.:. الغناء والطرب في واقع المسلمين .:.
الغناء والطرب في واقع المسلمين :
ومن نظر في أحوال المسلمين , وتأمل في واقعهم المعيش , لم يجد خصومة بين المسلم المتدين وبين الاستمتاع بطيب السماع .
إن أذن المسلم العادي موصولة بـ« طيبات السماع » تلتذ بها , وتتغذى عليها كل يوم .
من خلال القرآن الكريم الذي تسمعه مرتلا ومجودا ومزينا بأحسن الأصوات , من أحسن القراء .
ومن خلال الأذان , الذي تطرب لسماعه كل يوم خمس مرات بالصوت الجميل . وهو ميراث من عهد النبوة , فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي كشف له عن ألفاظ الأذان في رؤيا صادقة : علمه بلالا , فإنه أندى منك صوتاً .
ومن خلال الابتهالات الدينية , التي تنشد بأعذب الألحان , وأرق الأصوات , فتطرب لها الأفئدة , وتهتز لها الشاعر .
ومن خلال المدائح النبوية التي توارثها المسلمون منذ سمعوا ذلك النشيد الحلو من بنات الأنصار . ترحيبا بمقدم الرسول الكريم :
طلع البـدر علينا من ثنيـات الوداع
وجب الشكر علينا مـا دعـا لله داع
وأذكر أني منذ نحو عشرين سنة سمعت هذا النشيد من تلميذات مدرسة إسلامية في إندونيسيا , يغنينه بلحن جماعي مؤثر رقيق , وكنا وفداً من دولة قطر . فرقت له قلوبنا , وسالت أدمعنا على خدودنا من فرط الرقة والتأثر .
وفي الأعصر الماضية استطاع المسلمون أن ينشئوا لأنفسهم ألواناً من « طيبات السماع » يروحون بها أنفسهم , ويجملون بها حياتهم , وخصوصاً في القرى والريف . وقد أدركنا ذلك في عهد الصبا ومطالع الشباب . وكلها ألوان فطرية نابعة من البيئة , معبرة عن قيمها , ولا غبار عليها .
من ذلك : فن المواويل , يتغنى بها الناس في أنفسهم , أو يجتمعون على سماعها , ممن كان حسن الصوت منهم , وأكثرهم يتحدث عن الحب والهيام والوصل والهجران , وبعضها يتحدث عن الدنيا ومتاعها , ويشكو من ظلم الناس والأيام . . . الخ .
وأكثرهم كان يتغنى بها بغير آلة , وبعضهم مع « الأرغول » , ومن هؤلاء الفنانين الفطريين: من كان يؤلف « الموال » ويلحنه ويغنيه في وقت واحد .
ومنها : القصص المنظومة , التي تتغنى ببطولات بعض الأبطال الشعبيين , أبطال الكفاح , أو أبطال الصبر , يسمعها الناس , فيطربون بها , ويرددونها , ويكادون يحفظونها عن ظهر قلب. مثل قصة « أدهم الشرقاوي » , و « شفيقة ومتولي » , و « أيوب المصري » , و « سعد اليتيم » وغيرها .
ومنها : الملاحم الشعبية للأبطال المعروفين , مثل « أبى زيد الهلالي » , والتي كان يجتمع لها الناس , ليسمعوا القصة , ويستمعوا معها إلى أشعار أبطالها على نغمات « الربابة » من « الشاعر الشعبي » الذي تخصص في هذا اللون , وكانت هذه الملاحم لها عشاقها وتقوم مقام « المسلسلات » في هذا العصر .
ومنها : أغاني الأعياد والأفراح والمناسبات السارة , مثل : العرس , وولادة المولود , وختان الصبي , وقدوم الغائب , وشفا ء المريض , وعودة الحاج . . . ونحوها .
