991
111111111111
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
من يصل إلى الرقم 1000
تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
-
حدثنا محمد بن عمر بن الوليد الكندي حدثنا عبد الله بن نمير عن إبراهيم بن الفضل عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الكلمة الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإبراهيم بن الفضل المدني المخزومي يضعف في الحديث من قبل حفظه كمل كتاب أبواب العلم ويليه كتاب الاستئذان).
قال الترمذي : حديث غريب
- حدثنا عبد الرحمن بن عبد الوهاب ثنا عبد الله بن نمير عن إبراهيم بن الفضل عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الكلمة الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها فهو أحق بها).
الحكم على الكتاب بشكل عام : قال الحافظ ابن حجر : كتاب النسائي أقل الكتب بعدالصحيحين حديثا ضعيفا ورجلا مجروحا ويقاربه كتاب أبي داود وكتاب الترمذي ويقابله في الطرف الآخر كتاب ابن ماجة فإنه تفرد فيه بإخراج أحاديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الأحاديث وبعض تلك الأحاديث لا تعرف إلا من جهتهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)
تعليق
-
______________________________________________
____________________________________
حسبنا الله ونعم الوكيل
تعليق
-
جزاك الله خيرا على الاضافة أخي امارات.
أظن أن صاحبنا لاهم له سوى الدفاع عن الباطل.
فهنيئا له بباطله.
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)
تعليق
-
908
قرة أعيننا
........................................والقائمة طويلةالتعديل الأخير تم بواسطة عبد العزيز س; 09 / 05 / 2006, 05:02 PM.
تعليق
-
دعوة للمحاسبة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهوعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
إن تعاقب الشهور والأعوام على العباد من نعم الله الغزار، قال جل وعلا: وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمسَ وَالقَمَرَ دَائِبَينِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الليلَ والنَّهَارَ (33) وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعمَتَ اللهِ لا تُحصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:34،33]، ويقول عليه الصلاة والسلام: { نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ } [أخرجه البخاري في الرقاق:6412 من حديث ابن عباس رضي الله عنه].
وقد أقسم الله في آيات عديدة من كتابة بأجزاء من الوقت من الليل والنهار والفجر والعصر والضحى، ونحن قد ودعنا عاماً حافلاً من أعمارنا، واستودعنا فيه أعمالنا، تُنشر يوم الحشر أمامنا، فما أسرع ما مضى وانقضى، وما أعظم ما حوى، كم من حبيب فيه فارقنا، وكم من بلاء فيه واجهنا، وكم من سيئات فيه اجترحنا، والليالي والأيام خزائن للأعمال ومراحل للأعمار، تبلي الجديد وتقرب البعيد، أيام تمر، وأعوام تكر، وأجيال تتعاقب على دروب الآخرة، فهذا مقبل وذاك مدبر، والكل إلى الله يسير، يقول المصطفى: { كل الناس يغدو، فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها } [أخرجه مسلم في الطهارة:223 من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه].
في الدهر آلام تنقلب أفراحاً، وأفراح تنقلب أتراحاً، أيام تمر على أصحابها كالأعوام، وأعوام تمر على أصحابها كالأيام، واللبيب من اتخذ في ذلك عبرةً ومدَّكراً، قال سبحانه: يُقَلِّبُ اللهُ الليلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبرةً لأُوْلِي الأَبصَارِ [النور:44]. والعام ولى بما أودع فيه العباد من أفعال، وستعرض عليهم أعمالهم، يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَومَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ [القيامة: 13].
فانظر في صحائف أيامك التي خلت؛ ماذا ادخرت فيها لآخرتك؟ واخل بنفسك وحاسبها حساب الشحيح، يقول ميمون بن مهران: ( لا يكون العبد تقياً حتى يكون مع نفسه أشد من الشريك مع شريكه ) [أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف:7/235،195، وأبو نعيم في الحلية:4/ 89، وعلقه الترمذي في الرقاق:2459]. والرشيد من وقف مع نفسه وقفة حساب وعتاب؛ يصحح مسيرتها ويتدارك زلتها، يتصفح في ليله ما صدر من أفعال نهاره، فإن كان محموداً أمضاه، واستبق بما شاكله وضاهاه، وإن كان مذموماً استدركه وانتهى عن مثله في المستقبل؛ لأنه مسافر سفر من لا يعود، يقول ابن حبان: ( أفضل ذوي العقول منزلة أدومهم لنفسه محاسبة ) [روضة العقلاء:19].
