث أن محمد ما علم باستماع الجن للقرآن إلا عن طريق الوحي .( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن ). ثم إن في الحديث ما يدعو إلى السؤال التالي ، ماذا كان يأكل الجن قبل مجيء الرسول ، حتى يحدد لهم قائمة المأكولات ، و القرآن يوضح الحلال من الحرام من المأكل و غيره ؟ . و السليم أنهم بشر مثلنا و هم جن نصيبين و هم نصارى ، صرفهم الله إلى رسول الله من غير أن يعلم بوجودهم ، ليستمعوا القرآن . بدليل أنهم قالوا : ( أنصتوا ) أي لا يشعرن بكم أحدا . و لعل ما صادفهم من القرآن آيات تتحدث عن عيسى ، التي تؤكد أنه مجرد بشر و ليس بإله ، و أنه ليس بينه و بين الله نسب ، بدليل رجوعهم إلى الحق و قولهم : ( و أنه جد ربنا ما اتخذ صاحبة و لا ولدا ) . و يبدو أنهم من أهل العلم و الباحثين عن الحق ، و أنهم كانوا يجلسون مجالس العلم ويتدارسون ما طال العقيدة المسيحية من تحريف و شرك .و هذا المقصود بالسماء هنا أي سماء العلم و المعرفة أين يسمو الإنسان بروحه و عقله . و اعترفوا بأن إصرارهم على الباطل لن يعجز الله في الأرض أي أنهم لن يقنعوا البشر كافة بألوهية المسيح ، و لن يعحزوا الله بهروبهم من الحق ، ذلك أن الله و لن يجري وراء أحد لهدايته كي يهرب منه . و تأكدوا أن سماء العلم و الحق محفوظة بشهب الحق و الإيمان ، و أن هذا الرسول شهاب علم في سماء المعرفة الحق لله عز و جل . و أن محاولات البشر لطمس الحق و تزييف حقيقة التوحيد لن تفلح،و أن الله يبعث من رسله و أنبيائه و علماء الأمة الإسلامية من يحرق بالحجة و الدليل الحق كل شيطان يحارب الله ورسوله . و المراجع لكتب السيرة النبوية – كتاب هذا الحبيب لأبي بكر جابر الجزائري – يجد أن من الوفود التي قدمت لبيعة الرسول ،من آمنوا به دون أن يقرأ عليهم القرآن أو يبعث لهم رسولا ، و منهم وفد بني أسد الذين قالوا له : أتيناك قبل أن ترسل إلينا رسولا .يمنون عليه بذلك . و فيهم نزلت الآية : ( يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين ).الآية 2 من سورة الحجرات. ثم لنفتح المجال للأسئلة المنطقية و الموضوعية التي تقودنا إلى الحق بإذن الله ، و لنبدأ ب: ما بال هؤلاء الجن المسلمين ،يأمرهم محمد بأكل النجاسات ؟و يعيشون على فضل أطعمة البشر و روث الدواب ؟. لقد قاد محمد الصحابة إلى مواقع هؤلاء الجن و أطلعهم على آثار نيرانهم و مبارك جمالهم ، أليسوا بشرا ؟ ثم ما الذي حدث الآن فلم نعد نعثر على آثارهم مطلقا رغم تطور تكنولوجيا البصريات بشكل رائع ، لم يسبق له مثيل ؟ أم أنهم انقرضوا بعد ذلك ؟ الصحيح من الحديث أيضا أنه آية باهرة تدل بلا ريب عن صدق الرسول ، وصدق رسالته . لقد كشف الله له حجب الغيب ، و أراه الله ما لا يرى غيره من غيب . و لكنه يخاطب الصحابة الكرام بما تستسيغه عقولهم آنذاك و هم لم يروا ما كشف الله له . و يخاطبهم بما يؤدي الغرض و يطيعونه دون طلب الشرح و الإطالة في التوضيح و دون طلب مشاهدة ما شاهد هو .لقد نهاهم عن الإستنجاء بالروث و العظم ، و انتهوا بمجرد نهيهم ، و حقيقة الجن هنا هي تلك الميكروبات و البكتيريا الخفية عن العين المجردة ، والتي تشكل خطرا على صحة الإنسان و حياته . ليكتشف الإنسان هذه الحقيقة العلمية بعد أربعة عشر قرنا ، لتكون آية باهرة على صدق الرسول و صدق رسالته . فما بالنا ننزوي في دائرة التخريف و نرمي ديننا بالدجل و التخلف ، بدل أن نرقى به إلى سماء العلم و المعرفة و الحق ، و تبليغ الرسالة بما يليق بها . ألم يقل القرآن: ( سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ) . الآية 53 من سورة فصلت . و في هذا الإطار الصحيح ، و الفهم المؤيد بالعلم ، تصح أحاديث محمد التي تتحدث عن أماكن وجود الجن من أ سقف البيوت ، و بيوت الخلاء ، و الحمام ، و مرابظ الدواب ، و في فضل الطعام غير المحفوظ و في الشق بالآنية من فنجان و غيره . و بإمكاننا الآن أن نمر لبحث بعض المفاهيم لكلمة الجن الواردة في القرآن .و لنبدأ بقوله : ( و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس و الجن يوحي بعضهم لبعض زخرف القول غرورا و لو شاء ربك ما فعلوه فذرهم و ما يفترون ) . الآية 112 من سورة الأنعام . و الأمر يتعلق هنا بأعداء الله و رسوله و دينه و هم بشر كلهم ، منهم من آثر المواجهة علنا فهم شياطين الإنس و هم يشهرون و يعلنون عداءهم لله و لرسوله ولدينه . و منهم من خشي العلن و المواجهة و آثر محاربة الله و رسوله دون أن يظهر في الصورة ، بل من خلال كل أساليب الخداع و المكر و الكيد و بث الفتن في الناس .و هم شياطين الجن .
تعليق