تخيلت نفســي ذبابة
تخيلت نفسي ذبابة , حشرة توصف بالقذارة ... توصف بـ ( الرخامة)
تخيلتها ... كي أذهب إلى أعماق القذارة , ومستنقعات الفساد .... وأستكشف بنفسي وأرى بعيني , فأكون شاهدا على هذا الفساد ...
تخيلتها .... لأن نفسي تأنف من هذه القاذورات ... ولا تستيطع الاقتراب من مواطن الفساد , وفي نفس الوقت لكي استطيع الـ (الرخامة) على الفاسدين ... بدون أن يستطيعوا الامساك بي , أو النيل مني ... فأشفي غليلي بالرخامة عليهم ...
بدأت رحلتي بمدرسة ...
دخلت إلى أول الممرات , لأرى مدرسا , يقف على باب فصله ... ممسكا سيجارة بيمينه , وفي يده الأخرى تليفونه المحمول ... يحادث احد اولياء أمور طلابه .. يرتب معه ميعاد حصة ابنه , ويتفق على سعرها ... وفي داخل الفصل هرج ومرج ... وعدد كبير من الطلاب يتكدسون في في مكان صغير , لايصلح للنا نحن الذباب ان نعيش فيه ... فما بلكم بالبشر ... عدت إلى هذا المدرس المستهتر وأصررت ان اقطع مكالمته , فوقفت على أذنه ... حاول ان(يهشني) بيده الممسكة بالسيجارة ... لكن محاولته باءت بالفشل ... بعدما سقط تليفونه , وانطفأت السيحارة في أذنه ...
ثم توجهت إلى مكتب مدير هذه المدرسة ... لأرى كيف تدار هذه المدرسة , بهذا الاستهتار ... فإذا بي أرى هذا المدير , وهو (مأنتخ) على مكتبه .... مستعرضا (كرشه) ... وممسكا بسماعة التليفون بيده ... وكان من السهل جدا أن تستنبط من حديثه مفرداته ... فسيادته يكلم والد احد الطلبة الواصلين أوي .... ويتعهد سيادته بتغشيش ابن الواصل أوي في الامتحان .... بل يتملق جناب الـ (واصل أوي) بقوله .... (ولا يهم معاليك .... لو مش عايز يحضر ممكن ما يحضرش) ...... لم اتمالك نفسي , وتوجهت فورا ناحية انف ه ... وعلى شفته تماما وقفت ... حاول أن (يهشني) ... لكن كرشه الكبير لم يمكنه من الحركة المرنة ... فسقط من على كرسيه على الأرض محدثا دويا مكتوما ... وهبدة قوية ... افزعت المدرسين في الطابق الثاني ...
خرجت من المدرسة ... متجها إلى مستشفى حكومي ...
دخلت ... وبكل بساطة دخلت اتمشى في الممرات .... فإذا بأعداد كبيرة من المرضى مكتظين ... تساءلت , كيف لهذه الأعداد الكبيرة من الناس ان تقف هنا ....؟ ولماذا ... ؟ وأخيرا توصلت لحل اللغز ... فهؤلاء البسطاء , والذين تبدوا عليهم سمات اهل الريف المصري ... في انتظار احد الأساتذة الأطباء الجراحين ... ليجري لهم عملياتهم ... كل حسب دوره , لفت انتباهي رائحة نفاذة ... انها رائحة البصل ... توجهت ناحيتها فوجدت ممرضة شديدة السمنة ممسكة بيدها سندوتش فول ضخم وبصلة .... و(هاتك يا أكل) باب غرفة العمليات .. ثم صوت حاد وعالي ... يصدر من فمها الممتلئ بالفول .... تهين أحد الرجال لأنه سأل عن سبب تأخر البيه الجراح , فينصرف الرجل وعيناه دامعتين ... بعدما سمع ما يجرحه امام زوجته وابنته ....