وإن غياب محاسبة النفس نذير غرق العبد في هواه، وما أردى الكفار في لجج العمى إلا ظنهم أنهم يمرحون كما يشتهون بلا رقيب، ويفرحون بما يهوون بلا حسيب، قال سبحانه عنهم: إِنَّهُم كَانُواْ لا يَرجُونَ حِسَاباً [النبأ:27].
والاطلاع على عيب النفس ونقائصها ومثالبها يلجمها عن الغي والضلال، ومعرفة العبد نفسه وأن مآله إلى القبر يورثه تذللاً وعبودية لله، فلا يُعجب بعمله مهما عظم، ولا يحتقر ذنباً مهما صغر، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: ( لا يتفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في جنب الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتاً ) [أخرجه عبدالرزاق في المصنف:11/255، وابن أبي شيبة في المصنف:7/ 110)، والطبري في تفسيره:1/258، وأبو نعيم في الحلية:1/211].
وإذا جالست الناس فكن واعظاً لقلبك، فالخلق يراقبون ظاهرك، والله يراقب باطنك، ومن صحح باطنه في المراقبة والإخلاص زين الله ظاهره في المجاهدة والفلاح. والتعرف على حق الله وعظيم فضله ومنه وتذكر كثرة نعمه وآلائه يطأطىء الرأس للجبار جل وعلا، ويدرك المرء معه تقصيره على شكر النعم، وأنه لا نجاة إلا الرجوع إليه، وأن يطاع فلا يعصى، وأن يشكر فلا يكفر، يقول أهل العلم: ( بداية المحاسبة أن تقايس بين نعمته عز وجل وجنايتك، فحينئذ يظهر لك التفاوت، وتعلم أنه ليس إلا عفوه ورحمته أو الهلاك والعطب ).
وتفقد عيوب النفس يزكيها ويطهرها، قال سبحانه: قَد أَفلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) [الشمس:10،9]، يقول مالك بن دينار: ( رحم الله عبداً قال لنفسه: ألست صاحبة كذا؟! ألست صاحبة كذا؟! ثم زمَّها، ثم خطمها، ثم ألزمها كتاب ربها، فكان لها قائداً ) [انظر إحياء علوم الدين:4/405، وإغاثة اللهفان:1/79].
وإن أضرَّ ما على المكلف إهمال النفس وترك محاسبتها والاسترسال خلف شهواتها حتى تهلك، وهذا حال أهل الغرور الذين يغمضون عيونهم عن المعاصي ويتكلون على العفو، وإذا فعلوا ذلك سهُلت عليهم مواقعة الذنوب والأنس بها والله يقول: يَأَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ [الانفطار:6]، يقول الحسن البصري رحمه الله: ( لا يليق بالمؤمن إلا أن يعاتب نفسه فيقول لها: ماذا أردت بكلمتي؟ ماذا أردت بأكلتي؟ وأما الفاجر فيمضي قدماً لا يعاقب نفسه ) [أخرجه أحمد في الزهد:281، وعزاه في الدر المنثور:8/343 إلى عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس].
والمؤمن قوام على نفسه يحاسبها، قال عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُم طَائِفٌ مِّنَ الشَّيطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبصِرُونَ [الأعراف:201] وإنما خف الحساب على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وشق الحساب على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة، فتوق الوقوع في الزلة، فترك الذنب أيسر من طلب التوبة، وأنبها على التقصير في الطاعات، فالأيام لا تدوم، ولا تعلم متى تكون عن الدنيا راحلاً، وخاطب نفسك: ماذا قدمت في عام أدبر؟ وماذا أعددت لعام أقبل؟ يقول الفاروق رضي الله عنه: ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا ) [أخرجه ابن المبارك في الزهد:103، وابن أبي شيبة في المصنف:7/ 96، وأبو نعيم في الحلبة:1/ 52، وعلق بعضه الترمذي في الرقاق:2459 بنحوه، وأورده الألباني في السلسلة الضعيفة:1201].