وقد ابتكر الناس أغاني وأهازيج لحنوها وغنوها بأنفسهم في أحوال ومناسبات مختلفة , مثل جنى الثمار أو القطن وغيرها . ومثل : أهازيج العمال والفعلة , الذين يعملون في البناء وحمل الأثقال ونحوها , مثل : « هيلا , هيلا . . صل على النبي » . . وهذا له أصل شرعي من عمل الصحابة , وهم يبنون المسجد النبوي , ويحملون أحجاره على مناكبهم . وهم ينشدون :
اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة
حتى الأمهات , حين يهدهدن أطفالهن , ويهيئنهم للنوم , يستخدمن الغناء , ولهن كلمات مشهورة , مثل : « يارب ينام , يارب ينام . . . . » .
ولا زلت أذكر « المسحراتية » في شهر رمضان المبارك , وهم يوقظون الناس بعد منتصف الليل بمنظومات يلذ سماعها منغمة مع دقات طبولهم .
ومن جميل ما يذكر هنا : ما اخترعه الباعة في الأسواق , والباعة المتجولون :
من النداء على سلعهم بعبارات منظومة موزونة . يتنافسون في التغني بها , مثل بائع العرقسوس , وباعة الفواكه والخضروات , وغيرهم .
وهكذا نجد هذا الفن - فن الغناء - يتخلل الحياة كلها , دينية ودنيوية , ويتجاوب الناس معه بتلقائية وفطرية , ولا يجدون في تعاليم دينهم ما يعوقهم عن ذلك . ولم ير علماؤهم في هذه الألوان الشعبية ما يجب أن ينكر . بل أكثر من ذلك نجدها جميعا ممزوجة بالدين ومعاني الإيمان والقيم الروحية , والمثل الأخلاقية , امتزاج الجسم بالروح : من التوحيد وذكر الله والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم , وما شابهها .
وهذا الذي لاحظته في مصر , وجدت مثله في بلاد الشام , وفى بلاد المغرب , وغيرها من بلاد العرب .
=========================================
.:. لم شدد المتأخرون في أمر الغناء ؟ .:.
يلاحظ أن المتأخرين من أهل الفقه أكثر تشديدا في منع الغناء - وخصوصا مع الآلات - من الفقها ء المتقدمين . وذلك لأسباب :
الأخذ بالأحوط لا الأيسر :
1 - إن المتقدمين كانوا أكثر أخذاً بالأيسر , والمتأخرين أكثر أخذا بالأحوط , والأحوط يعنى : الأثقل والأشد . ومن تتبع الخط البياني للفقه والفتوى منذ عهد الصحابة فمن بعدهم يجد ذلك واضحا , والأمثلة عليه لا تحصر .
الاغترار بالأحاديث الضعيفة والموضوعة :
2 - إن كثيراً من الفقهاء , المتأخرين أرهبهم سيل الأحاديث الضعيفة والموضوعة , التي امتلأت بها الكتب , ولم يكونوا من أهل تمحيص الروايات , وتحقيق الأسانيد , فراجت لديهم هذه الأحاديث , ولا سيما مع شيوع القول بأن تعدد الطرق الضعيفة يقوى بعضها بعضا .
ضغط الواقع الغنائي :
3 - ضغط الواقع الغنائي بما يلابسه من انحراف وتجاوز , كان له أثره في ترجيح المنع والتحريم . وهذا الواقع له صورتان أثرت كل واحدة منهما على جماعة من الفقهاء .
غناء المجون والخلاعة :
الصورة الأولى : صورة « الغناء الماجن » الذي غدا جزءا لا يتجزأ من حياة الطبقة المترفة, التي غرقت في الملذات , وأضاعت الصلوات , واتبعت الشهوات , واختلط فيها الغناء بملابسة الفجور , وشرب الخمور , وقول الزور , وتلاعب الجواري الحسان المغنيات ( القيان ) بعقول الحضور , كما شاع ذلك في حقب معروفة في العصر العباسي .
وكان سماع الغناء يقتضي شهود هذه المجالس بما فيها من خلاعة ومجانة وفسوق عن أمر الله .