لم اتمالك نفسي حينها , واصررت على ان اجعله يوما لاينسى في حياة هذه البدينة ... فتوجهت صوب محبوبها السندوتش , وتوغلت فيه ... وهي (تفعص) خلفي فيه مذعورة ... تحاول اخراجي منه بكلتا يديها إلى ان سقط على الأرض الممتلئة بالأتربة ..... فنظرت اليه بعينين دامعتين , وبحسرة شديدة ... وقالت : يادي القرف
نسيت ان اخبركم اني دخلت الى غرفة العمليات بكل سهولة ... بل بالعكس , وجدت احد اقرابائي يقطن بها منذ فترة طويلة ..
لم اتمالك نفسي حينها , واصررت على ان اجعله يوما لاينسى في حياة هذه البدينة ... فتوجهت صوب محبوبها السندوتش , وتوغلت فيه ... وهي (تفعص) خلفي فيه مذعورة ... تحاول اخراجي منه بكلتا يديها إلى ان سقط على الأرض الممتلئة بالأتربة ..... فنظرت اليه بعينين دامعتين , وبحسرة شديدة ... وقالت : يادي القرف
نسيت ان اخبركم اني دخلت الى غرفة العمليات بكل سهولة ... بل بالعكس , وجدت احد اقرابائي يقطن بها منذ فترة طويلة ..
خرجت من هذا المستنقع العفن ... إلى صرح عملاق , يسمونه الجامعة ... قيل لي عنه ان به ارقى الناس فكرا , واعلاهم مكانة في المجتمع ...
دخلت , فإذا أستاذ يتاجر في علمه , ويتربح فيه .... بل يجعل لنفسه اسعارا مختلفة , سعر للحصة , وسعر للكورس كامل ... وسعر آخر للمراجعة ..... ولا مانع من ان يتاجر في الكتب , .... لكنه لم يتوقف عند هذا الحد ... بل تمادى , فوجدته يتدخل في تعيين احد الطلاب في الجامعة ... طالب لايستحق على حساب طالب يستحق .... لمجرد انه قريبه ... , استفزني هذا الوضع ... ترقبته حتى ما إذا ما أمسك انبوبة من حمض الكبريتيك المركز .. توجهت وتوقفت على نظارته ... وبدأت بالتمشي عليها ... حاول ان يبعدني ... لكن محاولاته باءت بالفشل بعدما سقت الانبوبة عليه وعلى ملابسه ... وصرخ بأعلى صوته : (يا لهووووووووي)
ثم توجهت إلى أحد النوادي ... علي إروح عن نفسي بعد كل ما رايته من متاعب , ومقززات
فدخلت صدفة لإجتماع مجلس ادارته .... فرأيت العجاب , كانت منتهى معلوماتي ان الرياضة وسيلة , وليست غاية ... لكن ما اراه عكس الواقع تماما .... هناك صفقات تدار في الخفاء .... و مهاترات في العلن , ... وتحولت الرياضة إلى عصبيات ... وعرقيات , لا إلى روح ود وتآلف ....
لكن ما هالني , تلك المناقصة التي جرت ... لتجديد حمام السباحة في هذا النادي , وكانت من نصيب احدى الشركات ... لكنها لم ترسى عليها فقط ... لأن شركة اخرى ... ستقدم تسهيلات (محترمة) لرئيس النادي في بناء فيلا جديدة ... , فكانت المناقصة من نصيب هذه الشركة .... ويستعد الباشا , رئيس النادي للتوقيع ... فتوجهت إلى مكان مستفز فعلا ... إلى ما بين عينيه تماما .... ووقفت ... فزغللت عيناه ... و(احول) وبدلا من ان يوقع بالموافقة .... جرت يده على الورق بالشطب ... فجلس يلعن حظه العاثر .
تعبت نفسيا , وأصبحت لا اطيق العيش
لذا , قررت قرارا ... ولا رجعة فيه ....
قررت الانتحار ..... نعم سأنتحر ...
توجهت الذبابة المسكينة إلى جهاز صاعق الناموس .... وقفت امامه , ثم نظرت إلى العالم من خلفها وقالت : على رأي سعد الكبير .... ما فيش فايدة ...
ثم دخلت إليه .... و ..... تسسسسست , تسسسسسسسست , تسسسست
رحمها الله , وأسكنها فسيح جناته ....
شهيدة القذارة ...
شهيدة القذارة ...
منقــــول
تعليق