وعاهد نفسك في مطلع هذا العام على المحافظة على الصلوات الخمس في المساجد جماعة مع المسلمين، والتزود من العلم النافع والسعي في نشره وتعليمه، وحفظ اللسان عن المحرمات من الكذب والغيبة والبذاءة والفحش، وعليك بالورع في المطاعم والمشارب، واجتناب ما لا يحل، واحرص على بر الوالدين وصلة الأرحام، وبذل المعروف للقريب والبعيد، وتطهير القلب من الحسد والعداوة والبغضاء، واحذر الوقيعة في أعراض المسلمين، واجتهد بالقيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأداء حقوق الأولاد والزوجة على الوجه الأكمل، وغض البصر عن النظر إلى المحرمات في الطرقات أو الفضائيات، وما أجمل أن يكون هذا العام انطلاقة تغير في المجتمعات، ومحافظة النساء على حجابهن، والتزامهن بالستر والحياء، إمتثالاً لأمر الله واتباعاً لسنة رسول اللهواقتفاء بسير الصحابيات والصالحات.
فالليل والنهار يباعدان من الدنيا ويقربان إلى الآخرة، فطوبى لعبد انتفع بعمره، فاستقبل عامه بمحاسبة نفسه على ما مضى، فكل يوم تغرب فيه شمسه ينذرك بنقصان عمرك، والعاقل من اتعظ بأمسه، واجتهد في يومه، واستعد لغده، فخذ الأهبة لآزف النقلة، وأعد الزاد لقرب الرحلة، وخير الزاد التقوى، وأعلى الناس عند الله منزلة أخوفهم منه.
يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَلتَنظُر نَفسٌ مَّا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِير بِمَا تَعمَلُونَ [الحشر:18].
عبدالمحسن بن محمد القاسم
913
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)
تعليق
-
أخي تذكر ساعة الإحتضار
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
تذكر أخي الكريم: أن الدنيا أيام معدودة، مستعارة مردودة، وأنك فيها في ابتلاء وأنها لك دار علم، وأنه لا مفر لك من نهاية الأجل، وأن القبر فتنة وحساب فإما نعيم وإما عذاب، وأن المرء يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه. ففريق في الجنة وفريق السعير.
فهل أعددت للموت عده؟ وهل فكرت يوماً في وحشة القبور؟ وهل تأملت في أهوال الحشر والنشور؟
أعد على فكرك أسلاف الأمم *** وقف على ما في القبور من رمم
ونادهم أين القوي منكم *** والقاهر أم أين الضعيف المهتضم
تفاضلت أوصافهم فوق الثرى *** ثم تساوت تحته كل قدم
أولاً: لحظات المحتضرين:
ولا بأس أخي الكريم، أن أذكر لك بعض لطائف المحتضرين، ممن فتح الله عليهم لحظة الموت بالثبات واليقين وختم لهم بصالح الأعمال جزاء على ما قدموا في حياتهم من الطاعات والقربات.
فقد حكى القرطبي في كتابه التذكرة: عن شيخ شيخه أحمد بن محمد القرطبي أنه احتضر فقيل له: قل لا إله إلا الله، فكان يقول: لا. فلما أفاق ذكرنا له ذلك، فقال: أتاني شيطان عن يميني وعن يساري. يقول أحدهما: مت يهودياً فإنه خير الأديان. والآخر يقول: مت نصرانياً فإنه خير الأديان. فكنت أقول لهم: لا. لا. أنى تقولان هذا!! فكان الجواب لهما لا لكم.
فتذكر أخي الكريم عسر هذه اللحظات، وتذكر ما يحصل فيها من البلاء والفتن، فوالله إنها لأحرى بالتذكر والتأمل، والاستعداد والتشمير عن ساعد الجد بالانتهاء عما حرّم الله، وفعل ما افترضه وأوجبه، والإكثار من الخيرات وما ينفع في الدار الآخرة. فإن ذلك من أعظم ما يسهل على المرء سكرة الموت، ويجعله ثابتاً موقناً في دينه ساعة الاحتضار.
فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يحتضر ويقرأ: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ ) [القمر:55،54].
وهذا عمر بن عبدالعزيز رحمه الله، عند موته يقول: أجلسوني، فأجلسوه، فقال: أنا الذي أمرتني فقصّرت، ونهيتني فعصيت، ولكن لا إله إلا الله، ثم رفع رأسه فأحدّ النظر. فقالوا له: إنك لتنظر نظراً شديداً يا أمير المؤمنين. قال: إني أرى حضرة ما هم بإنس ولا جن ثم قبض رحمه الله وسمعوا تالياً يتلو: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص:83].