ومن المؤسف أن البيئة الفنية - كما يسمونها اليوم - لا زالت مشربة بهذه الروح , ملوثة بهذا الوباء . وهذا ما يضطر كل عائد أو عائدة إلى الله , من الفانين والفنانات - الذين أكرمهم الله بالهداية والتوبة - أن ينسحب من ذلك الوسط , ويفر بدينه بعيداً عنه .
غناء الصوفية :
والصورة الثانية : صورة « الغناء الديني » الذي اتخذه الصوفية وسيلة لإثارة الأشواق , وتحريك القلوب في السير إلى الله , مثلما يفعل الحداة مع الإبل , فينشطونها ويستحثون خطاها, حين تسمع نغم الحداء الموزون بصوت جميل , فتستخف الحمل الثقيل , وتستقصر الطريق الطويل , وهم يعتبرون ذلك السماع عبادة وقربة إلى الله , أو - على الأقل - عونا على العبادة والقربة .
وهذا ما أنكره عليهم أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية , وتلميذه الإمام ابن القيم , اللذين شنا على الغناء هجوما عنيفا حادا , وخصوصا ابن القيم في « إغاثة اللهفان » الذي شحذ كل أسلحته , وأجلب بخيله ورجله لتحريم الغناء , واضح - على غير عادته - بغير الصحيح , وغير الصريح , إذ كان نصب عينيه ذاك النوع من الغناء , وقد رأى فيه هو وشيخه أنه تقرب إلى الله بما لم يشرعه , وإحداث أمر في الدين لم يكن على عهد النبوة , ولا عهد الصحابة . وربما لابسه بعض البدع , ولا سيما إذا وقع في المساجد . أنشد ابن القيم مشنعا عليهم :
تلي الكتاب فأطرقوا لا خيفة لكنـه إطراق لاه ساهي !
وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا والله ما رقصوا لأجل الله !
دف ومزمار , ونغمة شادن فمتى رأيت عبادة بملاهي ؟
وفى بعض فتاوى ابن تيمية ما يجيز الغناء إذا كان لرفع الحرج والترويح .
الغناء والطرب في واقع المسلمين :
ومن نظر في أحوال المسلمين , وتأمل في واقعهم المعيش , لم يجد خصومة بين المسلم المتدين وبين الاستمتاع بطيب السماع .
إن أذن المسلم العادي موصولة بـ« طيبات السماع » تلتذ بها , وتتغذى عليها كل يوم .
من خلال القرآن الكريم الذي تسمعه مرتلا ومجودا ومزينا بأحسن الأصوات , من أحسن القراء .
ومن خلال الأذان , الذي تطرب لسماعه كل يوم خمس مرات بالصوت الجميل . وهو ميراث من عهد النبوة , فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي كشف له عن ألفاظ الأذان في رؤيا صادقة : علمه بلالا , فإنه أندى منك صوتاً .
ومن خلال الابتهالات الدينية , التي تنشد بأعذب الألحان , وأرق الأصوات , فتطرب لها الأفئدة , وتهتز لها الشاعر .
ومن خلال المدائح النبوية التي توارثها المسلمون منذ سمعوا ذلك النشيد الحلو من بنات الأنصار . ترحيبا بمقدم الرسول الكريم :
طلع البـدر علينا من ثنيـات الوداع
وجب الشكر علينا مـا دعـا لله داع
وأذكر أني منذ نحو عشرين سنة سمعت هذا النشيد من تلميذات مدرسة إسلامية في إندونيسيا , يغنينه بلحن جماعي مؤثر رقيق , وكنا وفداً من دولة قطر . فرقت له قلوبنا , وسالت أدمعنا على خدودنا من فرط الرقة والتأثر .
وفي الأعصر الماضية استطاع المسلمون أن ينشئوا لأنفسهم ألواناً من « طيبات السماع » يروحون بها أنفسهم , ويجملون بها حياتهم , وخصوصاً في القرى والريف . وقد أدركنا ذلك في عهد الصبا ومطالع الشباب . وكلها ألوان فطرية نابعة من البيئة , معبرة عن قيمها , ولا غبار عليها .