أخي:
فكن بالله ذا ثقة وحاذر *** هجوم الموت قبل أن تراه
وبادر بالمتاب وأنت حي *** لعلك أن تنال به رضاه
ثانياً: كيف نستعد للموت؟
أخي المسلم: أما وقد عرفت أن لحظة الاحتضار، لحظة امتحان، وأن الموت حتم لازم، ليس منه بد ولا منه مفر، فكن لتلك اللحظات على استعداد، وتزود بالتقوى ليوم المعاد، واعلم أنك تموت على ما حييت عليه، وأنك تبعث على ما مت عليه. فكيف نستعد للموت؟!
1 - اجتناب المنهيات:
فاجتنب أخي الكريم ما نهاك الله عنه، وجاهد نفسك بالابتعاد عن الشهوات والشبهات واعلم أن الله جل وعلا يغار على محارمه. فعن أبي هريرةأن النبي
قال: { إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه }. وقد أوعد الله جل وعلا من تعدى حدوده وانتهك حرماته بالفتنة والعذاب. فقال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور:63].
واعلم حفظك الله، أن جملة ما نهى الله جل وعلا عنه يتلخص في ثلاثة أمور:
الأول: الشرك. الثاني: الظلم. الثالث: الفواحش.
قال تعالى في وصف المؤمنين: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ) [الفرقان:68].
فعامة مع نهى الله جل وعلا ينضوي تحت هذه الثلاثة. فمن وفق لاجتنابها فقد استعد للموت حق الاستعداد، وكان اجتنابه نجاة له يوم المعاد.
فقد حرم الله جل وعلا عنه الشرك وجعله موجباً للخلود في النار فقال: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء) [النساء:48] وحرّم الظلم فقال: (وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ) [الحج:71].
وعن جابرأن الرسول
قال: { اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم } [رواه مسلم:2578].
وحرّم الله الفواحش فقال: (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ) [النجم:32]. فهذه الثلاثة هي أصول المنهيات كلها، فمن حقق اجتنابها فقد اجتنب عامة ما نهى الله عنه. من الغيبة والنميمة والكذب وعقوق الوالدين وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والغش والخداع والمكر والغدر والخيانة وأكل أموال الناس بالباطل وغير ذلك مما يعد إنتهاكاً لحرمات الله وحدوده.
2- أداء الفرائض والواجبات:
ولا تتجلى حقيقة إسلام العبد إلا بأداء ما افترضه الله عليه، ومن ذلك الصلاة والزكاة والصيام والحج لمن استطاع إليه سبيلاً، فهذه هي ثوابت الإسلام وأركانه. فعن أبي عبدالرحمن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول اللهيقول: { بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمد عبده ورسوله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان }.
فمن حافظ على هذه الفرائض وأداها على الوجه الذي يليق كما بين رسول اللهفقد جمع خصال الخير والفضل، وكان له ذلك أكبر عون على سكرات الموت ووحشة القبر وأثابه الله على ذلك أجراً عظيماً.
فعن أبي هريرةأن أعرابياً أتى النبي
فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته، دخلت الجنة، قال: { تعبد الله ولاتشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان }، قال: والذي نفسي بيده، لا أزيدعلى هذا فلمّا ولّى، قال النبي
: { من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا }.
3 - تذكر الموت ومحاسبة النفس:
أخي الكريم: ومما يعلي الهمة، ويدفع النفس إلى الاستعداد للموت، ودوام ذكره ومذاكرته، وتوقع حصوله في كل لحظة وحين، ومحاسبة النفس على الأقوال والأفعال والخواطر.
قال سفيان: ( من أكثر من ذكر القبر وجده روضة من رياض الجنة، ومن غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النار ).
وقال حاتم الأصم: ( من مرّ بالمقابر فلم يتفكر لنفسه ولم يدع لهم فقد خان نفسه وخانهم ). ولذلك فقد رغب رسول اللهفي زيارة القبور لما لها من أثر بليغ على النفوس. فعن علي
عن لنبي
قال: { كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة }.
وروي عن داود الطائي أنه مرّ على إمرأة تبكي على قبر وهي تقول:
عدمت الحياة ولا نلتها *** إذا كنت في القبر قد لحدوكا
فكيف أذوق طعم الكرى *** وأنت بيمناك قد وسدوكا
ثم قالت: يا ابناه ليت شعري بأي خديك بدأ الدود؟ فصعق داود مكانه وخرّ مغشياً عليه.
فأكثر أخي الكريم، من ذكر هادم اللذات، واعلم أنه آت لا محالة، واستعد للحساب وامتحان القبر.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزن فإنه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ).
ولذا ينبغي للعبد أن يحاسب نفسه كل وقت وحين على أداء الفرائض، واجتناب النواهي وأين قضى يومه، ومن أين اكتسب ماله، وفيم أنفقه، وماذا بطش بيده وأين سارت رجله، وماذا رأت عيناه وماذا سمعت أذنه؟
فمتى كان العبد شديد المحاسبة لنفسه، مداوماً على التوبة والاستغفار مما يجده من التقصير والتفريط في جنب الله، كان أقرب إلى الثبات عند الموت، وأبعد عن الفتنة وشدة البلاء.
4 - الإكثار من الطاعات والقربات:
ومن ذلك الحرص على النوافل والأذكار، وأعمال الخير وبذل المعروف، والتخلق بالخلق الحسن مع الناس، فإنه ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من الخلق الحسن.
قال رسول الله: { كل معروف صدقة }.
وقال: { ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشام منه فلا يرى إلا ما قدّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا الله ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة }.
وعن عبدالرحمن بن عبدالله بن سابط قال: لما حضر أبا بكر الصديق الموت دعا عمر فقال له: ( اتق الله يا عمر، واعلم أن لله عملاً بالنهار لا يقبله بالليل، وعملاً بالليل لا يقبله بالنهار، وأنه لا يقبل نافلة حتى تؤدى فرضيته، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة بإتباعهم الحق في دار الدنيا وثقله عليهم وحق لميزان يوضع فيه الحق غداً أن يكون ثقيلاً ).
فاغنم العمر وبادر *** بالتقى قبل الممات
وأنب وارجع وأقلع *** من عظيم السيئات
واطلب والغفران ممن *** ترتعب منه الهبات
ثم نادي في الدياجي *** يا مجيب الدعوات
اعف عنا يا رحيماً *** وأقلنا العثرات
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
914
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)
تعليق
-
زفاف في الجنة -محمد السيد-
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.
الحديث عن النعيم المقيم والإيمان الراسخ بالمنزل الكريم من الغفور الرحيم هو سلوة الأحزان، وحياء القلوب، وحادي النفوس، ومهيجها إلى القرب من ربها ومولاها.
الحديث عن النعيم والرضوان لا يسأمه الجليس، ولا يمله الأنيس، عزت دار الفردوس من دار، وجل فيها المبتغى والمرام، دار وجنان تبلغ فيها النفوس مناها، قصور مبنية طابت للأبرار، غرسها الرحمن بيده، وملأها برضوانه ورحمته، وموضع السوط فيها خير من الدنيا وما فيها.
أخي الحبيب:
المسلم في كل أحواله لا يفكر إلا بالجنان، يصلي من أجل رضا ربه ودخولها، يصوم الهواجر طلباً لها، يبذل الخير أينما كان من أجل أراضي الجنان، الصغير والكبير، الذكر والأنثى، الطائع والعاصي يتمنى أن تكون الجنة هي المقام، جعلها أناس نصب أعينهم يتذكرونها في أفراحهم وأحزانهم، وشغلهم وفراغهم، وفي سفرهم وإقامتهم، لأنهم قرءوا في كتاب ربهم وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف:43]. وفي يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة، يقف العالم بأكمله وقفة ما أشدها من وقفة، وقفة تحمل الخوف والرجاء، والنور والظلام، تحمل الألم والأمل، إنها وقفة تحمل دعاء واحداً، اللهم سلم سلم.. اللهم سلم سلم. وبعد الفصل بينهم تعلن أسماء الفائزين والفائزات والخاسرين والخاسرات فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185]. تخيلوا أيها المؤمنون ذلك المؤمن كان في خوف وهلع، فيؤمر بدخول الجنان والخلود فيها، ويفرح بالنجاة من لهيب النار وحرها. ثم هاهو صاحبنا يطأ أرض الجنان، وينتقل في رياضها مع المتحابين، ويدخل حدائقها نزهة المشتاقين، وينظرُ لأول مرة إلى تلك الخيام اللؤلؤية وهي منصوبة على ضفاف الأنهار في أرض خضراء، ومناخ بهيج، ورائحة أزكى من المسك والزعفران، ثم يمعن النظر فيرى قصراً مشيداً به أنوار تتلألأ، وحوله فاكهةٌ كثيرةٌ لا مقطوعة ولا ممنوعة، تخيلوا أيها الأخوة شعور ذلك المؤمن في هذه اللحظات، ويعلم أنه خالد مخلد في ذلك النعيم.