من ذلك : فن المواويل , يتغنى بها الناس في أنفسهم , أو يجتمعون على سماعها , ممن كان حسن الصوت منهم , وأكثرهم يتحدث عن الحب والهيام والوصل والهجران , وبعضها يتحدث عن الدنيا ومتاعها , ويشكو من ظلم الناس والأيام . . . الخ .
وأكثرهم كان يتغنى بها بغير آلة , وبعضهم مع « الأرغول » , ومن هؤلاء الفنانين الفطريين: من كان يؤلف « الموال » ويلحنه ويغنيه في وقت واحد .
ومنها : القصص المنظومة , التي تتغنى ببطولات بعض الأبطال الشعبيين , أبطال الكفاح , أو أبطال الصبر , يسمعها الناس , فيطربون بها , ويرددونها , ويكادون يحفظونها عن ظهر قلب. مثل قصة « أدهم الشرقاوي » , و « شفيقة ومتولي » , و « أيوب المصري » , و « سعد اليتيم » وغيرها .
ومنها : الملاحم الشعبية للأبطال المعروفين , مثل « أبى زيد الهلالي » , والتي كان يجتمع لها الناس , ليسمعوا القصة , ويستمعوا معها إلى أشعار أبطالها على نغمات « الربابة » من « الشاعر الشعبي » الذي تخصص في هذا اللون , وكانت هذه الملاحم لها عشاقها وتقوم مقام « المسلسلات » في هذا العصر .
ومنها : أغاني الأعياد والأفراح والمناسبات السارة , مثل : العرس , وولادة المولود , وختان الصبي , وقدوم الغائب , وشفا ء المريض , وعودة الحاج . . . ونحوها .
وقد ابتكر الناس أغاني وأهازيج لحنوها وغنوها بأنفسهم في أحوال ومناسبات مختلفة , مثل جنى الثمار أو القطن وغيرها . ومثل : أهازيج العمال والفعلة , الذين يعملون في البناء وحمل الأثقال ونحوها , مثل : « هيلا , هيلا . . صل على النبي » . . وهذا له أصل شرعي من عمل الصحابة , وهم يبنون المسجد النبوي , ويحملون أحجاره على مناكبهم . وهم ينشدون :
اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة
حتى الأمهات , حين يهدهدن أطفالهن , ويهيئنهم للنوم , يستخدمن الغناء , ولهن كلمات مشهورة , مثل : « يارب ينام , يارب ينام . . . . » .
ولا زلت أذكر « المسحراتية » في شهر رمضان المبارك , وهم يوقظون الناس بعد منتصف الليل بمنظومات يلذ سماعها منغمة مع دقات طبولهم .
ومن جميل ما يذكر هنا : ما اخترعه الباعة في الأسواق , والباعة المتجولون :
من النداء على سلعهم بعبارات منظومة موزونة . يتنافسون في التغني بها , مثل بائع العرقسوس , وباعة الفواكه والخضروات , وغيرهم .
وهكذا نجد هذا الفن - فن الغناء - يتخلل الحياة كلها , دينية ودنيوية , ويتجاوب الناس معه بتلقائية وفطرية , ولا يجدون في تعاليم دينهم ما يعوقهم عن ذلك . ولم ير علماؤهم في هذه الألوان الشعبية ما يجب أن ينكر . بل أكثر من ذلك نجدها جميعا ممزوجة بالدين ومعاني الإيمان والقيم الروحية , والمثل الأخلاقية , امتزاج الجسم بالروح : من التوحيد وذكر الله والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم , وما شابهها .
وهذا الذي لاحظته في مصر , وجدت مثله في بلاد الشام , وفى بلاد المغرب , وغيرها من بلاد العرب .
=========================================
.:. لم شدد المتأخرون في أمر الغناء ؟ .:.