أخي المسلم:
مع الشعور الذي يجده ذلك المؤمن فثمة أمر ينتظره يسعد به سعادةً ويفرحه زيادةً زيادةً، فثمة أناس في الجنة خلقهن الله من أجل ذلك المؤمن وأمثاله، وزينتهن في أجمل زينة، لتزف إلى زوجها. قال الله عنهن فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ [الرحمن:56]، وقال عنهن: كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ [الرحمن:58]، ووصفهن ربهن فقال: كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ [الواقعة:23]، ووصف نشأتهن وهيئتهن فقال: إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً (36) عُرُباً أَتْرَاباً [الواقعة:35-37] وجوههن جمعت الجمال الباطن والظاهر من جميع الوجوه، في الخيام مقصورات، وللطرف قاصرات، لا يفنى شبابها، لا يبلى جمالها، ولو اطلعت إحداهن على الدنيا لملأت ما بين السماء والأرض ريحاً، وعطراً، وشذاً، ولطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ما في النجوم من ضياء، راضيات لا يسخطن أبداً.
ناعمات لا يبأسن أبداً، خالدات لا يمتن أبداً، جميلة حسناء، بكر عذراء كأنها الياقوت، كلامها رخيم، وقدها قويم، وشعرها بهيم، وقدرها عظيم، وجفنها فاتر، وحسنها باهر، وجمالها زاهر، ودلالها ظاهر.
كحيلٌ طرفها *** عذبٌ نُطقُها
عجبٌ خلقها *** حسنٌ خُلُقُها
كثيرة الوداد عديمة الملل، أيها الاخوة جمالها لا تتخيله العيون، ورائحتها، وملبسها، وجمال كلامها لا يخطر على قلب. فتعلم هناك - وهناك فقط - أن فيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر، وفي لحظات الجنان وبينما ذلك المؤمن ينعم ويمشي على بساط الجنة متنقلاً ما بين حدائقها، وخيامها، وأنهارها وإذا به ينظر نظرة أخرى لذلك القصر المشيد بأنواره المتلألئة وخضرته الناظرة، عندها يبشر المؤمن أن أقبل، فهذا قصرك، وداخله زوجتك تنتظرك منذ أن كنت في الدنيا، فينطلق إليها وتنطلق إليه في أجمل زفاف بينهم، السندس والإستبرق لباسهما، والذهب واللؤلؤ أساورهما، فتقبل إليه ونصيفها على كتفها خير من الدنيا وما فيها، فيعانق الحبيبان عناقاً لا تمله ولا يملها، ويجلسان في ظل ظليل بين الأشجار والرياحين، ومن حولهم أكواب موضوعة فيتبادلان كؤوس الرحيق المختوم، والتنسيم، والسلسبيل، وكأس من خمر لذة للشاربين، فيجلسان على تلكم البسط الحسان، ويتكئان على تلكم الوسائد المصفوفة، وتتوالى عليهم ومن بينهم المسرات، والخيرات، والإحسان، والمكرمات فيقولون: وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر:34]. إنه عرس زفاف في هدوء ورضا يغمره السلام، والإطمئنان، والود، والأمان، ويبلغهم ربهم السلام: سَلاَمٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ .[يس:58] والملائكة يقولون لهم: سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24]. في هذا الجو العابق وهم على الأرائك متكئون يرون أنهار الجنان تتدفق من بينهم، أنهار، من ماء ولبن، وأنهار من عسل مصفى، وأنهار من خمر لذة للشاربين. يرون فاكهة كثيرة فيأكلون، ولحم طير مما يشتهون فيتلذذون.
فأبدانهم متنعمة بالجنان، والأنهار، والثمار، وقلوبهم متنعمة بالخلود والدوام في جنة الرحمن.
بعد ذلك تطيب الجلسة بينهم على ضفاف أنهار العسل فيتبادلان أجمل الأحاديث والذكريات في حب ونظرات وأترككم مع ابن الجوزي، ليصف لكم جلسته وحديثه فيقول:
( إن الحور العين تقول: لولي الله وهو متكيء على نهر العسل وهي تعطيه الكأس وهما في نعيم وسرور أتدري يا حبيب الله متى زوجني الله إياك؟ فيقول: لا أدري، فتقول: نظر إليك في يوم شديد حره وأنت في ظمأ الهواجر فباهى بك الملائكة وقال: انظروا يا ملائكتي إلى عبدي، ترك شهوته، ولذته وزوجته وطعامه وشرابه، رغبة فيما عندي، أشهدكم أني قد غفرت له. فغفر لك يومئذ وزوجني إياك ).
فيا سبحان الله بصيام يوم شديد حره يتلذذ ذلك المؤمن وزوجته على ضفاف أنهار العسل، فهذا زفت عروسه لصيامه، وآخر لخشيته لربه وإشفاقه، وتُزفُّ العروس لأصحاب القلوب المتعلقة بالمساجد، تُزفُّ العروس للمنفقين سراً وجهراً، تُزفُّ العروس أيها الإخوة للذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش، تُزفُّ العروس لأهل القرآن الذين يرتقون في الجنان، تُزفُّ العروس للذين هم لفروجهم حافظون، ولأماناتهم وعهدهم راعون، تُزفُّ العروس لعيون طالما نفرت دموعها خشية من ربها، تُزفُّ لأجساد وقلوب وهبت نفسها لله، تُزفُّ لأهل التوبة والإستغفار، تُزفُّ العروس للعفيف المتعفف، والضعيف المتضعف، والمتواضع ذي الطمرين المدفوع بالأبواب، تُزفُّ العروس لتارك المراء ولو كان محقاً، وتارك الكذب ولو كان مازحاً، تُزفُّ لمن حسن خلقه، وكظم غيظه، وعفا عمّن ظلمه، تُزفُّ لمن أفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام، الله أكبر أهل الجنان والحور أقوام آمنوا بالله وصدقوا المرسلين: وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الأعراف:43].
فيا خاطبَ الحسناءِ إن كنتَ باغياً *** فهَذا زمانُ المهرِ فهو المقدمُ
وكن مبغضاً للخائنات لحبها *** فتَحظى بها من دونهن وتنعمُ
وصم يومك الأدنى لعلك في غد *** تفوزُ بعيدِ الفطرِ والناس صومُ
أخي: كلنا نريد أن تُزفَّ إلينا تلك العروس فلماذا تضيع من بين أيدينا بلذة ساعة ومتاع دنيا؟
محرومٌ محرومٌ من شرب الخمر في الدنيا وحرم نفسه شربها مع زوجته في الجنة، محرومٌ محرومٌ من انتهك الأعراض بالزنا وحرم نفسه التلذذ بالحور بالآخرة، محرومٌ محرومٌ من استمع إلى الغناء في الدنيا وحرم نفسه سماع غناء الأشجار مع زوجته في الجنان.
يقول ابن عمر رضي الله عنهما: ( والله لا ينال أحداً من الدنيا شيئاً إلا نقص من درجاته عند الله وإن كان عنده كريم ). ويقول ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر: ( بقدر صعود الإنسان في الدنيا تنزل مرتبته في الآخرة )، وقبل ذلك يقول ربنا عز وجل: مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً (18) وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً [الإسراء:19،18].
أخي المسلم:
الحور الحسان في الجنان تزفُّ إلى أفضل زوج لها بعد الأنبياء والصديقين إنه من باع نفسه من أجل الله، صاحب الدماء الطاهرة ذات الرائحة الزكية، إلى ذلك الرجل الذي يقبل على ربه بدمه الملون لون الدم، والريح ريح المسك، إنه الشهيد في سبيل الله تلكم العيون التي باتت تحرس وتجاهد في سبيل الله حتى بلغت المراد والمنى، ولن يجفّ دم شهيد حتى تتمتع عيناه بالحور الحسان.