يلاحظ أن المتأخرين من أهل الفقه أكثر تشديدا في منع الغناء - وخصوصا مع الآلات - من الفقها ء المتقدمين . وذلك لأسباب :
الأخذ بالأحوط لا الأيسر :
1 - إن المتقدمين كانوا أكثر أخذاً بالأيسر , والمتأخرين أكثر أخذا بالأحوط , والأحوط يعنى : الأثقل والأشد . ومن تتبع الخط البياني للفقه والفتوى منذ عهد الصحابة فمن بعدهم يجد ذلك واضحا , والأمثلة عليه لا تحصر .
الاغترار بالأحاديث الضعيفة والموضوعة :
2 - إن كثيراً من الفقهاء , المتأخرين أرهبهم سيل الأحاديث الضعيفة والموضوعة , التي امتلأت بها الكتب , ولم يكونوا من أهل تمحيص الروايات , وتحقيق الأسانيد , فراجت لديهم هذه الأحاديث , ولا سيما مع شيوع القول بأن تعدد الطرق الضعيفة يقوى بعضها بعضا .
ضغط الواقع الغنائي :
3 - ضغط الواقع الغنائي بما يلابسه من انحراف وتجاوز , كان له أثره في ترجيح المنع والتحريم . وهذا الواقع له صورتان أثرت كل واحدة منهما على جماعة من الفقهاء .
غناء المجون والخلاعة :
الصورة الأولى : صورة « الغناء الماجن » الذي غدا جزءا لا يتجزأ من حياة الطبقة المترفة, التي غرقت في الملذات , وأضاعت الصلوات , واتبعت الشهوات , واختلط فيها الغناء بملابسة الفجور , وشرب الخمور , وقول الزور , وتلاعب الجواري الحسان المغنيات ( القيان ) بعقول الحضور , كما شاع ذلك في حقب معروفة في العصر العباسي .
وكان سماع الغناء يقتضي شهود هذه المجالس بما فيها من خلاعة ومجانة وفسوق عن أمر الله .
ومن المؤسف أن البيئة الفنية - كما يسمونها اليوم - لا زالت مشربة بهذه الروح , ملوثة بهذا الوباء . وهذا ما يضطر كل عائد أو عائدة إلى الله , من الفانين والفنانات - الذين أكرمهم الله بالهداية والتوبة - أن ينسحب من ذلك الوسط , ويفر بدينه بعيداً عنه .
غناء الصوفية :
والصورة الثانية : صورة « الغناء الديني » الذي اتخذه الصوفية وسيلة لإثارة الأشواق , وتحريك القلوب في السير إلى الله , مثلما يفعل الحداة مع الإبل , فينشطونها ويستحثون خطاها, حين تسمع نغم الحداء الموزون بصوت جميل , فتستخف الحمل الثقيل , وتستقصر الطريق الطويل , وهم يعتبرون ذلك السماع عبادة وقربة إلى الله , أو - على الأقل - عونا على العبادة والقربة .
وهذا ما أنكره عليهم أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية , وتلميذه الإمام ابن القيم , اللذين شنا على الغناء هجوما عنيفا حادا , وخصوصا ابن القيم في « إغاثة اللهفان » الذي شحذ كل أسلحته , وأجلب بخيله ورجله لتحريم الغناء , واضح - على غير عادته - بغير الصحيح , وغير الصريح , إذ كان نصب عينيه ذاك النوع من الغناء , وقد رأى فيه هو وشيخه أنه تقرب إلى الله بما لم يشرعه , وإحداث أمر في الدين لم يكن على عهد النبوة , ولا عهد الصحابة . وربما لابسه بعض البدع , ولا سيما إذا وقع في المساجد . أنشد ابن القيم مشنعا عليهم :
تلي الكتاب فأطرقوا لا خيفة لكنـه إطراق لاه ساهي !
وأتى الغناء فكالحمير تناهقوا والله ما رقصوا لأجل الله !
دف ومزمار , ونغمة شادن فمتى رأيت عبادة بملاهي ؟
وفى بعض فتاوى ابن تيمية ما يجيز الغناء إذا كان لرفع الحرج والترويح .
تعليق