أيها الأحبة:
فإليكم هذه القصة: في البصرة كان هناك نساء عابدات، وكان من بينهن أم إبراهيم الهاشمية توفي زوجها الصالح وترك لها إبراهيم فربّته أفضل تربية، حتى نشأ نشأة صالحة حتى أنَّ ولاة البصرة يتمنونه زوجاً لبناتهم، وفي يوم من الأيام أغار العدو على ثغر من ثغور الاسلام، فقام عبد الواحد بن زيد البصري خطيباً بالناس يحثهم على الدفاع عن الإسلام، وكانت أم إبراهيم تستمع إلى كلامه، وأخذ عبد الواحد يصف الحور الحسان فقال:
غادة ذات دلالٍ ومرح *** يجد التائه فيها ما اقترح
زانها الله بوجهٍ جمعت *** فيه أوصاف غريبات الملح
بدأ يصف اكثر واكثر، فماج الناس، وأقبلت أم إبراهيم فقالت له: يا أبي عبيد، أتعرف ولدي إبراهيم؟ رؤساء أهل البصرة يخطبونه لبناتهم، فأنا والله أعجبتني تلك الجارية، وأن أرضاها زوجاً لولدي فكرّرْ عليّ ما قلت من زصفها وجمالها، فقال عبد الواحد وزاد:
تولّد نورُ النُّور من نورِ وجهها *** فمازج طيب الطيب من خالصِ العطرِ
فاشتاق الناس إلى الشهادة في سبيل الله، فقالت أم إبراهيم: يا أبا عبيد، هل لك أن تزوج إبراهيم تلك الجارية، فاتَّخذ مهرها عشرة آلاف دينار، ويخرج معك في هذه الغزوة، فلعل الله أن يرزقه الشهادة، فيكون شفيعاً لي ولأبيه يوم القيامة، فقال لها عبد الواحد: لأن فعلت لتفوزن أنت وزوجك فنادت ولدها إبراهيم من وسط الناس فقال لها لبيك يا أماه، فقالت: أي بني، أرضيت بهذه الجارية زوجة لك ببذل مهجتك في سبيل الله؟ فقال إبراهيم: أي والله يا أمي رضيت وأي رضا، فقالت: اللهم إني أشهدك أني قد زوجتُ ولدي هذا من هذه الحورية ببذل مهجته في سبيلك فتقبله مني يا أرحم الراحمين، ثم انصرفت فاشترت لولدها فرساً جيداً وسلاحاً، ثم خرج الجيش للقتال، وهم يرددون قول الله تعالى: إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ [التوبة:111].
فلما أرادت أم إبراهيم فراق ولدها أعطته كفناً وحنوطاً، وقالت له: أي بني إن أردت لقاء العدو فتكفّن بهذا الكفن وتحنّط بهذا الحنوط، وإياك أن يراك الله مقصراً في سبيله، ثم ضمّته إلى صدرها وقبّلته وقالت له: لا جمع الله بيني وبينك إلا بين يديه في عرصات القيامة، وارتحل الجيش، وودعت أم إبراهيم ولدها، قال عبد الواحد: فلما واجهنا العدو برز إبراهيم في المقدمة، فقتل من العدو خلقاً كثيراً، ثم تجمعوا عليه فقتلوه، وكتب الله النصر للمسلمين، فلما رجع الجيش إلى البصرة غانماً منتصراً، خرج أهل البصرة يستقبلونهم، ومن بينهم أم إبراهيم ترقب ولدها فلما رأت عبد الواحد قالت له: يا أبا عبيد، هل قبل الله هديتي فأهنَّأ فقال: قد قبلت هديتك فخرّت ساجدة لله تعالى وقالت الحمد لله الذي لم يخيِّب ظنِّي وتقبَّل نسكي مني، فلمّا كان من الغد جاءت أم إبراهيم إلى عبد الواحد بن زيد فقالت: يا أبا عبيد رأيت البارحة إبراهيم في منامي في روضة حسناء، وعليه قبة خضراء، وهو على سرير من اللؤلؤ، وعلى رأسه تاجاً وإكليلاً، وهو يقول لي: يا أماه أبشري فقد قُبِل المهر، وزُفَّت العروس.
يا عبد الله:
هذه الحور الحسان، وهذه الجنان، وهذا سبيلها، فهل رأيتم أشد غبناً ممن يبيع الجنان العالية بحياة أشبه بأضغاث أحلام يبيع الحور بلذة قصيرة وأحوال زهيدة؟ أي سفه ممن يبيع مساكن طيبة في جنان عدن بأعطان ضيقة، وخراب بوار.
فيا حسرة هذا المتخلف حين يرى ركب المؤمنين سائرين الى الجنان، ويمنع من دخولها، عندها سوف يعلم أي بضاعة أضاع.
العروس الأجمل:
تلكم المرأة الصالحة التي عاشت في هذه الدنيا نقية عفيفة صالحة مصلحة، تلكم المرأة التي باعت الدنيا بالآخرة، تقبل على ربها يوم القيامة، فتدخل الجنان، فتكون هي الأجمل، بل وأن الحور يكونون خدما لها، فهنيئا لها ولأمثالها.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
915
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن لله تعالى أهلين من الناس . قالوا : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم أهل القرآن أهل الله وخاصته ) . (صحيح الجامع2165)
تعليق
تعليق